قال رسول الله (ص): ( المؤمن أشد في دينه من الجبال الراسية؛ وذلك أن الجبل قد ينحت منه, والمؤمن لا يقدر أحد على أن ينحت من دينه شيئاً؛ وذلك لضنه بدينه, وشحه عليه)(1).
من خلال الصراع بين أتباع مدرسة الهدى وأتباع مدرسة الضلال تبرز مواقف بطولية تبقى محطات نور تمنح القوة والصلابة والبصيرة والعزم والاستقامة للمؤمنين, وتمنح أصحابها الخلود والبقاء عبر الزمان, وتبقى مناراً على طول الزمن تهتدي بها الأجيال .
ومن أبرز ظواهر التاريخ الرسالي بروز ظاهرة التحدي للواقع الفاسد والسلطة الجائرة, ورفض العروض المغرية, فإن أئمة الضلال يتبعون شتى الأساليب؛ ليوقفوا تبار الهدى ... فمن أساليبهم تقديم العروض المغرية لدعاة الله تعالى لشراء ضمائرهم. وتخدير عقولهم واحتوائهم ليخرجوهم عن جادة الصواب .
ومن أساليبهم : القتل, والتعذيب, والسجن, والتشريد, وتوجيه الافتراءات والتهم, ونشر الإشاعات والأكاذيب .
وفي حياة رسول الله (ص) أمثلة حية من ذلك, فقد قدموا له شتى العروض, والإغراءات نذكر منها ما رواه كعب القرظي قال :
(حُدِّثثُ أن عتبة بن ربيعة, وكان سيداً, قال يوماً وهو جالس في نادي قريش ورسول الله (ص) جالس في المسجد وحده : يا معشر قريش, ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها, فنعطيه أيّها شاء، ويكف عنا؟ وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أصحاب رسول الله (ص) يزيدون ويكثرون, فقالوا : بلى يا أبا الوليد قم إليه فكلمة فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسـول الله (ص), فقال : يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت السِّطة(2) في العشيرة, والمكان في النسب إنك قد أتيت قومك بأمر عظيم, فرقت به جماعتهم, وسفهت به أحلامهم ,وعبت به آلهتهم ودينهم, وكفرّت من مضى من آبائهم, فاسمع منى أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل منها [منا] بعضها، قال : فقال لـه رسول الله (ص): قل يا أبا الوليد أسمع, قال : يا ابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً, وان كنت تريد به شرفاً سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا, وان كان هذا الذي تأتيك رئيا(3) تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب, وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه, فإنه ربما غلب التابع(4) على الرجل حتى يداوى منه, أو كما قال له، حتى إذا فرغ عتبة, ورسول الله (ص) يستمع منه, قال : أقد فرغت يا أبا الوليد ؟ قال نعم, قال : فاسمع مني, قال : أفعل، فقال : ((بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * حـم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ...)) (فصلت: 1-5)، ثم مضى رسول الله (ص) فيها يقرؤها عليه, فلما سمعها منه عتبة أنصت لها, وألقى يد يه خلف ظهره معتمداً عليها يسمع منه, ثم انتهى رسول الله (ص) إلى السجدة منها فسجد, ثم قال : قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك .
فقام عتبة إلى أصحابه, فقال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال: ورائي أني قد سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط, والله ما هو بالشعر, ولا بالسحر, ولا بالكهانة, يا معشر قريش, أطيعوني, واجعلوها بي, وخلوا بين هذا الرجل, وبين ما هو فيه فاعتزلوه, فوالله ليكونَنَّ لقوله الذي سـمعت منه نبأٌ عظيم, فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم ،وإن يظهر على العرب فملكة ملككم,وعزة عزكم, وكنتم اسـعد الناس به,قالوا سـحرك والله يا أبا الوليد بلسـانه, قال هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم)(5).
هذا مثال واحد من أمثلة التحدي الفكري, وقد استطاع رسول الله (ص) أن يذهل عتبة ويرجعه إلى قومه؛ ليدعوهم إلى الإيمان به إلا أنه لم يوفق لا هو ولا قريش لهذا الشرف العظيم .
ومن أمثلة ذلك يوم اتصلوا بأبي طالب, وقالوا لـه : (يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب ألهتنا, وعاب ديننا, وسفه أحلامنا, وضلل آباءنا, فإما أن تكفه عنا, وأما أن تخلي بيننا وبينه, فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه فنكفيكه؛ فقال لهم أبو طالب قولاً رفيقاً, وردهم رداً جميلاً, فانصرفوا عنه...
ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى, فقالوا له : يا أبا طالب, إن لك سناً وشرفاً ومنزلة فينا, وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا, وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا, وتسفيه أحلامنا, وعيب آلهتنا, حتى تكفه عنا, أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين, ... ثم انصرفوا عنه, فعظم على أبي طالب فراق قومه وعدواتهم ...
فقال أبو طالب لرسول الله (ص): يا ابن أخي إن قومك قد جاءوني؛ فقالوا لي كذا وكذا, للذي كانوا قالوا له, فابقِ عليّ وعلى نفسك, ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق ؛قال فظن رسول الله (ص) انه قد بدأ لعمه فيه بداء انه خاذله ومسلمه, وانه قد ضعف عن نصرته والقيام معه, قال : فقال رسول الله (ص): (يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه, ما تركته).
قال : ثم استعبر رسول الله (ص) فبكى ثم قام, فلما ولى ناداه أبو طالب, فقال: اقبل يا ابن أخي, قال: فأقبل عليه رسـول الله (ص), فقال : اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت, فوالله لا أسـلمك لشيء أبداً )(6).
من خلال الصراع بين أتباع مدرسة الهدى وأتباع مدرسة الضلال تبرز مواقف بطولية تبقى محطات نور تمنح القوة والصلابة والبصيرة والعزم والاستقامة للمؤمنين, وتمنح أصحابها الخلود والبقاء عبر الزمان, وتبقى مناراً على طول الزمن تهتدي بها الأجيال .
ومن أبرز ظواهر التاريخ الرسالي بروز ظاهرة التحدي للواقع الفاسد والسلطة الجائرة, ورفض العروض المغرية, فإن أئمة الضلال يتبعون شتى الأساليب؛ ليوقفوا تبار الهدى ... فمن أساليبهم تقديم العروض المغرية لدعاة الله تعالى لشراء ضمائرهم. وتخدير عقولهم واحتوائهم ليخرجوهم عن جادة الصواب .
ومن أساليبهم : القتل, والتعذيب, والسجن, والتشريد, وتوجيه الافتراءات والتهم, ونشر الإشاعات والأكاذيب .
وفي حياة رسول الله (ص) أمثلة حية من ذلك, فقد قدموا له شتى العروض, والإغراءات نذكر منها ما رواه كعب القرظي قال :
(حُدِّثثُ أن عتبة بن ربيعة, وكان سيداً, قال يوماً وهو جالس في نادي قريش ورسول الله (ص) جالس في المسجد وحده : يا معشر قريش, ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها, فنعطيه أيّها شاء، ويكف عنا؟ وذلك حين أسلم حمزة ورأوا أصحاب رسول الله (ص) يزيدون ويكثرون, فقالوا : بلى يا أبا الوليد قم إليه فكلمة فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسـول الله (ص), فقال : يا ابن أخي إنك منا حيث قد علمت السِّطة(2) في العشيرة, والمكان في النسب إنك قد أتيت قومك بأمر عظيم, فرقت به جماعتهم, وسفهت به أحلامهم ,وعبت به آلهتهم ودينهم, وكفرّت من مضى من آبائهم, فاسمع منى أعرض عليك أموراً تنظر فيها لعلك تقبل منها [منا] بعضها، قال : فقال لـه رسول الله (ص): قل يا أبا الوليد أسمع, قال : يا ابن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالاً, وان كنت تريد به شرفاً سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك، وإن كنت تريد به ملكاً ملكناك علينا, وان كان هذا الذي تأتيك رئيا(3) تراه لا تستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب, وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه, فإنه ربما غلب التابع(4) على الرجل حتى يداوى منه, أو كما قال له، حتى إذا فرغ عتبة, ورسول الله (ص) يستمع منه, قال : أقد فرغت يا أبا الوليد ؟ قال نعم, قال : فاسمع مني, قال : أفعل، فقال : ((بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * حـم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ ...)) (فصلت: 1-5)، ثم مضى رسول الله (ص) فيها يقرؤها عليه, فلما سمعها منه عتبة أنصت لها, وألقى يد يه خلف ظهره معتمداً عليها يسمع منه, ثم انتهى رسول الله (ص) إلى السجدة منها فسجد, ثم قال : قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت فأنت وذاك .
فقام عتبة إلى أصحابه, فقال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به. فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال: ورائي أني قد سمعت قولاً والله ما سمعت مثله قط, والله ما هو بالشعر, ولا بالسحر, ولا بالكهانة, يا معشر قريش, أطيعوني, واجعلوها بي, وخلوا بين هذا الرجل, وبين ما هو فيه فاعتزلوه, فوالله ليكونَنَّ لقوله الذي سـمعت منه نبأٌ عظيم, فإن تصبه العرب فقد كفيتموه بغيركم ،وإن يظهر على العرب فملكة ملككم,وعزة عزكم, وكنتم اسـعد الناس به,قالوا سـحرك والله يا أبا الوليد بلسـانه, قال هذا رأيي فيه فاصنعوا ما بدا لكم)(5).
هذا مثال واحد من أمثلة التحدي الفكري, وقد استطاع رسول الله (ص) أن يذهل عتبة ويرجعه إلى قومه؛ ليدعوهم إلى الإيمان به إلا أنه لم يوفق لا هو ولا قريش لهذا الشرف العظيم .
ومن أمثلة ذلك يوم اتصلوا بأبي طالب, وقالوا لـه : (يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سب ألهتنا, وعاب ديننا, وسفه أحلامنا, وضلل آباءنا, فإما أن تكفه عنا, وأما أن تخلي بيننا وبينه, فإنك على مثل ما نحن عليه من خلافه فنكفيكه؛ فقال لهم أبو طالب قولاً رفيقاً, وردهم رداً جميلاً, فانصرفوا عنه...
ثم إنهم مشوا إلى أبي طالب مرة أخرى, فقالوا له : يا أبا طالب, إن لك سناً وشرفاً ومنزلة فينا, وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا, وإنا والله لا نصبر على هذا من شتم آبائنا, وتسفيه أحلامنا, وعيب آلهتنا, حتى تكفه عنا, أو ننازله وإياك في ذلك حتى يهلك أحد الفريقين, ... ثم انصرفوا عنه, فعظم على أبي طالب فراق قومه وعدواتهم ...
فقال أبو طالب لرسول الله (ص): يا ابن أخي إن قومك قد جاءوني؛ فقالوا لي كذا وكذا, للذي كانوا قالوا له, فابقِ عليّ وعلى نفسك, ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق ؛قال فظن رسول الله (ص) انه قد بدأ لعمه فيه بداء انه خاذله ومسلمه, وانه قد ضعف عن نصرته والقيام معه, قال : فقال رسول الله (ص): (يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه, ما تركته).
قال : ثم استعبر رسول الله (ص) فبكى ثم قام, فلما ولى ناداه أبو طالب, فقال: اقبل يا ابن أخي, قال: فأقبل عليه رسـول الله (ص), فقال : اذهب يا ابن أخي فقل ما أحببت, فوالله لا أسـلمك لشيء أبداً )(6).
تعليق