لم ينس رسول الله ما فعلته قريش وطغاتها به وبأصحابه، ولا يوم قتلوا سميّة وياسر أمام ولدهما عمار.. قريش هذه فرضت عليه وعلى أصحابه وبني هاشم حصاراً دام ثلاث سنوات، حتّى أكلوا ورق الشّجر ونبات الأرض، وعانوا الجوع والاضطهاد.
ولكن هل قابل السيّئة بالسيّئة؟ لا لم يفعل، لقد أرسله الله رحمةً للعالمين، فهل بإمكانه أن يكون سيف نقمة عليهم؟
إنّ الرّأفة والرّحمة خلق إلهيّ، زرعه الله في ذلك القلب الّذي حمل همّ من آمن برسالته وهمّ من وقف في وجهه، حمل همّهم وحزن لأجلهم.. ما أروع هذا الخلق! إذ لم يكن في قلبه رحمة عليهم فقط، بل كان حزيناً لأجلهم، وكان الله يتدخّل ليخفّف عنه، فيقول له: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}[فاطر: 8]. لذلك لم يقتصّ من وحشيّ قاتل عمّه حمزة، ولا علّق مشنقة لتلك الّتي لاكت كبده.
محمّد العطوف الرّؤوف، الّذي تعلّم الرّحمة من ربّه، لم يجاز الذّنب بالذّنب. إنّنا نستغفر لوالدينا، لمن نحبّ، لمن هم أعزّاء على قلوبنا، أمّا أن يطلب الإنسان المغفرة لخصم حاول قتله وشطبه من لائحة الأحياء، فإنّه سموّ ما بعده سموّ، ورحمة ما بعدها رحمة.
محمد بن عبدالله كان يتعالى أن تمرّ في ذهنه فكرة الحقد أو الكره أو الانتقام، كان رحمة خالصة أهداها الله للنّاس، وكان(ص) يقول: «اللّهم اهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون». ولم يطلب الهداية لهم فحسب، بل سأل الله أن يعذرهم لأنّهم لا يعلمون.
وسجّل الرّسول(ص) المنتصر أروع مثل في العفو عند المقدرة، فهو لم يؤلّف محاكم ميدانيّة لمحاكمة من طغا، ولا عذَّب وقهر ولاحق من أساؤوا إليه، فبعد أن حطّم(ص) الأصنام في الكعبة وطهّرها من رجس الأوثان، صلّى بالكعبة، ووقف على بابها وقريش صفوف في المسجد ينتظرونه، فقال لهم: "يا معشر قريش، ما تظنّون أنّي فاعل بكم؟"، فأجابه سهيل بن عمرو قائلاً: "نظنّ خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم"، فأجابه: "اذهبوا فأنتم الطّلقاء".
وأكمل هذا العفو بأن أمر الجيش بأن لا يتعرَّضوا لأحد، وأن لا يريقوا دم إنسان.
قيادة الرَّحمة
إنّه يوم الانتصار الحقيقيّ، وقد قاد هذا الانتصار والفتح محمد الإنسان قبل محمد القائد.
قيادة محمّد(ص) لم تكن قيادة سيف، ولا قيادة تبحث عن كمالها خارج ذاتها وخارج انتمائها إلى الله.. قيادة محمد لم تكن قيادة قتل، ولا كانت نبوّته نبوّة قطع رؤوس وبقر بطون، ولا نبوّة حقد وسفك دماء.. قيادة محمّد لم تكن قيادة شرذمة وتقسيم وسعي إلى المصالح.. قيادة محمد كانت قيادةً همُّها هموم الأمّة، ومصالح الأمّة، والبحث عن أدوية لأمراض الأمّة.
أين نحن اليوم مما يحدث في ساحات الأمّة؟ أين المسلمون اليوم من رحمة نبيّهم وعطفه ورقّة قلبه ورأفته:{مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ}[الفتح: 29]... كم يحتاج المسلمون اليوم أكثر من أيّ وقت مضى إلى إعادة التعرّف إلى نبيّنا من جديد والاقتداء به، لا أن ننتمي إليه شكلاً ونغفل المضمون والمحتوى، لأنّ ما يجري اليوم ينبئك بأنّ المسلمين قد شطحوا وأضاعوا هدف بعث نبيّهم الّذي قال: "إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، والرّحمة هي على رأس الأخلاق. فهلا نكون جديرين بنبيّنا، فنحيا حياة أفضل وننال شفاعته يوم الحساب؟!
والله المستعان، والحمد لله ربِّ العالمين
ولكن هل قابل السيّئة بالسيّئة؟ لا لم يفعل، لقد أرسله الله رحمةً للعالمين، فهل بإمكانه أن يكون سيف نقمة عليهم؟
إنّ الرّأفة والرّحمة خلق إلهيّ، زرعه الله في ذلك القلب الّذي حمل همّ من آمن برسالته وهمّ من وقف في وجهه، حمل همّهم وحزن لأجلهم.. ما أروع هذا الخلق! إذ لم يكن في قلبه رحمة عليهم فقط، بل كان حزيناً لأجلهم، وكان الله يتدخّل ليخفّف عنه، فيقول له: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}[فاطر: 8]. لذلك لم يقتصّ من وحشيّ قاتل عمّه حمزة، ولا علّق مشنقة لتلك الّتي لاكت كبده.
محمّد العطوف الرّؤوف، الّذي تعلّم الرّحمة من ربّه، لم يجاز الذّنب بالذّنب. إنّنا نستغفر لوالدينا، لمن نحبّ، لمن هم أعزّاء على قلوبنا، أمّا أن يطلب الإنسان المغفرة لخصم حاول قتله وشطبه من لائحة الأحياء، فإنّه سموّ ما بعده سموّ، ورحمة ما بعدها رحمة.
محمد بن عبدالله كان يتعالى أن تمرّ في ذهنه فكرة الحقد أو الكره أو الانتقام، كان رحمة خالصة أهداها الله للنّاس، وكان(ص) يقول: «اللّهم اهدِ قومي فإنّهم لا يعلمون». ولم يطلب الهداية لهم فحسب، بل سأل الله أن يعذرهم لأنّهم لا يعلمون.
وسجّل الرّسول(ص) المنتصر أروع مثل في العفو عند المقدرة، فهو لم يؤلّف محاكم ميدانيّة لمحاكمة من طغا، ولا عذَّب وقهر ولاحق من أساؤوا إليه، فبعد أن حطّم(ص) الأصنام في الكعبة وطهّرها من رجس الأوثان، صلّى بالكعبة، ووقف على بابها وقريش صفوف في المسجد ينتظرونه، فقال لهم: "يا معشر قريش، ما تظنّون أنّي فاعل بكم؟"، فأجابه سهيل بن عمرو قائلاً: "نظنّ خيراً، أخ كريم وابن أخ كريم"، فأجابه: "اذهبوا فأنتم الطّلقاء".
وأكمل هذا العفو بأن أمر الجيش بأن لا يتعرَّضوا لأحد، وأن لا يريقوا دم إنسان.
قيادة الرَّحمة
إنّه يوم الانتصار الحقيقيّ، وقد قاد هذا الانتصار والفتح محمد الإنسان قبل محمد القائد.
قيادة محمّد(ص) لم تكن قيادة سيف، ولا قيادة تبحث عن كمالها خارج ذاتها وخارج انتمائها إلى الله.. قيادة محمد لم تكن قيادة قتل، ولا كانت نبوّته نبوّة قطع رؤوس وبقر بطون، ولا نبوّة حقد وسفك دماء.. قيادة محمّد لم تكن قيادة شرذمة وتقسيم وسعي إلى المصالح.. قيادة محمد كانت قيادةً همُّها هموم الأمّة، ومصالح الأمّة، والبحث عن أدوية لأمراض الأمّة.
أين نحن اليوم مما يحدث في ساحات الأمّة؟ أين المسلمون اليوم من رحمة نبيّهم وعطفه ورقّة قلبه ورأفته:{مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ}[الفتح: 29]... كم يحتاج المسلمون اليوم أكثر من أيّ وقت مضى إلى إعادة التعرّف إلى نبيّنا من جديد والاقتداء به، لا أن ننتمي إليه شكلاً ونغفل المضمون والمحتوى، لأنّ ما يجري اليوم ينبئك بأنّ المسلمين قد شطحوا وأضاعوا هدف بعث نبيّهم الّذي قال: "إنّما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، والرّحمة هي على رأس الأخلاق. فهلا نكون جديرين بنبيّنا، فنحيا حياة أفضل وننال شفاعته يوم الحساب؟!
والله المستعان، والحمد لله ربِّ العالمين
تعليق