هل أخبر النبي (صلى الله عليه وآله) بوفاته الوشيكة
لقد أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بموته الوشيك في سنة 11 هجرية، وإليك أدلة ذلك: 1 - نعى رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه قبل موته بشهر (1). 2 - دخل أبو سفيان على النبي (صلى الله عليه وآله) يوما فقال: يا رسول الله أريد أن أسألك عن شيء. فقال (صلى الله عليه وآله): إن شئت أخبرتك قبل أن تسألني. قال: افعل، قال (صلى الله عليه وآله): أردت أن تسأل عن مبلغ عمري. فقال: نعم يا رسول الله. فقال (صلى الله عليه وآله): إني أعيش ثلاثا وستين سنة. فقال: أشهد أنك صادق. فقال (صلى الله عليه وآله): بلسانك دون قلبك (2). 3 - وصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنبر مودعا أهل الدين والدنيا مناديا: ألا من كانت له مظلمة قبل محمد (صلى الله عليه وآله) إلا قام فليقتص منه (3). 4 - وقال الرسول (صلى الله عليه وآله) قبل موته بليلة لأبي مويهبة: إني قد أوتيت
(هامش)
(1) لسان الميزان، ابن حجر العسقلاني 1 / 456. (2) قصص الأنبياء، البحار 22 / 504. (3) تاريخ الطبري، حوادث سنة 11 هجرية 2 / 433، 434. (*)
مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة... لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي (1). 5 - وقال (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع أمام مسلمي ذلك الزمان: إن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة، وإنه عارضني هذا العام مرتين، وما أراه إلا قد حضر أجلي (2). 6 - وقال الرسول (صلى الله عليه وآله) أمام ملأ المسلمين في غدير خم: أيها الناس يوشك أن أدعى فأجيب، وأني مسؤول وأنكم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ (3) 7 - وقد رأى العباس ذات ليلة في منامه أن القمر قد رفع من الأرض إلى السماء. فقال النبي (صلى الله عليه وآله) له: هو ابن أخيك. وقال العباس: عرفنا أن بقاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فينا قليل (4). 8 - وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتزعمون أني من آخركم وفاة، ألا وإني من أولكم وفاة (5). إذا المسلمون وخاصة في المدينة المنورة عالمون بوفاة النبي (صلى الله عليه وآله)
(هامش)
(1) دلائل النبوة، البيهقي 7 / 162، البداية والنهاية، ابن كثير 5 / 224. (2) صحيح البخاري باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله)، الطبقات 2 / 194. (3) سنن الترمذي 2 / 298، سنن ابن ماجة ص 12، الطبقات 2 / 194. (4) الطبقات 2 / 193. (5) الطبقات، ابن سعد 2 / 193. (*)
القريبة، وهذه النقطة يجب أن لا ينساها من يقرأ أو يفكر في أحداث السقيفة وما قبلها وما بعدها. 9 - وأخبر (صلى الله عليه وآله) عائشة بوفاته القريبة قائلا: ولا تؤذوني بباكية ولا برنة ولا بصيحة (1). 10 - وذكر عبد الله بن مسعود قائلا: نعى إلينا نبينا وحبيبنا نفسه قبل موته بشهر، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت أمنا عائشة، فنظر إلينا وشدد فدمعت عينه وقال: مرحبا بكم رحمكم الله آواكم الله حفظكم الله، رفعكم الله، نفعكم الله، وفقكم الله، نصركم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، واستخلفه عليكم، وأؤديكم إليه إني لكم نذير وبشير، لا تعلوا على الله في عباده وبلاده، فإنه قال لي ولكم: { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين } (2). وقال { أليس في جهنم مثوى للمتكبرين } (3). فقلنا متى أجلك؟ قال (صلى الله عليه وآله): قد دنا الفراق والمنقلب إلى الله وإلى سدرة المنتهى. قلنا: فمن يغسلك يا نبي الله؟
(هامش)
(1) مختصر تاريخ ابن عساكر 2 / 371. (2) القصص: 28. (3) الزمر: 60. (*)
قال (صلى الله عليه وآله): أهلي الأدنى فالأدنى. قلنا: ففيم نكفنك يا نبي الله؟ قال (صلى الله عليه وآله): في ثيابي هذه إن شئتم، أو في بياض مصر أو حلة يمانية. قلنا: فمن يصلي عليك يا نبي الله؟ قال (صلى الله عليه وآله): مهلا غفر الله لكم وجزاكم عن نبيكم خيرا. فبكينا وبكى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: إذا غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري ثم اخرجوا عني ساعة، فإن أول من يصلي علي جليسي وخليلي جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم ملك الموت مع جنود كثيرة من الملائكة بأجمعها، ثم ادخلوا علي فوجا فوجا فصلوا علي وسلموا تسليما، ولا تؤذوني بباكية ولا برنة ولا صيحة، وليبدأ بالصلاة علي رجال أهل بيتي ثم نساؤهم ثم أنتم... (1). 11 - وأخبر (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) بوفاته في وجعه (2). وجاء في القرآن الكريم آيات تؤيد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) منها: { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم.. } (3). { كل نفس ذائقة الموت } (4).
(هامش)
(1) تاريخ الطبري 2 / 435، القصص: 83، الزمر: 60، الكامل في التاريخ 2 / 320. (2) صحيح البخاري، باب منقبة فاطمة (عليها السلام) 5 / 65، صحيح مسلم، فضائل فاطمة، الطبقات 2 / 193. (3) آل عمران: 144. (4) آل عمران: 144، 185. (*)
{ إنك ميت وإنهم ميتون } (1). فهل يمكن بعد كل هذه الأدلة القرآنية والحديثية أن ينفي عمر بن الخطاب وعثمان الموت عن النبي محمد (صلى الله عليه وآله)؟!
انتداب عصبة قريش لحملة أسامة
بعد عودة الرسول (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع وصل إلى غدير خم وهناك أوصى لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) بالخلافة، وعينه إماما للأمة فبايعوه وفي المدينة دعا الناس للتوجه لحرب الروم، وفي ذلك الجيش معظم الصحابة. وذكرت أمهات الكتب الحديثية والتاريخية وجود أبي بكر وعمر وعثمان وابن الجراح فيمن انتدب إلى حملة الشام، فقد ذكر ابن سعد: فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواءا بيده ثم قال: اغز بسم الله وفي سبيل الله، فقاتل من كفر بالله، فخرج وعسكر بالجرف، فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلا انتدب في تلك الغزوة، فيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وغيره (2).
(هامش)
(1) الزمر: 30. (2) البداية والنهاية 8 / 73، الطبقات الكبرى، ابن سعد 2 / 249، عيون الأثر، ابن سيد الناس 2 / 281، السيرة النبوية بهامش السيرة الحلبية، أحمد زيني دحلان 2 / 339، شرح نهج البلاغة، المعتزلي 6 / 52، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد بن حنبل 4 / 180، الكامل في التاريخ 4 / 66. (*)
وبعد موت رسول الله طلب أبو بكر من أسامة الإذن لعمر بن الخطاب بالبقاء في المدينة والرخصة في عدم الذهاب في حملته إلى الشام (1). ولم يذهب أيضا باقي زعماء الحزب القرشي. إذن ثبت بالدليل القاطع والنص المتواتر وجود أبي بكر وعمر وعثمان وأبي عبيدة بن الجراح في جيش أسامة.
معارضة عصبة قريش لحملة أسامة
بعد أن أثبتنا انتداب عصبة قريش في حملة أسامة بن زيد، وفيهم أبو بكر وعمر وعثمان وأبو عبيدة بن الجراح، نبين هنا عصيان هؤلاء لهذه الحملة، ومعارضتهم لها، وامتناعهم عن الانضواء تحت لوائها في زمن حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وفي زمن خلافة أبي بكر. وإثبات هذا الأمر يبين أن عصبة قريش كانت تتمنى موت رسول الله (صلى الله عليه وآله) سريعا لرفضها الذهاب في حملة أسامة إلى الشام، فهي تخاف الذهاب إلى حرب الروم في الشام وتخشى انتقال الخلافة إلى علي (عليه السلام).
(هامش)
(1) عيون الأثر، ابن سيد الناس 2 / 282، تاريخ اليعقوبي 2 / 127، تاريخ الطبري 2 / 462، الكامل في التاريخ، ابن الأثير 2 / 335، مختصر تاريخ ابن عساكر 4 / 251، 152، الخلفاء ص 11، الطبقات 2 / 191. (*)
وذكريات معركة مؤتة ما زالت عالقة في أذهانهم حيث استشهد فيها جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة. وقد استدعى الرسول (صلى الله عليه وآله) أبا بكر وعمر وجماعة ممن حضر المسجد من المسلمين (يوم الاثنين) ثم قال (صلى الله عليه وآله): ألم آمر أن تنفذوا جيش أسامة؟ فقالوا: بلى يا رسول الله. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فلم تأخرتم عن أمري؟ قال أبو بكر: إني خرجت ثم رجعت لأجدد بك عهدا. وقال عمر: يا رسول الله إني لم أخرج لأنني لم أحب أن أسأل عنك الركب. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): انفذوا جيش أسامة يكررها ثلاثا (1). واستمر عمر في معارضة حملة أسامة في زمن خلافة أبي بكر إذ قال لأبي بكر: إن الأنصار أمروني أن أبلغك، وأنهم يطلبون إليك أن تولي رجلا أقدم سنا من أسامة. فوثب أبو بكر وكان جالسا فأخذ بلحية عمر فقال له: ثكلتك أمك يا بن الخطاب، استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتأمرني أن أنزعه (2). واستمر عمر في مخالفته للحملة بالرغم مما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) ممتنعا
(هامش)
(1) كتاب الإرشاد ص 96. (2) تاريخ الطبري 2 / 462، تاريخ أبي الفداء 1 / 220. (*)
عن الذهاب في حملة أسامة فأخذ أبو بكر له إذنا من أسامة بالبقاء في المدينة إذ جاء: أمر أبو بكر أسامة بن زيد أن ينفذ في جيشه وسأله أن يترك له عمر يستعين به على أمره، فقال أسامة: فما تقول في نفسك؟ (أبو بكر ما زال اسما جنديا في تلك الحملة) فقال أبو بكر: يا بن أخي فعل الناس ما ترى فدع لي عمر وأنفذ لوجهك، فخرج أسامة بالناس (1). وهكذا امتنع أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم من الذهاب في حملة أسامة في زمن حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي زمن حكم أبي بكر. وهذا يبين إصرار عصبة قريش على عصيان أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وخوفهم من مقابلة الروم في حرب دامية. ومن صفات أفراد الحزب القرشي في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي زمن الخلفاء الامتناع عن المشاركة في الحروب والهروب منها بشتى الوسائل المتاحة (2).
أعمال عصبة قريش الخطيرة ضد الرسول (صلى الله عليه وآله) قبل وبعد شهادته
بعد عودة النبي (صلى الله عليه وآله) من الحج ووصيته إلى علي (عليه السلام) في خطبة الوداع
(هامش)
(1) البداية والنهاية 8 / 73. (2) راجع كتاب نظريات الخليفتين، للمؤلف 1 / 255 - 293. (*)
وفي خطبة الغدير أمر عصبة قريش بالانخراط في حملة أسامة، وعندها اشتدت الخصومة بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين المتحفزين للسيطرة على الحكم الذين لم يتحملوا وصية النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام). فبرزت الخصومة واضحة بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) من جهة وأبي بكر وعمر وعائشة وحفصة من جهة أخرى. فكانت آراء وأقوال وأعمال هؤلاء المعارضة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) متمثلة بما يلي: 1 - رفضت عصبة قريش الانضمام إلى صفوف جيش أسامة وعلى رأس هؤلاء أبو بكر وعمر، فذهب أبو بكر إلى السنح بعد أن سم الرسول (صلى الله عليه وآله)، فبقي بجانب زوجته هناك، ولم يعد إلا بعد مقتل النبي (صلى الله عليه وآله) بالسم (1). واستمر عصيان أبي بكر لحملة أسامة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يذهب فيها لا قائدا ولا مأمورا رغم مطالبة أسامة له بذلك. وقد رفض عمر الانضمام إلى حملة أسامة في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وفي زمن أبي بكر رغم الأمر النبوي له بذلك. بل إنه طالب أبا بكر بإقالة أسامة من منصبه وعصيان الأمر الإلهي في تعيينه. لكنه استمر بمناداة أسامة بالأمير في زمن خلافة أبي بكر: إذ أخرج ابن كثير: كان عمر إذا لقيه (أسامة بن زيد) يقول: السلام عليك أيها الأمير (2).
(هامش)
(1) إذ أخبره بذلك مبعوث عمر إليه وهو سالم بن عبيد * كنز العمال 7 / 232 ط. مؤسسة الرسالة. (2) التحفة اللطيفة، السخاوي، البداية والنهاية، ابن كثير 8 / 73، طبع مؤسسة التاريخ العربي - بيروت. (*)
2 - قال عمر وعصبة قريش لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في تلك الأيام إنه يهجر (1) وردوا نظريته (صلى الله عليه وآله) المصرح بها: كتاب الله وعترتي أهل بيتي (عليهم السلام) وطرحوا نظريتهم: حسبنا كتاب الله (2). 3 - طالبت نساء النبي (صلى الله عليه وآله) في يوم الخميس بإعطاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورقة ودواة فقال عمر لهن: اسكتن (3). 4 - أمرت عائشة أباها على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) بالصلاة في صبيحة يوم الاثنين فغضب الرسول (صلى الله عليه وآله) وجاء إلى الصلاة متكئا على علي (عليه السلام) وقثم بن العباس فصلى بالناس جماعة (4). 5 - منعت عصبة قريش الناس من دفن النبي (صلى الله عليه وآله) يومي الاثنين والثلاثاء بانتظار مجيء أبي بكر من السنح. فقال العباس بن عبد المطلب في ذلك: عن جثمان النبي إنه (صلى الله عليه وآله) يأسن (5). 6 - وبرز حقد وغضب عصبة قريش على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في امتناعها عن حضور مراسم غسله وتكفينه، وذهابها إلى السقيفة لإجراء مراسم البيعة لأبي بكر (6).
(هامش)
(1) وعصبة قريش هم أبو بكر وعمر وابن الجراح وابن عوف وعائشة وحفصة وعثمان وابن أبي وقاص وابن العاص، مسند أحمد بن حنبل 1 / 325، سنن مسلم آخر الوصايا، أوائل الجزء الثاني. (2) الملل والنحل، الشهرستاني 1 / 22. (3) منتخب كنز العمال، المتقي الهندي 3 / 114. (4) البداية والنهاية، ابن كثير 5 / 253، تاريخ الطبري 2 / 439، سيرة ابن هشام 4 / 301. (5) تاريخ الطبري 2 / 443، أنساب الأشراف 1 / 568، ولم يأسن جثمان الرسول (صلى الله عليه وآله) رغم طول المدة. (6) مسند أحمد بن حنبل 1 / 55، سنن البخاري 4 / 111، تاريخ الطبري 2 / 446. (*)
7 - وامتنع أبو عبيدة بن الجراح حفار قبور المهاجرين في المدينة من حفر قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وذهب لإجراء مراسم السقيفة، فاضطر أهل البيت (عليهم السلام) لدعوة أبي طلحة حفار قبور الأنصار ليحفر قبرا للنبي محمد (صلى الله عليه وآله)! (1) وقد جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله): بينما أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري. ثم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم قلت: أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم (2).
(هامش)
(1) تاريخ الطبري 2 / 452، أسد الغابة، ابن الأثير 2 / 333، الطبقات الكبرى، ابن سعد 2 / 294، 298. (2) صحيح البخاري 8 / 150، قال في لسان العرب 11 / 710 وفي حديث الحوض: فلا يخلص منهم إلا مثل همل النعم الهمل: ضوال الإبل واحدها هامل، أي أن الناجي منهم قليل في قلة النعم الضالة ، صحيح مسلم 1 / 217 - 218 كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة، صحيح الترمذي 5 / 321، كتاب تفسير القرآن، باب تفسير سورة الأنبياء ص 22، صحيح النسائي 2 / 133، كتاب الافتتاح، باب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم ص 21. (*)
8 - وبعدما دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ليلة الأربعاء، هجمت عصبة قريش على بيت فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في يوم الأربعاء بعد مراسم بيعة أبي بكر العامة تسببت في مقتل فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) مع ابنها محسن (1). وبذلك يتوضح اشتداد الصراع بين النبي (صلى الله عليه وآله) وبين الحزب القرشي إلى درجة يتوقع أن تنتهي بحمام دم. وفعلا انتهت باغتيالهم له (صلى الله عليه وآله).
غضب النبي (صلى الله عليه وآله) على عصبة قريش وأقواله فيهم
بعد اشتداد حدة الصراع بين النبي (صلى الله عليه وآله) وبين حزب قريش رد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أقوال وأعمال عصبة قريش وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعائشة وحفصة بشدة بما يلي: 1 - لعن العاصين لحملة أسامة بن زيد إلى الشام (2). 2 - رد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على قولهم يهجر (في يوم الخميس) ورفضهم
(هامش)
(1) العقد الفريد 4 / 259، تاريخ أبي الفداء 1 / 156، تاريخ الطبري 3 / 198. (2) شرح نهج البلاغة، المعتزلي 6 / 52. (*)
نظريته: كتاب الله وعترتي أهل بيتي بقوله لهم: إنهن (نساء النبي (صلى الله عليه وآله) وفاطمة (عليها السلام) أفضل منكم (1) وذلك بعدما قال عمر لهن: اسكتن (2). 3 - أخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمر وأصحابه من منزله في يوم الخميس قائلا لهم: قوموا (3). 4 - قال الرسول (صلى الله عليه وآله) لعائشة وحفصة في صبيحة يوم الاثنين (يوم وفاته) ردا على دعوتهما أبويهما لإمامة الصلاة في المسجد النبوي: إنكن لصواحب يوسف (4). 5 - تمنى النبي (صلى الله عليه وآله) موت عائشة السريع قبل وفاته (صلى الله عليه وآله) إذ قالت عائشة: فتمنى رسول الله (صلى الله عليه وآله) موتي قائلا: وددت أن ذلك يكون وأنا حي فأصلي عليك وأدفنك (5). أي تمنى النبي (صلى الله عليه وآله) موت عائشة السريع قبل مشاركتها في قتله ودخولها في فتنة عمياء، ومسيرها لمحاربة علي (عليه السلام) في البصرة. 6 - وقال النبي (صلى الله عليه وآله) عن مسكن عائشة: هاهنا الفتنة، هاهنا الفتنة، هاهنا الفتنة، من حيث يخرج قرن الشيطان (6).
(هامش)
(1) كنز العمال، المتقي الهندي 3 / 138. (2) منتخب كنز العمال، المتقي الهندي 3 / 114. (3) مسند أحمد بن حنبل 1 / 325، صحيح مسلم في آخر الوصايا 1 / 232، السقيفة والخلافة، أبو بكر الجوهري، صحيح البخاري، باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد والسير 2 / 118. (4) تاريخ الطبري 2 / 439، سيرة ابن هشام 4 / 301. (5) الطبقات الكبرى، ابن سعد 2 / 206. (6) صحيح البخاري 4 / 92، 174، 5 / 20، 8 / 95، صحيح مسلم 8 / 172، سنن الترمذي 2 / 257. (*)
7 - وبعدما سقوه وصف عملهم بالعمل الشيطاني (1). 8 - وبعد مسمومية النبي (صلى الله عليه وآله) وقبل وفاته قالت عائشة: ذهب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى البقيع ثم التفت إلي فقال: ويحها لو تستطيع ما فعلت! (2) وهذا النص واضح في إقدام عائشة على ارتكاب فعل خطير مشابه لفعلها في معركة الجمل، وذلك الفعل ما هو إلا إقدامها على سم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لصالح أبيها وعصبته. وفسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك بعدم سيطرتها على أهوائها. وإقدامها على جريمة عظيمة. وأخرج مالك بن أنس ما يبين حادثة منكرة لأبي بكر قائلا: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لشهداء أحد: هؤلاء أشهد عليهم، فقال أبو بكر: ألسنا يا رسول الله إخوانهم، أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي. فبكى أبو بكر ثم بكى، ثم قال: أإنا لكائنون بعدك؟ (3) وهذا من دلائل النبوة إذ أخبر الرسول (صلى الله عليه وآله) أبا بكر وعائشة بجريمتهم قبل وبعد سمهما له.
(هامش)
(1) البداية والنهاية، ابن كثير 5 / 245. (2) الطبقات، ابن سعد 2 / 203 طبعة دار صادر، بيروت. (3) الموطأ، مالك بن أنس ص 236، كتاب الجهاد، باب الشهداء في سبيل الله حديث 995. (*)
هل قتلت عصبة قريش أحدا من المسلمين؟
لقد قتل رجال الحزب القرشي الكثير من الناس بوسائل مختلفة وعلى رأس تلك الوسائل الاغتيال، فقد هجم عمر وأتباعه بأمر أبي بكر على بيت فاطمة (عليها السلام)، بعد يوم واحد على دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فضغط عمر باب فاطمة (عليها السلام) على فاطمة (عليها السلام) المتسترة خلف الباب، ودخلوا بيتها عنوة ودون إذنها (1). فاغتالوا فاطمة (عليها السلام) بعد اغتيالهم لأبيها (صلى الله عليه وآله) إذ ماتت بعد فترة وجيزة من ذلك الحادث قال اليعقوبي: إنها عاشت بعد أبيها ثلاثين، أو خمسة وثلاثين يوما، وهذا أقل ما قيل في مدة بقائها بعد أبيها (2). وقول آخر أربعون يوما، وقول ثالث خمسة وسبعون يوما وهو الأشهر. والرابع خمسة وتسعون يوما وهو الأقوى (3). وقال الإمام الصادق: إنها قبضت في جمادي الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه سنة إحدى عشرة من الهجرة (4). وامتنعت سيدة نساء العالمين من التحدث إلى أبي بكر وعمر وعائشة
(هامش)
(1) أنساب الأشراف 1 / 586، أعلام النساء 4 / 114، مروج الذهب، المسعودي 3 / 77 طبع دار الهجرة. (2) تاريخ اليعقوبي 2 / 115. (3) المصدر السابق. (4) دلائل النبوة، الطبري ص 45. (*)
وحفصة من يوم قتل أبوها إلى أن ماتت (1). وتسببت عصبة قريش في مقتل الكثير من الصحابة لاحقا، من أمثال سعد بن عبادة وخالد بن سعيد بن العاص وأبي ذر وعبد الله بن مسعود (2)، دون سبب موجب لذلك، مثل ردة بعد إسلام، وزنا بعد إحصان، وقتل نفس مؤمنة. وبعد اغتيال الحزب القرشي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وابنته فاطمة (عليها السلام) تقدموا لقتل بقية أهل البيت (عليهم السلام) وحذف السنة النبوية من النواحي التراثية والسياسية والعلمية بقولهم: حسبنا كتاب الله، فمنعوا تدوين السنة النبوية وتفسير القرآن، بينما سمحوا لكعب الأحبار وتميم الداري بالوعظ الديني في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) (3). ثم تحرك رجال الحزب القرشي لاغتيال بعضهم البعض في سبيل الاستحواذ على السلطة والاستمرار فيها، فقتلوا أبا بكر وصاحبه عتاب بن
(هامش)
(1) صحيح البخاري، باب فرض الخمس 5 / 177، تاريخ الطبري 3 / 202، الإمامة والسياسة 1 / 14، أعلام النساء 3 / 314، صحيح مسلم ص 1259. (2) أنساب الأشراف، العقد الفريد، ابن عبد ربة 4 / 247، السقيفة والخلافة، عبد الفتاح عبد المقصود ص 13، تاريخ أبي زرعة ص 111، أسد الغابة 1 / 359، تاريخ دمشق، ترجمة أبي ذر، تاريخ أبي الفداء 1 / 333. (3) مجمع الزوائد عن الإمام أحمد ص 190، تاريخ أبي زرعة ص 335 ح 1915، الطبقات، ابن سعد 5 / 140، تاريخ ابن كثير 8 / 107، تاريخ المدينة المنورة، عمر بن شبة 1 / 12. (*)
أسيد الأموي، وطبيب العرب ابن كلدة الذي فضح الاغتيال (1). وقتل معاوية أشراف قريش دون استثناء منه لرجال بني أمية. فاغتال في هذا الطريق عبد الرحمن بن أبي بكر وعائشة وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص والحسن بن علي (عليه السلام)، وزياد بن أبيه (2).
يتبع
لقد أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بموته الوشيك في سنة 11 هجرية، وإليك أدلة ذلك: 1 - نعى رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه قبل موته بشهر (1). 2 - دخل أبو سفيان على النبي (صلى الله عليه وآله) يوما فقال: يا رسول الله أريد أن أسألك عن شيء. فقال (صلى الله عليه وآله): إن شئت أخبرتك قبل أن تسألني. قال: افعل، قال (صلى الله عليه وآله): أردت أن تسأل عن مبلغ عمري. فقال: نعم يا رسول الله. فقال (صلى الله عليه وآله): إني أعيش ثلاثا وستين سنة. فقال: أشهد أنك صادق. فقال (صلى الله عليه وآله): بلسانك دون قلبك (2). 3 - وصعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) المنبر مودعا أهل الدين والدنيا مناديا: ألا من كانت له مظلمة قبل محمد (صلى الله عليه وآله) إلا قام فليقتص منه (3). 4 - وقال الرسول (صلى الله عليه وآله) قبل موته بليلة لأبي مويهبة: إني قد أوتيت
(هامش)
(1) لسان الميزان، ابن حجر العسقلاني 1 / 456. (2) قصص الأنبياء، البحار 22 / 504. (3) تاريخ الطبري، حوادث سنة 11 هجرية 2 / 433، 434. (*)
مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة... لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي (1). 5 - وقال (صلى الله عليه وآله) في حجة الوداع أمام مسلمي ذلك الزمان: إن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة، وإنه عارضني هذا العام مرتين، وما أراه إلا قد حضر أجلي (2). 6 - وقال الرسول (صلى الله عليه وآله) أمام ملأ المسلمين في غدير خم: أيها الناس يوشك أن أدعى فأجيب، وأني مسؤول وأنكم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ (3) 7 - وقد رأى العباس ذات ليلة في منامه أن القمر قد رفع من الأرض إلى السماء. فقال النبي (صلى الله عليه وآله) له: هو ابن أخيك. وقال العباس: عرفنا أن بقاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) فينا قليل (4). 8 - وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتزعمون أني من آخركم وفاة، ألا وإني من أولكم وفاة (5). إذا المسلمون وخاصة في المدينة المنورة عالمون بوفاة النبي (صلى الله عليه وآله)
(هامش)
(1) دلائل النبوة، البيهقي 7 / 162، البداية والنهاية، ابن كثير 5 / 224. (2) صحيح البخاري باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي (صلى الله عليه وآله)، الطبقات 2 / 194. (3) سنن الترمذي 2 / 298، سنن ابن ماجة ص 12، الطبقات 2 / 194. (4) الطبقات 2 / 193. (5) الطبقات، ابن سعد 2 / 193. (*)
القريبة، وهذه النقطة يجب أن لا ينساها من يقرأ أو يفكر في أحداث السقيفة وما قبلها وما بعدها. 9 - وأخبر (صلى الله عليه وآله) عائشة بوفاته القريبة قائلا: ولا تؤذوني بباكية ولا برنة ولا بصيحة (1). 10 - وذكر عبد الله بن مسعود قائلا: نعى إلينا نبينا وحبيبنا نفسه قبل موته بشهر، فلما دنا الفراق جمعنا في بيت أمنا عائشة، فنظر إلينا وشدد فدمعت عينه وقال: مرحبا بكم رحمكم الله آواكم الله حفظكم الله، رفعكم الله، نفعكم الله، وفقكم الله، نصركم الله، سلمكم الله، قبلكم الله، أوصيكم بتقوى الله، وأوصي الله بكم، واستخلفه عليكم، وأؤديكم إليه إني لكم نذير وبشير، لا تعلوا على الله في عباده وبلاده، فإنه قال لي ولكم: { تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين } (2). وقال { أليس في جهنم مثوى للمتكبرين } (3). فقلنا متى أجلك؟ قال (صلى الله عليه وآله): قد دنا الفراق والمنقلب إلى الله وإلى سدرة المنتهى. قلنا: فمن يغسلك يا نبي الله؟
(هامش)
(1) مختصر تاريخ ابن عساكر 2 / 371. (2) القصص: 28. (3) الزمر: 60. (*)
قال (صلى الله عليه وآله): أهلي الأدنى فالأدنى. قلنا: ففيم نكفنك يا نبي الله؟ قال (صلى الله عليه وآله): في ثيابي هذه إن شئتم، أو في بياض مصر أو حلة يمانية. قلنا: فمن يصلي عليك يا نبي الله؟ قال (صلى الله عليه وآله): مهلا غفر الله لكم وجزاكم عن نبيكم خيرا. فبكينا وبكى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: إذا غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري ثم اخرجوا عني ساعة، فإن أول من يصلي علي جليسي وخليلي جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم ملك الموت مع جنود كثيرة من الملائكة بأجمعها، ثم ادخلوا علي فوجا فوجا فصلوا علي وسلموا تسليما، ولا تؤذوني بباكية ولا برنة ولا صيحة، وليبدأ بالصلاة علي رجال أهل بيتي ثم نساؤهم ثم أنتم... (1). 11 - وأخبر (صلى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) بوفاته في وجعه (2). وجاء في القرآن الكريم آيات تؤيد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) منها: { وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم.. } (3). { كل نفس ذائقة الموت } (4).
(هامش)
(1) تاريخ الطبري 2 / 435، القصص: 83، الزمر: 60، الكامل في التاريخ 2 / 320. (2) صحيح البخاري، باب منقبة فاطمة (عليها السلام) 5 / 65، صحيح مسلم، فضائل فاطمة، الطبقات 2 / 193. (3) آل عمران: 144. (4) آل عمران: 144، 185. (*)
{ إنك ميت وإنهم ميتون } (1). فهل يمكن بعد كل هذه الأدلة القرآنية والحديثية أن ينفي عمر بن الخطاب وعثمان الموت عن النبي محمد (صلى الله عليه وآله)؟!
انتداب عصبة قريش لحملة أسامة
بعد عودة الرسول (صلى الله عليه وآله) من حجة الوداع وصل إلى غدير خم وهناك أوصى لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) بالخلافة، وعينه إماما للأمة فبايعوه وفي المدينة دعا الناس للتوجه لحرب الروم، وفي ذلك الجيش معظم الصحابة. وذكرت أمهات الكتب الحديثية والتاريخية وجود أبي بكر وعمر وعثمان وابن الجراح فيمن انتدب إلى حملة الشام، فقد ذكر ابن سعد: فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواءا بيده ثم قال: اغز بسم الله وفي سبيل الله، فقاتل من كفر بالله، فخرج وعسكر بالجرف، فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين والأنصار إلا انتدب في تلك الغزوة، فيهم أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وغيره (2).
(هامش)
(1) الزمر: 30. (2) البداية والنهاية 8 / 73، الطبقات الكبرى، ابن سعد 2 / 249، عيون الأثر، ابن سيد الناس 2 / 281، السيرة النبوية بهامش السيرة الحلبية، أحمد زيني دحلان 2 / 339، شرح نهج البلاغة، المعتزلي 6 / 52، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد بن حنبل 4 / 180، الكامل في التاريخ 4 / 66. (*)
وبعد موت رسول الله طلب أبو بكر من أسامة الإذن لعمر بن الخطاب بالبقاء في المدينة والرخصة في عدم الذهاب في حملته إلى الشام (1). ولم يذهب أيضا باقي زعماء الحزب القرشي. إذن ثبت بالدليل القاطع والنص المتواتر وجود أبي بكر وعمر وعثمان وأبي عبيدة بن الجراح في جيش أسامة.
معارضة عصبة قريش لحملة أسامة
بعد أن أثبتنا انتداب عصبة قريش في حملة أسامة بن زيد، وفيهم أبو بكر وعمر وعثمان وأبو عبيدة بن الجراح، نبين هنا عصيان هؤلاء لهذه الحملة، ومعارضتهم لها، وامتناعهم عن الانضواء تحت لوائها في زمن حياة النبي (صلى الله عليه وآله) وفي زمن خلافة أبي بكر. وإثبات هذا الأمر يبين أن عصبة قريش كانت تتمنى موت رسول الله (صلى الله عليه وآله) سريعا لرفضها الذهاب في حملة أسامة إلى الشام، فهي تخاف الذهاب إلى حرب الروم في الشام وتخشى انتقال الخلافة إلى علي (عليه السلام).
(هامش)
(1) عيون الأثر، ابن سيد الناس 2 / 282، تاريخ اليعقوبي 2 / 127، تاريخ الطبري 2 / 462، الكامل في التاريخ، ابن الأثير 2 / 335، مختصر تاريخ ابن عساكر 4 / 251، 152، الخلفاء ص 11، الطبقات 2 / 191. (*)
وذكريات معركة مؤتة ما زالت عالقة في أذهانهم حيث استشهد فيها جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة. وقد استدعى الرسول (صلى الله عليه وآله) أبا بكر وعمر وجماعة ممن حضر المسجد من المسلمين (يوم الاثنين) ثم قال (صلى الله عليه وآله): ألم آمر أن تنفذوا جيش أسامة؟ فقالوا: بلى يا رسول الله. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فلم تأخرتم عن أمري؟ قال أبو بكر: إني خرجت ثم رجعت لأجدد بك عهدا. وقال عمر: يا رسول الله إني لم أخرج لأنني لم أحب أن أسأل عنك الركب. فقال النبي (صلى الله عليه وآله): انفذوا جيش أسامة يكررها ثلاثا (1). واستمر عمر في معارضة حملة أسامة في زمن خلافة أبي بكر إذ قال لأبي بكر: إن الأنصار أمروني أن أبلغك، وأنهم يطلبون إليك أن تولي رجلا أقدم سنا من أسامة. فوثب أبو بكر وكان جالسا فأخذ بلحية عمر فقال له: ثكلتك أمك يا بن الخطاب، استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتأمرني أن أنزعه (2). واستمر عمر في مخالفته للحملة بالرغم مما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله) ممتنعا
(هامش)
(1) كتاب الإرشاد ص 96. (2) تاريخ الطبري 2 / 462، تاريخ أبي الفداء 1 / 220. (*)
عن الذهاب في حملة أسامة فأخذ أبو بكر له إذنا من أسامة بالبقاء في المدينة إذ جاء: أمر أبو بكر أسامة بن زيد أن ينفذ في جيشه وسأله أن يترك له عمر يستعين به على أمره، فقال أسامة: فما تقول في نفسك؟ (أبو بكر ما زال اسما جنديا في تلك الحملة) فقال أبو بكر: يا بن أخي فعل الناس ما ترى فدع لي عمر وأنفذ لوجهك، فخرج أسامة بالناس (1). وهكذا امتنع أبو بكر وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم من الذهاب في حملة أسامة في زمن حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي زمن حكم أبي بكر. وهذا يبين إصرار عصبة قريش على عصيان أمر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وخوفهم من مقابلة الروم في حرب دامية. ومن صفات أفراد الحزب القرشي في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي زمن الخلفاء الامتناع عن المشاركة في الحروب والهروب منها بشتى الوسائل المتاحة (2).
أعمال عصبة قريش الخطيرة ضد الرسول (صلى الله عليه وآله) قبل وبعد شهادته
بعد عودة النبي (صلى الله عليه وآله) من الحج ووصيته إلى علي (عليه السلام) في خطبة الوداع
(هامش)
(1) البداية والنهاية 8 / 73. (2) راجع كتاب نظريات الخليفتين، للمؤلف 1 / 255 - 293. (*)
وفي خطبة الغدير أمر عصبة قريش بالانخراط في حملة أسامة، وعندها اشتدت الخصومة بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين المتحفزين للسيطرة على الحكم الذين لم يتحملوا وصية النبي (صلى الله عليه وآله) إلى علي (عليه السلام). فبرزت الخصومة واضحة بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) من جهة وأبي بكر وعمر وعائشة وحفصة من جهة أخرى. فكانت آراء وأقوال وأعمال هؤلاء المعارضة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) متمثلة بما يلي: 1 - رفضت عصبة قريش الانضمام إلى صفوف جيش أسامة وعلى رأس هؤلاء أبو بكر وعمر، فذهب أبو بكر إلى السنح بعد أن سم الرسول (صلى الله عليه وآله)، فبقي بجانب زوجته هناك، ولم يعد إلا بعد مقتل النبي (صلى الله عليه وآله) بالسم (1). واستمر عصيان أبي بكر لحملة أسامة بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يذهب فيها لا قائدا ولا مأمورا رغم مطالبة أسامة له بذلك. وقد رفض عمر الانضمام إلى حملة أسامة في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وفي زمن أبي بكر رغم الأمر النبوي له بذلك. بل إنه طالب أبا بكر بإقالة أسامة من منصبه وعصيان الأمر الإلهي في تعيينه. لكنه استمر بمناداة أسامة بالأمير في زمن خلافة أبي بكر: إذ أخرج ابن كثير: كان عمر إذا لقيه (أسامة بن زيد) يقول: السلام عليك أيها الأمير (2).
(هامش)
(1) إذ أخبره بذلك مبعوث عمر إليه وهو سالم بن عبيد * كنز العمال 7 / 232 ط. مؤسسة الرسالة. (2) التحفة اللطيفة، السخاوي، البداية والنهاية، ابن كثير 8 / 73، طبع مؤسسة التاريخ العربي - بيروت. (*)
2 - قال عمر وعصبة قريش لرسول الله (صلى الله عليه وآله) في تلك الأيام إنه يهجر (1) وردوا نظريته (صلى الله عليه وآله) المصرح بها: كتاب الله وعترتي أهل بيتي (عليهم السلام) وطرحوا نظريتهم: حسبنا كتاب الله (2). 3 - طالبت نساء النبي (صلى الله عليه وآله) في يوم الخميس بإعطاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورقة ودواة فقال عمر لهن: اسكتن (3). 4 - أمرت عائشة أباها على لسان النبي (صلى الله عليه وآله) بالصلاة في صبيحة يوم الاثنين فغضب الرسول (صلى الله عليه وآله) وجاء إلى الصلاة متكئا على علي (عليه السلام) وقثم بن العباس فصلى بالناس جماعة (4). 5 - منعت عصبة قريش الناس من دفن النبي (صلى الله عليه وآله) يومي الاثنين والثلاثاء بانتظار مجيء أبي بكر من السنح. فقال العباس بن عبد المطلب في ذلك: عن جثمان النبي إنه (صلى الله عليه وآله) يأسن (5). 6 - وبرز حقد وغضب عصبة قريش على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في امتناعها عن حضور مراسم غسله وتكفينه، وذهابها إلى السقيفة لإجراء مراسم البيعة لأبي بكر (6).
(هامش)
(1) وعصبة قريش هم أبو بكر وعمر وابن الجراح وابن عوف وعائشة وحفصة وعثمان وابن أبي وقاص وابن العاص، مسند أحمد بن حنبل 1 / 325، سنن مسلم آخر الوصايا، أوائل الجزء الثاني. (2) الملل والنحل، الشهرستاني 1 / 22. (3) منتخب كنز العمال، المتقي الهندي 3 / 114. (4) البداية والنهاية، ابن كثير 5 / 253، تاريخ الطبري 2 / 439، سيرة ابن هشام 4 / 301. (5) تاريخ الطبري 2 / 443، أنساب الأشراف 1 / 568، ولم يأسن جثمان الرسول (صلى الله عليه وآله) رغم طول المدة. (6) مسند أحمد بن حنبل 1 / 55، سنن البخاري 4 / 111، تاريخ الطبري 2 / 446. (*)
7 - وامتنع أبو عبيدة بن الجراح حفار قبور المهاجرين في المدينة من حفر قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وذهب لإجراء مراسم السقيفة، فاضطر أهل البيت (عليهم السلام) لدعوة أبي طلحة حفار قبور الأنصار ليحفر قبرا للنبي محمد (صلى الله عليه وآله)! (1) وقد جاء عن النبي (صلى الله عليه وآله): بينما أنا قائم إذا زمرة حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقري. ثم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم قلت: أين؟ قال: إلى النار والله. قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم (2).
(هامش)
(1) تاريخ الطبري 2 / 452، أسد الغابة، ابن الأثير 2 / 333، الطبقات الكبرى، ابن سعد 2 / 294، 298. (2) صحيح البخاري 8 / 150، قال في لسان العرب 11 / 710 وفي حديث الحوض: فلا يخلص منهم إلا مثل همل النعم الهمل: ضوال الإبل واحدها هامل، أي أن الناجي منهم قليل في قلة النعم الضالة ، صحيح مسلم 1 / 217 - 218 كتاب الطهارة، باب استحباب إطالة الغرة، صحيح الترمذي 5 / 321، كتاب تفسير القرآن، باب تفسير سورة الأنبياء ص 22، صحيح النسائي 2 / 133، كتاب الافتتاح، باب قراءة بسم الله الرحمن الرحيم ص 21. (*)
8 - وبعدما دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في ليلة الأربعاء، هجمت عصبة قريش على بيت فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) في يوم الأربعاء بعد مراسم بيعة أبي بكر العامة تسببت في مقتل فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) مع ابنها محسن (1). وبذلك يتوضح اشتداد الصراع بين النبي (صلى الله عليه وآله) وبين الحزب القرشي إلى درجة يتوقع أن تنتهي بحمام دم. وفعلا انتهت باغتيالهم له (صلى الله عليه وآله).
غضب النبي (صلى الله عليه وآله) على عصبة قريش وأقواله فيهم
بعد اشتداد حدة الصراع بين النبي (صلى الله عليه وآله) وبين حزب قريش رد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أقوال وأعمال عصبة قريش وعلى رأسهم أبو بكر وعمر وعائشة وحفصة بشدة بما يلي: 1 - لعن العاصين لحملة أسامة بن زيد إلى الشام (2). 2 - رد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على قولهم يهجر (في يوم الخميس) ورفضهم
(هامش)
(1) العقد الفريد 4 / 259، تاريخ أبي الفداء 1 / 156، تاريخ الطبري 3 / 198. (2) شرح نهج البلاغة، المعتزلي 6 / 52. (*)
نظريته: كتاب الله وعترتي أهل بيتي بقوله لهم: إنهن (نساء النبي (صلى الله عليه وآله) وفاطمة (عليها السلام) أفضل منكم (1) وذلك بعدما قال عمر لهن: اسكتن (2). 3 - أخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) عمر وأصحابه من منزله في يوم الخميس قائلا لهم: قوموا (3). 4 - قال الرسول (صلى الله عليه وآله) لعائشة وحفصة في صبيحة يوم الاثنين (يوم وفاته) ردا على دعوتهما أبويهما لإمامة الصلاة في المسجد النبوي: إنكن لصواحب يوسف (4). 5 - تمنى النبي (صلى الله عليه وآله) موت عائشة السريع قبل وفاته (صلى الله عليه وآله) إذ قالت عائشة: فتمنى رسول الله (صلى الله عليه وآله) موتي قائلا: وددت أن ذلك يكون وأنا حي فأصلي عليك وأدفنك (5). أي تمنى النبي (صلى الله عليه وآله) موت عائشة السريع قبل مشاركتها في قتله ودخولها في فتنة عمياء، ومسيرها لمحاربة علي (عليه السلام) في البصرة. 6 - وقال النبي (صلى الله عليه وآله) عن مسكن عائشة: هاهنا الفتنة، هاهنا الفتنة، هاهنا الفتنة، من حيث يخرج قرن الشيطان (6).
(هامش)
(1) كنز العمال، المتقي الهندي 3 / 138. (2) منتخب كنز العمال، المتقي الهندي 3 / 114. (3) مسند أحمد بن حنبل 1 / 325، صحيح مسلم في آخر الوصايا 1 / 232، السقيفة والخلافة، أبو بكر الجوهري، صحيح البخاري، باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد والسير 2 / 118. (4) تاريخ الطبري 2 / 439، سيرة ابن هشام 4 / 301. (5) الطبقات الكبرى، ابن سعد 2 / 206. (6) صحيح البخاري 4 / 92، 174، 5 / 20، 8 / 95، صحيح مسلم 8 / 172، سنن الترمذي 2 / 257. (*)
7 - وبعدما سقوه وصف عملهم بالعمل الشيطاني (1). 8 - وبعد مسمومية النبي (صلى الله عليه وآله) وقبل وفاته قالت عائشة: ذهب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى البقيع ثم التفت إلي فقال: ويحها لو تستطيع ما فعلت! (2) وهذا النص واضح في إقدام عائشة على ارتكاب فعل خطير مشابه لفعلها في معركة الجمل، وذلك الفعل ما هو إلا إقدامها على سم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لصالح أبيها وعصبته. وفسر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذلك بعدم سيطرتها على أهوائها. وإقدامها على جريمة عظيمة. وأخرج مالك بن أنس ما يبين حادثة منكرة لأبي بكر قائلا: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لشهداء أحد: هؤلاء أشهد عليهم، فقال أبو بكر: ألسنا يا رسول الله إخوانهم، أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي. فبكى أبو بكر ثم بكى، ثم قال: أإنا لكائنون بعدك؟ (3) وهذا من دلائل النبوة إذ أخبر الرسول (صلى الله عليه وآله) أبا بكر وعائشة بجريمتهم قبل وبعد سمهما له.
(هامش)
(1) البداية والنهاية، ابن كثير 5 / 245. (2) الطبقات، ابن سعد 2 / 203 طبعة دار صادر، بيروت. (3) الموطأ، مالك بن أنس ص 236، كتاب الجهاد، باب الشهداء في سبيل الله حديث 995. (*)
هل قتلت عصبة قريش أحدا من المسلمين؟
لقد قتل رجال الحزب القرشي الكثير من الناس بوسائل مختلفة وعلى رأس تلك الوسائل الاغتيال، فقد هجم عمر وأتباعه بأمر أبي بكر على بيت فاطمة (عليها السلام)، بعد يوم واحد على دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فضغط عمر باب فاطمة (عليها السلام) على فاطمة (عليها السلام) المتسترة خلف الباب، ودخلوا بيتها عنوة ودون إذنها (1). فاغتالوا فاطمة (عليها السلام) بعد اغتيالهم لأبيها (صلى الله عليه وآله) إذ ماتت بعد فترة وجيزة من ذلك الحادث قال اليعقوبي: إنها عاشت بعد أبيها ثلاثين، أو خمسة وثلاثين يوما، وهذا أقل ما قيل في مدة بقائها بعد أبيها (2). وقول آخر أربعون يوما، وقول ثالث خمسة وسبعون يوما وهو الأشهر. والرابع خمسة وتسعون يوما وهو الأقوى (3). وقال الإمام الصادق: إنها قبضت في جمادي الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه سنة إحدى عشرة من الهجرة (4). وامتنعت سيدة نساء العالمين من التحدث إلى أبي بكر وعمر وعائشة
(هامش)
(1) أنساب الأشراف 1 / 586، أعلام النساء 4 / 114، مروج الذهب، المسعودي 3 / 77 طبع دار الهجرة. (2) تاريخ اليعقوبي 2 / 115. (3) المصدر السابق. (4) دلائل النبوة، الطبري ص 45. (*)
وحفصة من يوم قتل أبوها إلى أن ماتت (1). وتسببت عصبة قريش في مقتل الكثير من الصحابة لاحقا، من أمثال سعد بن عبادة وخالد بن سعيد بن العاص وأبي ذر وعبد الله بن مسعود (2)، دون سبب موجب لذلك، مثل ردة بعد إسلام، وزنا بعد إحصان، وقتل نفس مؤمنة. وبعد اغتيال الحزب القرشي لرسول الله (صلى الله عليه وآله) وابنته فاطمة (عليها السلام) تقدموا لقتل بقية أهل البيت (عليهم السلام) وحذف السنة النبوية من النواحي التراثية والسياسية والعلمية بقولهم: حسبنا كتاب الله، فمنعوا تدوين السنة النبوية وتفسير القرآن، بينما سمحوا لكعب الأحبار وتميم الداري بالوعظ الديني في مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) (3). ثم تحرك رجال الحزب القرشي لاغتيال بعضهم البعض في سبيل الاستحواذ على السلطة والاستمرار فيها، فقتلوا أبا بكر وصاحبه عتاب بن
(هامش)
(1) صحيح البخاري، باب فرض الخمس 5 / 177، تاريخ الطبري 3 / 202، الإمامة والسياسة 1 / 14، أعلام النساء 3 / 314، صحيح مسلم ص 1259. (2) أنساب الأشراف، العقد الفريد، ابن عبد ربة 4 / 247، السقيفة والخلافة، عبد الفتاح عبد المقصود ص 13، تاريخ أبي زرعة ص 111، أسد الغابة 1 / 359، تاريخ دمشق، ترجمة أبي ذر، تاريخ أبي الفداء 1 / 333. (3) مجمع الزوائد عن الإمام أحمد ص 190، تاريخ أبي زرعة ص 335 ح 1915، الطبقات، ابن سعد 5 / 140، تاريخ ابن كثير 8 / 107، تاريخ المدينة المنورة، عمر بن شبة 1 / 12. (*)
أسيد الأموي، وطبيب العرب ابن كلدة الذي فضح الاغتيال (1). وقتل معاوية أشراف قريش دون استثناء منه لرجال بني أمية. فاغتال في هذا الطريق عبد الرحمن بن أبي بكر وعائشة وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص والحسن بن علي (عليه السلام)، وزياد بن أبيه (2).
يتبع
تعليق