مسألة: في إثبات المحدث
إثبات المحدث يبتني على جملة وتفصيل. فالجملة مبنية على دعائم أربع: أولها: إثبات حوادث في الشاهد. وثانيها: إضافتها إلى محدث منا. وثالثها: تخصيص حاجتها إليه في حدوثها. ورابعها: بيان إيجاب حاجة كل محدث في حدوثه إلى محدث. والتفصيل إثبات حوادث يستحيل تعلقها بمحدث. فأما الدلالة على إثبات الدعوى الأولى من الجملة: فقد سلفت، حيث بينا حدوث الأكوان. وأما الدلالة على الدعوى الثانية: فمعلوم وجوب وقوع التأثيرات من المؤثر منا بحسب أحواله من علومه وقدره وإرادته، ولو كانت فعلا لغيره لم يجب ذلك فيها. وأما الدلالة على الدعوى الثالثة: فمعلوم استغناء الحادث قبل وجوده وبعد وجوده عن فاعل، لجعله وما بعد أو باقيا، فلم يبق من صفاته ما يصح حاجته إلى مؤثر غير حدوثه. ولأنا إنما علمنا كون التأثيرات فعلا لمؤثرها لوقوعها بحسب قصده، والمتجدد عند القصد من أحوال المقصود إليه هو الحدوث، فيجب تخصص الحاجة به، إذ كان العلم بنفس الهاجة لا ينفصل من العلم بوجوه الحاجة. وأما الدلالة على الدعوى الرابعة: فهو أنا إذا بينا وقوف الحدوث على محدث، وأحلناه من دونه وجب الحكم على كل حادث بحاجته إلى محدث، للاشتراك في جهة الحاجة. وأما التفصيل، فقد علمنا حدوث الأجسام والأجناس المخصوصة، وعلمنا توفر دواعي المحدثين إليها، وتعذرها عليهم لغير وجه معقول، وما تعذر كذلك فمستحيل. فتجب حاجتها إلى محدث، لكون ذلك تفصيلا للجملة المدلول على صحتها، ليس بطبيعة، ولا علة، ولا جسم، ولا عرض. لكون الطبع والعلة غير معقولين، فلا يصح إضافة شئ إليهما، ولخروجهما عند مثبتهما عن صفة المتحيز وكون فاعل الحالم بهذه الصفة على ما بينته، ولوجوب تأثيرهما عنده واستناد حدوث الأجسام إلى الجواز، إذ لو وجب حدوثها لم ينفصل ذلك عن ذواتها، وذلك يقتضي وجوب وجودها في كل حال، يحيل عدمها في حال، وقد دللنا على كونها معدومة من قبل هذا الوجود، ولتعذر الأجناس المخصوصة على جنس الجواهر والأعراض حسبما أشرنا إليه، ونستوفيه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
إثبات المحدث يبتني على جملة وتفصيل. فالجملة مبنية على دعائم أربع: أولها: إثبات حوادث في الشاهد. وثانيها: إضافتها إلى محدث منا. وثالثها: تخصيص حاجتها إليه في حدوثها. ورابعها: بيان إيجاب حاجة كل محدث في حدوثه إلى محدث. والتفصيل إثبات حوادث يستحيل تعلقها بمحدث. فأما الدلالة على إثبات الدعوى الأولى من الجملة: فقد سلفت، حيث بينا حدوث الأكوان. وأما الدلالة على الدعوى الثانية: فمعلوم وجوب وقوع التأثيرات من المؤثر منا بحسب أحواله من علومه وقدره وإرادته، ولو كانت فعلا لغيره لم يجب ذلك فيها. وأما الدلالة على الدعوى الثالثة: فمعلوم استغناء الحادث قبل وجوده وبعد وجوده عن فاعل، لجعله وما بعد أو باقيا، فلم يبق من صفاته ما يصح حاجته إلى مؤثر غير حدوثه. ولأنا إنما علمنا كون التأثيرات فعلا لمؤثرها لوقوعها بحسب قصده، والمتجدد عند القصد من أحوال المقصود إليه هو الحدوث، فيجب تخصص الحاجة به، إذ كان العلم بنفس الهاجة لا ينفصل من العلم بوجوه الحاجة. وأما الدلالة على الدعوى الرابعة: فهو أنا إذا بينا وقوف الحدوث على محدث، وأحلناه من دونه وجب الحكم على كل حادث بحاجته إلى محدث، للاشتراك في جهة الحاجة. وأما التفصيل، فقد علمنا حدوث الأجسام والأجناس المخصوصة، وعلمنا توفر دواعي المحدثين إليها، وتعذرها عليهم لغير وجه معقول، وما تعذر كذلك فمستحيل. فتجب حاجتها إلى محدث، لكون ذلك تفصيلا للجملة المدلول على صحتها، ليس بطبيعة، ولا علة، ولا جسم، ولا عرض. لكون الطبع والعلة غير معقولين، فلا يصح إضافة شئ إليهما، ولخروجهما عند مثبتهما عن صفة المتحيز وكون فاعل الحالم بهذه الصفة على ما بينته، ولوجوب تأثيرهما عنده واستناد حدوث الأجسام إلى الجواز، إذ لو وجب حدوثها لم ينفصل ذلك عن ذواتها، وذلك يقتضي وجوب وجودها في كل حال، يحيل عدمها في حال، وقد دللنا على كونها معدومة من قبل هذا الوجود، ولتعذر الأجناس المخصوصة على جنس الجواهر والأعراض حسبما أشرنا إليه، ونستوفيه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
تعليق