في حالات مريم بنت عمران
إعلم أن من البديهي الذي لا يحتاج إلى برهان ، أن صفوة النسوان من نوع بني الإنسان إنما هما مريم ابنة عمران وفاطمة الزهراء ( عليهما السلام ) بنت نبي آخر الزمان . وإن مريم هي أول من دعيت بالبتول والعذراء ، فطابق اسمها المسمى ، فاشتغلت بالعبادة وخدمة بيت المقدس ، فذاع صيتها ، وطبق الخافقين خبر حسنها وجمالها ، فاستغنى المحراب عن السراج بنور وجهها ، وحدثتها الملائكة تحديثا ، وهي زوجة رسول الله في الآخرة ، وقد اصطفاها الله وخاطبها ، وفي النصارى من جعلها أحد الأقانيم الثلاثة - يعني الأب ( الله ) ، والإبن ( عيسى ) ، وروح القدس ( مريم ) - فجعلها جزءا من علة العلل ، والسبب الأول الذي وجدت به الموجودات ، فردهم الله جل وعلا في قوله تعالى ( والذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) .
وكانت مريم محترمة غاية الإحترام عند قومها لأنها كانت بنت إمامهم وصاحب فرقانهم ، وأحد رؤساء بني إسرائيل في قدس الخليل ومن أبناء ملوكهم من بني ماثان ، لذا فقد اهتموا بها ، وتخاصموا في كفالتها ، وتنازعوا في أمرها ( أيهم يكفل مريم ) .
وكانت مريم ذات ملكات كريمة ميزتها عن الآخرين ، وكان أعظم تلك الملكات وأقومها : العصمة والعفة والاصطفاء والعفاف ، ولم يكن ثمة امرأة معصومة قبل مريم ، وكأن اصطفاءها وعصمتها كان دليلا وبرهانا مقدما على عصمة العصمة الكبرى فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، كما أن بقاء النبي الخضر ( عليه السلام ) كان آية عظمى على إثبات وجود آية الله العظمى المهدي أرواحنا له الفداء .
وإنا وإن كنا قد تحدثنا في ما مضى عن هذا الموضوع - أثناء الحديث عن معنى « مريم الكبرى » ضمن ألقاب السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) - إلا أننا سنتحدث هنا أيضا بمقتضى المقام عما ورد في الكتاب والسنة ، وسنسلك طريق الإيجاز والإجمال لئلا يحصل الملل .
والأفضل أن نبدأ الكلام بقوله تعالى في سورة آل عمران : ( إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين * يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ) .
ففي علل الشرائع عن الصادق ( عليه السلام ) قال : « سميت فاطمة محدثة لأن الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران ، فتقول يا فاطمة ( إن الله اصطفاك . . . إلى آخر الآية ) فتحدثهم ويحدثونها ، فقالت لهم ذات ليلة : أليست المفضلة على نساء العالمين مريم بنت عمران ؟ فقالوا : إن مريم كانت سيدة عالمها ، وإن الله جعلك سيدة عالمك وعالمها وسيدة نساء الأولين والآخرين » .
وقد مر الكلام عن هذا الحديث في معنى « المحدثة » ، ولكننا ذكرناه هنا تبركا وتيمنا ، وسنقصر الكلام هنا على تكرار كلمة « اصطفاك » ومعنى « التطهير » .
فنقول بعون الله وعصمته : ذكر المفسرون في سبب تكرار الاصطفاء كلاما مفصلا نذكره على نحو الإجمال : ففي تفسير الصافي : « . . . الاصطفاء الأول : تقبلها من أمها ، ويشهد له قوله تعالى : ( فتقبلها ربها بقبول ) ولم تقبل قبلها أنثى وتفرغ للعبادة وتغني برزق الجنة عن الكسب ، وتطهر عما يستقذر من النساء .
والثاني : هدايتها وإرسال الملائكة إليها وتخصيصها بالكرامات السنية ، كالولد من غير أب ، وتبرأتها عما قذفته اليهود بإنطاق الطفل ، وجعلها وابنها آية للعالمين .
وفي المجمع عن الباقر ( عليه السلام ) معنى الآية : « اصطفاك من ذرية الأنبياء ، وطهرك من السفاح ، واصطفاك لولادة عيسى من غير فحل » .
وذكر الفخر الرازي - خطيب الري - في التفسير الكبير في ذيل الآية من سورة آل عمران وجوها في سبب تكرار الاصطفاء قال : « . . . ولا يجوز أن يكون الاصطفاء أولا من الاصطفاء الثاني ، كما أن التصريح بالتكرار غير لائق . . . » وقال : « أما النوع الأول من الاصطفاء فهو أمور :
أحدها : أنه تعالى قبل تحريرها مع أنها كانت أنثى ، ولم يحصل مثل هذا المعنى لغيرها من الإناث .
وثانيها : قال الحسن : إن أمها لما وضعتها ما غذتها طرفة عين ، بل ألقتها إلى زكريا ، وكان رزقها يأتيها من الجنة .
وثالثها : إنه تعالى فرغها لعبادته ، وخصها في هذا المعنى بأنواع اللطف والهداية والعصمة .
ورابعها : إنه كفاها أمر معيشتها ، فكان يأتيها رزقها من عند الله تعالى على ما قال الله تعالى ( أنى لك هذا قالت هو من عند الله ) .
وخامسها : إنه تعالى أسمعها كلام الملائكة شفاها ، ولم يتفق ذلك لأنثى غيرها .
فهذا هو المراد من الاصطفاء الأول .
وأما التطهير ففيه وجوه : أحدها : إنه تعالى طهرها عن الكفر والمعصية ، فهو كقوله تعالى في أزواج النبي ( صلى الله عليه وآله ) ( ويطهركم تطهيرا ) .
« ولا يعتمد على كلام الفخر هذا لأن بطلانه بديهي واضح » .
وثانيها : إنه تعالى طهرها عن مسيس الرجال .
وثالثها : طهرها عن الحيض .
قالوا : كانت مريم لا تحيض . ورابعها : وطهرها من الأفعال الذميمة والعادات القبيحة .
وخامسها : وطهرها عن مقالة اليهود وتهمتهم وكذبهم .
وأما الاصطفاء الثاني : فالمراد إنه تعالى وهب لها عيسى ( عليه السلام ) من غير أب ، وأنطق عيسى حال انفصاله منها ، حتى شهد بما يدل على براءتها عن التهمة ، وجعلها وابنها آية للعالمين ، فهذا هو المراد من هذه الألفاظ الثلاثة » .
ثم ذكر كلاما سخيفا نرجح عدم التعرض له ، فهو خرافات فخرية ومموهات خيالية رازية .
وقال حسن بن محمد النيشابوري في تفسير « غرائب القرآن » : الاصطفاء ثلاثة : اصطفاء على غير الجنس ، واصطفاء على الجنس ، واصطفاء على غير الجنس وعلى الجنس .
أما الأول فمثل اصطفاء آدم ( عليه السلام ) ، قال تعالى : ( إن الله اصطفى آدم ) فإن آدم خلق ولم يكن غيره حتى يصطفى عليه .
أما الثاني فمثل قوله تعالى ( يا موسى إني اصطفيتك على الناس ) حيث اصطفاه على الناس ، وقوله تعالى ( اصطفاك على نساء العالمين ) حيث اصطفاها من نساء العالمين .
أما الثالث : فمثل اصطفاء النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، حيث اصطفاه على البشر وغيرهم بمفاد « لولاك لما خلقت الأفلاك » ، وقوله « آدم ومن دونه تحت لوائي » ، فهو أفضل وأشرف المخلوقات .
وقال الفخر الرازي في تفسيره المذكور : « وهذه الآية - أي قوله تعالى ( اصطفاك على نساء العالمين ) - دلت على أن مريم ( عليها السلام ) أفضل من الكل ، وقول من قال : المراد أنها مصطفاة على عالمي زمانها فهذا ترك الظاهر » .
أما اصطفاء فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) فإني أرجع فيه إلى مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) وأخبارهم « وأهل البيت أدرى بالذي فيه » .
وقد اتفق الفريقان شيعة وسنة على أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أفضل من العالمين طرا من الملك إلى الملكوت ، ومن عالم الغيب والشهود ، من البشر وغيرهم ، وكذا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بدليل آية المباهلة والأخبار المعتبرة ، أما فاطمة الزهراء - صلوات الله عليها - فهي مشمولة بالأحاديث والأخبار الواردة عموما في اصطفاء الخمسة الطيبة ، إضافة إلى ما ورد في إصطفاءها خاصة على العالمين ، وظواهر الأخبار والآثار ، وخصوصا الحديث المتفق عليه عند الفريقين أن « فاطمة بضعة مني » ، وأيضا « فاطمة مني » وأيضا « فاطمة روحي ونفسي وفؤادي » ونظائرها من الأخبار النبوية والآثار المصطفوية المشحونة في كتب الخاصة والعامة .
ففاطمة الزهراء ( عليها السلام ) هي الجزء الأعظم والركن الأقوم في الوجود النبوي الشريف ، وللجزء حكم الكل البتة ، فإذا كان العقل الكل أشرف المخلوقات ، ففاطمة أيضا كذلك ; لأنها الجزء الأقرب والبضعة الألصق ، بل هي الجزء الأشرف في الوجود النبوي المقدس ، ففاطمة ليست أفضل من نساء العالمين من الأولين والآخرين فقط ، وإنما هي أفضل من رجال العالمين ، بل أفضل من الكمل والمرسلين والملائكة المقربين .
وأما ما ذكره الرازي من أن ظاهر قوله تعالى ( واصطفاك على نساء العالمين ) يدل على اصطفائها على نساء العالمين من الأولين والآخرين ، فإنما أراد بذلك تفضيل مريم ( عليها السلام ) على فاطمة وغيرها من نساء العالمين ، وهو قول متروك ، ولم يذكره غيره من مفسري السنة كالزمخشري والبيضاوي والنيشابوري وغيرهم في كتبهم في تفضيل فاطمة ( عليها السلام ) على نساء العالمين من الأولين والآخرين ، وهي كثيرة منها : عن ابن عباس في حديث طويل في ذكر فضائل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال ( صلى الله عليه وآله) : « فأما ابنتي فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين . . . إن فاطمة بضعة مني ، وهي نور عيني وثمرة فؤادي وروحي التي بين جنبي ، وهي حوراء إنسية . . . » إلى آخر الحديث .
وقال ( صلى الله عليه وآله ) : « مريم سيدة نساء عالمها ، وفاطمة ( عليها السلام ) سيدة نساء ا لعالمين من الأولين والآخرين ، وإنها عديلة مريم » .
ولما كان نبينا أفضل الأنبياء ، ووصي نبينا أفضل الأوصياء ، وأسباطه أفضل الأسباط ، وكتابه أشرف الكتب السماوية ، ودينه وشريعته أفضل الأديان والشرائع ، وزمانه أفضل الأزمنة ، وأمته أشرف الأمم ; فلا بد أن تكون سيدة نساء عالمه أيضا أفضل نساء العالمين طرا .
وعلى ما هو المعلوم ، فإن اصطفاء مريم ( عليها السلام ) كان لخصائص معدودة ومحصورة - كما بينا ذلك في معنى الاصطفاء - بينما اصطفاء الزهراء على نساء العالمين عامة ، وعلى مريم خاصة كان لصفات وخصائص خارجة عن حد الحصر والإحصاء . بل إن فاطمة ( عليها السلام ) جمعت ما كان عند مريم من خصال وزيادة ، فإذا فضلت على مريم ، فتفضيلها على الآخرين - رجالا ونساء - أولى بالبيان الذي مر .
ويرد قول الفخر الرازي أيضا في تفضيل مريم على نساء العالمين وعلى فاطمة بظاهر الآية المباركة ( اصطفاك على نساء العالمين ) بقوله تعالى ( إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم على العالمين ) ، فلا شك أن آدم ونوح لم يكونا مصطفيين على العالمين مع وجود النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
وقال صاحب تفسير روح البيان : « المراد من العالمين إصفاء كل واحد على عالمه وفي زمانه ، أي اصطفى كل واحد منهم على عالمي زمانه من عالم البر والبحر ، والأرض والسماء » .
ومن المناسب أن نقارن بين حالات مريم ( عليها السلام ) وحالات فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ونذكر ما اتفقتا فيه ، وما فاقت فيه فاطمة ( عليها السلام ) مريم ( عليها السلام ) .
خمسون موردا من موارد التساوي بين فاطمة ( عليها السلام ) ومريم ( عليها السلام ) الأول : كان عمران أبو مريم نبيا ، وفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بنت خاتم الأنبياء وأفضلهم .
الثاني : خلق الله مريم ( عليها السلام ) من النفخة وروح القدس ، وخلق فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) من فواكه الجنة والعرق المطهر لجبرائيل وما انتزعه من الصلب الطاهر المقدس لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
الثالث : تحدثت مريم ( عليها السلام ) في رحم أمها حنة - كما في روايات العامة وبعض روايات الخاصة - وكذلك كانت فاطمة تتحدث دائما في رحم أمها خديجة الطاهرة .
الرابع : كانت مريم عابدة حقا وخادمة لبيت الله ، وكانت فاطمة الزهراء عابدة تقوم في محرابها فتؤدي حق العبودية كما ينبغي .
الخامس : نذرت أم مريم ما في بطنها محررا ، وكذا فعلت خديجة الطاهرة كما مر في الحديث سابقا .
السادس : أنجى الله مريم من مكائد نساء اليهود ، كما أنجى فاطمة ( عليها السلام ) من مكائد نساء اليهود وغيرهن .
السابع : طهر الله مريم ، كما طهر فاطمة وآتاها العصمة .
الثامن : عد النبي ( صلى الله عليه وآله ) مريم في النساء الكمل ، وسمى فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) « الكاملة » .
التاسع : قال صاحب روح البيان : الظاهر أن مريم ولدت وأبوها ميت ، لذا سمتها أمها ( إني سميتها مريم ) ، وإلا فالأولوية في تسمية الأولاد لأشرف الأبوين وهو الأب ، أما فاطمة الزهراء فأبوها الذي سماها وهذا شرف فوق شرف .
العاشر : دعت أم مريم أن يتقبل الله منها « الأنثى » بدل الذكر ، فتقبلها ربها بقبول حسن ، كما تقبل فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) - بناء على الآيات والأخبار - بقبول حسن .
الحادي عشر : كافل مريم زكريا النبي ، وكافل فاطمة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
الثاني عشر : روى أهل السنة في ذيل قوله تعالى ( وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل ( أي يصرخ ) من مسه إلا مريم وابنها » .
وقد ولدت فاطمة ( عليها السلام ) ضاحكة مستبشرة في محضر الخيرات الحسان ومع هذه المنح الإلهية العميمة كيف يجرؤ الشيطان على الإقتراب من المولود الشريف ذي المحتد المنيف ؟ !
الثالث عشر : ولدت مريم في بيت المقدس ، وولدت فاطمة ( عليها السلام ) في مكة المعظمة .
الرابع عشر : سكنت مريم في غرفة من غرف بيت المقدس ، وسكنت فاطمة ( عليها السلام ) في حجرة من حجر النبوة ومهد الرسالة والطهارة .
الخامس عشر : قال تعالى في حق مريم ( عليها السلام ) ( وأنبتها نباتا حسنا ) .
قال بعضهم : النبات الحسن النمو السريع أكثر من المعتاد في غيرها ، كما في تفسير النيشابوري : « تنبت في اليوم مثل ما ينبت المولود في عام ; وقيل : المراد نماؤها في الطاعة والعفة والصلاح والسداد » .
ومر في نمو فاطمة ( عليها السلام ) أنها كانت تنمو في اليوم ما ينمو غيرها في أسبوع أو في شهر .
السادس عشر : كان رزق مريم يأتيها من الجنة ( كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ) .
وجاءت الروايات الصحيحة بنزول المائدة من السماء بألوان الطعام في عدة مرات على فاطمة ( عليها السلام ) ، حتى قال لها النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « الحمد لله الذي جعلك شبيهة مريم بنت عمران » .
وفي تفسير النيشابوري : « كما روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه جاع في زمن قحط ، فأهدت فاطمة رغيفين وبضعة لحم آثرته بها فرجع إليها ، وقال الراوي : فكشف عن الطبق فإذا هو مملو خبزا ولحما ، فبهتت وعلم أنها نزلت من عند الله ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أنى لك هذا ؟ فقالت : ( هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ) فقال : « الحمد لله الذي جعلك شبيهة سيدة نساء بني إسرائيل » .
ثم جمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) علي بن أبي طالب والحسن والحسين وجمع أهل بيته حتى شبعوا ، وبقي الطعام كما هو فأوسعت فاطمة على جيرانها » .
السابع عشر : كانت الملائكة تحضر عند مريم وتكلمها مشافهة كما هو المعلوم من ظاهر الآية ; وروي في فاطمة ( عليها السلام ) أن الملائكة كانت تناديها « يا فاطمة إن الله اصطفاك . . . إلى آخرها » .
الثامن عشر : عبدت مريم حتى تورمت قدماها ، وورد في فاطمة أيضا « فتورمت قدماها من كثرة العبادة » .
التاسع عشر : كانت مريم بتولا من بين النساء ، واتفق الفريقان على أن فاطمة أيضا كانت بتولا .
العشرون : بشر الله مريم بعيسى ( عليه السلام ) وسماه « كلمة » ; قال تعالى : ( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين ) ; كما أنه بشر فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بالكلمات الحقة والحقائق المقدسة للمعصومين ( عليهم السلام ) ، كذا في التفاسير والأخبار المعتبرة المعتمدة .
الحادي والعشرون : مريم لم يمسها بشر بمفاد قوله تعالى ( ولم يمسسني بشر كذلك الله يخلق ما يشاء ) ; وكذلك نطفة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ونورها الأنور لم يمس صلبا ولا رحما ، خلا الصلب المقدس لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ورحم خديجة الكبرى .
الثاني والعشرون : كان عمر مريم قصيرا بالنسبة إلى النساء الأخريات ، وكذلك كانت فاطمة ( عليها السلام ) حيث لم تعش طويلا في هذه الدنيا ; ورواية حياة القلوب وجنات الخلود في طول عمر مريم مرسلة .
الثالث والعشرون : صبرت مريم على أذى النساء اللائمات واللاغيات ; وكذا صبرت الزهراء ( عليها السلام ) على أذى بعض أمهات المؤمنين وغيرهن .
الرابع والعشرون : كانت مريم معصومة ; وكذا كانت الزهراء معصومة أيضا .
الخامس والعشرون : رأت مريم جبرئيل بالحاسة الباصرة ( فتمثل لها بشرا سويا ) ، وفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) أذنت له بالدخول تحت الكساء ، إضافة إلى مشاهدتها له في المرات الأخرى .
السادس والعشرون : خرجت مريم من البيت المقدس إلى كربلاء ( فأجائها المخاض إلى جذع النخلة ) ، وفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) خرجت من مكة المكرمة إلى المدينة الطيبة .
السابع والعشرون : مريم ( عليها السلام ) غسلها عيسى ( عليه السلام ) ، وفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) غسلها أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ; وقال الإمام ( عليه السلام ) : « المعصومة لا يغسلها إلا معصوم والصديقة لا يغسلها إلا صديق » .
الثامن والعشرون : عن ابن عباس : إن مريم لما بلغت تسع سنين لم يكن مثلها قط في العبادة والزهد وترك الدنيا ; وكذلك كانت فاطمة ( عليها السلام ) لم يدانيها أحدا من النساء في العبادة وهي في تلك السن .
التاسع والعشرون : كانت مريم مستجابة الدعوة ، وكانت فاطمة ( عليها السلام ) معصومة مستجابة الدعوة .
الثلاثون : لا توجد امرأة تحترم بين النصارى كما تحترم مريم ( عليها السلام ) ، وكذا لا توجد امرأة كفاطمة الزهراء ( عليها السلام ) محترمة عند الأمة المرحومة وعند أهل السنة .
أما ما فضلت فيه فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) وتميزت به على مريم فهو كثير ; ونشير إجمالا إلى جملة منه . وفضائلها ( عليها السلام ) نوعان ذاتية وخارجية :
الأول : إبداع نور فاطمة ( عليها السلام ) في بدو الإيجاد ، وليست لمريم هذه الفضيلة .
الثاني : تجليات فاطمة ( عليها السلام ) في الملكوت الأعلى ومكاشفات الأنبياء .
الثالث : ما خلق الله لفاطمة ( عليها السلام ) من السماوات وغيرها .
الرابع : فخامة نسبها الذي لم يكن لأحد قط ، حتى لمريم ( عليها السلام ) .
الخامس : كفالة النبي ( صلى الله عليه وآله ) لها ، وهو أفضل وأشرف من زكريا .
السادس : حضرت في ولادتها ( عليها السلام ) مريم ومعها النساء الأخريات ، ولم يحضرن في ولادة مريم ( عليها السلام ) .
السابع : إقرارها بالشهادتين وتكلمها بعد الولادة .
الثامن : ملأ نورها عند الولادة مكة والحجاز والمشرق والمغرب والسماوات .
التاسع : ولدت مريم ولدا شرفت به ، وولدت فاطمة ولدين شرفا بها ، وسيقتدي ولد مريم بآخر أولاد فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) .
العاشر : تبعل فاطمة ( عليها السلام ) أفضل من عدم تبعل مريم ( عليها السلام ) ( وإن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ) فليس لمريم بعلا كأمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
الحادي عشر : كانت فاطمة ( عليها السلام ) عالمة بما كان وما يكون ، ولم تكن مريم كذلك .
الثاني عشر : أمرت مريم بتمريض فاطمة ( عليها السلام ) عند احتضارها .
الثالث عشر : حضر عند فاطمة ( عليها السلام ) جبرئيل وميكائيل ومواكب الملائكة .
الرابع عشر : الذرية النبوية التي صارت أوتادا للأرض من فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) ، ولم يكن لمريم ( عليها السلام ) ذرية على وجه الأرض بعد عيسى ( عليه السلام ) .
الخامس عشر : كان لفاطمة ( عليها السلام ) مصحف ، ولم يكن لمريم ( عليها السلام ) مصحف .
السادس عشر : لفاطمة ( عليها السلام ) الرجعة ، ولم يرو ذلك لمريم ( عليها السلام ) .
السابع عشر : لفاطمة ( عليها السلام ) الشفاعة وهي أعظم الفضائل وأشرف الوسائل ، وليس ذلك لمريم ولا حتى للأنبياء .
الثامن عشر : مقام فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) في حظيرة القدس ، وهو مقام خاص بالخمسة الطاهرة .
التاسع عشر : فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) هي التي تختار المواهب والعطايا لنساء الجنة .
العشرون : لفاطمة ( عليها السلام ) وأبناءها جنة خاصة ومقام خاص لا يشاركها فيه أحد من نساء العالمين .
وهناك خصائص ومزايا أخرى لتلك المخدرة الكبرى سنذكرها إن شاء الله تعالى .
تعليق