المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مستحدثات المسائل


العلوية ام موسى الاعرجي
04-01-2015, 04:07 PM
المسألة 1 : لا يجوز الاقتراض من البنوك الاهلية بشرط دفع الزيادة لانه ربا محرم ولو اقترض كذلك صح القرض وبطل الشرط، ويحرم دفع الزيادة وأخذها وفاء للشرط. وقد ذكر للتخلص من الربا طرق : منها: أن يشتري المقترض من صاحب البنك أو من وكيله المفوض بضاعة بأكثر من قيمتها الواقعية 10 % أو 20 % مثلا بشرط أن يقرضه مبلغا معينا من النقد لمدة معلومة يتفقان عليها، أو يبيعه متاعا بأقل من قيمته السوقية ويشترط عليه في ضمن المعاملة أن يقرضه مبلغا معينا لمدة معلومة، فيقال : إنه يجوز الاقتراض عندئذ ولا ربا فيه. ولكنه لا يخلو عن إشكال، والاحوط لزوما الاجتناب عنه، ومثله الحال في الهبة والاجارة والصلح بشرط القرض. وفي حكم جعل القرض شرطا في المعاملة المحاباتية جعل الامهال في أداء الدين شرطا فيها. ومنها : تبديل القرض بالبيع، كأن يبيع البنك كمبلغا معينا كمائة دينار بأزيد منه كمائة وعشرين دينار ـ نسيئة لمدة شهرين مثلا. ولكن هذا وإن لم يكن قرضا ربويا على التحقيق، غير إن صحته بيعا محل إشكال. نعم، لا مانع من أن يبيع البنك مبلغا كمائة دينار نسيئة إلى شهرين مثلا، ويجعل الثمن المؤجل عملة أخرى تزيد قيمتها على المائة دينار بموجب أسعار صرف العملات بمقدار ما تزيد المائة والعشرون على المائة، وفي نهاية المدة يمكن أن يأخذ البنك من المشتري العملة المقررة أو ما يساويها من الدنانير، ليكون من الوفاء بغير الجنس. ومنها: أن يبيع البنك بضاعة بمبلغ كمائة وعشرين دينارا نسيئة لمدة شهرين مثلا، ثم يشتريها من المشتري نقدا بما ينقص عنها كمائة دينار. وهذا أيضا لا يصح إذا اشترط في البيع الاول قيام البنك بشراء البضاعة نقدا بالاقل من ثمنه نسيئة ولو بإيقاع العقد مبنيا على ذلك، وأما مع خلوه عن الشرط فلا بأس به. ويلاحظ أن هذه الطرق ونحوها لو صحت لا تحقق للبنك غرضا أساسيا وهو استحقاق مطالبة المدين بمبلغ زائد لو تأخر عن أداء دينه عند نهاية الاجل وازدياده كلما زاد التأخير، فإن أخذ الفائدة بإزاء التأخير في الدفع يكون من الربا المحرم ولو كان ذلك بصيغة جعله شرطا في ضمن عقد البيع مثلا.
المسألة 2 : لا يجوز الاقتراض من البنوك الحكومية بشرط دفع الزيادة، لانه ربا، بلا فرق بين كون الاقتراض مع الرهن أو بدونه، ولو اقترض كذلك بطل القرض والشرط معا، لان البنك لا يملك ما تحت يده من المال ليملكه للمقترض. وللتخلص من ذلك يجوز للشخص أن يقبض المال من البنك بعنوان مجهول المالك لا بقصد الاقتراض، والاحوط أن يكون ذلك بإذن الحاكم الشرعي، ثم يتصرف فيه بعد المراجعة إليه لاصلاحه، ولا يضره العلم بأن البنك سوف يستوفي منه أصل المال والزيادة قهرا، فلو طالبه البنك جاز له الدفع حيث لا يسعه التخلف عن ذلك.
المسألة 3 : يجوز الايداع في البنوك الاهلية بمعنى إقراضها مع عدم اشتراط الحصول على الزيادة، بمعنى عدم إناطة القرض بالتزام البنك بدفع الزيادة، لا بمعنى أن يبني في نفسه على أن البنك لو لم يدفع الزيادة لم يطالبها منه، فإنه البناء على المطالبة يجتمع مع عدم الاشتراط، كما يجتمع البناء على عدم المطالبة مع الاشتراط، فأحدهما أجنبي عن الآخر.
المسألة 4 : لا يجوز الايداع في البنوك الاهلية بمعنى إقراضها مع شرط الزيادة، ولو فعل ذلك صح الايداع وبطل الشرط، فإذا قام البنك بدفع الزيادة لم تدخل في ملكه، ولكن يجوز له التصرف فيها إذا كان واثقا من رضا أصحابه بذلك حتى على تقدير علمهم بفساد الشرط وعدم استحقاقه للزيادة شرعا كما هو الغالب.
المسألة 5 : لا يجوز الايداع في البنوك الحكومية بمعنى إقراضها مع اشتراط الحصول على الزيادة، فإنه ربا، بل إعطاء المال إليها ولو من دون شرط الزيادة بمنزلة الاتلاف له شرعا، لان ما يمكن استرجاعه من البنك ليس هو مال البنك، بل من المال المجهول مالكه، وعلى ذلك يشكل إيداع الارباح والفوائد التي يجنيها الشخص أثناء سنته في البنوك الحكومية قبل إخراج الخمس منها، لانه مأذون في صرفه في مؤونته وليس مأذونا في إتلافه، فلو أتلفه ضمنه لاصحابه.
المسألة 6 : لا فرق في الايداع فيما تقدم بين الايداع الثابت الذي له أمد خاص بمعنى أن البنك غير ملزم بوضع المال تحت الطلب وبين الايداع المتحرك المسمى بالحساب الجاري الذي يكون البنك ملزما بوضع المال تحت الطلب.
المسألة 7 : تشترك البنوك المشتركة مع البنوك الحكومية فيما تقدم من الاحكام لان الاموال الموجودة لديها يتعامل معها معاملة مجهول المالك، فلا يجوز التصرف فيها من دون مراجعة الحاكم الشرعي.
المسألة 8 : ما تقدم كان حكم الايداع والاقتراض من البنوك الاهلية والحكومية في الدول الاسلامية، وأما البنوك التي يقوم غير محترمي المال من الكفار بتمويلها أهلية كانت أم غيرها فيجوز الايداع فيها بشرط الحصول على الفائدة، لجواز أخذ الربا منهم على الاظهر. وأما الاقتراض منها بشرط دفع الزيادة فهو حرام، ويمكن التخلص منه بقبض المال من البنك لا بقصد الاقتراض بل استنقاذا، فيجوز له التصرف فيه بلا حاجة إلى مراجعة الحاكم الشرعي.
( 2 ) الاعتمادات الاعتماد على قسمين : 1 ـ اعتماد الاستيراد : وهو أن من يريد استيراد بضاعة أجنبية يتقدم إلى البنك بطلب فتح اعتماد يتعهد البنك بموجبه بتسلم مستندات البضاعة المستوردة وتسليهما إلى فاتح الاعتماد وتسديد ثمنها إلى الجهة المصدرة، وذلك بعد تمامية المعاملة بين المستورد والمصدر مراسلة أو بمراجعة الوكيل الموجود في البلد، وإرسال القوائم المحددة لنوعية البضاعة كما وكيفا حسب الشروط والمواصفات المتفق عليها، وقيام المستورد بدفع قسم من ثمن البضاعة إلى البنك، فإنه بعد هذه المراحل يقوم البنك بتسلم مستندات البضاعة وأداء ثمنها إلى الجهة المصدرة. 2 ـ اعتماد التصدير: وهو لا يختلف عن اعتماد الاستيراد إلا في الاسم، فمن يريد تصدير بضاعة إلى الخارج يقوم المستورد الاجنبي بفتح اعتماد لدى البنك ليتعهد البنك بموجبه بتسلم مستندات البضاعة وتسديد ثمنها إلى البائع المصدر بعد طي المراحل المشار إليها آنفا. فالنتيجة أن القسمين لا يختلفان في الحقيقة، فالاعتماد سواء أكان للاستيراد أم للتصدير يقوم على أساس تعهد البنك للبائع بأداء دين المشتري وهو ثمن البضاعة المشتراة وتسلم مستند وتسليمها إلى المشتري. نعم، هنا قسم آخر من الاعتماد، وهو أن المصدر يقوم بإرسال قوائم البضاعة كما وكيفا إلى البنك أو فرعه في ذلك البلد دون معاملة مسبقة مع الجهة المستوردة، والبنك بدوره يعرض تلك القوائم على تلك الجهة، فإن قبلتها طلبت من البنك فتح اعتماد لها، ثم يقوم بدور الوسيط إلى أن يتم تسليم البضاعة وقبض الثمن.
المسألة 9 : الظاهر جواز فتح الاعتماد لدى البنوك بجميع الاقسام المذكورة، كما يجوز للبنوك قيامها بما ذكر من الخدمات.
المسألة 10 : يتقاضى البنك من فاتح الاعتماد نحوين من الفائدة : الاول : ما يكون بإزاء خدماته له من التعهد بأداء دينه والاتصال بالمصدر وتسلم مستندات البضاعة وتسليمها إليه، ونحو ذلك من الاعمال. وهذا النحو من الفائدة يجوز أخذه على أساس أنه داخل في عقد الجعالة، أي أن فاتح الاعتماد يعين للبنك جعلا إزاء قيامه بالاعمال المذكورة، ويمكن إدراجه في عقد الاجارة أيضا مع توفر شروط صحته المذكورة في محلها. الثاني : ما يكون فائدة على المبلغ الذي يقوم البنك بتسديده إلى الجهة المصدرة من ماله الخاص لا من رصيد فاتح الاعتماد، فإن البنك يأخذ فائدة نسبية على المبلغ المدفوع إزاء عدم مطالبة فاتح الاعتماد به إلى مدة معلومة. وقد يصحح أخذ هذا النحو من الفائدة بأن البنك لا يقوم بعملية إقراض لفاتح الاعتماد، ولا يدخل الثمن في ملكه بعقد القرض ليكون ربا، بل يقوم بدفع دين فاتح الاعتماد بموجب طلبه وأمره، وعليه فيكون ضمان فاتح الاعتماد ضمان غرامة بقانون الاتلاف، لا ضمان قرض ليحرم أخذ الزيادة. ولكن من الواضح أن فاتح الاعتماد لا يضمن للبنك بطلبه أداء دينه إلا نفس مقدار الدين، فأخذ الزيادة بإزاء إمهاله في دفعه يكون من الربا المحرم. نعم، لو عين فاتح الاعتماد للبنك إزاء قيامه بأداء دينه جعلا بمقدار أصل الدين والزيادة المقررة نسيئة لمدة شهرين مثلا، اندرج ذلك في عقد الجعالة، وصحته حينئذ لا تخلو عن وجه. هذا، ويمكن التخلص من الربا في أخذ هذا النحو من الفائدة بوجه آخر، وهو إدراجه في البيع، فإن البنك يقوم بدفع ثمن البضاعة بالعملة الاجنبية إلى المصدر، فيمكن قيامه ببيع مقدار من العملة الاجنبية في ذمة المستورد بما يعادله من عملة بلد المستورد مع إضافة الفائدة إليه، وبما أن الثمن والمثمن يختلفان في الجنس فلا بأس به. هذا كله إذا كان البنك أهليا، وأما إذا كان حكوميا أو مشتركا فحيث إن البنك يسدد دين فاتح الاعتماد من المال المجهول مالكه، فلا يصير مدينا شرعا للبنك بشئ، فلا يكون التعهد بأداء الزيادة إليه من قبيل التعهد بدفع الربا المحرم.
( 3 ) خزن البضائع قد يكون البنك وسيطا في إيصال البضائع من المصدر إلى المستورد، فربما يقوم بتخزينها على حساب المستورد، كما إذا تم العقد بينه وبين المصدر وقام البنك بتسديد ثمنها له، فعند وصول البضاعة يقوم البنك بتسليم مستنداتها للمستورد وإخباره بوصولها، فإن تأخر المستورد عن تسلمها في الموعد المقرر، قام البنك بخزنها وحفظها على حساب المستورد إزاء أجر معين، وقد يقوم بحفظها على حساب المصدر، كما إذا أرسل البضاعة إلى البنك دون عقد واتفاق مسبق مع جهة مستوردة، فعندئذ يقوم البنك بعرض قوائم البضاعة على الجهات المستوردة في البلد، فإن لم يقبلوها حفظها على حساب المصدر إزاء أجر معين.
المسألة 11 : يجوز للبنك أخذ الاجرة إزاء عملية التخزين في كلتا الصورتين المتقدمتين إذا كان قيامه بها بطلب من المصدر أو المستورد، أو كان قد اشترط ذلك في ضمن عقد كالبيع وإن كان الشرط ارتكازيا وإلا فلا يستحق شيئا.
( 4 ) بيع البضائع عند تخلف أصحابها عن تسلمها إذا تخلف صاحب البضاعة عن تسلمها ودفع المبالغ المستحقةللبنك بعد إعلان البنك وإنذاره بذلك يقوم البنك ببيع البضاعة لاستيفاء حقه من ثمنها.
المسألة 12 : يجوز للبنك في الحالة المذكورة أن يقوم ببيع البضاعة، كما يجوز للآخرين شراؤها، لان البنك وكيل من قبل أصحاب البضاعة في بيعها عند تخلفهم عن دفع ما عليهم من بقية المبالغ المستحقة له وتسلم البضاعة، وذلك بمقتضى الشرط الصريح أو الارتكازي الموجود في أمثال هذه الموارد، فإذا جاز بيعها جاز شراؤها أيضا.
( 5 ) الكفالة عند البنوك إذا تعهد شخص أو أشخاص مشتركون لجهة حكومية أو غيرها بإنجاز مشروع، كتأسيس مدرسة أو مستشفى أو جسر أو نحوها، فتم الاتفاق بينهما على ذلك، فإن المتعهد له قد يشترط على المتعهد دفع مبالغ من المال في حالة عدم إنجاز المشروع وإتمامه في الوقت المقرر عوضا عن الخسائر التي قد تصيبه، ولكي يطمئن المتعهد له بذلك يطالب المتعهد بكفيل على هذا، وفي هذه الحالة يرجع المتعهد والمقاول إلى البنك ليصدر له مستند ضمان يتكفل فيه للمتعهد له بأداء مبالغ التعويض إذا امتنع المقاول المتعهد عن دفعها بعد تخلفه عن القيام بإنجاز المشروع في الموعد المقرر.
المسألة 13 : تعهد البنك للجهة صاحبة المشروع بأداء المبالغ المطلوبة على تقدي امتناع المقاول عن أدائها نحو من الكفالة المالية في مقابل الكفالة المصطلحة في أبواب المعاملات التي هي عبارة عن التعهد لشخص بإحضار شخص آخر له حق عليه عند طلبه. وتفترق الكفالة المالية عن الضمان في أن الضامن من تشتغل ذمته للمضمون له بنفس الدين المضمون، فلو مات قبل وفائه أخرج من تركته مقدما على الارث، وأما الكفيل المالي فلا تشتغل ذمته للمكفول له بنفس المال، بل بأدائه إليه، فلو مات قبل ذلك لم يخرج من تركته شئ إلا بوصية منه. ويصح عقد الكفالة بإيجاب من الكفيل بكل ما يدل على تعهده والتزامه، من قول أو كتابة أو فعل، وبقبول من المكفول له بكل ما يدل على رضاه بذلك.
المسألة 14 : يجوز للبنك أن يأخذ عمولة معينة من المقاول المتعهد لانجاز المشرو إزاء كفالته وتعهده، ويمكن تخريج ذلك من باب الجعالة بأن يعين المقاول العمولة المطلوبة جعلا للبنك على قيامه بعمل الكفالة فيحل له أخذها حينئذ.
المسألة 15 : إذا تخلف المقاول عن إنجاز المشروع في المدة المقررة، وامتنع عن دفع المبالغ المطلوبة إلى المتعهد له ( صاحب المشروع ) فقام البنك بدفعها إليه، فهل يحق للبنك الرجوع بها على المقاول أم لا ؟ الظاهر أنه يحق له ذلك، لان تعهد البنك وكفالته كان بطلب من المقاول، فهو ضامن لما يخسره البنك بمقتضى تعهده، فيحق له أن يرجع إليه ويطالبه به.
( 6 ) بيع السهام قد تطالب الشركات المساهمة وساطة البنك في بيع الاسهم التي تمتلكها، ويقوم البنك بدور الوسيط في عملية بيعها وتصريفها إزاء عمولة معينة بعد الاتفاق بينه وبين الشركة.
المسألة 16 : تجوز هذه المعاملة مع البنك، فإنها في الحقيقة لا تخلو من دخولها إما في الاجارة، بمعنى أن الشركة تستأجر البنك للقيام بهذا الدور إزاء أجرة معينة، وإما في الجعالة على ذلك، وعلى كلا التقديرين فالمعاملة صحيحة، ويستحق البنك الاجرة إزاء قيامه بالعمل المذكور.
المسألة 17 : يصح بيع هذه الاسهم وشراؤها. نعم، إذا كانت معاملات الشركة المساهمة محرمة كما لو كانت تتاجر بالخمور أو تتعامل بالربا لميجز شراء أسهمها والاشتراك في تلك المعاملات.
( 7 ) بيع السندات السندات : صكوك تصدرها جهات مخولة قانونا بقيمة اسمية معينة مؤجلة إلى مدة معلومة، وتبيعها بالاقل منها، مثلا يبيع السند الذي قيمته الاسمية مائة دينار بخمسة وتسعين دينارا نقدا على أن يؤدي المائة بعد سنة مثلا، وقد تتولى البنوك عملية البيع، وتأخذ على ذلك عمولة معينة.
المسألة 18 : هذه المعاملة يمكن أن تقع على نحوين : 1 أن تقترض الجهة التي تصدر السند ممن يشتريه مبلغ خمسة وتسعين دينارا في المثال المذكور وتدفع إليه مائة دينار في نهاية المدة المحددة وفاء لدينه مع اعتبار الخمسة دنانير الزائدة على القرض، وهذا ربا محرم. 2 أن تبيع الجهة التي تصدر السند مائة دينار مؤجلة الدفع إلى سنة مثلا بخمسة وتسعين دينارا نقدا. وهذا وإن لم يكن قرضا ربويا على التحقيق، ولكن صحته بيعا محل إشكال كما سبق. فالنتيجة أن لا يمكن تصحيح بيع السندات المذكورة التي تتعامل بها الجهات الرسمية وغيرها.
المسألة 19 : لا يجوز للبنوك التوسط في بيع السندات وشرائها، كما لا يجوز لها أخذ العمولة على ذلك.
المسألة 20 : الحوالة في المصطلح الفقهي تقتضي نقل الدين من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، ولكنها هنا تستعمل في الاعم من ذلك، وفيما يلي نماذج للحوالات المصرفية : الاول : أن يصدر البنك صكا لعميله بتسلم المبلغ من وكيله في الداخل أو الخارج على حسابه إذا كان له رصيد مالي في البنك، وعندئذ يأخذ البنك منه عمولة معينة إزاء قيامه بهذا الدور، والظاهر جواز أخذه هذه العمولة، لان للبنك حق الامتناع عن قبول وفاء دينه في غير مكان القرض، فيجوز له أخذ عمولة إزاء تنازله عن هذا الحق وقبول وفاء دينه في ذلك المكان. الثاني : أن يصدر البنك صكا لشخص يحق له بموجبه أن يتسلم مبلغا معينا من بنك آخر في الداخل أو الخارج بعنوان الاقتراض منه، نظرا لعدم وجود رصيد مالي للشخص عنده، وياخذ البنك عمولة معينة إزاء قيامه بهذا العمل. والظاهر أنه يجوز للبنك أخذ العمولة على إصداره صكا من هذا القبيل إذا كان مرده إلى أخذ الجعل على توكيل البنك الثاني في إقراض حامل الصك المبلغ المذكور فيه من أموال البنك الاول الموجودة لديه، فليس هو من قبيل أخذ الجعل على الاقراض نفسه ليكون حراما، بل من قبيل أخذ الجعل على التوكيل في الاقراض فلا يكون الالزام بدفع الجعل مرتبطا بعملية الاقراض نفسها، بل بالتوكيل فيها، فلا يكون به بأس حينئذ. ثم إن المبلغ المذكور في الصك إذا كان من العملة الاجنبية فيحدث للبنك حق، وهو أن المدين حيث اشتغلت ذمته بالعملة المذكورة فله إلزامه بالوفاء بنفس العملة، فلو تنازل عن حقه هذا وقبل الوفاء بالعملة المحلية جاز له أخذ شئ منه إزاء هذا التنازل، كما أن له تبديلها بالعملة المحلية مع تلك الزيادة. الثالث : أن يدفع الشخص مبلغا معينا من المال إلى البنك في النجف الاشرف مثلا، ويأخذ تحويلا بالمبلغ أو بما يعداله على بنك آخر في الداخل كبغداد، أو الخارج كلبنان أو دمشق مثلا، ويأخذ البنك إزاء قيامه بعملية التحويل عمولة معينة منه. وهذا يمكن أن يقع على نحوين : أ أن يبيع الشخص مبلغا معينا من العملة المحلية على البنك بمبلغ من العملة الاجنبية تعادل المبلغ الاول مع إضافة عمولة التحويل إليه. وهذا لا بأس به كما سبق نظيره. ب ـ أن يقوم الشخص بإقراض البنك مبلغا معينا ويشترط عليه تحويله إلى بنك آخر في الداخل أو الخارج مع عمولة معينة بإزاء عملية التحويل. وهذا لا بأس به أيضا، لان التحويل وإن كان عملا محترما له مالية عند العقلاء، فيكون اشتراط القيام به على المقترض من قبيل اشتراط النفع الملحوظ فيه المال المحرم شرعا، إلا أن المستفاد من النصوص الخاصة الدالة على جواز اشتراط المقرض على المقترض قيامه بأداء القرض في مكان آخر، جواز اشتراط التحويل ايضا، فإذا كان يجوز اشتراطه مجانا وبلا مقابل، فيجوز اشتراطه بإزاء عمولة معينة بطريق أولى. الرابع : أن يقبض الشخص مبلغا معينا من البنك في النجف الاشرف مثلا، ويحول البنك لاستيفاء بدله على بنك آخر في الداخل أو الخارج، ويأخذ البنك الاول إزاء قبوله الحوالة عمولة معينة منه. وهذا يقع على نحوين : أ أن يبيع البنك على الشخص مبلغا من العملة المحلية بمبلغ من العملة الاجنبية تعادل المبلغ الاول مع إضافة عمولة التحويل إليه، فيحوله المشتري إلى البنك الثاني لاستلام الثمن. وهذا جائز كما سبق. ب أن يقرضه البنك مبلغا معينا، ويشترط عليه دفع عمولة معينة إزاء قبوله بنقل القرض إلى ذمة أخرى وتسديده في بلد آخر، وهذا ربا، لانه من قبيل اشتراط دفع الزيادة في القرض وإن كانت بإزاء عملية التحويل. نعم، إذا وقع هذا من غير شرط مسبق بأن اقترض المبلغ من البنك أولا، ثم طلب منه تحويل قرضه إلى بنك آخر لاستيفائه منه، فطلب البنك عمولة على قبوله ذلك جاز، لان من حق البنك الامتناع عن قبول ما ألزمه به المقترض من نقل القرض إلى ذمة أخرى وتسديده في بلد غير بلد القرض. وليس هذا من قبيل ما يأخذه المقرض بإزاء إبقاء القرض والامهال فيه ليكون ربا، بل هو مما يأخذه لكي يقبل بانتقال قرضه إلى ذمة أخرى وتسديده في مكان آخر، فلا بأس به حينئذ.
المسألة 21 : قد تنحل الحوالة إلى حوالتين، كما إذا أحال المدين دائنه على البن بإصدار صك لامره، وقام البنك بتحويل مبلغ الصك على فرع له في بلد الدائن، أو على بنك آخر فيه يتسلمه الدائن هناك، فإن مرد ذلك إلى حوالتين : إحداهما : حوالة المدين دائنه على البنك، وبذلك يصبح البنك مدينا لدائنه. ثانيتهما : حوالة البنك دائنه على فرع له في بلد الدائن أو على بنك آخر فيه. ودور البنك في الحوالة الاولى قبول الحوالة، وفي الثانية إصدارها، وكلتا الحوالتين صحيحة شرعا، ولكن إذا كانت حوالة البنك على فرع له يمثل نفس ذمته لا تكون هذه حوالة بالمصطلح الفقهي، إذ ليس فيها نقل الدين من ذمة إلى أخرى، وإنما مرجعها إلى طلب البنك من وكيله في مكان آخر وفاء دينه في ذلك المكان. وعلى أي حال، فيجوز للبنك أن يتقاضى عمولة على قيامه بما ذكر، حتى بإزاء قبوله حوالة من له رصيد في البنك دائنه عليه، لانها من قبيل الحوالة على المدين. والمختار : عدم نفوذها من دون قبول المحال عليه، فله أخذ العمولة على ذلك.
المسألة 22 : ما تقدم من أقسام الحوالة وتخريجها الفقهي يجري بعينه في الحوالة على الاشخاص، كي يدفع مبلغا من المال لشخص ليحوله بنفس المبلغ أو بما يعادله على شخص آخر في بلده أو بلد آخر، ويأخذ بإزاء ذلك عمولة معينة، أو يأخذ من شخص ويحوله على شخص آخر ويأخذ المحول منه إزاء ذلك عمولة معينة.
المسألة 23 : لا فرق فيما تقدم بين أن تكون الحوالة على المدين أو على البرئ، والاول كما إذا كان للمحال عليه رصيد مالي، والثاني ما لم يكن كذلك.
( 9 ) جوائز البنك قد يقوم البنك بعملية القرعة بين عملائه، ويعطي لمن تصيبه القرعة مبلغا من المال بعنوان الجائزة ترغيبا للايداع فيه.
المسألة 24 : هل يجوز للبنك القيام بهذه العملية ؟ فيه تفصيل: فإنه إن كان قيا بها لا باشتراط عملائه عند إيداعهم لاموالهم في البنك، بل بقصد تشويقهم وترغيبهم على تكثير رصيدهم لديه، وترغيب الآخرين على فتح الحساب عنده، جاز ذلك، كما يجوز عندئذ لمن أصابته القرعة أن يقبض الجائزة مع الاستئذان من الحاكم الشرعي على الاحوط بعنوان مجهول المالك إذا كان البنك حكوميا أو مشتركا، ثم يتصرف فيها بعد مراجعة الحاكم الشرعي لاصلاحها، وإذا كان أهليا جاز قبض الجائزة والتصرف فيها بلا حاجة إلى مراجعة الحاكم الشرعي. وأما إذا كان قيام البنك بعملية القرعة ودفع الجائزة بعنوان الوفاء بالشرط الذي اشترطه عليه عملاؤه في ضمن عقد القرض أو نحوه، فلا يجوز ذلك، كما لا يجوز لمن أصابته القرعة أخذها بعنوان الوفاء بذلك الشرط، ويجوز بدونه.
( 10 ) تحصيل الكمبيالات من الخدمات التي يقوم بها البنك : تحصيل قيمة الكمبيالة لحساب عمليه، فإنه قبل تاريخ استحقاقها يخطر المدين ( موقع الكمبيالة ) ويشرح في إخطاره قيمتها ورقمها وتاريخ استحقاقها ليكون على علم ويتهيأ للدفع، وبعد التحصيل يقيد القيمة في حساب العميل أو يدفعها إليه نقدا، ويأخذ منه عمولة إزاء هذه الخدمة، ومن هذا القبيل قيام البنك بتحصيل قيمة الصك لحامله من بلده أو من بلد آخر، كما إذا لم يرغب الحامل تسلم القيمة بنفسه من الجهة المحال عليها، فيأخذ البنك منه عمولة إزاء قيامه بهذا العمل.
المسألة 25 : تحصيل قيمة الكمبيالات وأخذ العمولة على ذلك يقع على أنحاء : 1 ـ أن يقدم المستفيد كمبيالة إلى البنك غير محولة عليه ويطلب من البنك تحصيل قيمتها إزاء عمولة معينة. والظاهر جواز هذه الخدمة وأخذ العمولة بإزائها، ولكن بشرط أن يقتصر عمل البنك على تحصيل قيمة الكمبيالة فقط، وأما تحصيل فوائدها الربوية فهو غير جائز، ويمكن تخريج العمولة فقهيا بأنها جعالة من الدائن للبنك على تحصيل دينه. 2 ـ أن يقدم المستفيد كمبيالة إلى البنك محولة عليه، ولكن لم يكن مدينا لموقعها، أو كان مدينا له بعملة أخرى غير ما أحال بها عليه. وحينئذ يجوز للبنك أخذ عمولة إزاء قبوله هذه الحوالة بالشرط المتقدم في سابقه لان القبول غير واجب على البرئ وكذا على المدين بغير جنس الحوالة، فحينئذ لا بأس بأخذ شئ مقابل التنازل عن حقه هذا. 3 ـ أن يقدم المستفيد كمبيالة إلى البنك محولة عليه ممن لديه رصيد مالي لدي البنك، وقد أشار فيها بتقديمها إلى البنك عند الاستحقاق، ليقوم البنك بخصم قيمتها من حسابه الجاري وقيدها في حساب المستفيد ( الدائن ) أو دفعها له نقدا، فمرد ذلك إلى أن الموقع أحال دائنه على البنك المدين له، فيكون ذلك من قبيل الحوالة على المدين، والمختار فيها كما تقدم اعتبار قبول المحال عليه ( وهو البنك هنا ) فلا تكون الحوالة نافذة من دون قبوله، وعليه فيجوز له أخذ عمولة إزاء قيامه بقبول الحوالة وتسديد دينه.
( 11 ) بيع العملات الاجنبية وشراؤها من أعمال البنوك القيام بشراء العملات الاجنبية وبيعها، لغرض توفير القدر الكافي منها لتأمين حاجات عملائها، ولا سيما التجار المستوردين للبضائع من الخارج، وللحصول على الربح منه نتيجة الفرق بين أسعار الشراء والبيع.
المسألة 26 : يصح بيع العملات الاجنبية وشراؤها بقيمتها السوقية، وبالاقل وبالاكث بلا فرق في ذلك بين كون البيع أو الشراء حالا أو مؤجلا، فإن البنك كما يقوم بعملية العقود الحالة يقوم بعملية العقود المؤجلة.
( 12 ) السحب على المكشوف كل من لديه رصيد لدى البنك في الحساب الجاري يحق له سحب أي مبلغ لا يزيد عن رصيده. نعم، قد يسمح البنك له بسحب مبلغ معين من دون رصيد، نظرا لثقته به، ويسمى ذلك ب : ( السحب على المكشوف ) ويحتسب البنك فائدة على هذا المبلغ.
المسألة 27 : السحب على المكشوف مرده إلى الاقتراض من البنك بشرط دفع الفائد فهو قرض ربوي محرم، وما يتقضاه البنك من الفوائد على المبالغ المسحوبة تعد من الفوائد الربوبة المحرمة. نعم، إذا كان البنك حكوميا أو مشتركا فلا بأس بالسحب منه، لا بقصد الاقتراض، بل بقصد الحصول على المال المجهول مالكه، على نحو ما تقدم في المسألة الثانية.
( 13 ) خصم الكمبيالات تمهيدات : الاول: يمتاز البيع عن القرض في أن البيع تمليك عين بعوض لا مجانا، والقرض تمليك للمال بالضمان في الذمة بالمثل إذا كان مثليا وبالقيمة اذا كان قيميا ( 1 ). ( هامش ) ( 1 ) قد يقال: إن البيع والقرض يفترقان من جهة اخرى، وهي اعتبار وجود فارق بين العوض والمعوض في البيع، وبدونه لا يتحقق البيع وعدم اعتبار ذلك في القرض، ويترتب على ذلك أنه لو باع مائة دينار بمائة وعشرة دنانير في الذمة فلابد من وجود مائز بين العوضين كأن يكون أحدهما دينارا عراقيا والثاني دينارا أردنيا، وأما لو كانا جميعا من الدينار العراقي مثلا، من فئة وطبعة واحدة، فهو قرض بصورة البيع، لانطباق العوض على المعوض مع زيادة فيكون محرما لتحقق الربا فيه. ولكن هذا غير واضح، لانه يكفي في تحقق مفهوم البيع وجود التغاير بين العوضين في وعاء الانشاء من حيث كون المعوض عينا شخصية والعوض كليا في الذمة، مضافا إلى ان لازم هذا الرأي القول بصحة بيع عشرين كيلو من الحنطة نقدا بمثلها نسيئة بدعوى أنه قرض غير ربوي حقيقة وان كان بصورة البيع، مع أنه ـ كما يعترف هذا القائل ـ من بيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة حكمية فيكون من الربا المحرم (. ) كما يمتاز عنه في أن البيع الربوي باطل من أصله، دون القرض الربوي، فإنه باطل بحسب الزيادة فقط، وأما أصل القرض فهو صحيح. ويمتاز عنه أيضا في أن كل زيادة في القرض إذا اشترطت تكون ربا ومحرمة دون البيع، فإنه تحرم فيه الزيادة مطلقا في المكيل والموزون من العوضين المتحدين جنسا، وأما لو اختلفا في الجنس، أو لم يكونا من المكيل والموزون، فإن كانت المعاملة نقدية، فلا تكون الزيادة ربا، وأما لو كانت المعاملة مؤجلة كما لو باع مائة بيضة بمائة وعشر إلى شهر، أو باع عشرين كيلو من الارز بأربعين كيلو من الحنطة إلى شهر، ففي عدم كون ذلك من الربا إشكال، فالاحوط لزوما الاجتناب عنه. الثاني : الاوراق النقدية بما أنها من المعدود يجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا مع اختلافهما جنسا نقدا ونسيئة، وأما مع الاتحاد في الجنس فيجوز التفاضل في البيع بها نقدا، وأما نسيئة فلا يخلو عن إشكال كما تقدم. وعلى ذلك، فيجوز للدائن عشرة دنانير عراقية مثلا أن يبيع دينه بالاقل منها كتسعة دنانير نقدا، كما يجوز له بيعه بالاقل منها من عملة أخرى كتسعة دنانير أردنية نقدا ونسيئة. الثالث : الكمبيالات المتداولة بين التجار في الاسواق لم تعتبر لها مالية كالاوراق النقدية، بل هي مجرد وثيقة لاثبات أن المبلغ الذي تتضمنه دين في ذمة موقعها لمن كتبت باسمه، فالمعاملات الجارية عليها لا تجر على أنفسها، بل على النقود التي تعبر عنها، وأيضا عندما يدفع المشتري كمبيالة للبائع لم يدفع ثمن البضاعة، ولذا لو ضاعت الكمبيالة أو تلفت عند البائع لم يتلف منه مال ولم تفرغ ذمة المشتري، بخلاف ما إذا دفع له ورقة نقدية وتلفت عنده أو ضاعت.
المسألة 28 : الكمبيالات على نوعين : 1 ما يعبر عن وجود قرض واقعي، بأن يكون موقع الكمبيالة مدينا لمن كتبت باسمه بالمبلغ الذي تتضمنه. ب ما يعبر عن وجود قرض صوري لا واقع له. أما في الاول : فيجوز للدائن أن يبيع دينه المؤجل الثابت في ذمة المدين بأقل منه حالا، كما لو كان دينه مائة دينار فباعه بثمانية وتسعين دينارا نقدا. نعم، لا يجوز بيعه مؤجلا لانه من بيع الدين بالدين، وبعد ذلك يقوم البنك أو غيره بمطالبة المدين ( موقع الكمبيالة ) بقيمتها عند الاستحقاق. وأما في الثاني : فلا يجوز للدائن الصوري بيع ما تتضمنه الكمبيالة، لانتفاء الدين واقعا وعدم اشتغال ذمة الموقع للموقع له ( المستفيد ) بل إنما كتبت لتمكين المستفيد من خصمها فحسب ولذا سميت ( كمبيالة مجاملة ). ومع ذلك، يمكن تصحيح خصمها بنحو آخر، بأن يوكل موقع الكمبيالة المستفيد في بيع قيمتها في ذمته بأقل منها، مراعيا الاختلاف بين العوضين في الجنس، كأن تكون قيمتها خمسين دينارا عراقيا والثمن ألف تومان إيراني مثلا، وبعد هذه المعاملة تصبح ذمة موقع الكمبيالة مشغولة بخمسين دينارا عراقيا إزاء ألف تومان إيراني، ويوكل الموقع أيضا المستفيد في بيع الثمن وهو ألف تومان في ذمته بما يعادل المثمن وهو خمسون دينارا عراقيا، وبذلك تصبح ذمة المستفيد مدينة للموقع بمبلغ يساوي ما كانت ذمة الموقع مدينة به للبنك. ولكن هذا الطريق قليل الفائدة، حيث إنه إنما يفيد فيما إذا كان الخصم بعملة أجنبية، وأما إذا كان بعملة محلية فلا أثر له، إذ لا يمكن تنزيله على البيع عندئذ على ما عرفت من الاشكال في بيع المعدود مع التفاضل نسيئة. وأما خصم قيمة الكمبيالة الصورية لدى البنك على نحو القرض، بأن يقترض المستفيد من البنك مبلغا أقل من قيمة الكمبيالة الاسمية، ثم يحول البنك الدائن على موقعها بتمام قيمتها، ليكون من الحوالة على البرئ، فهذا ربا محرم، لان اشتراط البنك في عملية الاقتراض ( الخصم ) اقتطاع شئ من قيمة الكمبيالة إنما هو من قبيل اشتراط الزياده المحرم شرعا ولو لم تكن الزيادة بإزاء المدة الباقية بل بإزاء قيام البنك ببعض الاعمال كتسجيل الدين وتحصيله ونحوهما، لانه لا يحق للمقرض أن يشترط على المقترض أي نحو من أنحاء النفع الملحوظ فيه المال. هذا إذا كان البنك أهليا، وأما لو كان حكوميا أو مشتركا فيمكن التخلص من ذلك بأن لا يقصد المستفيد في عملية الخصم لديه شيئا من البيع والاقتراض، بل يقصد الحصول على المال المجهول مالكه فيقبضه مع الاستئذان من الحاكم الشرعي على الاحوط، ثم يتصرف فيه بعد المراجعة إليه لاصلاحه، فإذا رجع البنك في نهاية المدة إلى موقع الكمبيالة وألزمه بدفع قيمتها، جاز له الرجوع على المستفيد ببدل ما دفع إذا كان قد وقع الكمبيالة بأمر وطلب منه.
( 14 ) العمل لدى البنوك تصنف أعمال البنوك صنفين : أحدهما : محرم، وهو الاعمال التي لها صلة بالمعاملات الربوية كالتوكيل في إجرائها، وتسجيلها، والشهادة عليها، وقبض الزيادة لآخذها، ونحو ذلك ومثلها الاعمال المرتبطة بمعاملات الشركات التي تتعامل بالربا أو تتاجر بالخمور كبيع أسهمها وفتح الاعتماد لها وما يشبههما. وهذه كلها محرمة لا يجوز الدخول فيها، ولا يستحق العامل أجرة إزاء تلك الاعمال. ثانيهما : سائغ، وهي غير ما ذكر، فيجوز الدخول فيها وأخذ الاجرة عليها.
المسألة 29 : إذا كان دافع الزيادة في المعاملة الربوية كافرا غير محترم المال سواء كان هو البنك الاجنبي أو غيره فقد تقدم أنه يجوز حينئذ أخذها للمسلم، وعلى ذلك فيجوز الدخول في الاعمال التي ترتبط بإجراء مثل هذه المعاملة الربوية في البنوك وخارجها.
المسألة 30 : الاموال الموجودة لدى البنوك الحكومية والمشتركة في البلاد الاسلامية مما كانت تعد من المال المجهول مالكه، الذي لا يجوز التصرف فيه من غير مراجعة الحاكم الشرعي، فيشكل حينئذ العمل لدى هذه البنوك في قبض الاموال وتسليمها إلى المتعاملين مع البنك ممن يتصرفون فيها من غير مراجعة الحاكم الشرعي لاصلاحها.
المسألة 31 : الجعالة والاجارة والحوالة ونحوها من المعاملات الجارية مع البنوك الحكومية في الدول الاسلامية تتوقف صحتها على إجازة الحاكم الشرعي، فلا تصح من دون إجازته.
( 15 ) عقد التأمين التأمين عقد يلتزم المؤمن له بمقتضاه أن يدفع مبلغا معينا شهريا، أو سنويا، أو دفعة واحدة إلى المؤمن في مقابل تعهد المؤمن أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التأمين لصالحهمبلغا من المال، أو إيرادا مرتبا، أو أي عوض مالي آخر، في حالة وقوع حادث أو ضرر مبين في العقد.
المسألة 32 : التأمين على أقسام، منها : التأمين على الاشخاص من خطر الوفاة أو بعض الطوارئ الاخرى كالمرض ونحوه. ومنها : التأمين على الاموال كالسيارات والطائرات والسفن ونحوها من خطر الحريق أو الغرق أو السرقة أو ما شاكلها. وهناك تقسيمات أخرى للتأمين لا يختلف الحكم الشرعي بالنظر إليها فلا داعي لذكرها.
المسألة 33 : يشتمل عقد التأمين على أركان : 1 و 2 ـ الايجاب والقبول من المؤمن والمؤمن له، ويكفي فيهما كل ما يدل عليهما من لفظ أو كتابة أو غيرهما. 3 ـ تعيين المؤمن عليه، شخصا كان أو مالا. 4 ـ تعيين مدة عقد التأمين بداية ونهاية.
المسألة 34 : يعتبر في التأمين تعيين الخطر الموجب للضرر، كالغرق والحرق والسرقة والمرض والموت ونحوها، وكذا يعتبر فيه تعيين أقساط التأمين السنوية أو الشهرية لو كان الدفع أقساطا.
المسألة 35 : يشترط في طرفي عقد التأمين : البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم الحجر لسفه أو فلس، فلا يصح من الصغير والمجنون والهازل والمكره والمحجور عليه.
المسألة 36 : عقد التأمين من العقود اللازمة، ولا ينفسخ إلا برضا الطرفين. نعم إذا اشترط في ضمن العقد استحقاق المؤمن له أو المؤمن أو كليهما للفسخ جاز الفسخ حسب الشرط.
المسألة 37 : إذا تخلف المؤمن عن العمل بتعهده، كان للمؤمن له إلزامه بذلك و بالتوسل إلى الحاكم الشرعي أو غيره وله الخيار في فسخ العقد واسترجاع مبلغ التأمين.
المسألة 38 : إذا تقرر في عقد التأمين قيام المؤمن له بدفع مبلغ التأمين أقساطا فتخلف عن تسديد قسط كما أو كيفا لم يجب على المؤمن القيام بدفع المبالغ التي تعهد بدفعها عند وقوع الضرر المعين، كما لا يحق للمؤمن له استرجاع ما سدده من أقسام التأمين.
المسألة 39 : لا تعتبر في صحة عقد التأمين مدة خاصة، بل هي تابعة لما يتفق عليه الطرفان : المؤمن والمؤمن له.
المسألة 40 : إذا اتفق جماعة علىتأسيس شركة يتكون رأس مالها من الاموال المشتر بينهم، واشترط كل منهم على الآخرين في ضمن عقد الشركة أنه على تقدير حدوث حادثة حدد نوعها في ضمن الشرط على نفسه أو ماله من داره أو سيارته أو نحو ذلك أن تقوم الشركة بتدارك خسارته في تلك الحادثة من رأس مال الشركة أو أرباحها، وجب العلم بالشرط ما دام العقد باقيا.
( 16 ) السرقفلية الخلو من المعاملات الشائعة بين التجار والكسبة ما يسمى ب ( السرقفلية ) ويراد بها تنازل المستأجر عما تحت تصرفه بإيجار المحل الذي يشغله لآخر إزاء مقدار من المال يتفق عليه الطرفان. وتطلق أيضا على تنازل المالك للمستأجر عن حقه في إخراجه من المحل أو زيادة بدل الايجار بعد نهاية مدة الاجارة إزاء مقدار من المال يتفقان بشأنه.
المسألة 41 : استئجار الاعيان المستأجرة كمحلات الكسب والتجارة لا يحدث حقا للمستأجر فيها بحيث يمكنه إلزام المؤجر عدم إخراجه منها وتجديد إيجارها منه بمقدار بدل إيجارها السابق بعد نهاية الاجارة. وكذا طول إقامة المستأجر في المحل، ووجاهته في مكسبه الموجبة لتعزيز الموقع التجاري للمحل، لا يوجب شئ من ذلك حقا له في البقاء، بل إذا تمت مدة الاجارة يجب عليه تخلية المحل وتسليمه إلى صاحبه. وإذا استغل المستأجر القانون الحكومي الذي يقضي بمنع المالك عن إجبار المستأجر على التخلية أو عن الزيادة في بدل الايجار، فامتنع عن دفع الزيادة أو التخلية فعمله هذا محرم، ويكون تصرفه في المحل بدون رضا المالك غصبا، وكذا ما يأخذه من المال إزاء تخليته حراما.
المسألة 42 : إذا آجر المالك محله من شخص سنة بمائة دينار مثلا، وقبض إضافة ع ذلك مبلغ خمسمائة دينار مثلا إزاء اشتراطه على نفسه في ضمن العقد أن يجدد الايجار لهذا المستأجر، أو لمن يتنازل له المستأجر سنويا بدون زيادة، وإذا أراد المستأجر الثاني التنازل عن المحل لثالث أن يعامله نفس معاملة المستأجر، فحينئذ يجوز للمستأجر أن يأخذ إزاء تنازله عن حقه مبلغا يساوي ما دفعه إلى المالك نقدا أو أكثر أو أقل حسب ما يتفقان عليه.
المسألة 43 : إذا آجر المالك محله من شخص مدة معلومة وشرط على نفسه إزاء مبلغ من المال أو بدونه في ضمن العقد أن يجدد إيجاره له سنويا بعد نهاية المدة بالصورة التي وقع عليها في السنة الاولى أو على النحو المتعارف في كل سنة، فاتفق أن شخصا دفع مبلغا للمستأجر إزاء تنازله عن المحل وتخليته فقط حيث لا يكون له إلا حق البقاء وللمالك الحرية في إيجار المحل بعد خروجه كيف ما شاء فعندئذ يجوز للمستأجر أخذ المبلغ المتفق عليه، وتكون السرقفلية بإزاء التخلية فحسب، لا بإزاء انتقال حق التصرف منه إلى دافعها.
المسألة 44 : يجب على المالك الوفاء بما اشترطه على نفسه في ضمن عقد الاجارة، فيجب عليه في مفروض المسألة 42 أن يؤجر المحل للمستأجر أو لمن يتنازل له عنه بدون زيادة في بدل الايجار، كما يجب عليه في مفروض المسألة 43 أن يجدد الايجار للمستأجر مادام يرغب في البقاء في المحل بمقدار بدل الايجار السابق أو بما هو بدل إيجاره المتعارف حسبما هو مقرر في الشرط. وإذا تخلف المالك عن الوفاء بشرطه وامتنع عن تجديد الايجار فللمشروط له إجباره على ذلك ولو بالتوسل بالحاكم الشرعي أو غيره، ولكن إذا لم يتيسر إجباره لاي سبب كان فلا يجوز له التصرف في المحل من دون رضا المالك.
المسألة 45 : إذا جعل الشرط في عقد الاجارة في مفروض المسألتين ( 42 43 ) على نحو شرط النتيجة لا على نحو شرط الفعل، أي اشتراط تجديد الاجارة كما فرضناه بأن اشترط المستأجر على المؤجر أن يكون له أو لمن يعينه مباشرة أو بواسطة حق إشغال المحل والاستفادة منه إزاء مبلغ معين سنويا، أو بالقيمة المتعارفة في كل سنة، فحينئذ يكون للمستأجر أو لمن يعينه حق إشغال المحل والاستفادة منه ولو من دون رضا المالك، ولا يحق للمالك إلا أن يطالب بالمبلغ الذي اتفقا عليه إزاء الحق المذكور.
( 17 ) مسائل في قاعدة الاقرار والمقاصة النوعية هناك مسائل تتعلق بأحكام العقود والايقاعات والحقوق، تختلف فيها آراء علماء الامامية عن آراء غيرهم من أرباب المذاهب الاسلامية كلا أو بعضا فيسأل عن كيفية تعامل الامامي مع غيره في موارد تلك المسائل. وقد تعارف لدى فقهائنا المتأخرين رضوان الله عليهم تخريج هذه المسائل على قاعدة الالزام، أي إلزام غير الامامي بأحكام نحلته. ولكن حيث إن هذه القاعدة لم تثبت عندنا بطريق معتبر، فلا بد من تطبيق تلك المسائل على القواعد البديلة لقاعدة الالزام، كقاعدة المقاصة النوعية ( خذوا منهم كما يأخذون منكم في سننهم وقضاياهم ) وقاعدة الاقرار ( أي إقرار غير الامامي على مذهبه ومعاملته بموجب أحكامه ).
المسألة 46 : يصح لدى الامامية النكاح من غير إشهاد، ولكن العامة اختلفوا في ذلك، فمنهم من وافق الامامية في ذلك، ومنهم من ذهب إلى فساد النكاح بدون الاشهاد، وهم الحنفية والشافعية والحنابلة، ومنهم من ذهب إلى فساده بدون الاعلان، وهم المالكية، ولكن القائلين بفساده على طائفتين : فمنهم من يرى في الانكحة التي اختلف الفقهاء في صحتها وفسادها كالعقد المذكور أنه ليس لاحد أن يتزوج المرأة قبل أن يطلقها المعقود له أو يفسخ نكاحها، وهؤلاء هم المالكية وأكثر الحنابلة. فإذا كان الزوج من هؤلاء لم يمكن الزواج بالمرأة قبل أن يطلقها أو يفسخ نكاحها. ومنهم من يرى في الانكحة المختلف فيها أنه يجوز الزواج من المرأة من غير حاجة إلى فسخ أو طلاق، وهؤلاء هم الشافعية والحنفية. فمتى كان الزوج منهم فالاظهر جواز الزواج بالمرأة بعد انقضاء عدتها إذا كانت ممن تجب عليها العدة عندهم إقرارا للزوج على مذهبه. وكذا يجوز للمرأة إذا كانت إمامية أن تتزوج بعد انقضاء عدتها على تقدير وجوب العدة عليها عندهم. ولكن الاولى في الصورتين خروجا عن الشبهة ومراعاة للاحتياط، التوصل إلى طلاقها ولو من قبل الحاكم الشرعي إذا كان الزوج ممتنعا منه.
المسألة 47 : لا يجوز عند العامة الجمع بين العمة وبنت أخيها، أو بين الخالة وبنت أختها، بمعنى أنه يبطل كلا العقدين إذا تقارنا في الوقوع، كما يبطل المتأخر منهما متى سبق أحدهما الآخر. وأما عند الامامية فيجوز عقد العمة على بنت أخيها والخالة على بنت أختها مطلقا، كما يجوز عقد بنت الاخ على العمة وبنت الاخت على الخالة مشروطا بسبق العقد أو لحوقه برضا العمة أو الخالة. وعليه فإذا جمع العامي بين العمة وبنت أخيها أو الخالة وبنت أختها في النكاح جاز للامامي أن يعقد على أي منهما مع تقارن العقدين، بل على كليهما مع رضا العمة أو الخالة، كما يجوز له أن يعقد على المعقودة بالعقد المتأخر مع رضا العمة أو الخالة إذا كان عقدهما سابقا، وهكذا الحال بالنسبة إلى كل واحدة منهما إذا كانت إمامية.
المسألة 48 : لا تجب العدة على المطلقة اليائسة والصغيرة على مذهب الامامية ولو مع الدخول بهما، ولكن تجب على مذهب العامة على خلاف بينهم في شروط ثبوتها على الصغيرة. فإذا كان الزوج عاميا فطلق زوجتهالصغيرة أو اليائسة وكان مذهبه ثبوت العدة عليها أقر على ما يراه في مذهبه من أحكامها كفساد العقد على أختها خلال فترة العدة، وكذا سائر من يحرم عندهم نكاحها جمعا. والاحوط لزوما للامامي أن لا يتزوجها قبل انقضاء عدتها، وأن لا تتزوج هي قبل ذلك وإن كانت إمامية أو صارت كذلك، كما أن الاحوط لها أن لا تأخذ نفقة أيام العدة من الزوج وإن فرض ثبوت النفقة لها على مذهبه إلا تطبيقا لقاعدة المقاصة النوعية مع توفر شروطها.
المسألة 49 : تشترط في صحة الطلاق عند الامامية جملة من الشروط التي لا تشترط عند سائر المذاهب الاسلامية كلا أو بعضا فإذا طلق غير الامامي زوجته بطلاق صحيح على مذهبه وفاسد حسب مذهبنا، جاز للامامي إقرارا له على مذهبه أن يتزوج مطلقته بعد انقضاء عدتها اذا كانت ممن تجب عليها العدة في مذهبه، كما يجوز للمطلقة إذا كانت من الامامية أن تتزوج من غيره كذلك. وفيما يلي بعض الشروط التي تعتبر في صحة الطلاق عند الامامية ولا تعتبر عند غيرهم كلا أو بعضا : 1 ـ أن يكون الطلاق في طهر غير طهر المواقعة. 2 أن يكون منجزا غير معلق على شئ. 3 ـ أن يكون باللفظ دون الكتابة. 4 ـ أن يكون عن اختيار لا عن إكراه. 5 ـ أن يكون بحضور شاهدين عدلين.
المسألة 50 : يثبت خيار الرؤية على مذهب الشافعي لمن اشترى شيئا بالوصف ثم ر وإن كان المبيع حاويا للوصف المذكور، ولا يثبت الخيار على مذهب الامامية في هذا المورد، فإذا كان المذهب الشافعي نافذا على الامامية، بحيث كان المشتري الشافعي يأخذ البائع الامامي بالخيار في هذه الحالة، فللمشتري الامامي أن يقابل بالمثل فيأخذ البائع الشافعي بالخيار في هذه الصورة عملا بقاعدة المقاصة النوعية.