المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الزهراء (ع) قبس من نور الرسالة


عاشقة النور
30-12-2009, 11:34 PM
• لماذا الحديث عن أهل البيت عليهم السلام ؟ وهل يعدو كونه تاريخًا مضى؟ سؤال ردَّده بعضهم بصيغٍ مختلفة.
نحن إذا نظرنا إلى أهل البيت (ع) نجدهم يمثّلون الحق، والحق لا يؤرّخ ، وحديثنا عنهم هو حديثٌ عن القيم الإسلامية والمبادئ الإنسانية، مضافًا إلى أنَّ القرآن قد تحدَّث عن تأريخ الماضين، وأكثر من الحديث عن الأنبياء والمرسلين (ع) ، فلو كان إشكال فليوجّه للكتاب العزيز، وهذا ما لا يلتزم به مسلم.
وقد تقول: لماذا الاقتداء؟ ألا يكفي أن ننظر في الكتاب والسنة ونطبّق ما فيهما من أوامر ونواهي؟ أو ليس "حسبنا كتاب الله".
في الواقع إنَّ للفكرة عمق وقيمة، ويكمن ذلك في تجربتها وإيقاعها في حركة الحياة، وتجسيد الفكرة بالمقتدى ينفي احتمال خياليتها، ويخرجها إلى الواقع الخارجي، ويعطيها مداها الواسع.
فإن قيل: بأنَّ الزهراء (ع) امرأة فكيف يقتدي بها الرجل؟ وهل تعطيه أنموذجًا للاقتداء؟ ولماذا نقيم المجالس لها؟ ألا يكفي أن تتولى النساء ذلك؟.
ويجاب على ذلك: بأنَّ الزهراء (ع) عندما تُطرح قدوةً للمسلمين فهي تُطرح بسلوكها الإسلامي وبشخصيتها الإنسانية، ولا فرق بين الرجل والمرأة.
وإن قلت: لماذا الاهتمام البالغ بالزهراء (ع) ؟ ألم تكن غيرها من النساء محلاًّ للاقتداء؟.
قيل في ذلك: صحيحٌ أنّنا نمتلك في تأريخنا الإسلامي نساءً عظيمات وقفن مواقف مشرّفة، لكن غير الزهراء (ع) لا يمكن التأسي به إلا في بعض المجالات، وإذا بحثنا عن الاقتداء المطلق في النساء لا نجده في نساء الأمّة عند غير الزهراء (ع) ، فهي المثل الكامل للمرأة في كلّ أطوارها وأدوارها، وأم أئمة المسلمين، وإن كان هذا يحمل سرًّا في نفسها.
• موقع الزهراء (ع) بين النساء
هي سيدة النساء على الإطلاق، فهي في لسان أبيها (ص) : "سيدة نساء أهل الجنّة"، و"سيدة نساء العالمين" و"سيدة نساء المؤمنين" و"سيدة نساء هذه الأمّة"، ولمّا سألته: فأين مريم ابنة عمران؟ قال: "تلك سيدة نساء عالمها، وأنتِ سيدة نساء عالمكِ، أما واللهِ زوجتكِ سيدًا في الدنيا والآخرة"، فهذه الرواية تنفي سيادة مريم (ع) عليها، ومن المعلوم أنَّ العالم الإسلامي خير ممن كان قبله، مع ما بين الاصطفاء والسيادة من الفرق، فالاصطفاء يعني الاختيار لمهمّة خاصّة، بينما السيادة تعني الزعامة العامّة، فآية اصطفاء مريم (ع) لا تنفي سيادة الزهراء (ع) .
ولكن كيف وصلت الزهراء (ع) لموقع السيادة على كافة النساء؟
يكمن السرّ في كلمة الإمام الكاظم (ع) : "إنَّ فاطمةً صدِّيقةٌ شهيدةٌ"، والظاهر من ضمّ الكلمتين مع بعضهما أنّ المراد شهادتها على الأمّة يوم القيامة، وهذا من مقامات الأنبياء والأولياء والصالحين، قال تعالى: وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَالنساء:69، وقال سبحانه: وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًاالنحل:84، ومرتبة الشهادة تأتي بعد إتمام مرتبة الصدق التي تعني التطابق التام بين الأقوال والأفعال، بتطبيق كلمة التوحيد والالتزام بها في جميع شؤونه، وإلى ذلك أشارت في خطبتها الفدكية المشهورة:"وأشهد أن لا إله إلا الله، كلمةً جعل الإخلاص تأويلها، وضمّن في القلوب موصولها، وأنار في التفكّر معقولها"، فإذا وصل المرء إلى ذلك كان رضاه وغضبه وأمره ونهيه مطابقًا لرضا الله وغضبه وأمره ونهيه، فيرضى لرضاه ويغضب لغضبه، وهكذا نفهم قول الرسول الكريم (ع) : "إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها"، وهذا الكلام أثار حفيظة بعض المسلمين أيام الإمام الصادق (ع) ، فقد نقل في مسند فاطمة عن الصدوق في الأمالي قال: حدثنا أبو ذر يحيى بن زيد بن العبّاس بن الوليد البزّاز الكوفي، قال: حدثني عمي علي بن العبّاس قال: حدثنا علي بن المنذر، قال حدثنا عبدالله بن سالم عن حسين بن زيد بن علي بن عمر بن علي بن أبي طالب عن رسول الله (ص) قال: "يا فاطمة إنَّ الله ليغضب لغضبك ويرضى لرضاك"، قال: فجاء "صَنْدَل" قال لجعفر بن محمد (ع) : "يا أبا عبدالله، إن هؤلاء الشبّان يجيئون عنك بأحاديث منكرة".
فقال له جعفر (ع) : "وما ذاك يا صندل؟".
قال: "جاءنا عنك أنك حدثتهم: أنَّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها".
قال: فقال جعفر (ع) : "ألستم تروون في ما تروون أن الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب المؤمن ويرضى لرضاه؟".
قال: "بلى".
قال: فقال: "فما تنكرون أن تكون فاطمة مؤمنة، يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها؟!".
قال: فقال: "الله أعلم حيث يجعل رسالته".
ولا نملك إلا أن نقول ـ تعليقًا على هذه الرواية ـ: بأنّا قد تعوّدنا من القوم اختلال الموازين إذا كان الحديث عن واحد من أهل البيت (ع) وليس ذلك بالأمر الجديد.
السرّ في عصمة الزهراء (ع) وطهارتها
عادة المرأة أن تعيش حالة النرجسية وتتحرك في إطار "الأنا"، بينما لم تعش الزهراء (ع) لحظة واحدة لنفسها، ولا لذاتها، بل كل حركتها للإسلام والرسالة، هكذا نفهم مطالبتها لفدك وصراعها مع من سلّم بأنها صادقة مصدّقة يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها.
والعصمة درجة نتجت عن السعي المرضي، وليس ابتداءً وبلا عمل وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىالنجم:39، فكانت:
العابدة: وعبادتها تتحرك من وجدانها، وهي أوّل من نطق بأسرار التشريعات الإسلامية، وكان ذلك منها في خطبتها الفدكية الشهيرة، وهي القائلة لابنها: "بني الجار ثم الدار"، فلم تعش العزلة في عبادتها ولا الجمود، قال الحسن البصري: "ما كان في هذه الأمة أعبد من فاطمة، كانت تقوم حتى تتورّم قدماها"، لذلك فهي تُزهر لأهل السماء كما يزهر الكوكب لأهل الأرض إذا قامت في محرابها بين يدي ربّها، وقد ورد ذلك أيضًا في المؤمن العادي الذي يعتاد على صلاة الليل، فهل ينكر أحد أن تكون فاطمة الزهراء (ع) امرأةٌ مؤمنة كي يعارض كونها تزهر لأهل السماء؟ نعم ثمّة فارق بين النورين للفارق بين الإيمانين، وخير دليلٍ على ذلك العطاء في العبادة "تسبيح الزهراء".
العالمة: فهي أول كاتبة في الإسلام، وتركت وراءها مجموعة صحائف عُرف فيما بعد بـ"مصحف فاطمة"، ولم يصلنا بسبب ظلم الظالمين، بل هو محفوظ عند أولادها من الأئمة (عليهم السلام)، وهو أحد مصادر علمهم، وبلغ من اهتمامها بالعلم أن قالت لخادمتها وقد أضاعت لها صحيفة: "ويلك اطلبيها فإنها تعدل عندي حسنًا وحسينا، هذا تراث رسول الله"، وكانت تجلس لتعليم النساء المسلمات في حلقات العلم في بيتها يختلفن إليها ليسألنها عن معالم الدين.
حضورها الاجتماعي: مرّضت أباها رسول الله (ص) في محنته يوم "أحد"، وكانت تستقي لضعفه جيرانها، وقال عنها بعلها لأبيها ( عليها وآلهما صلوات الله ): "طحنت بالرحى حتى مُجلت يداها، وأثّر في صدرها، وكنست البيت حتى اغبرّت ثيابها....".
وقالت هي لأبيها ( عليهما وآلهما صلوات الله ) : "والذي بعثك بالحق نبيا ما لي ولعلي منذ خمس سنين إلا كبش نفترشه بالليل ونعلف عليه بعيرنا في النهار، وإنّ مخدتنا حشوها ليف".
فقال: "يا بنتاه تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة".
• صور من الاقتداء بالزهراء (ع)
مع أبيها: ولدت في العشرين من جمادى الآخرة بعد البعثة بخمس سنين، وليس قبلها كما حاول بعض المغرضين إثبات ولادتها قبل البعثة كيما تنتفي كرامة انعقاد نطفتها من ثمار الجنّة، ونحن نقول فد انعقدت نطفتها من طعام الجنّة، وندعو في يوم ولادتها لتفعيل ما دعا إليه بعض أعلامنا الماضين من اتخاذ يوم ولادتها يومًا لعيد الأم، لأنها كما كانت أمّ أئمة المسلمين، كانت أم أبيها.
كيف كانت "أم أبيها"؟
رحلت أمها خديجة الكبرى (ع) ولها من العمر آنذاك خمس سنوات وأشهر، فتعاملت مع أبيها كما تتعامل الأم مع وليدها، لا ينقصها شيء من الحنان، فكانت رساليةً في طفولتها، تزيل عن أبيها آلامه، وتحتضنه بين ذراعيها، وتضمّه إلى صدرها، وبقيت هذه العلاقة تكبر معها، قالت عائشة: "ما رأيت أحدًا كان أشبه كلامًا وسمتًا وهديًا ودلاً برسول الله من فاطمة، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها فقبّلها وأجلسها في مجلسه، وكانت إذا دخل عليها قامت فأخذت بيده فقبلتها وأجلسته في مجلسها"، فهي مثله خَلقًا وخُلقًا.
هكذا نقرأ أنها أقبلت ما تُخطي مشيتها مشية رسول الله (ص) يوم خطبت خطبتها الفدكية المشهورة، مما ينبئك عن الاندماج بينهما، ولذا تراه إذا رجع من غزوة أو سفر أتي المسجد وصلى ركعتين شكرًا وثنّى ببيت فاطمة، ثم يأتي أزواجه، وكان إذا سافر آخر الناس به عهدًا فاطمة، وأول الناس به عهدًا فاطمة.
وأسند في الاستيعاب قائلاً: "سئُلت عائشة أم المؤمنين أي الناس كان أحبّ إلى رسول الله (ص) ؟".
قالت: "فاطمة".
قلت: "من الرجال؟".
قالت: "زوجها، إن كان ما علمته صوّامًا قوامًا".
وقد ملكت ستارًا كانت سترت به بابها، وسوارين كانت قد لبستهما، وقد زارها أبوها (صلى الله عليه وآله) كعادته عند رجوعه من أيِّ سفرٍ ينشؤه، فرأت التغير في وجهه، وأنه لم يُطل المكث كما هي عادته، فعرفت ما في نفسه، فدفعتهما إليه مع ولديها الحسنين (ع) من فوردها، فاستبشر أبوها (ص) وقال: "فعلت؟! فداها أبوها، فداها أبوها، فداها أبوها، ما لآل محمد وللدنيا، فإنهم خُلقوا للآخرة".
وسألتها سائلة فقطعت قلادتها ودفعها إليها، فقال (ع) : "أنت مني، إتني يا فاطمة".
مع زوجها علي (ع)
ورد عن الإمام الصادق (ع) عن جدّه المصطفى (ص) : "لو لا أن الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين لفاطمة ما كان لها كفؤ على وجه الأرض".
وقال: "لو لا علي لما كان لفاطمة كفؤ".
وقالت له: "ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عرفتني"، فأجابتها: "أنتِ أبرّ وأتقى وأعرف بالله من أن أوبّخك في شيء من ذلك".
وقال: "كلما نظرت إلى وجه فاطمة انقشعت عني الهموم".
وقال: "ما أغضبتها مدة حياتي معها، ولم تغضبني، ولم تعصِ أمري مدة حياتي معها"، هذا هو الانسجام الكامل الذي خلق شخصيات أئمة المسلمين.
ختامًا
إنْ كان من يلتزم بالقرآن في أوامره ونواهيه نسميه عظيمًا، فماذا نسمي من ينزل القرآن في شأنه ويثني عليه؟
نحن نقرأ شخصية الزهراء (ع) في سورة الإنسان: إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا  عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا  يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا  وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا  إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا5-9، وفي سورة
آل عمران: فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ61، وفي سورة الأحزاب:  إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا33، وهذا مفهومٌ قرأني واختيارٌ نبوي طبّقه الرسول (ص) علي بيتٍ فيه فاطمة الزهراء.
فحقَّ لنا نقف لنقتدي بها، فنعقد المجالس لشأنها، ولئن كان نقصٌ فهو من ضعفنا في التطبيق، أو لأن بعضنا أراد أن يعيش مع الزهراء في المسجد أو الحسينية، أو يلتقي بها في مجلسٍ أو كتاب، ولا يدعوها إلى بيته لتصلحه، ولا إلى عقله لتنيره، ولا إلى قلبه لتهديه...
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين والحمد لله رب العالمين

"عاشقة النور"

كوثر المحبة
31-12-2009, 12:35 AM
مشكوــوــره ع الطرح ربي يعطيكـ آآآآآآآآآلفـ آآآآآآآآآآآآآلفـ ع ـــآآآآآآآآآآآآآآآفيهـ

*llعاشقة الزهـراءll*
31-12-2009, 10:14 PM
:65::a::65::a::65:
احسنتِ
يانجمه المنتدى
موضوع واختياار موفق منكِ
سلمت يداكِ وحشرتِ مع مولاتنا الزهرااء..سلام الله عليهاا
وفقتِ لكل خير
:65::a::65::a::65:

عاشقة النور
31-12-2009, 11:53 PM
يسلموووووو على المرور

الله لايحرمنا منكم

"عاشقة النور"