المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزواج أساس البناء الاجتماعي 1


العلوية ام موسى الاعرجي
25-12-2014, 09:29 PM
القسم الأول : دور الزواج في إيصال الفرد إلى الكمال .

قال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}(الروم:21) صدق الله العلي العظيم .

إن من أهم ما يفكر به الإنسان في الحياة الدنيا ,هي مسألة استتباب النظام الاجتماعي من خلال توطيد دعائمه ، ولن يتحقق استتباب هذا النظام إلا باستتباب الأمن في المجتمع ، الذي يتوقف على تلبية ما يحتاجه ، فإذا لم نلبي للمجتمع ما يحتاجه, فإن دعائم الأمن فيه ستنهار . لذا فإن العلماء يقولون إن من دعائم استتباب الأمن الاجتماعي مسألة تأمين الحاجيات الأساسية في الجنس على ضوء القانون والنظام، لأن عدم تلبية ما يحتاجه المجتمع من الناحية الجنسية فإن دعائم ذلك المجتمع ستنهار ، والإنسان عندما يكبر تتضور فيه نيران الشهوة ، ويخيل إليه أن مسألة فتح باب ما يحتاجه لإرواء ظمأه الغريزي هو الذي يحقق له الاطمئنان ، ويكون الإنسان في مرحلة البلوغ كالطفل الذي يريد أن يلعب بكل شيء ، ويريد أن يحقق لنفسه كل ما يصبوا إليه وإن كان يعود عليه بالضرر، ولكنه سرعان ما يكتشف بأن تلك النظم والقوانين الاجتماعية تعود عليه بالخير كفرد ، وأيضاً تعود على المجتمع بأسره لكونه لَبِنَة , تشكل مفردة في بناء هذا الهرم الاجتماعي .لذا ورد عن المصطفى صلى الله عليه وآله الطاهرين، عن علي عليه السلام قال : (إن الرسول صلى الله عليه وآله عندما يتزوج أحد الأشخاص يقول :كَمُلَ إيمانه) وكمال الإيمان يشير به المصطفى صلى الله عليه وآله إلى مجموعة من النواحي ، أولها أن ذلك الفرد قد حقق لنفسه الشخصية المتكاملة التي تسهم في دور العطاء المتزن في المشاركة الجماعية والاجتماعية ، وأما إذا كَبَتَ الفرد غرائزه فإن الضرر سيعود عليه شخصياً , كما وأنه لو أطلق لنفسه العنان في إشباع غرائزه فإن الضرر سيعود على المجتمع ككل. وهذا الإفراط والتفريط يرفضه الإسلام ويستعيض عنه طريقاً وسطاً, وضحه المصطفى صلى الله عليه وآله في الحديث:
(ما بُنيَ بناء في الإسلام أحب إلى الله تبارك وتعالى من التزويج)

لذا علينا أن نفكر في مجموعة من المحاور:
المحور الأول / تثقيف المجتمع بأهمية الزواج المبكر :
إن من عوامل الرقي الاجتماعي ,هو إزاحة كل العقبات التي تعوق الزواج, ولا يتم ذلك إلا من خلال التركيز على الثقافة الإسلامية التي تدعو إلى التزويج المبكر، ونحن نعلم بأن العوائق كثيرة ، ولكن المجتمع يستطيع الإسهام بالإعلام الهادف في أن يبين لأولياء أمور الشباب والشابات أهمية الزواج المبكر ، باعتباره يشكل سياجاً أمنياً عن الانحراف . فهذه الشهوة بالنسبة للإنسان كالنار تشتعل في داخله ، فتحرق الأخضر واليابس إذا لم تصب في الأُطُر القانونية التي شرعت من قبل المشرع الحكيم ، فإذاً علينا أولاً أن نثقف مجتمعنا بأهمية الزواج المبكر ، فهو كفيل بالحد من الكثير من الآلام التي تعتري ذلك الشاب وتلك الشابة ، وقد لا يتصور البعض - بالخصوص الذي تتوافر لديه الزوجة الصالحة ويعيش في المسكن الاجتماعي المرفه – ما يعانيه الشاب والشابة من آلام وآمال ، وعلينا أن نسهم في التخفيف عن آلامهما وفي تحقيق ما يصبون إليه من آمال، وهذا لن يتحقق إلا من خلال إيجاد ثقافة تركز أهمية الزواج المبكر.

المحور الثاني / الانضباط القانوني للشاب والشابة:
علينا أن نزرع في ذهنية الشاب والشابة و نبين لهما على أن مراعاة القانون والانضباط ضمن ذلك الالتزام القانوني سوف يحقق ثلاثة أمور هامة:
الأمر الأول : تحقيق الرفاه والاطمئنان لهما ولأسرتيهما ولمجتمعهما، وأن إشباع الغرائز من دون قانون وانضباط - حتى لو حقق رغبة محدودة -فإنه سيعود عليهما بالضرر الفادح والكبير في الزمن القريب غير البعيد . ولذلك نرى أن الكثير من الناس الذين أطلقوا لشهواتهم العنان من دون انضباط ، سببوا لأنفسهم ولأسرهم ولمجتمعهم من الويلات والآلام والمشاكل مالا يعلم به إلا الله تبارك وتعالى.
الأمر الثاني : تحقيق السعادة التي يصبوا إليها الإنسان.
الأمر الثالث : الإسهام في تحجيم أضرار تلك الشهوة التي تعتري الجانب الفسلجي أو الجانب الجسمي من الإنسان .

المحور الثالث / أهمية التسهيل في الزواج :
إن الزواج - ولله الحمد - في مجتمعنا الأحسائي، بل في الخليج - عند من ينتمون إلى مدرسة أهل البيت سلام الله عليهم ويستقون من مشربهم - هو سهلٌ وميسرٌ ، إلا أننا بحاجة إلى تسهيل أكبر وأكثر باعتبار أننا نعيش في عالم مفتوح ، فلم يعد هذا الزمن الذي نعيش فيه كالزمن السابق الذي يعيش فيه الشاب دون أن يطلع على مجريات الأمور التي من حوله ، فلقد أصبح الشاب هذا اليوم يعيش العالمية بكل ماتعنيه كلمة العالمية من معاني ،وذلك بواسطة الإنترنت، و الفضائيات ، و المجلات التي تُعنى بمختلف أنواع المعرفة وتحتوي على الكتابات والصور التي تثير شهوة المتقي دون ذلك الإنسان الذي قد لايكون له وازع من التقوى ، فعلينا أيضاً أن نلتفت لهذا الجانب , لأن تسهيل الزواج يسهم إسهاماً كبيراً في تحجيم مايحيط بمجتمعنا من مشاكل وما تخطط له بعض تلك الفضائيات , من خلال إيجاد بعض البرامج الهابطة ، والمسابقات التي تسهم في دفع ذلك الشاب وتلك الشابة إلى السقوط في مهاوي الرذيلة والفساد .من هنا ندرك أهمية التسهيل والتيسير في الزواج , فمن خلال ما ورد عن أهل البيت صلوات الله عليهم أجمعين , نجد تركيزاً خاصاً على أهمية تقليل المهر .
قال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: ( أفضل نساء أمتي أقلهن مهراً ) فالمرأة التي مهرها قليل ، لها أفضلية , على غيرها من النساء اللاتي مهرهن كثير . وما دام الحديث حول الشاب والشابة فهناك نقاط مهمة ينبغي أخذها بعين الاعتبار:

النقطة الأولى : إن فكرة الزواج المبكر التي ذكرناها سوف تحل الكثير من المشاكل التي نعيشها , ولكن باعتبار أن الشاب يكون مشغولاً بدراسته الجامعية , فقد لا يستطيع الزواج بمفهومه العام ,ولكن يمكنه أن يرتبط بالشابة في هذه المرحلة برباط وثيق وهو العقد الشرعي , بمعنى أن يعقد على الفتاة وتبقى عند أهلها , وهو أيضاً يبقى عند أهله , ويمكنه أن يزور زوجته في بيت أهلها , أو هي تزوره في بيت أهله إلى أن تنتهي فترة الدراسة الجامعية , فيرتبطان بالزواج وهذه الطريقة لها دور كبير في التخفيف من نار الشهوة , ويحقق اطمئناناً وأمناً نفسياً واجتماعياً , حتى على المستوى الدراسي , فيحقق للشاب والشابة مستويات علمية راقية ونجاحات باهرة , وذلك نتيجة الاستقرار النفسي والتركيز الذهني .
النقطة الثانية : لينا أن نراعي الحاجات الأساسية المُلِحة بالنسبة للشباب والشابات ,ونسعى لتحقيقها , ونزيح العوائق التي تقف أمام تحقيق ذلك , فهذا أسلم من أن تنحرف تلك الفتاة فتؤثر على سمعة أهلها , أو ينجرف ذلك الشاب ويؤثر على سمعة أهله .
النقطة الثالثة : علينا أن نوضح للشاب والشابة , مايعنيه قوله تعالى في الآية التي استهللنا بها حديثنا فالمودة هي : الحب , والرحمة هي : العطاء بلا حدود . وعندما يفهم ذلك الشاب ثقافة الإسلام , ويقدم كل منهما للآخر عطاءً بلا حدود فإننا نضع سياجاً رائعاً مستقى من خلال ثقافتنا الإسلامية , ومن خلال خُلقنا القويم المأخوذ من القرآن الكريم , ومن أحاديث المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم , والعترة الطاهرة . وبذلك نبني أمتنا على أُسس من الخير ودعائم من الفضيلة . أسال الله تبارك وتعالى - ونحن في مستهل هذا الشهر , وهو شهر ربيع , الذي يكثر فيه التزويج - أن يكون لنا نحوان من الزواج:
1- الزواج الذي يتحقق فعلاً , بمراسيمه الخاصة واجتماع الزوجين معا تحت سقف واحد .
2- الزواج على حد تعبير الفلاسفة والعلماء ,هو زواج بمرتبة القوة ، أي نربط بين أبنائنا وبناتنا برباط العقد الشرعي الذي يسهم في تحجيم الرذيلة .