إن من المتعارف بين الخلق ( منح ) جائزة كبرى ، بعد ( تراكم ) الموجبات الجزئية لهـا ..كالمنح الدراسية الموهوبه في آخر الفصل لمن أحرز الدرجات العالية في كل فصول سنته ..والأمر في معاملة المولى لعبيده يشبه ذلك ، فبعد الطاعات الجزئية المتواصلة في كل مناسبات الشهور ، يمنح الحق عبده ( رتبة ) عالية من رتب القرب ، كمقام الرضا والسكون إلى الحق ، أو ( مقدمة ) من مقدمات تلك الرتب ، كاستضافته إلى بيته الحرام ، أو إلى مشاهد أحد أوليائه العظام ، مما يفتح له أفقاً جديدا للسير الحثيث نحو الحق المتعال ..ومن طرائف الأثر في مجال إستضافة الحق لأوليائه ، ما روي - في الاحتجاج - عن الإمام السجاد (ع) عندما دخل مكة ، وقد اشتد بالناس العطش وقال لمن هناك من العبّـاد: أما فيكم أحد يحبه الرحمن ؟!.. فقالوا: علينا الدعاء وعليه الإجابة ، فقال (ع): ابعدوا عن الكعبة فلو كان فيكم أحد يحبه الرحمن لأجابه..ثم أتى الكعبة فخر ساجداً ، فسُمع يقول في سجوده: { سيدي بحبك لي ، إلا سقيتهم الغيث }..فما استتم كلامه حتى أتاهم الغيث كأفواه القرب ، فقيل له: من أين علمت أنه يحبك ؟!.. فقال (ع) : { لولم يحبني لم يستزرني ، فلما استزارني علمت أنه يحبني ، فسألته بحبه لي فأجابني }، وأنشأ يقول:
من عرف الرب فلم تُـغنه معرفة الرب فذاك الشقي
تعليق