المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في ثواب المريض


الشيخ عباس محمد
09-05-2016, 03:21 PM
في ثواب المريض


مسألة: جعل الله تعالى المرض كفارة لذنوب المؤمن، ويثيب المريض على مرضه، رحمة منه ، وهذا مما يوجب له نوعاً من الراحة النفسية كما لا يخفى، فإن المريض بأشد الحاجة إليها.

تساقط الذنوب وتكفير السيئات
عن النبي () أنه قال: (إذا مرض المسلم كتب الله له كأحسن ما كان يعمل في صحته، وتساقطت ذنوبه كما يتساقط ورق الشجر)(1).
وقال النبي (): (ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا أذًى ولا حزن ولا همّ حتّى الهمّ يهمّه إلا كفّر اللّه به من خطاياه وما ينتظر أحدكم من الدّنيا إلا غنًى مطغياً أو فقراً منسياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً منفداً أو موتاً مجهزاً)(2).
وقال (): (إذا اشتكى المؤمن أخلصه اللّه من الذّنوب كما يخلص الكير الخبث من الحديد)(3).
وعن النبي () قال: (إن العبد ليصيبه من المصائب حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة)(4).
وعن أبي عبد الله () قال: (أما إنه ليس من عرق يضرب ولا نكبة ولا صداع ولا مرض إلا بذنب، وذلك قوله في كتابه: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (5) ثم قال: وما يعفو الله أكثر مما يأخذ به)(6).
وعن جابر بن عبد اللّه قال: قال النّبيّ (): (لا يمرض مؤمن ولا مؤمنة إلا حطّ اللّه به من خطاياه)(7).
وعن عليّ () قال: (إذا ابتلى اللّه عبداً أسقط عنه من الذّنوب بقدر علّته)(8).
وقال ابن عبّاس: لمّا علم اللّه أنّ أعمال العباد لا تفي بذنوبهم خلق لهم الأمراض ليكفّر عنهم بها السّيّئات(9).
وعن عبد العظيم الحسنيّ عن أبي جعفر الجواد () عن آبائه () قال: قال أمير المؤمنين(): (المرض لا أجر فيه ولكنّه لا يدع على العبد ذنباً إلا حطّه وإنّما الأجر في القول باللّسان والعمل بالجوارح وإنّ اللّه بكرمه وفضله يدخل العبد بصدق النّيّة والسّريرة الصّالحة الجنّة)(10).
وعن الصّادق () قال: (إنّ العبد إذا كثرت ذنوبه ولم يجد ما يكفّرها به ابتلاه اللّه بالحزن في الدّنيا ليكفّرها به فإن فعل ذلك به، وإلا أسقم بدنه ليكفّرها به فإن فعل ذلك به، وإلا شدّد عليه عند موته ليكفّرها به فإن فعل ذلك به، وإلا عذّبه في قبره ليلقى اللّه عزّ وجلّ يوم يلقاه وليس شيء يشهد عليه بشيء من ذنوبه)(11).
وقال أبو عبد اللّه (): (إنّ المؤمن ليهوّل عليه في نومه فتغفر له ذنوبه وإنّه ليمتهن في بدنه فتغفر له ذنوبه)(12).
وعن أبي عبد اللّه عن آبائه عن أمير المؤمنين () قال: (..ما من الشّيعة عبد يقارف أمراً نهيناه عنه فيموت حتّى يبتلى ببليّة تمحّص بها ذنوبه إمّا في مال وإما في ولد وإمّا في نفسه حتّى يلقى اللّه عزّ وجلّ وما له ذنب وإنّه ليبقى عليه الشيء من ذنوبه فيشدّد به عليه عند موته)(13).
عن السّكونيّ عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن آبائه () قال: قال رسول اللّه (): (السّقم يمحو الذّنوب)(14).
وقال الصّادق (): (ساعات الأوجاع يذهبن بساعات الخطايا)(15).
وعنه (صلى الله عليه وآله): (ساعات الوجع يذهبن ساعات الخطايا)(16).
وروي أنّه لمّا نزلت هذه الآية: ليس بأمانيّكم ولا أمانيّ أهل الكتاب من يعمل سوءً يجز به(17)، فقال رجل لرسول اللّه (): يا رسول اللّه جاءت قاصمة الظّهر. فقال (صلى الله عليه وآله): (كلا أ ما تحزن أ ما تمرض أ ما يصيبك اللاواء والهموم) قال: بلى، قال: (فذلك ممّا يجزى به)(18).
وعن جابر بن عبد اللّه أنّ عليّ بن الحسين () كان إذا رأى المريض قد برأ قال له: (يهنيك الطّهور من الذّنوب)(19).

استأنف العمل
وعنه (): (أربعة يستأنفون العمل: المريض إذا برأ، والمشرك إذا أسلم، والمنصرف من الجمعة إيماناً واحتساباً، والحاجّ إذا فرغ)(20).

تطهير ورحمة
وعن الرضا () قال: (المرض للمؤمن تطهير ورحمة، وللكافر تعذيب ولعنة، وإن المرض لا يزال بالمؤمن حتى ما يكون عليه ذنب)(21).
وفي حديث آخر عنه () قال: (المرض للمؤمن تطهير ورحمة، وللكافر تعذيب ونقمة)(22).

للمريض أربع خصال
وعن أبي إبراهيم () قال: قال رسول الله (): (للمريض أربع خصال: يرفع عنه القلم، ويأمر الله الملك فيكتب له كل فضل كان يعمله في صحته، ويتبع مرضه كل عضو في جسده فيستخرج ذنوبه منه، فإن مات مات مغفورا له، وإن عاش عاش مغفورا له)(23).

من تحف الله
وعن أبي عبد الله () قال: (إن الله إذا أحب عبدا نظر إليه، وإذا نظر إليه أتحفه بواحدة من ثلاث: إما حمى أو وجع عين أو صداع)(24).

إذا مرض المؤمن
وعن الكاظم (عليه السلام) قال: (إن المؤمن إذا مرض أوحى الله إلى أصحاب الشمال لا تكتبوا على عبدي ما دام في حبسي ووثاقي، وأوحى إلى أصحاب اليمين أن اكتبوا لعبدي ما كنتم تكتبونه له في صحته من الحسنات في الصبر على العلة)(25).
وعن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله () قال: (إن رسول الله () رفع رأسه إلى السماء فتبسم، فسئل عن ذلك، قال: نعم عجبت لملكين هبطا من السماء إلى الأرض يلتمسان عبداً صالحاً مؤمناً في مصلى كان يصلي فيه ليكتبا له عمله في يومه وليلته فلم يجداه في مصلاه فعرجا إلى السماء فقالا: ربنا عبدك فلان المؤمن التمسناه في مصلاه لنكتب له عمله ليومه وليلته فلم نصبه فوجدناه في حبالك، فقال الله : اكتبا لعبدي مثل ما كان يعمله في صحته من الخير في يومه وليلته ما دام في حبالي فإن علي أن أكتب له أجر ما كان يعمله إذ حبسته عنه)(26).

أفضل من عبادة سنة
وعن الباقر () قال: (سهر ليلة من مرض أفضل من عبادة سنة)(27).
وعن زرارة عن أحدهما قال: (سهر ليلة من مرض أو وجع أفضل وأعظم أجرا من عبادة سنة)(28).

لكسب الأجر
وعن أبي عبد اللّه () قال: (إنّ الرّبّ ليتعاهد المؤمن فما يمرّ به أربعون صباحاً إلا تعاهده إمّا بمرض في جسده وإمّا بمصيبة في أهله وماله أو بمصيبة من مصيبات الدّنيا ليأجره اللّه عليه)(29).

عندما يئن المريض
وقال (): (إنّ العبد إذا مرض فأنَّ في مرضه أوحى اللّه تعالى إلى كاتب الشّمال لا تكتب على عبدي خطيئةً ما دام في حبسي ووثاقي إلى أن أطلقه وأوحى إلى كاتب اليمين أن اجعل أنين عبدي حسنات)(30).

من مصاديق الرحمة
وروي أن نبيّاً من الأنبياء مرّ برجل قد جهده البلاء فقال: (يا ربّ أ ما ترحم هذا ممّا به، فأوحى اللّه إليه كيف أرحمه ممّا به أرحمه)(31).

ما أشد هذا الحديث
وعن جابر عن أبي جعفر () قال: قال لي: (يا جابر يكتب للمؤمن في سقمه من العمل الصّالح مثل ما كان يكتب له في حقّه في صحّته ويكتب للكافر من العمل السّيّئ مثل ما كان يكتب له في صحّته) ثمّ قال: قال: (يا جابر ما أشدّ هذا من حديث)(32).

عندما يمرض فاعل الخير
وعن النّبيّ () قال: (إذا كان العبد على طريقة من الخير فمرض أو سافر أو عجز عن العمل بكبر كتب اللّه له مثل ما كان يعمل ثمّ قرأ: فلهم أجر غير ممنون(33))(34).

أيام الصحة محسوبة
وأروي عن العالم() أنّه قال: (أيّام الصّحّة محسوبة وأيّام العلّة محسوبة ولا يزيد هذه ولا ينقص هذه ..)(35).

لا خير في بدن لا يألم
وروي: (لا خير في بدن لا يألم، ولا في مال لا يصاب)، فسئل العالم () عن معنى هذا، فقال (): (إنّ البدن إذا صحّ أشر وبطر فإذا اعتلّ ذهب ذلك عنه، فإن صبر جعل كفّارةً لما قد أذنب وإن لم يصبر جعله وبالا عليه)(36).

جزيل الثواب
وروي: (أنّه إذا كان يوم القيامة يودّ أهل البلاء والمرض أنّ لحومهم قد قرضت بالمقاريض لما يرون من جزيل ثواب العليل)(37).

من رياض الجنة
وعن أمير المؤمنين () قال: (وعك أبو ذرّ فأتيت رسول اللّه () فقلت: يا رسول اللّه إنّ أبا ذرّ قد وعك) فقال: (امض بنا إليه نعوده) فمضينا إليه جميعاً فلمّا جلسنا قال رسول اللّه (): (كيف أصبحت يا أبا ذرّ) قال: أصبحت وعكاً يا رسول اللّه، فقال: (أصبحت في روضة من رياض الجنّة قد انغمست في ماء الحيوان وقد غفر اللّه لك ما يقدح من دينك فأبشر يا أبا ذرّ) وقال(صلى الله عليه وآله): (الحمّى حظّ كلّ مؤمن من النّار الحمّى من فيح جهنّم، الحمّى رائد الموت)(38).

زكاة الأجساد
وعن جعفر بن محمّد عن أبيه () أنّ النّبيّ () قال لأصحابه: (يوماً ملعون كلّ مال لا يزكّى، ملعون كلّ جسد لا يزكّى ولو في كلّ أربعين يوماً مرّةً) فقيل: يا رسول اللّه أمّا زكاة المال فقد عرفناها فما زكاة الأجساد، فقال لهم: (أن تصاب بآفة) قال: فتغيّرت وجوه القوم الّذين سمعوا ذلك منه، فلمّا رآهم قد تغيّرت ألوانهم قال لهم: (هل تدرون ما عنيت بقولي) قالوا: لا يا رسول اللّه () قال: (بلى الرّجل يخدش الخدش وينكب النّكبة ويعثر العثرة ويمرض المرضة ويشاك الشّوكة وما أشبه هذا، حتّى ذكر في آخر حديثه: اختلاج العين)(39).

عفو الله أكثر
وعن عبد اللّه بن محمّد بن عقيل بن أبي طالب قال: سمعت عليّ بن الحسين زين العابدين () يقول: (ما اختلج عرق ولا صدع مؤمن إلا بذنبه وما يعفو اللّه عنه أكثر) وكان إذا رأى المريض قد برئ قال له: (ليهنئك الطّهر ـ أي من الذّنوب ـ فاستأنف العمل)(40).

ابتلاء المؤمن
وقال أبو عبد اللّه (): قال عليّ بن الحسين (): (إنّي لأكره أن يعافى الرّجل في الدّنيا ولا يصيبه شيء من المصائب أو نحو هذا)(41).

البردة البيضاء
وعن الرّضا عن آبائه () عن رسول اللّه () قال: (مثل المؤمن إذا عوفي من مرضه مثل البردة البيضاء تنزل من السّماء في حسنها وصفائها)(42).

من كرامة المؤمن على الله
وعن يونس بن يعقوب قال: سمعت أبا عبد اللّه جعفر بن محمّد () يقول: (المؤمن أكرم على اللّه أن يمرّ به أربعون يوماً لا يمحّصه اللّه فيها من ذنوبه وإنّ الخدش والعثرة وانقطاع الشّسع واختلاج العين وأشباه ذلك ليمحّص به وليّنا وأن يغتمّ لا يدري ما وجهه) فأمّا الحمّى فإنّ أبي حدّثني عن آبائه عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال: (حمّى ليلة كفّارة سنة)(43).

عند ما يمرض المسلم
وقال النّبيّ (): (إنّ المسلم إذا ضعف من الكبر يأمر اللّه الملك أن يكتب له في حاله تلك ما كان يعمل وهو شابّ نشيط مجتمع ومثل ذلك إذا مرض وكّل اللّه به ملكاً يكتب له في سقمه ما كان يعمل من الخير في صحّته)(44).

من لم يرزأ في جسمه
وعنه (صلى الله عليه وآله) قال: (إنّ اللّه يبغض العفرية النّفرية الّذي لم يرزأ في جسمه ولا ماله)(45).

مما يوجب الأجر
وقال الباقر (عليه السلام): (كان النّاس يعتبطون اعتباطاً(46) فلمّا كان زمن إبراهيم () قال: يا ربّ اجعل للموت علّةً يؤجر بها الميت)(47).

أبشر برحمة من ربك
وعن عبد الرّحمن بن جندب قال: لمّا أقبل أمير المؤمنين () من صفّين ورأينا بيوت الكوفة فإذا نحن بشيخ جالس في ظلّ بيت على وجهه أثر المرض فقال() له: (ما لي أرى وجهك متكفّئاً أمن مرض) قال: نعم، قال: (فلعلّك كرهته) فقال: ما أحبّ أن يعتريني، قال (): (أ ليس احتساب بالخير فيما أصابك منه) قال: بلى قال: (أبشر برحمة ربّك وغفران ذنبك) ثمّ سأله عن أشياء فلمّا أراد أن ينصرف عنه قال له: (جعل اللّه ما كان من شكواك حطّاً لسيّئاتك فإنّ المرض لا أجر فيه ولكن لا يدع للعبد ذنباً إلا حطّه إنّما الأجر في القول باللّسان والعمل باليد والرّجل وإنّ اللّه عزّ وجلّ يدخل بصدق النّيّة والسّريرة الصّالحة من يشاء من عباده الجنّة) ثمّ مضى () (48).


الهوامش:
1- مكارم الأخلاق: ص 358.
2- بحار الأنوار: ج 78 ص 188 ب 1.
3- مستدرك الوسائل: ج 2 ص 58 ب1 ح1400.
4- مكارم الأخلاق: ص 359.
5- سورة الشورى: 30.
6- مكارم الأخلاق: ص 357 .
7- التمحيص: ص43 ب3 ح52.
8- دعائم الإسلام: ج 1 ص 218 ذكر العلل والعبادات والاحتضار.
9- مستدرك الوسائل: ج 2 ص 57 ب 1 ح1397.
10- الأمالي للطوسي: ص 602 المجلس 27 ح 1245.
11- الأمالي للصدوق: ص 294 المجلس 49 ح4.
12- الكافي: ج 2 ص 444 باب تعجيل عقوبة الذنب، ح 4.
13- الخصال: ج 2 ص 635 باب علم أمير المؤمنين () أصحابه في مجلس أربعمائة () ح10.
14- بحار الأنوار: ج 64 ص 244 ب 12 ح 83.
15- بحار الأنوار: ج 78 ص 191 ب1.
16- بحار الأنوار: ج64 ص244 ب12 ح83.
17- سورة النساء: 123.
18- بحار الأنوار: ج78 ص192 ب1.
19- التمحيص: ص42 ب3 ح46.
20- مستدرك الوسائل: ج2 ص61 ب1 ح1411.
21- مكارم الأخلاق: ص358.
22- مكارم الأخلاق: ص359.
23- مكارم الأخلاق: ص358.
24- مكارم الأخلاق: ص358.
25- مكارم الأخلاق: ص359.
26- وسائل الشيعة: ج2 ص397 ب1 ح2451.
27- مكارم الأخلاق: ص358.
28- مكارم الأخلاق: ص358.
29- المؤمن: ص22 ب1 ح26.
30- مستدرك الوسائل: ج2 ص60 ب1 ح1407.
31- كنز الفوائد: ج1 ص379 فصل من ذكر المرضى والعبادة.
32- وسائل الشيعة: ج1 ص58 ب7 ح122.
33- سورة التين: 6.
34- مستدرك الوسائل: ج2 ص64 ب1 ح1424.
35- فقه الرضا: ص341 ب90.
36- فقه الرضا: ص341 ب90.
37- فقه الرضا: ص341 ب90.
38- الدعوات: ص167 فصل في صلاة المريض ح467.
39- قرب الإسناد: 33.
40- الأمالي للمفيد: ص35 المجلس الخامس ح1.
41- مستدرك الوسائل: ج2 ص52 ب1 ح1381.
42- مستدرك الوسائل: ج2 ص55 ب1 ح1390.
43- إرشاد القلوب: ج1 ص173 ب51.
44- الدعوات: ص163 فصل في صلاة المريض ح451.
45- بحار الأنوار: ج78 ص174 ب1.
46- اعتبط فلان: مات فجأة من غير علة ولا مرض، كتاب العين: ج2 ص20 مادة (عبط).
47- بحار الأنوار: ج78 ص188 ب1.
48- مستدرك الوسائل: ج2 ص58 ب1 ح1402.