المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الامام الصدر ومنطق السلاح


تراب البقيع
08-07-2009, 02:09 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه الأخيار المنتجبين

http://farm4.static.flickr.com/3162/2808179783_843e775eac.jpg

ثنائية المنطق وقوته، مع القوة ومنطقها، جدلية فرضها الصراع القائم في الوجود منذ نشوء الخليقة وبداية تكوّن الحياة،
هذه الثنائية التي باتت ضرورية للحق في انتشاره وفي الدفاع عن وجوده،
لأن الحق يمتلك المنطق حكماً ولديه الحجة الدامغة باعتباره لسان الباري الذي هو ذات الحق،
لكن هل هذا الامتلاك للمنطق كاف للحماية والتحصين؟

التاريخ كاشف عن قصور المنطق لوحده عن مهمة الأمان والحماية، وليس
بالضرورة أن نبدأ من قابيل وهابيل لنثبت ذلك، دعونا نرجع عدة قرون الى
علي بن أبي طالب، فهل من شاك بأن ما كان يملكه هذا الإمام العظيم من منطق
وحجة وبيان وخطاب ودليل وفصاحة وبلاغة أعظم من الوصف وأرفع من النعت، وهل
من شاك أيضاً بأن كل ما امتلكه الأمير على صعيد المنطق وأخواته لم يحل
دون إزاحته ودون قعوده حتى قال مقولته الشهيرة: <لا رأي لمن لا يُطاع>
فهل لم يكن لعلي بن أبي طالب رأي وهو السديد في كل رأي وهو العالم بكل
الأمور ومتفرعاتها، فما الذي جعله بلا رأي أليس الافتقاد الى القوة
ومنطقها، الى القوة التي تعني الأنصار والأتباع، وبعده الإمام الحسين
المالك لمنطق أبيه ووعيه وفهمه ودرايته، لماذا لم يحاجج بهذا المنطق ويدع
السلاح والقوة، لماذا نهض وقاتل، ألم يكفه ذلك البيان وتلك الحجة، وإذا
وصلنا الى الإمام الثاني عشر المهدي عليه السلام أليس هو وريث أهل المنطق
والعلم والوعي والمعرفة، فلماذا لم يقم بهذه المفردات لينشر الحق في هذا
الوجود، وهل يستطيع المهدي وأتباعه أن ينهضوا بالمنطق وحده في قبالة هذه
الترسانة الهائلة من السلاح ووسائل الفتك والدمار، إذن لماذا غاب الإمام
المهدي أليس ذلك لتهيئة أسباب القوة وحشد الأنصار الذين يعبّرون عن القوة
الضرورية التي ان وضعت الى جانب المنطق فإنهما يخدمان معاً في سريان الحق
وسطوع شمسه. وهذه الحقيقة هي ما عبّر عنها القرآن الكريم في القول
الحكيم: <لقد أرسلنا رسلنا بالبينات... وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد>.
وإذا عدنا الى الواقع غير البعيد الى عقود من الزمان ماضية نقف عند أعتاب
ذلك الرجل العظيم من رجالات لبنان إنه الإمام السيد موسى الصدر الذي
نستحضره في ذكرى ولادته بشخصيته الفذة ومزاياه الفريدة، ولنستذكر في جملة
ما قاله تلك المقولة الشهيرة: <السلاح زينة الرجال> ولنقف عند مدلولاتها
في ذلك الزمن وصولاً الى الآفاق التي رسمتها وما زالت مفاعيلها تصدح في
الواقع والحاضر لتساهم حكماً في صناعة المستقبل.
ألم يكن السيد موسى الصدر كأجداده صاحب منطق وحجة؟
ألم يكن رجلاً وطنياًسلساً وعذب البيان؟
ألم يكن رجل الاعتدال والحوار والمجادلة بالتي هي
أحسن؟
إذن ما هو شأنه بالسلاح وما هو موقع السلاح في قاموس ذلك الرجل العظيم
وفي أدبياته؟
لقد كان بإمكانه أن يحمي لبنان بمنطقه وأن يرد الاعتداء الصهيوني ببلاغته
وأن يحول دون قصف الجنوب المتكرر بفصاحته وأن يجنب جبل عامل وأهله
الأهوال بخطاباته المدوية، إنه لمن المرعب للمنطق وأهله أن يقوم بعض
المتمثقفين بالتغطية على جبنهم وأحياناً على خسة أنفسهم بلغة المنطق
والتسلح به.
أين كنا لو اكتفى الإمام الصدر بالمنطق والحوار ولم يدعُ إلى حمل السلاح
والتدرب عليه ولم يساند المقاومة ويدع إلى تشكيلها؟
نحن اليوم مع كل السلاح ومع كل المقاومة ومع كل التضحيات ومع كل
الإنجازات نجد أصواتاً مرعوبة ومنطقاً غير سديد فكيف لو كنا من دون ذلك
كله؟ سيصبح من دون شك كل منطق وكل علم وكل قلم وكل لسان مجيرين لتبرير
الهزيمة والخضوع والاستسلام، وعاملين على الترويج لليهود وللصهاينة
وللتطبيع معهم وبنفس المنطق والحجة التي كان يمكن أن يستخدمها أهلها من
أجل الترويج للمبادئ والأهداف المعاكسة، فيمكنك مع القوة أن تصدح بآية:
<قاتلوهم حيث ثقفتموهم> وبآية: <لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا
اليهود>، لكن مع عدم امتلاك القوة وسريان روحية الانهزام وطغيان هوى
النفس الأمارة التي تتوق إلى البقاء كيفما كان، عند ذلك سيصبح المنطق
نفسه باحثاً في زوايا القرآن عن آيات من مثل: <وإن جنحوا للسلم فاجنح
لها> بالرغم من أن الواقع استسلام وليس سلماً ومع ذلك يتم التمويه
والتعمية عن هذا الواقع بالإفادة من القرآن وهو المنطق كله.
هذه هي الحقيقة أن نبرّر الوحشية عند امتلاك القوة ونجعل لها منطقاً
وفلسفة وأن نبرّر الهزيمة والاستسلام والخنوع بحجة المنطق عند عدم امتلاك
الإرادة وعزم القوة، وما علّمنا إياه أهل الحق أن القوة لوحدها قد تصبح
همجية ووحشية والمنطق لوحده ضعيف مهما كانت قوته، والمطلوب هو امتلاك
المنطق لنشر الحق وامتلاك القوة لحماية وجوده.

أم خولة
08-07-2009, 05:27 PM
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

ديجيتال
09-07-2009, 01:12 PM
:55555":السلاح موقف ومصافحة اعتراف