الإمام الحسن ( عليه السلام ) يدعو للجهاد

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • كوثر المحبة
    • Dec 2009
    • 8148

    الإمام الحسن ( عليه السلام ) يدعو للجهاد



    بسم الله الرحمن الرحيم
    اللهم صل على محمد وآل محمد
    أعرِفُ ماذا أقولُ لَكُم ؟ وَبِماذا أصفُكُم ؟ فالإِنسانُ ليسَ بشَكلِهِ وَجَسَدِهِ ، وإنّما بمضمونِهِ الذي أرادَهُ اللهُ تَعالى لَهُ حين أعطاهُ ما أعطاهُ حتّى جَعَلَهُ في مَكانَةٍ رَفِيعةٍ تَلِيقُ بالاحترِامِ والتقدِيرِ .

    فَهُوَ سَيّدُ مَخلُوقاتِ اللهِ في أرضِهِ ، شَرطَ أن يُحسِنَ التفكيرَ بِما مَنَحَهُ اللهُ إيّاهُ ، وَهُوَ ذلِكَ العقلُ الذِي أمَرَهُ اللهُ تَعالى حِينَ خَلَقَهُ بالإِقبالِ فَأقبَلَ ، والإِدبارِ فأدبَرَ ، فإنَّكُم تَعرِفُونَ جَيّداً مَاذا قالَ لَهُ بَعدَ هذا ؟ قالَ : ( بِعزَّتي وَجَلالي بِكَ أعاقِبُ وبِكَ أُثيبُ ) .

    فَإذا كانَ حَقّاً أيُّها الناسُ بِهذا العَقلِ أنتُم آمَنتُم باللهِ وبِرَسُولِهِ وكتابِهِ وشَهَدتُّم بِذلِكَ ، فإنّي الآنَ أسألُكُم بِحَقِّ مَا آمَنتُم بِهِ : ما مَعنى قَولِهِ تَعالى : ( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) الشورى : 23 .

    وما معنى قوله تعالى ‎: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) الأحزاب : 33 .

    وَمَا مَعنى وَصيِةِ رَسُولِ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) لَكُم فِي بَيعةِ غَديرِ خُمٍّ ، ألَم يَقُل : ( إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَين : كِتِاب اللهِ تَعالى وعِترتِي أهل بَيتِي ، مَا إنْ تَمَسَّكتُم بِهما لَنْ تَضِلُّوا بَعدي أبداً ) .

    يَكادُ قَلبِي يَتَفَجَّرُ بُركاناً مِن دماءٍ ساخِنَةٍ ، ألَم يَكُن الإِمامُ الحسَنُ ( عليه السلام ) واحداً من أهلِ بيتِ النَّبُوةِ ؟! ومِنْ بَينِ الذِينَ نَصَّت عَلَيهِم آياتُ كِتابِ اللهِ تَعالى ؟! وأوصاكُمْ بِهِم رَسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ؟!

    إذَنْ ، أينَ كانَتْ هذِهِ العقُولُ الإِنسانِيةُ حِينَما دَعاكُمْ إمامُكُم الحسَنُ بنُ عليٍّ ( عليهما السلام ) بَعدَ التحَرُّكاتِ الأمَويَةِ بِاتّجاهِ العِراقِ مُخاطِباً إيّاكُم : ( إنَّ اللهَ كَتَبَ الجِهادَ على خَلقِهِ وَسَمَّاهُ كُرهاً ) .

    ثُمَّ قالَ لأَهلِ الجِهادِ : ( وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) الأنفال : 46 .

    فَلَستُم أيُّها الناسُ نائِلينَ ما تُحِبُّونَ إلاّ بالصَّبر على مَا تَكرهونَ ، فَاخرُجُوا يَرحَمكُمُ اللهُ إلى مُعَسكَرِكُم بالنُّخَيلَةِ حَتّى نَنظُرَ وتَنظُروا ، ونَرى وَتَروا ، ألَم تَكُنِ الإِمَامَةُ أصلاً من أصولِ دِينِكُم ؟! إطاعتُها إطاعةُ الرسُولِ ( صلى الله عليه وآله ) ، وإطاعةُ الرسُولِ ( صلى الله عليه وآله ) هِيَ إطاعةُ اللهِ تَعالى ؟!

    إذَنْ أينَ كانتْ عُقولَكُمْ إزاءَ كَلامِ إمامِكُمُ الحَسَنِ ( عليه السلام ) حِينَ أمَرَكُمْ بالتَّوجُّهِ إلى مُعسكرِ النُخَيلةِ ؟! ومَاذا كانَ يَختلِجُ في صُدورِكُمْ وَيَلعَبُ بِمشاعِرِكُم وأحاسِيسِكُم ؟!

    فكَيفَ لم تُدرِك عُقولُكُم إشاعاتِ ودعاياتِ مُعاويةَ ، فأُصِيبَتْ بِالذهُولِ وَلَفَّها الارتِباكُ ، حَتّى واجَهتُم أمرَ إمامِكُم الحَقِّ بِبُرودٍ تامٍّ ، فلم تَحظَ دَعوَتُهُ لَكُم بالتجَهُّزِ لِلحَربِ ، وتَحمُّلِ مسؤوليّةِ الجهادِ بالقبولِ .

    أيّةُ عقولٍ هذهِ التي أذعَنَت لِلأَموالِ الأمويةِ بَدَلاً مِنْ أنْ تَهُبُّ للدِفاعِ عَنِ الحَقِّ ؟! وَفي خَضمِ تِلكَ الأَحداثِ لَمَعَ شُعاعُ أملٍ بَدَّدَ خَيبَةَ الإِمامِ الحسنِ ( عليه السلام ) بِواقِعِ الناسِ مِنْ حَولِهِ ، وَقَد تَمثَّلَ هذا فِي عَديٍّ بنِ حاتمٍ ، وقَيسٍ بنِ سَعدٍ ، ومَعقِلٍ بنِ قَيسٍ ، وزيادٍ بنِ صَعصَعةَ التمِيميِّ ، فعَبَّرَ هؤلاءِ عَنْ وفائِهِم وَإخلاصِهِم لإِمامِهِم الحَسَنِ ( عليه السلام ) .

    فَشَدُّوا عَلى يَديهِ ، وَعاهَدُوهُ عَلى المُضيِّ قُدُماً في نُصرَةِ الحقِّ ومُواجَهَةِ الطغيانِ والفِتنَةِ ، وَرَفَعُوا أصواتَهُم أمامَ الجُموعِ المُتَخاذِلَةِ يَلومُونَهُم ويَحرِّضُونَهُم عَلى النُهوضِ بِمسؤولِيّاتِهِمُ الرسالِيةِ .

    فَفَرِحَ الإِمامُ ( عليه السلام ) بهؤلاء ، وأثنى عَلى موقِفِهِم الصادِقِ قائِلاً : ( صَدَقتُم رَحِمَكُمُ اللهُ ما زِلتُ أعرِفُكُم بِصِدقِ النيَّةِ ، والوَفاءِ ، وَالموَدَّةِ الصحِيحَةِ ، فَجزاكُمُ اللهُ خَيراً ) .

    لَعَلَّ الناسَ عَادوا إلى نُصرةِ الحقِّ وقَبِلُوا الدِفاعَ عَنِ الإِسلامِ ، وَقَد كانَ هذا أملُ الإِمامِ الحسنِ ( عليه السلام ) بِهِم ، فَراحَ يَرسِمُ الخُطَطَ لِقيادَةِ الفِرَقِ العَسكَرِيَّةِ ، واختارَ لِقيادَتِها ابنَ عَمِّهِ عُبيدُ اللهِ بنَ العبّاسِ .

    فَأرسَلَ مَعَهُ طَلِيعةً عَسكَريَّةً كَمُقَدَّمَةٍ لِلجَيشِ مُخاطِباً إيّاهُ : ( يَا ابنَ العَمِّ إنّي باعِثٌ مَعَكَ اثني عَشَرَ ألفَ رَجُلٍ فِيهِم فُرسانُ العَرَبِ ، وقُرّاءُ المِصرِ ، الرجُلُ مِنهُم يَزِيدُ الكتِيبَةَ .

    فَسِر بِهِم وألِن لَهُم جانِبَكَ ، وابسُط لَهُم وَجهَكَ ، وافرُش لَهُم جَناحَكَ ، وأدنِهِم مِن مَجلِسِكَ ، فإنَّهُم بَقيةُ ثُقاةِ أميرِ المؤمنينَ ( عليه السلام ) ، سِر بِهِم على شَطِّ الفُراتِ ، ثُمَّ امضِ حتّى تَستقبِلَ بِهِم جَيشَ مَعاويةَ .

    فإنْ لَقِيتَهُ فاحتَسِبهُ حتّى آتيكَ فإنّي على أثرِكَ وشيكاً ، وَليَكُن خَبرُكَ عِنْدِي كَلَّ يَومٍ ، ولا تُقاتِلْ جَيشَ معاويةَ حتّى يُقاتِلَكَ ، فإن فَعَلَ فَقاتِلهُ ، وَإذا حَدَثَ فَأُصِبتَ فَقَيسٌ بنُ سَعدٍ عَلى الجَيشِ ، فإن أُصيبَ هُو الآخرُ فَسعِيدٌ بنُ قَيسٍ يَحلُّ مَحِلَّهُ في قِيادةِ الجَيشِ ) .

    حِينَ اتَّخَذَتِ القَطَعاتُ العَسكَرِيَّةُ مَواقِعَها فِي مَنطَقَةِ ( مَسكَن ) على نَهرِ الدُجَيلِ فِي العراقِ ، كانَ الإِمامُ الحَسَنُ ( عليه السلام ) قَد تَحرَّكَ على رَأسِ بَقيَّةِ الجَيشِ ، فَعَسكَرَ في مَنطَقَةِ ( مظلمِ ساباط ) قُربَ المدائِنِ .

    وإنّي لأخاطِبَكُمُ الآنَ أيُّها الناسُ ، هَل هِيَ عُقُولُكُم وَضَمائِرُكُم التي جَعَلَتكُم تَتَجَمَّعُونَ وتُشَكِّلُونَ جَيشاً في مُعَسكَرِ النُخَيلَةِ ؟ أم هِيَ كَلماتُ التَوبيخِ والمَلامَةِ التي وَجَّهَها إليكُم عَديٌّ بنُ حاتمٍ وغَيرُه من أهلِ البَصائرِ ؟!

    فَقَد كانَ ذلِكَ واضحاً عَليكُم وأنتُم تَسيرونَ بِخَطُواتٍ مُتَثاقِلَةٍ ، ومعنويّاتٍ ضَعِيفَةٍ ، يَستَبِدُّ بِكُمُ الخَور والتَشَتِّتُ .

    ألا تُدرِكُونَ وأنتُم عَلى هذِهِ الحالةِ أنَّكُم تَعصُونَ اللهَ عزَّ وَجَلَ ، بَينما معاويةُ الملعونُ يُعلِنُ عِصيانَهُ للهِ إلاّ أنَّ جَيشَهُ يُطِيعَهُ .

    وَرَغمَ كلِّ هذا فَقَد حَدَثَ مَا زادَ الطين بَلّةً ، وأطفَأ شُعاعَ الأَمَلِ فِي وَجهِ الإِمامِ الحَسنِ ( عليه السلام ) ، وَيا لَها مِن فاجِعَةٍ غَيَّرَتْ مَجرى الأَحداثِ سَريعاً بِشَكلٍ لَمْ يَكُن مُتَوقَّعاً .

    فَقائِدُ الجيشِ تَستَهوِيهِ الأَموالُ ويَقِفُ ضَعِيفاً أمامَ الإِغراءِ الذي تَسَلَّلَ إليهِ في جُنحِ الظَلامِ ، فَيصبحُ جَيشُ الإِمامِ الحسنِ ( عليه السلام ) وَهُم يَنتَظِرونَ قائدَهُم لِيصلّيَ بِهِم صَلاةَ الفَجرِ ، فإذا هُوَ بَينَ صفوفِ جيشِ معاويةَ .

    وهَكذا وَجَدَ معاويةُ أنّ أقربَ طريقٍ لإِرغامِ الإِمامِ الحسن ( عليه السلام ) على مبايعته هُوَ إشاعةُ الدِعاياتِ المغرِضَةِ بَينَ صُفوفِ الجَيشِ وَالناسِ ، وبَذلُ الأَموالِ المُغرِيةِ لِشراءِ ضَمائرِ الناسِ وعُقولِهِمْ .

    فَبَعدَ أن أصبَحَ عُبيدُ اللهِ بنُ العبّاسِ قائدُ جَيشِ الإِمامِ بَينَ صفوفِ جيشِ مُعاوِيةَ رَفَعَ مُنادي معاويةَ صَوتَهُ يُخاطِبُ جيشَ الإِمامِ ( عليه السلام ) : هذا قائدُكُم عِندَنا قَد بايعَ ، فَعلامَ تَقتُلونَ أنفُسَكَمُ ؟

    واستَمَرّ مُعاويةُ في نَشاطِهِ المحمُومِ ، فَكَتَبَ إلى بعضِ زُعماءِ الكُوفَةِ يَعِدُهُم بالمالِ ، ويُمنِّيهِم بِالولايةِ ، فَرَغَبَ لِذلِكَ بَعضُهُمْ ، وكَتَبُوا إليهِ يَستَعجِلُونَهُ ويَحثُّونَهُ على المسيرِ نَحوَهُم .

    فضَمِنُوا لَهُ تَسليمَ الإِمامِ الحسنِ ( عليه السلام ) أو الفَتكِ بِهِ ، وَعَلِمَ الإِمامُ الحسنُ ( عليه السلام ) بِذلِكَ ، فَصارَ يَلبَسُ دِرعَهُ إذا أرادَ الصلاةَ .

    وَبعدَ كلِّ هذهِ الأَحداثِ كانَ لابُدَّ للإِمامِ ( عليه السلام ) مِن أحدِ خيارَينِ ، إمّا أنْ يَستَمِيتَ هُوَ وأهلُ بَيتِهِ وأهلُ البَصائِرِ مِنْ أصحابِهِ ، فَيقِفُونَ بِضعَ سَاعاتٍ أمامِ جَيشِ مُعاوِيةَ ، ثُمَّ يَخلُو الجوُّ بَعدَها لِمعاوِيةَ ، أو أنْ يُبايعَ لِيصُونَ المبادِئَ مِنَ التشوِيهِ ، ويَحفَظَ شِيعَتَهُ مِنَ الإِبادَةِ ، وَالإِسلامَ مِنْ أنْ يُمحَى فَتعودُ الجاهِليّةُ مِنْ جَديدٍ .

    ولِذلِكَ وَجدَ الإِمامُ الحَسَنُ ( عليه السلام ) نَفسَهُ مُرغَماً على مُبايعَةِ معاويةَ لِيَنصَرِفَ بَعدَ ذلِكَ إلى تبليغِ الناسِ وتَعلِيمِهِم وإرشادِهِم ، فلَعَلَّ عُقولَهُم وَضَمَائِرَهُم تَستَجِيبُ لِهذا العَلمِ والتفكّرِ بِهِ والعمَلِ بِمضامِينِهِ .

    ولكِنْ هَلْ سيَكتَفي مُعاويةُ بكرسيِّ الحُكمِ ؟ وَيتوقَّفُ عَنْ حِياكةِ دَسائِسِهِ الخَبِيثَةِ ، واستِغلالِهِ لِعقولِ الناسِ وضمائِرِهِم بالإِغراءِ ؟! أمْ أنّهُ سَيُواصِلُ طريقَهُ المشؤومَ حَتّى القَضاءِ على الإِمامِ الحسنِ ( عليه السلام ) ؟!

    نَعَمْ ، لم يقرَّ لِمعاويةَ قَرارٌ حَتّى دَسَّ السُمّ للإِمامِ الحسنِ ( عليه السلام ) عَلى يدِ جَعدةَ بِنتِ الأَشعَثِ ، بَعدَ أنْ مَنّاها الأَمانيَّ .

    وَهكَذا نَقَضَ معاويةُ الصّلحَ والعُهودَ والمواثِيقَ ، وَسَقَطَتْ آخِرُ وَرقةٍ كانَ يُحاوِلُ التَسَتُّرِ بِها في إظهارِهِ الإِسلامَ .
  • * || نور على نور ||*
    • Nov 2008
    • 11135

    #2
    أحسنتِ
    موفقينِ}ْ~

    تعليق

    • عاشقة ابو الفضل العباس ع
      • Jan 2010
      • 345

      #3
      بارك الله فيك

      تعليق

      • كوثر المحبة
        • Dec 2009
        • 8148

        #4

        مسروره لمروركِ العطر غاليتي...

        </b></i>

        تعليق

        • حسينية فاطمية
          • Mar 2010
          • 2505

          #5
          يسلموووووووو اديكي على الموضوغ الجميل

          تعليق

          يعمل...
          X