المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خطبة الزهراء ليها السلام


ام الحبايب
15-11-2009, 12:01 AM
خطبة السيدة الزهراء (ع)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على ما أنعم ,وله الشكر على ما ألهم ,والثناء بما قدم ,من عموم نعمٍ ابتداها, و سبوغ آلاءٍ أسداها, وتمام مننٍ أولاها, جم عن الإحصاء عددها, ونأى عن الجزاء أمدها, وتفاوت في الإدراك أبدها, وندبهم لاستزادتها بالشكر لاتصالها ,و استحمد إلى الخلائق بإجزالها, وثنى بالندب إلى أمثالها.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, كلمةٌ جعل الإخلاص تأويلها, وضمن القلوب موصولها ,وأنار في التفكر معقولها, الممتنع من الأبصار رؤيته, ومن الألسن صفته ,وعن الأوهام كيفيته, ابتدع الأشياء لا من شي‏ء كان قبلها, وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها, ذرأها بمشيئته ,وكونها بقدرته ,من غير حاجة له إلى تكوينها ,ولا فائدةٍ في تصويرها ,إلا تثبيتاً لحكمته ,وتنبيهاً على طاعته, و تعبداً لبريته ,وإظهارا لقدرته, وإعزازاً لدعوته ,ثم جعل تعالى الثواب على طاعته, ووضع العقاب على معصيته ,ذيادة لعباده عن نقمته ,وحياشة لهم إلى جنته,
وأشهد أن أبي محمداً(ص) عبده ورسوله , سماه قبل أن اجتباه ,و اجتباه قبل أن اجتبله, واصطفاه قبل أن ابتعثه ,إذ الخلائق بالغيب مكنونة, وبستر الأهاويل مصونة , وبنهاية العدم مقرونة, علماً من الله تعالى بمآيل الأمور, وإحاطةً منه بحوادث الدهور, ومعرفةً منه بمواقع المقدور, ابتعثه الله تعالى إتماماً لأمره, وعزيمةً على إمضاء حكمه, وإنفاذاً لمقادير حتمه ,فرأى الأمم فرقاً في أديانها, عكفاً على نيرانها, عابدةً لأوثانها, منكرةً لله بعد عرفانها, فأنار الله تعالى بأبي محمد( ص) ظلمها, وكشف عن القلوب بهمها, وجلى عن الأبصار غممها, وقام في الناس بالهداية, وأنقذهم من الغواية ,وبصرهم من العماية, وهداهم إلى الدين القويم, ودعاهم إلى الطريق المستقيم .
ثم قبض الله تعالى نبيه إليه قبض رأفةٍ واختيار ,ورغبةٍ وإيثار , فمحمدٌ ( ص ) من تعب هذه الدار في راحة ,قد حف بالملائكة الأبرار ,ورضوان الرب الغفار ,ومجاورة الملك الجبار.
فصلى الله على أبي نبيه ,وأمينه على وحيه وصفيه و خيرته من خلقه و رضيه والسلام عليه ورحمة الله وبركاته .

ثم قالت (ع): أيها الناس أما بعد فأنتم عبادَ الله نصب أمره ونهيه, وحملةُ دينه ووحيه, وأمناء الله تعالى على أنفسكم ,وبلغاءه إلى الأمم قِبَلَكُم ,و زعيم حق له فيكم, وعهدٌ قدمه إليكم ,وبقيةٌ استخلفها عليكم,كتاب الله الناطق ,والقرآن الصادق ,والنور الساطع, والضياءُ اللامع. بينةٌ بصائره, منكشفةٌ سرائره, منجليةٌ ظواهره , مغتبطةٌ به أشياعه, قائدٌ إلى الرضوان إتباعه, مؤدٍ إلى النجاة استماعه, به تنال حجج الله المنورة , ومحارمه المحذرة وعزائمه المفسرة , و بيناته الجالية, وبراهينه الكافية,و جمله الشافية, وشرائعه المكتوبة ,وفضائله المندوبة, ورخصه الموهوبة,
ففرض الله عليكم الإيمان و جعله تطهيراً لكم من الشرك ,والصلاة تنزيهاً لكم عن الكبر, والزكاة تزكيةً للنفس ونماءً في الرزق ,والصيامَ تثبيتاً للإخلاص ,والحجَ تشييداً للدين , والجهادَ عزاً لأهل الإسلام , و ذلاً لأهل الكفرو النفاق , وطاعتنا نظاماً للملة وإمامتنا أماناً من الفرقة,والأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مصلحة للعامة, والصبر معونة على استيجاب الأجر ,والعدل تنسيقا للقلوب و إيناساً للرعية ,و الوفاء بالعهود تعريضاً للمغفرة , وتوفية المكاييل والموازين تغييراً للبخس, والنهي عن شرب الخمر تنزيهاً عن الرجس , وصلة الأرحام منماة للعدد منسأةً في العمر, وبر الوالدين وقايةً من السخط ,و حرمة أكل أموال اليتامى إجارة من الظلم,والقِصاص حقناً للدماء , واجتناب قذف المحصنة حجاباً عن اللعنة ,وترك السرقة إيجاباً للعفة, وحرم الله عليكم الشرك إخلاصاً له بالربوبية, فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
وأطيعوا الله تعالى فيما أمركم به ونهاكم عنه, فإنه "إنما يخشى الله من عباده العلماء ".

أيها الناساعلموا إني فاطمةُ ابنة محمد (ص), أقول قولي هذا عوداً على بدء, ولا أقول ما أقول غلطاً, ولا أفعل ما أفعل سرفاً و لا شططاً "لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ
عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ "فإن تعزوه تجدوه أبي دون نسائكم ,وأخا ابن عمي عليٍ دون رجالكم ,ولنعم المعزي إليه (ص) فبلغ الرسالة صادعاً بالنذارة ,مائلاً عن سنن مدرجة المشركين ,ضارباً ثبجهم آخذاً بأكظامهم ,داعياً إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة ,يكسر الأصنام وينكث الهام, حتى تفرى الليل عن صبحه ,وأسفر الحق عن محضه , و نطق حتى انهزم الجمع وولوا الدبر ,ونطق زعيمُ الدين, وخرست شقاشق الشياطين , وطاح وشيظ النفاق , وانحلت عقد الكفر والشقاق, وفهتم بكلمة الإخلاص, مع النفر البيض الخماص ,الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً, وكنتم على شفا حفرة من النار, مذقة الشارب ونهزة الطامع وقبسة العجلان وموطئ الأقدام, تشربون الطرق ,وتقتاتون القد و الورق ,أذلة خاسئين , صاغرين داخرين, تخافون أن يتخطفكم الناس من حولكم ,فأنقذكم الله وتعالى بأبي محمد ص بعد اللتيا والتي ,وبعد أن مني ببهم الرجال , وذؤبان العرب ومردة أهل الكتاب , كلما أوقدوا للحرب نارا أطفأها الله ,و كلما نجم قرن للشيطان أو فغرت فاغرة للمشركين ,قذف أخاه (تعني علياً(ع)) في لهواتها, فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه ,ويخمد لهبها بسيفه, مكدوداً دؤوباً في ذات الله, مجتهداً في أمر الله, سيدا في أولياء الله ,قريبا من رسول الله مجداً كادحاً ,مشمراً ناصحاً ,لا تأخذه في الله لومة لائم,و لا عذل عاذل ,وأنتم في رفاهيةٍ من العيش ,وادعون فاكهون آمنون ,تتربصون بنا الدوائر , وتتوكفون الأخبار, وتفرون من القتال , وتنكصون على الأعقاب عند النزال,حتى أقام الله عمود الدين بمحمد(ص) , فلما اختار الله تعالى لنبيه دار أنبيائه, ومأوى أصفيائه ,ظهرت فيكم حسيكة النفاق, وسمل جلباب الدين ,ونطق كاظم الغاوين, ونبغ خامل الأقلين ,وهدر فنيق المبطلين, فخطر في عرصاتكم, وأطلع الشيطانُ رأسه من مغرزه هاتفاً بكم, فألفاكم لدعوته مستجيبين ,وللعزة فيه ملاحَظِين ,ثم أحمشكم فألفاكم غضاباً ,و استنهضكم فوجدكم خفافاً, فوسمتم غير إبلكم ,ووردتم غير مشربكم ,هذا والعهد قريب ,والكلم رحيب ,والجرح لما يندمل ,والرسول لما يقبر ,ابتداراً زعمتم خوف الفتنة ,ألا في الفتنة سقطوا ,وإن جهنم لمحيطةٌ بالكافرين.
فهيهات منكم, وكيف بكم وأنى تؤفكون ؟ .و هذا كتاب الله تعالى بين أظهركم, أموره ظاهرة, وأعلامه باهرة ,وأحكامه زاهرة , وأوامره واضحة ,وزواجره لائحة ,وقد خلفتموه وراء ظهوركم ,أرغبة عنه تريدون ؟ أم بغيره تحكمون؟ بئس للظالمين بدلاً," ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين".
ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها , ويسلس قيادها, حتى أخذتم توقدون جمرتها , وتهيجون فتنتها, وتستجيبون لهتاف الشيطان الغوي ,وإطفاء أنوار الدين الجلي ,وإخماد سنن النبي الصفي ,تمشون في الخَمَرٍ و الضراء ,وتشربون حسواً في ارتغاء, ونصبر منكم على مثل حز المدى, ووخزِ السنان في الحشا, وهاأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لي, و لا حضوة من أبي, أ فحكم الجاهلية تبغون؟ ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون؟
أفلا تعلمون من أنا؟؟ بلى تجلى لكم كالشمس الضاحية أني ابنة محمد (ص) ,إيهاً أيها المسلمون ,أأغلب على إرث أبي ؟يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث أباك ولا أرث أبي؟؟ "لقد جئت شيئا فرياً", أفعلى عمد تركتم كتاب الله؟ ونبذتموه خلف ظهوركم إذ يقول:" وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ" وقال فيما اقتص من خبر يحيى بن زكريا:" فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ "
وقال تعالى :" يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ "
وقال تعالى:" وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ"
وقال تعالى :" كتب عليكم إذا حضرَ أحَدَكُم الموت إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ "
وزعمتم أن لا إرث لي ولا من حظوة أبي , أ فخصكم الله بآية أخرج أبي منها ؟ فقال إلا فاطمة فدلني عليه أقنع به ,أم تقولون إن أهل ملتين لا يتوارثان , أو لست أنا وأبي من أهل ملة واحدة ؟؟ أم تقولون أنكم أعلم
بخصوص القرآن وعمومه ممن جاء به ,أبي محمد(ص) ومن ابن عمي عليِ ٍ(ع) ,فدونكها مخطومة مرحولة مزمومة ,تلقاك يوم حشرك ,فنعم الحكم الله, والزعيم محمد (ص),والموعد القيامة, ولا ينفعكم إذ تندمون ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم .

ثم قالت (صلوات الله و سلامه عليها )مشيرة إلى الأنصار : يا معشر النقيبة, وأعضاد الملة ,وحضنة الإسلام, ما هذه الغميزة في حقي ؟ والسكوت عن ظلامتي, أو ما كان أبي (ص) يقول : إن المرء إذا مات يحفظ في ولده , فسرعان ما أحدثتم وعجلان ذا إهالة ,وبكم طاقة على أحاول , وقوة على ما أطلب وأزاول ,أتقولون مات محمد (ص) ؟ , فخطب جليل استوسع وهنه, واستنهر فتقه, وانفتق رتقه ,وفقد راتقه واظلمَت الأرض لغيبته, وخشعت الجبال لمصيبته , وأكدت الآمال وأضيع الحريم وأزيلت الحرمة عند مماته (ص) , وكسفت النجوم عند وفاته , فتلك والله المصيبة العظمى ,والنازلة الكبرى ,التي لا مثلها نازلة
ولا بائقة عاجلة ,أعلن بها كتابُ الله تعالى ,في ممساكم ومصبحكم ,بين أظهركم ,هتافاً وألحاناً, وتلاوةً وصراخًا,
قال تعالى حكم فصل وقضاء حتم:
"وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ".
إيهاً بني قيله ,أأهضم تراثَ أبي ؟؟ ,وأنتم بمرأىً مني ومسمع ,ومنتدى ومجمع , تلبسكم الدعوة ,وتشمُلكم الخبرة ,وأنتم ذوو العدد والعدة, و عندكم الأداة والقوة ,وعندكم السلاح والجُنَة ,توافيكم الدعوة فلا تجيبون, وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون, وأنتم موصوفون بالكفاح ,معروفون بالخير والصلاح , وأنتم الخيرة التي اختيرت والنخبة التي انتخبت لنا أهل البيت. قاتلتم العرب وتحملتم الكد والتعب ,وناطحتم الأمم وكافحتم البهم. لا نبرح و تبرحون, نأمركم فتأتمرون , حتى إذا دارت بنا و بكم رحى الإسلام ودر حلب الأيام , وهدأت دعوة الهرج واستوسق نظام الدين , وخمدت نيران الكفر, وخضعت ثغرة الشرك وسكنت فورة الإفك,
فأنى حرتم بعد البيان ,وأسررتم بعد الإعلان , وأشركتم بعد الإيمان , ونكصتم بعد الإقدام , ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم , وهموا بإخراج الرسول ,وهم بدءوكم أول مرة ,أ تخشونهم؟؟ فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين .
ألا وقد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض ,وأبعدتم من هو أحق بالبسط والقبض, وركنتم إلى الدعة ,ونجوتم من الضيق بالسعة , ومججتم ما وعيتم ,و لفظتم ما استرعيتم ,ودسعتم الذي تسوغتم ,فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعاً فإن الله لغني حميد .
ألا لقد قلت الذي قلت على معرفة مني, بالخذلة التي خامرت صدوركم , والغدرة التي استشعرتها قلوبكم ,ولكنها فيضة النفس ,وبثة الصدر, ونفثة الغيظ , وتقدمة الحجة وخَوَرُ القناة , فدونكموها فاحتقبوها ,دبرة الظهر نقبة الخف ,باقية العار وشنار الأبد ,موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة, فبعين الله ما تفعلون ,
"وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"
وأنا ابنة نذيرٍ لكم بين يدي عذاب شديد ,فاعملوا إنا عاملون, و انتظروا إنا منتظرون .


فقال لها أبو بكر: يا بنت رسول الله صدقتِ , لقد كان أبوك بالمؤمنين رءوفاً رحيماً عطوفاً كريماً ,وعلى الكافرين عقاباً عظيماً وعذاباً أليماً ً, و إن عزوناه وجدناه أباكِ دون النساء ,وأخا ابن عمك علي ٍ دون الأخلاء, آثره على كل حميم ,وساعده في كل أمر جسيم , وأنتم عترة رسول الله الطيبون الخيرة المنتجبون ,على الخير أدلتنا وإلى الجنة مسالكنا, لا يحبكم إلا سعيد عظيم السعاة ,ولا يبغضكم إلا شقي بعيد رديئ الولادة, وأنت يا خيرةَ النساء وابنة خير الأنبياء ,صادقة في قولك, سابقةٌ في وفور عقلك ,غير مصدودة عن صدقك ,ولا مردودة عن حقك, و ما عدوت رأي رسول الله ,لا عملت إلا بإذنه ,وإن الرائد لا يكذب أهله, وإني أشهد الله وكفى به شهيدا أني سمعت رسول الله ( ص ) يقول نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهباً و لا فضةً و لا داراً و لا عقاراً ,و إنما نورث الكتاب والحكمة, والعلم والنبوة ,وما تركناه من طعمةٍ فلولي الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه, وقد حكمنا , وجعلنا ما حاولته في الكراع والسلاح ,يقاتل بها المسلمون الكفار ,ويجاهدون المردة الفجار , و ذلك بإجماع من المسلمين ,لم أنفرد به وحدي ,و لم يكن الرأي ما أستبد به عندي , و هذه حالي و مالي هو لك , و بين يديكِ , يزوى عنك , و لا يدخر دونك , و أنِ سيدة نساء أمة أبيك ,و الشجرة الطيبة لبنيك , لا ينكر مالك من فضلك , و لا يوضع في فرعك و أصللك و حكمك نافذ فيما ملكت يداي فهل ترينَ أني خالفتُ بذلك أباكي ؟.

فقالت عليها السلام : سبحان الله, ما كان أبي رسول الله ( ص ) عن كتاب الله صادفاً, ولا لأحكامه مخالفاً, بل كان يقفو سوره , و يقتفي سيره , ويتبع أثره, أفتجمعون إلى الغدر ,اعتلالاً بالزور عليه ,وهذا بعد وفاته, شبيهٍ بما بغيتم له من الغوائل في حياته ,وهذا كتاب الله تعالى حكماً, عدلاً وناطقاً فصلاً , حيث قال: "وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ".
و قال:" يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ".
وبين تعالى فيما وزع من الأقساط, وشرع من الفرائض والميراث, وأباح من حظ الذكران والإناث ,ما أزاح به علل المبطلين ,وأزال التظني والشبهات في الغابرين ,كلا بل سولت لكم أنفسكم أمراً ,فصبرٌ جميل ,والله المستعان على ما تصفون.

فقال أبو بكر: صدق الله وصدق رسوله وصدقت ابنته معدن الحكمة وموطن الهدى والرحمة ,وركن الدين, وعين الحجة , ومنطق الرسالة , لا أبعد صوابك ,ولا أنكر خطابك , و لا أدلي بجوابك , و لكن هؤلاء المسلمون بيني وبينكِ ,فهم قلدوني ما تقلدت ,وباتفاقٍ منهم أخذت الذي أخذت ,و تركت الذي تركت ,غير مستبدٍ ولا مستأثرٍ ولا مكابرٍ, وهم بذلك عليه شهود.

فالتفتت فاطمة عليها السلام إلى الناس و قالت : يا معشر الناس المسرعة إلى قيلِ الباطل ,المغضيةِ على الفعل القبيح الخاسر, أفلا تتدبرون القرآن؟ أم على قلوبٍ أقفالها, كلا بل ران على
قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم , فساء ما به أشرتم , وبئس ما تأولتم , و شرٌ ما به اعتصمتم , أما و الله لتجدنَ محمله ثقيلاً, وغبهُ وبيلاً, إذا كشف لكم الغطاء , وبان ما وراء الضراء ,وبدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون, و خسر هنا لك المبطلون.
و أمهلت هنيئة ً فلم تجد(ع)مجيباً لدعوتها , و لا مغيثاً لصرختها ,فعطفت على قبر أبيها رسول الله (ص) و انكبت عليه تقول :


قـد كـان بعـدك أنبـاء و هنبثة لوكنت حاضرها لم تكثر الخطب
إنـا فقـدناك فقـد الأرضِ وابلها و اختلَ قومك لما غبت و انقلبوا
أبدى رجال ٌ لنا نجوى صدورهمُ لما مضيت و حالت دونك الكتب تجهمتنـا رجـال و استخف بنـا دهرُ , فقد أدركوا منا الذي طلبوا ضاقت علي بلادي بعدما رحبت و سيم سبطاك خسفاً فيه لي نصبُ فليت قبلك كان الموت صادفنا لما مضيت و حالت دونك التربُ قـد كـان جبريـل بالآيات يؤنسنا فغاب عنا فكـل الخيـر محتجب
و كنت بـدرا و نـورا يستضاء به عليك ينزل من ذي العـزة الكتب
فسوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت منا العيـون بتهمال لها سكـب
ثمّ انكفئت ( عليها السلام ) ، وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) يتوقع رجوعها اليه ، ويتطلع طلوعها عليه ، فلما استقرت بها الدار ، قالت : لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( يابن أبي طالب ، اشتملت شملة الجنين ، وقعدت حجرة الظنين ، نقضت قادمة [ قوادم الطير : مقادم ريشه وهي عشرة ] الاجدل [ أي الصقر ] فخانك ريش الاعزل [ العزل من الطير : ما لا يقدر على الطيران ] هذا ابن ابي قحافة يبتزني [ أي يسلبني ] نحلة أبي وبغلة [ البغلة ما يتبلغ به من العيش ] ابني ! لقد اجهد [ في بعض النسخ : اجهر ] في خصامي ، والفيته [ أي وجدته ] الد [ الالد : شديد الخصومة ] في كلامي ، حتى حبستني قيلة نصرها والمهاجرة وصلها ، وغضت الجماعة دوني طرفها ، فلا دافع ولا مانع ، خرجت كاظمة ، وعدت راغمة ، اضرعت [ ضرع : خضع وذل ] خدك يوم اضعت حدك إفترست الذئاب ، وافترشت التراب ، ما كففت قائلا ، ولا اغنيت طائلا [ أي ما فعلت شيئا نافعا ، وفي بعض النسخ : ولا اغيت باطلا : أي كففته ] ولا خيار لي ، ليتني مت قبل هنيئتي ، ودون ذلتي عذيري [ العذير بمعنى العاذر أي : الله قابل عذري ] الله منه عاديا [ أي متجاوزا ] ومنك حاميا ، ويلاي في كل شارق ! ويلاي في كل غارب ! مات العمد ، ووهن [ الوهن : الضعف في العمل او الامر او البدن ] العضد ، شكواي إلى أبي ! وعدواي [ العدوى : طلبك إلى وال لينتقم لك من عدوك ] إلى ربي ! اللهم انك اشد منهم قوة وحولا ، واشد بأسا وتنكيلا ) .
فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( لا ويل لك بل الويل لشانئك [ الشانيء : المبغض ] ثم نهنهي عن وجدك [ أي كفي عن حزنك وخففي من غضبك ] ياابنة الصفوة ، وبقية النبوة ، فما ونيت [ أي ماكللت ولا ضعفت ولا عييت ] عن ديني ، ولا اخطأت مقدوري [ أي ما تركت ما دخل تحت قدرتي أي لست قادرا على الانتصاف لك لما اوصاني به الرسول ] فان كنت تريدين البلغة ، فرزقك مضمون ، وكفيلك مأمون ، وما اعد لك اضل مما قطع عنك ، فاحتسبي الله ) .

منقول

نجمة البصره
16-11-2009, 02:25 PM
http://daralaujam.com/upload/pic/1430/11/daralaujam_22005087.gif

كتكوته
18-11-2009, 03:55 PM
مشكــــــــــــــــــــوره ع الطرح

كتكوته:11rob: