المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرأة من منظور اسلامي-الزهراء كنموذج


العلوية ام موسى الاعرجي
30-12-2014, 07:15 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليك يا مولاي يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين حمداً يصعد أوله ولا ينفذ آخره والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله الطيبين الطاهرين.
قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه الكريم:
{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أهل الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}(1) (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#ha01#ha01)
في البداية أوصيكم عباد الله بتقوى الله فانها صلاح أمركم وبها تتنـزل البركات وتعم الخيرات، وهي خير زاد يتزود بها الإنسان في دنياه وآخرته كما نص على ذلك القرآن الكريم، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا دائماً من المتقين الملتزمين بأحكامه وشرائعه والممتثلين لأوامره ونواهيه.
في حديثنا عن موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تناولنا عدة قضايا وكان الحديث في الأسابيع الأخيرة حول مظاهر المنكر التي نعرفها في حياتنا.
في هذا اليوم وبمناسبة قرب ذكرى مولد الزهراء(عليها السلام) والتي أصبحت مثالاً وقدوة وعنواناً للمرأة، وأعلنا أن يوم ولادتها هو يوم المرأة العراقية ويوم تكريم هذه المرأة وطلبنا من الجهات المسؤولية في هذا البلد أن تعلن ذلك، وقد تم إقرار ذلك في مجلس الحكم الانتقالي حيث تم الإعلان أن يوم ولادة الزهراء(عليها السلام)هو يوم المرأة العراقية(2) (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#ha02#ha02). هذا الموضوع يرتبط إلى حد كبير في بحثنا حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الزهراء(عليها السلام) محور أهل البيت(عليهم السلام)

وأحاول اختصار الحديث حوله في نقاط ثلاثة رئيسية نفهم منها علاقة هذا الموضوع من ناحية بالزهراء(عليها السلام)، ومن ناحية أخرى بيوم المرأة، ومن ناحية ثالثة علاقته بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
النقطة الأولى: أما علاقته بالزهراء ويوم المرأة فهنا يطرح سؤال، لماذا اخترناها مثالاً وقدوة ليوم المرأة؟
الزهراء تتميز عن سائر نساء العالمين والبشرية أنها سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة لأنها كانت:
أولاً: تمثل شخصيتها شخصية المرأة المتكاملة في الهوية والارتقاء في الجانب المعنوي والإنساني.
ثانياً: الزهراء(عليها السلام) كان دورها في الحياة الإنسانية التي تمثل الدور النسوي في أبعادها الثلاثة فهي بنت الرسول(صلى الله عليه وآله) وتمثل بذلك دور البنت، وكانت تمثل دور الزوجة في أعلى مراتبها حيث كانت زوجة لعلي (عليه السلام) ولولا علي (عليه السلام) لم يكن هناك كفؤ لها(3) (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#ha03#ha03)، ثم إنها(عليها السلام) تمثل دور الأم في كل خصائصها، فهي أم الحسنين سبطي الرحمة وإمامي الهدى وسيدي شباب أهل الجنة، بل هي أم أبيها(4) (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#ha04#ha04) كما ورد ذلك في الحديث عن شخصية الزهراء في حنانها ورعايتها وعطفها وحبها، حيث أن هذه العواطف شملت حتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان يفتقد هذا النوع من المشاعر إلى حد بعيد بعد فقده لخديجة أم المؤمنين، فالزهراء في هذا الجانب تمثل شيئاً لا تمثله الكثير من النساء اللاتي عرفناهن في التاريخ الإسلامي.
ثالثاً: تمكنت من خلال حياتها أن تمثل الجانب الآخر في شخصية المرأة وهو بُعد المرأة في الحركة الاجتماعية والإنسانية في المجتمع الإنساني حيث أنها(عليها السلام) لم تترك أي باب من أبواب الحركة الاجتماعية إلا وطرقته، فكانت لها عباداتها وعلمها ودورها في البيت ودورها المتميز في العمل السياسي والجهادي حتى انتهى الأمر بها إلى الشهادة.
رابعاً: إنها(عليها السلام) محور أهل البيت(عليهم السلام) الذي لم يعرف التاريخ الإنساني افضل منه بيتا، فهي بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله) وزوجة علي (عليه السلام) وأم الحسنين (عليه السلام)، فهي محور هؤلاء الخمسة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا كما ورد في الآية الكريمة. كل هذه الأبعاد تجعلها المرأة الأولى وبذلك اخترنا يوم ولادتها يوماً للمرأة.

المرأة من منظور إسلامي

النقطة الثانية: الحديث عن المرأة وشأنها، لابد أن نعرف من خلال الرؤية الإسلامية للمرأة من زاوية اجتماعية، وبحثها بصورة مفصلة يحتاج إلى عدة محاضرات، ولكن باختصار إن المرأة بحسب الرؤية الإسلامية تساوي الرجل في الهوية والشخصية، وقد دل بذلك القرآن الكريم عندما تحدث في الآية الكريمة {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ}(5) (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#ha05#ha05)، هؤلاء الذكور والإناث يتساوون في النظرة الإسلامية لهم، إذاً لا فرق بين الرجل والمرأة في هذا الجانب.
وفي حديث يعبر عن هذه الحقيقة ما ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) في قضية أسماء بنت عميس زوجة جعفر بن أبي طالب حيث دخلت بعد رجوعها من الحبشة على نساء النبي فقالت:
هل فينا شيء من القرآن؟
قلن: لا.
فأتت رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقالت له:
أن النساء في خيبة وخسارة.
فقال: لماذا؟
قالت: لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال.
فأنـزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية الكريمة {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمْاً}(6) (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#ha06#ha06) هذه المساواة التي وضعها القران الكريم في كافة الأبعاد التي تشمل حياة الإنسان وحركته في المجتمع الإنساني تؤكد من حيث الهوية أن الرجل والمرأة على حد سواء.

المرأة والتهميش الاجتماعي

النقطة الثالثة: لابد من معرفة ما هو الواجب تجاه المرأة عندما نتحدث عن يوم المرأة وتكريم المرأة وتكريس دورها؟
نلاحظ عدة عناوين يحتاج كل منها إلى بحث، لكن أنا اذكر العناوين بصورة عامة واترك فرصة البحث إلى مجال آخر، هذه العناوين تمثل بعداً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالالتزام بمثل هذه الواجبات يمثل معروفا يمكن التقرب به الى الله سبحانه وتعالى، وعدم الالتزام بها ـ كما هو في أوساطنا الاجتماعية مع الأسف ـ يمثل منكرا من المنكرات، وفيه أضرار بالغة في مجتمعنا. والواجبات، هي:
الواجب الأول: صيانة المرأة من الأخطار الثقافية والأخلاقية والاجتماعية وحتى الأخطار المرتبطة بحياتها الشخصية، لأنها تتعرض للاضطهاد من قبل الزوج والابن والأب حيث يُنظر لها كحالة هامشية أو ثانوية في الحياة الاجتماعية، فصيانتها من كل الأخطار واجب من الواجبات الشرعية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأهليكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}(7) (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#ha07#ha07)
الواجب الثاني: احترام المرأة والعطف عليها، وهو من الواجبات الشرعية ومن يرجع إلى النصوص يجد مئات النصوص التي تتحدث عن ذلك(8) (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#ha08#ha08)، وينظر إليه الإسلام من خلال هذا الواجب أنها رحمة، الذكر نعمة والأنثى رحمة.
الواجب الثالث: المودة والمحبة، الله عندما خلق للإنسان الأزواج خلقها ليسكن إليها {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً}(9) (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#ha09#ha09)، وتمثل المودة والرحمة أساساً من أسس العلاقات بينهما.
الواجب الرابع: تعليم المرأة الفقه والأخلاق والشريعة، وتوجد نصوص كثيرة في هذا الشأن(10) (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#ha10#ha10) ولكن لا مجال لذكرها الآن. نحن في كثير من الأحيان نهمل هذا الأمر مع إن النصوص الشريفة ورد فيها إن النساء جئن إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وطلبن منه أن يخصص لهن يوماً للتعليم وخصص لهن رسول الله(صلى الله عليه وآله) على كثرة مشاغله وسمو شخصيته ورفعته يوماً من أجل أن يعلمهن.
الواجب الخامس: التقدير لجهودها وهي التي تتعب في المنـزل والتربية وتتحمل مختلف المعاناة في سبيل مساعدة الرجل في مختلف المهمات، فهي تستحق أن يقدر الرجل جهودها في بناء الأسرة وتربية الأولاد، وهذا الأمر مهم في علاقاتنا وحياتنا، لكن لا نشاهد أداء هذا الواجب في الحياة الاجتماعية الآن. في يوم المرأة أدعو نفسي وجميع الأخوة الأعزاء أن يكون هناك تكريم للمرأة منا، نكرّم الأم حتى ولو بكلمة طيبة ونكرّم الزوجة والابنة ولو بكلمة طيبة. تكريم المرأة قضية مهمة لابد أن نحييها كسنة من السنن في مجتمعاتنا.
الواجب السادس: وهي من أهم الواجبات التي نواجهها في الحياة الاجتماعية، وهو تمكينها من أخذ دورها وممارسة مهامها الاجتماعية والإنسانية ضمن الموازين الشرعية وفي ظل الأحكام الإلهية.
أسأل الله التوفيق لنا وللمؤمنين لمثل هذه الأعمال الصالحة، وأن ينفعنا بها عنده كما نسأله أن يرحمنا برحمته عندما نرحم الضعفاء ومنهم المرأة باعتبار أن الرجل أقوى منها، نسأل الله أن ينـزل علينا البركات والخيرات بسبب ذلك.
{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النار}




____________
1- سورة الأحزاب: آية 33. (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#sh01#sh01)

2- في قرار لمجلس الحكم. (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#sh02#sh02)

3- بحار الأنوار: ج40: باب91: ص77، ينابيع المودة: ج2: ص67. (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#sh03#sh03)

4- مقاتل الطالبيين: ص29، بحار الأنوار: ج43: باب 2: ح19. (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#sh04#sh04)

5- سورة آل عمران: آية 195. (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#sh05#sh05)

6- تفسير مجمع البيان: ج8: ص158. (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#sh06#sh06)

7- سورة التحريم: آية6. (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#sh07#sh07)

8- عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: البنات حسنات والبنون نعمة والحسنات يثاب عليها والنعمة يسأل عنها. وفي رواية أخرى حينما بشر النبي(صلى الله عليه وآله) بفاطمة فنظر في وجوه اصحابه فرأى الكراهة فيهم فقال ما لكم ريحانة أشمها ورزقها على الله عز وجل. عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: أتي رجل النبي(صلى الله عليه وآله) وعنده رجل فاخبره بمولود له فتغير لون الرجل، فقال له النبي(صلى الله عليه وآله) مالك؟ قال خير قال قل، قال خرجت والمرأة تمخض فأخبرت أنها ولدت جارية فقال له النبي(صلى الله عليه وآله) الأرض تقلها والسماء تظلها والله يرزقها وهي ريحانة تشمها، ثم أقبل على أصحابه فقال من كانت له ابنة فهو مقروح ومن كانت له ابنتان فيا غوثاه ومن كانت له ثلاث بنات وضع عنه الجهاد وكل مكروه، ومن كانت له أربع بنات فيا عباد الله اقرضوه يا عباد الله ارحموه يا عباد الله أعينوه. وعن أحد الإمامين الباقر أو الصادق (عليه السلام) قال: إذا أصاب الرجل ابنة بعث الله إليها ملكا فأمر جناحه على رأسها وصدرها وقال: ضعيفة خلقت من ضعف المنفق عليها معان إلى يوم القيامة. ثواب الأعمال: ص201. (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#sh08#sh08)

9- سورة الروم: آية 21. (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#sh09#sh09)

10- وسائل الشيعة: ج15: أبواب المهور: باب2: ح1. (http://www.al-hakim.com/arabic/joma/12/khutbe-01.html#sh10#sh10)
(( منقول ))