بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله الذي جعل كمال دينه وتمام نعمته بولاية المرتضى، وأتم الصلاة على الصادع بها محمد المحبو من الله بالرضا، وآله الدوحة البيضاء، واللعنة على أعدائهم ما طلعت شمس وقمر أضاء.
كان أمير المؤمنين علي عليه السلام شخصية فذة نادرة قد ألقت عليها الفروسية الخارقة ، و البيان الساحر ، و المعرفة الغزيرة ، و الزهد الصارم ، و قرابتها من الرسول (ص) نسباً و صهراً ، و تعصب الناس لها أو عليها ، جلالاً مهيباً غامضاً . ومن غريب خصائصه اعتراف أعدائه بفضله مع إصرارهم على استمرار العداء له. وقد قيل في حقه : إن محبيه أخفوا فضائله خوفا ومبغضيه أخفوها بغضا، ومع ذلك فقد ملأت الخافقين.
و صدق الشعبى في قوله : " كان علي (ع) في هذه الأمة مثل المسيح ابن مريم (ع) في بني اسرائيل ، أحبه قوم فكفروا في حبه ، و أبغضه قوم فكفروا في بغضه . وهذا الكلام كما قال هو نفسه (ع) : هلك فيّ رجلان محب غال ، و مبغض قالِ .
حين يقف المرء على بحر بعيد الشواطئ ، عالي الموج يتردد كثيراً قبل ان يخوض غماره ، فكذا علي عليه السلام بحر بعيد الشواطئ عالي الموج ليس من السهل لكاتب وكتاب ان يلم به ، لذا سنترك الكلام فيه عليه السلام للقرآن الكريم حيث ورد أكثر من ثمانين آية قرآنية في حق علي عليه السلام كما نقله الجمهور واشتهر عنهم وتواتر .
عزيزي القارئ ننبه ان الموضوع طويل فالصفحة الواحدة لا تستوعبه لذا وزع على ثلاث صفحات متتالية :
الأولى: آية انما وليكم الله ورسوله ..
قال تعالى " إنما وليكم الله، ورسوله، والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة وهم راكعون " (1). أجمعوا على نزولها في علي عليه السلام، وهو مذكور في الصحاح الستة (2) لما تصدق بخاتمه على المسكين في الصلاة بمحضر من الصحابة، والولي: هو المتصرف. وقد أثبت الله تعالى الولاية لذاته، وشرك معه الرسول، وأمير المؤمنين، وولاية الله عامة فكذا النبي والولي.
نزول آية التبليغ في علي (ع)
الثانية: آية يا ايها الرسول بلغ ..
قوله تعالى: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " (3)
أقول: إن نزول الآية الكريمة في حق علي أمير المؤمنين مما دلت عليه الروايات المتواترة في كتب الحديث، والتفسير، والكلام، والفقه. ونص الأعاظم من الجمهور على صحة تلك الروايات، والوثوق بها، والركون إليها. وقد جمع منها العلامة الأميني في كتابه:
" الغدير " ج 2 ص 25، والعلامة الفيروزآبادي في كتابه: " فضائل الخمسة من الصحاح الستة "، والعلامة السيد شرف الدين في كتابه: " المراجعات "، وفي " النص والاجتهاد " طائفة لا بأس بها من الكتب المعتبرة، والمصادر المهمة عند القوم، فمن أراد التفصيل، فليراجعها وغيرها من كتبهم.
نقل الجمهور: (4) أنها نزلت في بيان فضل علي عليه السلام يوم الغدير، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي (ع)، وقال: " أيها الناس، ألست أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه كيف ما دار ".
المولى يراد به: الأولى بالتصرف، لتقدم ألست، ولعدم صلاحية غيره هاهنا.
الثالث:آية التطهير .
قوله تعالى: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ".
أجمع المفسرون (5)، وروى الجمهور، كأحمد بن حنبل وغيره:أنها نزلت في رسول الله، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وروى أبو عبد الله، محمد بن عمران المرزباني، عن أبي الحمراء، قال: خدمت النبي صلى الله عليه وآله تسعة أشهر، أو عشرة، وكان عند كل فجر لا يخرج من بيته حتى يأخذ بعضادتي باب علي، فيقول: السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته. فيقول: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، عليك السلام يا نبي الله، ورحمة الله وبركاته، ثم يقول: الصلاة رحمكم الله، " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ".
ثم انصرف إلى مصلاه (6).
والكذب من الرجس، ولا خلاف في أن أمير المؤمنين (ع) ادعى الخلافة لنفسه، فيكون صادقا.
الرابعة: آية المودة .
قوله تعالى: " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " (7).
روى الجمهور في الصحيحين، وأحمد بن حنبل في مسنده والثعلبي في تفسيره، عن ابن عباس، قال: لما نزل، " قل: لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى "، قالوا: يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين (8).
ووجوب المودة يستلزم وجوب الطاعة (9).
الخامسة: آية من يشتري نفسه.
قوله تعالى: " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله " (10).
قال التعلبي، ورواه ابن عباس: أنها نزلت في علي عليه السلام، لما هرب النبي صلى الله عليه وآله من المشركين إلى الغار، خلفه لقضاء دينه، ورد ودايعه، فبات على فراشه، وأحاط المشركون بالدار، فأوحى الله إلى جبرئيل، وميكائيل: أني قد آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كل منهما الحياة، فأوحى الله إليهما: ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد، فبات على فراشه، يفديه بنفسه، ويؤثره بالحياة؟ إهبطا إلى الأرض، فاحفظاه من عدوه، فنزلا فكان جبرئيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، فقال جبرئيل: بخ بخ، من مثلك يا ابن أبي طالب، يباهي الله بك الملائكة (11)!
السادسة: آية المباهلة .
قال تعالى: " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم، فقل: تعالوا، ندع أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم، وأنفسنا وأنفسكم، ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ".(12)
أجمع المفسرون (13): على أن: " أبناءنا " إشارة إلى الحسن والحسين، " وأنفسنا " إشارة إلى علي عليه السلام. فجعله الله نفس محمد صلى الله عليه وآله، والمراد المساواة ومساوي الأكمل الأولى بالتصرف، أكمل وأولى بالتصرف. وهذه الآية أدل دليل على علو رتبة مولانا أمير المؤمنين (ع)، لأنه تعالى حكم بالمساواة لنفس رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنه تعالى عينه في استعانة النبي صلى الله عليه وآله في الدعاء.
السابعة: آية فتلقى آدم .
قوله تعالى: " فتلقى آدم من ربه كلمات " (14).
روى الجمهور عن ابن عباس، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه، فتاب عليه، قال: سأله بحق محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين،: إلا تبت علي، فتاب عليه (15).
الثامنة: آية إني جاعلك .
قال تعالى: " إني جاعلك للناس إماما، قال: ومن ذريتي " (16) روى الجمهور عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: انتهت الدعوة إلي، وإلى علي، لم يسجد أحدنا قط لصنم، فاتخذني نبيا واتخذ عليا وصيا (17).
التاسعة: آية الود .
قوله تعالى: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " (18).
روى الجمهور عن ابن عباس، قال: نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام، قال: الود: المحبة في قلوب المؤمنين (19).
العاشرة: آية الهادي .
قوله تعالى: " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " (20).
روى الجمهور عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا المنذر، وعلي الهادي، وبك يا علي يهتدي المهتدون (21).
الحادية عشر : آية السؤال .
قوله تعالى: " وقفوهم إنهم مسؤولون " (22).
روى الجمهور، عن ابن عباس، وعن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: عن ولاية علي بن أبي طالب (23).
الثانية عشر : آية لحن القول .
قوله تعالى: " ولتعرفنهم في لحن القول " (24).
روى الجمهور، عن أبي سعيد الخدري، قال: ببغضهم عليا عليه السلام (25).
الثالثة عشر : آية المسابقة .
قوله تعالى: " والسابقون السابقون، أولئك المقربون " (26).
روى الجمهور، عن ابن عباس، قال: سابق هذه الأمة علي بن أبي طالب (27).
الرابعة عشرة: آية سقاية الحاج .
قوله تعالى: " أجعلتم سقاية الحاج، وعمارة المسجد الحرام " (28) إلى قوله تعالى: " إن الله عنده أجر عظيم ".
روى الجمهور في الجمع بين الصحاح الستة: أنها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام، لما افتخر طلحة بن شيبة والعباس، فقال طلحة:
أنا أولى بالبيت، لأن المفتاح بيدي، وقال العباس: أنا أولى، أنا صاحب السقاية، والقائم عليها، فقال علي عليه السلام: أنا أول الناس إيمانا، وأكثرهم جهادا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، لبيان أفضليته عليه السلام (29).
الخامسة عشر: آية المناجاة:
قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة، ذلك خير لكم وأطهر " (30) لم يفعلها غير علي عليه السلام.
قال ابن عمر: كان لعلي ثلاثة، لو كان لي واحدة منها، كانت أحب إلي من حمر النعم: تزويجه بفاطمة، وإعطاء الراية يوم خيبر، وآية النجوى (31).
السادسة عشر : آية على ماذا بعث الأنبياء :
روى ابن عبد البر، وغيره من السنة، في قوله تعالى:
" واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا " (32)، قال: إن النبي صلى الله عليه وآله ليلة أسري به جمع الله بينه وبين الأنبياء، ثم قال: له سلهم يا محمد، على ماذا بعثتم؟ قالوا: بعثنا على شهادة أن لا إله إلا الله، وعلى الاقرار بنبوتك، والولاية لعلي بن أبي طالب (33).
السابعة عشر : آية الأذن الواعية :
قوله تعالى: " وتعيها أذن واعية " (34) " روى الجمهور: أنها نزلت في علي عليه السلام (35).
الثامنة عشر : سورة " هل أتى ":
روى الجمهور: أن الحسن، والحسين. مرضا، فعادهما رسول الله صلى الله صلى الله عليه وآله، وعامة العرب، فنذر علي صوم ثلاثة أيام، وكذا أمهما فاطمة عليها السلام، وخادمتهم فضة، لئن برئا، فبرئا، وليس عند آل محمد صلى الله عليه وآله قليل ولا كثير، فاستقرض أمير المؤمنين (ع) ثلاثة أصوع من شعير، وطحنت فاطمة منها صاعا، فخبزته أقراصا، لكل واحد قرص، وصلى علي المغرب، ثم أتى المنزل، فوضع يديه بين يديه، للافطار، فأتاهم مسكين، وسألهم، فأعطاه كل منهم قوته، ومكثوا يومهم وليلهم لم يذوقوا شيئا.
ثم صاموا اليوم الثاني، فخبزت فاطمة صاعا آخر، فلما قدمته بين أيديهم للافطار أتاهم يتيم، وسألهم القوت، فتصدق كل منهم بقوته.
فلما كان اليوم الثالث من صومهم، وقدم الطعام للافطار، أتاهم أسير، وسألهم القوت، فأعطاه كل منهم قوته، ولم يذوقوا في الأيام الثلاثة سوى الماء.
فرآهم النبي صلى الله عليه وآله في اليوم الرابع، وهم يرتعشون من الجوع، وفاطمة (ع) قد التصق بطنها بظهرها من شدة الجوع، وغارت عينها، فقال صلى الله عليه وآله: وا غوثاه، يا الله، أهل محمد يموتون جوعا؟
فهبط جبرائيل، فقال: خذ ما هنأك الله تعالى به في أهل بيتك، فقال:
وما آخذ يا جبرائيل؟ فأقرأه: " هل أتى " (36).
التاسعة عشر :آية الصدق :
قوله تعالى: " والذي جاء بالصدق، وصدق به " (37).
روى الجمهور، عن مجاهد قال: هو علي بن أبي طالب عليه السلام (38)
العشرون:آية النصر :
قوله تعالى: " هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين " (39).
عن أبي هريرة، قال: مكتوب على العرش: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، محمد عبدي ورسولي، وأيدته بعلي بن أبي طالب (40).
الحادية والعشرون: آية من اتبعك :
قوله تعالى: " يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك " (41).
روى الجمهور: أنها نزلت في علي عليه السلام (42).
الثانية والعشرون: آية المحبة :
قوله تعالى: فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " (43).
قال الثعلبي: نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام (44).
الثالثة والعشرون: آية الصديقون :
" والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون " (45) روى أحمد بن حنبل: أنها نزلت في علي عليه السلام (46).
الرابعة والعشرون: آية الذين ينفقون :
قوله تعالى: " الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية " (47).
روى الجمهور: أنها نزلت في علي (ع)، كانت معه أربعة دراهم، أنفق في الليل درهما، وبالنهار درهما، وفي السر درهما، وفي العلانية درهما (48).
الخامسة والعشرون: قوله تعالى: آية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله.
" إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما (49).
في صحيح مسلم (50): قلت: يا رسول الله، أما السلام عليك فقد عرفناه، وأما الصلاة عليك فكيف هي؟ فقال: قولوا: اللهم صلى على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم.
السادسة والعشرون: آية مرج البحرين .
قوله تعالى: " مرج البحرين يلتقيان " (51).
روى الجمهور: قال ابن عباس: علي وفاطمة بينهما برزخ لا يبغيان، النبي صلى الله عليه وآله، يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان: الحسن والحسين، ولم يحصل لغيره من الصحابة هذه الفضيلة (52).
السابعة والعشرون:آية علم الكتاب .
قوله تعالى: " ومن عنده علم الكتاب " (53). روى الجمهور: هو علي (54) عليه السلام.
الثامنة والعشرون: آية يوم لا يخزي.. .
قوله تعالى: " يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه " (55):
قال ابن عباس: علي وأصحابه (56).
التاسعة والعشرون: آية خير البرية.
قوله تعالى: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أولئك هم خير البرية " (57):
روى الجمهور، عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وآله، هم أنت يا علي وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك راضين مرضيين، ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين (58).
الثلاثون: آية هو الذي خلق.
قوله تعالى: " هو الذي خلق من الماء بشرا، فجعله نسبا وصهرا " (59):
قال ابن سيرين: نزلت في النبي، وعلي، زوج فاطمة عليا (60).
والحمد لله الذي جعل كمال دينه وتمام نعمته بولاية المرتضى، وأتم الصلاة على الصادع بها محمد المحبو من الله بالرضا، وآله الدوحة البيضاء، واللعنة على أعدائهم ما طلعت شمس وقمر أضاء.
كان أمير المؤمنين علي عليه السلام شخصية فذة نادرة قد ألقت عليها الفروسية الخارقة ، و البيان الساحر ، و المعرفة الغزيرة ، و الزهد الصارم ، و قرابتها من الرسول (ص) نسباً و صهراً ، و تعصب الناس لها أو عليها ، جلالاً مهيباً غامضاً . ومن غريب خصائصه اعتراف أعدائه بفضله مع إصرارهم على استمرار العداء له. وقد قيل في حقه : إن محبيه أخفوا فضائله خوفا ومبغضيه أخفوها بغضا، ومع ذلك فقد ملأت الخافقين.
و صدق الشعبى في قوله : " كان علي (ع) في هذه الأمة مثل المسيح ابن مريم (ع) في بني اسرائيل ، أحبه قوم فكفروا في حبه ، و أبغضه قوم فكفروا في بغضه . وهذا الكلام كما قال هو نفسه (ع) : هلك فيّ رجلان محب غال ، و مبغض قالِ .
حين يقف المرء على بحر بعيد الشواطئ ، عالي الموج يتردد كثيراً قبل ان يخوض غماره ، فكذا علي عليه السلام بحر بعيد الشواطئ عالي الموج ليس من السهل لكاتب وكتاب ان يلم به ، لذا سنترك الكلام فيه عليه السلام للقرآن الكريم حيث ورد أكثر من ثمانين آية قرآنية في حق علي عليه السلام كما نقله الجمهور واشتهر عنهم وتواتر .
عزيزي القارئ ننبه ان الموضوع طويل فالصفحة الواحدة لا تستوعبه لذا وزع على ثلاث صفحات متتالية :
الأولى: آية انما وليكم الله ورسوله ..
قال تعالى " إنما وليكم الله، ورسوله، والذين آمنوا، الذين يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة وهم راكعون " (1). أجمعوا على نزولها في علي عليه السلام، وهو مذكور في الصحاح الستة (2) لما تصدق بخاتمه على المسكين في الصلاة بمحضر من الصحابة، والولي: هو المتصرف. وقد أثبت الله تعالى الولاية لذاته، وشرك معه الرسول، وأمير المؤمنين، وولاية الله عامة فكذا النبي والولي.
نزول آية التبليغ في علي (ع)
الثانية: آية يا ايها الرسول بلغ ..
قوله تعالى: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك " (3)
أقول: إن نزول الآية الكريمة في حق علي أمير المؤمنين مما دلت عليه الروايات المتواترة في كتب الحديث، والتفسير، والكلام، والفقه. ونص الأعاظم من الجمهور على صحة تلك الروايات، والوثوق بها، والركون إليها. وقد جمع منها العلامة الأميني في كتابه:
" الغدير " ج 2 ص 25، والعلامة الفيروزآبادي في كتابه: " فضائل الخمسة من الصحاح الستة "، والعلامة السيد شرف الدين في كتابه: " المراجعات "، وفي " النص والاجتهاد " طائفة لا بأس بها من الكتب المعتبرة، والمصادر المهمة عند القوم، فمن أراد التفصيل، فليراجعها وغيرها من كتبهم.
نقل الجمهور: (4) أنها نزلت في بيان فضل علي عليه السلام يوم الغدير، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي (ع)، وقال: " أيها الناس، ألست أولى منكم بأنفسكم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: " من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه كيف ما دار ".
المولى يراد به: الأولى بالتصرف، لتقدم ألست، ولعدم صلاحية غيره هاهنا.
الثالث:آية التطهير .
قوله تعالى: " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ".
أجمع المفسرون (5)، وروى الجمهور، كأحمد بن حنبل وغيره:أنها نزلت في رسول الله، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، وروى أبو عبد الله، محمد بن عمران المرزباني، عن أبي الحمراء، قال: خدمت النبي صلى الله عليه وآله تسعة أشهر، أو عشرة، وكان عند كل فجر لا يخرج من بيته حتى يأخذ بعضادتي باب علي، فيقول: السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته. فيقول: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين، عليك السلام يا نبي الله، ورحمة الله وبركاته، ثم يقول: الصلاة رحمكم الله، " إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ".
ثم انصرف إلى مصلاه (6).
والكذب من الرجس، ولا خلاف في أن أمير المؤمنين (ع) ادعى الخلافة لنفسه، فيكون صادقا.
الرابعة: آية المودة .
قوله تعالى: " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى " (7).
روى الجمهور في الصحيحين، وأحمد بن حنبل في مسنده والثعلبي في تفسيره، عن ابن عباس، قال: لما نزل، " قل: لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى "، قالوا: يا رسول الله، من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي، وفاطمة، والحسن، والحسين (8).
ووجوب المودة يستلزم وجوب الطاعة (9).
الخامسة: آية من يشتري نفسه.
قوله تعالى: " ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله " (10).
قال التعلبي، ورواه ابن عباس: أنها نزلت في علي عليه السلام، لما هرب النبي صلى الله عليه وآله من المشركين إلى الغار، خلفه لقضاء دينه، ورد ودايعه، فبات على فراشه، وأحاط المشركون بالدار، فأوحى الله إلى جبرئيل، وميكائيل: أني قد آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كل منهما الحياة، فأوحى الله إليهما: ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد، فبات على فراشه، يفديه بنفسه، ويؤثره بالحياة؟ إهبطا إلى الأرض، فاحفظاه من عدوه، فنزلا فكان جبرئيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، فقال جبرئيل: بخ بخ، من مثلك يا ابن أبي طالب، يباهي الله بك الملائكة (11)!
السادسة: آية المباهلة .
قال تعالى: " فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم، فقل: تعالوا، ندع أبناءنا وأبناءكم، ونساءنا ونساءكم، وأنفسنا وأنفسكم، ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ".(12)
أجمع المفسرون (13): على أن: " أبناءنا " إشارة إلى الحسن والحسين، " وأنفسنا " إشارة إلى علي عليه السلام. فجعله الله نفس محمد صلى الله عليه وآله، والمراد المساواة ومساوي الأكمل الأولى بالتصرف، أكمل وأولى بالتصرف. وهذه الآية أدل دليل على علو رتبة مولانا أمير المؤمنين (ع)، لأنه تعالى حكم بالمساواة لنفس رسول الله صلى الله عليه وآله، وأنه تعالى عينه في استعانة النبي صلى الله عليه وآله في الدعاء.
السابعة: آية فتلقى آدم .
قوله تعالى: " فتلقى آدم من ربه كلمات " (14).
روى الجمهور عن ابن عباس، قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه، فتاب عليه، قال: سأله بحق محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين،: إلا تبت علي، فتاب عليه (15).
الثامنة: آية إني جاعلك .
قال تعالى: " إني جاعلك للناس إماما، قال: ومن ذريتي " (16) روى الجمهور عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: انتهت الدعوة إلي، وإلى علي، لم يسجد أحدنا قط لصنم، فاتخذني نبيا واتخذ عليا وصيا (17).
التاسعة: آية الود .
قوله تعالى: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " (18).
روى الجمهور عن ابن عباس، قال: نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام، قال: الود: المحبة في قلوب المؤمنين (19).
العاشرة: آية الهادي .
قوله تعالى: " إنما أنت منذر ولكل قوم هاد " (20).
روى الجمهور عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أنا المنذر، وعلي الهادي، وبك يا علي يهتدي المهتدون (21).
الحادية عشر : آية السؤال .
قوله تعالى: " وقفوهم إنهم مسؤولون " (22).
روى الجمهور، عن ابن عباس، وعن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله قال: عن ولاية علي بن أبي طالب (23).
الثانية عشر : آية لحن القول .
قوله تعالى: " ولتعرفنهم في لحن القول " (24).
روى الجمهور، عن أبي سعيد الخدري، قال: ببغضهم عليا عليه السلام (25).
الثالثة عشر : آية المسابقة .
قوله تعالى: " والسابقون السابقون، أولئك المقربون " (26).
روى الجمهور، عن ابن عباس، قال: سابق هذه الأمة علي بن أبي طالب (27).
الرابعة عشرة: آية سقاية الحاج .
قوله تعالى: " أجعلتم سقاية الحاج، وعمارة المسجد الحرام " (28) إلى قوله تعالى: " إن الله عنده أجر عظيم ".
روى الجمهور في الجمع بين الصحاح الستة: أنها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام، لما افتخر طلحة بن شيبة والعباس، فقال طلحة:
أنا أولى بالبيت، لأن المفتاح بيدي، وقال العباس: أنا أولى، أنا صاحب السقاية، والقائم عليها، فقال علي عليه السلام: أنا أول الناس إيمانا، وأكثرهم جهادا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، لبيان أفضليته عليه السلام (29).
الخامسة عشر: آية المناجاة:
قال تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة، ذلك خير لكم وأطهر " (30) لم يفعلها غير علي عليه السلام.
قال ابن عمر: كان لعلي ثلاثة، لو كان لي واحدة منها، كانت أحب إلي من حمر النعم: تزويجه بفاطمة، وإعطاء الراية يوم خيبر، وآية النجوى (31).
السادسة عشر : آية على ماذا بعث الأنبياء :
روى ابن عبد البر، وغيره من السنة، في قوله تعالى:
" واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا " (32)، قال: إن النبي صلى الله عليه وآله ليلة أسري به جمع الله بينه وبين الأنبياء، ثم قال: له سلهم يا محمد، على ماذا بعثتم؟ قالوا: بعثنا على شهادة أن لا إله إلا الله، وعلى الاقرار بنبوتك، والولاية لعلي بن أبي طالب (33).
السابعة عشر : آية الأذن الواعية :
قوله تعالى: " وتعيها أذن واعية " (34) " روى الجمهور: أنها نزلت في علي عليه السلام (35).
الثامنة عشر : سورة " هل أتى ":
روى الجمهور: أن الحسن، والحسين. مرضا، فعادهما رسول الله صلى الله صلى الله عليه وآله، وعامة العرب، فنذر علي صوم ثلاثة أيام، وكذا أمهما فاطمة عليها السلام، وخادمتهم فضة، لئن برئا، فبرئا، وليس عند آل محمد صلى الله عليه وآله قليل ولا كثير، فاستقرض أمير المؤمنين (ع) ثلاثة أصوع من شعير، وطحنت فاطمة منها صاعا، فخبزته أقراصا، لكل واحد قرص، وصلى علي المغرب، ثم أتى المنزل، فوضع يديه بين يديه، للافطار، فأتاهم مسكين، وسألهم، فأعطاه كل منهم قوته، ومكثوا يومهم وليلهم لم يذوقوا شيئا.
ثم صاموا اليوم الثاني، فخبزت فاطمة صاعا آخر، فلما قدمته بين أيديهم للافطار أتاهم يتيم، وسألهم القوت، فتصدق كل منهم بقوته.
فلما كان اليوم الثالث من صومهم، وقدم الطعام للافطار، أتاهم أسير، وسألهم القوت، فأعطاه كل منهم قوته، ولم يذوقوا في الأيام الثلاثة سوى الماء.
فرآهم النبي صلى الله عليه وآله في اليوم الرابع، وهم يرتعشون من الجوع، وفاطمة (ع) قد التصق بطنها بظهرها من شدة الجوع، وغارت عينها، فقال صلى الله عليه وآله: وا غوثاه، يا الله، أهل محمد يموتون جوعا؟
فهبط جبرائيل، فقال: خذ ما هنأك الله تعالى به في أهل بيتك، فقال:
وما آخذ يا جبرائيل؟ فأقرأه: " هل أتى " (36).
التاسعة عشر :آية الصدق :
قوله تعالى: " والذي جاء بالصدق، وصدق به " (37).
روى الجمهور، عن مجاهد قال: هو علي بن أبي طالب عليه السلام (38)
العشرون:آية النصر :
قوله تعالى: " هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين " (39).
عن أبي هريرة، قال: مكتوب على العرش: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، محمد عبدي ورسولي، وأيدته بعلي بن أبي طالب (40).
الحادية والعشرون: آية من اتبعك :
قوله تعالى: " يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك " (41).
روى الجمهور: أنها نزلت في علي عليه السلام (42).
الثانية والعشرون: آية المحبة :
قوله تعالى: فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه " (43).
قال الثعلبي: نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام (44).
الثالثة والعشرون: آية الصديقون :
" والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون " (45) روى أحمد بن حنبل: أنها نزلت في علي عليه السلام (46).
الرابعة والعشرون: آية الذين ينفقون :
قوله تعالى: " الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية " (47).
روى الجمهور: أنها نزلت في علي (ع)، كانت معه أربعة دراهم، أنفق في الليل درهما، وبالنهار درهما، وفي السر درهما، وفي العلانية درهما (48).
الخامسة والعشرون: قوله تعالى: آية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله.
" إن الله وملائكته يصلون على النبي، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما (49).
في صحيح مسلم (50): قلت: يا رسول الله، أما السلام عليك فقد عرفناه، وأما الصلاة عليك فكيف هي؟ فقال: قولوا: اللهم صلى على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم.
السادسة والعشرون: آية مرج البحرين .
قوله تعالى: " مرج البحرين يلتقيان " (51).
روى الجمهور: قال ابن عباس: علي وفاطمة بينهما برزخ لا يبغيان، النبي صلى الله عليه وآله، يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان: الحسن والحسين، ولم يحصل لغيره من الصحابة هذه الفضيلة (52).
السابعة والعشرون:آية علم الكتاب .
قوله تعالى: " ومن عنده علم الكتاب " (53). روى الجمهور: هو علي (54) عليه السلام.
الثامنة والعشرون: آية يوم لا يخزي.. .
قوله تعالى: " يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه " (55):
قال ابن عباس: علي وأصحابه (56).
التاسعة والعشرون: آية خير البرية.
قوله تعالى: " إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أولئك هم خير البرية " (57):
روى الجمهور، عن ابن عباس، قال: لما نزلت هذه الآية، قال رسول الله صلى الله عليه وآله، هم أنت يا علي وشيعتك، تأتي أنت وشيعتك راضين مرضيين، ويأتي أعداؤك غضابا مقمحين (58).
الثلاثون: آية هو الذي خلق.
قوله تعالى: " هو الذي خلق من الماء بشرا، فجعله نسبا وصهرا " (59):
قال ابن سيرين: نزلت في النبي، وعلي، زوج فاطمة عليا (60).
تعليق