أحاديث ضعيفة وأحلام سخيفة
ـ ما رووه في فضل مالك :
قالوا : المراد به مالك بن أنس.
وهذا الحديث وإن حسنه الترمذي ، إلاّ أنه لا دلالة فيه على أن عالم المدينة هو مالك بن أنس ، لأن المدينة ضمت رجالاًً أفذاذاً قبل أحمد وفي زمانه وبعده ، وحسبك أن منهم : علي بن الحسين زين العابدين ، وإبنه الإمام محمد إبن علي الباقر ، وإبنه الإمام جعفر بن محمد الصادق (ع) ، وغيرهم من العلماء البارزين ، ومالك لم يسبق هؤلاء ولا غيرهم في نسب ولا فضل ولا علم ولا غير ذلك ، بل نص بعضهم على أن غيره أفضل منه ) ، فكيف يتعين أن يكون هو عالم المدينة.
ثم إن الظاهر من الحديث هو الدلالة إلى علماء المدينة ، وأن العلماء في غيرها من البلدان لا يقاسون بهم ، لا أن المراد به الدلالة على عالم مخصوص ، حتى يقع الكلام في أنه مالك بن أنس أو غيره. ولهذا قال : ( فلا يجدون أحداًًً أعلم من عالم المدينة ) ، أي من جنس العالم الذي بالمدينة ، ولم يقل : فلا يجدون أحداًًً أعلم من عالمٍ بالمدينة ، حتى يكون المراد به عالماًًً مخصوصاً.
ولو سلمنا أن المراد به عالم مخصوص فلم يحصل إتفاقهم على أنه مالك بن أنس ، فإن الترمذي في السنن ذكر في رواية ، عن سفيان بن عيينة أنه قال : إنه مالك ، وفي رواية أخرى قال : إنه العمري
وقال أحمد في المسند : وقال قوم : هو العمري ، قال : فقدموا مالكاًً.
وذكر الخطيب أن أبا موسى سأل سفيان : أكان إبن جريج يقول : نرى أنه مالك بن أنس؟ ، فقال : إنما العالم من يخشى الله ، ولا نعلم أحداًًً كان أخشى لله من العمري
انظر
سنن الترمذي ج 5 ص 47 ح 2680. مسند أحمد ج 15 ص 135 ح 7967.
ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء ج 8 ص 156 ، عن الشافعي أنه قال الليث أفقه من مالك ، ولكن الخطوة لمالك رحمه الله. وعن الشافعي: الليث إتبع للأثر من مالك. وفي تاريخ بغداد ج 2 ص 298 ، عن أحمد بن حنبل قال : كان أبن أبي ذئب ثقة صدوقاًً ، أفضل من مالك بن أنس. وفي ج 2 ص 175 ، عن يحيى بن صالح قال محمد بن الحسن فيما يأخذه لنفسه أفقه من مالك. وفي ج 9 ص 164 ، عن علي بن المديني قال : سألت يحيى بن سعيد قلت له: أيما أحب إليك ، رأي مالك أو رأي سفيان؟ ، قال سفيان لا يشك في هذا... سفيان فوق مالك في كل شيء ، يعني في الحديث وفي الفقه وفي الزهد. وفي ج 2 ص 302 أن شامياً سأل الإمام أحمد: من أعلم ، مالك أو أبن أبي ذئب؟ ، فقال : أبن أبي ذئب في هذا أكبر من مالك ، وإبن أبي ذئب اصلح في دينه وأورع ورعاً ، وأقوم بالحق من مالك عند السلاطين.
سنن الترمذي ج 5 ص 47 ح 2680.
مسند أحمد ج 15 ص 135 ح 7967.
تاريخ بغداد ج 13 ص 377.