المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدرس القرآني الخامس عشر؛ كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ


سيد فاضل
10-05-2020, 08:40 AM
ربيع القرآن
الدرس القرآني الخامس عشر؛ كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ

الدرس القرآني الخامس عشر؛ كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ
كلّ من ينشد تحقيق هدفٍ ويسخّر لأجله طاقاته، يلقى عوناً من الله. والله يساعده وإن كان ذلك عملاً دنيويّاً؛ ”كلّا نمدّ هؤلاء وهؤلاء“. أي الذين ينشدون الدنيا والذين يرجون الآخرة، يصرّح الله عزّوجل بأنّنا نساعدهم جميعاً. والآخرة لا تقتصر على صلاة الليل والذكر والتوسّل والدعاء وأمثال هذه الأمور. بل هذه تمثّل وسائل أيضاً؛ لكنّ خدمة النّاس والتواجد أينما اقتضى الأمر ذلك من الأعمال الإلهيّة أيضاً.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ ينشر موقع khamenei.ir الإعلامي خلال أيّام شهر رمضان المبارك بشكل يومي مجموعة من الدروس القرآنية للإمام الخامنئي التي فسّرها سماحته وشرحها ضمن خطاباته. وقد تمّ إعداد هذه الدّروس تحت عنوان "ربيع القرآن" بشكل تراتبيّ من الجزء الأوّل حتّى الجزء الثلاثين من القرآن الكريم حيث سوف يُنشر في كلّ يومٍ من أيّام الشهر الفضيل درسٌ من هذه الدروس على الموقع الرّسمي وحسابات شبكات التواصل الاجتماعي.

كُلًّا نُّمِدُّ هَٰؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ ۚ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا
الإسراء ﴿٢٠﴾

العون الإلهي يشمل كلّ من يبذل جهداً في سبيله

كلّ من ينشد تحقيق هدفٍ ويسخّر لأجله طاقاته، يلقى عوناً من الله. والله يساعده وإن كان ذلك عملاً دنيويّاً؛ ”كلّا نمدّ هؤلاء وهؤلاء“.(١) أي الذين ينشدون الدنيا والذين يرجون الآخرة، يصرّح الله عزّوجل بأنّنا نساعدهم جميعاً. والآخرة لا تقتصر على صلاة الليل والذكر والتوسّل والدعاء وأمثال هذه الأمور. بل هذه تمثّل وسائل أيضاً؛ لكنّ خدمة النّاس والتواجد أينما اقتضى الأمر ذلك تُعتبر أعمالاً إلهيّة. لاحظوا أن الذين مدُحوا في صدر الإسلام - في ثقافتنا و حسب عقيدتنا - إنما نالوا هذا المديح والثناء لمواقفهم السياسية والاجتماعية والجهادية قبل أن يكون السبب عبادتهم وصلاتهم و... . قلّما نمدح أبا ذر الغفاري، أو عمار بن ياسر، أو المقداد، أو ميثم التمّار، أو مالك الأشتر لعبادتهم. التاريخ يعرف هؤلاء لمواقفهم التي كانت حاسمة ومصيرية. مواقف استطاعت هداية المسيرة العامة للمجتمع وتشكيلها والمساعدة على تقدمها إلى الأمام. والذين نالوا المذمّة أيضاً لم ينالوها على شرب الخمر أو عدم أداء الصلاة، بل لعدم تواجدهم في السوح والميادين التي ينبغي لهم التواجد فيها.

(...) إذن، من يريد أن يعمل لله يعينه الله. وكذلك الذي يريد أن يعمل للدنيا. الذين كانت أهدافهم الدنيا ومناصبها وأموالها ولهوها ولعبها وملذاتها الجنسية وما إلى ذلك - وتلاحظون نماذج ذلك بكثرة في العالم - هؤلاء أيضاً حينما يسعون في سبيل أهدافهم تلك يعينهم الله. والعون الإلهي في أن يوفر الله لهم الوسائل لذلك. يعقدون هممهم وعزائمهم ويسيرون في ذلك الطريق، وهدفهم هدف مادي وحسب. لذلك يصلون إلى ذلك الهدف. وبالطبع، لأنهم يتجاهلون الجانب الأصلي وهو الجانب المعنوي والإلهي والأخروي، فسوف يخسرون في الآخرة، لكنهم يتقدمون في الجانب الذي جعلوه هدفهم. (۲)

كل من يبذل جهداً في سبيل هدفٍ معيّن يحصد الثّمار

أولئك الذين يقفون اليوم على قمة العلم، لم يكونوا كذلك في السابق. أمريكا هذه التي تتقدّم اليوم من الناحية العلميّة كلّ المراكز العلميّة وبلدان العالم، كانت محتاجة قبل مئة عام لبريطانيا وفرنسا من أجل الحصول على أدواتها العسكريّة البسيطة، (…) لم تكن الإمكانيات متوفّرة لديهم؛ لكنّهم يقفون اليوم على قمّة العلم؛ لأنّهم سعوا وبذلوا الجهود. لا علاقة للمساعي بالدين والكفر والإيمان والإسلام؛ هذا ما يصرّح به القرآن. لقد كرّرت هذه الآية مراراً: ”كلّا نمدّ هؤلاء وهؤلاء“؛ هذه هي السنّة الإلهيّة.(٣)

والبعض يتعاطون مع الأمور بسذاجة، فيضربون مثلاً البلدان الغنيّة في العالم ويقولون: هؤلاء يملكون الثروات، ولا دين ولا أخلاق لهم؛ فلنتبع خطاهم نحن أيضاً. يظنّون أنّ حصولهم على الثروات جاء نتيجة لفقدانهم الدين والأخلاق! هذا تفكيرٌ خاطئ. فكلّ بلد حصّل الثروات والقوّة، كان سبب ذلك وجود أسباب معيّنة أدّت إلى تكوين القوة والثروة. أينما كان هناك تدبير وجهد وعمل، تثمر الثمار؛ وهذه سنّة إلهيّة. (٤)

لا شكّ في أنّ الله عزّوجل يمنح الشّعوب الأجر والثواب، وفي بعض الأحيان نلاحظ آثار ذلك وفي أحيان أخرى نغفل عنه. وآيات القرآن الكريم تدلّ على أنّ الشعب لو قام بعمل صالح وأرفقه بالتقوى والإيمان، فسوف تكون حياته وعزّته واستقلاله مؤمّنة؛ وعندما لا تلازم التقوى والإيمان، يمنح الله الأجر أيضاً؛ ”كلّا نمدّ هؤلاء وهؤلاء“. فعندما ترون أنّ بعض الشعوب لا دين لها ولا تقوى، لكنّها تنعم بحياة ماديّة مميّزة في الظاهر، فهذا سببه إنجازهم لأعمال الدّنيا بشكل جيّد؛ لكنّ حياة كهذه لا تؤول إلى عاقبة حسنة ويرافقها الفساد وتؤدّي إلى فناء ذلك الشخص. فالحضارة الماديّة في العالم المعاصر، اختارت هذا النّمط من العيش؛ لكنّ الشعب الذي يكون مؤمناً ويبذل الجهود كما تفعلون أنتم، لا شكّ في أنّ الله سيثيبه ويمنحه الأجر. وهذا الجزاء لن يقتصر على ثواب الآخرة؛ بل سيلقى أجره في الدنيا أيضاً. وأجر الدنيا يرتبط بما يقومون به من أعمال، وبقدر هذه الأعمال ينالون السعادة والعزّة ويخرجون من الذّل والخضوع.(٥)

لا يترك الله عزّوجل أيّ عمل بلا نتيجة؛ لا شكّ في وجود نتيجة بعد بذل الجهود. قد يتمكّن الناس في بعض الأحيان من معرفة تلك النتيجة، فيصوّبون على الهدف وينطلقون نحوه؛ لكنّهم في بعض الأحيان لا يدركون النتيجة التي تترتّب على العمل، فلا يعرفونها بشكل صحيح ويسعون خلف استنتاجات أخرى؛ لكنّ العمل يثمر عن نتيجته ويبلغون تلك النتيجة في نهاية المطاف. لذلك فإنّ الله عزّوجل لم يترك أيّ جهدٍ دون أجر وثواب.(٦)

الهوامش:
1) سورة الإسراء؛ الآية ٢٠
2) كلمته في لقاء جمع من مسؤولي نظام الجمهورية الإسلاميّة ٥/٤/٢٠١٠
3) كلمته في لقاء مع طلاب جامعة سمنان ٩/١١/٢٠٠٦
4) كلمته في لقاء جموع من حرس الثورة الإسلامية ٩/١٠/٢٠٠٢
5) كلمته في مراسم بيعة جموع غفيرة من مختلف الفئات الشعبية من أنحاء البلاد ٩/٧/١٩٨٩
6) كلمته في خطبتي صلاة الجمعة ٢٥/١٢/١٩٩٨

محـب الحسين
11-05-2020, 12:36 AM
بوركت اخي الفاضل

سيد فاضل
11-05-2020, 12:49 AM
حفظكم الله