المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسائل النبوة 2


العلوية ام موسى الاعرجي
07-01-2015, 11:13 AM
اشتراط العصمة في الرئيس
وهذا اللطف لا يتم إلا بوجود رئيس أو رؤساء لا يد على أيديهم ترجع إليه أو إليهم الرئاسات، ولا يكون كذلك إلا بكونه معصوما، لأنا قد بينا وجوب استصلاح كل مكلف غير معصوم بالرئاسة، فاقتضى ذلك وجوب رجوع الرئاسات إلى رئيس معصوم، وإلا اقتضى وجود ما لا يتناها من الرؤساء، أو الاخلال بالواجب في عدله تعالى، وكلاها فاسد. ولنا تحرير الدلالة على وجه آخر، فنقول: العلم بوجوب الحاجة إلى رئيس لا ينفصل من العلم بوجه الحاجة، لأنا إنما علمنا حاجة المكلفين إلى رئيس من حيث وجدناه لطفا في فعل الواجب واجتناب القبيح، وهذا لا يتقدر إلا في من ليس بمعصوم، فصار العلم بالوجوب لا ينفصل من العلم بوجهه. وترتيب الأول أولى، لبعده من الشبهة وإسقاطه الاعتراض بعصمة كل رئيس، وافتقار هذا إلى استئناف كلام لإسقاط ذلك.

ما يتعلق بالرئيس
ولا بد من كون الرئيس أعلم الرعية بالسياسة، لكونه رئيسا فيها، وقبح تقديم المفضول على الفاضل فيما هو أفضل منه فيه. ولا بد من كونه أفضلهم ظاهرا، لهذا الوجه بعينه. وأكثرهم ثوابا، لوجوب تعظيمه عليهم وخضوعهم له، والتعظيم قسط من الثواب واستحقاق ذمته منه ما لا يساويه فيه أحد من الرعية يقتضي كونه من أفضلهم بكثرة الثواب. ولا سبيل إلى تميزه إلا بمعجز يظهر عليه، أو نص يستند إلى معجز، لما قدمناه من وجوب صفاته، لمتعذر علمها على غير القديم تعالى. ولا اعتراض بما لا يزالون يهذون به: من كون الاختيار طريقا إذا علم سبحانه اتفاق اختيار المعصوم. لأن هذا أولا لا يتقدر من دون نص على اختيار الرئيس، ونحن في أحكام عقلية فبل السمع، وبعد فما له قبح تكليف اختيار الأنبياء عليهم السلام والشرائع وإن علم اتفاق إصابة المختارين للمصلحة يقتضي قبح تكليب اختيار الرئيس. وأيضا فتكليف ما لا دليل عليه ولا إمارة تميزه بصفته قبل وقوعه قبيح، وإذا فقد المكلف الأدلة والأمارات المميزة لذي الصفة المطلوبة بالاختيار قبح تكليفه، ولم ينفعه علمه بعد وقوع الاختيار بصفة المختار. على أن هذا المعلوم لا يخلو أن يختصه تعالى دونهم، أو ينص لهم على أن اختيارهم يوافق المعصوم، والأول لا يؤثر شيئا فيما قصدوه، والثاني نص على عين المعصوم، لأنه لا فرق بين أن ينص سبحانه على عينه أو على تميزه بفعل غيره. ويصح هذا اللطف برئيس واحد في الزمان بهذه الصفة، ويستصلح أهل الأصقاع بأمرائه الملطوف لهم، ويجوز كونه بوجود عدة رؤساء بالصفات التي بيناها في وقت واحد. ويجب ذلك في كل صقع في ابتداء الرئاسة، وفي كل حال تعذر العلم بوجود الرئيس المخصوص فيها ومن قبله من الأمراء، لأن تعذر العلم في ابتداء الرئاسة لطف فيه. وإن كنا قد أمنا هذا التجويز والقطع في شريعتنا، لحصول العلم بأن الرئيس واحد، وأنه لا مكلف تكليفا عقليا ولا سمعيا خارج عن تكليف نبوة نبينا وإمامة الأئمة عليهم السلام وما جاء به من الشرعيات، وأن التكليف من دون المعلم أو إمكانه قبيح، فاقتضى ذلك رفع الجائز العقلي وما ابتنى عليه من الوجوب.