المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نظام الزوجية


لندن
10-10-2009, 04:11 PM
نظام الزوجية
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة دائرة المرأة العالمية في نيويورك موضوع رقم ( 5 93245) حقوق النشر محفوظة
يعرف الزواج بأنه رابطة معترف بها اجتماعيا بين رجل وامرأة marriageيحقق قيامها إضفاء صفتي الزوجة والزوجة عليهما وتكوين عائلة بعد أن ينجبا أطفالاً والاعتراف بذريتهما نسلاً شرعيا لكل واحد منهما وقيام علاقة تنظمها قوانين وتقاليد اجتماعية بينهما وخلق صلات مصاهرة بين اقاربهما والزواج نظام اجتماعي يأخذ أشكالاً منوعة في الحضارات المختلفة فقد يكون أحادي الزوج أو الزوجة أو متعدد الزوجات أو داخليا أو خارجيا أو أوليا أو ثانويا أو بالتبادل أو مغفلاً .
ويعرف الزواج أيضا أنه علاقة جنسية مقررة بين شخصين أو اكثر ينتميان إلى جنسين مختلفين أو أنه مؤسسة اجتماعية أو مركب من المعايير الاجتماعية يحدد العلاقة بين رجل وامرأة وكل هذه التعاريف لا ترجع إلى محصل لذات الزواج وإنما تفسيرها من زاوية الأثر والمبادى‏ء وخير تعريف يقرب للحقيقة وإن كان من نوع الأثر بأنه حصول علاقة وارتباط ناشيء من التجاذب الجنسي (البيولوجي).
ويمكن تقديم أنواع الزواج بما يلي :
1 ـ الزواج الانفرادي وهو اتخاذ الزوج زوجة واحدة كما يفعل المسيحيون من غير طلاق .
2 ـ الزواج المتعدد وهو ما كان تعدد الزوجات لزوج واحد بأن يتزوج اكثر من واحدة كما جاء القرآن الكريم مثنى وثلاث ورباع أو يكون التعدد من قبل الأزواج بأن يصح لها أن تتزوج أكثر من واحد ويكاد يوجد عند معظم القبائل التي جاوزت عهد الحبشة إلى عهد الهمجية وهو على نوعين :
أ ـ تعدد الأزواج التبتي وقد سمي بالتبتي لأنه درج في تبت بتدقيق تام وهو أن يكون الأزواج كلهم أخوة .
ب ـ تعدد الأزواج النايري نسبة إلى Nair وهي أيالة في جنوب الهند ومقتضاه أن لا يكون الأزواج ذوي قربى وهو أقل شيوعا من النوع السابق .
3 ـ الزواج الإنفرادي مع إمكان الطلاق وذلك ما يتخذه النصارى في بعض الأحوال .
في بداية التاريه الأولى كما يحدثنا ديورانت أن المرأة كانت مشاعة بين الرجال أو أنها تعير نفسها إلى الضيف أو شريف العشيرة يفض بكارة العروس قبل أن يؤذن للعريس بمباشرة الزواج وفي التبت كانت العادة عندهم أن تتزوج طائفة من الأشقاء طائفة من الشقيقات على نحو الشيوعية الجنسية ، وإذا مات الزوج هبطت معه في قبره .
وقد حدثنا نقولا حداد في كتابه علم الاجتماع أن تعدد الأزواج التبتي أن يكون الأزواج كلهم أخوة ويجوز لكل واحد من الأخوة أن يقتني زوجة وإنما لا يشترك معه في زوجته إلا الاخوة الذين هم دونه سنا أما أخوته الأكبرون فتحرم زوجته عليهم فزوجة الأخ الأكبر تكون مباحة لجميع أخوته وزوجة الأخ الأصغر محرمة على جميع أخوته وأما الأولاد من زوجة الأكبر فيكونون له وسائر أخوته الأصغرين أعمام لهم وحق الطلاق للمرأة وهي صاحبة الأمر والنهي. وذكر سترابون المؤرخ اليوناني أن عرب اليمن القدماء قبل المسيح كان عندهم الزواج مشتركا فيتزوج الأخوة امرأة واحدة .
وتكون الأسس لبناء الأسرة :
1 ـ التعارف بين الرجل والفتاة .
2 ـ الرضاء دون الإكراه من الطرفين .
3 ـ المهر بما أصدقه رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله لأبنته فإنه أبرك لتحقيق البناء الأسري .
4 ـ التوافق الأخلاقي بحسن المعاشرة بأن يكون الزوج كفؤا للزوجة .
5 ـ الحقوق ولنلاحظ إلى ماجاء في القرآن الكريم فقد أثبت القرآن أن أول نقطة التقاء بين الزوجين لابد أن تقع عن محبة وإخلاص حتى يصفو لهما العيش وتتم لهما السعادة فقال سبحانه : «ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون » الروم 21 .
والظاهرة القرآنية تسير على وفق علم النفس بأن الحب إن وصل إلى تساوي النفسين حصل الوئام المتبادل وتحققت الثقة بين الزوجين وكان أحدهما بمنزلة اللباس للآخر واللباس في اللغة السكنى والهدوء النفسي الّذي هو عبارة عن الستر والعفة كما ورد في سورة البقرة قال تعالى : «هن لباس لكم وأنتم لباس لهن » البقرة 187 .
والتعبير القرآني أن تسكنوا إليهن كما يسكنّ إليكم حتى توجد الراحة والاطمئنان بينهما نظير سكنى الليل كما قال سبحانه «جعل الليل لباسا » الفرقان 47 ومعناه السكنى .
لأن الإنسان لما كان في أتعاب الحياة فيبتدأ من أول النهار وينتهي إلى الليل فيأوي إلى منزله للراحة وهدوء النفس فكذلك الحكم بالقياس إلى الزوجة توجد لزوجها راحة الضمير والاستقرار الكامل إن كانت من ذوي الفطنة والنباهة وحسن الأدب والعفة والصدق والأمانة والنظافة وعذوبة المنطق ترفع عنه النصب وتقرب إليه كل سبب وتعطيه كل ماحب وطلب ما لم يكن مخالفا للشرع والعرف العام .
كما أنه يجب أن يكون منطبقا على تلك الصفات ومرآة عنها من حيث حسن الأخلاق والأدب الرفيع والعفة والصدق والأمانة والنظافة وعذوبة المنطق يصفح عنها في هفوتها وتستتر في غيبته .
والدور الثاني الّذي خططه القرآن في تقريب الزوجية أن يختار المؤمنة الصالحة كما تنبغي الموازنة بين الجنسين بحيث لا تكون من الطبقة الارستقراطية وصاحبة القروة الطائلة وهو من ذوي الفقر والفاقه فالملاك في قرار الزوجية وحسن التقارب في نظر القرآن أن تكون صالحة مؤمنة كما دلنا القرآن على ذلك بقوله «وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وامائكم أن يكونوا فقراء يغنهم اللّه‏ من فضله واللّه‏ واسع عليم » النور 32 .
بينما وجه الفقير إلى العفة والصبر وعدم النظر إلى حالة الأغنياء حتى تصيبه الحسة والكآبة والتقاعس عن العمل وإنما أوعده اللّه‏ بالرزق ولكن ذلك يتحقق عند الإقدام نحو العمل كما ذكره القرآن بقوله تعالى : «وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم اللّه‏ من فضله » النور 33.
وعبر القرآن بالنكاح بمعنى الوط‏ء كما في قوله تعالى : «فانكحوا ماطاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع » سورة النساء 3 ومعنى العقد قوله «إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن » النساء 3 والاحزاب 49 .
أما عند الأمامية فيطلقون على السبب باسم المسبب وعند المالكية بمعنى التداخل ويطلق في الشرع على العقد الوط‏ء أكثر استعماله في العقد .
وعند الحنفية النكاح عبارة عن ضم وجمع مخصوص وهو الوط‏ء وفي نظر الحنابلة النكاح في الشرع عقد التزويج فعند إطلاق لفظه ينصرف إليه ما لم يصرفه عنه دليل .
ومذهب الشافعي النكاح شرعا عقد يتضمن إباحة الوط‏ء باللفظ الآتي وهو حقيقة في العقد مجاز في الوط‏ء لصحة نفيه عنه .
إلا أن الملاحظ في أجواء هذه الآراء هوالتمسك بالعقد دون الوط‏ء كما ذهب إليه جمهرة الفقهاء والظهور القرآني يعطي العقدية اللفظية دون المعاطاة للإجماع على ذلك .
ولا يرى الأمامية الشهادة على النكاح ولكن الحنفي والشافعي ومالك وأحمد في أحد قوليهما إلى التمسك بالشهادة في النكاح وذكر ابن رشد قال واختلفوا في أن الشهادة هل هي شرط تمام يؤمر به عند الدخول أو شرط صحة يؤمر به عند العقد وسبب اختلافهم هل الشهادة في ذلك الحكم شرعي أم إنما المقصود منها سد ذريعة الأختلاف أو الإنكار فمن قال حكم شرعي قال هي شرط من شروط الصحة ومن قال توثق قال من شروط التمام .
إلا أن أبا حنيفة لم يشترط العدالة في الشاهد وجوزه ولو كان فاسقا كما أنه لم يشترط الذكورية ولم يشترط البصر .
وبهذا سار القانون الوضعي باشتراط الشهادة في النكاح .
ومدرك الأمامية ظهور الآيات بعدم التقييد وصراحة الروايات بعدم الاشتراط في الإشهاد .
وحدد نظام الزوجية إلى مقدار أربع زوجات في العقد الدائم وأباحه فيما عداه ولكن طبقا للشروط المقررة بالنظر إلى المتعة وإن كان في تظر ابناء العامة تحريمها لما ورد في تشريع الخليفة الثاني .
ويجوز أيضا الزواج على طريق ملك اليمين وقد تقلص موضوعه في حياتنا الفعلية وأشار القرآن الكريم إلى هذه الأحكام بقوله تعالى : «فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعدلوا » النساء 4 .
وقد فرض للزوجة الصداق وقال تعالى : «وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا » النساء 4 .
وإنما أمر لها بالمهر حيث إنها تستقبل حياة جديدة قد انتقلت من حياة الآباء إلى حياة الزوجية والأسرة وبوجود المهر يكون تعزيزا لها وكرامة لشخصيتها ورعاية لمصالحها لأن دور الزوجة دور احتياج إلى تنظيم سيرها المنزلي لكي تصبح السيدة الرشيدة في تدبير المنزل القائدة في أسرتها المطاعة في أوامرها إن أخذت الأمور في حنكة وتدبر قد طبقت شؤون الزوجية ورعاية الزوج وتربية الأبناء بالأسلوب التربوي الكامل .
وقد حرصت الشريعة الإسلامية على الزواج المبكر فقال سبحانه : «وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم إن يكونوا فقراء يغنهم اللّه‏ من فضله واللّه‏ واسع عليم » بغض النظر عن العوامل الاقتصادية التي يلاحظها علماء الاقتصاد وعلماء الاجتماع في أوربا ويعزون الزواج المبكر إلى العامل الاقتصادي وإن ذلك منتشر في البلاد الزراعية المتأخرة أو الخاضعة لنظام الاقطاع لأجل أن يستخدم أولاد المزارعين كوسائل للإنتاج ويقول الدكتور منير مشابك موسى في مطول علم الاجتماع وخير مثال على هذا الزواج ما يحصل في أرياف حوران واللاذقية وحماه وحلب وقد قمنا بدراسة في ريف اللاذقية فوجدنا أن سن الزواج لا يتجاوز لدى المرأة العلوية الخامسة عشرة أو السادسة عشرة أما في البلدان الراقية فيتأخر سن الزواج أكثر من ذلك بكثير وخير مثال على ذلك فرنسا ففي فرنسا يعتبر سن الزواج الوسطى للمرأة 24 وللرجل 28 عاما .
والّذي نلاحظه أن مثل هذه المقايسة غير تامة علميا فإن الزواج المبكر في القرى يعزى إلى العوامل الأجتماعية والنفسية فإن الشاب المراهق لا يمكنه أن يفرع شهوته إلا في محيط بناء الأسرة على حسب مقاييس الأسرة وأطوارها فإنه لا يمكنه أن يصرف تلك الطاقات الجنسية في مجال آخر وإلا لآل إلى السخط والانتقام من قبل مجتمعة الأسري والعشائري بينما في محيط الحرية فإن مثل جو فرنسا يمكن للشاب أن يفرغ شهوته في مجالات واسعة فيكون التحديد إلى عامل آخر ليس هو الاقتصاد وإنما إلى الجوانب الاجتماعية والنفسية .
وهذا السير المعتدل الّذي جاء به القرآن قد اتخذه علماء النفس الخطوة الأولى نحو الزواج الخطوبة ولابد من دراسة سلوك الشاب والفتاة والتعرف على كلا الجانبين وقد ألغى علماء النفس القضايا التقليدية من عدم رضاء أهل الخطوبة بالنظر والتعرف على شريكة الآتي وهذه النوعية من التجربة قد سلكها الإسلام كما في قوله تعالى : «ولاجناح عليكم في عرضتم به من خطبة النساء أو اكننتم في أنفسكم علم اللّه‏ أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولاً معروفا » (البقرة 225) فالاجتماع معها على نحو العفة والنزاهة وإذا كان الاجتماع سريا قد يكون مشوبا بالريبة والتقزز في نفوس الأسرة التي قد بنيت على تقاليد وأعراف خاصة لا تنسجم مع الوحدة والانفراد .
وجوز له أن يراها كما جوز لها أن تنظر إليه وأن تكون الفتاة على طابعها الحقيقي حتى تكون النظرة قد تسلطت إلى ما وجهت إليه فالرتوش التي تغير صورة الفتاة يكون من نوع التدليس الّذي منعه الإسلام وكذا التكلف الأخلاقي من الجانبين يعطي مجالاً للتهرب من الحقيقة ولم يصل الشاب والفتاة نحو هدفهما .
وأما ليلة الزفاف فهي فاتحة عهد جديد وفتح صحيفة بيضاء ينقش عليها الزوجان حياتهما أما السعادة أو الشقاء ويكون اللقاء بداية العلاقة الجنسية ولا بد أن يكون دور الزوجين الحصول على الانسجام والتكيف وطرد التقاليد التي تسبب تعكير حياتهما أو أن ذهنيهما كان مشبعين بالمبالغة في المخاوف من العملية الجنسية فإذا حصل اللقاء اضطرب كل واحد أمام الآخر وأخذه القلق والارهاق ولعله يسبب فشل الزواج بينما العملية الجنسية ليست بهذا الشكل من الخطورة وليس ما يوجب الخوف والاضطراب وقد يعزى هذا الاضطراب إلى التزمت البيتي والتقاليد القديمة التي منعها الإسلام كما أن الإسلام قد لاحظ صلاح البيئة بقوله صلى‏الله‏عليه‏و‏آله إياكم وخضراء الدمن قيل يا رسول اللّه‏ صلى‏الله‏عليه‏و‏آله وما خضراء الدمن قال المرأة الحسناء في منبت السوء حيث إن طابع البيئة يعكس على مجتمع الأسرة تلك الحالات والتقاليد ويصبح المجتمع الأسري ملوثا من الزوجة .
وقد قامت (مارجريت ميد) العالمة في علم الأجناس بدراسة مقارنة لثلاث قبائل مختلفة في طبيعة البيئة من حيث المناخ والموقع الجغرافي وخصوبة الأرض ونحو ذلك ينعكس على حياة الأسرة فتؤثر في نوع العلاقات السائدة فيها .
وعندما ينفتح باب الزوج إلى شريكة حياته ألزم التشريع الإسلامي بتأميم حياتها من أول دخولها في المنزل الجديد بما يناسب معيشتها السابقة حتى لا يتغير نمطها المعيشي ولا يتعكر صفاء نفسيتها وأخلاقها في المعاشرة مع زوجها .
وجعل التناسق ووحدة العقيدة مرعية بين الزوجين لأن لها الأثر الكبير والمدخل في بناء النظام العائلي والاجتماعي بصورة أوسع .
واطلعنا القرآن إلى عدم تسرب الوباء العقائدي لأن جبلة المرأة وفطرتها الأساسية تشعر بالضعف وتجب الخضوع لسلطان الرجل بخلاف الرجل فإنه دائما يحب الانطلاق والاستقلال وعدم الكبت والاستبداد على شخصه ويحسب بالكبت مناوئا له مقيدا لحريته إلا أنه قد يتأثر الزوج لدواعي أخرى من حيث الجمال أو المال ولذا مع هذا الاحتمال أو العلم به منعه القرآن والسنة .
وقال سبحانه : «ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون إلى النار واللّه‏ يدعوا إلى الجنة والمغفرة بإذنه » (البقرة 211).
وكانت الظاهرة القرآنية ترشد إلى حصول التطابق العقائدي بين الزوجين لأن فيه الأثر الكبير لبناء المجتمع العائلي وباختلاف التطابق العقائدي بينهما ربما توجد المنافرة وعدم الانسجام والصفاء بين الزوجين ويكون طريقهما إلى التباغض والمشاجرة ثم الطلاق .
هذا مع أن الإسلام قد رفع سلطة الكافر على المسلم كما في قوله تعالى : «ولن يجعل اللّه‏ للكافرين على المؤمنين سبيلاً « (النساء 141) وأنه عام غير قابل للتخصيص وجعل الولاية فيما بين المثلية كما في قوله تعالى : «والذين كفروا بعضهم أولياء بعض » (الأنفال 73). إلا أن القرآن جوز التقارب مع الكتابيين للوحدة الجامعة بعنوان التوحيد في صورة الزواج المؤقت دون الزواج الدائم كقوله تعالى : «والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان » (النساء 25 ).
فجوز نكاح الكتابية إذا لم تكن صاحبة زوج وكانت محصنة وحكم القرآن بالمساواة وأنه لابد أن تحفظ القيم والشرف والشخصية في كلا الجانبين وأن لا يكون تعد على كل واحد منهما إلا أن الزوج له درجة واحدة على الزوجة وهي لحاظ حقوقه الجنسية ولذا تراه ينص بقوله تعالى : «ولهن مثل الّذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة » (البقرة 228).
ووجه خطابه للزوج وحرضه على حسن المعاشرة وسعة الخلق وقال : «وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل اللّه‏ فيه خيرا كثيرا » (النساء 19 ).
وهذا تنبيه قرآني على تقديم المصلحة وهو الخير على المحبة والكره فإنه ربما يقع كرهٌ بين الزوجين ولكن لوجود الخير من خلال وجودها يكون مقدما على الابتعاد عنها .
وأوجب النظام القرآني النفقة بحسب استطاعته وإمكانه بقوله تعالى : «لينفق كل ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه اللّه‏ لا يكلف اللّه‏ نفسا إلا ما آتاها » (الطلاق 7 ).
ولكن الزوجة مخيرة في السلوك معه إن أحبت أن تعاشره بهذا الضيق المالي والحياة البائسة المقترة إذا لم تتناسب مع نمطها العائلي في دور أسرة ابويها وشؤون شرفها وإلا مضت إلى حال سبيلها وقطعت تلك الصلة بسلام .
واقبل القرآن في عرض جديد إلى تحريم المصاهرة وجعل أرقاما محددة حتى لا تختلط الأنساب ويختل نظام الأسرة من حيث انفكاك الوراثة وشيوع الفاحشة الّذي به سوء الخلق والمروءة وعدم العطف والحنان وتعقيد الضمير فقال سبحانه : «ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف أنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بن الأختين إلا ما قد سلف أن اللّه‏ كان غفورا رحيما والمحصنات من النساء إلا ما ملكت ايمانكم كتاب اللّه‏ عليكم »تضمنت هذه الآية عدة فقرات قانونية.
المصدر بحث رقم ( 149 ) اية الله ال شبير الخاقاني تحقيق الدكتور الشيخ سجاد الشمري