الوضوء قبل النوم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • لحظات الصمت
    • Nov 2008
    • 2151

    الوضوء قبل النوم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صلي على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم يا كريم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    ممــا قرأته من آداب السلوك في الاسلام الجزء الأول
    باب : الوضوء قبل النوم / فصل : في آداب النوم

    عندما يلجأ منا إلى فراشه ، فأنه يشعر في قرارة نفسه وكأنه يموت موتة صغرى ، فلا يعود يحسُّ بما يجري حوله ، وتتعطل حواسهُ ، وتسكن حركاتهُ ، ويحسب الناظرُ إليه ، لولا أنفاسه ، أنه قد انتقل إلى جوار ربه و لذا ، كان للنوم أدابٌ ومستحباتٌ ، دأب على فعلها الصالحون والسالكون والمراقبون ، المحبون لطاعة الله ، المشتاقون إلى رضوانه ، الطامعون لرحمته .

    بناءً على ما تقدم ، يستحب لمن أراد أن يأوي إلى فراشه أن يتطهر ، أي يتوضأ كوضوء الصلاة تماما ، حتى يكون أيضاً في نومه وكأنه في عبادة الله عز وجل . فقد ورد في الخبر أنه : إذا نام على الطهارة رُفع بروحه إلى العرش . وورد عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله قوله : (( من نام على الوضوء ، إن أدركه الموتُ في ليله ، فهو عند الله شهيد )) .
    وعن الصادق عليه السلام : (( من تطهر ، ثم أوى إلى فراشه ، بات وفراشه كمسجد )).
    هذه المقامات العالية ، ينالها عامة الناس ، بمجرد أنهم ناموا على طهارة ووضوء ، فإذا بأرواحهم ترتفع إلى السماء ، ويُكتبون مع الشهداء ، ويكون فراشُهم كالمسجد ، فكيف لو فعل ذلك المؤمنون والمتدينون والمجاهدون . . . وكيف لو فعل ذلك العلماءُ الربانيون وأربابُ القلوب الصافية ، فإنهم يُكاشَفون بالأسرار في النوم ولذلك قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : (( نوم العالم عبادة ، ونَفَسُهُ تسبيح )).
    ومن أراد أن لا يُحرمَ من هذه السنة النبوية الشريفة عليه إذا لم يجد الماء أن يتيمم من دثاره ، فبهذا أفتى الفقهاء رضوان الله عليهم ، إظهاراً لأهمية المطلب . . .
    فقد ذكر السيد الطباطبائي اليزدي (( قدس سره )) أنه يجوز التيمم ، حتى مع التمكن من استعمال الماء ، وذلك للنوم ، والقدر المتيقن هو ما إذا أوى إلى فراشه فتذكر أنه ليس على وضوئه ، فيتيمم من دثاره . . .
    وهناك تفاصيل أخرى ، تتعلق بالمسألة ، كما في الطبعة الأخيرة للعروة الوثقى ، وسكت على ذلك كل من الإمام الخميني ( قدس سره ) ، والسيد الخوئي ، والشيخ الأراكي ، والسيد الكلبيكاني شملهم الله برحمته الواسعة في الدنيا والآخرة.
    وإلى هذا أشارت رواياتٌ عديدة ، منها ما رُوي في الفقيه ، عن الصادق عليه السلام ، وما رُوي في بحار الأنوار عنه عليه السلام حيث قال : (( من تطهر ثم أوى إلى فراشه ، بات وفراشهُ كالمسجده ، فإن ذكر أنه على غير وضوء ، فليتيمم من دثاره كائناً ما كان ، فإن فعل ذلك ، لم يزل في الصلاة وذكر الله عزل وجل .

    وربما يشار في هذا المجال ، إلى أنّ للطهارة عند النوم إشاراتٍ خاصةً ، يذكرها أهلُ تفسير المنامات والرؤى ، فمن تطهر ، كان أهلاً لعروج روحه إلى مٌقامات عالية ، وكانت رؤياه صادقة ، وأما من لم يتطهر فإنَّ روحه تقصر عن بلوغ ذلك ، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قوله : (( إذا نام العبد على طهارة ، عُرج بروحه إلى العرش ، وكانت رؤياه صادقة ، وإن لم ينم على طهارة ، قصرت روحهُ عن البلوغ فتلك المنامات أضغاثُ أحلامٍ لا تَصْدُق ))
    كما يُستحبُ للعبد ، قبل أن يأوي إلى فراشه ، أن يعرض نفسه على الخلاء ، ثم يتوضأ وينام ، وفي ذلك منافع جسدية جمَّة ، ذكرها الأطباء ونصحوا بها ، وكتبوا عنها المُطوًّلات .. وهذا ما كان قد ذكره الإسلامُ منذ مئات السنين ، حين ورد عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في بحار الأنوار ، قوله وهو يوصي ابنه الحسن عليه السلام : (( يا بني ألا أعلَّمُكَ أربعَ خصال ، تستغني بها عن الطبْ ؟ فقال الحسن : (( بلى يا أمير المؤمنين )) .
    فقال عليٌ عليه السلام : (( لا تجلس على الطعام ، إلا وأنت جائع ،ولا تقم عن الطعام إلا وأنت تشتهيه ، وجوِّ المضغ ، وإذا نمت ، فاعرض نفسك على الخلاء ، فإذا استعملت هذه ، استغنيت عن الطب ))
    كما يستحب قبل النوم ، محاسبةُ النفس على ما قامت به في نهارها ، فيشدِّد عليها الحساب ويردعُها عن التمادي ، ويتوب عن المعصية ، ويعاهدُ الله على أن لا يعود إلى ذلك أبداً ، ويستعد للموت ، فإن نومه هذا أكبرُ مذكّر له بالموت والرحيل ، ولعلَّ لحظاتِه هذه هي آخرُ لحظاتِ دنياه وفي هذا الإطار ورد عن الصادق عليه السلام أنه قال : (( إذا أويت إلى فراشك ، فانظر ما كسبت في يومك ، واذكر أنك ميتٌ ، وأن لك معاداً )) .


    م / ن

    نسألكم الدعاء
يعمل...
X