طلب العلم فريضة على كل مسلم-1

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • العلوية ام موسى الاعرجي
    • Dec 2014
    • 1699

    طلب العلم فريضة على كل مسلم-1

    ((اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم))
    يكاد المفسرون يجمعون على أنَّ هذه السورة هي أول سورة نزلت على الرسول الأكرم (ص) ، وفيها تذكير للمؤمنين والمسلمين بنعمتين عظيمتين هي من أفضل نعم الله على الإنسان، هي نعمة الخلق والإيجاد، ونعمة التعلم، والتعليم بالقلم هو بحد ذاته بيان للحث على العلم والتعلم, وتأكيداً لأهمية طلب العلم في تقويم شخصية الفرد، وإصلاح المجتمع، وتأسيس الدولة فالعلم عصب الحياة في الفكر الإسلامي نظرياً وعملياً، ومن هنا أقسم بالقلم، وما يسطروه ((ن والقلم وما يسطرون))، وإشارة دقيقة إلى أنَّ قيام الحضارات، وتقدم الشعوب والأمم، ونهوضها في الإصلاح، والتغيير في جميع نواحي الحياة لا يمكن أن يتم إلا بالقلم فالقلم هو الرمز المقدس الذي به تنقل العلوم والمعارف من جيل إلى جيل إلى يوم القيامة، (قيدوا العلم بالكتابة)، وعن أبي بصير قال: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: اكتبوا فإنَّكم لا تحفظون حتى تكتبوا)
    وعنه (ع) قال: (احتفظوا بكتبكم فإنَّكم سوف تحتاجون إليها)
    وعن المفضل بن عمر قال: (قال لي أبو عبد الله (ع): اكتب وبث علمك في إخوانك، فإن مت فأورث كتبك بنيك، فإنَّه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون إلا بكتبهم)(1)
    والملفت للنظر أنَّ أول سورة تأمر بالقراءة، وتعظم القلم، نزلت في بيئة ليس فيه شيء أبور من العلم، ولا أقل من القلم، فعلى مساحة الجزيرة العربية لا يوجد من يجيد القراءة والكتابة أكثر من عشرين نفر، وتنزل على رجل من وسطهم وبيئتهم منذ طفولته إلى بعثته, وهم يعلمون أنَّه لا يقرأ ولا يكتب.
    وهكذا نتوصل إلى استنتاج مهم، وهو أنَّ إصلاح الإنسان ونهضة المجتمعات، وقيام الحضارات لا يتم إلا بالقلم الذي هو منطلق العلم، ومن هنا يتضح لنا أنَّ طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، وإنَّ هذا الفرض ليؤكد أنَّ العلم قرين الدين، وإنَّ ديناً لا يدعمه العلم، ولا ينطلق منه لهو دين جهل، وخرافة، وأساطير، فالعلم والدين في الإسلام قرينان متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر، فالعلم إذا انفصل عن الدين أصبح ناراً محرقة لجميع جوانب الحياة؛ لأنَّه يعطي للإنسان سلطة المعرفة التي تدفع الإنسان إلى الغرور، والسيطرة، والاستعلاء، والاستعباد للآخرين؛ ولذا جميع الكوارث والحروب التي مرت على الشعوب كانت من توفر العلوم التكنولوجية في يَدَي من لا دين لهم، فأصبح العلم وسيلة للتدمير، وأصبح طغاة العالم يهددون العالم بالدمار والفناء, وما حدث من كوارث على البشرية أجمع في الحربين الأولى والثانية إلا نتيجة امتلاك الحكام الطواغيت للعلوم التكنولوجية، وما أفرزته من آلة حربية مدمرة ((كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى))(2)
    وخير دليل على ذلك: المآسي التي جَرَت على البشرية خلال الحربين العالميين، وما تركت من آثار سلبية لا لشيء إلا لإشباع غريزة السيطرة، وطغيان الغرب بما يمتلك من أسلحة مدمرة، وبنظرة سريعة لأحداث هاتين الحربين يتضح خطورة انفصال العلم عن الدين السليم، وإليك بعض الأمثلة:
    (استمرت الحرب العالمية الأولى 1565 يوماً، والذين قتلوا في ميادين الحرب يبلغون أكثر من تسعة ملايين نفراً، وعدد الجرحى المعوّقين فيها حدود العشرين مليوناً، وعدد المفقودين فيها أكثر من خمسة ملايين، وخسائر المدن أكثر من مجموع الخسائر في النفوس والأرواح في سوح القتال، وقد خمّنوا مصاريف هذه الحرب بأربعمائة مليون دولاراً، ووفقاً لمحاسبة (مؤسسة الأوقاف للسلام العالمي لدايل كارنيجي) كان من الممكن أن يُبنى بهذه المصاريف لكل من عوائل بريطانيا، وإيرلندا، واسكتلندا، وأمريكا، وروسيا، وألمانيا، وكندا، وأُستراليا، والبلجيك دوراً محترمة مع تجهيزها بما يكفيها من أثاث المنزل)(3)
    وفي الحرب العالمية الثانية (كان القتلى خمس وثلاثين مليوناً، وحُرم عشرون مليوناً من الأيدي والأرجل، وسفك على الأرض سبعة عشر مليون ليتراً من الدماء، وأصيبت عوائل البشرية باثني عشر مليوناً من سقط الجنين، وتهدّم في هذه الحرب ثلاثة عشر مليون مدرسة ابتدائية وثانوية، وستة آلاف مختبر علمي، وانفجر ثلاثمائة وتسعون ملياراً من القذائف، والقنابل في الفضاء.
    وفي سنة 1945م قُذفت قنبلتان صغيرتان من قبل الأمريكان في حربها مع اليابان، إحداهما على مدينة (هيروشيما)، والأُخرى بعد ثلاثة أيام على مدينة (ناكازاكي)، فانعدم في هيروشيما سبعون ألف نفر رأساً، وجُرح سبعون ألفاً آخرون، وفي مدينة ناكازاكي قتل أربعون ألف نفر، وجرح نفس العدد، وتهدّمت الدور، وذهب كثير من الأطفال والبهائم ضحايا لهذه الفاجعة، وبعد خمسة أيام استسلمت اليابان أمام الأمريكان بلا أي شرط)(4)
    (وإنَّ القنبلة التي أُسقطت في سنة 1945م على هيروشيما وناكازاكي كان فيها 235 وحدة يورانيوم، و223 وحدة پلوتونيوم، و335 ألف من المواد المتفجّرة (t.n.t) بينما القنبلة الذّريّة العادية اليوم أقوى من القنبلة التي أُسقطت على هيروشيما بخمسة آلاف مرّة ! والقنبلة الهيدروجينية أقوى من القنبلة الذّريّة بخمسة ملايين مرّة ! وإنَّ قنبلة ذرية واحدة تكفي لتجعل مدن نيويورك، وپاريس، ولندن، وموسكو متساوية مع التراب. ولا حاجة لنقل القنبلة أن يعبر بالطائرة الحاملة لها جنديّ فدائيّ من الخطوط الدفاعية للعدو، بل من الممكن أن يقذفوا بالقنبلة بالصواريخ الأوتوماتيكية حتى ألفي ميل! وكل تجربة نووية تؤثر في مسافة تقرب من سبعة آلاف ميل)(5)
    وأكدت الإحصائيات أنَّ حروب أوربا وأمريكا خلال سبعين سنة الأخيرة من القرن العشرين أكثر من كل الجرائم التي وقعت في تأريخ البشرية المليء بالمجريات والحوادث.
    هذه هي نتيجة فصل الدين عن العلم: طغيان ,واستعباد, وامتصاص لدماء الشعوب,وبالتالي دمار وفناء للبشرية؛ ولهذا راحوا يشيعون أنَّ الدين والعلم لا يلتقيان بحال، وإذا صح هذا في الأديان السماوية المحرفة، والأديان الوضعية ففي الإسلام لا يصح؛ لأنَّ القرآن، والسنة، وسيرة العلماء على طول التأريخ تؤكد تلازم العلم والدين، ولا يمكن انفصامهما، فأكثر النظريات الحديثة في علم الفلك، وعلم الفسلجة، والعلوم البايلوجية وغيرها، أصبحت أدلة قاطعة على صحة الإيمان بالله تعالى، ورسله، وإذا أردنا بيان الدور المتبادل بيم العلم والدين، فالعلم يكتشف الطاقة المخزونة في الطبيعة، والدين يوجهها، ويُرَشِّد استعمالها، فلو أخضعت هذه الاكتشافات، والنتائج الحاصلة منها لأحكام الدين لما جرت ما جرت على البشرية.
    وبالتالي إذا أرادت الحضارة القائمة اليوم حفظ منجزاتها العظيمة يجب أن تخضعها لأحكام الدين، وإرشادات استعماله، وإلا ستصبح تلك المنجزات منطلق دمار لو وقعت مفاتيح خزائن القنابل الذرية بيد مصاب بجنون العظمة كهتلر، وماسولين، وستالين، وصدام، فماذا ستكون النتيجة؟
    والإسلام عندما دعا إلى طلب العلم لم يقتصر في دعوته على المعارف العقائدية بل تشمل دعوته جميع العلوم الإنسانية الأخرى كعلم النفس، والأخلاق، والفلك، وعلوم الآثار، وعلوم الأبدان كعلم الطب، كما دعا إلى علوم الكيمياء التي لها الدور الأساسي في اكتشاف العناصر المكونة للكون، وبدء الخليقة، ولم ينهَ الإسلام عن علم من العلوم إلا السحر، والشعوذة، والكهانة، كما أبدع العلماء المسلمون في علوم الرياضيات، والطب، وغيرها من العلوم.
    وبحثنا يقع حول طلب العلوم الشرعية من حيث جاء الحث عليها متواصلاً من قبل الشارع المقدس كتاباً، وسنةً، ومن حيث أهدافها، وآثارها في بناء الشخصية الرسالية.
    الهوامش: (1) ينظر الأصول من الكافي لثقة الإسلام الكليني: 1/52 . (2) سورة العلق: 6-7 . (3) السيد مجتبى الموسوي اللاري، الإسلام والحضارة الغربية: 76 . (4) المصدر نفسه: 77 . (5) المصدر نفسه: 77-78 . يتبع...
  • عاشقة ام الحسنين
    كبار الشخصيات

    • Oct 2010
    • 16012

    #2

    اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ياكريم
    بارك الله فيك


    شكرا لك ولموضوعك القيم

    موفقينن

    تعليق

    يعمل...
    X