🔻 هذا ما حصل في تشييع الشيخ الوائلي 🔻
(( التفاصيل الكاملة عن الوفاة والتغسيل والتشييع والدفن يرويها من حَضرها وشَهدَها ورَافق أحداثها ))
بقلم: وائل علي الطائي. سبط الشيخ الوائلي
العودة إلى العراق :
بعد قرار الولايات المتحدة باجتياح العراق والمباشرة في تنفيذ قرارها في آذار 2003 انتهاءً بإسقاط نظام البعث في بغداد في 9 نيسان 2003؛ كان الجد الشيخ الوائلي رحمه الله قد أنهى قراءته للمجالس الحسينية في شهر محرم الحرام في دولة الإمارات العربية المتحدة في مجلس آل العدوان ومجلس رئاسة ديوان الأوقاف الجعفرية الإماراتية بمسجد الإمام علي بإمارة دبي. ثم عاد إلى محل إقامته في العاصمة السورية دمشق، والتي أقام فيها مغترباً منذ تموز 1979 ولم يختر غيرها للإقامة على مدى 24 عام.
ومن بعد أن علم الشيخ الوائلي بحرج حاله الصحي في آذار 2003 كان قد أرسل في طلب نجله الحاج محمد حسن ليقدم إليه لأنه كان قد توقع أن يرحل إلى بارئه غريباً عن بلده العراق، وأنه قد يُدفن كسائر أقرانه في مقبرة الغرباء جوار ضريح السيدة زينب (ع) في العاصمة السورية دمشق.
لكنما قد شاءت إرادة الله تعالى أن يمدّ المولى بعمره الشريف ل 100 يوم أخرى؛ ليشهد سقوط أعتى دكتاتورية شهدها حكم العراق والمنطقة بأسرها، جثم على صدور أهله ومحبيه أكثر من ربع قرنٍ من الزمن؛ تسبب فيها في ظلمِ واضطهادِ وقتلِ وتشريدِ العلماء والأدباء والمفكرين والمثقفين، تاركاً بلده قسراً وهرباً من بطشه وإجرامه، ليُتمم مهامه كسفيرٍ للمنبر الواعي المعتدل وناشراً لعلوم أهل البيت في خارج العراق.
وعند متابعة الشيخ الوائلي للعلاج من دائه الذي أصيب به منذ سنتين وهو ورمٌ متقدمٌ في الجهاز الهضمي، أعلمه طبيبه المعالج بخبر وصول الحال به إلى مرحلةٍ متقدمة يعجز معه العلاج الكيميائي عن إيقاف استشراء المرض واستفحاله. لكن كما قدمنا أن الله قد منّ عليه بعمرٍ طال لأسابيع ولم يتوفه وهو خارج بلده، إنما لطف به الباري بإكرامه لما يُحقق له ماتمناه وما كان يُصرح به شعراً ونثراً وبياناً في مقالاته ومحاضراته؛ أن (آمنا في أوطاننا واعدنا إلى أهالينا سالمين، وادفع عنا من ظلمنا) وبذلك كان للجدّ الشيخ الوائلي ما أراد ..
قرار السفر :
قرر الجد الوائلي رحمه الله من بعد التوكل على المولى جل وعلا العودة إلى بلده العراق على أمل أن يمد الله في عمره الشريف عسى أن يتمكن من الدفن في موئله ومسقط رأسه والتراب الذي ترعرع ونشأ فيه؛ تراب الغري في النجف الأشرف وجوار أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وهو الذي لازم جواره مدة 51 سنة منذ العام 1928 حتى تهجيره قسراً بمجيء ظلم البعث عام 1979.
اتصل الشيخ الوائلي بنجله الحاج محمد حسن وبصهره الأوسط السيد مهدي الحسيني وسبطه الأكبر السيد حيدر الطالقاني، ليطلب منهم القدوم إلى دمشق براً والعزم على إعادته إلى العراق.
وفعلاً أخذت الإجراءات والاستعدادات والتهيؤ والتحضير للعودة فترةً زمنية، من أجل التمكّن من الاطمئنان على الحالة الصحية لعميد المنبر الحسيني وتنظيم رحلةٍ بريّةٍ تُوائم وضعه الحرج.
الدخول الى الكاظمية :
تم تهيئة باصٍ مُكيّف حديثٍ ليكون مُقارباً لسيارة الإسعاف فيساعد في نقل الشيخ الوائلي عبر الحدود السورية – العراقية طيلة نهارٍ كاملٍ ، لتتم تهيئته إلى حدٍ ما ليوائم أية طوارئ قد تمر بها حالته الصحية.
وقد تم الشروع بالسفر في فجر يوم الجمعة 4 تموز 2003 ، مجتازين جميع نقاط التفتيش والسيطرة الأمريكية بشكلٍ قانوني وسليمٍ على طيلة الطريق الدولي الرابط ما بين العاصمتين السورية دمشق والعراقية بغداد، وقد أوصلوا الفقيد سالماً إلى مدينة الجوادين الكاظمية المقدسة عصر ذلك اليوم. مستقرا في منزله في المنطقة المعروفة ب بستان علاوي والقريبة من ساحة المرحوم الشاعر عبد المحسن الكاظمي.
مكث الجدّ الوائلي رحمه الله في الكاظمية مدة (10) أيام، تمكّن فيها من مراجعة بعض الأطباء للوقوف على حالته الصحية ومنهم: البروفيسور حكمت الشعرباف، والبروفيسور عبدالهادي الخليلي وغيرهم، واقتصرت الزيارات لرؤيته على إستقبال بعض الزائرين من أسرته وأرحامه وأهله، وابن خاله المرحوم الوجيه الحاج معين جابر جدي النجفي (1940 – 2017)، والعالمين الفاضلين ابن عمته المرحوم المؤرخ المحقق الشيخ باقر شريف القرشي النجفي (1925 - 2012)، وآية الله السيد مهدي الخرسان الموسوي.
زيارة الكاظمين :
تمكن الشيخ الوائلي من زيارةٍ وحيدةٍ للعتبات المقدسة، حيث توجه لزيارة أسدي بغداد وجواديهما الإمامين موسى بن جعفر ومحمد الجواد (ع) آملاً الدخول إلى مقاميهما راجلاً ، إلا أنّ المرض أخذ بيده وأقعده وأثناه عن ذلك ، علماً أنه قد تم منعه من قبل الأطباء عن أي جهدٍ قد يتسبب في تدهور حالته الصحية ، مما اضطره لزيارتيهما من داخل السيارة ومن عتبة باب المراد فقط ولفترةٍ وجيزة ، تسبب فتح نافذة السيارة ونزول دموعه المنهمرة على خديه وهو يشخص بباصريه إلى قبتي الإمامين الجوادين من بعد فراق دام 24 عام؛ تسبب بلفت نظر المارة حوله والمتواجدين في باب المراد ، وعرفوا شخصه الكريم فاقبلوا باحتشادٍ كبيرٍ عليه وتوافدوا على السيارة لرؤيته والسلام عليه ، ولما طال الأمر اضطر مرافقيه إلى إعادته إلى المنزل حفاظاً على وضعه الصحي.
وكانت هذه الزيارة من أواخر ما فعله رحمه الله في أيام تواجده في الكاظمية المقدسة. ليعقد العزم بعد يومٍ على العودة إلى مدينتي كربلاء والنجف الأشرف إن أبقاه الله ومدّ في عُمره.
ساعة الوفاة :
في صبيحة يوم الإثنين 14 تموز 2003 عقد الشيخ الوائلي العزم على العودة إلى مدينته النجف الأشرف، لكنه فاجأ أسرته بتعبٍ مفاجيء في وضعه الصحي إلى ما قبل الظهيرة وتحديداً في الساعة 11:20 ظ ، حيث هوّمت عيناه لبرهةٍ من الوقت ، ثم فتح عينيه والتفت الى نجله الحاج محمد حسن، طلب منه تراباً ليتيمّم بسبب عدم قدرته على القيام والمشي الى محل الوضوء ، مما سبب استغراباً عند نجله الحاج محمد حسن من هذا التوقيت كون الوقت لازال مبكراً لصلاة الظهر ! ومع ذلك استجاب لوالده ، وجلب له التراب للتيمّم، فتيمّم الشيخ الوائلي من الصعيد ، وصلى ركعتين قربةً إلى وجه الله تعالى ، وأثناء قنوت صلاته رفع يديه إلى السماء مُتمتماً بشفاهه بمناجاةٍ بينه وبين ربه.
وما إن انتهى من تكبيرات صلاته ... حتى أغمض عينيه ... وفاضت روحه الطاهرة ... وسط صمتٍ .. وحيرةٍ .. واستغرابٍ .. من نجلهٍ وصهرهٍ وسبطهٍ وباقي أسرته ..
للأسف وياللأسى ؛ توقف قلب الشيخ الوائلي، وسكتت أنفاسه العامرة بذكر الله، ليرحل رحمه الله غريباً مُبعَداً مظلوماً محروماَ ، ذاهباً الى مدينته النجف الأشرف مُسجى في نعشٍ لا داخلاً راجلاً.
تشييع الكاظميين :
عجّت المآذن في الكاظمية المقدسة من جميع جوامعها وحُسينياتها بإذاعة خبر وفاة الشيخ الوائلي والدعوة الى تشييع جثمانه. ومن ثم تلتها جوامع ومساجد وحسينيات باقي مُدن بغداد ، حتى تجمهرت الناس بباب داره في الكاظمية المقدسة جالبين نعشاً خشبياً من وقف الجامع الهاشمي، وسرعان ما أخذت حشود الكاظميين ووجوه رجالهم من مجاوري منزل الشيخ الوائلي بزمام التجهيز لتشييعه مُبادرين إليه كعائلته الكبرى لأنه – على حدّ تعبيرهم في وقته – كان ولم يزل وسيبقى مُلكاً لنا جميعاً وأنهم هم أيضاً إخوانه وأبناؤه وأحفاده وتلامذته طالبين السماح بذلك نيابة عن عائلته ومن دون أن يسمحوا بكل لطفٍ وأدبٍ لأسرة الشيخ بشيء من هذا الأمر سوى أن يُسلمونهم عمامة الشيخ ليضعوها على التابوت الخشبي.
عمامة الشيخ الوائلي :
وفعلاً أخرجوا جثمان الجدّ الشيخ من منزله وابتدأ تشييعه من نهاية الشارع الخلفي لمستشفى الضرغام الأهلي وصولاً إلى ساحة عبد المحسن الكاظمي وابتداء المسير بالنعش الى ساحة الشوصة (الزهراء)، وهنا تدافعت الجموع طالبين شيئاً من عمامة الشيخ الوائلي، وكان حاظراً في ساعتها أحد أساتذة الحوزة العلمية سماحة العلامة الشهيد الشيخ هيثم نايف الأنصاري (1969-2006) والذي أوعز لأحد الأخوة المشيعين بإنزال عمامة الشيخ نفسها – والتي سلمها لاحقاً لأسرة الشيخ - بسبب تدافع المحبين والحاحهم بالطلب على أخذ شيء من عمامته مما سيؤدي إلى الإضرار بالتابوت وبمن فيه، والذي كان بوزنٍ خفيفٍ جداً نظراً لهزالة بُنية الجد الشيخ الذي أهلكه المرض في أيامه الأخيرة ..
وبادر الشهيد الأنصاري إلى نزع عمامته التي يعتمرها وقام بوضعها على التابوت بديلاً عن عمامة الشيخ محاولاً إخبارهم بأن عمامة الشيخ الوائلي تدخل من ضمن الملكية الشرعية لصاحبها ولذويه الوارثين وأن ذلك يستدعي الإذن والترخيص، ومحاولاً إفهام المشيعين بأنها مجرد رمزية لهوية نعش المشيع بأنه من رجال الدين فقط لا غير لكي يكفوا عن التدافع ومن أجل أن يستمر التشييع من دون إضرار بالتابوت ..
لكن حتى هذه الخطوة لم تُفلح في ساعتها نظراً لتلهّف المحبين ممّن صُعقوا بخبر الوفاة وممّن تأملوا أن يشاهدوا خطيبهم ومعلمهم ويرونه رأي العين شاخصاً لا محمولاً على الأكتاف.
تغسيل الجثمان :
سارت الحشود المشيعة بجثمان الشيخ الوائلي وذهبوا به إلى مغتسل الكاظمية القديم في باب الدروازة ليتم تغسيله بإشراف المرحوم حجة الإسلام السيد علي الواعظ الموسوي الكاظمي (1951 – 2014)، ومن ثم توجهوا بنعشه إلى حرم الإمامين الكاظمين للصلاة عليه ، وإذا بتابوت جثمانه الخشبي يقابل بهودجٍ خشبيٍ ضخم كانوا قد أقبلوا به وجهاء موكب الكاظميين كانوا يعدونه كنعشٍ رمزي للسيدة الزهراء (ع) والتي صادف رحيل الجد الشيخ الوائلي في ذكرى وفاتها على الرواية الثانية في 14 من شهر جمادى الأولى ، ليضع المشيعون التابوت الخشبي الصغير لجثمان الشيخ الوائلي في داخل الهودج الرمزي الكبير للسيدة الزهراء (ع) في وسط هتافات المشيعين بلغتهم الدارجة :
( شيعناه .. بيوم الزهرة .. شيعناه .. )
و ( يا ام الحسن ، انتي وعلي .. گوموا تلگوا الوائلي ) ..
و ( ب الله ومحمد وعلي .. ودعوا الشيخ الوائلي ) ..
و ( خادم منبرك يحسين .. هذا اليوم تشييعه ) .. وغيرها ..
الصلاة عليه :
تمت الصلاة على جثمان الشيخ الوائلي من قبل جميع ممثليات المرجعيات الدينية ومكاتبها في الكاظمية المقدسة ابتداءً من حجة الإسلام السيد علي الواعظ الموسوي وحجة الاسلام الشيخ حسين آل ياسين والسيد حازم الأعرجي والشيخ رائد الكاظمي وممثل السيد حسين اسماعيل الصدر وممثل الشيخ مهدي الخالصي وغيرهم ..
ومن ثم أراد المشيعون أن يمضوا بنعشه راجلين إلى مسجد براثا ليتم الانطلاق منه إلى مدينة كربلاء المقدسة، إلا أنّ مغرب الشمس قد داهمهم، فاضطروا الى مبيت الجنازة في مسجد براثا وإحاطتها بالثلج لحمايتها من حرّ الجو اللاهب، للتوجه بها فجراً إلى مدينة النجف الأشرف.
تمديد التشييع :
منذ فجر يوم الثلاثاء 15 من تموز؛ توافدت حشود المحبين من الوجهاء والعشائر التي فاتها التشييع في الكاظمية والتي كانت قد تأخرت بالأمس عن تشييعه ولم تلتحق بتوديع نعش الشيخ الوائلي، وتكاثرت أعدادهم طالبين تأخير المسير بالجنازة إلى النجف الأشرف، ليبتدئوا بتشييعه من جديد من منطقة الرحمانية، مما اضطر أسرة الشيخ الفقيد الى طلب سيارة إسعافٍ من اجل أن يضعوا فيها جثمان الفقيد لحمايته ووقايته، وليسارعوا في التوجه الى دفنه ، في محاولةٍ لإقناع الحشود بضرورة ذلك. وقد أعانهم مجيء سيارتي إسعاف اثنتين ، وقد انقسم المشيعين إلى قسمين؛ قسم منهم تجمهر حول سيارة النعش، وقسم آخر تجمع حول السيارة الأخرى.
إلى كربلاء والنجف :
تم التوجه بنعش الشيخ الوائلي الى النجف الأشرف من بعد تأخيره من الفجر إلى ظهيرة ذلك اليوم؛ الثلاثاء 15 تموز؛ حيث المرور بمنطقة المحمودية ومن ثم الى مدينة المسيب ومن ثم الدخول الى مدينة الحصوة وحتى الوصول الى مدينة كربلاء المقدسة لتأدية مراسم زيارة الإمام الحسين (ع) وأبي الفضل العباس (ع).
ومن ثم التوجه عصراً الى مدينة النجف الأشرف ودخولها وإنزال الجنازة في جامعة النجف الدينية لبرهة. ومن ثم الابتداء بتشييعه عبر الطريق الرئيس المعروف بشارع الكوفة – نجف من قبل جموع المستقبلين للجثمان ممّن توافدوا من مدن الفرات الأوسط في مشهدٍ مهيبٍ لم تشهدته مدينة النجف منذ رحيل علمائها الأعلام.
داخل ضريح الإمام علي :
وصلوا المشيعون بالجثمان الى مقام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) حيث تمت الصلاة عليه من قبل آية الله العظمى السيد علي البعاج الموسوي.
مقبرة كميل بن زياد :
تم التوجه بجنازة الشيخ الوائلي إلى مدفنه في مقبرته الخاصة التي أنشأها بمعية عددٍ من حجج الإسلام والميسورين ورجال الخير في الخمسينيات لتعمير مرقد الصحابي الجليل صاحب أمير المؤمنين الكميل بن زياد (رض)، وبوصيةٍ منه، ليدفن فيها قُبيل المغرب من ذلك اليوم .. مجاوراً لعقيلته العلوية ام محمد حسين الطالقانية (1998-1924) أم نجله الكبير الشهيد محمد حسين (1983-1954)، ومجاوراً لشقيقته خادمة أهل البيت الحاجة ام كاظم الوائلي (2005-1914) أم الشهيد التربوي كاظم الوائلي (1980-1949) ..
ليمضي عميد المنبر الحسيني إلى بارئه تاركاً المنبر بلا عميد ، فانياً قرابة الـ 65 عام في خدمته ، و ليترجل فارس الخطابة عن صهوة جواده عن عمر ناهز الـ 76 عام حفل بالخدمة والعطاء الى الإنسانية جمعاء، محاوراً ومحتوياً جميع أطياف مجتمعه وفي عديد البلدان التي حل فيها، ناشراً لخُلق ونُصح الأنبياء والمرسلين وخاتمهم النبي الكريم (ص) وفق منهج أهل بيته الطاهرين (ع) ، بما أجاد من تبيانه لعديد القيم التربوية وبما اضطلع به من مهام الوعظ والبيان والإرشاد والإصلاح والتأليف والنشر والتحقيق ..
وفي ذكراك جدي، ولمصاب فقدك الأليم أنشد قائلاً :
( جَدٌ ) فقدتُ ، وفي حقيقته ( أبُ )
واليوم في ذكراه يُتما أنحبُ
فالوالدُ السببيُ يُوجد نُطفةً
و أبٌ حقيقيٌ يُربّي، يُؤدبُ
مُذ أججت فينا الطوائف نارها
ولها تلاقفَ مَن بأجرٍ سبّبوا
كُنتَ المُحذّر من مهازلها الذي
صَدقَت رُؤاه بوسطِ مَن قد كذّبوا
فانعُم - فديتُك - خالداً تبقى على
أسماعِ دربِ أبي الشهادة تُضرب
رحم الله عميد المنبر الحسيني وأعلى مقامه وتغمد روحه في موفور رحمته ورضوانه وأقعده في مقعد صدقٍ مع من خدمهم وتفانى في حبهم وولائهم ..
وائل علي الطائي. اعلامي وكاتب تحقيقات عراقي
مؤسسة أسرة الشيخ الوائلي. النجف الأشرف
الموقع الرسمي للشيخ الوائلي al-
ely.net
(( التفاصيل الكاملة عن الوفاة والتغسيل والتشييع والدفن يرويها من حَضرها وشَهدَها ورَافق أحداثها ))
بقلم: وائل علي الطائي. سبط الشيخ الوائلي
العودة إلى العراق :
بعد قرار الولايات المتحدة باجتياح العراق والمباشرة في تنفيذ قرارها في آذار 2003 انتهاءً بإسقاط نظام البعث في بغداد في 9 نيسان 2003؛ كان الجد الشيخ الوائلي رحمه الله قد أنهى قراءته للمجالس الحسينية في شهر محرم الحرام في دولة الإمارات العربية المتحدة في مجلس آل العدوان ومجلس رئاسة ديوان الأوقاف الجعفرية الإماراتية بمسجد الإمام علي بإمارة دبي. ثم عاد إلى محل إقامته في العاصمة السورية دمشق، والتي أقام فيها مغترباً منذ تموز 1979 ولم يختر غيرها للإقامة على مدى 24 عام.
ومن بعد أن علم الشيخ الوائلي بحرج حاله الصحي في آذار 2003 كان قد أرسل في طلب نجله الحاج محمد حسن ليقدم إليه لأنه كان قد توقع أن يرحل إلى بارئه غريباً عن بلده العراق، وأنه قد يُدفن كسائر أقرانه في مقبرة الغرباء جوار ضريح السيدة زينب (ع) في العاصمة السورية دمشق.
لكنما قد شاءت إرادة الله تعالى أن يمدّ المولى بعمره الشريف ل 100 يوم أخرى؛ ليشهد سقوط أعتى دكتاتورية شهدها حكم العراق والمنطقة بأسرها، جثم على صدور أهله ومحبيه أكثر من ربع قرنٍ من الزمن؛ تسبب فيها في ظلمِ واضطهادِ وقتلِ وتشريدِ العلماء والأدباء والمفكرين والمثقفين، تاركاً بلده قسراً وهرباً من بطشه وإجرامه، ليُتمم مهامه كسفيرٍ للمنبر الواعي المعتدل وناشراً لعلوم أهل البيت في خارج العراق.
وعند متابعة الشيخ الوائلي للعلاج من دائه الذي أصيب به منذ سنتين وهو ورمٌ متقدمٌ في الجهاز الهضمي، أعلمه طبيبه المعالج بخبر وصول الحال به إلى مرحلةٍ متقدمة يعجز معه العلاج الكيميائي عن إيقاف استشراء المرض واستفحاله. لكن كما قدمنا أن الله قد منّ عليه بعمرٍ طال لأسابيع ولم يتوفه وهو خارج بلده، إنما لطف به الباري بإكرامه لما يُحقق له ماتمناه وما كان يُصرح به شعراً ونثراً وبياناً في مقالاته ومحاضراته؛ أن (آمنا في أوطاننا واعدنا إلى أهالينا سالمين، وادفع عنا من ظلمنا) وبذلك كان للجدّ الشيخ الوائلي ما أراد ..
قرار السفر :
قرر الجد الوائلي رحمه الله من بعد التوكل على المولى جل وعلا العودة إلى بلده العراق على أمل أن يمد الله في عمره الشريف عسى أن يتمكن من الدفن في موئله ومسقط رأسه والتراب الذي ترعرع ونشأ فيه؛ تراب الغري في النجف الأشرف وجوار أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وهو الذي لازم جواره مدة 51 سنة منذ العام 1928 حتى تهجيره قسراً بمجيء ظلم البعث عام 1979.
اتصل الشيخ الوائلي بنجله الحاج محمد حسن وبصهره الأوسط السيد مهدي الحسيني وسبطه الأكبر السيد حيدر الطالقاني، ليطلب منهم القدوم إلى دمشق براً والعزم على إعادته إلى العراق.
وفعلاً أخذت الإجراءات والاستعدادات والتهيؤ والتحضير للعودة فترةً زمنية، من أجل التمكّن من الاطمئنان على الحالة الصحية لعميد المنبر الحسيني وتنظيم رحلةٍ بريّةٍ تُوائم وضعه الحرج.
الدخول الى الكاظمية :
تم تهيئة باصٍ مُكيّف حديثٍ ليكون مُقارباً لسيارة الإسعاف فيساعد في نقل الشيخ الوائلي عبر الحدود السورية – العراقية طيلة نهارٍ كاملٍ ، لتتم تهيئته إلى حدٍ ما ليوائم أية طوارئ قد تمر بها حالته الصحية.
وقد تم الشروع بالسفر في فجر يوم الجمعة 4 تموز 2003 ، مجتازين جميع نقاط التفتيش والسيطرة الأمريكية بشكلٍ قانوني وسليمٍ على طيلة الطريق الدولي الرابط ما بين العاصمتين السورية دمشق والعراقية بغداد، وقد أوصلوا الفقيد سالماً إلى مدينة الجوادين الكاظمية المقدسة عصر ذلك اليوم. مستقرا في منزله في المنطقة المعروفة ب بستان علاوي والقريبة من ساحة المرحوم الشاعر عبد المحسن الكاظمي.
مكث الجدّ الوائلي رحمه الله في الكاظمية مدة (10) أيام، تمكّن فيها من مراجعة بعض الأطباء للوقوف على حالته الصحية ومنهم: البروفيسور حكمت الشعرباف، والبروفيسور عبدالهادي الخليلي وغيرهم، واقتصرت الزيارات لرؤيته على إستقبال بعض الزائرين من أسرته وأرحامه وأهله، وابن خاله المرحوم الوجيه الحاج معين جابر جدي النجفي (1940 – 2017)، والعالمين الفاضلين ابن عمته المرحوم المؤرخ المحقق الشيخ باقر شريف القرشي النجفي (1925 - 2012)، وآية الله السيد مهدي الخرسان الموسوي.
زيارة الكاظمين :
تمكن الشيخ الوائلي من زيارةٍ وحيدةٍ للعتبات المقدسة، حيث توجه لزيارة أسدي بغداد وجواديهما الإمامين موسى بن جعفر ومحمد الجواد (ع) آملاً الدخول إلى مقاميهما راجلاً ، إلا أنّ المرض أخذ بيده وأقعده وأثناه عن ذلك ، علماً أنه قد تم منعه من قبل الأطباء عن أي جهدٍ قد يتسبب في تدهور حالته الصحية ، مما اضطره لزيارتيهما من داخل السيارة ومن عتبة باب المراد فقط ولفترةٍ وجيزة ، تسبب فتح نافذة السيارة ونزول دموعه المنهمرة على خديه وهو يشخص بباصريه إلى قبتي الإمامين الجوادين من بعد فراق دام 24 عام؛ تسبب بلفت نظر المارة حوله والمتواجدين في باب المراد ، وعرفوا شخصه الكريم فاقبلوا باحتشادٍ كبيرٍ عليه وتوافدوا على السيارة لرؤيته والسلام عليه ، ولما طال الأمر اضطر مرافقيه إلى إعادته إلى المنزل حفاظاً على وضعه الصحي.
وكانت هذه الزيارة من أواخر ما فعله رحمه الله في أيام تواجده في الكاظمية المقدسة. ليعقد العزم بعد يومٍ على العودة إلى مدينتي كربلاء والنجف الأشرف إن أبقاه الله ومدّ في عُمره.
ساعة الوفاة :
في صبيحة يوم الإثنين 14 تموز 2003 عقد الشيخ الوائلي العزم على العودة إلى مدينته النجف الأشرف، لكنه فاجأ أسرته بتعبٍ مفاجيء في وضعه الصحي إلى ما قبل الظهيرة وتحديداً في الساعة 11:20 ظ ، حيث هوّمت عيناه لبرهةٍ من الوقت ، ثم فتح عينيه والتفت الى نجله الحاج محمد حسن، طلب منه تراباً ليتيمّم بسبب عدم قدرته على القيام والمشي الى محل الوضوء ، مما سبب استغراباً عند نجله الحاج محمد حسن من هذا التوقيت كون الوقت لازال مبكراً لصلاة الظهر ! ومع ذلك استجاب لوالده ، وجلب له التراب للتيمّم، فتيمّم الشيخ الوائلي من الصعيد ، وصلى ركعتين قربةً إلى وجه الله تعالى ، وأثناء قنوت صلاته رفع يديه إلى السماء مُتمتماً بشفاهه بمناجاةٍ بينه وبين ربه.
وما إن انتهى من تكبيرات صلاته ... حتى أغمض عينيه ... وفاضت روحه الطاهرة ... وسط صمتٍ .. وحيرةٍ .. واستغرابٍ .. من نجلهٍ وصهرهٍ وسبطهٍ وباقي أسرته ..
للأسف وياللأسى ؛ توقف قلب الشيخ الوائلي، وسكتت أنفاسه العامرة بذكر الله، ليرحل رحمه الله غريباً مُبعَداً مظلوماً محروماَ ، ذاهباً الى مدينته النجف الأشرف مُسجى في نعشٍ لا داخلاً راجلاً.
تشييع الكاظميين :
عجّت المآذن في الكاظمية المقدسة من جميع جوامعها وحُسينياتها بإذاعة خبر وفاة الشيخ الوائلي والدعوة الى تشييع جثمانه. ومن ثم تلتها جوامع ومساجد وحسينيات باقي مُدن بغداد ، حتى تجمهرت الناس بباب داره في الكاظمية المقدسة جالبين نعشاً خشبياً من وقف الجامع الهاشمي، وسرعان ما أخذت حشود الكاظميين ووجوه رجالهم من مجاوري منزل الشيخ الوائلي بزمام التجهيز لتشييعه مُبادرين إليه كعائلته الكبرى لأنه – على حدّ تعبيرهم في وقته – كان ولم يزل وسيبقى مُلكاً لنا جميعاً وأنهم هم أيضاً إخوانه وأبناؤه وأحفاده وتلامذته طالبين السماح بذلك نيابة عن عائلته ومن دون أن يسمحوا بكل لطفٍ وأدبٍ لأسرة الشيخ بشيء من هذا الأمر سوى أن يُسلمونهم عمامة الشيخ ليضعوها على التابوت الخشبي.
عمامة الشيخ الوائلي :
وفعلاً أخرجوا جثمان الجدّ الشيخ من منزله وابتدأ تشييعه من نهاية الشارع الخلفي لمستشفى الضرغام الأهلي وصولاً إلى ساحة عبد المحسن الكاظمي وابتداء المسير بالنعش الى ساحة الشوصة (الزهراء)، وهنا تدافعت الجموع طالبين شيئاً من عمامة الشيخ الوائلي، وكان حاظراً في ساعتها أحد أساتذة الحوزة العلمية سماحة العلامة الشهيد الشيخ هيثم نايف الأنصاري (1969-2006) والذي أوعز لأحد الأخوة المشيعين بإنزال عمامة الشيخ نفسها – والتي سلمها لاحقاً لأسرة الشيخ - بسبب تدافع المحبين والحاحهم بالطلب على أخذ شيء من عمامته مما سيؤدي إلى الإضرار بالتابوت وبمن فيه، والذي كان بوزنٍ خفيفٍ جداً نظراً لهزالة بُنية الجد الشيخ الذي أهلكه المرض في أيامه الأخيرة ..
وبادر الشهيد الأنصاري إلى نزع عمامته التي يعتمرها وقام بوضعها على التابوت بديلاً عن عمامة الشيخ محاولاً إخبارهم بأن عمامة الشيخ الوائلي تدخل من ضمن الملكية الشرعية لصاحبها ولذويه الوارثين وأن ذلك يستدعي الإذن والترخيص، ومحاولاً إفهام المشيعين بأنها مجرد رمزية لهوية نعش المشيع بأنه من رجال الدين فقط لا غير لكي يكفوا عن التدافع ومن أجل أن يستمر التشييع من دون إضرار بالتابوت ..
لكن حتى هذه الخطوة لم تُفلح في ساعتها نظراً لتلهّف المحبين ممّن صُعقوا بخبر الوفاة وممّن تأملوا أن يشاهدوا خطيبهم ومعلمهم ويرونه رأي العين شاخصاً لا محمولاً على الأكتاف.
تغسيل الجثمان :
سارت الحشود المشيعة بجثمان الشيخ الوائلي وذهبوا به إلى مغتسل الكاظمية القديم في باب الدروازة ليتم تغسيله بإشراف المرحوم حجة الإسلام السيد علي الواعظ الموسوي الكاظمي (1951 – 2014)، ومن ثم توجهوا بنعشه إلى حرم الإمامين الكاظمين للصلاة عليه ، وإذا بتابوت جثمانه الخشبي يقابل بهودجٍ خشبيٍ ضخم كانوا قد أقبلوا به وجهاء موكب الكاظميين كانوا يعدونه كنعشٍ رمزي للسيدة الزهراء (ع) والتي صادف رحيل الجد الشيخ الوائلي في ذكرى وفاتها على الرواية الثانية في 14 من شهر جمادى الأولى ، ليضع المشيعون التابوت الخشبي الصغير لجثمان الشيخ الوائلي في داخل الهودج الرمزي الكبير للسيدة الزهراء (ع) في وسط هتافات المشيعين بلغتهم الدارجة :
( شيعناه .. بيوم الزهرة .. شيعناه .. )
و ( يا ام الحسن ، انتي وعلي .. گوموا تلگوا الوائلي ) ..
و ( ب الله ومحمد وعلي .. ودعوا الشيخ الوائلي ) ..
و ( خادم منبرك يحسين .. هذا اليوم تشييعه ) .. وغيرها ..
الصلاة عليه :
تمت الصلاة على جثمان الشيخ الوائلي من قبل جميع ممثليات المرجعيات الدينية ومكاتبها في الكاظمية المقدسة ابتداءً من حجة الإسلام السيد علي الواعظ الموسوي وحجة الاسلام الشيخ حسين آل ياسين والسيد حازم الأعرجي والشيخ رائد الكاظمي وممثل السيد حسين اسماعيل الصدر وممثل الشيخ مهدي الخالصي وغيرهم ..
ومن ثم أراد المشيعون أن يمضوا بنعشه راجلين إلى مسجد براثا ليتم الانطلاق منه إلى مدينة كربلاء المقدسة، إلا أنّ مغرب الشمس قد داهمهم، فاضطروا الى مبيت الجنازة في مسجد براثا وإحاطتها بالثلج لحمايتها من حرّ الجو اللاهب، للتوجه بها فجراً إلى مدينة النجف الأشرف.
تمديد التشييع :
منذ فجر يوم الثلاثاء 15 من تموز؛ توافدت حشود المحبين من الوجهاء والعشائر التي فاتها التشييع في الكاظمية والتي كانت قد تأخرت بالأمس عن تشييعه ولم تلتحق بتوديع نعش الشيخ الوائلي، وتكاثرت أعدادهم طالبين تأخير المسير بالجنازة إلى النجف الأشرف، ليبتدئوا بتشييعه من جديد من منطقة الرحمانية، مما اضطر أسرة الشيخ الفقيد الى طلب سيارة إسعافٍ من اجل أن يضعوا فيها جثمان الفقيد لحمايته ووقايته، وليسارعوا في التوجه الى دفنه ، في محاولةٍ لإقناع الحشود بضرورة ذلك. وقد أعانهم مجيء سيارتي إسعاف اثنتين ، وقد انقسم المشيعين إلى قسمين؛ قسم منهم تجمهر حول سيارة النعش، وقسم آخر تجمع حول السيارة الأخرى.
إلى كربلاء والنجف :
تم التوجه بنعش الشيخ الوائلي الى النجف الأشرف من بعد تأخيره من الفجر إلى ظهيرة ذلك اليوم؛ الثلاثاء 15 تموز؛ حيث المرور بمنطقة المحمودية ومن ثم الى مدينة المسيب ومن ثم الدخول الى مدينة الحصوة وحتى الوصول الى مدينة كربلاء المقدسة لتأدية مراسم زيارة الإمام الحسين (ع) وأبي الفضل العباس (ع).
ومن ثم التوجه عصراً الى مدينة النجف الأشرف ودخولها وإنزال الجنازة في جامعة النجف الدينية لبرهة. ومن ثم الابتداء بتشييعه عبر الطريق الرئيس المعروف بشارع الكوفة – نجف من قبل جموع المستقبلين للجثمان ممّن توافدوا من مدن الفرات الأوسط في مشهدٍ مهيبٍ لم تشهدته مدينة النجف منذ رحيل علمائها الأعلام.
داخل ضريح الإمام علي :
وصلوا المشيعون بالجثمان الى مقام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) حيث تمت الصلاة عليه من قبل آية الله العظمى السيد علي البعاج الموسوي.
مقبرة كميل بن زياد :
تم التوجه بجنازة الشيخ الوائلي إلى مدفنه في مقبرته الخاصة التي أنشأها بمعية عددٍ من حجج الإسلام والميسورين ورجال الخير في الخمسينيات لتعمير مرقد الصحابي الجليل صاحب أمير المؤمنين الكميل بن زياد (رض)، وبوصيةٍ منه، ليدفن فيها قُبيل المغرب من ذلك اليوم .. مجاوراً لعقيلته العلوية ام محمد حسين الطالقانية (1998-1924) أم نجله الكبير الشهيد محمد حسين (1983-1954)، ومجاوراً لشقيقته خادمة أهل البيت الحاجة ام كاظم الوائلي (2005-1914) أم الشهيد التربوي كاظم الوائلي (1980-1949) ..
ليمضي عميد المنبر الحسيني إلى بارئه تاركاً المنبر بلا عميد ، فانياً قرابة الـ 65 عام في خدمته ، و ليترجل فارس الخطابة عن صهوة جواده عن عمر ناهز الـ 76 عام حفل بالخدمة والعطاء الى الإنسانية جمعاء، محاوراً ومحتوياً جميع أطياف مجتمعه وفي عديد البلدان التي حل فيها، ناشراً لخُلق ونُصح الأنبياء والمرسلين وخاتمهم النبي الكريم (ص) وفق منهج أهل بيته الطاهرين (ع) ، بما أجاد من تبيانه لعديد القيم التربوية وبما اضطلع به من مهام الوعظ والبيان والإرشاد والإصلاح والتأليف والنشر والتحقيق ..
وفي ذكراك جدي، ولمصاب فقدك الأليم أنشد قائلاً :
( جَدٌ ) فقدتُ ، وفي حقيقته ( أبُ )
واليوم في ذكراه يُتما أنحبُ
فالوالدُ السببيُ يُوجد نُطفةً
و أبٌ حقيقيٌ يُربّي، يُؤدبُ
مُذ أججت فينا الطوائف نارها
ولها تلاقفَ مَن بأجرٍ سبّبوا
كُنتَ المُحذّر من مهازلها الذي
صَدقَت رُؤاه بوسطِ مَن قد كذّبوا
فانعُم - فديتُك - خالداً تبقى على
أسماعِ دربِ أبي الشهادة تُضرب
رحم الله عميد المنبر الحسيني وأعلى مقامه وتغمد روحه في موفور رحمته ورضوانه وأقعده في مقعد صدقٍ مع من خدمهم وتفانى في حبهم وولائهم ..
وائل علي الطائي. اعلامي وكاتب تحقيقات عراقي
مؤسسة أسرة الشيخ الوائلي. النجف الأشرف
الموقع الرسمي للشيخ الوائلي al-

تعليق