المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : موقفنا الفكري من أئمة الهدى (ع)


العلوية ام موسى الاعرجي
26-12-2014, 12:02 AM
يقول الله تبارك وتعالى : ﴿ إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا – الإسراء 7 ﴾ ...وفي الأحاديث يقول الله تعالى : ( عبدي تقرب إليَّ شبرا أقَرِبُك ذراعا ، تقرب إلى ذراعا أقَرِبُك باعا ) ... فالله يُقرب من يدنوا إليه ، ويتقرب إليه ، وفي أدعية رجب نقرأ : ( يا من يُعطي من سأله ، ويا من يعطي من لم يسأله ، ومن لم يعرفه ، تحننا منه ورحمة ) فكيف بمن يدعو الله عزوجل في جوف الليل و في قيامه وصيامه ؟!... علينا أن نثق بإجابة الرب الغفور ، إنه سميعٌ مُجيب .
من بركات شهري رجب وشعبان أن فيهما نسبة من مواليد الأئمة (ع) ، وقد اتفقنا على أن نحيي مناسبات أهل البيت (ع) ، ونحن نقرأ في الدعاء : ( اللهم إني أسألك بالمولوَيْن في رجب ، محمد بن علي ، وابنه علي بن محمد ) لو أننا أحيينا ذكرى كل إمام في أحاديث الجمعة ، في الاحتفالات ، في المناسبات ، لايمر علينا العام إلا وقد أحطنا بشيئ من أخبارهم وآثارهم ، وإن لم نُحط بحياتهم وبعلومهم .

تكاليف وواجبات مناسبات أهل البيت
هنالك ثلاثة تكاليف في كل مولد وفي كل استشهاد :
أولا : مشاركتهم أحزانهم وأفراحهم
أن نعيش حالة شعورية ... بأن نفرح بولادتهم ، ونحزن لوفاتهم كما هو الحال للأعزاء من ذوينا . أئمتنا (ع) كانوا يعيشون هذه الحالة ، فلنستمع لهذا النقل الذي رُوِيَ عن الإمام الجواد (ع) . عندما استشهد والده الإمام علي بن موسى الرضا (ع) ، وقد كان حينها صغيرا ، يقول : أن الإمام الجواد (ع) كان جالسا ، وإذا به دخله الحزن ، وبكى الإمام (ع) ، ثم سألناه : ما بكاؤك ؟ قال : إن أبي توفي الساعة ، فقلنا : بم علمت ؟!... قال : قد دخلني من إجلال الله مالم أكن أعرفه قبل ذلك !!... فعلمت أنه قد مضى . وعندما توفي الإمام الجواد (ع) أيضا تأثر الإمام الهادي (ع) ، وقال : لأنه تداخلني ذلةٌ لله لم أكن أعرفها !!..فالمؤمن في أفراح وأحزان أهل البيت (ع) عليه أن يعيش هذه الحالة الشعورية ، البعض نجده في ليلة المولد يعيش حالة من السعادة والفرح ، ويتجلى ذلك في شرائه حلويات وماشابه لأهله ، وفي بعض الأحيان نجده يُصر على إقامة مجلس في بيته تجاوبا مع هذا الشعور .
ثانيا : الإحاطة بسيرتهم
كم حديث نحفظ عن الإمام الجواد (ع) ؟ ... كيف عاشت الأمة معه في صغر سنه ؟ حيث كان يبلغ سبع أو ثمان سنوات... ما هي أدلة الإمامة ؟ ... لِم تَقَرَبَ المأمون إليه بتزويجه من ابنته أم الفضل ؟ ... علينا أن نعلم قبسات من سيرهم (ع) ... أن نتعرف على أخلاقهم مع أعدائهم ... أن نتعرف على حرز الإمام الجواد (ع) ، الذي استفاد منه حتى الأعداء لدفع المضار عن أنفسهم . سلام الله على الإمام الجواد (ع) الذي عم جوده حتى المخالفين له .
ثالثا : التأسي بهم
المشكلة الموجودة أننا اقتصرنا على قراءة حياة أئمتنا في الكتب ... و على قراءة المدائح في أوصافهم ... ولكننا لا نتأسى بهم ... لا نقتدي بهم ... فعندما نكلم الفتاة – مثلا - عن عفة وحشمة الزهراء (ع) ، و أنها عندما سأل الرسول (ص) : أخبروني أي شيءٍ خيرٌ للنساء ؟.. فقالت فاطمة (ع) : أن لا يرين الرجال ولا يراهن الرجال .... نجدها تقول : هذه الزهراء (ع)! ... وأين نحن من الزهراء (ع) ؟!... القرآن الكريم في كلمة صريحة يقول : ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَيَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً - الأحزاب 21 ﴾ يقول الإمام علي (ع) : إنما أنا عبدٌ من عبيد محمد (ص) ،أين الذين يتهموننا بأننا نقول خان الأمين ؟!... وهذا إمامنا (ع) يقول إنما أنا عبدٌ من عبيد محمد (ص) ، أنا تبعٌ للنبي محمد (ص) ، فإذا كان أبوهم وهو أمير المؤمنين علي (ع) من عبيد النبي محمد (ص) فأولاده وهم الأئمة (ع) عبيدٌ للنبي (ص) . ولكن لم يعرفونا حق المعرفة .
إذن علينا أن نتأسى بحيات أئمتنا (ع) ، ننظر إلى سيرتهم ... إلى أخلاقهم ... إلى محاسن كلامهم ، ولو ذكرنا محاسن أقوالهم وأفعالهم وسيرتهم للناس ، لأدخلناهم القلوب ، بشكل غير مباشر ، دون حاجة إلى الهجوم أو التجريح أو السُّباب والشتم ، علينا أن نذكر محاسن حياتهم ، وكلهم سيرة عطرة ، الناس تحْنُوا إلى هذه القلوب ﴿ فَٱجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىۤ إِلَيْهِمْ - ابراهيم 37 ﴾ هؤلاء لهم القابلية العظمى في هذا المجال ، وعلى ذلك نقتبس اليوم قبسا بعد آخر في حياة الإمام الجواد (ع) .

قبسات من حياة الإمام الجواد :
الأول : أم الجواد (ع)
الأمر الأول اللافت - وهذه بُشرى لأهل الصعيد ولأهل مصر – أن أم الإمام الجواد (ع) أم وَلَد من مصر ، أو من الصعيد ، من بلدة تُسمى المُريْسِيََة أو المُريْسة ، وهي بلدة السيدة مارية القبطية زوجة النبي (ص) . واللافت هو التنوع في أمهات الأئمة (ع) ... أم الإمام السجاد (ع) شهربانو من بلاد فارس ... أم الإمام الحجة (ع) نرجس من بلاد الروم ... ورأينا الأئمة (ع) يختارون لنطفهم ... بينما أم الفضل بنت المأمون خليفة المسلمين كانت زوجة الإمام الجواد (ع) ، ولكن الله أبى إلا أن يُجري نسلَ الجواد (ع) من إمرأة أخرى .
وفي هذا درس درس بليغ :
أولها : أن المؤمنة كفؤ المؤمن ، دون النظر إلى كونها جارية ... أو إلى البلد الذي تنتمي إليه .
ثانيها : إن الالمُرتجى في الزواج هو البركة ... فانظروا إلى بركة الله عزوجل في زيجات الأئمة . وعليه لا ينبغي أن تُخْطب المرأةُ لجمالها .... لحسبها ... لثروتها ... لمالها ... لشهرتها ... لمالها من ملكات ... هذا ليس قوام السعادة في الحياة ، رب العالمين إذا أراد أن يبارك في أسرة هكذا يُبارك ، هل كانت هذه الجارية تتوقع أن تُنجب إماما معصوما وهي من بلاد بعيدة ؟!... هذه نعمة الله عزوجل عليها ، وفي الروايات :( لما وُلِد أبو جعفر محمد الجواد (ع) ، قال الإمام الرضا (ع) لاصحابه : قد ولد لي شبيه موسى بن عمران ، فالق البحار ، وشبيه عيسى بن مريم ، قُدِّسَت أمٌ ولَدَتْهُ _ أنا لا أدري مرجع الضمير إلى من ، إلى مريم (ع) أم إلى أم الجواد (ع)؟- قد خلقت طاهرة مطهرة ...) أخواني ، اطلبوا البركة من الله عزوجل ، اطلب من الله عزوجل عندما تتزوج الذرية الصالحة ، و الذي له ذرية وأولاد لا ييأس من روح الله عزوجل فيما يتعلق بالأولاد ، ونحن ندعو : ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍوَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً- الفرقان 74﴾ لانكتفي فقط بأن نكون متقين بل أئمة المتقين ، فعلى الإنسان أن يطلب من الله تعالى هذه البركة . وطُوبى لمن بارك الله عزوجل فيه : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ، صدقةٌ جارية ، وولدٌ صالحٌ يدعو له ، وعلمٌ يُنتفعُ به ).
نموذج العلم الذي يُنتفع به : نحن في كل جمعة تقريبا على مائدة رجل من رجال هذه الطائفة ، وهو العلامة المجلسي ، صاحب كتاب بحار الأنوار الذي يقع في 110 مجلد ، كتبه قبل عام 1111 م وهو عام وفاته ، هذا الرجل في كل يوم ... وعلى كل منبر ... المؤمنون والعلماء يستفيدون من كتابه ، أليس هذا هو الخلود ؟... وكان هو شيخ الإسلام في زمانه ، ورغم انشغالاته الكثيرة في تلك الأيام مع تلك الحكومة ، مع ذلك لم ينشغل عن خدمة تُراث أهل البيت (ع) وهذا هو العلم الذي يُنتفعُ به ، سلوا الله الخلود ، فأي خسارة عظيمة أن يموت الإنسان ويندرس ذِكْرُهُ !!.. علينا أن نفكر في هذه الحقيقة ، نعلم أن الوقف ، المسجد ، المأتم ، الصدقة الجارية ، الميتم ، البئر الذي يستقي منه المؤمنون الماء ، هذا الأمرٌ مخلد ، المسجد إلى أبد الدهر هو مسجد ، الذي يُوفق لمثل هذا العمل طوبى له ، هذا الرجل يموت ، وصدقاته الجارية تمشي من خلفه ، فطوبى لمن وفق لمثل ذلك .
(... ثم قال الرضا (عليه السلام) : يقتل غصباً ، فيبكي له وعليه أهل السماء ، ويغضبُ اللّهُ على عدوه وظالمه ، فلا يلبث إلا يسيراً ، حتى يُعَجِل اللّهُ به إلى عذابه الأليم وعقابه الشديد ). وهذا قدر أئمتنا (ع) ، الذين ماتوا شهداء ، وانتقلوا إلى ربهم في سن مبكرة لمواقفهم تجاه طواغيت زمانهم .
الثاني : مع علي بن أسباط
يقول (ع) : خرج عليَّ أبو جعفر (ع) – وهي كنية الجواد (ع) – فجعلتُ أنظر إليه وإلى رأسه ورجليه لِأصف قامته بمصر ، فلما جلس قال : يا علي بن أسباط ، إن الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج في النبوة ، قال الله تعالى :﴿ يٰيَحْيَىٰ خُذِ ٱلْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً - مريم 12 ﴾ ، نلمس من هذه الرواية ما يلي :
أولا : ربما تكون معرفتَنا نحن بأئمتنا (ع) اليوم قد يكون أعمق وأعرق وأشمل من معرفة السلف – كُتب حياة الأئمة 110 مجلد تحتوي أقوال الأئمة ، أما الذي كان يزور الإمام (ع) لأول مرة ما الذي سمع من الإمام ؟... ما الذي علم من الإمام؟... سوى جلال الإمام ... هيبة الإمام التي تأخذ بمجامع الوجود وتجعل الشخص يعيشُ حالة من الذوبان في الإمام (ع) ، وخاصة الإمام الجواد (ع) في السن التاسعة تولى الإمامة .
ثانيا : طرافة جواب الإمام (ع) ، فكأن الإمام (ع) يقول له : بدل أن تنظر إلى شكلي وقامتي أعلمك حديثا في باب الولاية تستفيد منه ، يقول الإمام الجواد (ع) : إن الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج في النبوة ﴿ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحُكْمَ صَبِيّاً - مريم 12 ﴾ آتيناه النبوة صبيا ، فما المانع أن يؤتى الإمام الإمامة وهو صبيٌ أيضا ؟!... فقال الإمام (ع) : ﴿حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً - الأحقاف 15 ﴾ فقد يجوز أن يُعطى الحكم صبيا ، ويجوز أن يُعطى وهو ابن أربعين سنة ، الأمر إلى الله عزوجل ﴿ ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ – الأنعام 124 ﴾ يهب الإمامة والحكم في سن الصبا ، أو يهبه في سن الأربعين ... كما بُعث النبي محمد (ص) نبيا في سن الأربعين ، الأمر إليه جل جلاله ﴿ لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ– الأنبياء 23 ﴾ فلا غرابة في ذلك .
الثالث : مع يحي بن أكثم
أن المأمون يريد أن يُثيرُ جوا معينا على الإمام الرضا (ع) ، ولكن انقلبت الآية على خصم الإمام الرضا (ع) ، ورد في الرواية على لسان خصوم الإمام (ع) : إنّ هذا الفتى وإن راقك منه هديه ، فإنه صبيٌّ لا معرفةَ له ولا فقهَ ، فأمهلهليتأدّب ثم اصنع ما تراه بعد ذلك ، فقال لهمالمأمون: ويحكم !.. إني أعرفُ بهذا الفتىمنكم ، وإنّ أهل هذا البيت عِلْمُهم من الله تعالى وموادّه وإلهامه ، لم تزل آباؤهأغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة عن حدّ الكمال ، فإن شئتم فامتحنواأبا جعفر بما يتبيّن لكم به ما وصفت لكم من حاله .. قالوا : قد رضينا لك ياأمير المؤمنين ولأنفسنا بامتحانه ، فخلّ بيننا وبينه لننصب من يسأله بحضرتك عن شيءمن فقه الشريعة ، فإن أصاب في الجواب عنه لم يكن لنا اعتراضٌ في أمره ، وظهر للخاصةوالعامة سديد رأي أمير المؤمنين فيه ، وإن عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه ،فقال لهم المأمون : شأنكم وذلك متى أردتم . فخرجوا من عنده واجتمع رأيهم علىمسألة يحيى بن أكثم - وهو يومئذ قاضي الزمان - على أن يسأله مسألةً لا يعرف الجوابفيها ، ووعدوه بأموالٍ نفيسةٍ على ذلك ، وعادوا إلى المأمون وسألوه أن يختار لهميوماً للاجتماع ، فأجابهم إلى ذلك . فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه ، وحضرمعهم يحيى بن أكثم ، وأمر المأمون أن يُفرش لأبي جعفر دست ( أي صدر البيت)ويُجعل له فيه مسورتان ، ففُعل ذلك وخرج أبو جعفر - وهو يومئذ ابن تسع سنين وأشهر-فجلس بين المسورتين وجلس يحيى بن أكثم بين يديه ، وقام الناس في مراتبهم ، والمأمونجالسٌ في دست ( أي صدر المجلس ) متصل بدست أبي جعفر (ع) . فقال يحيى بن أكثمللمأمون : يأذن لي أمير المؤمنين أن أسأل أبا جعفر عن مسألة ؟.. فقال له المأمون : استأذنه في ذلك !.. فأقبل عليه يحيى بن أكثم ، فقال : أتأذن لي جُعلت فداك في مسألة؟!.. فقال أبو جعفر (ع) : سل إن شئت.. قال يحيى : ما تقول جُعلت فداك !.. في محرِمقتل صيداً ؟.. فقال أبو جعفر (ع) : قتله في حلّ أو حرم ، عالماً كان المحرِم أوجاهلاً ، قتله عمداً أو خطأ ، حرّاً كان المحرِم أو عبداً ، صغيراً كان أو كبيراً ،مبتدئاً بالقتل أو معيداً ، من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها ، من صغار الصيدأم من كبارها ، مصرّاً على ما فعل أو نادماً ، في الليل كان قتله للصيد أم فيالنهار ، محرِماً كان بالعمرة إذ قتله أو بالحجّ كان محرماً ؟... فتحير يحي وبان على وجهه العجز والانقطاع ، وتلجلج حتى عرف جماعة أهل المجلس رأيه ، فقال أبو جعفر : الحمد لله إقرارا بنعمته ، و لا إله إلا الله إخلاصا لوحدانيته ، وصلى الله على محمد سيد بريته و الأصفياء من عترته .هؤلاء أئمتنا ... هذه سيرتنا .
الرابع : مع علي بن جعفر ( ابن الإمام الصادق )
علي بن جعفر (ع) ابن الإمام الصادق (ع) ، يقول دخل أبو جعفر محمد بن علي الرضا (ع) مسجد رسول الله ، فوثب علي بن جعفر بلا حذاء ولا رداء ، فقبل يده وعظمه شيبة كبير ابن الإمام الصادق (ع) يعني أنه عم أبيه ، فقال له أبو جعفر: ياعم اجلس رحمك الله ، فقال : يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم ؟!... فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يُوبخونه ، يقولون : أنت عم أبيه ، وأنت تفعل به هذا الفعل ؟! - أنت ابن الإمام الصادق(ع) هكذا تتعامل مع حفيد أخيك _ فقال : اسكتوا إذا كان الله عزوجل - وقبض على لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة ، وأهَّل هذا الفتى ، ووضعه حيث وضعه ، اُنْكِر فضله ؟ نعوذ بالله مما تقولون ، بل أنا له عبد . هكذايكون تعامل الإنسان مع ولي أمره ، ليس المهم أن يعيش الإنسان هذه الحالة من باب التبعية والاحترام والعاطفة بل في مقام العمل ... قد تكون مختلف مع زوجتك مع أخيك في مسألة شرعية ، ويُقال لك هذا فقه أهل البيت (ع)، هذا الفقه المستمد من فقه جعفر بن محمد الصادق (ع) ، قُل سمعا وطاعة ، أنا عبدٌ لهم ، ولمن استنبط هذه المسائل منهم ، أين نحن من هذه الحال ؟!... فعندما أقول : أنا عبدٌ لهم لا يكون هذا من باب الكلام فحسب ،بل أنا عبدٌ لهم فيما أحل الله وفيما حرَّم .

التوسل بالإمام الجواد (ع)
الإمام الجواد (ع) مظهر الجود ، ومعروفٌ عندنا أن الذي لديه مشاكل مادية يتوسل بالإمام الجواد (ع) ، حقيقة لا أدري ما هذا القضاء والقدر ؟ نحن نزور الرضا (ع) نقول له : السلام عليك يا أبا الحسن ... يا بعيد المدى ... يا ثامن أئمة الهدى ... السلام عليك أيها الراضي بالقدر والقضاء ، يُخلف ابنا صغيرا في المدينة ، وينتقل إلى بلاد طوس ، آلاف الكيلومترات قريبا من 2000 كيلومتر من المدينة إلى مشهد الرضا (ع) ، عملا بما عليه ، واستسلاما لحكم الله عزوجل ، وما قيمة المأمون وأبيه وأبنائه في جنب الله ؟... هؤلاء من رعيتهم ...من فسقة رعيتهم ، ولكن هكذا شاء الله ، أن يعمل الإمام بتكليفه ، ويستسلم لأوامر المأمون ، يذهب ويترك هذا الولد في مدينة جده رسول الله (ص) . اجعلوا هذا الحديث نُصب أعينكم إذا توسلتم بالإمام الجواد (ع) ، من أراد العلم ، من أراد الوجاهة عند رب العالمين ، من أراد الغفران من الذنوب فليتوسل بالإمام الجواد (ع) .

رسالة الإمام الرضا ( عليه السلام ) إلى الجواد ( عليه السلام ) :
كان الإمام الرضا يعامل ابنه باحترام وإجلال ، ويهتمّ بتربيته . فعن " البزنطي " – وكان من أصحاب الرضا ( عليه السلام ) – أنّ الإمام بعث برسالة إلى ابنه جاء فيها :
يا أبا جعفر بلغني أن الموالي إذا ركبت أخرجوك من الباب الصغير ، وإنما ذلك من بخل بهم لئلاّ ينال منك أحد خيراً ، فأسألك بحقي عليك لا يكن مدخلك ومخرجك إلاّ من الباب الكبير الباب العام ليراك المحتاجون ، وإذا ركبت فليكن معك ذهب وفضة ، ثم لا يسألك أحد إلاّ أعطيته . ومن سألك من عمومتك أن تبرّه فلا تعطه أقلّ من خمسين ديناراً ، والكثير إليك . ومن سألك من عماتك فلا تعطها أقلّ من خمسة وعشرين ديناراً ، والكثير إليك ، إني أريد أن يرفعك الله ، فانفق ، ولا تخش من ذي العرش إقتاراً

الخلاصة :
1- هنالك ثلاثة تكاليف في كل ذكرى ولادة واستشهاد كل معصوم : مشاركتهم أحزانهم وأفراحهم بأن نعيش الحالة الشعورية ، والإحاطة بشيء من سيرتهم من خلال القراءة وغيرها ، التأسي بهم والاقتداء .

2- أن المؤمنة كفؤ المؤمن ، دون النظر إلى كونها جارية ... أو إلى البلد الذي تنتمي إليه .

3- إن الالمُرتجى في الزواج هو البركة . وعليه لا ينبغي أن تُخْطب المرأةُ لجمالها .... لحسبها ... لثروتها ... لمالها ... لشهرتها ... لمالها من ملكات ... هذا ليس قوام السعادة في الحياة .