المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عالمية ألأسلام


ابوجعفرالديواني
09-01-2009, 10:29 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
ليس الخلاف في عالمية الاسلام نفسه , فالمتسالم لكل فرد ان الدين الاسلامي نظرياً هو دين عالمي سيقود العالم في يوم من الايام انشاء الله , ويدحض كل قوى الشر والاستكبار العالمي ولكن جرى الخلاف حول كيفية تطبيق هذه العالمية وكيفية الدعوة لها ومن توكل اليه هذه المهمة ومتى يبدأ العمل بها ؟ كل هذه اسئلة تؤدي الاجابة عليها الى تبني اتجاهات مختلفة في الافكار يمكن ان نحصرها في اتجاهين :
الاتجاه الاول : الدعوة الى تطبيق احكام الاسلام في مجالاته الفردية والجماعية . العبادية والمعاملاتية . الاجتماعية والاقتصادية .. كالامر بالمعروف والنهي عن المنكر واصلاح النفس والسعي في حاجة المؤمن . واداء التكاليف الشرعية الفردية . أي انها دعوة الى تطبيق عالمية الاسلام في كل عصر ودعوة الى فتح محاولات تطبيق تلك العالمية في كل عصر وليس الامر منحصراً بظهور الامام الغائب (عجل الله فرجه) وهذا له عدة نتائج :
اولاً : تثبيت مسلك حق الطاعة المترتب على المكلفين , وهو بذل الوسع لتطبيق احكام الله في الامور العبادية وغيرها سواء جاء بها مباشر او لا . على فرض اننا سوف نرضي الله سبحانه وتعالى وهذا الفرض ليس جزافاً . وانما هو نابع من الفهم لروح الاسلام الحقة والتعايش معها .
ثانياً : اثبات فكرة المعصوم واهميتها وابرازها لضرورة وجوده في الناس . لأن المحاولات المشار اليها ستضرب مهما بلغت قوتها لانها ستتعرض لحروب الشيطان الشعواء في كل بقاع العالم وهذا من ضرورات الدين والتاريخ . وبهذا نخرج بنتيجة مفادها ان الدين مقوم بالمعصوم ولا غنى للامة بدونه . وبذلك تثبت فكرة الامامة بأذهان الناس وخاصة بعد ابتعادهم عن عصر الرسول محمد (((صلى الله عليه وآله وسلم )) ) حيث انه ربما يتصور متصور ان بالامكان ان تتحقق السعادة للبشرية بخط اخر غير خط العصمة . واقصد بالمتصور ( الذي امن بان الاسلام هو المنقذ , لكنه لم يؤمن بان المعصوم هو لممثل الوحيد للاسلام في يوم الانتصار العالمي ) .
ثالثاً : ان هذه المحاولات تخلق قاعدة الترقب وقاعدة الامام الغائب (عجل الله فرجه) وتجعل المحاولة التغيرية الكبرى التي يقوم بها المعصوم تتعايش معنا عملياً حتى قبل ان يظهر هو (سلام الله عليه) وهذا شيء ايجابي في نفسه . وان لم نجني منه ثمرة عملية واضحة . لكن ايجابيتها هي خلق الاستعداد . مع الايمان بالحقيقية التي مضمونها (ان الامام المهدي (عليه السلام ) هو الذي ينتظرنا وليس نحن الذين ننتظره )
الاتجاه الثاني : ومنهجية هذا الاتجاه هي تحديد الدعوة الى الله والدعوة الى تطبيق احكام الاسلام على جميع الاصعدة الجماعية بشروط خاصة لا تتوفر الا لدى المعصومين(عليهم السلام ) وبعض المؤمنين الذين وصلوا الى مراتب ايمانية متقدمة ( كما يقول اصحاب هذا الاتجاه ) وهؤلاء لم يعلنوا عن الدعوة الى هذه العالمية لأنهم يؤمنون بعدم جدوى الدعوة اليهم في هذا الوقت . وسيتم هذا الشيء لهم عندما يحين الاذن الالهي فقط وذلك عندما توجد قواعد المهيئة لانتصار الدعوة وبهذا تحصل عملية الانتصار الحقيقي ويتم الاستغناء عن تلك المحاولات الفاشلة التي يمكن ان تحصل من غير المعصومين والعارفين ( وهم جماعة الاتجاه الاول ) والتي تذهب ادراج الرياح وما يرافق ذلك من اضاعة للوقت والجهد وربما الحياة في حين يمكن صرف هذه الطاقات على تهذيب النفس ونيل الجنة الشعورية او الاخروية المعنوية . بالاضافة الى الاستعداد لممارسة الدعوة الى الله بشرط حصول التكامل من جراء تهذيب النفس . وهذا لا يتأتى لكل فرد . والنتيجة انحصار هذه الدعوة بطبقة خاصة من الناس وضمن منهجية محددة . ويمكن مناقشة هذين الاتجاهين من عدة وجوه:
الوجه الاول : انه وان كان الخط العام لظاهر سيرة الائمة المعصومين من السجاد الى العسكري ( عليهم السلام ) مما لم تصل به تجربة واضحة للدعوة الى تطبيق احكامك الاسلام بمعناها الجماعي كما فعل الامام الحسين ابن علي (عليهما السلام ) لكن هذا ليس معناه انهم يرفضون تلك المحاولات التي من شأنها ان تصب غي هذا الاتجاه وتؤدي الى النتائج الثلاثة المذكورة ضمن الاتجاه الاول ويمكن الاستدلال على ذلك بشواهد من التاريخ:
منها : مباركة الامام السجاد والامام الباقر (عليهما السلام ) لمحاولة زيد الشهيد (عليه السلام ) وان كان البعض يعتبره خروجاً من دون موافقة الامام المعصوم . وهذا ساقط لعدة اعتبارات اهمها : ضعف سند الرواية الموجودة في مقدمة احدى طبعات الصحيفة السجادية والذي يرجح السقوط هو ورع زيد وتقواه وعمق التربية التي تلقها من ابه السجاد (عليهما السلام ) وهي ما طفحت به الكتب التي ترجمت له . وهذا من ان يكون زيد الشهيد قد اختط خطاً مخالفاً لما يريده له الامام (عليه السلام) الا ان حال الامام المرحلي وما يقتضي ذلك من تكريس الجهود لنفخ روح الايمان في قلب الامة وجسدها المتهالك جعله يركز مهمته في اتجاه فلسفة الدعاء والبكاء على ابيه الامام الحسين (عليهما السلام) وكلما تمثله ضرورة الفترة التي لحقت الطف . وفي نفس الوقت وبدون اعلان كان يربي ابنه زيداً لاجل شيء فكان من زيد ما كان لاجل ان لاتموت محاولات انقاذ الامة من الطمس . فكان زيد احد هذه المحاولات التي حافظت على شخصية الامة كما ان هذه المحاولات كانت نبراساً لجميع المحاولات من بعده والتي قام بها اولاد الامام الحسن (عليهم السلام ) قبل الغيبة وكذلك المحاولات التي تلتها ومنها : جميع الحركات التجديدية والفكرية التي تبناها الكثير من المجتهدين من اعلام الامة العاملين المضحين بكل شيء من اجل رفعة الدين والمذهب .
الوجه الثاني : ان اصحاب الاتجاه الثاني فكروا بطريقة فردية منعزلة عن السنن التاريخية . أي انهم لم يحسوا بالمسؤولية الحقيقية وراء تحليلاتهم هذه فلو فرضنا ان تعمم ارائهم هذه على جميع الناس منذ صدر الاسلام الى يومنا هذا فماذا يا ترى سوف يكون شكل الاسلام وماذا عسى ان يصلنا منه . اعتقد اننا لو تبنينا فكرتهم على مر العصور لشلت الحياة الفكرية الاسلامية وتقوقعت ولم تتلاقح مع روح العصر لتتجدد وتنمو . ولما وصل الينا الدين الاسلامي على ما هو عليه الان !! وهذا يمكن الاستدلال عليه من محورين :
احدهما : ان مسلمي الخط الرسالي الثوري عندما تعاملوا مع اهداف الاسلام لم يخطر في بالهم تاجيل الانتصار وانما عملوا من اجله . فارتفعت راية الحق على عواتقهم وكواهلهم وان لم تدم تلك الراية مرتفعه . لكن النتيجة ان همتهم العالية في تلك اللحظة عندما عملوا لاجل الانتصار ادت الى استمرار الاسلام – نظرياً – كاملاً بدون خدش معتد به ولولا محاولاتهم تلك لما صار الامر الى ما هو عليه .
ثانيهما : ان المحاولات التجددية والمنتصرة للاسلام في العصر الذي تلى صدر الاسلام الى زماننا هذا وما حصل فيه من اندفاع في التضحية وخلوص في النية اصبحت علامات على الطريق ساعدت في تماسك الفكرة الاسلامية العالمية وساعدت على التمهيد لدولة الحق سواء نجحت ام لم تنجح .
الوجه الثالث : بعد ان عرفنا هذين الخطين وهما الاتجاه الاول والاتجاه الثاني امكننا ان نقسم الاتجاهات في عصر الغيبة وفي كل عصر واوان الى اتجاهين من وجهة نظر اخرى وهما :
اولاً : خط الملتزمين والمؤمنين الذين امنوا بالاسلام فكرةً وتطبيقاً وعملوا من اجلها بنية خالصة لوجه الله ونيل رضاه سواء نجحوا ام لم ينجحوا .
ثانياً : خط الشياطين وجنودهم من الانس والجن .
ووفق هذا التقسيم لا يوجد خط ثالث متفرج . حيث يوجد جبهتان فقط فكل من لم يلتحق بالخط الاول فهو مندرج قطعاً في الخط الثاني لانه عبد للشيطان من حيث يعلم او لايعلم . من حيث يريد او لايريد لانه لا توجد جبهة ثالثة متفرجة . ومن هنا وجب على الاتجاه الثاني ان ياخذ له دوراً في صفوف التمهيد للامام الغائب (عجل الله فرجه ) ولينزل قليلاً من صومعة الكبرياء المزيفة التي يصطنعها لنفسه وليتق الله ربه وليعلم انه هناك قد انخدع به واحتج بموقفه على الاخرين وخصوصاً ان التحديات التي تواجه الاسلام اليوم اكبر من تحديات الامس من حيث كون هذه الفترة اشد حرجاً من سابقاتها في حياة الامة الاسلامية