النسب الوضّاح
ليس في دنيا الإسلام وغيره نسب أرفع ولا أسمى من نسب السيّدة زينب (



إنّ الاُسرة العلوية هي أسمى اُسرة عرفها التأريخ بجهادها ونضالها , وتبنّيها لحقوق الإنسان وقضايا مصيره ، ومقاومتها للظلم والطغيان ، فليس في اُمم العالم وشعوب الأرض مثل اُسرة العلويِّين في دفاعهم عن حقوق المظلومين والمضطهدين ، وقد استشهد المئات منهم من أجل حرية الإنسان وكرامته .
وعلى أيّ حال ، فهذه لمحة موجزة عن الاُصول الكريمة التي تفرّعت منها سيّدة النساء زينب (عليها السّلام) .
الجدّ
أمّا جدّ السيّدة زينب فهو سيّد الكائنات رسول الله (

الصفحة (20)
العدالة والقانون ، وسحق خرافات الجاهليّة وعاداتها , ودمّر أصنامها وأوثانها ، ودعا إلى توحيد الله خالق الكون وواهب الحياة ، وجاء بالخير العميم لاُمّته ، ولكلّ ما تسمو به من التقاليد والعادات ، فما أعظم عائدته عليها وعلى البشرية جمعاء !
لقد أرسله الله تعالى رحمةً للعالمين ، ومنار هداية لخلقه أجمعين ، فكان (صلوات الله عليه) كما قال الله تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ )(1) . فهو رحمة للناس جميعاً على اختلاف ألسنتهم وألوانهم ، حريص على هدايتهم وإسعادهم ، قال تعالى : ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ )(2) .
لقد تشرّفت الإنسانيّة برسول الله (


هذا رسول الله (

الجدّة
أمّا جدّة السيّدة زينب فهي اُمّ المؤمنين وسيّدة نساء النبي (


ـــــــــــــــــــ
(1) سورة الأنبياء / 107 .
(2) سورة التوبة / 128 .
الصفحة (21)
معه طوال المدّة التي اعتقلتهم فيها طغاة قريش في (الشِّعب) ، وكانت تهوّن على النبي (

وكان النبي (

وكانت عائشة يثقل عليها ذلك ، فكانت تندّد بها وتقول لرسول الله (


لقد رزقه الله منها سيّدة نساء العالمين الصدّيقة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) التي هي نفحة من روح الله تعالى . إنّ السيّدة خديجة أسمى امرأة مجاهدة في الإسلام , هي جدّة الصدّيقة زينب (عليها السّلام) .
وقد ورثت صفات جدّتها التي منها الاندفاع في نصرة الحقّ , والذبّ عن المثل العليا ، وقد ظهرت هذه الصفات بوضوح عند العقيلة ؛ فقد وقفت إلى جانب أخيها الإمام الحسين (

الاُمّ
أمّا اُمّ السيدة زينب فهي البتول الطاهرة فاطمة الزهراء (


وبلغ من عظيم حبّه لها أنّه إذا سافر جعلها آخر مَنْ يودّعها ؛ لتكون صورتها ماثلة أمامه ، كما أنّه إذا قدِم من سفره كان أوّل مَنْ يستقبلها(1) ؛ وذلك لسموّ مكانتها وعظيم شأنها .
وقد عنى بها عناية بالغة , فغذّاها
ـــــــــــــــــــــ
(1) مسند أحمد بن حنبل 5 / 275 ، مستدرك الصحيحين 3 / 156 ، سنن البيهقي 1 / 26 .
الصفحة (22)
بمكرماته ، وأفاض عليها أشعة من روحه التي ملأ سناها الكون ، وغرس في نفسها عناصر حكمته وفضائله ، فكانت صورة تحكيه ومثالاً صادقاً عنه ، ويقول الرواة : إنّها كانت من أشبه الناس به هدياً وحديثاً ومنطقاً(1) .
وكانت فيما أجمع عليه الرواة من أشفق الناس وأخلصهم لأبيها وأبرّهم به ؛ فإذا رأته متأثراً أو حزيناً ذابت أسى وموجدة .
ومن أمثلة ذلك ما رواه أبو نعيم بسنده عن أبي ثعلبة ، قال : قَدِم رسول الله (


قالت : (( أراك قد شحب لونك )) .
فقال لها : (( يا فاطمة ، إنّ الله عزّ وجلّ بعث أباك بأمر لم يبقَ على ظهر الأرض مدر ولا شعر إلاّ أدخله به عزّاً أو ذلاً(2) ، حيث سطع الليل ))(3) .
تكريم وتعظيم
وأحاط النبي (

ـــــــــــــــــــــ
(1) صحيح الترمذي 2 / 319 رواه بسنده عن عائشة ، ورواه الحاكم في مستدرك الصحيحين بسنده عنها 3 / 154 ، ورواه البخاري في الأدب المفرد / 141 ، ورواه أبو عمرو في الاستيعاب 2 / 751 .
(2) معنى الحديث أنّ البيوت التي دخلها العزّ هي التي آمنت بالإسلام ، وأمّا البيوت التي دخلها الذلّ فهي التي لم تؤمن بالإسلام وبقيت على كفرها وضلالها .
(3) حلية الأولياء 2 / 30 ، كنز العمّال 1 / 77 ، مجمع الزوائد 8 / 262 .
الصفحة (23)
1 ـ قال رسول الله (

2 ـ قال رسول الله (

3 ـ قال رسول الله (

ومعنى هذه الأحاديث التي تقاربت في مؤدّاها أنّ لسيّدة النساء (

4 ـ قال رسول الله (

5 ـ قال رسول الله (

6 ـ قال رسول الله (

ـــــــــــــــــــــــ
(1) ذخائر العقبى / 39 ، ومثله رواه الحاكم في مستدرك الصحيحين وعلّق عليه : ( هذا حديث صحيح الإسناد ) كما جاء في اُسد الغابة 5 / 522 ، الإصابة 8 / 159 .
(2) ميزان الاعتدال ـ الذهبي 2 / 72 .
(3) كنز العمال 6 / 219 .
(4) صحيح البخاري ـ كتاب بدء الخلق في باب مناقب قرابة رسول الله (

(5) صحيح الترمذي 2 / 319 ، مسند أحمد بن حنبل 4 / 5 .
الصفحة (24)
آذاها ))(1) .
7 ـ قال رسول الله (

وحكت هذه الأحاديث بصورة واضحة أنّ مَنْ يخدش عاطفة الزهراء (عليها السّلام) ، أو يُسيء إليها بأيّ لون من ألوان الإساءة فقد واجه أباها رسول الله (

8 ـ روت عائشة أنّ النبي (

9 ـ روى عمران بن حصين أنّ النبي (

فقلت : بلى . فانطلقنا حتّى إذا انتهينا إلى بابها فسلّم واستأذن ، فقال : (( أدخل أنا ومَنْ معي ؟ )) .
قالت : (( نعم . ومَنْ معك يا أبتاه , فوالله ما عليّ إلاّ عباءة ؟ )) .
فقال : (( اصنعي بها كذا )) . فعلّمها كيف تستتر ، فقالت : (( والله ما على رأسي من خمار )) . فأخذ ملاءة كانت عليه فقال : (( اختمري بها )) .
ثمّ أذنت لهما فدخلا ، فقال : (( كيف تجدينك يا بُنيّة ؟ )) . قالت : (( إنّي لوجعة ، وإنّه ليزيدني أنّه ما لي طعام آكله )) .
قال : (( يا بُنيّة ، أما ترضين إنّك سيدة نساء العالمين ؟ )) .
قالت : (( يا أبتِ ، فأين مريم ابنة عمران ؟ )) .
قال : (( تلك سيدة نساء عالمها ، وأنت سيّدة نساء العالمين . أما والله زوّجتك سيّداً في الدنيا والآخرة ))(4) .
ــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيح الترمذي 2 / 319 . صحيح مسلم .
(2) كنز العمّال 6 / 219 . مستدرك الصحيحين 3 / 154 .
(3) مستدرك الصحيحين 3 / 156 .
(4) حلية الأولياء 2 / 42 . مشكل الآثار 1 / 50 . ذخائر العقبى / 43 .
الصفحة (25)
10 ـ روى الإمام أمير المؤمنين (



11 ـ روى أنس بن مالك أنّ النبي (


وكثير من أمثال هذه الروايات دُوّنت في الصحاح والسنن وغيرهما , وهي تشيد بفضل سيّدة النساء ، وأنّ الله تعالى قد قلّدها أسمى أوسمة الشرف ، وفضّلها على جميع نساء العالمين .
وهذه البتول سيّدة نساء العالمين هي اُمّ السيّدة زينب (

الأب
أمّا أبو الصدّيقة الطاهرة زينب (عليها السّلام) فهو الإمام أمير المؤمنين , رائد الحكمة والعدالة في الإسلام ، أخو النبي (


ـــــــــــــــــــــــ
(1) كنز العمّال 7 / 111 .
(2) تفسير ابن جرير 3 / 180 .
الصفحة (26)
وأهدافه ، وقام إلى جانبه قوّة ضاربة يحمي دعوته ويصون رسالته , ويخمد بسيفه نار الحروب التي أشعلتها قريش لتطفئ نور الله , وتقضي على الإسلام في مهده ، فوهب (سلام الله عليه) روحه لله تعالى ، فحصد ببتّاره رؤوس الطغاة من القرشيّين وأنصارهم المشركين .
لقد كان الإمام أبرز بطل في جيوش المسلمين نازل ببسالة وصمود قوى الكفر والإلحاد ، وأنزل بها الخسائر حتّى فُلّت وشُلّت جميع فعاليتها العسكرية , وباءت بالهزيمة والخسران . ولولا جهاد الإمام وكفاحه لما قام الإسلام على سوقه عبل الذراع , مفتول الساعد ، فما أعظم عائدته على الإسلام والمسلمين !
وكان من عظيم إيمان الإمام ونصرته للإسلام مبيته على فراش النبي (


لقد صحب الإمام أمير المؤمنين (


يقول العقاد : إنّه فتح ما يربو على ثلاثين علماً لم تكن معروفة قبله ؛ كعلم الكلام والفلسفة والقضاء والحساب وغيرها ، وهو القائل : (( سلوني قبل أن تفقدوني )) . ولم يفه أحدٌ بمثل هذه الكلمة غيره .
وقد أخبر عن علمه وإحاطته بأسرار الكون والفضاء ، فقال : (( سلوني عن طرق السماء , فإنّي أعرف بها من طرق الأرض )) . كما تحدّث عن درايته بما احتوت عليه الكتب السماويّة من أحكام قائلاً : (( لو ثُنيت لي الوسادة لأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وأهل الزبور بزبورهم ، وأهل الفرقان بفرقانهم ،
الصفحة (27)
وأهل القرآن بقرآنهم )) .
لقد كان الإمام (


ومن مظاهر شخصيّة الإمام (

ومن المقطوع به إنّه ليس في تأريخ الشرق العربي وغيره حاكم كالإمام أمير المؤمنين (

[ قال ابن عباس : ] لا قيمة له يا أمير المؤمنين .
[ فقال الإمام (

لقد تبنّى العدل الخالص والحقّ المحض في جميع مراحل حكمه ؛ فالقريب والبعيد عنده سواء ، والقوي عنده ضعيف حتّى يأخذ منه الحقّ ، والضعيف عنده قوي حتّى يأخذ له بحقّه . وقد أوجد في أيام خلافته وعياً سياسياً أصيلاً وهو التمرّد على الظلم , ومقارعة الجبابرة والطغاة .
وكان أبرز مَنْ تغذّى بهذا الوعي ولده أبو الأحرار الإمام الحسين (

وعلى أي حال ، فهذا العملاق العظيم هو أبو الصدّيقة الطاهرة زينب (عليها السّلام) ، فقد غذّاها بمثله ومكوّناته النفسية ، وأفرغ عليها أشعة من روحه الثائرة على الظلمالصفحة (28)
والطغيان ، فكانت تحكيه في انطباعاته واتجاهاته ، فقارعت الظالمين ، وناجزت الطغاة المستبدّين ، وأذلّت الجبابرة المتكبّرين وألحقت بهم الخزي والدمار .
لقد وقفت حفيدة الرسول (


لقد كانت هذه السيّدة العظيمة في سيرتها وسلوكها من أشبه الناس بأبيها الإمام أمير المؤمنين (

وكذلك هذه السيّدة العملاقة نصرت الإسلام حينما عاد غريباً في ظلّ الحكم الاُموي الذي استهدف قلع جذور الإسلام ولفّ لوائه ، وإعادة الحياة الجاهليّة بأوثانها وأصنامها ، ولكنّها مع أخيها (

جدّها لأبيها
أمّا جدّ السيدة الزكية زينب لأبيها فهو حامي الإسلام وبطل الجهاد المقدّس ، أبو طالب (مؤمن قريش) الذي نافح عن رسول الله (

لقد كان أبو طالب من أوثق المسلمين إيماناً ، ومن أكثرهم إخلاصاً لدين
الصفحة (29)
التوحيد ، وهو القائل :
ولقد علمتُ بأنّ دينَ محمّدٍ من خيرِ أديانِ البريةِ دينا
وحكى هذا البيت إيمانه العميق بأنّ دين النبي (


لقد وقف هذا العملاق العظيم محامياً عن رسول الله (

واللهِ لن يصلوا إليكَ بجمعهم حتى أُوسّد في الترابِ دفينا
وظلّ رسول الله (



ولمّا انتقل هذا الصرح العظيم إلى حضيرة القدس حزن عليه النبي (

وقد أجمعت قريش بعد موت أبي طالب على قتل النبي (

ـــــــــــــــــــــــــ
(1) من العجيب ما ذكره بعض السذّج من المؤلّفين أنّ أبا طالب حامي الإسلام مات غير مسلم ، وليس ذلك إلاّ من وضع الاُمويّين الذين كادوا للإسلام وطعنوا في أعظم حماته ورجاله . ولو مات غير مسلم لما حزن عليه النبي (


الصفحة (30)
فاضطر (



إنّ هذا العملاق العظيم هو جدّ سيّدة النساء زينب (عليها السّلام) لأبيها ، وقد ورثت منه خصائصه وذاتياته التي من أبرزها التفاني في الحق ونكران الذات .
جدّتها لأبيها
وجدّة السيدة زينب (عليها السّلام) لأبيها هي السيدة الزكية فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف زوجة أبي طالب ، وهي من سيّدات النساء في إيمانها وطهارتها ، وقد برّت بالنبي (

وقد قطع (


فأخبرهم النبي (

هذه الاُصول العملاقة التي اتّسمت بالإيمان والشرف والكرامة , وبكلّ ما
ـــــــــــــــــــــــ
(1) توجد ترجمتها في طبقات ابن سعد ، الاستيعاب ، أعيان الشيعة ، أعلام النساء ، تنقيح المقال ، وغيرها .
الصفحة (31)
يسمو به الإنسان من القيم والمبادئ الكريمة ، قد تفرّعت منها بطلة الإسلام وصانعة التأريخ زينب (عليها السّلام) ، فقد ورثت جميع نزعات آبائها وخصائصهم وصفاتهم حتّى صارت صورة مشرقة عنهم .
إخوانها
ويجدر بنا بعد هذا العرض الموجز لشؤون الاُسرة الكريمة التي تفرّعت منها سيّدة النساء زينب (عليها السّلام) أن نذكر ـ بإيجاز ـ إخوانها الذين عاشرتهم , وهم الذين ملؤوا فم الدنيا بفضائلهم ومآثرهم ، وفيما يلي ذلك :
1 ـ الإمام الحسن (

هو ريحانة رسول الله (

وقد سارع النبي (

وهل في دنيا الوجود كلمات هي أسمى وأعظم من هذه الكلمات ، وقد غرسها النبي (

وفي اليوم السابع من ولادته عقّ عنه النبي (

ــــــــــــــــــــ
(1) الإصابة 1 / 338 ، الاستيعاب 1 / 368 ، حياة الإمام الحسن (

الصفحة (32)
وتصدّق بزنة شعره فضّة على المساكين(1) ، وكان ذلك سنّة في الإسلام لكلّ وليد .
تسميته
وأقبل النبي (


فأجابه الإمام بأدبٍ واحترام قائلاً : (( ما كنت لأسبقك يا رسول الله .. )) . وانبرى النبي (

وهبط الوحي على النبي (

وكفى بهذا الاسم جمالاً وعظمةً أنّ الخالق العظيم هو الذي اختاره لسبط النبي وريحانته .
كنيته وألقابه
وكنّاه النبي (

ملامحه
أمّا ملامحه فكانت تحكي ملامح جدّه الرسول (

ــــــــــــــــــــ
(1) حياء الإمام الحسن (

(2) تأريخ الخميس 1 / 47 .
(3) حياة الإمام الحسن (

الصفحة (33)
أن ينظر إلى رسول الله (


ويقول أنس بن مالك : لم يكن أحد أشبه بالنبي (

لقد كان الإمام الحسن (


مظاهر شخصيّته
ونتحدّث ـ بإيجاز ـ عن بعض مظاهر شخصية الإمام الحسن (

الحلم : من ذاتيات الإمام السبط ( الحلم ) ، فقد كان من أحلم الناس ، وقد تعرّض لموجات عاتية من الإساءة من الاُسرة الاُمويّة التي اُترعت نفوسها بالحقد والكراهية لآل النبي (

وقد شهد مروان بن الحكم وهو من أخبث الناس وأشدّهم عداوة للإمام الحسن (

لقد كان الحلم من أبرز عناصره النفسيّة ، وقد أجمع الرواة على أنّه كان من أوسع الناس صدراً ، وأنّه ما جازى مَنْ أذنب في حقّه ، وإنّما قابله بالبرّ والإحسان ؛ شأنه في ذلك [شأن] جدّه الرسول (

الجود : وكان الإمام السبط من أندى الناس كفاً ، ومن أكثرهم برّاً وإحساناً للفقراء ، وكان لا يرى للمال قيمة سوى ما يرد به جوع جائع أو يكسو عريانَ .
وقد حفلت مصادر التأريخ والتراجم بذكر بوادر كثيرة من كرمه وسخائه ، وقد لُقّب (

ـــــــــــــــــــ
(1) الفتوح 2 / 340 .
(2) فضائل الأصحاب / 126 ، حياة الإمام الحسن (

الصفحة (34)
بـ (كريم أهل البيت) ، وهم من معادن الكرم والجود .
سمو الأخلاق : ومن عناصر الإمام الحسن (

ومن معالي أخلاقه أنّه كان يوقّر ويحترم كلّ مَنْ قصده , ولا يُفرّق بين القريب والبعيد ، وكان يواسي الناس في مصائبهم , ويشاركهم في مسرّاتهم ، ويوقّر الكبير , ويحنو على الصغير ، ويعطف على الضعيف ، وكان للمسلمين أباً رؤوفاً ، وكهفاً حصيناً ، يلجأ إليه غارمهم ، ويفزع إليهم مظلومهم .
وقد شابه جدّه الرسول الأعظم (

هذه بعض صفات الإمام الحسن (

مع السيدة زينب (عليها السّلام)
نشأت سيدة النساء زينب (عليها السّلام) مع أخيها الإمام الحسن (


هذه لمحة موجزة عن علاقة الإمام الحسن بشقيقته السيدة زينب (عليها السّلام) .
2 ـ الإمام الحسين (

أمّا الإمام الحسين فهو الشقيق الثاني لسيّدة النساء زينب (عليها السّلام) ، وقد نشأت معه وتطبّعت بطباعه ، وكانت بينهما أعمق المودّة ، وهو عندها أعزّ من الحياة ، وكانت تشاركه في آماله وآلامه ، وهي من أبرّ أهله به ، وقد احتلت عواطفه
ــــــــــــــــــ
(1) سورة القلم / 4 .
الصفحة (35)
ومشاعره ؛ وذلك بما تملكه من أصالة الرأي ، وسمو الآداب ، ومعالي الأخلاق ؛ فقد تجسّدت فيها مواريث النبوّة والإمامة ، وكانت صورة صادقة لاُمّها بضعة الرسول (


لقد كانت سيدة النساء زينب (عليها السّلام) موضع أسرار أخيها الإمام الحسين (

وبلغ من سموّ مكانتها عند الحسين (

3 ـ العباس (

هو (قمر بني هاشم) ، وفخر الإسلام ، ومجد المسلمين ، وهو أخو سيّدة النساء زينب لأبيها ، واُمّه : اُمّ البنين ، وهي من سيّدات نساء المسلمين في فضلها وشرفها وطهارتها ، تزوّجها الإمام أمير المؤمنين (


وقد قامت بدور إيجابي في خدمة السبطين وشقيقتهما السيّدة زينب ؛ فكانت تقدّمهم في الرعاية والعطف على أبنائها ؛ لأنّهم ذرية رسول الله (

وكان أوّل مولود لها أبو الفضل العباس (


وكانت علاقته مع أخيه الإمام الحسين (

ـــــــــــــــ
(1) زينب الكبرى / 60 .
الصفحة (36)
وكان العباس (


ولمّا ارتحلت مع أخيها أبي الشهداء من المدينة إلى مكة ثمّ إلى كربلاء كان العباس (

4 ـ محمّد بن الحنفيّة
ومحمد ابن الإمام أمير المؤمنين (


وكان محمّد من المعارضين لابن الزبير والناقمين عليه ، ولا يراه أهلاً لقيادة الاُمّة , فامتنع عن بيعته ، وتبعه على ذلك بقيّة الهاشميّين ، فأمر بحبسهم في (قبة زمزم) , وضرب لهم أجلاً مسمّى فإن لم يبايعوه فيه وإلاّ أحرقهم بالنار . ودلّ ذلك على تجرّده من كلّ نزعة إسلاميّة وإنسانيّة ، وقد شابه بذلك قرينه يزيد بن معاوية , ولو تمّ له الأمر لزاد على جرائمه .
وأرسل محمّد رسالة إلى المجاهد العظيم بطل الإسلام المختار الثقفي عرّفه
ــــــــــــــــــــ
(1) اسم اُمّه خولة بنت جعفر بن حنفيّة ، ولد في خلافة أبي بكر ، وقيل : في خلافة عمر . يُكنّى أبا القاسم . روى عن أبيه وعن جماعة من الصحابة ، وذهب فريق من المسلمين إلى إمامته , كان منهم كثير عزّة ، وله فيه أشعار . وقال بإمامته السيد الحميري , إلاّ أنه عدل عنه وقال بإمامة الإمام الصادق (

الصفحة (37)
فيها بما جرى عليه من ابن الزبير ، وكتب في آخرها : يا أهل الكوفة ، لا تخذلونا كما خذلتم حسيناً .
ولمّا انتهت إليه أجهش بالبكاء وقرأها على أهل الكوفة وخاطبهم قائلاً : هذا كتاب مهديّكم وسيّد أهل بيت نبيّكم ، وقد تركهم الرسول ينتظرون القتل والحريق . وأخذ يتهدّد ابن الزبير قائلاً : لستُ أبا إسحاق إن لم أنصرهم ، وأسرب الخيل إثر الخيل كالسيل حتّى يحلّ بابن الكاهلية الويل .
وجهّز جيشاً قوامه ألف فارس بقيادة عبد الله الجدلي , ثمّ أتبعه بثلاثة آلاف فارس ، وأخذوا يجدّون السير حتّى انتهوا إلى (مكة) وهم ينادون : ( يا لثارات الحسين ) .
وهجموا على (قبة زمزم) , فرأوا الحطب قد وضع عليها , ولم يبق من الأجل الذي حدّده الطاغية لإحراقهم سوى يومين , فأخرجوهم من القبّة وطلبوا من محمّد أن يناجزوا ابن الزبير الحرب , فأعرب له محمّد عن سموّ ذاته وطهارة نفسه قائلاً : لا أستحلّ القتال في حرم الله .
ويقول كثير عزّة ـ وهو من الكيسانيّة ـ يخاطب ابن الزبير :
يـخبّرُ مَـنْ لاقـيت أنّـك عـائذٌ بـل العائذُ المظلومُ في حبسِ عارمِ
ومَنْ يرَ هذا الشيخَ في الخيفِ من منى مـن الـناسِ يـعلم أنّه غيرُ ظالمِ
سـمـيُّ نـبي اللهِ وابـنُ وصـيِّهِ وفـكّاكُ أغـلالٍ وأقـضى المغارمِ
وتعتقد الكيسانيّة إمامته , وأنّه مقيم بجبل (رضوى) . [و] إلى هذا أشار كثير عزّة بقوله :
وسبط لا يذوق الموتَ حتّى يـقود الخيلَ يقدمها اللواءُ
تـغيّب لا يُرى فيهم زماناً برضوى عندهُ عسلٌ وماءُ
توفي سنة (81 هـ) , وقيل غير ذلك(1) . وبهذا ينتهي بنا المطاف عن بعض أشقّاء العقيلة .
ـــــــــــــــــــ
(1) وفيات الأعيان 3 / 110 ـ 113 ، طبقات ابن سعد ، حلية الأولياء ، الأعلام ـ الزركلي .
يتبع
تعليق