
الى الساهرات الى نبع الحنان والامان الى جميع الامهات
أقبل الربيع كطائر مزهو، ينثر روائحه في كل بقعة من بقاع الأرض، يغطي الأرض باخضرار موشى ومزركش بالأزاهير النضرة كما الحياة، فآذار كلمة لها معانيها ومدلولاتها إذ إنه يحمل في طياته الكثير من المناسبات القيمة والعزيزة على قلوب جميع البشر.

فالأم تلك القمة الشامخة والسنديانة الباسقة الصامدة صمود أمهات فلسطين والعراق ولبنان والجولان، اللواتي ما من واحدة منهن إلا مفجوعة بابن أو زوج أو أخ أو أب هذه هي الأم الباسقة والصابرة، أفلا تشبه الأم هنا الأرض المعطاء لاتساع أفقها وقلبها وجذورها وعمق تفكيرها ووعيها؟ فما أعظم وأنبل من أن يكون هناك عيد الأم الذي يستدعي إلى ذاكرة كل الأبناء الفرح والسرور عندما كانوا صغاراً ويحتفلون بهذا العيد الذي ما زال قائماً حتى وقتنا هذا، فما أجمل أن نحتفل بعيد من تشكل نصف المجتمع وتمنح البشرية أجيالاً وترسم الطريق الصحيح لهذا الجيل الصاعد. فلقد دخلت المرأة في معترك الحياة السياسية والاقتصادية والإنتاجية منذ فترة طويلة وتساهم في كل مناحي الحياة متنقلة من دورها التقليدي كأم إلى ممارسة وأداء أدوار أخرى مع الحفاظ على دورها الأساسي، فالمرأة السورية لا تقل كفاءة ولا قدرة عن الرجل، فلقد أثبتت لنا التجارب كم من النساء المناضلات والعاملات اللواتي صنعن المعجزات واللواتي خضن تجارب نضالية وشاركن في جميع مناحي الحياة وذلك بفضل جهودهن وتفانيهن وإخلاصهم من أجل بذل الكثير من الجهود والتفوق على الواقع المعيشي المرير الذي كن يعانين منه.
أول ترنيمة للروح والذاكرة
وأول احتضان في رحم الوفا
أول لمسة دفء.. تدثر الجسد
وأول الحروف والأبجديات «ماما»
فالأم دائماً تعيش في الظل وراء الأضواء لا أحد يراها ولا تأبه لحقوقها فهي تقدم الكثير الكثير من دون مقابل، وتغني حياتها من أجل أن يحيا أبناؤها حياة ملؤها السعادة والفرح لأنها تعتز بأنها تستمد غذاؤها وسعادتها من سعادة أبنائها لأن غريزة الأمومة التي خصّها الله بها وجعلها في نسغ تكوينها وشماً أبوياً ولو لم تصبح أماً فعلية فالأخت والابنة والزوجة كلهن أمهات لكل أفراد الأسرة وأمهات للرجل فالأم هي التي تربي أبناءها على أن قيمة الفرد لا تقاس بما يملكه من أملاك وإنما قيمته تقاس من خلال ثقافته ووعيه وإدراكه للحياة وفعل الخير وأن يكون ولداً صالحاً باراً بوالديه يعاملهم معاملة حسنة كما علموه وربوه على حسن الأخلاق والسلوك هذه هي الأم التي يعجز اللسان عن وصفها لأنها لا توصف ولا تزان بميزان لكثرة عطاءاتها وإنجازاتها وجبروتها إنها سنديان الأمان.. ومرفأ الأمان والسلام نلوذ بشطآنه أوقات الشدائد، ومهما أخذتنا الحياة فستبقى هي الأم التي لا تبدل ولا تتغير يا جبل ما يهزك ريح.
هي أمي
قفازها شبك من التِّحنان
وصلاتها شجرٌ من الوديان
ووشاحها نسجٌ من القرآن
ترخي على العمر الستائر
كلما مر الزمن والصبر تفرده شراشف
كلما حلّ الألم هي أمي
ففي العالم أجمع تبقى المرأة عنواناً عريضاً يتغلغل داخل رموز ومفاهيم ومحظورات ومحرمات مختلفة الأشكال والألوان وتظل كلمة الأم تختصر جميع الكلمات والسطور والحروف فالأم هي تلك الشجرة المثمرة واليانعة التي تعطي وتعطي دون كلل أو ملل وهي ذاك البحر الذي لا ينضب ولا تجف مياهه حتى الممات أمي.
تحيتي
تعليق