ربّما يستفاد من كلمات الوهابيّين أنّ هناك معياراً آخر للشرك في العبادة، وهو «قدرة المستغاث على تحقيق الحاجة وعجزه عنها» فإذا طلب أحد من آخر حاجة لا يقدر عليها إلاّ اللّه عدّ عمله عبادة وشركاً، فهذا هو ابن تيمية يكتب في هذا الصدد قائلاً:
«من يأتي إلى قبر نبي أو صالح ويسأله حاجته ويستنجده، مثل أن يسأله أن يزيل مرضه أو يقضي دينه أو نحو ذلك ممّا لا يقدر عليه إلاّ اللّه عزّ وجلّ، فهذا شرك صريح يجب أن يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلاّ قتل».( [1])
لقد جعل ابن تيمية في هذه العبارة معياراً آخر للشرك، وهو قدرة المسؤول وعجزه عن تلبية السائل، وهذا خلاف التفصيل السابق حيث اعتبر
هناك الميزان هو موت وحياة الطرف المستغاث، ولو كان الميزان ما ذكره ابن تيمية هنا لكان الأجدر به أن يضيف بعد قوله:«قبر نبي أو صالح» جملة أُخرى هي:«أو ولي حيّ» ليتّضح أنّ المعيار الذي اعتمده ـ هنا ـ ليس هو موت المستغاث وحياته، بل قدرته على تلبية الحاجة وعدم قدرته على ذلك، كما فعل الصنعاني ـ الذي يُعدّ من كُتّاب الوهابية ـ حيث قال: «من الأموات أو من الإحياء».
وإليك في ما يأتي نصّ عبارته:
«الاستغاثة بالمخلوقين الأحياء فيما يقدرون عليه ممّا لا ينكرها أحد... و إنّما الكلام في استغاثة القبوريين و غيرهم بأوليائهم وطلبهم منهم أُموراً لا يقدر عليها إلاّ اللّه تعالى من عافية المريض و غيرها...وقد قالت أُم سليم يا رسول اللّه: خادمك أنس ادع اللّه له و قد كانت الصحابة يطلبون الدعاء منه و هو حيّ و هذا أمر متّفق على جوازه، و الكلام في طلب القبوريين من الأموات أو من الأحياء أن يشفوا مرضاهم و يردوا غائبهم...ونحو ذلك من المطالب التي لا يقدر عليها إلاّ اللّه».( [2])
ففي البحث السابق كان المعيار هو: حياة وموت المستغاث، فلم يكن الطلب من الحيّ موجباً للشرك بينما كان الطلب من الميّت موجباً لذلك، ولكن في هذا المبحث جُعل ميزان الشرك في العبادة هو طلب الحاجة التي لا يقدر عليها إلاّ اللّه سبحانه من العبد، ولذلك لا يكون هناك أيُّ تأثير لحياة المستغاث أو موته وأنّما الملاك قدرته وعجزه.
والحقّ أنّ هذا الرأي أضعف من أن يحتاج إلى مناقشة ونقد، وذلك أنّ قدرة المستغاث أو عجزه إنّما يكون معياراً لعقلائية مثل هذا الطلب وعدم عقلائيته، لا معياراً للتوحيد والشرك.
فالساقط في بئر ـ مثلاً ـ لو استغاث بالأحجار والصخور المحيطة به واستنجد بها عدَّ في نظر العقلاء أحمقاً وعمله غير عقلائي، و أمّا لو استغاث بإنسان واقف على فوهة البئر قادر على إنقاذه كان طلبه عملاً عقلائياً يستحقّ الثناء.
وعلى هذا الأساس لا ينبغي أن نقف طويلاً أمام هذه النظرية لنقدها ومناقشتها، بل ينبغي أن نركّز الكلام وبصورة مفصلة على مباحث أُخرى.
«من يأتي إلى قبر نبي أو صالح ويسأله حاجته ويستنجده، مثل أن يسأله أن يزيل مرضه أو يقضي دينه أو نحو ذلك ممّا لا يقدر عليه إلاّ اللّه عزّ وجلّ، فهذا شرك صريح يجب أن يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلاّ قتل».( [1])
لقد جعل ابن تيمية في هذه العبارة معياراً آخر للشرك، وهو قدرة المسؤول وعجزه عن تلبية السائل، وهذا خلاف التفصيل السابق حيث اعتبر
هناك الميزان هو موت وحياة الطرف المستغاث، ولو كان الميزان ما ذكره ابن تيمية هنا لكان الأجدر به أن يضيف بعد قوله:«قبر نبي أو صالح» جملة أُخرى هي:«أو ولي حيّ» ليتّضح أنّ المعيار الذي اعتمده ـ هنا ـ ليس هو موت المستغاث وحياته، بل قدرته على تلبية الحاجة وعدم قدرته على ذلك، كما فعل الصنعاني ـ الذي يُعدّ من كُتّاب الوهابية ـ حيث قال: «من الأموات أو من الإحياء».
وإليك في ما يأتي نصّ عبارته:
«الاستغاثة بالمخلوقين الأحياء فيما يقدرون عليه ممّا لا ينكرها أحد... و إنّما الكلام في استغاثة القبوريين و غيرهم بأوليائهم وطلبهم منهم أُموراً لا يقدر عليها إلاّ اللّه تعالى من عافية المريض و غيرها...وقد قالت أُم سليم يا رسول اللّه: خادمك أنس ادع اللّه له و قد كانت الصحابة يطلبون الدعاء منه و هو حيّ و هذا أمر متّفق على جوازه، و الكلام في طلب القبوريين من الأموات أو من الأحياء أن يشفوا مرضاهم و يردوا غائبهم...ونحو ذلك من المطالب التي لا يقدر عليها إلاّ اللّه».( [2])
ففي البحث السابق كان المعيار هو: حياة وموت المستغاث، فلم يكن الطلب من الحيّ موجباً للشرك بينما كان الطلب من الميّت موجباً لذلك، ولكن في هذا المبحث جُعل ميزان الشرك في العبادة هو طلب الحاجة التي لا يقدر عليها إلاّ اللّه سبحانه من العبد، ولذلك لا يكون هناك أيُّ تأثير لحياة المستغاث أو موته وأنّما الملاك قدرته وعجزه.
والحقّ أنّ هذا الرأي أضعف من أن يحتاج إلى مناقشة ونقد، وذلك أنّ قدرة المستغاث أو عجزه إنّما يكون معياراً لعقلائية مثل هذا الطلب وعدم عقلائيته، لا معياراً للتوحيد والشرك.
فالساقط في بئر ـ مثلاً ـ لو استغاث بالأحجار والصخور المحيطة به واستنجد بها عدَّ في نظر العقلاء أحمقاً وعمله غير عقلائي، و أمّا لو استغاث بإنسان واقف على فوهة البئر قادر على إنقاذه كان طلبه عملاً عقلائياً يستحقّ الثناء.
وعلى هذا الأساس لا ينبغي أن نقف طويلاً أمام هذه النظرية لنقدها ومناقشتها، بل ينبغي أن نركّز الكلام وبصورة مفصلة على مباحث أُخرى.
[1] . زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور: 156. وفي رسائل «الهدية السنية» ص 40 نجد ما يقرب من هذا المعنى أيضاً.
[2] . كشف الارتياب: 272.
[2] . كشف الارتياب: 272.
تعليق