خطبة الزهراء ليها السلام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • ام الحبايب
    • Jun 2009
    • 4

    خطبة الزهراء ليها السلام

    خطبة السيدة الزهراء (ع)
    بسم الله الرحمنالرحيم
    الحمد لله على ما أنعم ,وله الشكر على ما ألهم ,والثناء بما قدم ,من عموم نعمٍ ابتداها, و سبوغ آلاءٍأسداها, وتمام مننٍ أولاها, جم عن الإحصاء عددها, ونأى عن الجزاء أمدها, وتفاوت فيالإدراك أبدها, وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها ,و استحمد إلى الخلائق بإجزالها, وثنى بالندب إلى أمثالها.
    وأشهدأن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, كلمةٌ جعل الإخلاص تأويلها, وضمن القلوبموصولها ,وأنار في التفكر معقولها, الممتنع من الأبصار رؤيته, ومن الألسن صفته ,وعنالأوهام كيفيته, ابتدع الأشياء لا من شي‏ء كان قبلها, وأنشأها بلا احتذاء أمثلةامتثلها, ذرأها بمشيئته ,وكونها بقدرته ,من غير حاجة له إلى تكوينها ,ولا فائدةٍ فيتصويرها ,إلا تثبيتاً لحكمته ,وتنبيهاً على طاعته, و تعبداً لبريته ,وإظهارالقدرته, وإعزازاً لدعوته ,ثم جعل تعالى الثواب على طاعته, ووضع العقاب على معصيته,ذيادة لعباده عن نقمته ,وحياشة لهم إلى جنته,
    وأشهد أن أبي محمداً(ص) عبده ورسوله , سماه قبل أن اجتباه ,و اجتباهقبل أن اجتبله, واصطفاه قبل أن ابتعثه ,إذ الخلائق بالغيب مكنونة, وبستر الأهاويلمصونة , وبنهاية العدم مقرونة, علماً من الله تعالى بمآيل الأمور, وإحاطةً منهبحوادث الدهور, ومعرفةً منه بمواقع المقدور, ابتعثه الله تعالى إتماماً لأمره, وعزيمةً على إمضاء حكمه, وإنفاذاً لمقادير حتمه ,فرأى الأمم فرقاً في أديانها, عكفاً على نيرانها, عابدةً لأوثانها, منكرةً لله بعد عرفانها, فأنار الله تعالىبأبي محمد( ص) ظلمها, وكشف عن القلوب بهمها, وجلى عن الأبصار غممها, وقام في الناسبالهداية, وأنقذهم من الغواية ,وبصرهم من العماية, وهداهم إلى الدين القويم, ودعاهمإلى الطريق المستقيم .
    ثم قبضالله تعالى نبيه إليه قبض رأفةٍ واختيار ,ورغبةٍ وإيثار , فمحمدٌ ( ص ) من تعب هذهالدار في راحة ,قد حف بالملائكة الأبرار ,ورضوان الرب الغفار ,ومجاورة الملكالجبار.
    فصلى الله على أبي نبيه ,وأمينه على وحيه وصفيه و خيرته من خلقه و رضيه والسلام عليه ورحمة الله وبركاته .

    ثم قالت (ع): أيها الناسأما بعد فأنتم عبادَ الله نصب أمره ونهيه, وحملةُ دينه ووحيه, وأمناء الله تعالىعلى أنفسكم ,وبلغاءه إلى الأمم قِبَلَكُم ,و زعيم حق له فيكم, وعهدٌ قدمه إليكم ,وبقيةٌ استخلفها عليكم,كتاب الله الناطق ,والقرآن الصادق ,والنور الساطع, والضياءُاللامع. بينةٌ بصائره, منكشفةٌ سرائره, منجليةٌ ظواهره , مغتبطةٌ به أشياعه, قائدٌإلى الرضوان إتباعه, مؤدٍ إلى النجاة استماعه, به تنال حجج الله المنورة , ومحارمهالمحذرة وعزائمه المفسرة , و بيناته الجالية, وبراهينه الكافية,و جمله الشافية, وشرائعه المكتوبة ,وفضائله المندوبة, ورخصه الموهوبة,
    ففرض الله عليكم الإيمان و جعله تطهيراً لكم من الشرك ,والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر, والزكاة تزكيةً للنفس ونماءً في الرزق ,والصيامَتثبيتاً للإخلاص ,والحجَ تشييداً للدين , والجهادَ عزاً لأهل الإسلام , و ذلاً لأهلالكفرو النفاق , وطاعتنا نظاماً للملة وإمامتنا أماناً من الفرقة,والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مصلحة للعامة, والصبر معونة على استيجاب الأجر ,والعدل تنسيقاللقلوب و إيناساً للرعية ,و الوفاء بالعهود تعريضاً للمغفرة , وتوفية المكاييلوالموازين تغييراً للبخس, والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس , وصلة الأرحاممنماة للعدد منسأةً في العمر, وبر الوالدين وقايةً من السخط ,و حرمة أكل أموالاليتامى إجارة من الظلم,والقِصاص حقناً للدماء , واجتناب قذف المحصنة حجاباً عناللعنة ,وترك السرقة إيجاباً للعفة, وحرم الله عليكم الشرك إخلاصاً له بالربوبية, فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
    وأطيعوا الله تعالى فيما أمركم به ونهاكم عنه, فإنه "إنما يخشى الله من عباده العلماء ".

    أيها الناساعلموا إني فاطمةُ ابنة محمد (ص), أقول قولي هذا عوداً علىبدء, ولا أقول ما أقول غلطاً, ولا أفعل ما أفعل سرفاً و لا شططاً "لَقَدْ جاءَكُمْرَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ
    عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَرَؤُفٌ رَحِيمٌ "فإن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم ,وأخا ابن عمي عليٍ دون رجالكم ,ولنعم المعزي إليه (ص) فبلغ الرسالة صادعاً بالنذارة ,مائلاً عن سنن مدرجةالمشركين ,ضارباً ثبجهم آخذاً بأكظامهم ,داعياً إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظةالحسنة ,يكسر الأصنام وينكث الهام, حتى تفرى الليل عن صبحه ,وأسفر الحق عن محضه , ونطق حتى انهزم الجمع وولوا الدبر ,ونطق زعيمُ الدين, وخرست شقاشق الشياطين , وطاحوشيظ النفاق , وانحلت عقد الكفر والشقاق, وفهتم بكلمة الإخلاص, مع النفر البيضالخماص ,الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً, وكنتم على شفا حفرة من النار, مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام, تشربون الطرق ,وتقتاتونالقد و الورق ,أذلة خاسئين , صاغرين داخرين, تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم ,فأنقذكم الله وتعالى بأبي محمد ص بعد اللتيا والتي ,وبعد أن مني ببهم الرجال , وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب , كلما أوقدوا للحرب نارا أطفأها الله ,و كلما نجمقرن للشيطان أو فغرت فاغرة للمشركين ,قذف أخاه (تعني علياً(ع)) في لهواتها, فلاينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه ,ويخمد لهبها بسيفه, مكدوداً دؤوباً في ذات الله, مجتهداً في أمر الله, سيدا في أولياء الله ,قريبا من رسول الله مجداً كادحاً ,مشمراً ناصحاً ,لا تأخذه في الله لومة لائم,و لا عذل عاذل ,وأنتم في رفاهيةٍ منالعيش ,وادعون فاكهون آمنون ,تتربصون بنا الدوائر , وتتوكفون الأخبار, وتفرون منالقتال , وتنكصون على الأعقاب عند النزال,حتى أقام الله عمود الدين بمحمد(ص) , فلمااختار الله تعالى لنبيه دار أنبيائه, ومأوى أصفيائه ,ظهرت فيكم حسيكة النفاق, وسملجلباب الدين ,ونطق كاظم الغاوين, ونبغ خامل الأقلين ,وهدر فنيق المبطلين, فخطر فيعرصاتكم, وأطلع الشيطانُ رأسه من مغرزه هاتفاً بكم, فألفاكم لدعوته مستجيبين ,وللعزة فيه ملاحَظِين ,ثم أحمشكم فألفاكم غضاباً ,و استنهضكم فوجدكم خفافاً, فوسمتم غير إبلكم ,ووردتم غير مشربكم ,هذا والعهد قريب ,والكلم رحيب ,والجرح لمايندمل ,والرسول لما يقبر ,ابتداراً زعمتم خوف الفتنة ,ألا في الفتنة سقطوا ,وإنجهنم لمحيطةٌ بالكافرين.
    فهيهاتمنكم, وكيف بكم وأنى تؤفكون ؟ .و هذا كتاب الله تعالى بين أظهركم, أموره ظاهرة, وأعلامه باهرة ,وأحكامه زاهرة , وأوامره واضحة ,وزواجره لائحة ,وقد خلفتموه وراءظهوركم ,أرغبة عنه تريدون ؟ أم بغيره تحكمون؟ بئس للظالمين بدلاً," ومن يتبع غيرالإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين".
    ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها , ويسلس قيادها, حتى أخذتم توقدون جمرتها , وتهيجون فتنتها, وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي ,وإطفاءأنوار الدين الجلي ,وإخماد سنن النبي الصفي ,تمشون في الخَمَرٍ و الضراء ,وتشربونحسواً في ارتغاء, ونصبر منكم على مثل حز المدى, ووخزِ السنان في الحشا, وهاأنتمالآن تزعمون أن لا إرث لي, و لا حضوة من أبي, أ فحكم الجاهلية تبغون؟ ومن أحسن منالله حكماً لقوم يوقنون؟
    أفلاتعلمون من أنا؟؟ بلى تجلى لكم كالشمس الضاحية أني ابنة محمد (ص) ,إيهاً أيهاالمسلمون ,أأغلب على إرث أبي ؟يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث أباك ولا أرثأبي؟؟ "لقد جئت شيئا فرياً", أفعلى عمد تركتم كتاب الله؟ ونبذتموه خلف ظهوركم إذيقول:" وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ" وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا:" فَهَبْلِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ "
    وقال تعالى :" يُوصِيكُمُاللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ "
    وقال تعالى:" وَ أُولُواالْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ"
    وقال تعالى :" كتب عليكم إذاحضرَ أحَدَكُم الموت إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ "
    وزعمتم أن لا إرث لي ولا منحظوة أبي , أ فخصكم الله بآية أخرج أبي منها ؟ فقال إلا فاطمة فدلني عليه أقنع به ,أم تقولون إن أهل ملتين لا يتوارثان , أو لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة ؟؟ أمتقولون أنكم أعلم
    بخصوص القرآنوعمومه ممن جاء به ,أبي محمد(ص) ومن ابن عمي عليِ ٍ(ع) ,فدونكها مخطومة مرحولةمزمومة ,تلقاك يوم حشرك ,فنعم الحكم الله, والزعيم محمد (ص),والموعد القيامة, ولاينفعكم إذ تندمون ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذابمقيم .

    ثم قالت (صلوات اللهو سلامه عليها )مشيرة إلى الأنصار : يا معشر النقيبة, وأعضاد الملة ,وحضنة الإسلام, ما هذه الغميزة في حقي ؟ والسكوت عن ظلامتي, أو ما كان أبي (ص) يقول : إن المرء إذامات يحفظ في ولده , فسرعان ما أحدثتم وعجلان ذا إهالة ,وبكم طاقة على أحاول , وقوةعلى ما أطلب وأزاول ,أتقولون مات محمد (ص) ؟ , فخطب جليل استوسع وهنه, واستنهرفتقه, وانفتق رتقه ,وفقد راتقه واظلمَت الأرض لغيبته, وخشعت الجبال لمصيبته , وأكدتالآمال وأضيع الحريم وأزيلت الحرمة عند مماته (ص) , وكسفت النجوم عند وفاته , فتلكوالله المصيبة العظمى ,والنازلة الكبرى ,التي لا مثلهانازلة
    ولا بائقة عاجلة ,أعلن بهاكتابُ الله تعالى ,في ممساكم ومصبحكم ,بين أظهركم ,هتافاً وألحاناً, وتلاوةًوصراخًا,
    قال تعالى حكم فصلوقضاء حتم:
    "وَ ما مُحَمَّدٌإِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَانْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْيَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُالشَّاكِرِينَ".
    إيهاً بني قيله ,أأهضم تراثَ أبي ؟؟ ,وأنتم بمرأىً مني ومسمع ,ومنتدى ومجمع , تلبسكم الدعوة ,وتشمُلكم الخبرة ,وأنتم ذوو العدد والعدة, و عندكم الأداة والقوة ,وعندكم السلاحوالجُنَة ,توافيكم الدعوة فلا تجيبون, وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون, وأنتم موصوفونبالكفاح ,معروفون بالخير والصلاح , وأنتم الخيرة التي اختيرت والنخبة التي انتخبتلنا أهل البيت. قاتلتم العرب وتحملتم الكد والتعب ,وناطحتم الأمم وكافحتم البهم. لانبرح و تبرحون, نأمركم فتأتمرون , حتى إذا دارت بنا و بكم رحى الإسلام ودر حلبالأيام , وهدأت دعوة الهرج واستوسق نظام الدين , وخمدت نيران الكفر, وخضعت ثغرةالشرك وسكنت فورة الإفك,
    فأنىحرتم بعد البيان ,وأسررتم بعد الإعلان , وأشركتم بعد الإيمان , ونكصتم بعد الإقدام , ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم , وهموا بإخراج الرسول ,وهم بدءوكم أول مرة ,أتخشونهم؟؟ فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين .
    ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض ,وأبعدتم من هو أحقبالبسط والقبض, وركنتم إلى الدعة ,ونجوتم من الضيق بالسعة , ومججتم ما وعيتم ,ولفظتم ما استرعيتم ,ودسعتم الذي تسوغتم ,فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإنالله لغني حميد .
    ألا لقد قلتالذي قلت على معرفة مني, بالخذلة التي خامرت صدوركم , والغدرة التي استشعرتهاقلوبكم ,ولكنها فيضة النفس ,وبثة الصدر, ونفثة الغيظ , وتقدمة الحجة وخَوَرُ القناة , فدونكموها فاحتقبوها ,دبرة الظهر نقبة الخف ,باقية العار وشنار الأبد ,موصولةبنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة, فبعين الله ما تفعلون ,
    "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبينقلبون"
    وأنا ابنة نذيرٍ لكمبين يدي عذاب شديد ,فاعملوا إنا عاملون, و انتظروا إنا منتظرون .


    فقال لها أبو بكر: يابنت رسول الله صدقتِ , لقد كان أبوك بالمؤمنين رءوفاً رحيماً عطوفاً كريماً ,وعلىالكافرين عقاباً عظيماً وعذاباً أليماً ً, و إن عزوناه وجدناه أباكِ دون النساء ,وأخا ابن عمك علي ٍ دون الأخلاء, آثره على كل حميم ,وساعده في كل أمر جسيم , وأنتمعترة رسول الله الطيبون الخيرة المنتجبون ,على الخير أدلتنا وإلى الجنة مسالكنا, لايحبكم إلا سعيد عظيم السعاة ,ولا يبغضكم إلا شقي بعيد رديئ الولادة, وأنت يا خيرةَالنساء وابنة خير الأنبياء ,صادقة في قولك, سابقةٌ في وفور عقلك ,غير مصدودة عنصدقك ,ولا مردودة عن حقك, و ما عدوت رأي رسول الله ,لا عملت إلا بإذنه ,وإن الرائدلا يكذب أهله, وإني أشهد الله وكفى به شهيدا أني سمعت رسول الله ( ص ) يقول نحنمعاشر الأنبياء لا نورث ذهباً و لا فضةً و لا داراً و لا عقاراً ,و إنما نورثالكتاب والحكمة, والعلم والنبوة ,وما تركناه من طعمةٍ فلولي الأمر بعدنا أن يحكمفيه بحكمه, وقد حكمنا , وجعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح ,يقاتل بها المسلمونالكفار ,ويجاهدون المردة الفجار , و ذلك بإجماع من المسلمين ,لم أنفرد به وحدي ,ولم يكن الرأي ما أستبد به عندي , و هذه حالي و مالي هو لك , و بين يديكِ , يزوى عنك , و لا يدخر دونك , و أنِ سيدة نساء أمة أبيك ,و الشجرة الطيبة لبنيك , لا ينكرمالك من فضلك , و لا يوضع في فرعك و أصللك و حكمك نافذ فيما ملكت يداي فهل ترينَأني خالفتُ بذلك أباكي ؟.

    فقالت عليها السلام : سبحان الله, ما كان أبي رسول الله ( ص ) عن كتابالله صادفاً, ولا لأحكامه مخالفاً, بل كان يقفو سوره , و يقتفي سيره , ويتبع أثره, أفتجمعون إلى الغدر ,اعتلالاً بالزور عليه ,وهذا بعد وفاته, شبيهٍ بما بغيتم له منالغوائل في حياته ,وهذا كتاب الله تعالى حكماً, عدلاً وناطقاً فصلاً , حيث قال: "وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ".
    وقال:" يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ".
    وبين تعالى فيما وزع من الأقساط, وشرع من الفرائضوالميراث, وأباح من حظ الذكران والإناث ,ما أزاح به علل المبطلين ,وأزال التظنيوالشبهات في الغابرين ,كلا بل سولت لكم أنفسكم أمراً ,فصبرٌ جميل ,والله المستعانعلى ما تصفون.

    فقال أبوبكر: صدق الله وصدق رسوله وصدقت ابنته معدن الحكمة وموطن الهدى والرحمة ,وركنالدين, وعين الحجة , ومنطق الرسالة , لا أبعد صوابك ,ولا أنكر خطابك , و لا أدليبجوابك , و لكن هؤلاء المسلمون بيني وبينكِ ,فهم قلدوني ما تقلدت ,وباتفاقٍ منهمأخذت الذي أخذت ,و تركت الذي تركت ,غير مستبدٍ ولا مستأثرٍ ولا مكابرٍ, وهم بذلكعليه شهود.

    فالتفتت فاطمةعليها السلام إلى الناس و قالت : يا معشر الناس المسرعة إلى قيلِ الباطل ,المغضيةِعلى الفعل القبيح الخاسر, أفلا تتدبرون القرآن؟ أم على قلوبٍ أقفالها, كلا بل رانعلى
    قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم , فساء ما به أشرتم , وبئس ما تأولتم , و شرٌ ما به اعتصمتم , أما و الله لتجدنَمحمله ثقيلاً, وغبهُ وبيلاً, إذا كشف لكم الغطاء , وبان ما وراء الضراء ,وبدا لكممن ربكم ما لم تكونوا تحتسبون, و خسر هنا لك المبطلون.
    و أمهلت هنيئة ً فلم تجد(ع)مجيباً لدعوتها , و لا مغيثاًلصرختها ,فعطفت على قبر أبيها رسول الله (ص) و انكبت عليه تقول :


    قـد كـان بعـدك أنبـاءو هنبثة لوكنت حاضرها لم تكثر الخطب
    إنـا فقـدناك فقـد الأرضِ وابلها و اختلَ قومك لما غبت وانقلبوا
    أبدى رجال ٌ لنا نجوىصدورهمُ لما مضيت و حالت دونك الكتب تجهمتنـا رجـال و استخف بنـا دهرُ , فقد أدركوامنا الذي طلبوا ضاقت علي بلادي بعدما رحبت و سيم سبطاك خسفاً فيه لي نصبُ فليت قبلككان الموت صادفنا لما مضيت و حالت دونك التربُ قـد كـان جبريـل بالآيات يؤنسنا فغابعنا فكـل الخيـر محتجب
    و كنتبـدرا و نـورا يستضاء به عليك ينزل من ذي العـزة الكتب
    فسوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت منا العيـون بتهمال لهاسكـب
    ثمّ انكفئت ( عليها السلام ) ، وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) يتوقع رجوعها اليه ، ويتطلع طلوعها عليه ، فلمااستقرت بها الدار ، قالت : لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( يابن أبي طالب ،اشتملت شملة الجنين ، وقعدت حجرة الظنين ، نقضت قادمة [ قوادم الطير : مقادم ريشهوهي عشرة ] الاجدل [ أي الصقر ] فخانك ريش الاعزل [ العزل من الطير : ما لا يقدرعلى الطيران ] هذا ابن ابي قحافة يبتزني [ أي يسلبني ] نحلة أبي وبغلة [ البغلة مايتبلغ به من العيش ] ابني ! لقد اجهد [ في بعض النسخ : اجهر ] في خصامي ، والفيته [ أي وجدته ] الد [ الالد : شديد الخصومة ] في كلامي ، حتى حبستني قيلة نصرهاوالمهاجرة وصلها ، وغضت الجماعة دوني طرفها ، فلا دافع ولا مانع ، خرجت كاظمة ،وعدت راغمة ، اضرعت [ ضرع : خضع وذل ] خدك يوم اضعت حدك إفترست الذئاب ، وافترشتالتراب ، ما كففت قائلا ، ولا اغنيت طائلا [ أي ما فعلت شيئا نافعا ، وفي بعض النسخ : ولا اغيت باطلا : أي كففته ] ولا خيار لي ، ليتني مت قبل هنيئتي ، ودون ذلتيعذيري [ العذير بمعنى العاذر أي : الله قابل عذري ] الله منه عاديا [ أي متجاوزا ] ومنك حاميا ، ويلاي في كل شارق ! ويلاي في كل غارب ! مات العمد ، ووهن [ الوهن : الضعف في العمل او الامر او البدن ] العضد ، شكواي إلى أبي ! وعدواي [ العدوى : طلبك إلى وال لينتقم لك من عدوك ] إلى ربي ! اللهم انك اشد منهم قوة وحولا ، واشدبأسا وتنكيلا ) .
    فقال أميرالمؤمنين ( عليه السلام ) : ( لا ويل لك بل الويل لشانئك [ الشانيء : المبغض ] ثمنهنهي عن وجدك [ أي كفي عن حزنك وخففي من غضبك ] ياابنة الصفوة ، وبقية النبوة ،فما ونيت [ أي ماكللت ولا ضعفت ولا عييت ] عن ديني ، ولا اخطأت مقدوري [ أي ما تركتما دخل تحت قدرتي أي لست قادرا على الانتصاف لك لما اوصاني به الرسول ] فان كنتتريدين البلغة ، فرزقك مضمون ، وكفيلك مأمون ، وما اعد لك اضل مما قطع عنك ،فاحتسبي الله ) .

    منقول
  • نجمة البصره
    • Sep 2009
    • 5734

    #2

    تعليق

    • كتكوته
      • Oct 2009
      • 877

      #3
      مشكــــــــــــــــــــوره ع الطرح

      كتكوته:11rob:

      تعليق

      يعمل...
      X