:s:أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام
ثاني أئمة أهل البيت الطاهر و أول السبطين سيدي شباب أهل الجنة ريحانتي المصطفى و أحد الخمسة أصحاب العباء. أمه فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله سيدة نساء العالمين.
مولده الشريف
ولد بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان على الصحيح المشهور بين الخاصة و العامة »و قيل«في شعبان و لعله اشتباه بمولد أخيه الحسين عليهالسلام سنة ثلاث أو اثنتين من الهجرة و قيل غير ذلك و لكن المشهور الأثبت أحد هذين.و هو أول أولاد علي و فاطمة عليهماالسلام.
فلما ولد الحسن قالت فاطمة لعلي سمه فقال ما كنت لأسبق باسمه رسول الله صلىاللهعليهوآله فجاء النبي صلىاللهعليهوآله فأخرج إليه فقال: اللهم إني أعيذه بك و ولده من الشيطان الرجيم و أذن في أذنه اليمنى و أقام في اليسرى و في أسد الغابة عن أبي أحمد العسكري سماه النبي صلىاللهعليهوآله حسنا و لم يكن يعرف هذا الاسم في الجاهلية.
و روى الكليني بسنده عن الصادق عليهالسلام قال عق رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الحسن بيده و قال باسم الله عقيقة عن الحسن و قال اللهم عظمها بعظمه و لحمها بلحمه و دمها بدمه و شعرها بشعره اللهم اجعلها وقاء لمحمد و آله )و في رواية( عق عنه بكبشين أملحين.و لعل الرواية أنه عق عن الحسن و الحسين بكبشين أملحين كما في طبقات ابن سعد من أنه عق عنهما بكبشين فوقع اشتباه في النقل، و أعطى القابلة فخذا و دينارا و حلق رأسه و أمر أن يتصدق بزنة شعره فضة فكان وزنه درهما و شيئا و قيل بل أمر أمه أن تفعل ذلك قال ابن الصباغ فصارت العقيقة و التصدق بوزن الشعر سنة مستمرة عند العلماء بما فعله النبي صلىاللهعليهوآله في حق الحسن و طلى رأسه بالخلوق و قال الدم فعل الجاهلية ، و في أسد الغابة بسنده عن أم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب أنها قالت يا رسول الله رأيت كان عضوا من أعضائك في بيتي قال خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فترضعينه بلبن قثم فولدت الحسن فأرضعته بلبن قثم.
كنيته
أبو محمد لا غير كناه به النبي صلىاللهعليهوآله كما في أسد الغابة عن أبي أحمد العسكري .
لقبه
أشهر ألقابه: التقي و الزكي و السبط.
نقش خاتمه
في الفصول المهمة : )العزة لله وحده( و في الوافي و غيره عن الرضا عليهالسلام )العزة لله( و في عنوان المعارف للصاحب بن عباد )الله أكبر و به أستعين( و في الوافي و غيره عن الصادق عليهالسلام أن نقش خاتم الحسن و الحسين عليهماالسلام )حسبي الله( .
بوابه
سفينة مولى رسول الله صلىاللهعليهوآله.
ملك عصره- معاوية.
أولاده
كان له خمسة عشر ولدا ما بين ذكر و أنثى و هم: زيد، أم الحسن، أم الحسين، أمهم أم بشير بنت أبي مسعود الخزرجية. الحسن، أمه خولة بنت منضور الفزارية. عمر. القاسم عبد الله، أمهم أم ولد. عبد الرحمن، أمه أم ولد. الحسين الملقب بالأثرم. طلحة، فاطمة أمهم أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمي. أم عبد الله. فاطمة. أم سلمة. رقية، لأمهات شتى و لم يعقب منهم غير الحسن و زيد.
صفته عليهالسلام في خلقه و حليته
عن الغزالي في الإحياء و المكي في قوت القلوب أن النبي صلىاللهعليهوآله قال للحسن عليهالسلام أشبهت خلقي و خلقي. و قال المفيد في الإرشاد كان الحسن عليهالسلام أشبه الناس برسول الله صلىاللهعليهوآله خلقا و هيئة و هديا و سؤددا. و في أسد الغابة بسنده عن أنس بن مالك لم يكن أحد أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله من الحسن بن علي و روى البغوي الحسين بن مسعود في كتابه مصابيح السنة عن أنس بن مالك مثله و زاد: و قال في الحسين أيضا كان أشبههم برسول الله صلىاللهعليهوآله.
)أقول( قال ذلك أنس لما رأى رأس الحسين عليهالسلام بين يدي ابن زياد. و الجمع بين الحديثين يقتضي أن يكون الحسن أشبه الناس به ما عدا الحسين ، و الحسين أشبه به ما عدا الحسن و حاصله أنه لم يكن أحد أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله منهما عليهالسلام و قد يجمع بينهما بما رواه أحمد بن حنبل في مسنده بسنده عن علي عليهالسلام أنه قال الحسن أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله ما بين الصدر إلى الرأس و الحسين أشبه ما أسفل من ذلك )اه( و يمكن أن يجمع بينهما بأن الحسن كان في حياته أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله من أخيه الحسين و من جميع الناس و بعد وفاة الحسن عليهالسلام صار الحسين عليهالسلام أشبه بجده من بقية الناس و حاصله أن الحسين أشبه به صلىاللهعليهوآله بعد الحسن.
صفته في أخلاقه و أطواره
ذكر غير واحد من العلماء أن الحسن عليهالسلام كان من أوسع الناس صدرا و أسجحهم خلقا.و قال المدائني : كان الحسن عليهالسلام أكبر ولد علي و كان سيدا سخيا حليما و كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يحبه.
و روى الصدوق في الأمالي بإسناده عن الصادق عن أبيه عن جده عليهالسلام أن الحسن بن علي بن أبي طالب كان أعبد الناس في زمانه و أزهدهم و أفضلهم و كان إذا حج حج ماشيا و ربما مشى حافيا، و لا يمر في شيء من أحواله إلا ذكر الله سبحانه و كان أصدق الناس لهجة و أفصحهم منطقا و كان إذا بلغ باب المسجد رفع رأسه و يقول إلهي ضيفك ببابك يا محسن قد أتاك المسيء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم. و عن الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش .روت زينب بنت أبي رافع قالت أتت فاطمة عليهاالسلام بابنيها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله في شكواه التي توفي فيها فقالت يا رسول الله هذان ابناك فورثهما شيئا فقال أما حسن فإن له هيبتي و سؤددي و أما حسين فإن له جرأتي و جودي )اه( . قال الطبرسي في إعلام الورى : و يصدق هذا الخبر ما رواه محمد بن إسحاق قال: ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ما بلغ الحسن بن علي كان يبسط له على باب داره فإذا خرج و جلس انقطع الطريق فما يمر أحد من خلق الله إجلالا له فإذا علم قام و دخل بيته فيمر الناس قال الراوي: و لقد رأيته في طريق مكة نزل عن راحلته فمشى فما من خلق الله أحد إلا نزل و مشى حتى رأيت سعد بن أبي وقاص قد نزل و مشى إلى جنبه.
فضائل الحسن و الحسين عليهماالسلام
)أما شرف النسب( فكفاهما أن جدهما محمد المصطفى سيد ولد آدم صلىاللهعليهوآله و أبوهما علي المرتضى سيد الأوصياء و أمهما فاطمة البضعة الزهراء سيدة النساء.و جدتهما خديجة بنت خويلد أول نساء هذه الأمة إسلاما و أول امرأة بذلت أموالها في سبيل الله و أعانت رسول الله صلىاللهعليهوآله جهدها على تبليغ رسالته و خففت من آلامه لأذى قومه.
و عمهما جعفر و عم أبيهما حمزة أسد الله و أسد رسوله صلىاللهعليهوآله و سيد الشهداء و جدهما أبو طالب ناصر رسول الله صلىاللهعليهوآله و المدافع عنه و المتحمل الأذى في سبيله.و جد أبيهما عبد المطلب شيبة الحمد و سيد البطحاء .و جد جدهما هاشم مطعم الحجيج و هاشم الثريد و سيد قريش :
شرف تورث كابرا عن كابر كالرمح انبوبا على انبوبخير الفروع فروعهم و أصولهم خير الأصول
و قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: إن الله تعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة و جعل ذريتي من صلب علي بن أبي طالب )اه( فكانت ذريته صلىاللهعليهوآله منحصرة في الحسن و الحسين و ابنائهما.
و روى النسائي في الخصائص و ابن عبد البر في الإستيعاب بالإسناد عن أبي سعيد الخدري في حديث قال رسول الله صلىاللهعليهوآله الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة.
و روى النسائي بسنده عن أنس بن مالك قال: دخلت أو ربما دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله و الحسن و الحسين ينقلبان على بطنه و يقول ريحانتاي من هذه الأمة.
شدة حب النبي صلىاللهعليهوآله لهما و وجوب محبتهما على كل واحد و أن حبهما حب رسول الله صلىاللهعليهوآله و أن بغضهما بغضه.
قال المفيد في الإرشاد و كانا حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله بين جميع أهله )و روى( الترمذي في صحيحه بسنده عن أنس بن مالك سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله أي أهل بيتك أحب إليك قال الحسن و الحسين و كان يقول لفاطمة أدعي لي ابني فيشمهما و يضمهما إليه.
)و روى( النسائي في الخصائص بسنده عن أسامة بن زيد عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال في الحسن و الحسين عليهماالسلام و هما على وركيه هذان ابناي و ابنا ابنتي اللهم إنك تعلم إني أحبهما فأحبهما )و رواه( في أسد الغابة بسنده عن النبي صلىاللهعليهوآله مثله. و في الإستيعاب : روي عن النبي صلىاللهعليهوآله من وجوه أنه قال في الحسن و الحسين اللهم إني أحبهما فأحبهما و أحب من يحبهما »و في الإصابة« و عن أحمد من طريق عبد الرحمن بن مسعود عن أبي هريرة خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآله و معه الحسن و الحسين هذا على عاتقه و هذا على عاتقه و هو يلثم هذا مرة و هذا مرة حتى انتهى إلينا فقال من أحبهما فقد أحبني و من أبغضهما فقد أبغضني و قال صلىاللهعليهوآله من أحب الحسن و الحسين أحببته و من أحببته أحبه الله و من أحبه الله أدخله الجنة و من أبغضهما أبغضته و من أبغضته أبغضه الله و من أبغضه الله أدخله النار.
جوامع مناقبهما
روي أن الحسن و الحسين عليهماالسلام مرا على شيخ يتوضأ و لا يحسن الوضوء فأظهرا تنازعا يقول كل منهما للآخر أنت لا تحسن الوضوء و قالا أيها الشيخ كن حكما بيننا فتوضأ و قالا أينا يحسن الوضوء فقال الشيخ كلاكما تحسنان الوضوء و لكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يحسن و قد تعلم الآن منكما و تاب على يديكما ببركتكما و شفقتكما على أمة جدكما.
و قال مدرك بن زياد لابن عباس و قد أمسك للحسن ثم للحسين بالركاب و سوى عليهما ثيابهما: أنت أسن منهما تمسك لهما بالركاب؟فقال يا لكع و ما تدري من هذان؟هذان ابنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أو ليس مما أنعم الله علي به أن أمسك لهما و أسوي عليهما.و في تذكرة الخواص في إفراد البخاري عن ابن عباس : كان رسول الله يعوذ الحسن و الحسين فيقول أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان و هامة و من كل عين لامة و يقول إن أباكما إبراهيم كان يعوذ بها إسماعيل و إسحاق.
مناقب الحسن عليهالسلام شدة محبة النبي صلىاللهعليهوآله له
في تذكرة الخواص روى أحمد بن حنبل في المسند بسنده عن البراء بن عازب: رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله واضعا الحسن على عاتقه و هو يقول اللهم إني أحبه فأحبه - متفق عليه و في رواية فأحب من يحبه.و رواه أبو نعيم في الحلية بسنده عن البراء إلا أنه قال من أحبني فليحبه. و روى أحمد بن حنبل بسنده عن أبي هريرة في حديث فجاء النبي صلىاللهعليهوآله فجلس بفناء بيت فاطمة عليهاالسلام. إلى أن قال فجاء الحسن يشتد حتى عانقه و قبله و قال اللهم أحبه و أحب من يحبه - متفق عليه. و عن كتاب بشارة المصطفى عن يعلى بن مرة قال خرجنا مع النبي صلىاللهعليهوآله و قد دعي إلى طعام فإذا الحسن عليهالسلام يلعب في الطريق فأسرع النبي صلىاللهعليهوآله أمام القوم ثم بسط يده فجعل يمر مرة هاهنا و مرة هاهنا يضاحكه حتى أخذه فجعل إحدى يديه في رقبته و الأخرى على رأسه ثم اعتنقه فقبله ثم قال حسن مني و أنا منه أحب الله من أحبه )اه( .
سخاء الحسن عليهالسلام
روى أبو نعيم في الحلية أن الحسن بن علي عليهالسلام قاسم الله ماله نصفين )و بسنده( خرج الحسن بن علي من ماله مرتين و قاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات حتى أن كان ليعطي نعلا و يمسك نعلا و يعطي خفا و يمسك خفا.و ذكر مثله محمد بن حبيب في أماليه . و ذكر ابن سعد في الطبقات أنه قاسم الله ماله ثلاث مرات حتى كان يعطي نعلا و يمسك نعلا و خرج من ماله لله تعالى مرتين. و في شرح النهج روى أبو جعفر محمد بن حبيب في أماليه أن الحسن عليهالسلام أعطى شاعرا فقال له رجل من جلسائه سبحان الله أ تعطي شاعرا يعصي الرحمن و يقول البهتان فقال يا عبد الله إن خير ما بذلت من مالك ما وقيت به عرضك و إن من ابتغاء الخير إتقاء الشر.
و روى ابن شهرآشوب في المناقب أن رجلا سأله فأعطاه خمسين ألف درهم و خمسمائة دينار و قال ائت بحمال يحمل لك فأتى بحمال فأعطاه طيلسانه و قال هذا كرى الحمال. و جاءه بعض الأعراب فقال أعطوه ما في الخزانة فوجد فيها عشرون ألف درهم فدفعها إليه فقال الأعرابي يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي و أنشر مدحتي فأنشا الحسن عليهالسلام يقول:
نحن أناس نوالنا خضل
تواضعه عليهالسلام
حكى ابن شهرآشوب في المناقب عن كتاب الفنون و كتاب نزهة الأبصار أن الحسن عليهالسلام مر على فقراء و قد وضعوا كسيرات على الأرض و هم قعود يلتقطونها و يأكلونها فقالوا له هلم يا ابن بنت رسول الله إلى الغداء فنزل و قال فإن الله لا يحب المتكبرين و جعل يأكل معهم ثم دعاهم إلى ضيافته و أطعمهم و كساهم.
جعل علي عليهالسلام الولاية في أوقافه للحسن ثم للحسين عليهماالسلام
جعل أمير المؤمنين على الولاية في أوقافه لابنه الحسن و بعده لأخيه الحسين عليهالسلام. فقال في كتاب الوقف الذي رواه السيد الرضي في نهج البلاغة هذا ما أمر به عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين في ماله ابتغاء وجه الله فإنه يقوم بذلك الحسن بن علي يأكل منه بالمعروف و ينفق منه بالمعروف فإن حدث بحسن حدث و حسين حي قام بالأمر بعده و أصدر مصدره و إن لبني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني علي و إني إنما جعلت القيام بذلك إلى ابني فاطمة ابتغاء وجه الله و قربة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله و تكريما لحرمته و تشريفا لوصلته.
بيعته بالخلافة
فقام عبد الله بن العباس بين يديه فقال: معاشر الناس هذا ابن نبيكم و وصي إمامكم فبايعوه فاستجاب الناس فقالوا ما أحبه إلينا و أوجب حقه علينا و أحقه بالخلافة و بادروا إلى البيعة له بالخلافة. قال المفيد في الإرشاد : كانت بيعته يوم الجمعة 21 رمضان سنة40 قال أبو الفرج : ثم نزل من المنبر فرتب العمال و أمر الأمراء و نظر في الأمور و أنفذ عبد الله بن العباس إلى البصرة قال: و كان أول شيء أحدثه الحسن بن علي عليهماالسلام أنه زاد المقاتلة مائة مائة و قد كان علي عليهالسلام أبوه فعل ذلك يوم الجمل و الحسن عليهالسلام فعله على حال الاستخلاف فتبعه الخلفاء من بعد ذلك.
قال المفيد : فلما بلغ معاوية وفاة أمير المؤمنين عليهالسلام و بيعة الناس ابنه الحسن عليهالسلام دس رجلا من حمير إلى الكوفة و رجلا من بني القين إلى البصرة ليكتبا إليه بالأخبار و يفسدا على الحسن الأمور فعرف ذلك الحسن فأمر باستخراج الحميري من عند لحام بالكوفة فأخرج و أمر بضرب عنقه و كتب إلى البصرة باستخراج القيني من بني سليم فأخرج و ضربت عنقه.
شروط الصلح
حكى الصدوق عن كتاب الفروق بين الأباطيل و الحقوق تأليف محمد بن بحر الشيباني عن أبي بكر محمد بن الحسن بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري حدثنا أبو طالب زيد بن أجزم حدثنا أبو داود حدثنا القاسم بن فضيل حدثنا يوسف بن مازن الراسبي قال: بايع الحسن بن علي معاوية على أن لا يسميه أمير المؤمنين و لا يقيم عنده شهادة و أن لا يتعقب على شيعة علي شيئا و يؤمنهم و لا يتعرض لأحد منهم بسوء و يوصل إلى كل ذي حق منهم حقه و أن يفرق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل و صفين ألف ألف درهم و أن يجعل ذلك من خراج دارابجرد من بلاد فارس »اه« و كان فيما شرطه أن يترك سب أمير المؤمنين و القنوت عليه في الصلاة.و قال ابن الأثير إنه لم يجبه إلى الكف عن شتم علي فطلب أن لا يشتم و هو يسمع فأجابه إلى ذلك ثم لم يف له به أيضا»اه« و عاهد معاوية الحسن على ما تم بينهما من الشروط و حلف له بالوفاء و كتب بينه و بينه بذلك كتابا ثم لم يف له بشيء مما عاهده عليه.
صورة كتاب الصلح بين الحسن و معاوية
ذكره ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة .بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان صالحه على أن يسلم إليه ولاية المسلمين على أن يعمل فيهم بكتاب الله و سنة رسوله و ليس لمعاوية أن يعهد الى أحد من بعده عهدا على أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله تعالى في شامهم و يمنهم و عراقهم و حجازهم و على أن أصحاب علي و شيعته آمنون على أنفسهم و أموالهم و نسائهم و أولادهم حيث كانوا و على معاوية بذلك عهد الله و ميثاقه و على أن لا يبغي للحسن بن علي و لا لأخيه الحسين و لا لأحد من بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله غائلة سوء سرا و جهرا و لا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق شهد عليه بذلك فلان و فلان و كفى بالله شهيدا.
قال المفيد : فلما تم الصلح سار معاوية حتى نزل النخيلة »و هي معسكر الكوفة« و كان ذلك يوم جمعة فصلى بالناس و خطبهم و قال أبو الفرج إنه جمع الناس بالنخيلة فخطبهم قبل أن يدخل الكوفة خطبة طويلة لم ينقلها أحد من الرواة تامة و جاءت مقطعة فنذكر ما انتهى إلينا منها فقال: ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها )ثم انتبه فاستدرك و قال( إلا هذه الأمة فإنها و إنها.قال المفيد و أبو الفرج و قال في خطبته إني و الله ما قاتلتكم لتصلوا و لا لتصوموا و لا لتحجوا و لا لتزكوا أنكم لتفعلون ذلك و لكني قاتلتكم لأتامر عليكم و قد أعطاني الله ذلك و أنتم كارهون إلا و إني كنت منيت الحسن و أعطيته أشياء و جميعها تحت قدمي لا أفي بشيء منها.
رجوعه إلى المدينة
قال المدائني : أقام الحسن عليهالسلام بالكوفة أياما ثم تجهز للشخوص إلى المدينة فدخل عليه المسيب بن الفزاري و ظبيان بن عمارة التميمي ليودعاه فقال الحسن عليهالسلام الحمد لله الغالب على أمره لو جمع الناس جميعا على أن لا يكون ما هو كائن ما استطاعوا )إلى أن قال( فعرض له المسيب و ظبيان بالرجوع فقال ليس إلى ذلك سبيل فلما كان الغد خرج و توجه إلى المدينة هو و أخوه الحسين عليهالسلام و أهل بيته و حشمهم و جعل الناس يبكون عند مسيرهم من الكوفة فلما صار بدير هند نظر إلى الكوفة و قال:
و لا عن قلى فارقت دار معاشري هم المانعون حوزتي و ذماري
قال المفيد : خرج الحسن عليهالسلام إلى المدينة فأقام بها كاظما غيظه لازما منزله منتظرا لأمر ربه.
وفاة الحسن عليهالسلام
روى الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش عن محمد بن حبيب فيأماليه عن ابن عباس أنه قال أول ذل دخل على العرب موت الحسن عليهالسلام . و في مقاتل الطالبيين قيل لأبي إسحاق متى ذل الناس قال حيث مات الحسن و ادعى زياد و قتل حجر بن عدي و كان الحسن عليهالسلام شرط على معاوية في شروط الصلح أن لا يعهد إلى أحد بالخلافة بعده و أن تكون الخلافة له من بعده.
قال أبو الفرج و أراد معاوية البيعة لابنه يزيد فلم يكن شيء أثقل عليه من أمر الحسن بن علي و سعد بن أبي وقاص فدس إليهما سما فماتا منه أرسل إلى ابنة الأشعث أني مزوجك بيزيد ابني على أن تسمي الحسن و بعث إليها بمائة ألف درهم فسوغها المال و لم يزوجها منه فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها فكان إذا وقع بينهم و بين بطون قريش كلام عيروهم و قالوا يا بني مسمة الأزواج و كان ذلك بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين .
و قال ابن عبد البر في الإستيعاب قال قتادة و أبو بكر بن حفص : سم الحسن بن علي سمته امرأته بنت الأشعث بن قيس الكندي و قالت طائفة كان ذلك منه بتدسيس معاوية إليها و ما بذل لها في ذلك )اه( ، و قال المدائني دس إليه معاوية سما على يد جعدة بنت الأشعث بن قيس زوجة الحسن و قال لها إن قتلته بالسم فلك مائة ألف و أزوجك يزيد ابني فمرض أربعين يوما فلما مات وفى لها بالمال و لم يزوجها من يزيد و قال أخشى أن تصنعي بابني ما صنعت بابن رسول الله صلىاللهعليهوآله.
و قال المفيد : لما تم لمعاوية عشر سنين من إمارته و عزم على البيعة لابنه يزيد دس إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس و كانت زوجة الحسن عليهالسلام من حملها على سمه و ضمن لها أن يزوجها بابنه يزيد فأرسل إليها مائة ألف درهم فسقته جعدة السم فبقي أربعين يوما و مضى لسبيله ، و في تذكرة الخواص لسبط بن الجوزي قال علماء السير منهم ابن عبد البر سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي و قال الشعبي دس إليها معاوية فقال سمي الحسن و أزوجك يزيد و أعطيك مائة ألف درهم فلما مات الحسن بعث إليها بالمال و لم يزوجها بيزيد قال و حكى جدي في كتاب الصفوة قال ذكر يعقوب بن سفيان في تاريخه أن جعدة هي التي سمته و قال الشاعر في ذلك:
تعزفكم لك من سلوة تفرج عنك غليل الحزنبموت النبي و قتل الوصي و قتل الحسين و سم الحسن
و قال الصادق عليهالسلام أن الأشعث شرك في دم أمير المؤمنين عليهالسلام و ابنته جعدة سمت الحسن عليهالسلام و ابنه محمد شرك في دم الحسين عليهالسلام.
وصية الحسن بن علي إلى أخيه الحسين عليهالسلام
رواها الشيخ الطوسي في أماليه عن ابن عباس : هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أنه يعبده حق عبادته لا شريك له في الملك و لا ولي له من الذل و أنه خلق كل شيء فقدره تقديرا و أنه أولى من عبد و أحق من حمد من أطاعه رشد و من عصاه غوى و من تاب إليه اهتدى فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي و ولدي و أهل بيتك أن تصفح عن مسيئهم و تقبل من محسنهم و تكون لهم خلفا و والدا و أن تدفنني مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فإني أحق به و ببيته فإن أبوا عليك فأنشدك الله بالقرابة التي قرب الله عز و جل منك و الرحم الماسة من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن لا تهريق في أمري محجمة من دم حتى نلقى رسول الله صلىاللهعليهوآله فنختصم إليه و نخبره بما كان من الناس إلينا.
و روى الحاكم في المستدرك أنه لما توفي أقام نساء بني هاشم النوح عليه شهرا، و عن أبي جعفر قال مكث الناس يبكون على الحسن بن علي و عطلت الأسواق، قال الشيخ الطوسي في الأمالي : فلما توفي دعا الحسين ابن عباس و عبد الرحمن بن جعفر و علي بن عبد الله بن عباس فأعانوه على غسله و حنطوه و ألبسوه أكفانه و خرجوا به إلى المسجد فصلوا عليه.
قال المفيد : لما مضى لسبيله غسله الحسين عليهالسلام و كفنه و حمله على سريره و لم يشك مروان و من معه من بني أمية أنهم سيدفنونه عند رسول الله صلىاللهعليهوآله فتجمعوا لذلك و لبسوا السلاح فلما توجه به الحسين عليهالسلام إلى قبر جده رسول الله صلىاللهعليهوآله ليجدد به عهدا أقبلوا إليهم في جمعهم و لحقتهم عائشة على بغل و هي تقول ما لي و لكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب و جعل مروان يقول: يا رب هيجا هي خير من دعة.أ يدفن عثمان في أقصى المدينة و يدفن الحسن مع النبي لا يكون ذلك أبدا و أنا أحمل السيف، و كادت الفتنة أن تقع بين بني هاشم و بني أمية .
و قال سبط ابن الجوزي : قال ابن سعد عن الواقدي لما احتضر الحسن قال أدفنوني عند أبي يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله فأراد الحسين عليهالسلام أن يدفنه في حجرة رسول الله صلىاللهعليهوآله فقامت بنو أمية و مروان بن الحكم و سعيد بن العاص و كان واليا على المدينة فمنعوه و قامت بنو هاشم لتقاتلهم فقال أبو هريرة أ رأيتم لو مات ابن لموسى أما كان يدفن مع أبيه قال ابن سعد و منهم أيضا عائشة و قالت لا يدفن مع رسول الله صلىاللهعليهوآله أحد. و قال أبو الفرج الأصبهاني : قال يحيى بن الحسن : سمعت علي بن طاهر بن زيد يقول لما أرادوا دفنه ركبت عائشة بغلا و استعونت بني أمية و مروان و من كان هناك منهم و من حشمهم و هو قول القائل:
فيوما على بغل و يوما على جمل
قال المفيد في تتمة الخبر السابق: فبادر ابن عباس إلى مروان فقال له ارجع يا مروان من حيث جئت ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله لكنا نريد أن نجدد به عهدا بزيارته ثم نرده إلى جدته فاطمة بنت أسد فندفنه عندها بوصيته بذلك )إلى آخر كلامه( و قال الحسين عليهالسلام: و الله لو لا عهد الحسن بحقن الدماء و إن لا أهريق في أمره محجمة دم لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها و قد نقضتم العهد بيننا و بينكم و أبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا. و مضوا بالحسن فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف .
و لما بلغ معاوية موت الحسن عليهالسلام سجد و سجد من حوله و كبر و كبروا معه، ذكره الزمخشري في ربيع الأبرار و ابن عبد البر في الإستيعاب و غيرهما فقال بعض الشعراء:
أصبح اليوم ابن هند شامتا ظاهر النخوة إذ مات الحسنيا ابن هند إن تذق كأس الردى تك في الدهر كشيء لم يكنلست بالباقي فلا تشمت به كل حي للمنايا مرتهن
و لما أتى نعيه إلى البصرة و ذلك في إمارة زياد بن سمية بكى الناس فسمع الضجة أبو بكرة أخو زياد و كان مريضا فقال ما هذا فقالت له زوجته و كانت ثقفية مات الحسن بن علي و الحمد لله الذي أراح الناس منه فقال اسكتي ويحك فقد أراحه الله من شر كثير و فقد الناس بموته خيرا كثيرا يرحم الله حسنا . ذكره المدائني .
و كانت وفاته عليهالسلام بالمدينة يوم الخميس لليلتين بقيتا من صفر و قيل في السابع منه و قيل لخمس بقين من ربيع الأول و في رواية الحاكم لخمس خلون منه سنة خمسين من الهجرة أو خمس و أربعين أو تسع و أربعين أو إحدى و خمسين أو أربع و أربعين أو سبع و أربعين أو ثمان و خمسين و له »سبع و أربعون سنة« أو »ست و أربعون و أربعة أشهر و ثلاثة عشرة يوما« و قيل غير ذلك و وقع هنا اشتباهات من أعاظم العلماء مثل الكليني و المفيد و الطبرسي بيناها في الجزء الخامس من المجالس السنية .
و قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله و له »سبع سنين و ستة أشهر« و قيل »ثمان سنين« و قام بالأمر بعد أبيه و له »سبع و ثلاثون سنة« و أقام إلى أن صالح معاوية ستة أشهر و خمسة أيام أو ثلاثة أيام على الخلاف في وفاة أمير المؤمنين عليهالسلام أنها ليلة إحدى و عشرين أو ثلاث و عشرين من شهر رمضان و قيل غير ذلك كما تقدم و بقي بعد الصلح تسع سنين و تسعة أشهر و ثلاثة عشرة يوما و قيل غير ذلك و الله أعلم .
كتابة العلم
عن السيوطي في تدريب الراوي أنه كان بين السلف من الصحابة و التابعين اختلاف كثير في كتابة العلم فكرهها كثير منهم و أباحها طائفة و فعلوها منهم علي و ابنه الحسن )اه( و لا شك في أنه لو لا كتابة العلم لضاع العلم فهي منقبة لعلي و ولده عليهماالسلام .
أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام
ثاني أئمة أهل البيت الطاهر و أول السبطين سيدي شباب أهل الجنة ريحانتي المصطفى و أحد الخمسة أصحاب العباء. أمه فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله سيدة نساء العالمين.
مولده الشريف
ولد بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان على الصحيح المشهور بين الخاصة و العامة »و قيل«في شعبان و لعله اشتباه بمولد أخيه الحسين عليهالسلام سنة ثلاث أو اثنتين من الهجرة و قيل غير ذلك و لكن المشهور الأثبت أحد هذين.و هو أول أولاد علي و فاطمة عليهماالسلام.
فلما ولد الحسن قالت فاطمة لعلي سمه فقال ما كنت لأسبق باسمه رسول الله صلىاللهعليهوآله فجاء النبي صلىاللهعليهوآله فأخرج إليه فقال: اللهم إني أعيذه بك و ولده من الشيطان الرجيم و أذن في أذنه اليمنى و أقام في اليسرى و في أسد الغابة عن أبي أحمد العسكري سماه النبي صلىاللهعليهوآله حسنا و لم يكن يعرف هذا الاسم في الجاهلية.
و روى الكليني بسنده عن الصادق عليهالسلام قال عق رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الحسن بيده و قال باسم الله عقيقة عن الحسن و قال اللهم عظمها بعظمه و لحمها بلحمه و دمها بدمه و شعرها بشعره اللهم اجعلها وقاء لمحمد و آله )و في رواية( عق عنه بكبشين أملحين.و لعل الرواية أنه عق عن الحسن و الحسين بكبشين أملحين كما في طبقات ابن سعد من أنه عق عنهما بكبشين فوقع اشتباه في النقل، و أعطى القابلة فخذا و دينارا و حلق رأسه و أمر أن يتصدق بزنة شعره فضة فكان وزنه درهما و شيئا و قيل بل أمر أمه أن تفعل ذلك قال ابن الصباغ فصارت العقيقة و التصدق بوزن الشعر سنة مستمرة عند العلماء بما فعله النبي صلىاللهعليهوآله في حق الحسن و طلى رأسه بالخلوق و قال الدم فعل الجاهلية ، و في أسد الغابة بسنده عن أم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب أنها قالت يا رسول الله رأيت كان عضوا من أعضائك في بيتي قال خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فترضعينه بلبن قثم فولدت الحسن فأرضعته بلبن قثم.
كنيته
أبو محمد لا غير كناه به النبي صلىاللهعليهوآله كما في أسد الغابة عن أبي أحمد العسكري .
لقبه
أشهر ألقابه: التقي و الزكي و السبط.
نقش خاتمه
في الفصول المهمة : )العزة لله وحده( و في الوافي و غيره عن الرضا عليهالسلام )العزة لله( و في عنوان المعارف للصاحب بن عباد )الله أكبر و به أستعين( و في الوافي و غيره عن الصادق عليهالسلام أن نقش خاتم الحسن و الحسين عليهماالسلام )حسبي الله( .
بوابه
سفينة مولى رسول الله صلىاللهعليهوآله.
ملك عصره- معاوية.
أولاده
كان له خمسة عشر ولدا ما بين ذكر و أنثى و هم: زيد، أم الحسن، أم الحسين، أمهم أم بشير بنت أبي مسعود الخزرجية. الحسن، أمه خولة بنت منضور الفزارية. عمر. القاسم عبد الله، أمهم أم ولد. عبد الرحمن، أمه أم ولد. الحسين الملقب بالأثرم. طلحة، فاطمة أمهم أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمي. أم عبد الله. فاطمة. أم سلمة. رقية، لأمهات شتى و لم يعقب منهم غير الحسن و زيد.
صفته عليهالسلام في خلقه و حليته
عن الغزالي في الإحياء و المكي في قوت القلوب أن النبي صلىاللهعليهوآله قال للحسن عليهالسلام أشبهت خلقي و خلقي. و قال المفيد في الإرشاد كان الحسن عليهالسلام أشبه الناس برسول الله صلىاللهعليهوآله خلقا و هيئة و هديا و سؤددا. و في أسد الغابة بسنده عن أنس بن مالك لم يكن أحد أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله من الحسن بن علي و روى البغوي الحسين بن مسعود في كتابه مصابيح السنة عن أنس بن مالك مثله و زاد: و قال في الحسين أيضا كان أشبههم برسول الله صلىاللهعليهوآله.
)أقول( قال ذلك أنس لما رأى رأس الحسين عليهالسلام بين يدي ابن زياد. و الجمع بين الحديثين يقتضي أن يكون الحسن أشبه الناس به ما عدا الحسين ، و الحسين أشبه به ما عدا الحسن و حاصله أنه لم يكن أحد أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله منهما عليهالسلام و قد يجمع بينهما بما رواه أحمد بن حنبل في مسنده بسنده عن علي عليهالسلام أنه قال الحسن أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله ما بين الصدر إلى الرأس و الحسين أشبه ما أسفل من ذلك )اه( و يمكن أن يجمع بينهما بأن الحسن كان في حياته أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله من أخيه الحسين و من جميع الناس و بعد وفاة الحسن عليهالسلام صار الحسين عليهالسلام أشبه بجده من بقية الناس و حاصله أن الحسين أشبه به صلىاللهعليهوآله بعد الحسن.
صفته في أخلاقه و أطواره
ذكر غير واحد من العلماء أن الحسن عليهالسلام كان من أوسع الناس صدرا و أسجحهم خلقا.و قال المدائني : كان الحسن عليهالسلام أكبر ولد علي و كان سيدا سخيا حليما و كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يحبه.
و روى الصدوق في الأمالي بإسناده عن الصادق عن أبيه عن جده عليهالسلام أن الحسن بن علي بن أبي طالب كان أعبد الناس في زمانه و أزهدهم و أفضلهم و كان إذا حج حج ماشيا و ربما مشى حافيا، و لا يمر في شيء من أحواله إلا ذكر الله سبحانه و كان أصدق الناس لهجة و أفصحهم منطقا و كان إذا بلغ باب المسجد رفع رأسه و يقول إلهي ضيفك ببابك يا محسن قد أتاك المسيء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم. و عن الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش .روت زينب بنت أبي رافع قالت أتت فاطمة عليهاالسلام بابنيها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله في شكواه التي توفي فيها فقالت يا رسول الله هذان ابناك فورثهما شيئا فقال أما حسن فإن له هيبتي و سؤددي و أما حسين فإن له جرأتي و جودي )اه( . قال الطبرسي في إعلام الورى : و يصدق هذا الخبر ما رواه محمد بن إسحاق قال: ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ما بلغ الحسن بن علي كان يبسط له على باب داره فإذا خرج و جلس انقطع الطريق فما يمر أحد من خلق الله إجلالا له فإذا علم قام و دخل بيته فيمر الناس قال الراوي: و لقد رأيته في طريق مكة نزل عن راحلته فمشى فما من خلق الله أحد إلا نزل و مشى حتى رأيت سعد بن أبي وقاص قد نزل و مشى إلى جنبه.
فضائل الحسن و الحسين عليهماالسلام
)أما شرف النسب( فكفاهما أن جدهما محمد المصطفى سيد ولد آدم صلىاللهعليهوآله و أبوهما علي المرتضى سيد الأوصياء و أمهما فاطمة البضعة الزهراء سيدة النساء.و جدتهما خديجة بنت خويلد أول نساء هذه الأمة إسلاما و أول امرأة بذلت أموالها في سبيل الله و أعانت رسول الله صلىاللهعليهوآله جهدها على تبليغ رسالته و خففت من آلامه لأذى قومه.
و عمهما جعفر و عم أبيهما حمزة أسد الله و أسد رسوله صلىاللهعليهوآله و سيد الشهداء و جدهما أبو طالب ناصر رسول الله صلىاللهعليهوآله و المدافع عنه و المتحمل الأذى في سبيله.و جد أبيهما عبد المطلب شيبة الحمد و سيد البطحاء .و جد جدهما هاشم مطعم الحجيج و هاشم الثريد و سيد قريش :
شرف تورث كابرا عن كابر كالرمح انبوبا على انبوبخير الفروع فروعهم و أصولهم خير الأصول
و قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: إن الله تعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة و جعل ذريتي من صلب علي بن أبي طالب )اه( فكانت ذريته صلىاللهعليهوآله منحصرة في الحسن و الحسين و ابنائهما.
و روى النسائي في الخصائص و ابن عبد البر في الإستيعاب بالإسناد عن أبي سعيد الخدري في حديث قال رسول الله صلىاللهعليهوآله الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة.
و روى النسائي بسنده عن أنس بن مالك قال: دخلت أو ربما دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله و الحسن و الحسين ينقلبان على بطنه و يقول ريحانتاي من هذه الأمة.
شدة حب النبي صلىاللهعليهوآله لهما و وجوب محبتهما على كل واحد و أن حبهما حب رسول الله صلىاللهعليهوآله و أن بغضهما بغضه.
قال المفيد في الإرشاد و كانا حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله بين جميع أهله )و روى( الترمذي في صحيحه بسنده عن أنس بن مالك سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله أي أهل بيتك أحب إليك قال الحسن و الحسين و كان يقول لفاطمة أدعي لي ابني فيشمهما و يضمهما إليه.
)و روى( النسائي في الخصائص بسنده عن أسامة بن زيد عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال في الحسن و الحسين عليهماالسلام و هما على وركيه هذان ابناي و ابنا ابنتي اللهم إنك تعلم إني أحبهما فأحبهما )و رواه( في أسد الغابة بسنده عن النبي صلىاللهعليهوآله مثله. و في الإستيعاب : روي عن النبي صلىاللهعليهوآله من وجوه أنه قال في الحسن و الحسين اللهم إني أحبهما فأحبهما و أحب من يحبهما »و في الإصابة« و عن أحمد من طريق عبد الرحمن بن مسعود عن أبي هريرة خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآله و معه الحسن و الحسين هذا على عاتقه و هذا على عاتقه و هو يلثم هذا مرة و هذا مرة حتى انتهى إلينا فقال من أحبهما فقد أحبني و من أبغضهما فقد أبغضني و قال صلىاللهعليهوآله من أحب الحسن و الحسين أحببته و من أحببته أحبه الله و من أحبه الله أدخله الجنة و من أبغضهما أبغضته و من أبغضته أبغضه الله و من أبغضه الله أدخله النار.
جوامع مناقبهما
روي أن الحسن و الحسين عليهماالسلام مرا على شيخ يتوضأ و لا يحسن الوضوء فأظهرا تنازعا يقول كل منهما للآخر أنت لا تحسن الوضوء و قالا أيها الشيخ كن حكما بيننا فتوضأ و قالا أينا يحسن الوضوء فقال الشيخ كلاكما تحسنان الوضوء و لكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يحسن و قد تعلم الآن منكما و تاب على يديكما ببركتكما و شفقتكما على أمة جدكما.
و قال مدرك بن زياد لابن عباس و قد أمسك للحسن ثم للحسين بالركاب و سوى عليهما ثيابهما: أنت أسن منهما تمسك لهما بالركاب؟فقال يا لكع و ما تدري من هذان؟هذان ابنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أو ليس مما أنعم الله علي به أن أمسك لهما و أسوي عليهما.و في تذكرة الخواص في إفراد البخاري عن ابن عباس : كان رسول الله يعوذ الحسن و الحسين فيقول أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان و هامة و من كل عين لامة و يقول إن أباكما إبراهيم كان يعوذ بها إسماعيل و إسحاق.
مناقب الحسن عليهالسلام شدة محبة النبي صلىاللهعليهوآله له
في تذكرة الخواص روى أحمد بن حنبل في المسند بسنده عن البراء بن عازب: رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله واضعا الحسن على عاتقه و هو يقول اللهم إني أحبه فأحبه - متفق عليه و في رواية فأحب من يحبه.و رواه أبو نعيم في الحلية بسنده عن البراء إلا أنه قال من أحبني فليحبه. و روى أحمد بن حنبل بسنده عن أبي هريرة في حديث فجاء النبي صلىاللهعليهوآله فجلس بفناء بيت فاطمة عليهاالسلام. إلى أن قال فجاء الحسن يشتد حتى عانقه و قبله و قال اللهم أحبه و أحب من يحبه - متفق عليه. و عن كتاب بشارة المصطفى عن يعلى بن مرة قال خرجنا مع النبي صلىاللهعليهوآله و قد دعي إلى طعام فإذا الحسن عليهالسلام يلعب في الطريق فأسرع النبي صلىاللهعليهوآله أمام القوم ثم بسط يده فجعل يمر مرة هاهنا و مرة هاهنا يضاحكه حتى أخذه فجعل إحدى يديه في رقبته و الأخرى على رأسه ثم اعتنقه فقبله ثم قال حسن مني و أنا منه أحب الله من أحبه )اه( .
سخاء الحسن عليهالسلام
روى أبو نعيم في الحلية أن الحسن بن علي عليهالسلام قاسم الله ماله نصفين )و بسنده( خرج الحسن بن علي من ماله مرتين و قاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات حتى أن كان ليعطي نعلا و يمسك نعلا و يعطي خفا و يمسك خفا.و ذكر مثله محمد بن حبيب في أماليه . و ذكر ابن سعد في الطبقات أنه قاسم الله ماله ثلاث مرات حتى كان يعطي نعلا و يمسك نعلا و خرج من ماله لله تعالى مرتين. و في شرح النهج روى أبو جعفر محمد بن حبيب في أماليه أن الحسن عليهالسلام أعطى شاعرا فقال له رجل من جلسائه سبحان الله أ تعطي شاعرا يعصي الرحمن و يقول البهتان فقال يا عبد الله إن خير ما بذلت من مالك ما وقيت به عرضك و إن من ابتغاء الخير إتقاء الشر.
و روى ابن شهرآشوب في المناقب أن رجلا سأله فأعطاه خمسين ألف درهم و خمسمائة دينار و قال ائت بحمال يحمل لك فأتى بحمال فأعطاه طيلسانه و قال هذا كرى الحمال. و جاءه بعض الأعراب فقال أعطوه ما في الخزانة فوجد فيها عشرون ألف درهم فدفعها إليه فقال الأعرابي يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي و أنشر مدحتي فأنشا الحسن عليهالسلام يقول:
نحن أناس نوالنا خضل
تواضعه عليهالسلام
حكى ابن شهرآشوب في المناقب عن كتاب الفنون و كتاب نزهة الأبصار أن الحسن عليهالسلام مر على فقراء و قد وضعوا كسيرات على الأرض و هم قعود يلتقطونها و يأكلونها فقالوا له هلم يا ابن بنت رسول الله إلى الغداء فنزل و قال فإن الله لا يحب المتكبرين و جعل يأكل معهم ثم دعاهم إلى ضيافته و أطعمهم و كساهم.
جعل علي عليهالسلام الولاية في أوقافه للحسن ثم للحسين عليهماالسلام
جعل أمير المؤمنين على الولاية في أوقافه لابنه الحسن و بعده لأخيه الحسين عليهالسلام. فقال في كتاب الوقف الذي رواه السيد الرضي في نهج البلاغة هذا ما أمر به عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين في ماله ابتغاء وجه الله فإنه يقوم بذلك الحسن بن علي يأكل منه بالمعروف و ينفق منه بالمعروف فإن حدث بحسن حدث و حسين حي قام بالأمر بعده و أصدر مصدره و إن لبني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني علي و إني إنما جعلت القيام بذلك إلى ابني فاطمة ابتغاء وجه الله و قربة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله و تكريما لحرمته و تشريفا لوصلته.
بيعته بالخلافة
فقام عبد الله بن العباس بين يديه فقال: معاشر الناس هذا ابن نبيكم و وصي إمامكم فبايعوه فاستجاب الناس فقالوا ما أحبه إلينا و أوجب حقه علينا و أحقه بالخلافة و بادروا إلى البيعة له بالخلافة. قال المفيد في الإرشاد : كانت بيعته يوم الجمعة 21 رمضان سنة40 قال أبو الفرج : ثم نزل من المنبر فرتب العمال و أمر الأمراء و نظر في الأمور و أنفذ عبد الله بن العباس إلى البصرة قال: و كان أول شيء أحدثه الحسن بن علي عليهماالسلام أنه زاد المقاتلة مائة مائة و قد كان علي عليهالسلام أبوه فعل ذلك يوم الجمل و الحسن عليهالسلام فعله على حال الاستخلاف فتبعه الخلفاء من بعد ذلك.
قال المفيد : فلما بلغ معاوية وفاة أمير المؤمنين عليهالسلام و بيعة الناس ابنه الحسن عليهالسلام دس رجلا من حمير إلى الكوفة و رجلا من بني القين إلى البصرة ليكتبا إليه بالأخبار و يفسدا على الحسن الأمور فعرف ذلك الحسن فأمر باستخراج الحميري من عند لحام بالكوفة فأخرج و أمر بضرب عنقه و كتب إلى البصرة باستخراج القيني من بني سليم فأخرج و ضربت عنقه.
شروط الصلح
حكى الصدوق عن كتاب الفروق بين الأباطيل و الحقوق تأليف محمد بن بحر الشيباني عن أبي بكر محمد بن الحسن بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري حدثنا أبو طالب زيد بن أجزم حدثنا أبو داود حدثنا القاسم بن فضيل حدثنا يوسف بن مازن الراسبي قال: بايع الحسن بن علي معاوية على أن لا يسميه أمير المؤمنين و لا يقيم عنده شهادة و أن لا يتعقب على شيعة علي شيئا و يؤمنهم و لا يتعرض لأحد منهم بسوء و يوصل إلى كل ذي حق منهم حقه و أن يفرق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل و صفين ألف ألف درهم و أن يجعل ذلك من خراج دارابجرد من بلاد فارس »اه« و كان فيما شرطه أن يترك سب أمير المؤمنين و القنوت عليه في الصلاة.و قال ابن الأثير إنه لم يجبه إلى الكف عن شتم علي فطلب أن لا يشتم و هو يسمع فأجابه إلى ذلك ثم لم يف له به أيضا»اه« و عاهد معاوية الحسن على ما تم بينهما من الشروط و حلف له بالوفاء و كتب بينه و بينه بذلك كتابا ثم لم يف له بشيء مما عاهده عليه.
صورة كتاب الصلح بين الحسن و معاوية
ذكره ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة .بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان صالحه على أن يسلم إليه ولاية المسلمين على أن يعمل فيهم بكتاب الله و سنة رسوله و ليس لمعاوية أن يعهد الى أحد من بعده عهدا على أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله تعالى في شامهم و يمنهم و عراقهم و حجازهم و على أن أصحاب علي و شيعته آمنون على أنفسهم و أموالهم و نسائهم و أولادهم حيث كانوا و على معاوية بذلك عهد الله و ميثاقه و على أن لا يبغي للحسن بن علي و لا لأخيه الحسين و لا لأحد من بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله غائلة سوء سرا و جهرا و لا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق شهد عليه بذلك فلان و فلان و كفى بالله شهيدا.
قال المفيد : فلما تم الصلح سار معاوية حتى نزل النخيلة »و هي معسكر الكوفة« و كان ذلك يوم جمعة فصلى بالناس و خطبهم و قال أبو الفرج إنه جمع الناس بالنخيلة فخطبهم قبل أن يدخل الكوفة خطبة طويلة لم ينقلها أحد من الرواة تامة و جاءت مقطعة فنذكر ما انتهى إلينا منها فقال: ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها )ثم انتبه فاستدرك و قال( إلا هذه الأمة فإنها و إنها.قال المفيد و أبو الفرج و قال في خطبته إني و الله ما قاتلتكم لتصلوا و لا لتصوموا و لا لتحجوا و لا لتزكوا أنكم لتفعلون ذلك و لكني قاتلتكم لأتامر عليكم و قد أعطاني الله ذلك و أنتم كارهون إلا و إني كنت منيت الحسن و أعطيته أشياء و جميعها تحت قدمي لا أفي بشيء منها.
رجوعه إلى المدينة
قال المدائني : أقام الحسن عليهالسلام بالكوفة أياما ثم تجهز للشخوص إلى المدينة فدخل عليه المسيب بن الفزاري و ظبيان بن عمارة التميمي ليودعاه فقال الحسن عليهالسلام الحمد لله الغالب على أمره لو جمع الناس جميعا على أن لا يكون ما هو كائن ما استطاعوا )إلى أن قال( فعرض له المسيب و ظبيان بالرجوع فقال ليس إلى ذلك سبيل فلما كان الغد خرج و توجه إلى المدينة هو و أخوه الحسين عليهالسلام و أهل بيته و حشمهم و جعل الناس يبكون عند مسيرهم من الكوفة فلما صار بدير هند نظر إلى الكوفة و قال:
و لا عن قلى فارقت دار معاشري هم المانعون حوزتي و ذماري
قال المفيد : خرج الحسن عليهالسلام إلى المدينة فأقام بها كاظما غيظه لازما منزله منتظرا لأمر ربه.
وفاة الحسن عليهالسلام
روى الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش عن محمد بن حبيب فيأماليه عن ابن عباس أنه قال أول ذل دخل على العرب موت الحسن عليهالسلام . و في مقاتل الطالبيين قيل لأبي إسحاق متى ذل الناس قال حيث مات الحسن و ادعى زياد و قتل حجر بن عدي و كان الحسن عليهالسلام شرط على معاوية في شروط الصلح أن لا يعهد إلى أحد بالخلافة بعده و أن تكون الخلافة له من بعده.
قال أبو الفرج و أراد معاوية البيعة لابنه يزيد فلم يكن شيء أثقل عليه من أمر الحسن بن علي و سعد بن أبي وقاص فدس إليهما سما فماتا منه أرسل إلى ابنة الأشعث أني مزوجك بيزيد ابني على أن تسمي الحسن و بعث إليها بمائة ألف درهم فسوغها المال و لم يزوجها منه فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها فكان إذا وقع بينهم و بين بطون قريش كلام عيروهم و قالوا يا بني مسمة الأزواج و كان ذلك بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين .
و قال ابن عبد البر في الإستيعاب قال قتادة و أبو بكر بن حفص : سم الحسن بن علي سمته امرأته بنت الأشعث بن قيس الكندي و قالت طائفة كان ذلك منه بتدسيس معاوية إليها و ما بذل لها في ذلك )اه( ، و قال المدائني دس إليه معاوية سما على يد جعدة بنت الأشعث بن قيس زوجة الحسن و قال لها إن قتلته بالسم فلك مائة ألف و أزوجك يزيد ابني فمرض أربعين يوما فلما مات وفى لها بالمال و لم يزوجها من يزيد و قال أخشى أن تصنعي بابني ما صنعت بابن رسول الله صلىاللهعليهوآله.
و قال المفيد : لما تم لمعاوية عشر سنين من إمارته و عزم على البيعة لابنه يزيد دس إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس و كانت زوجة الحسن عليهالسلام من حملها على سمه و ضمن لها أن يزوجها بابنه يزيد فأرسل إليها مائة ألف درهم فسقته جعدة السم فبقي أربعين يوما و مضى لسبيله ، و في تذكرة الخواص لسبط بن الجوزي قال علماء السير منهم ابن عبد البر سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي و قال الشعبي دس إليها معاوية فقال سمي الحسن و أزوجك يزيد و أعطيك مائة ألف درهم فلما مات الحسن بعث إليها بالمال و لم يزوجها بيزيد قال و حكى جدي في كتاب الصفوة قال ذكر يعقوب بن سفيان في تاريخه أن جعدة هي التي سمته و قال الشاعر في ذلك:
تعزفكم لك من سلوة تفرج عنك غليل الحزنبموت النبي و قتل الوصي و قتل الحسين و سم الحسن
و قال الصادق عليهالسلام أن الأشعث شرك في دم أمير المؤمنين عليهالسلام و ابنته جعدة سمت الحسن عليهالسلام و ابنه محمد شرك في دم الحسين عليهالسلام.
وصية الحسن بن علي إلى أخيه الحسين عليهالسلام
رواها الشيخ الطوسي في أماليه عن ابن عباس : هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أنه يعبده حق عبادته لا شريك له في الملك و لا ولي له من الذل و أنه خلق كل شيء فقدره تقديرا و أنه أولى من عبد و أحق من حمد من أطاعه رشد و من عصاه غوى و من تاب إليه اهتدى فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي و ولدي و أهل بيتك أن تصفح عن مسيئهم و تقبل من محسنهم و تكون لهم خلفا و والدا و أن تدفنني مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فإني أحق به و ببيته فإن أبوا عليك فأنشدك الله بالقرابة التي قرب الله عز و جل منك و الرحم الماسة من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن لا تهريق في أمري محجمة من دم حتى نلقى رسول الله صلىاللهعليهوآله فنختصم إليه و نخبره بما كان من الناس إلينا.
و روى الحاكم في المستدرك أنه لما توفي أقام نساء بني هاشم النوح عليه شهرا، و عن أبي جعفر قال مكث الناس يبكون على الحسن بن علي و عطلت الأسواق، قال الشيخ الطوسي في الأمالي : فلما توفي دعا الحسين ابن عباس و عبد الرحمن بن جعفر و علي بن عبد الله بن عباس فأعانوه على غسله و حنطوه و ألبسوه أكفانه و خرجوا به إلى المسجد فصلوا عليه.
قال المفيد : لما مضى لسبيله غسله الحسين عليهالسلام و كفنه و حمله على سريره و لم يشك مروان و من معه من بني أمية أنهم سيدفنونه عند رسول الله صلىاللهعليهوآله فتجمعوا لذلك و لبسوا السلاح فلما توجه به الحسين عليهالسلام إلى قبر جده رسول الله صلىاللهعليهوآله ليجدد به عهدا أقبلوا إليهم في جمعهم و لحقتهم عائشة على بغل و هي تقول ما لي و لكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب و جعل مروان يقول: يا رب هيجا هي خير من دعة.أ يدفن عثمان في أقصى المدينة و يدفن الحسن مع النبي لا يكون ذلك أبدا و أنا أحمل السيف، و كادت الفتنة أن تقع بين بني هاشم و بني أمية .
و قال سبط ابن الجوزي : قال ابن سعد عن الواقدي لما احتضر الحسن قال أدفنوني عند أبي يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله فأراد الحسين عليهالسلام أن يدفنه في حجرة رسول الله صلىاللهعليهوآله فقامت بنو أمية و مروان بن الحكم و سعيد بن العاص و كان واليا على المدينة فمنعوه و قامت بنو هاشم لتقاتلهم فقال أبو هريرة أ رأيتم لو مات ابن لموسى أما كان يدفن مع أبيه قال ابن سعد و منهم أيضا عائشة و قالت لا يدفن مع رسول الله صلىاللهعليهوآله أحد. و قال أبو الفرج الأصبهاني : قال يحيى بن الحسن : سمعت علي بن طاهر بن زيد يقول لما أرادوا دفنه ركبت عائشة بغلا و استعونت بني أمية و مروان و من كان هناك منهم و من حشمهم و هو قول القائل:
فيوما على بغل و يوما على جمل
قال المفيد في تتمة الخبر السابق: فبادر ابن عباس إلى مروان فقال له ارجع يا مروان من حيث جئت ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله لكنا نريد أن نجدد به عهدا بزيارته ثم نرده إلى جدته فاطمة بنت أسد فندفنه عندها بوصيته بذلك )إلى آخر كلامه( و قال الحسين عليهالسلام: و الله لو لا عهد الحسن بحقن الدماء و إن لا أهريق في أمره محجمة دم لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها و قد نقضتم العهد بيننا و بينكم و أبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا. و مضوا بالحسن فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف .
و لما بلغ معاوية موت الحسن عليهالسلام سجد و سجد من حوله و كبر و كبروا معه، ذكره الزمخشري في ربيع الأبرار و ابن عبد البر في الإستيعاب و غيرهما فقال بعض الشعراء:
أصبح اليوم ابن هند شامتا ظاهر النخوة إذ مات الحسنيا ابن هند إن تذق كأس الردى تك في الدهر كشيء لم يكنلست بالباقي فلا تشمت به كل حي للمنايا مرتهن
و لما أتى نعيه إلى البصرة و ذلك في إمارة زياد بن سمية بكى الناس فسمع الضجة أبو بكرة أخو زياد و كان مريضا فقال ما هذا فقالت له زوجته و كانت ثقفية مات الحسن بن علي و الحمد لله الذي أراح الناس منه فقال اسكتي ويحك فقد أراحه الله من شر كثير و فقد الناس بموته خيرا كثيرا يرحم الله حسنا . ذكره المدائني .
و كانت وفاته عليهالسلام بالمدينة يوم الخميس لليلتين بقيتا من صفر و قيل في السابع منه و قيل لخمس بقين من ربيع الأول و في رواية الحاكم لخمس خلون منه سنة خمسين من الهجرة أو خمس و أربعين أو تسع و أربعين أو إحدى و خمسين أو أربع و أربعين أو سبع و أربعين أو ثمان و خمسين و له »سبع و أربعون سنة« أو »ست و أربعون و أربعة أشهر و ثلاثة عشرة يوما« و قيل غير ذلك و وقع هنا اشتباهات من أعاظم العلماء مثل الكليني و المفيد و الطبرسي بيناها في الجزء الخامس من المجالس السنية .
و قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله و له »سبع سنين و ستة أشهر« و قيل »ثمان سنين« و قام بالأمر بعد أبيه و له »سبع و ثلاثون سنة« و أقام إلى أن صالح معاوية ستة أشهر و خمسة أيام أو ثلاثة أيام على الخلاف في وفاة أمير المؤمنين عليهالسلام أنها ليلة إحدى و عشرين أو ثلاث و عشرين من شهر رمضان و قيل غير ذلك كما تقدم و بقي بعد الصلح تسع سنين و تسعة أشهر و ثلاثة عشرة يوما و قيل غير ذلك و الله أعلم .
كتابة العلم
عن السيوطي في تدريب الراوي أنه كان بين السلف من الصحابة و التابعين اختلاف كثير في كتابة العلم فكرهها كثير منهم و أباحها طائفة و فعلوها منهم علي و ابنه الحسن )اه( و لا شك في أنه لو لا كتابة العلم لضاع العلم فهي منقبة لعلي و ولده عليهماالسلام .
ثاني أئمة أهل البيت الطاهر و أول السبطين سيدي شباب أهل الجنة ريحانتي المصطفى و أحد الخمسة أصحاب العباء. أمه فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله سيدة نساء العالمين.
مولده الشريف
ولد بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان على الصحيح المشهور بين الخاصة و العامة »و قيل«في شعبان و لعله اشتباه بمولد أخيه الحسين عليهالسلام سنة ثلاث أو اثنتين من الهجرة و قيل غير ذلك و لكن المشهور الأثبت أحد هذين.و هو أول أولاد علي و فاطمة عليهماالسلام.
فلما ولد الحسن قالت فاطمة لعلي سمه فقال ما كنت لأسبق باسمه رسول الله صلىاللهعليهوآله فجاء النبي صلىاللهعليهوآله فأخرج إليه فقال: اللهم إني أعيذه بك و ولده من الشيطان الرجيم و أذن في أذنه اليمنى و أقام في اليسرى و في أسد الغابة عن أبي أحمد العسكري سماه النبي صلىاللهعليهوآله حسنا و لم يكن يعرف هذا الاسم في الجاهلية.
و روى الكليني بسنده عن الصادق عليهالسلام قال عق رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الحسن بيده و قال باسم الله عقيقة عن الحسن و قال اللهم عظمها بعظمه و لحمها بلحمه و دمها بدمه و شعرها بشعره اللهم اجعلها وقاء لمحمد و آله )و في رواية( عق عنه بكبشين أملحين.و لعل الرواية أنه عق عن الحسن و الحسين بكبشين أملحين كما في طبقات ابن سعد من أنه عق عنهما بكبشين فوقع اشتباه في النقل، و أعطى القابلة فخذا و دينارا و حلق رأسه و أمر أن يتصدق بزنة شعره فضة فكان وزنه درهما و شيئا و قيل بل أمر أمه أن تفعل ذلك قال ابن الصباغ فصارت العقيقة و التصدق بوزن الشعر سنة مستمرة عند العلماء بما فعله النبي صلىاللهعليهوآله في حق الحسن و طلى رأسه بالخلوق و قال الدم فعل الجاهلية ، و في أسد الغابة بسنده عن أم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب أنها قالت يا رسول الله رأيت كان عضوا من أعضائك في بيتي قال خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فترضعينه بلبن قثم فولدت الحسن فأرضعته بلبن قثم.
كنيته
أبو محمد لا غير كناه به النبي صلىاللهعليهوآله كما في أسد الغابة عن أبي أحمد العسكري .
لقبه
أشهر ألقابه: التقي و الزكي و السبط.
نقش خاتمه
في الفصول المهمة : )العزة لله وحده( و في الوافي و غيره عن الرضا عليهالسلام )العزة لله( و في عنوان المعارف للصاحب بن عباد )الله أكبر و به أستعين( و في الوافي و غيره عن الصادق عليهالسلام أن نقش خاتم الحسن و الحسين عليهماالسلام )حسبي الله( .
بوابه
سفينة مولى رسول الله صلىاللهعليهوآله.
ملك عصره- معاوية.
أولاده
كان له خمسة عشر ولدا ما بين ذكر و أنثى و هم: زيد، أم الحسن، أم الحسين، أمهم أم بشير بنت أبي مسعود الخزرجية. الحسن، أمه خولة بنت منضور الفزارية. عمر. القاسم عبد الله، أمهم أم ولد. عبد الرحمن، أمه أم ولد. الحسين الملقب بالأثرم. طلحة، فاطمة أمهم أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمي. أم عبد الله. فاطمة. أم سلمة. رقية، لأمهات شتى و لم يعقب منهم غير الحسن و زيد.
صفته عليهالسلام في خلقه و حليته
عن الغزالي في الإحياء و المكي في قوت القلوب أن النبي صلىاللهعليهوآله قال للحسن عليهالسلام أشبهت خلقي و خلقي. و قال المفيد في الإرشاد كان الحسن عليهالسلام أشبه الناس برسول الله صلىاللهعليهوآله خلقا و هيئة و هديا و سؤددا. و في أسد الغابة بسنده عن أنس بن مالك لم يكن أحد أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله من الحسن بن علي و روى البغوي الحسين بن مسعود في كتابه مصابيح السنة عن أنس بن مالك مثله و زاد: و قال في الحسين أيضا كان أشبههم برسول الله صلىاللهعليهوآله.
)أقول( قال ذلك أنس لما رأى رأس الحسين عليهالسلام بين يدي ابن زياد. و الجمع بين الحديثين يقتضي أن يكون الحسن أشبه الناس به ما عدا الحسين ، و الحسين أشبه به ما عدا الحسن و حاصله أنه لم يكن أحد أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله منهما عليهالسلام و قد يجمع بينهما بما رواه أحمد بن حنبل في مسنده بسنده عن علي عليهالسلام أنه قال الحسن أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله ما بين الصدر إلى الرأس و الحسين أشبه ما أسفل من ذلك )اه( و يمكن أن يجمع بينهما بأن الحسن كان في حياته أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله من أخيه الحسين و من جميع الناس و بعد وفاة الحسن عليهالسلام صار الحسين عليهالسلام أشبه بجده من بقية الناس و حاصله أن الحسين أشبه به صلىاللهعليهوآله بعد الحسن.
صفته في أخلاقه و أطواره
ذكر غير واحد من العلماء أن الحسن عليهالسلام كان من أوسع الناس صدرا و أسجحهم خلقا.و قال المدائني : كان الحسن عليهالسلام أكبر ولد علي و كان سيدا سخيا حليما و كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يحبه.
و روى الصدوق في الأمالي بإسناده عن الصادق عن أبيه عن جده عليهالسلام أن الحسن بن علي بن أبي طالب كان أعبد الناس في زمانه و أزهدهم و أفضلهم و كان إذا حج حج ماشيا و ربما مشى حافيا، و لا يمر في شيء من أحواله إلا ذكر الله سبحانه و كان أصدق الناس لهجة و أفصحهم منطقا و كان إذا بلغ باب المسجد رفع رأسه و يقول إلهي ضيفك ببابك يا محسن قد أتاك المسيء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم. و عن الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش .روت زينب بنت أبي رافع قالت أتت فاطمة عليهاالسلام بابنيها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله في شكواه التي توفي فيها فقالت يا رسول الله هذان ابناك فورثهما شيئا فقال أما حسن فإن له هيبتي و سؤددي و أما حسين فإن له جرأتي و جودي )اه( . قال الطبرسي في إعلام الورى : و يصدق هذا الخبر ما رواه محمد بن إسحاق قال: ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ما بلغ الحسن بن علي كان يبسط له على باب داره فإذا خرج و جلس انقطع الطريق فما يمر أحد من خلق الله إجلالا له فإذا علم قام و دخل بيته فيمر الناس قال الراوي: و لقد رأيته في طريق مكة نزل عن راحلته فمشى فما من خلق الله أحد إلا نزل و مشى حتى رأيت سعد بن أبي وقاص قد نزل و مشى إلى جنبه.
فضائل الحسن و الحسين عليهماالسلام
)أما شرف النسب( فكفاهما أن جدهما محمد المصطفى سيد ولد آدم صلىاللهعليهوآله و أبوهما علي المرتضى سيد الأوصياء و أمهما فاطمة البضعة الزهراء سيدة النساء.و جدتهما خديجة بنت خويلد أول نساء هذه الأمة إسلاما و أول امرأة بذلت أموالها في سبيل الله و أعانت رسول الله صلىاللهعليهوآله جهدها على تبليغ رسالته و خففت من آلامه لأذى قومه.
و عمهما جعفر و عم أبيهما حمزة أسد الله و أسد رسوله صلىاللهعليهوآله و سيد الشهداء و جدهما أبو طالب ناصر رسول الله صلىاللهعليهوآله و المدافع عنه و المتحمل الأذى في سبيله.و جد أبيهما عبد المطلب شيبة الحمد و سيد البطحاء .و جد جدهما هاشم مطعم الحجيج و هاشم الثريد و سيد قريش :
شرف تورث كابرا عن كابر كالرمح انبوبا على انبوبخير الفروع فروعهم و أصولهم خير الأصول
و قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: إن الله تعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة و جعل ذريتي من صلب علي بن أبي طالب )اه( فكانت ذريته صلىاللهعليهوآله منحصرة في الحسن و الحسين و ابنائهما.
و روى النسائي في الخصائص و ابن عبد البر في الإستيعاب بالإسناد عن أبي سعيد الخدري في حديث قال رسول الله صلىاللهعليهوآله الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة.
و روى النسائي بسنده عن أنس بن مالك قال: دخلت أو ربما دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله و الحسن و الحسين ينقلبان على بطنه و يقول ريحانتاي من هذه الأمة.
شدة حب النبي صلىاللهعليهوآله لهما و وجوب محبتهما على كل واحد و أن حبهما حب رسول الله صلىاللهعليهوآله و أن بغضهما بغضه.
قال المفيد في الإرشاد و كانا حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله بين جميع أهله )و روى( الترمذي في صحيحه بسنده عن أنس بن مالك سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله أي أهل بيتك أحب إليك قال الحسن و الحسين و كان يقول لفاطمة أدعي لي ابني فيشمهما و يضمهما إليه.
)و روى( النسائي في الخصائص بسنده عن أسامة بن زيد عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال في الحسن و الحسين عليهماالسلام و هما على وركيه هذان ابناي و ابنا ابنتي اللهم إنك تعلم إني أحبهما فأحبهما )و رواه( في أسد الغابة بسنده عن النبي صلىاللهعليهوآله مثله. و في الإستيعاب : روي عن النبي صلىاللهعليهوآله من وجوه أنه قال في الحسن و الحسين اللهم إني أحبهما فأحبهما و أحب من يحبهما »و في الإصابة« و عن أحمد من طريق عبد الرحمن بن مسعود عن أبي هريرة خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآله و معه الحسن و الحسين هذا على عاتقه و هذا على عاتقه و هو يلثم هذا مرة و هذا مرة حتى انتهى إلينا فقال من أحبهما فقد أحبني و من أبغضهما فقد أبغضني و قال صلىاللهعليهوآله من أحب الحسن و الحسين أحببته و من أحببته أحبه الله و من أحبه الله أدخله الجنة و من أبغضهما أبغضته و من أبغضته أبغضه الله و من أبغضه الله أدخله النار.
جوامع مناقبهما
روي أن الحسن و الحسين عليهماالسلام مرا على شيخ يتوضأ و لا يحسن الوضوء فأظهرا تنازعا يقول كل منهما للآخر أنت لا تحسن الوضوء و قالا أيها الشيخ كن حكما بيننا فتوضأ و قالا أينا يحسن الوضوء فقال الشيخ كلاكما تحسنان الوضوء و لكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يحسن و قد تعلم الآن منكما و تاب على يديكما ببركتكما و شفقتكما على أمة جدكما.
و قال مدرك بن زياد لابن عباس و قد أمسك للحسن ثم للحسين بالركاب و سوى عليهما ثيابهما: أنت أسن منهما تمسك لهما بالركاب؟فقال يا لكع و ما تدري من هذان؟هذان ابنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أو ليس مما أنعم الله علي به أن أمسك لهما و أسوي عليهما.و في تذكرة الخواص في إفراد البخاري عن ابن عباس : كان رسول الله يعوذ الحسن و الحسين فيقول أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان و هامة و من كل عين لامة و يقول إن أباكما إبراهيم كان يعوذ بها إسماعيل و إسحاق.
مناقب الحسن عليهالسلام شدة محبة النبي صلىاللهعليهوآله له
في تذكرة الخواص روى أحمد بن حنبل في المسند بسنده عن البراء بن عازب: رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله واضعا الحسن على عاتقه و هو يقول اللهم إني أحبه فأحبه - متفق عليه و في رواية فأحب من يحبه.و رواه أبو نعيم في الحلية بسنده عن البراء إلا أنه قال من أحبني فليحبه. و روى أحمد بن حنبل بسنده عن أبي هريرة في حديث فجاء النبي صلىاللهعليهوآله فجلس بفناء بيت فاطمة عليهاالسلام. إلى أن قال فجاء الحسن يشتد حتى عانقه و قبله و قال اللهم أحبه و أحب من يحبه - متفق عليه. و عن كتاب بشارة المصطفى عن يعلى بن مرة قال خرجنا مع النبي صلىاللهعليهوآله و قد دعي إلى طعام فإذا الحسن عليهالسلام يلعب في الطريق فأسرع النبي صلىاللهعليهوآله أمام القوم ثم بسط يده فجعل يمر مرة هاهنا و مرة هاهنا يضاحكه حتى أخذه فجعل إحدى يديه في رقبته و الأخرى على رأسه ثم اعتنقه فقبله ثم قال حسن مني و أنا منه أحب الله من أحبه )اه( .
سخاء الحسن عليهالسلام
روى أبو نعيم في الحلية أن الحسن بن علي عليهالسلام قاسم الله ماله نصفين )و بسنده( خرج الحسن بن علي من ماله مرتين و قاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات حتى أن كان ليعطي نعلا و يمسك نعلا و يعطي خفا و يمسك خفا.و ذكر مثله محمد بن حبيب في أماليه . و ذكر ابن سعد في الطبقات أنه قاسم الله ماله ثلاث مرات حتى كان يعطي نعلا و يمسك نعلا و خرج من ماله لله تعالى مرتين. و في شرح النهج روى أبو جعفر محمد بن حبيب في أماليه أن الحسن عليهالسلام أعطى شاعرا فقال له رجل من جلسائه سبحان الله أ تعطي شاعرا يعصي الرحمن و يقول البهتان فقال يا عبد الله إن خير ما بذلت من مالك ما وقيت به عرضك و إن من ابتغاء الخير إتقاء الشر.
و روى ابن شهرآشوب في المناقب أن رجلا سأله فأعطاه خمسين ألف درهم و خمسمائة دينار و قال ائت بحمال يحمل لك فأتى بحمال فأعطاه طيلسانه و قال هذا كرى الحمال. و جاءه بعض الأعراب فقال أعطوه ما في الخزانة فوجد فيها عشرون ألف درهم فدفعها إليه فقال الأعرابي يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي و أنشر مدحتي فأنشا الحسن عليهالسلام يقول:
نحن أناس نوالنا خضل
تواضعه عليهالسلام
حكى ابن شهرآشوب في المناقب عن كتاب الفنون و كتاب نزهة الأبصار أن الحسن عليهالسلام مر على فقراء و قد وضعوا كسيرات على الأرض و هم قعود يلتقطونها و يأكلونها فقالوا له هلم يا ابن بنت رسول الله إلى الغداء فنزل و قال فإن الله لا يحب المتكبرين و جعل يأكل معهم ثم دعاهم إلى ضيافته و أطعمهم و كساهم.
جعل علي عليهالسلام الولاية في أوقافه للحسن ثم للحسين عليهماالسلام
جعل أمير المؤمنين على الولاية في أوقافه لابنه الحسن و بعده لأخيه الحسين عليهالسلام. فقال في كتاب الوقف الذي رواه السيد الرضي في نهج البلاغة هذا ما أمر به عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين في ماله ابتغاء وجه الله فإنه يقوم بذلك الحسن بن علي يأكل منه بالمعروف و ينفق منه بالمعروف فإن حدث بحسن حدث و حسين حي قام بالأمر بعده و أصدر مصدره و إن لبني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني علي و إني إنما جعلت القيام بذلك إلى ابني فاطمة ابتغاء وجه الله و قربة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله و تكريما لحرمته و تشريفا لوصلته.
بيعته بالخلافة
فقام عبد الله بن العباس بين يديه فقال: معاشر الناس هذا ابن نبيكم و وصي إمامكم فبايعوه فاستجاب الناس فقالوا ما أحبه إلينا و أوجب حقه علينا و أحقه بالخلافة و بادروا إلى البيعة له بالخلافة. قال المفيد في الإرشاد : كانت بيعته يوم الجمعة 21 رمضان سنة40 قال أبو الفرج : ثم نزل من المنبر فرتب العمال و أمر الأمراء و نظر في الأمور و أنفذ عبد الله بن العباس إلى البصرة قال: و كان أول شيء أحدثه الحسن بن علي عليهماالسلام أنه زاد المقاتلة مائة مائة و قد كان علي عليهالسلام أبوه فعل ذلك يوم الجمل و الحسن عليهالسلام فعله على حال الاستخلاف فتبعه الخلفاء من بعد ذلك.
قال المفيد : فلما بلغ معاوية وفاة أمير المؤمنين عليهالسلام و بيعة الناس ابنه الحسن عليهالسلام دس رجلا من حمير إلى الكوفة و رجلا من بني القين إلى البصرة ليكتبا إليه بالأخبار و يفسدا على الحسن الأمور فعرف ذلك الحسن فأمر باستخراج الحميري من عند لحام بالكوفة فأخرج و أمر بضرب عنقه و كتب إلى البصرة باستخراج القيني من بني سليم فأخرج و ضربت عنقه.
شروط الصلح
حكى الصدوق عن كتاب الفروق بين الأباطيل و الحقوق تأليف محمد بن بحر الشيباني عن أبي بكر محمد بن الحسن بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري حدثنا أبو طالب زيد بن أجزم حدثنا أبو داود حدثنا القاسم بن فضيل حدثنا يوسف بن مازن الراسبي قال: بايع الحسن بن علي معاوية على أن لا يسميه أمير المؤمنين و لا يقيم عنده شهادة و أن لا يتعقب على شيعة علي شيئا و يؤمنهم و لا يتعرض لأحد منهم بسوء و يوصل إلى كل ذي حق منهم حقه و أن يفرق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل و صفين ألف ألف درهم و أن يجعل ذلك من خراج دارابجرد من بلاد فارس »اه« و كان فيما شرطه أن يترك سب أمير المؤمنين و القنوت عليه في الصلاة.و قال ابن الأثير إنه لم يجبه إلى الكف عن شتم علي فطلب أن لا يشتم و هو يسمع فأجابه إلى ذلك ثم لم يف له به أيضا»اه« و عاهد معاوية الحسن على ما تم بينهما من الشروط و حلف له بالوفاء و كتب بينه و بينه بذلك كتابا ثم لم يف له بشيء مما عاهده عليه.
صورة كتاب الصلح بين الحسن و معاوية
ذكره ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة .بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان صالحه على أن يسلم إليه ولاية المسلمين على أن يعمل فيهم بكتاب الله و سنة رسوله و ليس لمعاوية أن يعهد الى أحد من بعده عهدا على أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله تعالى في شامهم و يمنهم و عراقهم و حجازهم و على أن أصحاب علي و شيعته آمنون على أنفسهم و أموالهم و نسائهم و أولادهم حيث كانوا و على معاوية بذلك عهد الله و ميثاقه و على أن لا يبغي للحسن بن علي و لا لأخيه الحسين و لا لأحد من بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله غائلة سوء سرا و جهرا و لا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق شهد عليه بذلك فلان و فلان و كفى بالله شهيدا.
قال المفيد : فلما تم الصلح سار معاوية حتى نزل النخيلة »و هي معسكر الكوفة« و كان ذلك يوم جمعة فصلى بالناس و خطبهم و قال أبو الفرج إنه جمع الناس بالنخيلة فخطبهم قبل أن يدخل الكوفة خطبة طويلة لم ينقلها أحد من الرواة تامة و جاءت مقطعة فنذكر ما انتهى إلينا منها فقال: ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها )ثم انتبه فاستدرك و قال( إلا هذه الأمة فإنها و إنها.قال المفيد و أبو الفرج و قال في خطبته إني و الله ما قاتلتكم لتصلوا و لا لتصوموا و لا لتحجوا و لا لتزكوا أنكم لتفعلون ذلك و لكني قاتلتكم لأتامر عليكم و قد أعطاني الله ذلك و أنتم كارهون إلا و إني كنت منيت الحسن و أعطيته أشياء و جميعها تحت قدمي لا أفي بشيء منها.
رجوعه إلى المدينة
قال المدائني : أقام الحسن عليهالسلام بالكوفة أياما ثم تجهز للشخوص إلى المدينة فدخل عليه المسيب بن الفزاري و ظبيان بن عمارة التميمي ليودعاه فقال الحسن عليهالسلام الحمد لله الغالب على أمره لو جمع الناس جميعا على أن لا يكون ما هو كائن ما استطاعوا )إلى أن قال( فعرض له المسيب و ظبيان بالرجوع فقال ليس إلى ذلك سبيل فلما كان الغد خرج و توجه إلى المدينة هو و أخوه الحسين عليهالسلام و أهل بيته و حشمهم و جعل الناس يبكون عند مسيرهم من الكوفة فلما صار بدير هند نظر إلى الكوفة و قال:
و لا عن قلى فارقت دار معاشري هم المانعون حوزتي و ذماري
قال المفيد : خرج الحسن عليهالسلام إلى المدينة فأقام بها كاظما غيظه لازما منزله منتظرا لأمر ربه.
وفاة الحسن عليهالسلام
روى الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش عن محمد بن حبيب فيأماليه عن ابن عباس أنه قال أول ذل دخل على العرب موت الحسن عليهالسلام . و في مقاتل الطالبيين قيل لأبي إسحاق متى ذل الناس قال حيث مات الحسن و ادعى زياد و قتل حجر بن عدي و كان الحسن عليهالسلام شرط على معاوية في شروط الصلح أن لا يعهد إلى أحد بالخلافة بعده و أن تكون الخلافة له من بعده.
قال أبو الفرج و أراد معاوية البيعة لابنه يزيد فلم يكن شيء أثقل عليه من أمر الحسن بن علي و سعد بن أبي وقاص فدس إليهما سما فماتا منه أرسل إلى ابنة الأشعث أني مزوجك بيزيد ابني على أن تسمي الحسن و بعث إليها بمائة ألف درهم فسوغها المال و لم يزوجها منه فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها فكان إذا وقع بينهم و بين بطون قريش كلام عيروهم و قالوا يا بني مسمة الأزواج و كان ذلك بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين .
و قال ابن عبد البر في الإستيعاب قال قتادة و أبو بكر بن حفص : سم الحسن بن علي سمته امرأته بنت الأشعث بن قيس الكندي و قالت طائفة كان ذلك منه بتدسيس معاوية إليها و ما بذل لها في ذلك )اه( ، و قال المدائني دس إليه معاوية سما على يد جعدة بنت الأشعث بن قيس زوجة الحسن و قال لها إن قتلته بالسم فلك مائة ألف و أزوجك يزيد ابني فمرض أربعين يوما فلما مات وفى لها بالمال و لم يزوجها من يزيد و قال أخشى أن تصنعي بابني ما صنعت بابن رسول الله صلىاللهعليهوآله.
و قال المفيد : لما تم لمعاوية عشر سنين من إمارته و عزم على البيعة لابنه يزيد دس إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس و كانت زوجة الحسن عليهالسلام من حملها على سمه و ضمن لها أن يزوجها بابنه يزيد فأرسل إليها مائة ألف درهم فسقته جعدة السم فبقي أربعين يوما و مضى لسبيله ، و في تذكرة الخواص لسبط بن الجوزي قال علماء السير منهم ابن عبد البر سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي و قال الشعبي دس إليها معاوية فقال سمي الحسن و أزوجك يزيد و أعطيك مائة ألف درهم فلما مات الحسن بعث إليها بالمال و لم يزوجها بيزيد قال و حكى جدي في كتاب الصفوة قال ذكر يعقوب بن سفيان في تاريخه أن جعدة هي التي سمته و قال الشاعر في ذلك:
تعزفكم لك من سلوة تفرج عنك غليل الحزنبموت النبي و قتل الوصي و قتل الحسين و سم الحسن
و قال الصادق عليهالسلام أن الأشعث شرك في دم أمير المؤمنين عليهالسلام و ابنته جعدة سمت الحسن عليهالسلام و ابنه محمد شرك في دم الحسين عليهالسلام.
وصية الحسن بن علي إلى أخيه الحسين عليهالسلام
رواها الشيخ الطوسي في أماليه عن ابن عباس : هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أنه يعبده حق عبادته لا شريك له في الملك و لا ولي له من الذل و أنه خلق كل شيء فقدره تقديرا و أنه أولى من عبد و أحق من حمد من أطاعه رشد و من عصاه غوى و من تاب إليه اهتدى فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي و ولدي و أهل بيتك أن تصفح عن مسيئهم و تقبل من محسنهم و تكون لهم خلفا و والدا و أن تدفنني مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فإني أحق به و ببيته فإن أبوا عليك فأنشدك الله بالقرابة التي قرب الله عز و جل منك و الرحم الماسة من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن لا تهريق في أمري محجمة من دم حتى نلقى رسول الله صلىاللهعليهوآله فنختصم إليه و نخبره بما كان من الناس إلينا.
و روى الحاكم في المستدرك أنه لما توفي أقام نساء بني هاشم النوح عليه شهرا، و عن أبي جعفر قال مكث الناس يبكون على الحسن بن علي و عطلت الأسواق، قال الشيخ الطوسي في الأمالي : فلما توفي دعا الحسين ابن عباس و عبد الرحمن بن جعفر و علي بن عبد الله بن عباس فأعانوه على غسله و حنطوه و ألبسوه أكفانه و خرجوا به إلى المسجد فصلوا عليه.
قال المفيد : لما مضى لسبيله غسله الحسين عليهالسلام و كفنه و حمله على سريره و لم يشك مروان و من معه من بني أمية أنهم سيدفنونه عند رسول الله صلىاللهعليهوآله فتجمعوا لذلك و لبسوا السلاح فلما توجه به الحسين عليهالسلام إلى قبر جده رسول الله صلىاللهعليهوآله ليجدد به عهدا أقبلوا إليهم في جمعهم و لحقتهم عائشة على بغل و هي تقول ما لي و لكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب و جعل مروان يقول: يا رب هيجا هي خير من دعة.أ يدفن عثمان في أقصى المدينة و يدفن الحسن مع النبي لا يكون ذلك أبدا و أنا أحمل السيف، و كادت الفتنة أن تقع بين بني هاشم و بني أمية .
و قال سبط ابن الجوزي : قال ابن سعد عن الواقدي لما احتضر الحسن قال أدفنوني عند أبي يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله فأراد الحسين عليهالسلام أن يدفنه في حجرة رسول الله صلىاللهعليهوآله فقامت بنو أمية و مروان بن الحكم و سعيد بن العاص و كان واليا على المدينة فمنعوه و قامت بنو هاشم لتقاتلهم فقال أبو هريرة أ رأيتم لو مات ابن لموسى أما كان يدفن مع أبيه قال ابن سعد و منهم أيضا عائشة و قالت لا يدفن مع رسول الله صلىاللهعليهوآله أحد. و قال أبو الفرج الأصبهاني : قال يحيى بن الحسن : سمعت علي بن طاهر بن زيد يقول لما أرادوا دفنه ركبت عائشة بغلا و استعونت بني أمية و مروان و من كان هناك منهم و من حشمهم و هو قول القائل:
فيوما على بغل و يوما على جمل
قال المفيد في تتمة الخبر السابق: فبادر ابن عباس إلى مروان فقال له ارجع يا مروان من حيث جئت ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله لكنا نريد أن نجدد به عهدا بزيارته ثم نرده إلى جدته فاطمة بنت أسد فندفنه عندها بوصيته بذلك )إلى آخر كلامه( و قال الحسين عليهالسلام: و الله لو لا عهد الحسن بحقن الدماء و إن لا أهريق في أمره محجمة دم لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها و قد نقضتم العهد بيننا و بينكم و أبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا. و مضوا بالحسن فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف .
و لما بلغ معاوية موت الحسن عليهالسلام سجد و سجد من حوله و كبر و كبروا معه، ذكره الزمخشري في ربيع الأبرار و ابن عبد البر في الإستيعاب و غيرهما فقال بعض الشعراء:
أصبح اليوم ابن هند شامتا ظاهر النخوة إذ مات الحسنيا ابن هند إن تذق كأس الردى تك في الدهر كشيء لم يكنلست بالباقي فلا تشمت به كل حي للمنايا مرتهن
و لما أتى نعيه إلى البصرة و ذلك في إمارة زياد بن سمية بكى الناس فسمع الضجة أبو بكرة أخو زياد و كان مريضا فقال ما هذا فقالت له زوجته و كانت ثقفية مات الحسن بن علي و الحمد لله الذي أراح الناس منه فقال اسكتي ويحك فقد أراحه الله من شر كثير و فقد الناس بموته خيرا كثيرا يرحم الله حسنا . ذكره المدائني .
و كانت وفاته عليهالسلام بالمدينة يوم الخميس لليلتين بقيتا من صفر و قيل في السابع منه و قيل لخمس بقين من ربيع الأول و في رواية الحاكم لخمس خلون منه سنة خمسين من الهجرة أو خمس و أربعين أو تسع و أربعين أو إحدى و خمسين أو أربع و أربعين أو سبع و أربعين أو ثمان و خمسين و له »سبع و أربعون سنة« أو »ست و أربعون و أربعة أشهر و ثلاثة عشرة يوما« و قيل غير ذلك و وقع هنا اشتباهات من أعاظم العلماء مثل الكليني و المفيد و الطبرسي بيناها في الجزء الخامس من المجالس السنية .
و قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله و له »سبع سنين و ستة أشهر« و قيل »ثمان سنين« و قام بالأمر بعد أبيه و له »سبع و ثلاثون سنة« و أقام إلى أن صالح معاوية ستة أشهر و خمسة أيام أو ثلاثة أيام على الخلاف في وفاة أمير المؤمنين عليهالسلام أنها ليلة إحدى و عشرين أو ثلاث و عشرين من شهر رمضان و قيل غير ذلك كما تقدم و بقي بعد الصلح تسع سنين و تسعة أشهر و ثلاثة عشرة يوما و قيل غير ذلك و الله أعلم .
كتابة العلم
عن السيوطي في تدريب الراوي أنه كان بين السلف من الصحابة و التابعين اختلاف كثير في كتابة العلم فكرهها كثير منهم و أباحها طائفة و فعلوها منهم علي و ابنه الحسن )اه( و لا شك في أنه لو لا كتابة العلم لضاع العلم فهي منقبة لعلي و ولده عليهماالسلام .
أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب عليهماالسلام
ثاني أئمة أهل البيت الطاهر و أول السبطين سيدي شباب أهل الجنة ريحانتي المصطفى و أحد الخمسة أصحاب العباء. أمه فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله سيدة نساء العالمين.
مولده الشريف
ولد بالمدينة ليلة النصف من شهر رمضان على الصحيح المشهور بين الخاصة و العامة »و قيل«في شعبان و لعله اشتباه بمولد أخيه الحسين عليهالسلام سنة ثلاث أو اثنتين من الهجرة و قيل غير ذلك و لكن المشهور الأثبت أحد هذين.و هو أول أولاد علي و فاطمة عليهماالسلام.
فلما ولد الحسن قالت فاطمة لعلي سمه فقال ما كنت لأسبق باسمه رسول الله صلىاللهعليهوآله فجاء النبي صلىاللهعليهوآله فأخرج إليه فقال: اللهم إني أعيذه بك و ولده من الشيطان الرجيم و أذن في أذنه اليمنى و أقام في اليسرى و في أسد الغابة عن أبي أحمد العسكري سماه النبي صلىاللهعليهوآله حسنا و لم يكن يعرف هذا الاسم في الجاهلية.
و روى الكليني بسنده عن الصادق عليهالسلام قال عق رسول الله صلىاللهعليهوآله عن الحسن بيده و قال باسم الله عقيقة عن الحسن و قال اللهم عظمها بعظمه و لحمها بلحمه و دمها بدمه و شعرها بشعره اللهم اجعلها وقاء لمحمد و آله )و في رواية( عق عنه بكبشين أملحين.و لعل الرواية أنه عق عن الحسن و الحسين بكبشين أملحين كما في طبقات ابن سعد من أنه عق عنهما بكبشين فوقع اشتباه في النقل، و أعطى القابلة فخذا و دينارا و حلق رأسه و أمر أن يتصدق بزنة شعره فضة فكان وزنه درهما و شيئا و قيل بل أمر أمه أن تفعل ذلك قال ابن الصباغ فصارت العقيقة و التصدق بوزن الشعر سنة مستمرة عند العلماء بما فعله النبي صلىاللهعليهوآله في حق الحسن و طلى رأسه بالخلوق و قال الدم فعل الجاهلية ، و في أسد الغابة بسنده عن أم الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب أنها قالت يا رسول الله رأيت كان عضوا من أعضائك في بيتي قال خيرا رأيت تلد فاطمة غلاما فترضعينه بلبن قثم فولدت الحسن فأرضعته بلبن قثم.
كنيته
أبو محمد لا غير كناه به النبي صلىاللهعليهوآله كما في أسد الغابة عن أبي أحمد العسكري .
لقبه
أشهر ألقابه: التقي و الزكي و السبط.
نقش خاتمه
في الفصول المهمة : )العزة لله وحده( و في الوافي و غيره عن الرضا عليهالسلام )العزة لله( و في عنوان المعارف للصاحب بن عباد )الله أكبر و به أستعين( و في الوافي و غيره عن الصادق عليهالسلام أن نقش خاتم الحسن و الحسين عليهماالسلام )حسبي الله( .
بوابه
سفينة مولى رسول الله صلىاللهعليهوآله.
ملك عصره- معاوية.
أولاده
كان له خمسة عشر ولدا ما بين ذكر و أنثى و هم: زيد، أم الحسن، أم الحسين، أمهم أم بشير بنت أبي مسعود الخزرجية. الحسن، أمه خولة بنت منضور الفزارية. عمر. القاسم عبد الله، أمهم أم ولد. عبد الرحمن، أمه أم ولد. الحسين الملقب بالأثرم. طلحة، فاطمة أمهم أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمي. أم عبد الله. فاطمة. أم سلمة. رقية، لأمهات شتى و لم يعقب منهم غير الحسن و زيد.
صفته عليهالسلام في خلقه و حليته
عن الغزالي في الإحياء و المكي في قوت القلوب أن النبي صلىاللهعليهوآله قال للحسن عليهالسلام أشبهت خلقي و خلقي. و قال المفيد في الإرشاد كان الحسن عليهالسلام أشبه الناس برسول الله صلىاللهعليهوآله خلقا و هيئة و هديا و سؤددا. و في أسد الغابة بسنده عن أنس بن مالك لم يكن أحد أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله من الحسن بن علي و روى البغوي الحسين بن مسعود في كتابه مصابيح السنة عن أنس بن مالك مثله و زاد: و قال في الحسين أيضا كان أشبههم برسول الله صلىاللهعليهوآله.
)أقول( قال ذلك أنس لما رأى رأس الحسين عليهالسلام بين يدي ابن زياد. و الجمع بين الحديثين يقتضي أن يكون الحسن أشبه الناس به ما عدا الحسين ، و الحسين أشبه به ما عدا الحسن و حاصله أنه لم يكن أحد أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله منهما عليهالسلام و قد يجمع بينهما بما رواه أحمد بن حنبل في مسنده بسنده عن علي عليهالسلام أنه قال الحسن أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله ما بين الصدر إلى الرأس و الحسين أشبه ما أسفل من ذلك )اه( و يمكن أن يجمع بينهما بأن الحسن كان في حياته أشبه برسول الله صلىاللهعليهوآله من أخيه الحسين و من جميع الناس و بعد وفاة الحسن عليهالسلام صار الحسين عليهالسلام أشبه بجده من بقية الناس و حاصله أن الحسين أشبه به صلىاللهعليهوآله بعد الحسن.
صفته في أخلاقه و أطواره
ذكر غير واحد من العلماء أن الحسن عليهالسلام كان من أوسع الناس صدرا و أسجحهم خلقا.و قال المدائني : كان الحسن عليهالسلام أكبر ولد علي و كان سيدا سخيا حليما و كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يحبه.
و روى الصدوق في الأمالي بإسناده عن الصادق عن أبيه عن جده عليهالسلام أن الحسن بن علي بن أبي طالب كان أعبد الناس في زمانه و أزهدهم و أفضلهم و كان إذا حج حج ماشيا و ربما مشى حافيا، و لا يمر في شيء من أحواله إلا ذكر الله سبحانه و كان أصدق الناس لهجة و أفصحهم منطقا و كان إذا بلغ باب المسجد رفع رأسه و يقول إلهي ضيفك ببابك يا محسن قد أتاك المسيء فتجاوز عن قبيح ما عندي بجميل ما عندك يا كريم. و عن الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش .روت زينب بنت أبي رافع قالت أتت فاطمة عليهاالسلام بابنيها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله في شكواه التي توفي فيها فقالت يا رسول الله هذان ابناك فورثهما شيئا فقال أما حسن فإن له هيبتي و سؤددي و أما حسين فإن له جرأتي و جودي )اه( . قال الطبرسي في إعلام الورى : و يصدق هذا الخبر ما رواه محمد بن إسحاق قال: ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ما بلغ الحسن بن علي كان يبسط له على باب داره فإذا خرج و جلس انقطع الطريق فما يمر أحد من خلق الله إجلالا له فإذا علم قام و دخل بيته فيمر الناس قال الراوي: و لقد رأيته في طريق مكة نزل عن راحلته فمشى فما من خلق الله أحد إلا نزل و مشى حتى رأيت سعد بن أبي وقاص قد نزل و مشى إلى جنبه.
فضائل الحسن و الحسين عليهماالسلام
)أما شرف النسب( فكفاهما أن جدهما محمد المصطفى سيد ولد آدم صلىاللهعليهوآله و أبوهما علي المرتضى سيد الأوصياء و أمهما فاطمة البضعة الزهراء سيدة النساء.و جدتهما خديجة بنت خويلد أول نساء هذه الأمة إسلاما و أول امرأة بذلت أموالها في سبيل الله و أعانت رسول الله صلىاللهعليهوآله جهدها على تبليغ رسالته و خففت من آلامه لأذى قومه.
و عمهما جعفر و عم أبيهما حمزة أسد الله و أسد رسوله صلىاللهعليهوآله و سيد الشهداء و جدهما أبو طالب ناصر رسول الله صلىاللهعليهوآله و المدافع عنه و المتحمل الأذى في سبيله.و جد أبيهما عبد المطلب شيبة الحمد و سيد البطحاء .و جد جدهما هاشم مطعم الحجيج و هاشم الثريد و سيد قريش :
شرف تورث كابرا عن كابر كالرمح انبوبا على انبوبخير الفروع فروعهم و أصولهم خير الأصول
و قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: إن الله تعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة و جعل ذريتي من صلب علي بن أبي طالب )اه( فكانت ذريته صلىاللهعليهوآله منحصرة في الحسن و الحسين و ابنائهما.
و روى النسائي في الخصائص و ابن عبد البر في الإستيعاب بالإسناد عن أبي سعيد الخدري في حديث قال رسول الله صلىاللهعليهوآله الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة.
و روى النسائي بسنده عن أنس بن مالك قال: دخلت أو ربما دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله و الحسن و الحسين ينقلبان على بطنه و يقول ريحانتاي من هذه الأمة.
شدة حب النبي صلىاللهعليهوآله لهما و وجوب محبتهما على كل واحد و أن حبهما حب رسول الله صلىاللهعليهوآله و أن بغضهما بغضه.
قال المفيد في الإرشاد و كانا حبيبي رسول الله صلىاللهعليهوآله بين جميع أهله )و روى( الترمذي في صحيحه بسنده عن أنس بن مالك سئل رسول الله صلىاللهعليهوآله أي أهل بيتك أحب إليك قال الحسن و الحسين و كان يقول لفاطمة أدعي لي ابني فيشمهما و يضمهما إليه.
)و روى( النسائي في الخصائص بسنده عن أسامة بن زيد عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال في الحسن و الحسين عليهماالسلام و هما على وركيه هذان ابناي و ابنا ابنتي اللهم إنك تعلم إني أحبهما فأحبهما )و رواه( في أسد الغابة بسنده عن النبي صلىاللهعليهوآله مثله. و في الإستيعاب : روي عن النبي صلىاللهعليهوآله من وجوه أنه قال في الحسن و الحسين اللهم إني أحبهما فأحبهما و أحب من يحبهما »و في الإصابة« و عن أحمد من طريق عبد الرحمن بن مسعود عن أبي هريرة خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآله و معه الحسن و الحسين هذا على عاتقه و هذا على عاتقه و هو يلثم هذا مرة و هذا مرة حتى انتهى إلينا فقال من أحبهما فقد أحبني و من أبغضهما فقد أبغضني و قال صلىاللهعليهوآله من أحب الحسن و الحسين أحببته و من أحببته أحبه الله و من أحبه الله أدخله الجنة و من أبغضهما أبغضته و من أبغضته أبغضه الله و من أبغضه الله أدخله النار.
جوامع مناقبهما
روي أن الحسن و الحسين عليهماالسلام مرا على شيخ يتوضأ و لا يحسن الوضوء فأظهرا تنازعا يقول كل منهما للآخر أنت لا تحسن الوضوء و قالا أيها الشيخ كن حكما بيننا فتوضأ و قالا أينا يحسن الوضوء فقال الشيخ كلاكما تحسنان الوضوء و لكن هذا الشيخ الجاهل هو الذي لم يحسن و قد تعلم الآن منكما و تاب على يديكما ببركتكما و شفقتكما على أمة جدكما.
و قال مدرك بن زياد لابن عباس و قد أمسك للحسن ثم للحسين بالركاب و سوى عليهما ثيابهما: أنت أسن منهما تمسك لهما بالركاب؟فقال يا لكع و ما تدري من هذان؟هذان ابنا رسول الله صلىاللهعليهوآله أو ليس مما أنعم الله علي به أن أمسك لهما و أسوي عليهما.و في تذكرة الخواص في إفراد البخاري عن ابن عباس : كان رسول الله يعوذ الحسن و الحسين فيقول أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان و هامة و من كل عين لامة و يقول إن أباكما إبراهيم كان يعوذ بها إسماعيل و إسحاق.
مناقب الحسن عليهالسلام شدة محبة النبي صلىاللهعليهوآله له
في تذكرة الخواص روى أحمد بن حنبل في المسند بسنده عن البراء بن عازب: رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله واضعا الحسن على عاتقه و هو يقول اللهم إني أحبه فأحبه - متفق عليه و في رواية فأحب من يحبه.و رواه أبو نعيم في الحلية بسنده عن البراء إلا أنه قال من أحبني فليحبه. و روى أحمد بن حنبل بسنده عن أبي هريرة في حديث فجاء النبي صلىاللهعليهوآله فجلس بفناء بيت فاطمة عليهاالسلام. إلى أن قال فجاء الحسن يشتد حتى عانقه و قبله و قال اللهم أحبه و أحب من يحبه - متفق عليه. و عن كتاب بشارة المصطفى عن يعلى بن مرة قال خرجنا مع النبي صلىاللهعليهوآله و قد دعي إلى طعام فإذا الحسن عليهالسلام يلعب في الطريق فأسرع النبي صلىاللهعليهوآله أمام القوم ثم بسط يده فجعل يمر مرة هاهنا و مرة هاهنا يضاحكه حتى أخذه فجعل إحدى يديه في رقبته و الأخرى على رأسه ثم اعتنقه فقبله ثم قال حسن مني و أنا منه أحب الله من أحبه )اه( .
سخاء الحسن عليهالسلام
روى أبو نعيم في الحلية أن الحسن بن علي عليهالسلام قاسم الله ماله نصفين )و بسنده( خرج الحسن بن علي من ماله مرتين و قاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات حتى أن كان ليعطي نعلا و يمسك نعلا و يعطي خفا و يمسك خفا.و ذكر مثله محمد بن حبيب في أماليه . و ذكر ابن سعد في الطبقات أنه قاسم الله ماله ثلاث مرات حتى كان يعطي نعلا و يمسك نعلا و خرج من ماله لله تعالى مرتين. و في شرح النهج روى أبو جعفر محمد بن حبيب في أماليه أن الحسن عليهالسلام أعطى شاعرا فقال له رجل من جلسائه سبحان الله أ تعطي شاعرا يعصي الرحمن و يقول البهتان فقال يا عبد الله إن خير ما بذلت من مالك ما وقيت به عرضك و إن من ابتغاء الخير إتقاء الشر.
و روى ابن شهرآشوب في المناقب أن رجلا سأله فأعطاه خمسين ألف درهم و خمسمائة دينار و قال ائت بحمال يحمل لك فأتى بحمال فأعطاه طيلسانه و قال هذا كرى الحمال. و جاءه بعض الأعراب فقال أعطوه ما في الخزانة فوجد فيها عشرون ألف درهم فدفعها إليه فقال الأعرابي يا مولاي ألا تركتني أبوح بحاجتي و أنشر مدحتي فأنشا الحسن عليهالسلام يقول:
نحن أناس نوالنا خضل
تواضعه عليهالسلام
حكى ابن شهرآشوب في المناقب عن كتاب الفنون و كتاب نزهة الأبصار أن الحسن عليهالسلام مر على فقراء و قد وضعوا كسيرات على الأرض و هم قعود يلتقطونها و يأكلونها فقالوا له هلم يا ابن بنت رسول الله إلى الغداء فنزل و قال فإن الله لا يحب المتكبرين و جعل يأكل معهم ثم دعاهم إلى ضيافته و أطعمهم و كساهم.
جعل علي عليهالسلام الولاية في أوقافه للحسن ثم للحسين عليهماالسلام
جعل أمير المؤمنين على الولاية في أوقافه لابنه الحسن و بعده لأخيه الحسين عليهالسلام. فقال في كتاب الوقف الذي رواه السيد الرضي في نهج البلاغة هذا ما أمر به عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين في ماله ابتغاء وجه الله فإنه يقوم بذلك الحسن بن علي يأكل منه بالمعروف و ينفق منه بالمعروف فإن حدث بحسن حدث و حسين حي قام بالأمر بعده و أصدر مصدره و إن لبني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني علي و إني إنما جعلت القيام بذلك إلى ابني فاطمة ابتغاء وجه الله و قربة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله و تكريما لحرمته و تشريفا لوصلته.
بيعته بالخلافة
فقام عبد الله بن العباس بين يديه فقال: معاشر الناس هذا ابن نبيكم و وصي إمامكم فبايعوه فاستجاب الناس فقالوا ما أحبه إلينا و أوجب حقه علينا و أحقه بالخلافة و بادروا إلى البيعة له بالخلافة. قال المفيد في الإرشاد : كانت بيعته يوم الجمعة 21 رمضان سنة40 قال أبو الفرج : ثم نزل من المنبر فرتب العمال و أمر الأمراء و نظر في الأمور و أنفذ عبد الله بن العباس إلى البصرة قال: و كان أول شيء أحدثه الحسن بن علي عليهماالسلام أنه زاد المقاتلة مائة مائة و قد كان علي عليهالسلام أبوه فعل ذلك يوم الجمل و الحسن عليهالسلام فعله على حال الاستخلاف فتبعه الخلفاء من بعد ذلك.
قال المفيد : فلما بلغ معاوية وفاة أمير المؤمنين عليهالسلام و بيعة الناس ابنه الحسن عليهالسلام دس رجلا من حمير إلى الكوفة و رجلا من بني القين إلى البصرة ليكتبا إليه بالأخبار و يفسدا على الحسن الأمور فعرف ذلك الحسن فأمر باستخراج الحميري من عند لحام بالكوفة فأخرج و أمر بضرب عنقه و كتب إلى البصرة باستخراج القيني من بني سليم فأخرج و ضربت عنقه.
شروط الصلح
حكى الصدوق عن كتاب الفروق بين الأباطيل و الحقوق تأليف محمد بن بحر الشيباني عن أبي بكر محمد بن الحسن بن إسحاق بن خزيمة النيسابوري حدثنا أبو طالب زيد بن أجزم حدثنا أبو داود حدثنا القاسم بن فضيل حدثنا يوسف بن مازن الراسبي قال: بايع الحسن بن علي معاوية على أن لا يسميه أمير المؤمنين و لا يقيم عنده شهادة و أن لا يتعقب على شيعة علي شيئا و يؤمنهم و لا يتعرض لأحد منهم بسوء و يوصل إلى كل ذي حق منهم حقه و أن يفرق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل و صفين ألف ألف درهم و أن يجعل ذلك من خراج دارابجرد من بلاد فارس »اه« و كان فيما شرطه أن يترك سب أمير المؤمنين و القنوت عليه في الصلاة.و قال ابن الأثير إنه لم يجبه إلى الكف عن شتم علي فطلب أن لا يشتم و هو يسمع فأجابه إلى ذلك ثم لم يف له به أيضا»اه« و عاهد معاوية الحسن على ما تم بينهما من الشروط و حلف له بالوفاء و كتب بينه و بينه بذلك كتابا ثم لم يف له بشيء مما عاهده عليه.
صورة كتاب الصلح بين الحسن و معاوية
ذكره ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة .بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما صالح عليه الحسن بن علي بن أبي طالب معاوية بن أبي سفيان صالحه على أن يسلم إليه ولاية المسلمين على أن يعمل فيهم بكتاب الله و سنة رسوله و ليس لمعاوية أن يعهد الى أحد من بعده عهدا على أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله تعالى في شامهم و يمنهم و عراقهم و حجازهم و على أن أصحاب علي و شيعته آمنون على أنفسهم و أموالهم و نسائهم و أولادهم حيث كانوا و على معاوية بذلك عهد الله و ميثاقه و على أن لا يبغي للحسن بن علي و لا لأخيه الحسين و لا لأحد من بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله غائلة سوء سرا و جهرا و لا يخيف أحدا منهم في أفق من الآفاق شهد عليه بذلك فلان و فلان و كفى بالله شهيدا.
قال المفيد : فلما تم الصلح سار معاوية حتى نزل النخيلة »و هي معسكر الكوفة« و كان ذلك يوم جمعة فصلى بالناس و خطبهم و قال أبو الفرج إنه جمع الناس بالنخيلة فخطبهم قبل أن يدخل الكوفة خطبة طويلة لم ينقلها أحد من الرواة تامة و جاءت مقطعة فنذكر ما انتهى إلينا منها فقال: ما اختلفت أمة بعد نبيها إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها )ثم انتبه فاستدرك و قال( إلا هذه الأمة فإنها و إنها.قال المفيد و أبو الفرج و قال في خطبته إني و الله ما قاتلتكم لتصلوا و لا لتصوموا و لا لتحجوا و لا لتزكوا أنكم لتفعلون ذلك و لكني قاتلتكم لأتامر عليكم و قد أعطاني الله ذلك و أنتم كارهون إلا و إني كنت منيت الحسن و أعطيته أشياء و جميعها تحت قدمي لا أفي بشيء منها.
رجوعه إلى المدينة
قال المدائني : أقام الحسن عليهالسلام بالكوفة أياما ثم تجهز للشخوص إلى المدينة فدخل عليه المسيب بن الفزاري و ظبيان بن عمارة التميمي ليودعاه فقال الحسن عليهالسلام الحمد لله الغالب على أمره لو جمع الناس جميعا على أن لا يكون ما هو كائن ما استطاعوا )إلى أن قال( فعرض له المسيب و ظبيان بالرجوع فقال ليس إلى ذلك سبيل فلما كان الغد خرج و توجه إلى المدينة هو و أخوه الحسين عليهالسلام و أهل بيته و حشمهم و جعل الناس يبكون عند مسيرهم من الكوفة فلما صار بدير هند نظر إلى الكوفة و قال:
و لا عن قلى فارقت دار معاشري هم المانعون حوزتي و ذماري
قال المفيد : خرج الحسن عليهالسلام إلى المدينة فأقام بها كاظما غيظه لازما منزله منتظرا لأمر ربه.
وفاة الحسن عليهالسلام
روى الزبير بن بكار في كتاب أنساب قريش عن محمد بن حبيب فيأماليه عن ابن عباس أنه قال أول ذل دخل على العرب موت الحسن عليهالسلام . و في مقاتل الطالبيين قيل لأبي إسحاق متى ذل الناس قال حيث مات الحسن و ادعى زياد و قتل حجر بن عدي و كان الحسن عليهالسلام شرط على معاوية في شروط الصلح أن لا يعهد إلى أحد بالخلافة بعده و أن تكون الخلافة له من بعده.
قال أبو الفرج و أراد معاوية البيعة لابنه يزيد فلم يكن شيء أثقل عليه من أمر الحسن بن علي و سعد بن أبي وقاص فدس إليهما سما فماتا منه أرسل إلى ابنة الأشعث أني مزوجك بيزيد ابني على أن تسمي الحسن و بعث إليها بمائة ألف درهم فسوغها المال و لم يزوجها منه فخلف عليها رجل من آل طلحة فأولدها فكان إذا وقع بينهم و بين بطون قريش كلام عيروهم و قالوا يا بني مسمة الأزواج و كان ذلك بعد ما مضى من إمارة معاوية عشر سنين .
و قال ابن عبد البر في الإستيعاب قال قتادة و أبو بكر بن حفص : سم الحسن بن علي سمته امرأته بنت الأشعث بن قيس الكندي و قالت طائفة كان ذلك منه بتدسيس معاوية إليها و ما بذل لها في ذلك )اه( ، و قال المدائني دس إليه معاوية سما على يد جعدة بنت الأشعث بن قيس زوجة الحسن و قال لها إن قتلته بالسم فلك مائة ألف و أزوجك يزيد ابني فمرض أربعين يوما فلما مات وفى لها بالمال و لم يزوجها من يزيد و قال أخشى أن تصنعي بابني ما صنعت بابن رسول الله صلىاللهعليهوآله.
و قال المفيد : لما تم لمعاوية عشر سنين من إمارته و عزم على البيعة لابنه يزيد دس إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس و كانت زوجة الحسن عليهالسلام من حملها على سمه و ضمن لها أن يزوجها بابنه يزيد فأرسل إليها مائة ألف درهم فسقته جعدة السم فبقي أربعين يوما و مضى لسبيله ، و في تذكرة الخواص لسبط بن الجوزي قال علماء السير منهم ابن عبد البر سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي و قال الشعبي دس إليها معاوية فقال سمي الحسن و أزوجك يزيد و أعطيك مائة ألف درهم فلما مات الحسن بعث إليها بالمال و لم يزوجها بيزيد قال و حكى جدي في كتاب الصفوة قال ذكر يعقوب بن سفيان في تاريخه أن جعدة هي التي سمته و قال الشاعر في ذلك:
تعزفكم لك من سلوة تفرج عنك غليل الحزنبموت النبي و قتل الوصي و قتل الحسين و سم الحسن
و قال الصادق عليهالسلام أن الأشعث شرك في دم أمير المؤمنين عليهالسلام و ابنته جعدة سمت الحسن عليهالسلام و ابنه محمد شرك في دم الحسين عليهالسلام.
وصية الحسن بن علي إلى أخيه الحسين عليهالسلام
رواها الشيخ الطوسي في أماليه عن ابن عباس : هذا ما أوصى به الحسن بن علي إلى أخيه الحسين أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أنه يعبده حق عبادته لا شريك له في الملك و لا ولي له من الذل و أنه خلق كل شيء فقدره تقديرا و أنه أولى من عبد و أحق من حمد من أطاعه رشد و من عصاه غوى و من تاب إليه اهتدى فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي و ولدي و أهل بيتك أن تصفح عن مسيئهم و تقبل من محسنهم و تكون لهم خلفا و والدا و أن تدفنني مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فإني أحق به و ببيته فإن أبوا عليك فأنشدك الله بالقرابة التي قرب الله عز و جل منك و الرحم الماسة من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن لا تهريق في أمري محجمة من دم حتى نلقى رسول الله صلىاللهعليهوآله فنختصم إليه و نخبره بما كان من الناس إلينا.
و روى الحاكم في المستدرك أنه لما توفي أقام نساء بني هاشم النوح عليه شهرا، و عن أبي جعفر قال مكث الناس يبكون على الحسن بن علي و عطلت الأسواق، قال الشيخ الطوسي في الأمالي : فلما توفي دعا الحسين ابن عباس و عبد الرحمن بن جعفر و علي بن عبد الله بن عباس فأعانوه على غسله و حنطوه و ألبسوه أكفانه و خرجوا به إلى المسجد فصلوا عليه.
قال المفيد : لما مضى لسبيله غسله الحسين عليهالسلام و كفنه و حمله على سريره و لم يشك مروان و من معه من بني أمية أنهم سيدفنونه عند رسول الله صلىاللهعليهوآله فتجمعوا لذلك و لبسوا السلاح فلما توجه به الحسين عليهالسلام إلى قبر جده رسول الله صلىاللهعليهوآله ليجدد به عهدا أقبلوا إليهم في جمعهم و لحقتهم عائشة على بغل و هي تقول ما لي و لكم تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أحب و جعل مروان يقول: يا رب هيجا هي خير من دعة.أ يدفن عثمان في أقصى المدينة و يدفن الحسن مع النبي لا يكون ذلك أبدا و أنا أحمل السيف، و كادت الفتنة أن تقع بين بني هاشم و بني أمية .
و قال سبط ابن الجوزي : قال ابن سعد عن الواقدي لما احتضر الحسن قال أدفنوني عند أبي يعني رسول الله صلىاللهعليهوآله فأراد الحسين عليهالسلام أن يدفنه في حجرة رسول الله صلىاللهعليهوآله فقامت بنو أمية و مروان بن الحكم و سعيد بن العاص و كان واليا على المدينة فمنعوه و قامت بنو هاشم لتقاتلهم فقال أبو هريرة أ رأيتم لو مات ابن لموسى أما كان يدفن مع أبيه قال ابن سعد و منهم أيضا عائشة و قالت لا يدفن مع رسول الله صلىاللهعليهوآله أحد. و قال أبو الفرج الأصبهاني : قال يحيى بن الحسن : سمعت علي بن طاهر بن زيد يقول لما أرادوا دفنه ركبت عائشة بغلا و استعونت بني أمية و مروان و من كان هناك منهم و من حشمهم و هو قول القائل:
فيوما على بغل و يوما على جمل
قال المفيد في تتمة الخبر السابق: فبادر ابن عباس إلى مروان فقال له ارجع يا مروان من حيث جئت ما نريد دفن صاحبنا عند رسول الله صلىاللهعليهوآله لكنا نريد أن نجدد به عهدا بزيارته ثم نرده إلى جدته فاطمة بنت أسد فندفنه عندها بوصيته بذلك )إلى آخر كلامه( و قال الحسين عليهالسلام: و الله لو لا عهد الحسن بحقن الدماء و إن لا أهريق في أمره محجمة دم لعلمتم كيف تأخذ سيوف الله منكم مأخذها و قد نقضتم العهد بيننا و بينكم و أبطلتم ما اشترطنا عليكم لأنفسنا. و مضوا بالحسن فدفنوه بالبقيع عند جدته فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف .
و لما بلغ معاوية موت الحسن عليهالسلام سجد و سجد من حوله و كبر و كبروا معه، ذكره الزمخشري في ربيع الأبرار و ابن عبد البر في الإستيعاب و غيرهما فقال بعض الشعراء:
أصبح اليوم ابن هند شامتا ظاهر النخوة إذ مات الحسنيا ابن هند إن تذق كأس الردى تك في الدهر كشيء لم يكنلست بالباقي فلا تشمت به كل حي للمنايا مرتهن
و لما أتى نعيه إلى البصرة و ذلك في إمارة زياد بن سمية بكى الناس فسمع الضجة أبو بكرة أخو زياد و كان مريضا فقال ما هذا فقالت له زوجته و كانت ثقفية مات الحسن بن علي و الحمد لله الذي أراح الناس منه فقال اسكتي ويحك فقد أراحه الله من شر كثير و فقد الناس بموته خيرا كثيرا يرحم الله حسنا . ذكره المدائني .
و كانت وفاته عليهالسلام بالمدينة يوم الخميس لليلتين بقيتا من صفر و قيل في السابع منه و قيل لخمس بقين من ربيع الأول و في رواية الحاكم لخمس خلون منه سنة خمسين من الهجرة أو خمس و أربعين أو تسع و أربعين أو إحدى و خمسين أو أربع و أربعين أو سبع و أربعين أو ثمان و خمسين و له »سبع و أربعون سنة« أو »ست و أربعون و أربعة أشهر و ثلاثة عشرة يوما« و قيل غير ذلك و وقع هنا اشتباهات من أعاظم العلماء مثل الكليني و المفيد و الطبرسي بيناها في الجزء الخامس من المجالس السنية .
و قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله و له »سبع سنين و ستة أشهر« و قيل »ثمان سنين« و قام بالأمر بعد أبيه و له »سبع و ثلاثون سنة« و أقام إلى أن صالح معاوية ستة أشهر و خمسة أيام أو ثلاثة أيام على الخلاف في وفاة أمير المؤمنين عليهالسلام أنها ليلة إحدى و عشرين أو ثلاث و عشرين من شهر رمضان و قيل غير ذلك كما تقدم و بقي بعد الصلح تسع سنين و تسعة أشهر و ثلاثة عشرة يوما و قيل غير ذلك و الله أعلم .
كتابة العلم
عن السيوطي في تدريب الراوي أنه كان بين السلف من الصحابة و التابعين اختلاف كثير في كتابة العلم فكرهها كثير منهم و أباحها طائفة و فعلوها منهم علي و ابنه الحسن )اه( و لا شك في أنه لو لا كتابة العلم لضاع العلم فهي منقبة لعلي و ولده عليهماالسلام .
تعليق