الهلع من الذنب
من وصايا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أبا ذر:
" يا أبا ذر إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه وإن الكافر ليرى ذنبه كأنه ذباب مر على انفه...."
يكمن الفرق بين المؤمن والكافر في الفرق في موقف كل منهما إزاء الذنب والخطيئة فالكافر لا يولي أهمية تذكر لذنوبه ولا يتحسس أو يخاف مما تقترفه يداه ولكن المؤمن يتوجس خيفة من ذنبه حتى وإن مر زمن على اقترافه إياه فتراه يتوقع عواقب ذنبه الظاهرية أو الباطنية ويعيش اضطرابا وقلقا نفسيين لا يستبعد معهما تلقى الإجابة والرد التكويني على الذنب مطلقا
ثم لان إيمان الفرد كلما ارتقى مرتبة تضاعف هلعه من الذنب مرتبة مثلها فلو تصورنا شخصا رأى نفسه فجأة في وسط الصخور ويحتمل تساقط المزيد منها تراه ولو كان الاحتمال ضعيفا يعاني قلقا يسلبه راحته وتركيزه.
فيا ترى لو وجد المرء نفسه في هذه الحالة فهل سيكون بمقدوره النوم؟ وهل سيلتذ بطعام؟
فاحتمال سقوط الصخور وان كان ضعيفا إلا انه سيسلبه الراحة والاستقرار ويضطره إلى معاودة النظر والالتفات حذرا من تساقط مزيد من الصخور على رأسه رغم علمه المسبق بأن إعادة النظر لا تأثير له في تساقط الصخور او عدمه والنبي المصطفى صلى الله عليه وآله قد ضرب مثلا في هذا المقطع من وصيته الشريفة لأبي ذر الغفاري رضوان الله عليه ليكون مقياسا يمتحن به الإنسان مستوى قدرته على مدى اقترابه من جوهر الإيمان.
مجيء حرف ( إن) في مطلع عبارة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ثم استخدام(اللام) لفعل (يرى) يفيدان تأكيد المعنى رغم أن الجملة توصل معناها دون الحاجة لـ(إن و اللام) ولكن النبي الأعظم ونظرا للأهمية التي رآها لهذا المفهوم فقد استفاد من أداة التأكيد مرتين ليعلم الشبه الكبير بين المثال الذي تم طرحه وبين مفهوم هذا المقطع من الوصية.
وعليه فإن الفرد المذنب لا يستطيع إيجاد تغيير ما في ذنبه الذي ارتكبه عن طريق الاضطراب إلا أن هلع المؤمن أقرب إلى التوبة والصلاح من عدم مبالاة الكافر تجاه ذنبه فكل فرد مدعو إلى الرجوع لنفسه ليرى هل خلف ارتكاب الخطيئة في وجوده هلعا واضطربا؟ وهل هو نادم عما اقترفت يداه؟
</b></i>
تعليق