المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل حرمت الخمر بالتدريج


الشيخ عباس محمد
11-06-2019, 10:58 PM
السؤال: هل حرمت الخمر بالتدريجلماذا حرمت الخمرة تدريجيا إن لم تكن محبذة عند العرب
الجواب:
اخي العزيز...
لم تكن الخمر مكروهة أو منبوذة عند العرب بل بالعكس كانت معاقرتها سايرة فيهم مشتهرة عندهم حتى تغنى بها شعرائهم وتفاخروا في شربها بل وصل الحد عندهم بأن ميزوا من لا يشربها وعدوهم على الأصابع ولهذا كان تشريع تحريمها ينزل بالتدريح لشدة وقعه عليهم.
وإنما الخمر حرام من البداية وهي حرام في كل شريعة, فعن الإمام الباقر (ع) قال:
(ما بعث الله نبياً قط إلاّ وفي علم الله تعالى أنه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر ولم يزل الخمر حراماً وإنما ينقلون من خصلة ثم خصلة ولو حمل ذلك عليهم جملة لقطع بهم دون الدين, قال: ليس أحد أرفق من الله تعالى فمن رفقه تبارك وتعالى انه ينقلهم من خصلة إلى خصلة ولو حمل عليهم جملة لهلكوا).
وعنهم (ع):( ان أول ما نزل في تحريم الخمر قوله تعالى: (( يَسأَلونَكَ عَن الخَمر وَالمَيسر قل فيهمَا إثمٌ كَبيرٌ وَمَنَافع للنَّاس وَإثمهمَا أَكبَر من نَفعهمَا )) (البقرة: من الآية219) فلما نزلت هذه الآية أحس القوم بتحريمها وعلموا ان الاثم مما ينبغي اجتنابه ولا يحمل الله تعالى عليهم من كل طريق لأنه قال ومنافع للناس، ثم أنزل الله آية أخرى (( إنَّمَا الخَمر وَالمَيسر وَالأَنصَاب وَالأَزلام رجسٌ من عَمَل الشَّيطَان فاجتَنبوه لَعَلَّكم تفلحون )) (المائدة: من الآية90), فكانت هذه الآية أشد من الأولى وأغلظ في التحريم, ثم ثلث بآية أخرى فكانت أغلظ من الآية الأولى والثانية وأشد فقال: (( إنَّمَا يريد الشَّيطَان أَن يوقعَ بَينَكم العَدَاوَةَ وَالبَغضَاءَ في الخَمر وَالمَيسر وَيَصدَّكم عَن ذكر اللَّه وَعَن الصَّلاة فهَل أَنتم منتَهونَ )) (المائدة:91) فأمر تعالى باجتنابها وفسر عللها التي لها ومن أجلها حرمها, ثم بين الله تعالى تحريمها وكشفه في الآية الرابعة مع ما دل عليه في هذه الآية المذكورة المتقدمة بقوله تعالى: (( قل إنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ الَوَاحشَ مَا ظَهَرَ منهَا وَمَا بَطَنَ وَالأثمَ وَالبَغيَ بغَير الحَقّ )) (لأعراف: من الآية33) وقال عزّوجلّ في الآية الأولى (( يَسأَلونَكَ عَن الخَمر وَالمَيسر قل فيهمَا إثمٌ كَبيرٌ وَمَنَافع للنَّاس )) ثم قال في الآية الرابعة (( قل إنَّمَا حَرَّمَ رَبّيَ الَوَاحشَ مَا ظَهَرَ منهَا وَمَا بَطَنَ وَالأثمَ ))
فخبر عزّوجلّ ان الأثم في الخمر وغيرها وانه حرام وذلك أن الله تعالى إذا أراد أن يفترض فريضة أنزلها شيئاً بعد شيء حتى يوطن الناس أنفسهم عليها ويسكنوا إلى أمر الله ونهيه فيها وكان ذلك من أمر الله تعالى على وجه التدبير فيهم أصوب وأقرب لهم إلى الأخذ بها وأقل لنفارهم عنها. (تفسير الصافي 1: 248).
وقد أكد العلامة الطباطبائي مكرراً على أن الخمر قد حرم قبل الهجرة وفي مكة
(راجع تفسير الميزان في عدة أماكن).
تعليق على الجواب (1) السلام عليكم
وقع الخلاف في مسألة الخمر بين الفقهاء فمنهم من حصرها في عصير العنب والنخيل ومنهم من أخذ بالمعنى اللغوي أي كل ما يذهب العقل ولقد قرأت في كتاب الأصول العامة للفقه المقارن لتقي الحكيم بأن معناها الشرعي يتجاوز المعنى اللغوي بحيث أنها تشمل الفقاع فأردت من حضراتكم تبيين ذلك ؟

الجواب:
قال صاحب الجواهر : ج 6 - ص 5 – 6 :
إن لم نقل بكون الخمر اسم لما يخمر العقل الشامل لكل مسكر كما هو ظاهر المصنف في المعتبر وغيره .
بل في الغريبين للهروي في تفسير الآية : الخمر ما خامر العقل أي خالطه ، وخمر العقل ستره ، وهو المسكر من الشراب ، كما عن القاموس ، الخمر ما أسكر من عصير العنب أو عام كالخمرة وقد يذكر ، والعموم أصح ، لأنها حرمت وما بالمدينة خمر عنب ، وما كان مشروبهم إلا البسر والتمر ، ثم ذكر وجه التسمية بالخمر .
وعن المصباح المنير الخمرة يقال : هي اسم لكل ما خامر العقل وغطاه ، وعن مجمع البحرين الخمر معروف ، وعن ابن الأعرابي إنما سمي خمرا لأنها تركت واختمرت ، واختمارها تغيير رائحتها ، إلى أن قال : (( والخمر فيما اشتهر بينهم كل شراب مسكر ، ولا يختص بعصير العنب )) إلى آخره .
بل يشهد له جملة من الأخبار كصحيح ابن الحجاج عن الصادق (عليه السلام): (( الخمر من خمسة أشياء : العصير من الكرم ، والنقيع من الزبيب ، والتبع من العسل ، والمرز من الشعير ، والنبيذ من التمر ))
ونحوه خبر علي بن إسحاق الهاشمي . ويقرب منهما خبر النعمان بن بشير كمرسل الحضرمي وخبر ابن السمط المروي أولها عن الأمالي ، وثانيها عن الكافي ، وثالثها عن تفسير العياشي ، بل في خبر عطاء بن سيارة عن الباقر (عليه السلام): (( قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : كل مسكر خمر )), كقوله (عليه السلام) في خبر أبي الجارود المروي عن تفسر علي بن إبراهيم ، وهو طويل : ( أما الخمر فكل مسكر من الشراب فهو خمر بل فيه أنه لما نزل تحريمها إنما كان الخمر بالمدينة فضيخ البسر والتمر ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله ودعا بالأواني فكفأها ، وقال : هذه كلها خمر ، ولا أعلم أنه كفأ يومئذ من خمر العنب شيئا إلا إناء واحدا كان فيه زبيب وتمر جميعا ، فأما عصيره فلم يكن يومئذ بالمدينة منه شئ " إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على عموم الخمر لكل مسكر .
وقال صاحب الخلاف الشيخ الطوسي - ج 5 - ص 477 – 479 :
أما ما يدل على أن هذه الأشربة تسمى خمرا : السنة ، وإجماع الصحابة . فالسنة ما رواه الشعبي ، عن النعمان بن بشير ، أن النبي عليه السلام قال : إن من العنب خمرا ، وإن من التمر خمرا ، وإن من العسل خمرا ، وإن من البر خمرا ، وإن من الشعير خمرا . وروى أبو هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنب . هذان في سنن أبي داود . وروى طاووس ، عن ابن عباس أن النبي قال : كل مخمر خمر ، وكل مسكر حرام . وروى نافع عن ابن عمر ، أن النبي عليه السلام قال : كل مسكر خمر ، وكل خمر حرام . فدل ذلك كله على تسميته خمرا . وأما الإجماع ، فروى الشعبي ، عن ابن عمر قال : صعد عمر المنبر ، فخطب - وفي بعضها سمعت عمر بن الخطاب يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله - يقول : نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي يومئذ من خمسة : العنب ، والتمر ، والعسل ، والحنطة ، والشعير . والخمر ما خامر العقل . وروي مثل هذا عن أبي موسى الأشعري ، غير أنه ليس فيه ( والخمر ما خامر العقل ) . وروى الشافعي في الأشربة من الأم ، عن مالك ، عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك ، قال : كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبا طلحة الأنصاري وأبي بن كعب شرابا من فضيخ تمر ، فجاءهم آت ، فقال : إن الخمر حرمت . فقال أبو طلحة : يا أنس قم إلى هذه الجرار فكسرها . قال أنس : فقمت إلى مهراس لنا فضربتها بأسفلها حتى تكسرت .
الفضيخ : ما عمل من تمر وبسر ، ويقال : هذا أسرع إدراكا ، وكذلك كلما عمل من لونين . والمهراس : الفاس . فالنبي صلى الله عليه وآله سماها خمرا ، والصحابة من بعده عمر ، وأبو موسى الأشعري ، وهؤلاء الأنصار وغيرهم ، وأبو عبيدة بن الجراح ، وأبو طلحة ، وأبي بن كعب كل هؤلاء قد سموه خمرا . فإذا ثبت أنه خمر ، فقال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه )) فأمر باجتناب المسكرات كلها .