المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب التجارة


العلوية ام موسى الاعرجي
04-01-2015, 04:08 PM
المسألة 1 : لا يجوز التكسب بالخمر وباقي المسكرات المائعة، والخنزير، والكلب غير الصيود، وكذا الميتة النجسة على الاحوط، ولا فرق بين انواع التكسب من البيع والشراء وجعلها ثمنا في البيع واجرة في الاجارة وعوضا عن العمل في الجعالة وغير ذلك من انحاء المعاوضة عليها، وفي حكم ذلك جعلها مهرا في النكاح وعوضا في الطلاق الخلعي، بل وكذا هبتها والصلح عليها بلا عوض على الاظهر. نعم ما يكون منها ذو منفعة محللة مقصودة عندالعقلاء فلا بأس باعارته واجارته لمنافعه المحللة ككلب الماشية والزرع والبستان والدور وكشف الجرائم ونحو ذلك. وأما سائر الاعيان النجسة غير ما ذكر فالظاهر جواز بيعها اذا كانت لها منفعة محللة معتد بها كبيع العذرة للتسميد والدم للتزريق ونحو ذلك، وكذلك تجوز هبتها والمعاوضة عليها لسائر انحاء المعاوضات.
المسألة 2 : الاعيان المتقدمة التي مر أنه لا يجوز بيعها ولا سائر انحاء المعاوضة عليها لا يبعد ثبوت حق الاختصاص لصاحبها فيها، فلو صار خله خمرا أو ماتت دابته أو استولى على كلب غير كلب الصيد لا يجوز اخذ شئ من ذلك قهرا عليه، وكذا الحكم في سائر الموارد، ويجوز له ان يأخذ مبلغا من المال ليرفع يده عنه ويخلي بينه وبين الباذل فيصير هو صاحب الحق باستيلائه عليه، كما يجوز له نقل حقه إلى غيره بلا عوض كالصلح مجانا، واما نقله مع العوض فلا يخلو عن اشكال.
المسألة 3 : الظاهر ان الميتة الطاهرة ـ كالسمك الطافي يجوز بيعها والمعاوضة عليها فيما اذا كانت لها منفعة محللة معتد بها عند العرف بحيث يصح عندهم بذل المال بازائها، وان كان الاولى رعاية الاحتياط بالاجتناب عن بيعها وبذل المال بازاء رفع اليد عنها لا بازاء العين نفسها كما مر في الميتة النجسة.
المسألة 4 : يجوز بيع ما لاتحله الحياة من أجزاء الميتة النجسة إذا كانت له منفعة محللة معتد بها كشعرها وصوفها ونحوهما.
المسألة 5 : يجوز الانتفاع بالاعيان النجسة في غير الجهة المحرمة مثل التسميد بالعذرات، والاشعال بها، والطلي بدهن الميتة النجسة، والصبغ بالدم. وغير ذلك.
المسألة 6 : يجوز بيع الارواث الطاهرة إذا كانت لها منفعة محللة معتد بها ـ كما هي كذلك اليوم ـ وكذلك الابوال الطاهرة.
المسألة 7 : يجوز بيع المتنجس القابل للتطهير كالفراش وكذا غير القابل له مع عدم توقف منافعه المتعارفة السائغة على الطهارة ـ كبعض الادهان والصابون المتنجس ـ بل حتى مع توقفها عليهاكالدبس والعسل والدهن المعد للاكل والسكنجبين فيما اذا كانت لها منفعة محلله معتد بها عند العرف، ولو لم تكن لها منفعة محللة لا يجوز بيعها ولا المعاوضة عليها على الاحوط وجوبا، والظاهر بقاؤها على ملكية مالكها، ويجوز اخذ شئ بازاء رفع اليد عنها.
المسألة 8 : يجب على البائع اعلام المشتري بنجاسة المتنجس فيما اذا كان مع عدم الاعلام في معرض مخالفة تكليف الزامي تحريمي ـ كاستعماله في الاكل والشرب أو وجوبي كالستعمال الماء المتنجس في الوضوء أو الغسل واتيان الفريضة بهما ـ هذا مع احتمال تأثير الاعلام في حقه بان لم يحرز كونه غير مبال بالدين مثلا والا لم يجب الاعلام.
المسألة 9 : لا تجوز التجارة بما يكون آلة للحرام بأن يكون بماله من الصورة الصناعية ـ التي بها قوام مالية عند العرف ولاجلها يقتنيه الناس غالبا ـ لا يناسب ان يستعمل الا في عمل محرم، وله انواع ( منها ) الاصنام وشعائر الكفر كالصلبان و( منها ) الات القمار كالنرد والشطرنج و( منها ) الات اللهو المحرم، إلى غير ذلك من الانواع التي سيأتي ذكر بعضها الاخر ان شاء الله تعالى.
المسألة 10 : الالات المخترعة لالتقاط الاصوات والصور أو تسجيلها أو اذاعتها ونشرها هي ـ في الغالب ـ من الالات المشتركة بين الحلال والحرام، فيجوز بيعها والمعاوضة عليها واقتناؤها واستعمالها في منافعها المحللة، كاسماع القران المجيد واستماعه ونشر الاحكام الشرعية والمواعظ الدينية والتعزية والاخبار وتعليم العلوم والصنايع المحللة والتعريف بالامتعة والبضائع التجارية ومشاهدة عجائب الخلقة ونحو ذلك، ويحرم استعمالها في الامور المحرمة كالامر بالمنكر والنهي عن المعروف ونشر الافكار الهدامة والصور الخلاعية المثيرة للشهوات الشيطانية وكل مايوجب الانحطاط الفكري والخلقي للمسلمين واذا صار بعض ما ذكر من الالات مصداقا لالة الحرام بالمعنى المتقدم فلا اشكال في عدم جواز بيعه والمعاوضة عليه.
المسألة 11 : كما يحرم بيع آلة الحرام يحرم عملها، وأخذ الاجرة عليها، بل يجب اعدامها ولو بتغيير هيئتها فيما اذا توقف على طلب النهي عن المنكر المترتب عليه والا لم يجب وان كان احوط، ويجوز بيع مادتها من الخشب والنحاس والحديد بعد تغيير هيئتها بل قبله، لكن لا يجوز دفعها إلى المشتري إلا مع الوثوق بان المشتري يغيرها، اما مع عدم الوثوق بذلك فالظاهر جواز البيع وان أثم بترك التغيير مع انحصار الفائدة في الحرام، أما اذا كانت لها فائدة محللة ولو قليلة لم يجب تغييرها.
المسألة 12 : تحرم ولاتصح المعاملة بالنقود الساقطة عن الاعتبار أو المدلسة التي يغش بها الناس، فلا يجوز جعلها عوضا أو معوضا عنها في المعاملة مع جهل من تدفع إليه أما مع علمه ففيه إشكال، والاظهر الجواز، بل الظاهر جواز دفع الظالم بها من دون إعلامه بأنها مغشوشة، وفي وجوب ازالة صورتها إشكال، والاظهر عدمه.
المسألة 13 : يجوز بيع السباع، كالهر والاسد والذئب ونحوها إذا كانت لها منفعة محللة وكذا يجوز بيع الحشرات وغيرها مما يحرم اكله ـ الا الكلب والخنزير ـ فيما إذا كانت كذلك كالعلق الذي يمص الدم ودود القز ونحل العسل والفيل، أما إذا لم تكن لها منفعة محللة، فلا يصح بيعها على الاحوط.
المسألة 14 : المراد بالمنفعة المحللة في المسالة السابقة هي الفائدة المحللة التي بلحاظها تكون للشئ قيمة سوقية معتد بها وان اختص العلم بوجودها ببعض اصحاب الاختصاص، سواء أكانت مرغوبا فيها لعامة الناس أم لصنف خاص منهم، في مطلق الحالات أم فيالحالات الطارئة. كما في الادويةوالعقاقير المحتاج اليها للتداوي.
المسألة 15 : المشهور المنع عنبيع أواني الذهب والفضة للتزيين أو لمجرد الاقتناء، والاقوى الجواز، وإنما يحرم استعمالها في الاكل والشرب بل وفي غيرهما أيضا على الاحوط كما مر.
المسألة 16 : لا يصح على الاحوط بيع المصحف الشريف على الكافر ويحرم تمكينه منه فيما اذا كان في معرض الاهانة والهتك واما اذا كان تمكينه لارشاده وهدايته مثلا فلا بأس به، والاحوط استحبابا الاجتناب عن بيعه على المسلم فاذا أريدت المعاوضة عليه فلتجعل المعاوضة على الغلاف ونحوه، أو تكون المعاوضة بنحو الهبة المشروطة بعوض، وأما الكتب المشتملة على الايات والادعية وأسماء الله تعالى، فالظاهر جواز بيعها على الكافر، فضلا عن المسلم، وكذا كتب احاديث المعصومين ( عليهم السلام ) كما يجوز تمكينه منها.
المسألة 17 : يحرم بيع العنب أو التمر ليعمل خمرا، أو الخشب ـ مثلا ـ ليعمل صنما، أو الة لهو، أو نحو ذلك سواء أكان تواطؤهما على ذلك في ضمن العقد أم في خارجه مع وقوع العقد مبنيا عليه، وإذا باع واشترط الحرام صح البيع وفسد الشرط، وكذا تحرم ولا تصح إجارة المساكن لتباع فيها الخمر، أو تحرز فيها، أو يعمل فيها شئ من المحرمات، وكذا تحرم ولا تصح إجارة السفن أو الدواب أو غيرها لحمل الخمر، والاجرة في ذلك محرمة وإما بيع العنب ممن يعلم أنه يعمله خمرا، أو اجارة المسكن ممن يعلم انه يحرز فيه الخمر، أو يعمل به شيئا من المحرمات من دون تواطؤهما على ذلك في عقد البيع أو الاجارة أو قبله، فقيل أنه حرام وهو الاحوط ولكن الاظهر الجواز، نعم لا يجوز بيع الخشب ونحوه لمن يصنع منه شعائر الكفر كالصلبان والاصنام ولو من غير تواطؤ على ذلك على الاظهر.
المسألة 18 : التصوير على ثلاثة أقسام : الاول : تصوير ذوات الارواح من الانسان والحيوان وغيرهما تصويرا مجسما كالتماثيل المعمولة من الخشب والشمع والحجر والفلزات، وهذا محرم مطلقا على الاحوط. سواء كان التصوير تاما أو ما بحكمه كتصوير الشخص جالسا أو واضعا يديه خلفه أم كان ناقصا، من غير فرق بين أن يكون النقص لفقد ما هو دخيل في الحياة كتصوير شخص مقطوع الرأس أو لفقد ما ليس دخيلا فيها كتصوير شخص مقطوع الرجل أو اليد. وأما تصوير بعض بدن ذي الروح كرأسه أو رجله ونحوهما مما لا يعد تصويرا ناقصا لذي الروح فلا بأس به كما لا بأس بإقتناء الصور المجسمة وبيعها وشرائها وإن كان يكره ذلك. الثاني: تصوير ذوات الارواح من غير تجسيم سواء كان بالرسم أم بالحفر أم بغيرهما، وهذا جائز على الاظهر، ومنه التصوير الفوتغرافي والتلفزيوني المتعارف في عصرنا. الثالث : تصوير غير ذوات الارواح كالورد والشجر ونحوهما، وهذا جائز مطلقا وإن كان مجسما.
المسألة 19 : يحرم تصوير ما يكون وسيلة عادية لعمل محرم كالاصنام ونحوها سواء أكان للانسان أو حيوان أو غيرهما، وكذا يحرم تصوير شخص تخليدا لذكراه وتعظيما له اذا كان اللازم شرعا امتهانه ومحو ذكره، وكذا يحرم تصوير الصور الخلاعية التي تعتبر وسيلة لترويج الفساد واشاعة الفاحشة بين المسلمين، وكذا يحرم تصوير المقدسات على نحو يستلزم هتكها واهانتها ولعل منه تصوير اهل الجاهلية إبراهيم واسماعيل عليهما السلام وفي ايديهما الازلام ـ كما قيل ـ ولا فرق في حرمة ما ذكر كله بين ان تكون الصورة مجسمة أو لا، ولا بين كونها تامة أو ناقصة، ولا بين ان تكون معمولة باليد أو بالمكائن والالات الحديثة، وكما يحرم عملها لا يصح بيعها ويحرم اخذ الاجرة عليها والتزين بها، نعم لا بأس باقتناء الفرش التي عليها التماثيل التي تعظمها الكفار ـ مما تستحق الاهانة اذا افترشت على الارض ووطأت بالمشي عليها.
المسألة 20 : الغناء حرام فعله واستماعه والتكسب به، والظاهر انه الكلام اللهوي شعرا كان او نثرا ـ الذي يؤتى به بالالحان المتعارفة عند اهل اللهو واللعب، وفي مقومية الترجيع والمد له اشكال، والعبرة بالصدق العرفي، ولا يجوز ان يقرأ بهذه الالحان القرآن المجيد والادعية والاذكار ونحوها بل ولا ما سواها من الكلام غير اللهوي على الاحوط وجوبا. وقد يستثنى من الغناء المحرم : غناء النساء في الاعراس اذا لم يضم اليه محرم اخر من الضرب بالطبل والتكلم بالباطل ودخول الرجال على النساء وسماع اصواتهم على نحو يوجب تهيج الشهوة ولكن هذا الاستثناء لا يخلو عن اشكال، واما الحداء المتعارف فليس بغناء ولا بأس به كما لا بأس بما يشك ـ من جهة الشبهة المصداقية ـ في كونه غناء أو ما بحكمه. وأما الموسيقى فما كان منها مناسبا لمجالس اللهو واللعب كما هو الحال فيما يعزف بآلات الطرب كالعود والطنبور والقانون والقيثارة ونحوها فهي محرمة كالغناء، وأما غيرها كالموسيقى العسكرية والجنائزية فالاحوط الاولى الاجتناب عنها أيضا.
المسألة 21 : معونة الظالمين في ظلمهم، بل في كل محرم حرام أما معونتهم في غير المحرمات من المباحات والطاعات فلا بأس بها، إلا أن يعد الشخص بها من أعوانهم والمنسوبين إليهم فتحرم، وسيأتي ما يسوغها في المسالة ( 39 ) ان شاء الله تعالى.
المسألة 22 : اللعب بآلات القمار كالشطرنج، والدوملة، والنرد ( الطاولي ) وغيرها مما أعد لذلك حرام مع الرهن، ويحرم أخذ الرهن أيضا، ولا يملكه الغالب واما اللعب بها إذا لم يكن رهن فيحرم في النرد والشطرنج على الاقوى، بل ولا يترك الاحتياط في غيرهما ايضا، ويحرم اللعب بغير الالات المعدة للقمار اذا كان مع الرهن، كالمراهنة على حمل الوزن الثقيل، أو على المصارعة أو على القفز أو نحو ذلك، ويحرم أخذ الرهن، وأما إذا لم يكن رهن فالاظهر الجواز.
المسألة 23 : عمل السحر تعليمه وتعلمه والتكسب به حرام مطلقا وان كان لدفع السحر على الاحوط، نعم يجوز بل يجب اذا توقفت عليه مصلحة اهم كحفظ النفس المحترمة المسحورة. والمراد بالسحر ما يوجب الوقوع في الوهم بالغلبة على البصر أو السمع أو غيرهما، وفي كون تسخير الجن أو الملائكة أو الانسان من السحر أشكال، والاظهر تحريم ما كان مضرا بمن يحرم الاضرار به دون غيره.
المسألة 24 : القيافة حرام. وهي إلحاق الناس بعضهم ببعض أو نفي بعضهم عن بعض استنادا إلى علامات خاصة على خلاف الموازين الشرعية في الالحاق وعدمه، واما استكشاف صحة النسب أو عدمها باتباع الطرق العلمية الحديثة في تحليل الجينات الوراثية فليس من القيافة ولا يكون محرما.
المسألة 25 : الشعبذة. وهي : إراءة غير الواقع واقعا بسبب الحركة السريعة الخارجة عن العادة ـ حرام، إذا ترتب عليها عنوان محرم كالاضرار بمؤمن ونحوه.
المسألة 26 : الكهانة حرام. وهي : الاخبار عن المغيبات بزعم أنه يخبره بها بعض الجان، أما إذا كان اعتمادا على بعض الامارات الخفية فالظاهر أنه لا بأس به إذا اعتقد صحته أو اطمأن به، وكما تحرم الكهانة يحرم التكسب بها والرجوع إلى الكاهن وتصديقه فيما يقوله.
المسألة 27 : النجش ـ وهو : أن يزيد الرجل في ثمن السلعة، وهو لا يريد شراءها، بل لان يسمعه غيره فيزيد لزيادته، حرام مطلقا وان خلا عن تغرير الغير وغشه على الاحوط، ولا فرق في ذلك بين ما اذا كان عن مواطاة مع البائع وغيره.
المسألة 28 : التنجيم حرام. وهو : الاخبار عن الحوادث، مثل الرخص والغلاء والحر والبرد ونحوها، استنادا إلى الحركات الفلكية والطوارئ الطارئة على الكواكب، من الاتصال بينها، أو الانفصال، أو الاقتران، أو نحو ذلك، باعتقاد تأثيرها في الحادث، على وجه الاستقلال أو الاشتراك مع الله تعالى، دون مطلق التأثير، نعم يحرم الاخبار بغير علم عن هذه الامور وغيرها مطلقا، وليس من التنجيم المحرم الاخبار عن الخسوف والكسوف والاهلة واقتران الكواكب وانفصالها بعد كونه ناشئا عن اصول وقواعد سديدة وكون الخطأ الواقع فيه احيانا ناشئا من الخطأ في الحساب واعمال القواعد كسائر العلوم.
المسألة 29 : الغش حرام. فعن رسول الله صلى الله عليه وآله انه قال : ( من غش أخاه المسلم نزع الله بركة رزقه، وسد عليه معيشته ووكله إلى نفسه ) ويكون الغش بإخفاء الادنى في الاعلى، كمزج الجيد بالردئ وبإخفاء غير المراد في المراد، كمزج الماء باللبن، وبإظهار الصفة الجيدة مع أنها مفقودة واقعا، مثل رش الماء على بعض الخضروات ليتوهم أنها جديدة وبإظهار الشئ على خلاف جنسه، مثل طلي الحديد بماء الفضة أو الذهب ليتوهم أنه فضة أوذهب وقد يكون بترك الاعلام مع ظهور العيب وعدم خفائه، كما إذا أحرز البائع اعتماد المشتري عليه في عدم إعلامه بالعيب فاعتقد أنه صحيح ولم ينظر في المبيع ليظهر له عيبه، فإن عدم إعلام البائع بالعيب ـ مع اعتماد المشتري عليه ـ غش له.
المسألة 30 : الغش وإن حرم لا تفسد المعاملة به، لكن يثبت الخيار للمغشوش بعد الاطلاع، الا في اظهار الشئ على خلاف جنسه كبيع المطلي بماء الذهب أو الفضة على أنه منهما، فإنه يبطل فيه البيع، ويحرم الثمن على البائع، هذا اذا وقعت المعاملة على شخص ما فيه الغش، واما اذا وقعت على الكلي في الذمة وحصل الغش في مرحلة الوفاء فللمغشوش ان يطلب تبديله بفرد آخر لا غش فيه.
المسألة 31 : لا تصح الاجارة على ما علم من الشرع لزوم الاتيان به مجانا، واجبا كان أو مستحبا، عينيا كان أو كفائيا، عباديا كان أو توصليا، ومن هذا القبيل فعل الفرائض اليومية ونوافلها وصوم شهر رمضان وحجة الاسلام اذا كان المقصود ان ياتي بها الاجير عن نفسه، ومنه ايضا القضاء بين الناس والاذان للصلاة وتغسيل الاموات وتكفينهم والصلاة عليهم ـ على اشكال في الامثلة الاربعة الاخيرة لا يترك معه الاحتياط ـ واما ما لا يعتبر فيه المجانية شرعا فيجوز الاستئجار له سواء أكان مستحبا من نفسه كما لو أستأجره على ان ينوب عن غيره في عبادة من صلاة أو غيرها اذا كانت مما تشرع فيه النيابة، ام كان واجبا كما لو استأجر الطبيب ليصف الدواء للمريض أو يعالجه من مرضه ونحو ذلك، وكذا لو استأجر من يقوم بفعل الواجبات التي يتوقف عليها النظام كتعليم بعض علوم الزراعة والصناعة والطب، ولو استأجره لتعليم الاحكام الشرعية فيما هو محل الابتلاء فالاحوط البطلان وحرمة الاجرة، وفي عموم الحكم لما لا يكون محلا للابتلاء واشكال والاظهر الجواز والصحة.
المسألة 32 : يحرم النوح بالباطل، اي بما يكون كذبا ولا بأس بالنوح بالحق.
المسألة 33 : يحرم هجاء المؤمن، وهو ذكر نواقصه ومثالبه ـ شعرا كان او نثرا ـ ولا يستحسن هجاء مطلق الناس الا اذا اقتضته المصلحة العامة، وربما يصير واجبا حينئذ كهجاء الفاسق المبتدع لئلا يؤخذ ببدعته.
المسألة 34 : يحرم الفحش من القول، وهو ما يستقبح التصريح به اما مع كل احد او مع غير الزوجة، فيحرم الاول مطلقا ويحوز الثاني مع الزوجة دون غيرها.
المسألة 35 : تحرم الرشوة على القضاء بالحق أو الباطل. وأما الرشوة على استنقاذ الحق من الظالم فجائزة، وإن حرم على الظالم أخذها.
المسألة 36 : يحرم حفظ كتبالضلال ونشرها وقرائتها وبيعها وشرائها مع احتمال ترتب الضلال لنفسه أو لغيره، فلو أمن من ذلك جاز، كما يجوز اذا كانت هناك مصلحة أهم والمقصود بكتب الضلال ما يشتمل على العقائد والاراء الباطلة سواء ما كانت مخالفة للدين أو المذهب.
المسألة 37 : يحرم على الرجل لبس الذهب كالتختم به ونحوه بل الاحوط لزوما ترك التزين به من غير لبس ايضا كتلبيس مقدم الاسنان به أو جعل ازرار اللباس منه.
المسألة 38 : يحرم الكذب : وهو : الاخبار بما ليس بواقع، ولا فرق في الحرمة بين ما يكون في مقام الجد وما يكون في مقام الهزل ما لمينصب قرينة حالية أو مقالية على كونه في مقام الهزل والا ففي حرمته اشكال. ولو تكلم بصورة الخبر ـ هزلا ـ بلا قصد الحكاية والاخبار فلابأس به ومثله التورية بأن يقصد من الكلام معنى من معانيه مما له واقع، ولكنه خلاف الظاهر، كما أنه يجوز الكذب لدفع الضرر عن نفسه أو عن المؤمن، بل يجوز الحلف كاذبا حينئذ، ويجوز الكذب أيضا للاصلاح بين المؤمنين والاحوط ـ وجوبا ـ الاقتصار فيهما على صورة عدم تيسر التورية، واما الكذب في الوعد، بأن يخلف في وعده فالاحوط الاجتناب عنه مهما امكن ولو بتعليق الوعد على مشيئة الله تعالى أو نحوها، واما لو كان حال الوعد بانيا على الخلف فالظاهر حرمته، بلا فرق في ذلك بين الوعد مع الاهل وغيرها على الاحوط.
المسألة 39 : يحرم الدخول من الولايات والمناصب من قبل السلطة الجائرة وهو على قسمين : ( الاول ) : فيما اذا كان اصل العمل مشروعا في نفسه مع قطع النظر عن توليه من قبل الجائر، كجبابة الحقوق الشرعية من الخراج والمقاسمة والزكاة بشرائطها المقررة شرعا، وكتعليم العلوم المحللة وكادارة المصانع والدوائر ونحو ذلك. وهذا يسوغه امران : أ ـ ان يكون للقيام بمصالح المسلمين واخوانه في الدين، فانه لا بأس به حينئذ، بل لو كان بقصد الاحسان إلى المؤمنين ودفع الضرر عنهم كان راجحا بل ربما صار واجبا في بعض انواعه بالنسبة إلى بعض الاشخاص. ب ـ الاكراه، بان يوعده الجائر على الترك بما يوجب الضرر على نفسه او عرضه او ماله المعتد به او على بعض من يتعلق به بحيث يكون الاضرار بذلك الشخص اضرارا بالمكره عرفا كالاضرار بابيه او اخيه أو ولده أو نحوهم ممن يهمه امره، ومثل الاكراه الاضطرار لتقية ونحوها. الثاني : فيما اذا كان العمل محرما في نفسه، وهذا يسوغه الامر الثاني المتقدم اذا كان عدم مشروعية العمل من حقوق الله تعالى ولم يكن يترتب على الاتيان به فساد الدين واضمحلال حوزة المؤمنين ونحو ذلك من المهمات، واما اذا كان عدم مشروعيته من حقوق الناس فان كان فيه اتلاف النفس المحترمة لم يجز ارتكابه لاجل الاكراه ونحوه مطلقا، والا فان وجب عليه التحفظ على نفسه من الضرر المتوعد به فاللازم الموازنة بين الامرين وتقديم ما هو الاكثر اهمية منهما في نطر الشارع، وهنا صور كثيرة لا يسع المقام بيانها.
المسألة 40 : ما تأخذه الحكومة من الضرائب الشرعية المجعولة ـ بشرائط خاصة ـ على الاراضي والاشجار والنخيل يجوز اخذه منها بعوض أو مجانا، بلا فرق بين الخراج وهو ضريبة النقد، والمقاسمة وهي ضريبة السهم من النصف أو العشر ونحوهما، وكذا المأخوذ بعنوان الزكاة، والظاهر براءة ذمة المالك بالدفع اليها اذا لم يجد بدا من ذلك. بل الظاهر انه لو لم تباشر الحكومة اخذه وحولت شخصا على المالك في اخذه منه جاز للمحول اخذه وبرئت ذمة المحول عليه اذا كان مجبورا على دفعه إلى من تحوله عليه. والاقوى عدم الفرق فيما ذكر بين الحاكم المخالف المدعي للخلافة العامة وغيره حتى الحاكم المؤالف، نعم في عموم الحكم للحاكم الكافر ومن تسلط على بلدة خروجا على حكومة الوقت اشكال.
المسألة 41 : اذا دفع انسان مالا إلى آخر ووكله في توزيعه على طائفة من الناس وكان المدفوع اليه منهم، فان لم يفهم من الدافع الاذن له في الاخذ من ذلك المال لم يجز له الاخذ منه اصلا، وان فهم الاذن جاز له ان يأخذ منه مثل احدهم أو اقل أو اكثر على حسب ما فهم من الاذن، وان فهم الاذن في اصل الاخذ دون مقداره جاز له ان ياخذ بمقدار ما يعطيه لغيره.
المسألة 42 : جوائز الظالم حلال، وإن علم اجمالا أن في ماله حراما، وكذا كل ما كان في يده يجوز أخذه منه وتملكه والتصرف فيه بإذنه، إلا أن يعلم أنه غصب، فلو أخذ منه ـ حينئذ وجب رده إلى مالكه، إن عرف بعينه، فإن جهل وتردد بين جماعة محصورة اعلمهم بالحال فان ادعاه احدهم وأقره عليه الباقي او اعترفوا انه ليس لهم سلمه اليه، وان ادعاه ازيد من واحد فان تراضوا بصلح او نحوه فهو، والا تعين الرجوع إلى الحاكم الشرعي في حسم الدعوى، وان اظهر الجميع جهلهم بالحال وامتنعوا عن التراضي بينهم فالاظهر لزوم العمل بالقرعة والاحوط تصدي الحاكم الشرعي او وكيله لاجرائها. وإن تردد المالك بين جماعة غير محصورة تصدق به عنه مع الاذن من الحاكم الشرعي على الاحوط لزوما إن كان يائسا عن معرفته، وإلا وجب الفحص عنه وإيصاله إليه.
المسألة 43 : يكره احتراف بعض المعاملات كبيع الصرف، وبيع الاكفان، وبيع الطعام، كما يكره أن يكون الانسان جزارا أو حجاما، ولا سيما مع الشرط بأن يشترط أجرة، ويكره أيضا التكسب بضراب الفحل، بأن يؤجره لذلك، أو بغير إجارة بقصد العوض، أما لو كان بقصد المجانية فلا بأس بما يعطى بعنوان الهدية.
المسألة 44 : لا يجوز بيع أوراق اليانصيب، فإذا كان الاعطاء بقصد البدلية عن الفائدة المحتملة فالمعاملة باطلة، وأما إذا كان الاعطاء مجانا كما اذا كان بقصد الاشتراك في مشروع خيري فلا بأس به، وعلى كلا التقديرين فالمال المعطى لمن أصابت القرعة باسمه إذا كان المتصدي لها شركة غير أهلية من المال المجهول مالكه، لابد من مراجعة الحاكم الشرعي لاصلاحه.
المسألة 45 : يجوز إعطاء الدم إلى المرضى المحتاجين إليه. كما يجوز أخذ العوض في مقابله على ما تقدم.
المسألة 46 : يحرم حلق اللحية وأخذ الاجرة عليه على الاحوط لزوما الا اذا اكره على الحلق أو اضطر اليه لعلاج أو نحوه، او خاف الضرر على تقدير تركه، او كان تركه حرجيا بالنسبة اليه كما اذا كان يوجب سخرية ومهانة شديدة لا يتحملها، ففي هذه الموارد لا اشكال في جواز الحلق. آداب التجارة مسألة 47 : يستحب للمكلف ان يتعلم احكام التجارة التي يتعاطاها بل يجب عليه ذلك اذا كان في معرض الوقوع في مخالفة تكليف الزامي بسبب ترك التعلم، واذا شك في صحة معاملة وفسادها بسبب الجهل بحكمها لم يجز له ترتيب آثار اي من الصحة أو الفساد فلا يجوز له التصرف فيما اخذه من صاحبه ولا فيما دفعه اليه، بل يتعين عليه اما التعلم أو الاحتياط ولو بالصلح ونحوه، نعم اذا احرز رضاه بالتصرف في المال المأخوذ منه حق على تقدير فساد المعاملة جاز له ذلك.
المسألة 48 : يستحب ان يساوي بين المبتاعين في الثمن، فلا يفرق بين المماكس وغيره بزيادة السعر في الاول أو بنقصه، اما لو فرق بينهم لمرجحات شرعية كالفقر والعلم والتقوى ونحوها فلا بأس به، ويستحب ان يقيل النادم ويتشهد الشهادتين عند الجلوس في السوق للتجارة وان يكبر الله تعالى عند العقد وان يأخذ الناقص ويعطي الراجح.
المسألة 49 : يكره مدح البائع سلعته، وذم المشتري لها، وكتمان العيب إذا لم يؤد إلى غش، وإلا حرم كما تقدم، والحلف في المعاملة اذا كان صادقا والا حرم، والبيع في المكان المظلم الذي يستتر فيه العيب، بل كل ما كان كذلك، والربح على المؤمن زائدا على مقدار الحاجة، وعلى الموعود بالاحسان، والسوم ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس، وأن يدخل السوق قبل غيره والمعاملة مع من لم ينشأ في الخير والمحارفين، وطلب تنقيص الثمن بعد العقد، والزيادة وقت النداء لطلب الزيادة أما الزيادة بعد سكوت المنادي فلا باس بها، والتعرض للكيل أو الوزن أو العد أو المساحة إذا لم يحسنه حذرا من الخطأ، والدخول في سوم المؤمن، بل الاحوط استحبابا تركه. والمراد به الزيادة في الثمن الذي بذله المشتري، أو بذل مبيع له غير ما بذله البائع، مع رجاء تمامية المعاملة بينهما، فلو انصرف احدهما عنها او علم بعدم تماميتها بينهما فلا كراهة، وكذا لو كان البيع مبنيا على المزايدة، وأن يتوكل بعض أهل البلد لمن هو غريب عنها بل الاحوط استحبابا تركه، وتلقي الركبان الذين يجلبون السلعة وحده إلى ما دون أربعة فراسخ، فلو بلغ أربعة فراسخ فلا كراهة، وكذا لو اتفق ذلك بلا قصد. والظاهر عموم الحكم لغير البيع من المعاملة، كالصلح والاجارة ونحوهما.
المسألة 50 : الاحتكار وهو حبس السلعة والامتناع من بيعها ـ حرام اذا كان الانتظار زيادة القيمة مع حاجة المسلمين ومن يلحق بهم من سائر النفوس المحترمة اليها، وليس منه حبس السلعة في زمان الغلاء اذا اراد استعمالها في حوائجه وحوائج متعلقيه أو لحفظ النفوس المحترمة عند الاضطرار، والظاهر اختصاص الحكم بالطعام، والمراد به هنا القوت الغالب لاهل البلد، وهذا يختلف باختلاف البلدان، ويشمل الحكم، ما يتوقف عليه تهيئته كالوقود والات الطبخ أو ما يعد من مقوماته كالملح والسمن ونحوهما، والضابط هو حبس ما يترتب عليه ترك الناس وليس لهم طعام. والاحوط استحبابا ترك الاحتكار في مطلق ما يحتاج اليه كالملابس والمساكن والمراكب والادوية ونحوها، ويجب النهي عن الاحتكار المحرم بالشروط المقررة للنهي عن المنكر، وليس للناهي تحديد السعر للمحتكر، نعم لو كان السعر الذي اختاره مجحفا بالعامة الزم على الاقل الذي لا يكون مجحفا. الفصل الاول شروط العقد البيع هو : نقل المال إلى الغير بعوض، والمقصود بالعوض هو المال الذي يجعل بدلا وخلفا عن الاخر، والغالب فيه في هذه الازمنة ان يكون من النقود، فالبيع متقوم بقصد العوضية والمعوضية، وباذل المعوض هو البائع وباذل العوض هو المشتري، ومن ذلك يتضح معنى الشراء، واما المعاوضة بين المالين من دون قصد العوضية والمعوضية فهي معاملة مستقلة صحيحة ولازمة سواء أكانا من الامتعة ام من النقود ولا تترتب عليها الاحكام المختصة بالبيع كخياري المجلس والحيوان دون ما يشمل مطلق المعاوضات كحرمة الربا.
المسألة 51 : يعتبر في البيع الايجاب والقبول، ويقع بكل لفظ دال على المقصود، وإن لم يكن صريحا فيه مثل : بعت وملكت، وبادلت ونحوها في الايجاب، ومثل : قبلت ورضيت وتملكت واشتريت ونحوها في القبول، ولا تشترط فيه العربية، كما لا يقدح فيه اللحن في المادة أو الهيئة اذا لم يمنع من ظهوره في المعنى المقصود عند انباء المحاورة، ويجوز إنشاء الايجاب بمثل : اشتريت، وابتعت، وتملكت وإنشاء القبول بمثل : شريت وبعت وملكت.