المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الإمام زين العابدين عليه السلام‏


** خـادم العبـاس **
11-08-2009, 11:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
«أيها الناس،أُعطينا ستاً وفُضلنا بسبع، أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين، وفضلنا بأن منا النبي المختار محمداً صلى الله عليه واله وسلم، ومنا الصديق، ومنا الطيارعليه السلام، ومنا أسد الله و أسد الرسول صلى الله عليه واله، ومنا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول عليها السلام، ومنا سبطا هذه الأمة وسيدا شباب أهل الجنة.
فمن عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني، أنبأته بحسبي ونسبي..
أيها الناس: أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن من حمل الزكاة في أطراف الرداء، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى، أنا ابن خير من انتعل واحتفى، أنا ابن خير من طاف وسعى، أنا ابن خير من حج ولبى، أنا ابن من حُمل على البراق في الهواء، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فسبحان من أسرى، أنا ابن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى، أنا ابن من دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، أنا ابن من صلى بملائكة السماء، أنا ابن من أوحى إليه الجليل ما أوحى، أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن علي المرتضى، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا لا إله إلا الله، أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين، وطعن برمحين، وهاجر الهجرتين، وبايع البيعتين، وصلّى القبلتين، وقاتل ببدر وحنين، ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا ابن صالح المؤمنين، ووراث النبيين، وقامع الملحدين، ويعسوب المسلمين، ونور المجاهدين، وزين العابدين، وتاج البكائين، وأصبر الصابرين، وأفضل القائمين من ال ياسين ورسول رب العالمين، أنا ابن المؤيد بجبرائيل، والمنصور بميكائيل، أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، والمجاهد أعداءه الناصبين، وأفخر من مشى من قريش أجمعين، وأول من أجاب واستجاب لله من المؤمنين، وأقدم السابقين، وقاصم المعتدين، ومبير المشركين، وسهم من مرامي الله على المنافقين، ولسان حكمة العابدين، ناصر دين الله، وولي أمر الله، وبستان حكمة الله، وعيبة علم الله، سمح سخي، بهلول زكي أبطحي، رضي مرضي، مقدام همام، صابر صوام، مهذب قوام، شجاع قمقام، قاطع الأصلاب، ومفرق الأحزاب، أربطهم جناناً، وأطبقهم عناناً، وأرجأهم لساناً، وأمضاهم عزيمة، وأشدهم شكيمة، أسد باسل، وغيث هاطل، يطحنهم في الحروب إذا ازدلفت الأسنة وقربت الأعنة، طحن الرحى، ويذروهم ذرو الريح الهشيم، ليث الحجاز، وصاحب الإعجاز، وكبش العراق، الإمام بالنص والاستحقاق، مكيّ مدنيّ، أبطحيّ تهامي، خيفيّ عبقيّ، بدريّ أُحديّ، شجريّ مهاجري، من العرب سيّدها، ومن الوغى ليثها، وارث المشعرين، وأبو السبطين الحسن والحسين، مظهر العجائب، ومفرّق الكتائب، والشهاب الثاقب، والنور العاقب، أسد الله الغالب، مطلوب كل طالب، غالب كل غالب، ذاك جدي علي أبي طالب.
أنا ابن فاطمة الزهراء،أنا ابن سيدة النساء، أنا ابن الطهر البتول، أنا ابن بضعة الرسول، أنا ابن علي المرتضى، أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا ابن خديجة الكبرى، أنا ابن المقتول ظلماً، أنا ابن المحزوز من القفا، أنا ابن العطشان حتى قضى، أنا ابن طريح كربلاء، أنا ابن مسلوب العمامة والرداء، أنا ابن من بكت عليه ملائكة السماء، أنا ابن من ناحت عليه الجن في الأرض والطير في الهواء، أنا ابن من رأسه على السنان يُهدى، أنا ابن من حرمه من العراق إلى الشام تسبى. أيها الناس: إن الله تعالى وله الحمد ابتلانا أهل البيت ببلاءٍ حسن حيث جعل راية الهدى والعدل والتقى فينا، وجعل راية الضلالة والردى في غيرنا..».
فضج الناس بالبكاء والنحيب، وخشي يزيد أن تكون فتنة، فأمر المؤذن أن يؤذن فقطع عليه الكلام وسكت.
فلما قال المؤذن «الله أكبر»، قال علي بن الحسين عليه السلام: «كبّرت كبيراً لا يقاس ولا يدرك بالحواس، ولا شي‏ء أكبر من الله».
فلما قال «أشهد أن لا إله إلا الله»، قال الإمام عليه السلام:« شهد بها شعري وبشري ولحمي ودمي ومخي وعظمي».
فلما قال «أشهد أن محمداً رسول الله» التفت الإمام عليه السلام من أعلى المنبر إلى يزيد وقال: «يا يزيد، محمد هذا جدي أم جدك؟ فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت، وإن قلتَ إنه جدي فلم قتلتَ عترته؟