القصيدة الزينبية
هذه القصيدة المشهورة بالزينبية المنسوبة إلى الامام علي بن أبي طالب (ع) وهي من أنفس المدائح والمواعظ
صرَمتْ حبالَكَ بعد وصلِكَ زينبُ= و الدهرُ فيه تصرُّمٌ و تقُّلُب
نشرت ذوائبها التي تَزْهو بها= سودًا و رأسُكَ كالثغامةِ أشيبُ
واستنفرَتْ لمّا رأتكَ وطالما=كانت تحِنُّ إلى لِقاكَ وترغَبُ
وكذاكَ وصلُ الغانياتِ فإنَّهُ=آلٌ ببلقعةٍ وبرقٌ خُلَّبُ
فدعِ الصِّبا فلقد عَداكَ زَمانُه= و ازهَدْ فعمرُك منه ولّى الأطيبُ
ذهبَ الشبابُ فما له من عودةٍ= و أتى المشيبُ فأين منهُ المهْرَبُ
ضيفٌ ألمَّ إليك لم تحفِلْ به= فترى له أسفًا و دمعًا يَسكُبُ
دَعْ عنك ما قد فاتَ في زمنِ الصِّبا= واذكُرْ ذنوبَكَ و ابكِها يا مذنِبُ
و اخشَ مناقشةَ الحسابِ فإنه= لا بدَّ يُحْصَى ما جنيتَ و يُكْتَبُ
لم ينسَه الملَكانِ حين نسيتَه= بل أثبتاه و أنت لاهٍ تلعبُ
و الروحُ فيكَ وديعةٌ أُودِعْتَها= ستردُّها بالرغمِ منكَ و تٌسْلَبُ
و غرورُ دنياكَ التي تسعَى لها= دارٌ حقيقتُها متاعٌ يَذْهَبُ
و الليلُ فاعلمْ و النهارُ كلاهما= أنفاسُنا فيه تُعَدُّ و تُحْسَبُ
وجميعُ ما حصَّلْتَهُ و جمعْتَه= حقًّا يقينًا بعد موتِكَ يُنْهَبُ
تبًّا لدارٍ لا يدومُ نعيمُها= و مَشيدُها عما قليلٍ يُخْرَبُ
فاسمعْ هُديتَ نصائحًا أولاكَها=بَرٌّ لبيبٌ عاقلٌ متأدِّبُ
صحِبَ الزمانَ و أهلَه مستبصِرًا= و رأى الأمورَ الأمورَ بما تؤوبُ وتُعْقِبُ
أهدى النصيحةَ فاتعظْ بمقالهِ=فهو التقيُّ اللوذعيُّ الأدربُ
لا تأمنِ الدهرَ الصُّروفَ فإنَّهُ=لا زالَ قِدْمًا للرجالِ يُهذِّبُ
وكذلِكَ الأيامُ في غَدَواتِها=مَرَّتْ يذُلُّ لها الأعزُّ الأنجَبُ
فعليكَ تقوى اللهِ فالزمها تفُزْ= إنَّ التقيَّ هو البهيُّ الأهيَبُ
و اعمَلْ لطاعتِهِ تنلْ منه الرِّضا=إنَّ المطيعَ لربِّه لمُقرَّبُ
فاقنع ففي بعض القناعة راحةٌ=واليأس مما فات فهو المطلبُ
وإذا طَمَعْتَ كُسيتَ ثوبَ مذلَّةٍ=فلقد كُسِي ثوب المذلة أشعَبُ
وَاجِهْ عدوَّكَ بالتّحيّةِ لا تَكُنْ=منه زمانَكَ خائفًا تترقّبُ
واحذرْهُ يومًا إن أتى لك باسمًا=فالليثُ يبدو نابُه إذْ يَغْضَبُ
إنَّ الحَقودَ وإن تقادمَ عهدُه=فالحِقدُ باقٍ في الصدورِ مُغَيَّبُ
وإذا الصديقُ رأيتَهُ متملِّقًا=فهو العدوُّ وحقُّه يُتجنّبُ
لا خيرَ في ودِّ امرئٍ متملِّقٍ=حلوِ اللسانِ وقلبُه يتلَهَّبُ
يلقاكَ يحلفُ أنَّهُ بكَ واثقٌ=وإذا توارى عنك فهوَ العَقْرَبُ
يُعطيكَ من طرفِ اللسانِ حلاوةً=ويروغُ منكَ كما يروغُ الثعلَبُ
واخترْ قرينَكَ واصطفيهِ تفاخُرًا=إنَّ القرينَ إلى المقارِنِ يُنْسَبُ
إن الغنِيَّ من الرجالِ مُكرَّمٌ=وتراهُ يُرْجَى ما لديهِ ويُرْهَبُ
ويُبضشُّ بالترحيبِ عندَ قدومِهِ=ويُقامُ عند سلامِهِ ويُقرَّبُ
والفقرُ شَيْنٌ للرجالِ فإنَّهُ=يُزْري به الشهمُ الأريبُ الأنسبُ
و اخفِضْ جناحَكَ للأقارِبِ كلّهم= بتذلُّلٍ و اسمحْ لهم إن أذنبوا
وَدَعِ الكّذوبَ فلا يكنْ لكَ صاحبًا=إنَّ الكَذوبَ لبئسَ خِلاًّ يُصْحَبُ
وذرِ الحسودَ ولو صفا لك مرَّةً=أبعِدْهُ عن رؤياكَ لا يُسْتَجْلَبُ
وزنِ الكلامَ إذا نطقتَ ولا تكنْ=ثرثارةً في كلَّ نادٍ تَخطُبُ
واحفظْ لسانَكَ واحترِزْ من لفظِهِ=فالمرءُ يَسْلَمُ باللِّسانِ ويُعْطَبُ
والسرَّ فاكتمْهُ ولا تنطِقْ بهِ=فهو الأسيرُ لديك إذْ لا يُنْشَبُ
واحْرِصْ على حفظِ القلوبِ من الأذى=فرجوعُها بعد التنافُرِ يَصْعُبُ
إنَّ القلوبَ إذا تنافرَ ودُّها=شِبهُ الزجاجةِ كَسْرُها لا يُشْعَبُ
و كذاك سرُّ المرءِ إن لم يَطْوِه=نشرَتْهُ ألْسِنةٌ تزيدُ وتكْذِبُ
لا تحرِصنْ فالحِرصُ ليس بزائدٍ=في الرزقِ بل يُشْقي الحريصَ ويُتعِبُ
ويظلُّ ملهوفًا يرومُ تحيُّلاً=والرزقُ ليس بحيلةٍ يُستجلَبُ
كم عاجزٍ في الناس يُؤْتَى رزقُهُ=رَغدًا ويُحرَمُ كَيِّسٌ ويُخيَّبُ
أدِّ الأمانةَ ، و الخيانةَ فاجتنبْ= و اعدِلْ و لا تظلم يَطيبُ المكسبُ
وإذا بُليتَ بنكبةٍ فاصبرْ لها=مَنْ ذا رأيتَ مسلِّمًا لا يُنْكَبُ
وإذا أصابَكَ في زمانِك شِدَّةٌ=وأصابكَ الخطبُ الكريهُ الأصعَبُ
فادعو لربّك إنه أدنى لمنْ=يدعوهُ من حبلِ الوريدِ وأقربُ
كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزلٍ=إنَّ الكثيرَ من الورى لا يُصْحَبُ
واجعلْ جليسَكَ سيَّدًا تحظَى به=حَبْرٌ لبيبٌ عاقلٌ متأدَّبُ
واحذرْ من المظلومِ سهمًا صائبًا=واعلمْ بأنَّ دعاءَه لا يُحجَبُ
و إذا رأيتَ الرزقَ ضاقَ ببلدَةٍ=وخشيتَ فيها أن يضيقَ المكسَبُ
فارحَلْ فأرضُ الله واسعةُ الفَضا=طولاً وعرضًا شرقُها و المغربُ
فلقد نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي=فالنصحُ أغلى ما يباعُ و يوهَبُ
خُذها إليك قصيدةً منظومةً=جاءت كنَظمِ الدُّرِّ بل هي أعجَبُ
حِكَمٌ وآدابٌ وجُلُّ مواعِظٍ=أمثالُها لذوي البصائرِ تُكْتَبُ
فاصِخْ لوعظِ قصيدةٍ أولاكَهَا=طودُ العُلوم الشامخات الأهيبُ
أعني عليًّا وابن عمِّ محمدٍ=من نالهُ الشرفُ الرفيعُ الأنسبُ
يا ربِّ صَلِّ على النبيِّ وآلِهِ=عددَ الخلائقِ حصرُها لا يحسبُ
صرَمتْ حبالَكَ بعد وصلِكَ زينبُ= و الدهرُ فيه تصرُّمٌ و تقُّلُب
نشرت ذوائبها التي تَزْهو بها= سودًا و رأسُكَ كالثغامةِ أشيبُ
واستنفرَتْ لمّا رأتكَ وطالما=كانت تحِنُّ إلى لِقاكَ وترغَبُ
وكذاكَ وصلُ الغانياتِ فإنَّهُ=آلٌ ببلقعةٍ وبرقٌ خُلَّبُ
فدعِ الصِّبا فلقد عَداكَ زَمانُه= و ازهَدْ فعمرُك منه ولّى الأطيبُ
ذهبَ الشبابُ فما له من عودةٍ= و أتى المشيبُ فأين منهُ المهْرَبُ
ضيفٌ ألمَّ إليك لم تحفِلْ به= فترى له أسفًا و دمعًا يَسكُبُ
دَعْ عنك ما قد فاتَ في زمنِ الصِّبا= واذكُرْ ذنوبَكَ و ابكِها يا مذنِبُ
و اخشَ مناقشةَ الحسابِ فإنه= لا بدَّ يُحْصَى ما جنيتَ و يُكْتَبُ
لم ينسَه الملَكانِ حين نسيتَه= بل أثبتاه و أنت لاهٍ تلعبُ
و الروحُ فيكَ وديعةٌ أُودِعْتَها= ستردُّها بالرغمِ منكَ و تٌسْلَبُ
و غرورُ دنياكَ التي تسعَى لها= دارٌ حقيقتُها متاعٌ يَذْهَبُ
و الليلُ فاعلمْ و النهارُ كلاهما= أنفاسُنا فيه تُعَدُّ و تُحْسَبُ
وجميعُ ما حصَّلْتَهُ و جمعْتَه= حقًّا يقينًا بعد موتِكَ يُنْهَبُ
تبًّا لدارٍ لا يدومُ نعيمُها= و مَشيدُها عما قليلٍ يُخْرَبُ
فاسمعْ هُديتَ نصائحًا أولاكَها=بَرٌّ لبيبٌ عاقلٌ متأدِّبُ
صحِبَ الزمانَ و أهلَه مستبصِرًا= و رأى الأمورَ الأمورَ بما تؤوبُ وتُعْقِبُ
أهدى النصيحةَ فاتعظْ بمقالهِ=فهو التقيُّ اللوذعيُّ الأدربُ
لا تأمنِ الدهرَ الصُّروفَ فإنَّهُ=لا زالَ قِدْمًا للرجالِ يُهذِّبُ
وكذلِكَ الأيامُ في غَدَواتِها=مَرَّتْ يذُلُّ لها الأعزُّ الأنجَبُ
فعليكَ تقوى اللهِ فالزمها تفُزْ= إنَّ التقيَّ هو البهيُّ الأهيَبُ
و اعمَلْ لطاعتِهِ تنلْ منه الرِّضا=إنَّ المطيعَ لربِّه لمُقرَّبُ
فاقنع ففي بعض القناعة راحةٌ=واليأس مما فات فهو المطلبُ
وإذا طَمَعْتَ كُسيتَ ثوبَ مذلَّةٍ=فلقد كُسِي ثوب المذلة أشعَبُ
وَاجِهْ عدوَّكَ بالتّحيّةِ لا تَكُنْ=منه زمانَكَ خائفًا تترقّبُ
واحذرْهُ يومًا إن أتى لك باسمًا=فالليثُ يبدو نابُه إذْ يَغْضَبُ
إنَّ الحَقودَ وإن تقادمَ عهدُه=فالحِقدُ باقٍ في الصدورِ مُغَيَّبُ
وإذا الصديقُ رأيتَهُ متملِّقًا=فهو العدوُّ وحقُّه يُتجنّبُ
لا خيرَ في ودِّ امرئٍ متملِّقٍ=حلوِ اللسانِ وقلبُه يتلَهَّبُ
يلقاكَ يحلفُ أنَّهُ بكَ واثقٌ=وإذا توارى عنك فهوَ العَقْرَبُ
يُعطيكَ من طرفِ اللسانِ حلاوةً=ويروغُ منكَ كما يروغُ الثعلَبُ
واخترْ قرينَكَ واصطفيهِ تفاخُرًا=إنَّ القرينَ إلى المقارِنِ يُنْسَبُ
إن الغنِيَّ من الرجالِ مُكرَّمٌ=وتراهُ يُرْجَى ما لديهِ ويُرْهَبُ
ويُبضشُّ بالترحيبِ عندَ قدومِهِ=ويُقامُ عند سلامِهِ ويُقرَّبُ
والفقرُ شَيْنٌ للرجالِ فإنَّهُ=يُزْري به الشهمُ الأريبُ الأنسبُ
و اخفِضْ جناحَكَ للأقارِبِ كلّهم= بتذلُّلٍ و اسمحْ لهم إن أذنبوا
وَدَعِ الكّذوبَ فلا يكنْ لكَ صاحبًا=إنَّ الكَذوبَ لبئسَ خِلاًّ يُصْحَبُ
وذرِ الحسودَ ولو صفا لك مرَّةً=أبعِدْهُ عن رؤياكَ لا يُسْتَجْلَبُ
وزنِ الكلامَ إذا نطقتَ ولا تكنْ=ثرثارةً في كلَّ نادٍ تَخطُبُ
واحفظْ لسانَكَ واحترِزْ من لفظِهِ=فالمرءُ يَسْلَمُ باللِّسانِ ويُعْطَبُ
والسرَّ فاكتمْهُ ولا تنطِقْ بهِ=فهو الأسيرُ لديك إذْ لا يُنْشَبُ
واحْرِصْ على حفظِ القلوبِ من الأذى=فرجوعُها بعد التنافُرِ يَصْعُبُ
إنَّ القلوبَ إذا تنافرَ ودُّها=شِبهُ الزجاجةِ كَسْرُها لا يُشْعَبُ
و كذاك سرُّ المرءِ إن لم يَطْوِه=نشرَتْهُ ألْسِنةٌ تزيدُ وتكْذِبُ
لا تحرِصنْ فالحِرصُ ليس بزائدٍ=في الرزقِ بل يُشْقي الحريصَ ويُتعِبُ
ويظلُّ ملهوفًا يرومُ تحيُّلاً=والرزقُ ليس بحيلةٍ يُستجلَبُ
كم عاجزٍ في الناس يُؤْتَى رزقُهُ=رَغدًا ويُحرَمُ كَيِّسٌ ويُخيَّبُ
أدِّ الأمانةَ ، و الخيانةَ فاجتنبْ= و اعدِلْ و لا تظلم يَطيبُ المكسبُ
وإذا بُليتَ بنكبةٍ فاصبرْ لها=مَنْ ذا رأيتَ مسلِّمًا لا يُنْكَبُ
وإذا أصابَكَ في زمانِك شِدَّةٌ=وأصابكَ الخطبُ الكريهُ الأصعَبُ
فادعو لربّك إنه أدنى لمنْ=يدعوهُ من حبلِ الوريدِ وأقربُ
كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزلٍ=إنَّ الكثيرَ من الورى لا يُصْحَبُ
واجعلْ جليسَكَ سيَّدًا تحظَى به=حَبْرٌ لبيبٌ عاقلٌ متأدَّبُ
واحذرْ من المظلومِ سهمًا صائبًا=واعلمْ بأنَّ دعاءَه لا يُحجَبُ
و إذا رأيتَ الرزقَ ضاقَ ببلدَةٍ=وخشيتَ فيها أن يضيقَ المكسَبُ
فارحَلْ فأرضُ الله واسعةُ الفَضا=طولاً وعرضًا شرقُها و المغربُ
فلقد نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي=فالنصحُ أغلى ما يباعُ و يوهَبُ
خُذها إليك قصيدةً منظومةً=جاءت كنَظمِ الدُّرِّ بل هي أعجَبُ
حِكَمٌ وآدابٌ وجُلُّ مواعِظٍ=أمثالُها لذوي البصائرِ تُكْتَبُ
فاصِخْ لوعظِ قصيدةٍ أولاكَهَا=طودُ العُلوم الشامخات الأهيبُ
أعني عليًّا وابن عمِّ محمدٍ=من نالهُ الشرفُ الرفيعُ الأنسبُ
يا ربِّ صَلِّ على النبيِّ وآلِهِ=عددَ الخلائقِ حصرُها لا يحسبُ
تعليق