بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الخلق و المرسلين
محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين
هي كل ما يدركه الإنسان بحواسه يرتفع منه أثر إلى روحه و يجتمع في صحيفة ذاته و خزانة مدركاته ، و كذلك كل مثقال ذرة من خير أو شر يعمله يرى أثره مكتوبا ً سيما ما رسخت بسببه الهيئات و تأكدت به الصفات و صار خلقا ً و ملكة ، فإن ذلك مما يوجب خلود الثواب و العقاب ، فكل إنسان نفسه صحيفة أعماله و هو كتاب منطو اليوم عن مشاهدة الأبصار ، و إنما ينكشف بالموت و رفع ما تورده الشواغل الحسية المعبر عنه بقوله تعالى: ( و إذا الصحف نشرت ) .
فإذا حان حين ذلك و هو يوم تبلى السرائر صار الغيب شهادة و السر علانية و الخبر عيانا ً فيقال :( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )، ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) .
فمن كان في غفلة من حساب سره فإذا وقع بصره على ذلك و التفت إلى صفحة باطنة و صحيفة قلبه يقول :( ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها ) .
ثم من كان من أهل السعادة و أصحاب اليمين و كانت معلوماته أمورا ً قدسية و أعماله صالحة و أخلاقه حسنة فقد أوتي كتابه بيمينه من جهة عليين ، ( إن كتاب الأبرار لفي عليين و ما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون ) ، و ذلك لأن كتابه من جنس الألواح العالية و الصحف المكرمة المرفوعة المطهرة بأيدي سفرة كرام بررة ، فليس عليه سوى العرض كما قال سبحانه :( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه ) إلى قوله :( في الأيام الخالية ) .
و من كان من الأشقياء المردودين و كانت معلوماته مقصورة على الجرميات و أعماله خبيثة و أخلاقه سيئة فقد أوتي كتابه بشماله من جهة سجين ، ( كلا إن كتاب الفجار لفي سجين و ما أراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين ) ، و ذلك لأن كتابه من جنس الأوراق السفلية و الصحائف الحسية القابلة للإحراق ، فلا جرم يعذب بالنار كما قال سبحانه :( و أما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه و لم أدر ما حسابيه )إلى قوله : ( لا يأكله إلا الخاطؤن ) .
و أما من أوتي كتابه وراء ظهره فهم الذين أوتوا الكتاب فنبذوه وراء ظهورهم و اشتروا به ثمنا ً قليلا ً فقيل لهم ارجعوا رواءكم فالتمسوا نورا ً ؛ فإنه حين نبذه وراء ظهره ظن أن لن يحور فسوف يدعو ثبورا ً و يصلى سعيرا ً ، و ميزان كل شيء هو المعيار الذي يعرف به قدر ذلك الشيء فميزان يوم القيامة ما يوزن به قدر كل إنسان و قيمته على حسب عقيدته و خلقه و عمله ، ( لتجزى كل نفس بما كسبت ) .
و ليس ذلك إلا الإمام المعصوم ، إذ به و بإقتفاء آثاره و ترك ذلك و القرب عن طريقته و البعد عنها يعرف مقدار الناس و قدر حسناتهم و سيئاتهم ، فميزان كل أمة نبي تلك الأمة و وصي نبيها و الشريعة التي أتى بها : ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون و من خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم ) .
روي عن هشام بن سالم قال : " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز و جل : ( و نضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ً ) قال : هم الأنبياء و الأوصياء " .
و في رواية أخرى عنهم عليهم الصلاة و السلام :" نحن الموازين القسط ليوم القيامة " .
عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قيل له : " أوليس توزن الأعمال ؟ قال لا ، لأن الأعمال ليست أجساما ً و إنما هي صفة ما عملوا و إنما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء و لا يعرف ثقلها أو خفتها ، و أن الله لا يخفى عليه شيء ، قيل : فما معنى الميزان ؟ قال : العدل قال فما معناه في كتابه فمن ثقلت موازينه ؟ قال فمن رجح عمله " .
و عن أمير المؤمنين عليه السلام :" في قوله تعالى : ( فأما من ثقلت موازينه ... و من خفت موازينه ) قال : الحسنات ثقل الميزان و السيئات خفة الميزان " .
وفقنا الله و إياكم لما يحب و يرضى
*(( نسألكم الدعاء ))*
"عاشقة النور"
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الخلق و المرسلين
محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين
هي كل ما يدركه الإنسان بحواسه يرتفع منه أثر إلى روحه و يجتمع في صحيفة ذاته و خزانة مدركاته ، و كذلك كل مثقال ذرة من خير أو شر يعمله يرى أثره مكتوبا ً سيما ما رسخت بسببه الهيئات و تأكدت به الصفات و صار خلقا ً و ملكة ، فإن ذلك مما يوجب خلود الثواب و العقاب ، فكل إنسان نفسه صحيفة أعماله و هو كتاب منطو اليوم عن مشاهدة الأبصار ، و إنما ينكشف بالموت و رفع ما تورده الشواغل الحسية المعبر عنه بقوله تعالى: ( و إذا الصحف نشرت ) .
فإذا حان حين ذلك و هو يوم تبلى السرائر صار الغيب شهادة و السر علانية و الخبر عيانا ً فيقال :( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )، ( هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون ) .
فمن كان في غفلة من حساب سره فإذا وقع بصره على ذلك و التفت إلى صفحة باطنة و صحيفة قلبه يقول :( ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها ) .
ثم من كان من أهل السعادة و أصحاب اليمين و كانت معلوماته أمورا ً قدسية و أعماله صالحة و أخلاقه حسنة فقد أوتي كتابه بيمينه من جهة عليين ، ( إن كتاب الأبرار لفي عليين و ما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون ) ، و ذلك لأن كتابه من جنس الألواح العالية و الصحف المكرمة المرفوعة المطهرة بأيدي سفرة كرام بررة ، فليس عليه سوى العرض كما قال سبحانه :( فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرؤا كتابيه ) إلى قوله :( في الأيام الخالية ) .
و من كان من الأشقياء المردودين و كانت معلوماته مقصورة على الجرميات و أعماله خبيثة و أخلاقه سيئة فقد أوتي كتابه بشماله من جهة سجين ، ( كلا إن كتاب الفجار لفي سجين و ما أراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين ) ، و ذلك لأن كتابه من جنس الأوراق السفلية و الصحائف الحسية القابلة للإحراق ، فلا جرم يعذب بالنار كما قال سبحانه :( و أما من أوتي كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه و لم أدر ما حسابيه )إلى قوله : ( لا يأكله إلا الخاطؤن ) .
و أما من أوتي كتابه وراء ظهره فهم الذين أوتوا الكتاب فنبذوه وراء ظهورهم و اشتروا به ثمنا ً قليلا ً فقيل لهم ارجعوا رواءكم فالتمسوا نورا ً ؛ فإنه حين نبذه وراء ظهره ظن أن لن يحور فسوف يدعو ثبورا ً و يصلى سعيرا ً ، و ميزان كل شيء هو المعيار الذي يعرف به قدر ذلك الشيء فميزان يوم القيامة ما يوزن به قدر كل إنسان و قيمته على حسب عقيدته و خلقه و عمله ، ( لتجزى كل نفس بما كسبت ) .
و ليس ذلك إلا الإمام المعصوم ، إذ به و بإقتفاء آثاره و ترك ذلك و القرب عن طريقته و البعد عنها يعرف مقدار الناس و قدر حسناتهم و سيئاتهم ، فميزان كل أمة نبي تلك الأمة و وصي نبيها و الشريعة التي أتى بها : ( فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون و من خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم ) .
روي عن هشام بن سالم قال : " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عز و جل : ( و نضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا ً ) قال : هم الأنبياء و الأوصياء " .
و في رواية أخرى عنهم عليهم الصلاة و السلام :" نحن الموازين القسط ليوم القيامة " .
عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قيل له : " أوليس توزن الأعمال ؟ قال لا ، لأن الأعمال ليست أجساما ً و إنما هي صفة ما عملوا و إنما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الأشياء و لا يعرف ثقلها أو خفتها ، و أن الله لا يخفى عليه شيء ، قيل : فما معنى الميزان ؟ قال : العدل قال فما معناه في كتابه فمن ثقلت موازينه ؟ قال فمن رجح عمله " .
و عن أمير المؤمنين عليه السلام :" في قوله تعالى : ( فأما من ثقلت موازينه ... و من خفت موازينه ) قال : الحسنات ثقل الميزان و السيئات خفة الميزان " .
وفقنا الله و إياكم لما يحب و يرضى
*(( نسألكم الدعاء ))*
"عاشقة النور"
تعليق