انواع الناس ( منهمك - تائب - عارف)
اعلم أن الناس إما منهمك في الدنيا مكب على غرورها محب لشهواتها و إما تائب مبتدي أو عارف منته .
أما المنهمك فلا يذكر الموت و إن ذكره فيذكر ليتأسف على دنياه و يشتغل بمذمته و يفر منه أولئك الذين قال الله فيهم ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) و هذا يزيده ذكر الموت من الله بعدا ً إلا أن يستفيد بذكر الموت التجافي عن الدنيا و يتنغص عليه و يتكدر عليه صفو لذته .
و أما التائب فإنه يكثر الموت لينبعث به من قلبه الخوف و الخشية فيفي بتمام التوبة قيل لزين العابدين عليه السلام : " ما خير ما يموت عليه العبد ؟ قال : أن يكون قد فرغ من أبنيته و دوره و قصوره قيل : و كيف ذلك ؟ قال : أن يكون من ذنوبه تائبا ً و على الخيرات مقيما ً يرد على الله حبيبا ً كريما ً " و ربما يكره الموت خيفة من أن يختطفه قبل تمام التوبة و قبل إصلاح الزاد و هو معذور في كراهة الموت و لا يدخل هذا تحت قوله عليه السلام : " من كره لقاء الله كره الله لقاءه " لأن هذا ليس يكره الموت و لقاء الله و إنما يخاف فوت لقائه لقصوره و تقصيره و هو كالذي يتأخر عن لقاء الحبيب مشتغلا ً بالاستعداد للقائه على وجه يرضاه فلا يعد كارها ً للقاء و علامة هذا أن يكون دائم الاستعداد له لا شغل له سواه و إلا ألحق بالمنهمك في الدنيا .
و أما العارف فإنه يذكر الموت دائما ً لأنه موعد حبيبه و المحب لا ينسى قط موعد لقاء الحبيب و هذا في غالب الأمر يستبطي مجيء الموت و يحب مجيئه ليتخلص من دار العاصين و ينتقل إلى جوار رب العالمين و أعلى رتبة منهما من يفوض أمره إلى الله فصار لا يختار لنفسه موتا ً و لا حياتا ً بل يكون أحب الأشياء إليه أحبها إلى مولاه فهذا قد انتهى بفرط الحب و الولاء إلى درجة التسليم و الرضاء .
"عاشقة النور"
اعلم أن الناس إما منهمك في الدنيا مكب على غرورها محب لشهواتها و إما تائب مبتدي أو عارف منته .
أما المنهمك فلا يذكر الموت و إن ذكره فيذكر ليتأسف على دنياه و يشتغل بمذمته و يفر منه أولئك الذين قال الله فيهم ( قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) و هذا يزيده ذكر الموت من الله بعدا ً إلا أن يستفيد بذكر الموت التجافي عن الدنيا و يتنغص عليه و يتكدر عليه صفو لذته .
و أما التائب فإنه يكثر الموت لينبعث به من قلبه الخوف و الخشية فيفي بتمام التوبة قيل لزين العابدين عليه السلام : " ما خير ما يموت عليه العبد ؟ قال : أن يكون قد فرغ من أبنيته و دوره و قصوره قيل : و كيف ذلك ؟ قال : أن يكون من ذنوبه تائبا ً و على الخيرات مقيما ً يرد على الله حبيبا ً كريما ً " و ربما يكره الموت خيفة من أن يختطفه قبل تمام التوبة و قبل إصلاح الزاد و هو معذور في كراهة الموت و لا يدخل هذا تحت قوله عليه السلام : " من كره لقاء الله كره الله لقاءه " لأن هذا ليس يكره الموت و لقاء الله و إنما يخاف فوت لقائه لقصوره و تقصيره و هو كالذي يتأخر عن لقاء الحبيب مشتغلا ً بالاستعداد للقائه على وجه يرضاه فلا يعد كارها ً للقاء و علامة هذا أن يكون دائم الاستعداد له لا شغل له سواه و إلا ألحق بالمنهمك في الدنيا .
و أما العارف فإنه يذكر الموت دائما ً لأنه موعد حبيبه و المحب لا ينسى قط موعد لقاء الحبيب و هذا في غالب الأمر يستبطي مجيء الموت و يحب مجيئه ليتخلص من دار العاصين و ينتقل إلى جوار رب العالمين و أعلى رتبة منهما من يفوض أمره إلى الله فصار لا يختار لنفسه موتا ً و لا حياتا ً بل يكون أحب الأشياء إليه أحبها إلى مولاه فهذا قد انتهى بفرط الحب و الولاء إلى درجة التسليم و الرضاء .
"عاشقة النور"
تعليق