بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد الطيبين الطاهرين
يقول الشيخ مغنية رحمة الله


ذهبت إلى المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة ، وفيها جميع قضاتها وهم خمسة ، وعليهم رئيس ، كما هي الحال بمكة المكرمة ، دخلت غرفة أحدهم ، وجلست على بعض مقاعدها ، فنظر إليّ القاضي ، وقال : هل من حاجة ؟
قلت له : هل أنت قاض ٍ ؟
قال : نعم ، ونائب الرئيس.
سألته عن اسمه ؟
قال : عبد المجيد بن حسن.
قلت : هل تسمح بالاطلاع على سجل الاحكام ، فإني أحب أن أقارن بينها وبين الاحكام في لبنان ؟
قال : هل أنت قاضٍ ؟
قلت : أجل.
قال : في المحاكم الحنفية ، أو الجعفرية ؟
قلت : أنا جعفري ، وشرعت بالحديث عن الاسلام والمسلمين ، وبأي شيء يؤكدون أنفسهم ، ويطورون قواهم اجتماعيا وسياسيا ، وكان يردد قول طيب طيب ، ولا يزيد ، وحين هممت بوداعه قال : إلى أين ؟.
قلت : إلى الرئيس الشيخ عبدالعزيز بن صالح ، فأرسل معي شرطيا أرشدني إلى غرفته ، فتحت الباب ، ودخلت ، فأهل ورحب.
وابتدأت الحديث بهذا السؤال : كيف تفسرون قول الرسول ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : اختلاف أمتي رحمة (2) ؟
قال : اختلافهم في الفروع ، لا في الاصول.
قلت : إذن جميع الطوائف الاسلامية من أمة محمد ، لان الاصول هي الايمان بالله ، والرسول ، واليوم الاخر ، والكل يؤمنون بذلك دون استثناء.
قال : وهناك أصل آخر.
قلت : ما هو ؟
قال : خلافة أبي بكر ، وأنها حق له بعد الرسول بلا فاصل.
قلت : الخلافة من الاصول ؟!
قال : نعم.
قلت : لقد نفى السنة عنهم هذا القول ، ونسبوه إلى الشيعة الامامية ، وأنكروه عليهم.
قال : أجمع أهل السنة على أن خلافة أبي بكر من الاصول ، وأصرّ !!
قلت : لا يثبت أصل من أصول الدين إلاّ ببديهة العقل ، أو بنصّ الكتاب نصا صريحا ، أو بسنّة تكون بقوّة القرآن ثبوتا ، وبدلالة لا اله الا الله وضوحا ، أما أخبار الاحاد فليست بشيء في باب الاصول ، وإن كانت حجة في الفروع.
قال : هذا صحيح ، وقد تواتر عن الرسول ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ إنه قال : يأبى الله ورسوله إلاّ أبا بكر (3).
قلت : كيف يكون هذا متواترا ، ولم يروه البخاري ، ولا احتج به أبو بكر ، ولا عمر ، ولا أحد يوم السقيفة حين رأى الانصار أنهم أولى من أبي بكر بالخلافة ؟
فشرع يتكلم عن الحديث وأقسامه ، ثم أكد مصرا على تواتره ، وأنه لم يخالف في ذلك إلا الشيعة.
ولما لم أجد وسيلة لاقناعه ، قلت له : هل من شرط صحة الحديث أن يثبت عند الجميع ، أو عند من يعمل به فقط ؟
قال : بل عند من يعمل به.
قلت : هذا الحديث لم يثبت عند الشيعة لا بطريق التواتر ، ولا بطريق الاحاد ، ولذا لم تكن خلافة أبي بكر عندهم من الاصول ، ولا من الفروع
اللهم صل على محمد الطيبين الطاهرين
يقول الشيخ مغنية رحمة الله


ذهبت إلى المحكمة الشرعية بالمدينة المنورة ، وفيها جميع قضاتها وهم خمسة ، وعليهم رئيس ، كما هي الحال بمكة المكرمة ، دخلت غرفة أحدهم ، وجلست على بعض مقاعدها ، فنظر إليّ القاضي ، وقال : هل من حاجة ؟
قلت له : هل أنت قاض ٍ ؟
قال : نعم ، ونائب الرئيس.
سألته عن اسمه ؟
قال : عبد المجيد بن حسن.
قلت : هل تسمح بالاطلاع على سجل الاحكام ، فإني أحب أن أقارن بينها وبين الاحكام في لبنان ؟
قال : هل أنت قاضٍ ؟
قلت : أجل.
قال : في المحاكم الحنفية ، أو الجعفرية ؟
قلت : أنا جعفري ، وشرعت بالحديث عن الاسلام والمسلمين ، وبأي شيء يؤكدون أنفسهم ، ويطورون قواهم اجتماعيا وسياسيا ، وكان يردد قول طيب طيب ، ولا يزيد ، وحين هممت بوداعه قال : إلى أين ؟.
قلت : إلى الرئيس الشيخ عبدالعزيز بن صالح ، فأرسل معي شرطيا أرشدني إلى غرفته ، فتحت الباب ، ودخلت ، فأهل ورحب.
وابتدأت الحديث بهذا السؤال : كيف تفسرون قول الرسول ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ : اختلاف أمتي رحمة (2) ؟
قال : اختلافهم في الفروع ، لا في الاصول.
قلت : إذن جميع الطوائف الاسلامية من أمة محمد ، لان الاصول هي الايمان بالله ، والرسول ، واليوم الاخر ، والكل يؤمنون بذلك دون استثناء.
قال : وهناك أصل آخر.
قلت : ما هو ؟
قال : خلافة أبي بكر ، وأنها حق له بعد الرسول بلا فاصل.
قلت : الخلافة من الاصول ؟!
قال : نعم.
قلت : لقد نفى السنة عنهم هذا القول ، ونسبوه إلى الشيعة الامامية ، وأنكروه عليهم.
قال : أجمع أهل السنة على أن خلافة أبي بكر من الاصول ، وأصرّ !!
قلت : لا يثبت أصل من أصول الدين إلاّ ببديهة العقل ، أو بنصّ الكتاب نصا صريحا ، أو بسنّة تكون بقوّة القرآن ثبوتا ، وبدلالة لا اله الا الله وضوحا ، أما أخبار الاحاد فليست بشيء في باب الاصول ، وإن كانت حجة في الفروع.
قال : هذا صحيح ، وقد تواتر عن الرسول ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ إنه قال : يأبى الله ورسوله إلاّ أبا بكر (3).
قلت : كيف يكون هذا متواترا ، ولم يروه البخاري ، ولا احتج به أبو بكر ، ولا عمر ، ولا أحد يوم السقيفة حين رأى الانصار أنهم أولى من أبي بكر بالخلافة ؟
فشرع يتكلم عن الحديث وأقسامه ، ثم أكد مصرا على تواتره ، وأنه لم يخالف في ذلك إلا الشيعة.
ولما لم أجد وسيلة لاقناعه ، قلت له : هل من شرط صحة الحديث أن يثبت عند الجميع ، أو عند من يعمل به فقط ؟
قال : بل عند من يعمل به.
قلت : هذا الحديث لم يثبت عند الشيعة لا بطريق التواتر ، ولا بطريق الاحاد ، ولذا لم تكن خلافة أبي بكر عندهم من الاصول ، ولا من الفروع