المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف يتخلص الإنسان من حديث النفس في الصلاة ؟


ابوجعفرالديواني
14-11-2008, 10:49 PM
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فجهم
لا شك في أن للصلاة أهمية كبرى في الدين الاسلامي فهي
العبادة التي إن قُبلت قُبلما سواها و إن رُدَّت رُدَّ ما سواها ،
و لا شَكَّ بأن من علامات فلاح الإنسان المؤمن هو تمكّنه
من أداء صلواته بخشوع و حضور قلب ،
و ذلك لقول الله عزَّ و جَلَّ :
﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِيصَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ .


و حديث النفس بإعتباره عاملاً من عوامل صرف الفكر
و القلب عن التوجه إلى الله جل جلاله يُعدُّ آفة من
الآفات المعنوية الشائعة التي تعترض طريق عباد الله
المؤمنين بصورة عامة بل حتى الخواص منهم ، حيثلا
ينجو من هذه الآفة إلا من رحمه الله .


و ليس من شك أيضاً بأن حضور القلبو الخشوع في الصلاة
إنما هو هِبةٌ ربانية تحتاج إلى وعاءٍ طاهر و نقي و ذلك
لايتهيء إلا بتوفيق من اللّه و تسديده .


كيف نحصل على الخشوع في الصلاة ؟



لمعرفة السُبُل المؤدية إلى تحصيل حالة الخشوع و

التوجه و الإنقطاع إلى الله جلَّ جلاله ، و كذلك للتعرُّف
على موانع الخشوع و العلل المؤثرة في حرمان الإنسان
من الوصول إلى هذه المرتبة السامية ، لابد
و أن نُصَنِّفَ هذه السُبُل و العلل حتى يسهل علينا
دراستها و التوصُّل من خلالها إلى ما نَتمنَّاهُ من درجات الخشوع
و الإنقطاع إلى رب العالمين عزَّ و جَلَّب عونه و بتوفيقه .



ما هي موانع الخشوع؟
إن الأمور و المؤثرات التي تمنع الإنسان من الوصول
إلى حالة الخشوع والإنقطاع إلى الله جلَّت عظمته
كثيرة نُشير إلى أهمها فيما يلي :


1. المعاصي و الذنوب :
و ليس من شك بأن الإلتزام بتعاليم الدين و قيمه
و حلاله و حرامه هو من أهم العوامل التي توفِّق
الإنسان للعبادة و تُوجد فيه حالة الخشوع
و الانقطاع إلى الله سبحانه و تعالى .


أماالإنسان المذنب و المرتكب للمعاصي فهو في
حالة إبتعاد دائم و مستمر عن حالة الخشوع من جانب ،
و في إقبال نحو وساوس الشيطان من جانب آخر ،
و قد يُسلَب منه التوفيق للعبادة و يُحرم منها لتورطه
في المعاصي و الذنوب .


2. الكسب الحرام :


و المقصود منه الإبتعاد عن كل أنواع الكسب الحرام
و الحرص على حلِّية و نظافة طرق إكتساب المعيشة كالوظيفة
أو التجارة التي يمارسها الإنسان ، أو غيرها من موارد الإكتساب ،
ذلك لأن للمأكل و الملبس والمكان و غيرها من الأمور ـ التي تُعتبر
من المقدمات في العبادات ـ أثراً عظيماً فيإيجاد الخشوع ،
و هذه الأمور إنما تتوفر للإنسان بالمال و إذا لم يكن
المال المتكسب حلالاً فسوف تتأثر أعمال الإنسان بذلك
بصورة عامة و خاصة العبادية منها ، و أول هذه التأثيرات
تظهر على القلب فتسلب منه النقاء و الخشوع و تجعله
عُرضةً لوساوس الشيطان، و من ثم لا يقبل الله له عملاً .


مضافاً إلى أن الجسم يستمد قوته في العبادة من الطعام و الشراب ،
فإذا كان طعام الإنسان و شرابه حراماً و مكتسباً
منغير حلِّه بانَ تأثيرهما على العبادة فوراً ، بل إن
التأثير المعنوي للطعام والشراب يبقى في جسم الإنسان
و روحه فترةً طويلة .
و عموماً فإن للطعام و الشراب أثراً قوياً في تهيئة الظروف
الروحية و النفسية للعبادة من حيث السلب و الإيجاب .


و لا بُدَّ أن نعرف أيضاً بأن للوسواس درجات كما أن للخشوع درجات ،
فمن زاد تورّعه عن الحرام و الشُبُهات إزداد خشوعاً ،
و من تساهل في شيء منها قلَّ خشوعه و ضَعُف
توجُهه إلى الله عزَّ و جَلَّ بنفس النسبة .


3. إمتلاءُ البطن :
فقد رَوى أبو بَصِيرٍ عَنْ الإمام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) قَالَ : قَالَ لِي :
" يَا أَبَامُحَمَّدٍ إِنَّ الْبَطْنَ لَيَطْغَى مِنْ أَكْلِهِ ، وَ أَقْرَبُ مَا
يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَ عَزَّ إِذَا خَفَّ بَطْنُهُ وَ أَبْغَضُ مَايَكُونُ
الْعَبْدُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا امْتَلَأَ بَطْنُهُ " .



4. العوامل الأخرى :
و هناك عوامل أخرى تُسبب شرود الذهن في الصلاة مثل :
التعب و النعاس و الفرح و الحزن و المرضو المكان غير المناسب ،
و غيرها .



موجبات الخشوع :
و بعد أن وفَّقنا الله تعالى لرفع الموانع و العقبات الموجودة أمامنا
للحصول على التركيز و الخشوع في العبادة ، ي
أتي دور الحديث عن العوامل الإيجابية في إيجاد حالة التوجه
و الإنقطاع إلى الله عزَّ و جَلَّ في العبادةعموماً
و في الصلاة بوجه خاص .


1. الإيمان و اليقين :
إن الشرط الأول و الأساس لتحصيل حالة الخشوع
و الإنقطاع إلى الله عزَّو جَلَّ إنما هو تحصيل الإيمان
و اليقين ، فالإيمان هو الذي يجعل الأرضية خصبة لنمو
روح الخشوع و التوجه التام إلى الله ، و لولا الإيمان
لم يكن للخشوع من معنى كما هوواضح ،
و كلَّما إزداد الإنسان إيماناً إزداد خشوعاً .


و واضحٌ أيضا بأن الإيمان إنما يزداد عن طريق
زيادة معرفة الإنسان بالله سبحانه و تعالى .



2. التخلّص من كل ما يُشتِّتُ الفكر و يُشغل الذهن :
يجب أن لا ننسى بأن من أسباب شرود الذهن
و عدم التركيز حين الصلاة و العبادة و إنعدام حضور القلب
لدى المصلي هو إنشغال فكره بالمشاكل التي تقلق بالَه ،
أو تعلُّق قلبه بما يهمه من أمور دنياه ، فما أن يدخل في صلاته
إلا وتتوارد عليه الأفكار و المشاكل المختلفة
و تتجاذبه المغريات الكثيرة التي تُحيط به، فكم من
مؤمن حريص على أداء صلاته بحضور القلب منعته أفكاره
من الوصول إلى هدفه السامي ، و ما أن يُتمُّ صلاته حتى
يكتشف بأن روحه لم تكن في الصلاة بل كانت خلال
فترة الصلاة سارحةً في وديان الخيال و الآمال و التصورات
، أو يجد أنه كان يُتابع مسلسلاً تلفزيونياً ،
أو مباريات لكرة القدم ، أو كان يعقد صفقة تجارية مبرحة
، إلى غير ذلك .
ما هو الحل ؟
لكي يتخلَّص المُصلِّي من أمثال هذه الأفكار ويتمكَّن من
الإقبال بقلبه كُلِّه على الله لا بُدَّ له من قطع الصلة بينه و
بين كلما يدور حوله حال كونه في الصلاة ، و هذا الأمر
لا يتسنى له حتى يُعطي الصلاة حقها .



نعم للصلاة الكاملة و التامة شروط و آداب ينبغي
معرفتها و المواظبة عليها حتى تتوفر الأجواء المناسبة للصلاة
بإبتعاد الإنسان عن كل ما يُشغل فكره وإهتمامه و ينقطع
عنها بصورة تامة أثناء مناجاته لرب العالمين .


و حالة الإنقطاع هذه يمكن تحصيلها عن طريق الالتزام
بالمستحبات التي ترتبط بمقدمات الصلاة كالوضوء و الأذان
و الإقامة و لباس المصلي و مكانه و غيرها .


و من مميزات هذه المستحبات و الآداب أنها تُبعد الإنسان
عن تعلُّقاته الدنيوية رويداً رويداً ،و تهيؤه للدخول في
الصلاة بقلب خاشع شيئاً فشيئاً .


أما الذي لا يواظب على هذه المستحبات و يدخل في
الصلاة فجأةً من دون أي مقدمات إنما يعطي الضوء
الأخضرللشيطان و يُمكِّنه من نفسه لكي يسلُب منه التوجه
و الخشوع ، ذلك لأنه لم يقطع صلتهبَعدُ بما قبل صلاته
من أفكار و أعمال ، و لم يهيء نفسه للدخول في الصلاة كما ينبغي .


عوامل أخرى مؤثرة في إيجاد الخشوع :
وهناك عوامل أخرى تؤثر في إيجاد حالة التوجه
و الخشوع و حصول التركيز لدى المصلِّينُشير إليها بإيجاز كالتالي :


1. الإهتمام بأوقات الصلوات .


2. إختيار المكان المناسب للصلاة من حيث الهدوء
و عدم وجود ما يُصرف إنتباه المُصلِّي أمثال الأصوات
و الصور و حضور الآخرين و النافذة أو الباب المفتوح
أمام المصلِّي وغيرها من الأمور .


3. تركيز النظر إلى محل السجدة في حال القيام
و القراءة والتشهد و السلام .


4. التدبّر في معاني الكلمات و الأذكار التي تُقال في الصلاة .


5. تعويد النفس على الرجوع إلى حالة الخشوع كلما
عرض للإنسان شيءمن العوامل الصارفة .


6. المواظبة على النوافل .


7. المواظبة على الأدعية و الأذكار و التعقيبات الخاصة بكل صلاة .


8. أكل الرمان فإنه مفيد لمعالجة الوسواس و حديث النفس .



و أخيراً :


و أخيراً نُذَكر بأن لحديث النفس أنواع و صور مختلفة ،
فمنها ما هو من قبيل الشك في العقيدة بسبب ما يلقيه
الشيطان و يسببه من وساوس في صدور الناس طمعاً
منه في التغلُّب عليهم و إبعادهم عن جادة الحق و الصواب ،
فيلقي في نفوسهم الشبهات و التشكيكات و يبذل كل ما
بوسعه من أجل تحقيق مآربه و نواياه ، و يتوسل بكل
الأساليب و الوسائل ، إلى غيرها .


و نحن نسأل الله عزَّ و جَلَّ أن يُبعد عنا الشيطان و
وساوسه في جميع الحالات خاصة حال الصلاة و العبادة ،
و أن يوفقنا ويوفِّقَ جميع المؤمنين للصلاة التامة
و المقبولة بقلوب خاشعة و منقطعة إلى ربالعالمين ، إنه مجيب الدعاء .

خادم الباقرع
14-11-2008, 10:57 PM
بارك الله فيك اخي الكريم

ابوجعفرالديواني
16-11-2008, 02:29 PM
الشكر على المرور

المشايخي2
20-11-2008, 02:39 PM
بارك الله فيك

حسين العابد
20-11-2008, 06:04 PM
بارك الله بك اخي الكريم

ابوجعفرالديواني
22-11-2008, 11:07 PM
بارك الله بكم اخوتي على مروركم الكريم