المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ظلال أراض أخرى(****)


ديجيتال
09-07-2009, 12:39 PM
ظلال أراض أخرى(****)
السمة الأخرى للنجوم في عينتنا هي أنه يبدو بأنها تملك فعلا التوجه الضروري لرصد حوادث العبور. وقد اخترناها من كاتالوگ الفلكيين المحتوي على النظم الثنائية الكسوفية(5) eclipsing binary systems، وهي نجوم ثنائيةٌ مستويات مداراتها موازية لخط نظرنا. ويستنتج الفلكيون هذا التوجه من التغير الواضح في سطوع هذه النظم: فسطوع النجمين يتزايد ويتناقص، تماما كما يجب أن يفعلا إذا مر كل منهما بانتظام أمام الآخر. وعلى مدى السنين، عثر الفلكيون (المحترفون منهم والهواة) على آلاف من النجوم الثنائية الكسوفية. وفيما عدا توجهها التصادفي المتوافق، فإن هذه النظم تظل نجوما ثنائية عادية. ويمكن أن يكون لمثل هذه النظم مدارات كوكبية مستقرة مادامت المسافة بين النجم والكوكب أكبر بأربع مرات على الأقل من المسافة الفاصلة بين النجمين. ويدور الكوكب في مداره بالأسلوب المألوف، بيد أن له شمسين في سمائه بدلا من واحدة.

الكواكب :تقرير متابعة للتقدم
عوالم الارتعاش(*****)

وصل العد الآن إلى 44، وهذا هو عدد الكواكب المكتشفة حتى الآن حول نجوم قريبة شبيهة بالشمس. وتُزيد المقاريب المنتشرة حول العالم ـ في هاواي وكاليفورنيا وماساتشوستس وتشيلي وأستراليا وفرنسا ـ هذا العدد كل شهر تقريبا. وعلى الرغم من هذا السباق المثير، فإن عمليات البحث مازالت حساسيتها تقتصر على الكواكب الكبيرة نسبيا، التي لا تبعد كثيرا عن شموسها. ومع ذلك، فقد بدأت اتجاهات مفاجئة ومثيرة للدهشة بالظهور، وهذه الاتجاهات تتحدى مفاهيمنا السابقة عن أصل النظم الكوكبية في الكون وتنوعها.
لقد اكتُشفت الكواكب الأربعة والأربعون جميعا بوساطة قياس ارتعاشات (تراوحات) نجومها خلال دوران هذه الكواكب حولها. ومع تحرك النجم نحونا استجابة لسحب الكوكب له، تنزاح خطوطه الطيفية نحو الأطوال الموجية الأقصر والأشد زرقة. وخلال تراجع النجم تنزاح خطوطه الطيفية نحو الأحمر. وبقياس انزياحات دوپلر الدورية الدقيقة هذه، يتمكن الفلكيون من استنتاج المدار والكتلة الدنيا للكوكب (أو الكواكب) الذي يدور حول النجم.
الدقة هي الكلمة المفتاح في هذا الصدد. فالتأثير في حالة المشتري، أو أي عالَم مشابه، هو مجرد 12.5 متر في الثانية على مدى دور يبلغ 12 عاما. وعلى سبيل المثال، فإن الخطوط الطيفية للشمس في الجزء الضوئي من الطيف (حول 500 نانومتر) تنزاح 0.00002 نانومتر فقط. وفي حالة الأرض، يبلغ التغير الدوري في السرعة عُشر متر في الثانية فقط.
وعلى الرغم من القيود التي تحد هذه التقنية، فقد أذهلت كشوفها الفلكيين. وكان أول الاكتشافات كوكبا بكتلة المشتري تقريبا يدور قريبا جدا من النجم 51 پيگاسي، إذ إن المسافة بينهما ليست سوى 0.05 وحدة فلكية (بعد الأرض عن الشمس). لم يتوقع أحد مثل هذا المدار القريب جدا من النجم. وبعد الإعلان عن هذا مباشرة عام 1995 من قبل<M. مايور> و <D. كويلوز> [من مرصد جنيڤ] أعلن فريق يقوده<W.G. مارسي> و<P.R. بتلر> [اللذان كانا حينذاك في جامعة سان فرنسيسكو الحكومية] اكتشاف كواكب ضخمة تدور حول نجمين قريبين آخرين. وقد أحدث أحد هذه الكواكب، الذي يدور حول النجم 70 ڤيرجينيس Virginis، مفاجأة أخرى، إذ وُجِدَ أن مداره يتسم بلامركزية شديدة، أي إن هذا المدار الإهليلجي متطاول وذلك خلافا لمدارات الكواكب في نظامنا الشمسي.
وبناء على عمليات المسح التي أجريت لنحو 800 نجم في جوار شمسنا، يبدو تقريبا، أن لكل واحد من بين عشرين نجما شبيها بالشمس كوكبا عملاقا يدور حوله. ولبعض الكواكب، كتلك التي تدور حول 51 پيگاسي، مدارات دائرية قريبة جدا من نجومها؛ ولبعضها الآخر، كتلك التي تدور حول 70 ڤيرجينيس، مدارات أوسع ومتطاولة. وثمة نظام واحد على الأقل، وهو Upsilon Andromedae، يتضمن كواكب متعددة، [انظر: «أخيرا.. هل هناك نظام كوكبي؟»، مجلة العلوم، العدد 3 (2000) ، ص 18]. وهناك نجوم كثيرة أخرى، ومن ضمنها 55 Cancri، يُعتقد أن ثمة مجموعات كبيرة من الكواكب تدور حولها.
وبفضل التحسينات التي أدخلت على دقة قياسات السرعة نصف القطرية اكتشف فريق مارسي وبتلر كوكبين لكل منهما كتلة تساوي كتلة زحل تقريبا، أي نحو ثلث كتلة المشتري. وسرعان ما أعقب الإعلان عنهما في الشهر 3/2000 تقرير عن كوكب ثالث، كتلته ثلث كتلة زحل، اكتشفه الفريق السويسري. ويعزز هذان الاكتشافان التنبؤات بأن الكواكب ذات الكتل الصغيرة شائعة في الكون. ولكنه تبين، بالمقابل، أن الأقزام البنية(6) التي تدور في مدارات مُحكمة هي أندر مما كان يظن. وقد يشير هذا إلى أن الكواكب والأقزام البنية تتكون من خلال عمليات مختلفة جدا، وبأن العوالم الصغيرة هي أسهل في التكوين من العوالم الضخمة.
وتبقى المدارات المتطاولة سرا مجهولا. ولما كانت الكواكب تتكون في أقراص من الغاز والغبار حول نجوم فتية، فالمفترض أن يكون الاحتكاك قد أدى إلى اقتراب مداراتها من الدائرية. لكن كيف لم يستجب 70 ڤيرجينيس والعوالم المماثلة لهذا التأثير؟ ربما وفرت المذنبات الموجودة في نظامنا الشمسي تفسيرا لذلك، إذ يظن أن اقتراب المذنبات من الكواكب يؤدي إلى قذف هذه المذنبات لتسلك مدارات إهليلجية. وربما شاركت الكواكب ذاتها في عمليات القذف هذه. وإذا كانت هذه هي الحال، فقد يكون نظامنا الشمسي، الذي معظم مداراته دائرية الشكل تقريبا، الاستثناء وليس القاعدة. وفي بعض الحالات، مثل 16 Cygni B، قد يكون التأثير التثاقلي لنجم رفيق ثنائي مسؤولا عن تشويه المدارات.
وقد لاحظ كثير من الباحثين خاصية مثيرة منتشرة بين النجوم المُضيفة للكواكب الخارجية exoplanets، وهي أن هذه النجوم تميل إلى أن تحوي تركيزات عالية على نحو غير مألوف من العناصر الأثقل من الهدروجين والهليوم(7).
وأحد التفسيرات هو أن احتواء النجم وقرصه المحيط به على كمية حرجة من العناصر الثقيلة هو شرط لتكون الكواكب. وثمة رأي آخر يقول بأن هذه النجوم ارتفع محتواها من هذه العناصر نتيجة التهامها بعض كواكبها المولودة حديثا.
وفيما نفكر مليا في هذه الأسرار، سيتلو مزيد من الاكتشافات لكواكب خارجية نتيجة لعمليات المسح الجديدة التي تراقب مزيدا من النجوم بدقة أعلى على مدى زمان أطول. (ومن ثم يمكن العثور على كواكب ذات أدوار أطول). وبمقدور قياسات دوپلر الحديثة الآن الوصول إلى مستوى دقة يصل إلى نحو ثلاثة أمتار في الثانية، وربما إلى دقة أعلى. وقد يعثر الباحثون قريبا على كواكب كتلتها بصغر كتلتي أورانوس ونپتون اللتين تعادلان نحو 5 في المئة فقط من كتلة المشتري. ولكن تقنية دوپلر ربما لا تصلح عند قياس ما يقرب من متر واحد في الثانية؛ فغالبا لن تسمح البقع النجمية واللطخات السطحية الأخرى بقياس انزياحات الخطوط الطيفية بدقة أعلى من ذلك. إن اكتشاف كواكب شديدة الشبه بالأرض قد يتطلب تقنية من نوع جديد تماما.

المؤلف
Ray Jayanwardhona
هو زميل أبحاث بجامعة كاليفورنيا في بركلي، حيث يدرس أصل الكواكب. http://www.oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N4_H04_0072.gif

http://www.oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N4_H04_002265.jpg
يمثل مدار 51 پيگاسي واحدا من النمطين المرصودين للمدارات الكوكبية (الصفوف الزرقاء في الجدول): فهو مُحكم ودائري.


http://www.oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N4_H04_002266.jpg
يمثل مدار 70 ڤيرجينيس النمط الآخر للمدارات الكوكبية (الصفوف السوداء في الجدول): فهو أوسع وإهليلجي متطاول.

لمزيد من المعلومات [انظر: «كواكب عملاقة في مدارات حول نجوم بعيدة»، مجلة العلوم، العددان 7 /8 (2000) ، صفحة 5]


إن النجوم الثنائية الكسوفية هي هبة الطبيعة لصياد الكواكب، هذا ما قاله أول مرة <J. شنايدر> و<M. شيڤرتون> [من مرصد مُدُون في باريس]. ويعتقد النظريون بأنه إذا تكونت فعلا أي كواكب في نظم نجوم ثنائية، فإنها تنحو لتكون في نفس المستوى المداري للنجمين. وإذا كان الأمر كذلك، فإن احتمال رؤية عبور يكون مئة في المئة. وعندما يمر مثل هذا الكوكب أمام نجميه الأبوين، يجب أن يُحْدِث انخفاضا مزدوجا واضحا، وذلك عندما يحجب ضوء أحد النجمين ثم ضوء الآخر. ويتوقف شكل الانخفاض المزدوج على التشكل الهندسي للنجمين والكوكب (انظر الشكل في الصفحة 26).

وفي عام 1994 نظَّمنا شبكة على نطاق عالمي لمقاريب قطر كل منها متر واحد (وهي شبكة عبور الكواكب الموجودة خارج النظام الشمسي (transit of extrasolar planets (TEP ، وذلك للبحث عن عوالم شبيهة بالأرض حول CM دراكونيس، وهو أحد أصغر نظم النجوم الثنائية الكسوفية المعروفة. ويتكون هذا النظام من نجمين صغيرين جدا وباردين جدا، عمرهما نحو تسعة بلايين عام، ويبعدان عنا نحو 54 سنة ضوئية. وللكواكب الموجودة داخل المنطقة الصالحة للحياة في هذا النظام أدوار مدارية تقع بين 18 و 35 يوما تقريبا. وبهدف القيام ببحث دقيق عن كوكب شبيه بالأرض في هذه المنطقة، فقد تعين على الشبكة TEP رصد هذا النظام طوال مدد زمنية مجموعها أكثر من 1000 ساعة. وخلال السنوات الست السابقة، قام فلكيون بتقديم بيانات عنها، كلٌّ من خط الطول الخاص به. وهؤلاء الفلكيون هم شنايدر و<V. كوجِڤْنيكوڤ> [من جامعة أورال الحكومية في روسيا] و<B. أويديكر> [من جامعة نيو مكسيكو] و<E. مارتن> [من معهد كاليفورنيا للتقانة CIT] و<E.J. بلو> [من SRI International في كاليفورنيا] و<S.P.R. ستون> [من مرصد ليك في كاليفورنيا] و<E. پاليولوگو> [من جامعة كريت].

http://www.oloommagazine.com/images/Articles/18/SCI2002b18N4_H04_002267.jpg
هل هذا ضجيج صرف؟ أو هل ثمة كوكب يتوارى في مكان في هذه القياسات لسطوع النجم الثنائي CM دراكونيس (النقاط)؟ للتمييز بين الارتعاش (التراوح) العشوائي الناجم عن جو الأرض وبين الإعتام الناجم عن كوكب ما، قام المؤلفون بالبحث عن أنماط متكررة. تمثل الخطوط المنحنية الإعتامَ المتوقع لجسم قطره يعادل 2.5 مرة قطر الأرض ودوره 23 يوما.


وتكمن المشكلة في التمييز بين إشارة العبور والضجيج الذي يتضمن التغيرات في غلاف الأرض الجوي، وعدم استقرار التجهيزات، والتغيرات النجمية الذاتية، وغير ذلك. ومن حسن الحظ أن نمط حوادث العبور عبر النجوم الثنائية الكسوفية مميز يمكن التنبؤ به ـ إلى درجة أن خوارزميتنا، التي أُنجزت بالاشتراك مع جنكينز، يُمكن أن تَكشف كواكب حتى لو كان الإعتام الذي تحدثه أقل من الضجيج. وبغية تخليص كوكب من الضجيج، نقوم بمقارنة جميع الأنماط الممكنة لتحديد أي منها يتفق مع البيانات. ويمكن لعدد كبير من الأنماط الاختفاء في الأرصاد الفوتومترية التي تستغرق 1000 ساعة. ولعدم إغفال أي منها، قمنا باختبار أكثر من 400 مليون نمط مرشَّح تمت مقابلتها بمنحنى الضوء. ويسمى هذا الربط بين أنماط العبور الممكنة والأرصاد المتوفرة مرشِّح مقابلة matching filter. وكانت النتيجة أن هناك إمكانيات لكواكبَ نصف قطر كل منها يعادل 2.5 مرة تقريبا نصف قطر الأرض. وكان هدف الاختبار التوثق من استمرار العبور في الأوقات المتوقعة له بدقة. وفي خريف 2000 بقي احتمالان لكوكبين دَوْراهما 21 و26 يوما. وفي الوقت نفسه، وسَّعنا مجال بحثنا ليتضمن عدة مئات من النجوم الثنائية الكسوفية.