ضحت بعمرها من اجل أولادها المعتوهين ...
نعمُ الله عليك لا تُحصى .. لو كنتَ عاقلا .. فلا تبخل بالشكر .

المتعارف بين الناس ان كلمة النجوم تطلق على درجة الخدمات التي تقدمها المؤسسات الفندقية وغيرها ، كما تطلق النجومية على ممتهني فنون التمثيل والتصوير والرياضة و الطرب في الغناء ، لكن ان تطلق مفردة النجوم على عجوز تنتمي الى درجة البسطاء الذين ان عاشوا او ماتوا لا يهم أمرهم بين الخلق فذك حديث فيه نظر و معنى لزام معرفته قصر الزمن او طال ،و الشائع ان المرأة مصدر للحنان والعطف ، لكن ان تجد فوق هذه الفسيحة امراة ما تزال ترعى أولادا معتوهين غير أسوياء و تحيطهم بعناية ورعاية وتحرص على إطعامهم و نومهم ، فمنا القول بأنها هي عينها الحنان والعطف ، لأنه ببساطة العقول قد لا نعثر على مثل هذا العطف حتى بين الأسوياء ، لكن خالتي حورية العجوز صاحبة الـ 74 شتاء – الشتاء بدل الربيع للألم الذي رافقها طوال سنوات حياتها – خالفت الواقع وبقيت تعطف على يا سين و جمال و جميلة الملائكية و نورالدين الذي ما تزال تذكر الى طيفا من خياله الضائع.
في بيت صغير لا يخضع الى اي شرط ومعيار هندسيين تنبعث منه كل ألوان الروائح غير الطيبة وفوضى نشر الافرشة والملابس و علب الحليب و التبغ و بقايا خبز يابس تكدس في ركن وزاوية قاتمة وسط مدينة موزاية التي تقع الى الغرب من البليدة الجزائر تجتمع خالتي حورية كل يوم بولديها ياسين و جمال ،لكن من دون حبيبتها "جميلة" – سمتها كذلك نسبة الى المرأة الرمز و اللغز جميلة بوحيرد – اذ تفتقدها من فترة الى أخرى لضرورة عيادتها مصحة المرضى عقليا بمستشفى فرانتز فانون ، أما نورالدين الذي أصيب بعجز عقلي منذ زمن فتبكيه صباح مساء لفقدانها اياه منذ عامين بالم و أمل بادي في لقياه ، فلقد كتب عليها ان ترزق من اب رحل عنها منذ امد بأولاد غير أسوياء تاركا إياها بعد ان سلمها أمانة رعايتهم في غيبته التي تطول تكابد مصاعب الحياة في البحث عن لقمة عيش تسد بها جوع صغارها ، و ما عليها من خيار فهي العجوز الدائمة الحركة ، تخرج صباحا بعد ان وفرت اليهم فطور الصباح في ليلة الامس لتجمع من حسنات الناس طعاما او كسوة تغطي بها جسمي " ياسين و جمال " الهزيلين ، لتعود اليهم في وقت متاخر من المساء حاملة اليهم بعض الطعام البارد و سجائر و تبغا لهما حتى تضمنهما الى جنبيها و لا تفتقدهما مثل شقيقهما نورالدين ، تقول خالتي حورية ونحن نزورها في وقت مبكر بعد ان تعذرت للحظة وهي مرتبكة حتى تغير من لحافها ترحيبا بمقام قد بدا لها مستحيلا وتهيئ المكان لان ياسين ما يزال نائما ، ان مصابا نزل بأبنائها افقدهم عقولهم وهم في ريعان شبابهم ، وكانت البداية مع "جميلة "التي طلقها زوجها في شهر الأول وهي في الـ20 من العمر ، أصابتها صدمة الفصال ما جعلها تعيش بقية حياتها وهي تشارف على الخمسين بين مصحة المرضى عقليا و المهدئات ، لتنتقل المصيبة الى نورالدين الذي تناول من دواء شقيقته الكبرى مما افقده عقله هو الأخر ، وبدأت العدوى في الانتشار بين البقية الذين تقول خالتي حورية محاولة إخفاء دمع تشكل دونما إرادة منها ان عينا أصابتها في أولادها الذكور الذين تباهت بهم وهم يلهون بين أترابهم في صغرهم وهو حالها منذ أكثر من 30 سنة، لكنها تحمدالله على ذلك وتقول في حال حزين و بحسرة ام فقدت عزيزا عليها " قولوا لنورالدين ان يعود إلى صدر امه ،اخبروه انني في انتظاره أرحب به في كل وقت أعيدوه إلي فقط أُقبل جبينه وارتاح بضمه الى صدري مرة أخرى فلم اعد أتذوق طعم النعاس منذ غيبته لفراشه الذي أتشمم كل حين رائحته فيه لأطمئن عليه وارحل لحاقا بوالده الذي اشتاق إليه في مرقده ، تقول تلك الكلمات ونحن على عتبة شبه باب لم تغلقه منذ 20 سنة مودعة إيانا وهي تلوح بيد و ابتسامة بريئة وكأن ملاكا طاهرا رسم فوق شفتيها تلك البسمة الحزينة بريشة الأطهار...
نعمُ الله عليك لا تُحصى .. لو كنتَ عاقلا .. فلا تبخل بالشكر .

المتعارف بين الناس ان كلمة النجوم تطلق على درجة الخدمات التي تقدمها المؤسسات الفندقية وغيرها ، كما تطلق النجومية على ممتهني فنون التمثيل والتصوير والرياضة و الطرب في الغناء ، لكن ان تطلق مفردة النجوم على عجوز تنتمي الى درجة البسطاء الذين ان عاشوا او ماتوا لا يهم أمرهم بين الخلق فذك حديث فيه نظر و معنى لزام معرفته قصر الزمن او طال ،و الشائع ان المرأة مصدر للحنان والعطف ، لكن ان تجد فوق هذه الفسيحة امراة ما تزال ترعى أولادا معتوهين غير أسوياء و تحيطهم بعناية ورعاية وتحرص على إطعامهم و نومهم ، فمنا القول بأنها هي عينها الحنان والعطف ، لأنه ببساطة العقول قد لا نعثر على مثل هذا العطف حتى بين الأسوياء ، لكن خالتي حورية العجوز صاحبة الـ 74 شتاء – الشتاء بدل الربيع للألم الذي رافقها طوال سنوات حياتها – خالفت الواقع وبقيت تعطف على يا سين و جمال و جميلة الملائكية و نورالدين الذي ما تزال تذكر الى طيفا من خياله الضائع.

في بيت صغير لا يخضع الى اي شرط ومعيار هندسيين تنبعث منه كل ألوان الروائح غير الطيبة وفوضى نشر الافرشة والملابس و علب الحليب و التبغ و بقايا خبز يابس تكدس في ركن وزاوية قاتمة وسط مدينة موزاية التي تقع الى الغرب من البليدة الجزائر تجتمع خالتي حورية كل يوم بولديها ياسين و جمال ،لكن من دون حبيبتها "جميلة" – سمتها كذلك نسبة الى المرأة الرمز و اللغز جميلة بوحيرد – اذ تفتقدها من فترة الى أخرى لضرورة عيادتها مصحة المرضى عقليا بمستشفى فرانتز فانون ، أما نورالدين الذي أصيب بعجز عقلي منذ زمن فتبكيه صباح مساء لفقدانها اياه منذ عامين بالم و أمل بادي في لقياه ، فلقد كتب عليها ان ترزق من اب رحل عنها منذ امد بأولاد غير أسوياء تاركا إياها بعد ان سلمها أمانة رعايتهم في غيبته التي تطول تكابد مصاعب الحياة في البحث عن لقمة عيش تسد بها جوع صغارها ، و ما عليها من خيار فهي العجوز الدائمة الحركة ، تخرج صباحا بعد ان وفرت اليهم فطور الصباح في ليلة الامس لتجمع من حسنات الناس طعاما او كسوة تغطي بها جسمي " ياسين و جمال " الهزيلين ، لتعود اليهم في وقت متاخر من المساء حاملة اليهم بعض الطعام البارد و سجائر و تبغا لهما حتى تضمنهما الى جنبيها و لا تفتقدهما مثل شقيقهما نورالدين ، تقول خالتي حورية ونحن نزورها في وقت مبكر بعد ان تعذرت للحظة وهي مرتبكة حتى تغير من لحافها ترحيبا بمقام قد بدا لها مستحيلا وتهيئ المكان لان ياسين ما يزال نائما ، ان مصابا نزل بأبنائها افقدهم عقولهم وهم في ريعان شبابهم ، وكانت البداية مع "جميلة "التي طلقها زوجها في شهر الأول وهي في الـ20 من العمر ، أصابتها صدمة الفصال ما جعلها تعيش بقية حياتها وهي تشارف على الخمسين بين مصحة المرضى عقليا و المهدئات ، لتنتقل المصيبة الى نورالدين الذي تناول من دواء شقيقته الكبرى مما افقده عقله هو الأخر ، وبدأت العدوى في الانتشار بين البقية الذين تقول خالتي حورية محاولة إخفاء دمع تشكل دونما إرادة منها ان عينا أصابتها في أولادها الذكور الذين تباهت بهم وهم يلهون بين أترابهم في صغرهم وهو حالها منذ أكثر من 30 سنة، لكنها تحمدالله على ذلك وتقول في حال حزين و بحسرة ام فقدت عزيزا عليها " قولوا لنورالدين ان يعود إلى صدر امه ،اخبروه انني في انتظاره أرحب به في كل وقت أعيدوه إلي فقط أُقبل جبينه وارتاح بضمه الى صدري مرة أخرى فلم اعد أتذوق طعم النعاس منذ غيبته لفراشه الذي أتشمم كل حين رائحته فيه لأطمئن عليه وارحل لحاقا بوالده الذي اشتاق إليه في مرقده ، تقول تلك الكلمات ونحن على عتبة شبه باب لم تغلقه منذ 20 سنة مودعة إيانا وهي تلوح بيد و ابتسامة بريئة وكأن ملاكا طاهرا رسم فوق شفتيها تلك البسمة الحزينة بريشة الأطهار...