الصيف الريفي / قصة قصيرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حواء
    • Oct 2009
    • 0

    الصيف الريفي / قصة قصيرة

    الصيف الريفي / قصة قصيرة

    بقلم : خالد الجبوري


    كنت صغيرا آنذاك حين كان الصيف الريفي يلقي بأشعته الساخنة على وجوه الأحبة والنهر القريب يمنح الماء بسخاء والندى ينضح من الجرار التي كانت يحملنها نساء القرية الوادعة , كانت شمس الأصيل تطبع ألوانها البرتقالية على أوراق الشجر الحالم والطيور البرية تضع أعشاشها على أغصانها المتدلية .. وانا أصغي إلى تغريدها وأصوات القبرات كأنها تبعث الحياة , في هذا المكان الفريد , ليلة أخرى في الذاكرة لا تنسى ابدا وأقرباء جدي قد جاءوا لزيارته يقضون ليلتهم في مضيفه الساهر, وهو يحتضن القصص والحكايات كما تحتضنه أشجار النخيل الباسقات , عدة رجال جاءوا يتحدثون وينصتون إلى حديث جدي وهم يتسامرون , كان معهم فتى يكبرني سنا , كانت معه دراجة هوائية , كنت أراقبها انظر إليها متعجبا لم تفارقها عيني لحظة منذ أن جاءوا , كم حسدته لأنه يملكها ذهبت إليها خلسة رحت المسها بيدي أجسها شعرت أن لها نبضا كأنما دبت فيها الحياة أو هكذا بدا لي , مسكتها من مقودها لم اشعر بثقلها حتى حركتها فمالت من يدي إلى الأرض سمع الجميع صوتها وهي تسقط , رفع جدي صوته ليناديني , رجعت إلى مضيفة وأنا أتعثر بخطواتي قد شغلت الدراجة جلّ تفكيري , يا لها من لعبة حفظت كل جزء منها , أمست حلمي تلك الليلة عندما ذهب الجميع وذهبت معهم تلك الدراجة الصفراء, في اليوم التالي نهضت من نومي متثاقلا وحزينا لأنها تركتني أهيم بها عشقتها عشق الأطفال انظر إلى مكانها والى آثارها الملتوية على التراب وبين الحشائش كم ستبقى آثارها هناك يا ترى ؟ ذهبت إلى الجدول القريب لاغتسل بمائه الرتيب والخضرة والحشائش من حولي انظر إلى صورتي في النهر فتتراءى لي تلك الدراجة بين معاقد المياه الفضية , ففاجأني رجل من خلفي يرتدي بزة عسكرية أو هكذا خيل إلي , كان يقود دراجة صفراء أيضا ولكنها أجمل من تلك التي رأيتها البارحة مع الفتى فقال يا بني خذ هذه الدراجة والعب بها وسآتي بعد الظهر لآخذها , لم تسعني الفرحة بدأت أقودها وأنا ألهو واضحك فرحا بينما اختفى الرجل في غمرة انشغالي ولكن لا ادري إلى أين , .. انفرط الوقت سريعا كأنه عقد تناثر من جيد خيالي المنبهر .. , شاهدني الجميع وأنا أسابق الريح على ظهرها , وجاء الموعد بعد ظهر ذلك اليوم لم أتوقع انه سيأتي لقد نسيت ملامح الرجل بدأت أفكر هل سيأتي ليأخذها مني انتظرت في نفس المكان الذي كنت عنده صباحا وفاجأني أيضا هذه المرة ذلك الرجل العسكري ليأخذها مني مبتسما ليقول لي أعطني إياها ,أخذها مني وذهب بعيدا عدت إلى البيت غير مصدق فناداني جدي وقد وجدت جمعا من الناس وهم جالسون إزاءه , أين تلك الدراجة التي كانت معك ؟ قلت أخذها ذلك العسكري ! قال أي عسكري ؟ فشرحت له ما مر بي عند الصباح , تعجب الجميع فسأل جدي احدهم كم يبعد مركز الشرطة من هنا ؟ قال انه بعيد جدا.. ربما خمسة وثلاثون كيلومترا , ولكن كيف يأتي شرطي على دراجة من هناك انه لأمر غريب لم يحدث قط !, بقي الجميع صامتون متعجبون وظلت تلك الحادثة يتناقلها الناس على ألسنتهم أياما وظلت أيضا في ذاكرتي طويلا ولكن الشيء الغريب إني لم احزن كثيرا عندما اخذ ذلك الرجل الدراجة كأنما نزع حبها مني , وبعد يومين أو أكثر لا أتذكر كنا أنا وجدي جالسين على ضفة النهر , عندما سألني يا بني أتدري ؟ قلت نعم جدي ؟ قال كيف عبر ذلك الرجل العسكري كما تقول هذا النهر بتلك الدراجة ؟ ! قلت لا ادري يا جدي , فصمتنا برهة من الزمن لم يقطع صمتنا سوى أصوات الحمائم وحفيف الشجر , حتى عدنا أدراجنا إلى مضيف جدي الساهر الذي يحتضن القصص والحكايات كما تحتضنه أشجار النخيل الباسقات ..

    المصدر http://www.eatilaf.com/articles.php?action=show&id=318
  • سكون الليل
    • Nov 2008
    • 2787

    #2
    ينقل الى قسم القصص

    تعليق

    • ابو زهراء الغزي
      • Oct 2009
      • 1070

      #3
      عاشت الايادي اختي الغالية:65:

      تعليق

      يعمل...
      X