المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللحظات الأخيرة ... للسيد الشهيد الصدر


نور المستوحشين
13-04-2010, 06:26 PM
http://www.salatna.org/news/photos/1206107384wqe.jpg




اليوم الأسود:


في اليوم الخامس من شهر نيسان الأسود عام 1980م وفي الساعة الثانية والنصف بعد الظهر جاء المجرم مدير أمن النجف ومعه مساعده الخبيث (أبو شيماء) فالتقى بالسيد الشهيد «رضوان الله عليه» وقال له: إنّ المسؤولين يودّون لقاءك في بغداد.

فقال السيد الشهيد: اذا أمروك باعتقالي فنعم، أذهب معك الى حيث تشاء.
مدير الأمن: نعم، هو اعتقال.
السيد الشهيد: انتظرني دقائق حتى أودّع أهلي.
مدير الأمن: لا حاجة لذلك ففي نفس هذا اليوم او غد ستعود.
السيد الشهيد: وهل يضرّكم أن اُودّع أطفالي وأهلي؟
مدير الأمن: لا، ولكن لا حاجة لذلك. ومع ذلك فافعل ما تشاء.
فقام «رضوان الله عليه» وودّع أهله وأطفاله. وهذه هي المرّة الوحيدة التي أراه يودّعهم من بين الاعتقالات التي تعرّض لها. ثم عاد والابتسامة تعلو وجهه،
فقال لمدير أمن النجف، هيّا بنا نذهب الى بغداد.،
وذهب السيد الشهيد «رحمه الله الى بغداد لينال الشهادة، ويفي لشعبه بوعده حينما خاطبه قائلاً:

http://www.castancafe.com/filemanager.php?action=image&id=8

«وأنا أعلن لكم يا أبنائي أنّي صممت على الشهادة، ولعلّ هذا آخر ما تسمعونه منّي، وأنّ أبواب الجنّة قد فتحت لتستقبل قوافل الشهداء، حتى يكتب الله لكم النصر، وما ألذّ الشهادة التي قال عنها رسول الله «ص»:«إنّها حسنة لا تضرّ معها سيئة، والشهيد بشهادته يغسل كلّ ذنوبه مهما بلغت..».
كانت أولى بوادر الشؤوم أنّ السلطة قامت بسحب كافّة قواتها من الزقاق، وذهبت الشهيدة بنت الهدى تستطلع الأمر فلم تجد أحداً منهم، فعلمنا أنّ هذا الاعتقال نذير شؤم.
وذهبت الشهيدة «رضوان الله عليها» الى غرفتها، فأبدلت ملابسها بأخرى وربطت كمّي ثوبها على معصميها ظناً منها بأنّها ستسترها حين التعذيب،
وقالت لي: أترى أنّ هذا يسترني؟
فقلت لها: سوف لا تتعرضين للاعتقال إن شاء الله، وجرى حديث آخر بيني وبينها لا أجد ضرورة لذكره.
وجاء الليل، وأي ليلة كانت، فلقد خيّم فيها الحزن على قلوب طاهرة، عانت من العذاب والحرمان أكثر من تسعة أشهر لينفجر صباحها عن تطويق جديد لمنزل السيد الشهيد، فهل جاء هؤلاء لأنّ السيد الشهيد سيعود من بغداد سالماً ويُحتجز مرّة اخرى؟ كُنّا نقول: يا ليت ذلك، إنّها نعمة ما أعظمها.
أمّا الشهيدة بنت الهدى، فقد قالت: كلاّ، إنّ هؤلاء جاءوا لاعتقالي؟
فاستعدت، وتهيأت، وكانت والله كأنّها زينب اُخت الحسين عليه السلام في صبرها، ورباطة جأشها، وشجاعتها.
وفي اليوم السادس من نيسان الأسود جاء المجرم الخبيث مساعد أمن النجف المعروف بـ «أبي شيماء» ولم تسمح له السيدة بالدخول الى الدار،
فقال لها: علوية، إنّ السيد طلب حضورك الى بغداد.
فقالت: نعم سمعاً وطاعة لأخي إن كان قد طلبني، ولا تظنّ أنّي خائفة من الإعدام، والله إني سعيدة بذلك، إنّ هذا طريق آبائي وأجدادي.
ضابط الامن: لا علوية، بشرفي إنّ السيد طلب حضورك.
أجابته الشهيدة مستهزئة: صدقت، بدليل ان قواتكم طوّقت بيتنا من جديد.
ثم قالت له: دعني قليلاً، وسوف أعود اليك، ولا تخف فأنا لن أهرب، وأغلقت الباب بوجهه.
ثم جاءتني وقالت لي:
«أخي أبا علي، لقد أدّى أخي ما عليه، وأنا ذاهبة لكي أؤدّي ما عليّ،، إن عاقبتنا على خير.. أوصيك باُمّي وأولاد أخي، لم يبق لهم أحد غيرك،
إنّ جزاءك على اُمّي فاطمة الزهراء، والسلام عليك..».
قلت لها: لا تذهبي معهم.
فقالت: لا والله حتى اُشارك أخي في كل شيء حتى الشهادة.
وشهد الله، لقد صُعقت وأنا استمع اليها، وتحيّرت ماذا سأقول لهذا الجبل الشامخ من الإيمان، والفداء، والشجاعة، وهي تهزأ بالموت والتعذيب من أجل الله تعالى.

خبر الإستشهاد والدفن:

وفي مساء يوم التاسع من نيسان 1980م، وفي حدود الساعة التاسعة او العاشرة مساءاً قطعت السلطة
التيار الكهربائي عن مدينة النجف الأشرف. وفي ظلام الليل الدامس تسللت مجموعة من قوات الامن الى دار المرحوم الحجة السيد محمد صادق الصدر «رحمه الله»، وطلبوا منه الحضور معهم الى
بناية محافظة النجف، وكان بانتظاره هناك المجرم مدير أمن النجف «ابو سعد»،
فقال له: هذه جنازة الصدر واُخته، تم اعدامهما، وطلب منه أن يذهب معهم لدفنهما.
فقال المرحوم السيد محمد صادق الصدر: لابدّ لي من تغسيلهما.
فقال له مدير الأمن: قد تمّ تغسيلهما وتكفينهما.
فقال: لابدّ من الصلاة عليهما.
فقال مدير الأمن: نعم، صلّ عليهما.
وبعد أن انتهى من الصلاة
قال له مدير الأمن: هل تحبّ أن تراهما؟
فقال: نعم.
فأمر الجلاوزة بفتح التابوت، فشاهد السيد الشهيد «رضوان الله عليه»مضرّجاً بدمائه، وآثار التعذيب على كلّ مكان من وجهه، وكذلك كان حال الشهيدة بنت الهدى «رحمها الله».
ثم قال له: لك أن تُخبر عن إعدام السيد الصدر، ولكن إيّاك أن تُخبر عن إعدام بنت الهدى، إنّ جزاءك سيكون الإعدام.
ولما حانت وفاة المرحوم السيد محمد صادق الصدر «رحمه الله» أخبر عن شهادة بنت الهدى.
وقد دفن السيد الشهيد في مقبرة وادي السلام في النجف الأشرف والى جانبه اخُته الطاهرة بنت الهدى في مكان أعرفه على نحو الإجمال.
ويذكر ان المجرم صدام التكريتي قام بنفسه بقتل السيد الشهيد الصدر واخته بنت الهدى ـ رضوان الله عليهما ـ فهو الذي أطلق النار عليهما بعد أن شارك في تعذيبهما.
إن مصادر ثلاثة روت لي المأساة واتفقت على كيفية التعذيب والاعدام وهذه هي القصة كما يرويها أحد أفراد قوات الأمن ممن كان حاضراً في غرفة الاعدام والعهدة عليه.
قال: (أحضروا السيد الصدر الى مديرية الامن العامة فقاموا بتقييده بالحديد ثم جاء المجرم صدام التكريتي فقال له باللهجة العامية: (ولك محمد باقر تريد تسوي حكومه). ثم أخذ يهشم رأسه ووجه بسوط بلاستيكي صلب.
فقال له السيد الصدر : (أنا تارك الحكومات لكم)، وحدث جدال بينهما عن هذا الموضوع وعن علاقته بالثورة الاسلامية في ايران مما أثار المجرم صدام فأمر جلاوزته بتعذيب السيد الشهيد الصدر تعذيباً قاسياً. ثم أمر بجلب الشهيدة بنت الهدى ـ ويبدو أنها كانت قد عذبت في غرفة اخرى ـ
جاءوا بها فاقدة الوعي يجرونها جراً فلما رآها السيد الشهيد استشاط غضباً ورق لحالها ووضعها. فقال لصدام: اذا كنت رجلاً فك قيودي.


فأخذ المجرم سوطا وأخذ يضرب العلوية الشهيدة وهي لا تشعر بشيء مما جعل السيد الصدر في حالة من الغضب فقال للمجرم صدام (لو كنت رجلا فجابهني وجهاً لوجه ودع اختي ولكنك جبان وأنت بين حمايتك )فغضب المجرم وأخرج مسدسه فأطلق النار عليه ثم على اخته الشهيدة وخرج كالمجنون يسب ويشتم).


التكتّم على الجريمة:

وضربت السلطة العفلقية المجرمة طوقاً من التعتيم على جريمتها النكراء، فلم يعلم بالحادث الاّ القليل من أبناء النجف الذين تسرّب اليهم الخبر عن طريق بعض (الدفّانة) الذين يعملون في مقبرة النجف المسمّاة بـ(وادي السلام).


وكانت السلطة تنفي في بعض الاحيان وقوع الجريمة، وفي أحيان اخرى تثبتها، وكان النفي والإثبات يتم عن طريق كوادر حزب البعث العميل، فوقع الناس في حيرة شديدة، ولا أحد يستطيع أن يشخّص الموقف العملي المناسب تجاه هذه الجريمة الكبرى. وكانت الاسماع في تلك الفترة متجهة الى اذاعة الجمهورية الاسلامية في ايران ـ القسم العربي ـ فكان أملهم أن تنجلي الحيرة بما سوف يُذاع عن هذا الأمر الخطير من خلالها. ويظهر أنّ خبر استشهاد السيد الصدر «رحمه الله» وصلهم بعد وقوع الجريمة بعدة أيام، فأعلن الإمام الراحل السيد الخميني «رحمه الله» نبأ الاستشهاد من خلال بيان تأبيني مهم، ومنه عرف الناس بوقوع الجريمة الكبرى.


وهكذا خسر العالم الإسلامي والشعب العراقي خسارة لن تُعوّض، وفقدا علماً خفّاقاً في سماء الإيمان والعلم والمعرفة. اغتالته يد الطاغية الجبّار، المولع بدماء المؤمنين الأبرار المجرم صدّام حسين التكريتي. فويل لكلّ جبّار أثيم (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).







من كتاب .... سنوات المحنة وأيام الحصار... بقلم سماحة الشيخ محمد رضا النعماني

كوثر المحبة
13-04-2010, 10:45 PM
قُدس الله نفسه الزكيه
شكراً لكِ غاليتي على الطرح المبآأآرك
ربي يعطيكِ آلف آلف عافيه
دمتِ بوووووووووود..
تحيتي}/~.,:65:

نور المستوحشين
14-04-2010, 01:33 AM
اشكرلك المرور العطر عزيزتي
:11790700490: