المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا يفشل الغرب في مواجهة إيران؟


سيد فاضل
05-05-2020, 05:53 PM
لماذا يفشل الغرب في مواجهة إيران؟

أمين محمد حطيط –البناء – بيروت -5\5\2020.

منذ ان نجحت الثورة الإسلامية في إيران في إقامة دولة مستقلة فعليا تحولت إيران إلى عقدة للغرب الاستعماري لا يطيقها ويبحث عن أي وسيلة تقود إلى أنهاء هذه الظاهرة التي شكلت كابوسا للغرب عامة ولأميركا وإسرائيل خاصة. ولم يحاول الغرب التعايش مع هذا المتغير الدولي بل رأى ان الحل الوحيد له هو الإجهاز على هذه الدولة قبل تفاقم خطرها المتمثل بما أطلق عليه " تصدير الثورة " واجتياح الفكر التحريري الاستقلالي جيران إيران أولا وفي طليعتهم دول الخليج التي تشكل محميات للاستعمار يحكمها عبر عائلات تتحكم بها وتمكنه من وضع اليد على نفطها ومالها.

ولأجل التخلص من النظام الإسلامي في إيران شنت الحرب عليها من قبل صدام حسين بتوجيه أميركي وتمويل خليجي خاصة السعودية التي افهمها الأميركيون ان بقاء هذا النظام في إيران يشكل خطرا على العائلة المالكة في السعودية وكل العائلات المالكة في الخليج.

بيد ان إيران رغم حالة التفكك والتضعضع الذاتي كانت عليه في الأشهر الأولى لانتصار الثورة، استطاعت ان تصمد وتستوعب الهجوم العراقي رغم أنها خسرت أرضا في البدء وتكبدت خسائر فادحة لكنها صمدت واستعادت أرضها وقبلت بأنهاء الحرب دون ان تتمكن من معاقبة المعتدي لكن أميركا لم ترضها تلك النتيجة وتحت عناوين وذرائع شتى فرضت عليها تدابير كيدية أسمتها عقوبات رغم عدم انطباق التسمية على الحقيقة القانونية لتلك التدابير. ومنذ 32 عاما وحتى الأن ترزح إيران تحت وطأة ما يسمى عقوبات متنوعة منها ما هو أحادي كتلك التي تفرضها أميركا ومنها ما هو جماعي خارج مجلس الأمن كتلك التي يفرضها الاتحاد الأوروبي وأميركا ومنها ما هو دولي أممي كتلك التي تفرض بقرار من مجلس الأمن بضغط أميركي.

لقد لجا الغرب إلى العقوبات التي من شانها ان تخنق إيران وتجعلها تتراجع عن سياستها الاستقلالية، وعن دعمها لحركات التحرر والمقاومة في العالم ومنعها أيضا من امتلاك مصادر القوة (العسكرية والاقتصادية والعلمية) لإبقائها دولة من العالم الثالث وسوقا استهلاكيا لسلع الغرب وفرض التبعية الاقتصادية بعد السياسية لمجموعة المنتصرين في الحرب الثانية.

لكن إيران سفهت أحلام محاصريها وثبتت على سياستها الاستقلالية رغم ما أحدثته الحرب الاقتصادية من شرور وأضرار في الداخل الإيراني، لا بل حققت إيران رغم الحصار قفزات في مجال القوة الإنتاجية والصناعية يكاد المراقب يقول معها ان إيران وصلت إلى المستوى الذي زرع اليأس في النفس الاستعمارية وافهمها ان أسقاط إيران بات حلما لا يدرك.

لقد طورت ايران نفسها بشكل تكاملي متعدد الاتجاهات و في كل المجالات التي تميز الدول المتقدمة في العالم المعاصر ، سواء في ذلك على صعيد السلع الاستهلاكية المعيشية و قد حققت فيه شبه اكتفاء ذاتي بلغ 85% او في المجالات العلمية و الصناعية وقد طرقت بنجاح الباب النووي السلمي ووصلت أيضا إلى مستوى من يطلق الأقمار الصناعية و يضعها بنجاح على مدار تشغيلي استثماري ، او على صعيد البنية التحتية خاصة في مجالات النقل و الكهرباء و الاتصالات و الخدمات العامة ، و الأهم كان في مجال التصنيع العسكري الذي تمارس فيه القوى العظمى احتكارا صارما و تمنع مشاركتها فيه ، لكن ايران عرفت كيف تلج مجاله و تؤمن لنفسها و لقواتها المسلحة من جيش و حرس ثوري و تعبئة شعبية ما يلزمهم من السلاح و الذخيرة المتطورة التي تمكنهم من تامين دفاع موثوق محكم عن ايران أرضا و شعبا و نظاما و ثروات ، كما و يمكنها من مؤازرة الحلفاء في ممارستهم لحق المقاومة و الدفاع المشروع عن النفس . وهنا يطرح السؤال كيف نجحت إيران حيث فشل الأخرون؟
بكل تأكيد نجحت إيران في المواجهة طيلة السنوات ال 41 من عمر ثورتها أما سبب النجاح برأينا فهو عائد إلى عوامل تميز الواقع الإيراني من وجوهه كلها، عوامل تضافرت بشكل ليس من شانه تخطي الصعوبات والمآزق بل من شانها أيضا ان ترتقي بإيران إلى مصاف الدول الكبرى في نظام عالمي قيد التشكل على أساس المجموعات الاستراتيجية، حيث تتجه إيران اليوم لتكون نواة مجموعة استراتيجية تفرض نفسها في النظام العالمي الجديد ويمكن ذكر أهم عوامل القوة هذه:
1. العامل الفكري العقائدي الديني. أقامت إيران نظامها السياسي على أسس دينية عقائدية، تتفتح فيه على مقولة أنشاء الدولة المستقلة القوية الممهدة للأمام المهدي، وباتت العقيدة الدينية حافزا للتضحية والأقدام والتطور خلافا لما جعلها آخرون من المسلمين عامل تخلف. فالإسلام الحركي الذي تعمل به إيران هو إسلام يقود الحياة ويطور المجتمع وينافس من اجل الرفاه دون انحراف إسلام محفز وليس مثبطا. وبضاف ذلك إلى طبيعة الإنسان الإيراني المتميز بالصلابة وطول النفس والعناد والإصرار على النجاح والتمسك بالحقوق.

2. العامل السياسي :اعتمدت ايران نظاما سياسيا متماسكا تحتل الإرادة الشعبية الصلب و الأساس في إنتاجه و تجديد السلطة عبر انتخابات نزيهة تجعل منه منتجا شعبيا وتجعل الشعب مدافعا عنه يرفض أي مس فيه لأنه نظامه الذب اختاره ويجدد أشخاصه باراته ، هذا في الأصل أما في الهيكلية فالنظام السياسي الإيراني نظام قوي متماسك قائم على المؤسسات المنفصلة و المتعاونة و التي يراقب بعضها بعضا في حدود الدستور و يعمل في ظل قيادة رشيدة تجمع الديني إلى السياسي في أدائها فيطمئن الشعب إلى حكمتها وقوتها والتزامها بالدستور وفلسفته وأحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها

3. العامل الجغرافي الطبيعي. تمتلك إيران موقعا جغرافيا ومساحة وثروات طبيعية تجعلها في موقع الاستغناء عن الأخر بنسبة عالية دون ان يكون الأخر بموقع الاستغناء عنها اقتصاديا او سياسيا. وهذا العنصر مكن إيران من النجاح في سياسة الاكتفاء الذاتي اقتصاديا والوصول إلى موقع التأثير دوليا وإقليميا في المجالات الأخرى.

4. العامل الاستراتيجي التحالفي. في هذا العامل امرأن الأول طبيعة الخيار الإيراني في تقديم الدعم وأنشاء التحالفات دوليا والثاني النجاح في تشكيل محور المقاومة الإقليمي. فإيران تبني تحالفاتها على أساس دعم قضية حق لرفع ظلم، وتقيم علاقة مع الأشخاص والمكونات الذين يؤمنون بعدالة هذه القضية ويستعدون للدفاع عنها و خير مثال هنا موقفها من قضية فلسطين التي جهد الآخرون في أبعادها عنها ففشلوا . وهنا التباين بين إيران ودول الغرب الاستعماري التي تقيم التحالف انطلاقا من المصالح الفردية والذاتية التي تريد اقتناصها من الآخرين. ففي الحالة الإيرانية يكون التكتل او المحور او التحالف انطلاقا من المبادئ التي تجمع المتحالفين ولذا تقيم تحالفاتها على مبادئ وحقوق وقضايا عادلة ثم تبحث في الأشخاص الذين يخدمونه. وبهذا إنشات إيران شبكة تحالفات متفاوتة السقوف أهمية وتأثيرا، أولها محور المقاومة يليها التفاهم مع روسيا والصين وبعدها العمل في منظومة شنغهاي الاقتصادية وغيرها. وتوصف السياسة الإيرانية بانها أخلاقية إنسانية لا غدر فيها وحليف إيران مطمئن، في حين يوصف أداء الغرب باللاإنساني او لاأخلاقي وحليفه قلق.
هذه اهم العوامل التي منحت إيران مناعة وقوة وقدرة جعلتها تستعصي على الحرب والحصار وفرضتها لاعبا إقليميا مركزيا وطرفا دوليا لا يمكن تجاوزه وأبعدت ضمن المنطق والمعقول شبح الحرب عنها، وأكسبتها قدرة تمكنها من المس بهيبة أميركا الدولة المتصدية لقيادة العالم. وعليه نرى مع وجود إيران هذه نستبعد حربا تشنها أميركا او إسرائيل على محور المقاومة، ونرى ان الأشهر والسنوات المقبلة ستحمل ترهلا وتراجعا في صفوف أعداء إيران مترافقا مع تقدم إيران وحلفائها بشكل حثيث نحو تحقيق أهدافهم الاستراتيجية الكبرى خاصة لجهة المحافظة على الاستقلالية الوطنية وحمل الآخرين على التسليم بها ونصرة قضية فلسطين وصولا إلى تحصيل حقوق شعبها وليس من فراغ يحتفل بيوم القدس العالم سنويا وبشكل ثابت.

محـب الحسين
06-05-2020, 01:01 AM
أحسنت اخي العزيز
جزاك الله خير جزاء المحسنين

سيد فاضل
06-05-2020, 01:42 AM
حفظكم الله