المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عمر بن الخطاب و القرآن


محـب الحسين
14-04-2010, 09:22 PM
السلام عليكم ورحمة الله

قال السيوطي:وأخرج الطبراني عن عمر بن الخطّاب مرفوعا: القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابرا محتسبا كان له بكل حرف زوجة من الحور العين. رجاله ثقات إلاّ شيخ الطبراني محمد بن عبيد بن آدم أبي إياس تكلّم فيه الذهبي لهذا الحديث. وقد حمل ذلك على ما نسخ رسمه من القرآن أيضا إذ الموجود الآن لا يبلغ هذا العدد(176).
تكلم فيه الذهبي دفاعا عن عمر، لكن تبقى مشكلة منسوخ التلاوة!
قال الزرقاني: وروى الدارمي وغيره بأسانيدهم عن عمر بن الخطّاب>أنه كان يقول لأبي موسى الأشعري ذكرنا ربنا فيقرأ عنده القرآن(177).
عن محمد بن المنتشر قال: قال رجل لعمر بن الخطّاب إني لأعرف أشد آية في كتاب الله تعالى فأهوى عمر فضربه بالدّرة وقال: مالك نقبت عنها حتى علمتها؟ ما هي؟ قال: من يعمل سوءا يجز به فما منا أحد يعمل سوءا إلا جزي به. فقال عمر: لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام ولا شراب حتى أنزل الله بعد ذلك ورخص ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما(178).
أقول:
وأنت ترى أنه ضرب الرجل لأنّه تدبّر القرآن وأعمل فكره لمعرفة أشد آية. وتدبر القرآن أمر مرغّب فيه، ولا يرغب عنه إلا من على قلوبهم أقفالها.
روى البخاريّ عن ابن عبّاس قال: قال عمر بن الخطّاب يوما لأصحاب النبي: فيمن ترون هذه الآية نزلت أيودّ أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب؟ قالوا الله أعلم فغضب عمر وقال: قولوا نعلم أو لا نعلم فقال ابن عبّاس: في نفسي منها شيء. فقال: يا بن أخي قل ولا تحقر نفسك. قال: ابن عبّاس: ضربت مثلا لعمل قال عمر: أي عمل؟ قال ابن عبّاس: لرجل غني يعمل بطاعة الله ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله(179).
وفي الإتقان: أخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال كان عمر بن الخطّاب إذا ذكر له سورة براءة فقيل سورة التوبة قال هي إلى العذاب أقرب، ما كادت تقلع عن الناس حتى ما كادت تبقي منهم أحدا(180).
وأخرج نصر في الحجة عن أبي هريرة قال: كنا عند عمر بن الخطّاب إذ جاءه رجل يسأله عن القرآن أمخلوق هو أم غير مخلوق؟ فقام عمر فأخذ بمجامع ثوبه حتى قاده إلى علي بن أبي طالب فقال: يا أبا الحسن أما تسمع ما يقول هذا؟ قال: وما يقول؟ قال: جاءني يسألني عن القرآن أمخلوق هو أم غير مخلوق؟ فقال: علي هذه كلمة وسيكون لها ثمرة لو وليت من الأمر ما وليت ضربت عنقه(181).
و عن ابن عباس قال: قال عمر بن الخطاب: قرأت الليلة آية أسهرتني أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب ما عنى؟ فقال بعض القوم: الله أعلم. فقال: إني أعلم أن الله أعلم، ولكن إنما سألت إن كان عند أحد منكم علم وسمع فيها بشيء أن يخبر بما سمع. فسكتوا فرآني وأنا أهمس قال: قل يا ابن أخي ولا تحقر نفسك. قلت عنى بها العمل. قال: وما عنى بها العمل؟ قلت: شيء ألقي في روعي فقلته. فتركني وأقبل وهو يفسرها قال:صدقت يا ابن أخي، عنى بها العمل. ابن آدم أفقر ما يكون إلى جنته إذا كبر سنه وكثرت عياله وابن آدم أفقر ما يكون إلى عمله يوم القيامة صدقت يا ابن أخي(182).
عبد بن حميد وابن المنذر قال السيوطي:وأخرج ابن مردويه والشيرازي في الألقاب والهروي في فضائله عن ابن عمر أن عمر بن الخطّاب خرج ذات يوم إلى الناس فقال أيكم يخبرني بأعظم آية في القرآن وأعدلها وأخوفها وأرجاها؟ فسكت القوم. فقال ابن مسعود: على الخبير سقطت سمعت رسول الله(ص) يقول أعظم آية في القرآن الله لا إله إلا هو الحي القيوم وأعدل آية في القرآن إن الله يأمر بالعدل والإحسان النحل الآية 90 إلى آخرها . وأخوف آية في القرآن فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره الزلزلة الآيتان 7
و 8 وأرجى آية في القرآن قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله الزمر الآية 53(183).
قصة صبيغ
قصّة صبيغ بن عسل التّميمي مع عمر بن الخطّاب تستحقّ أن يفرد لها كتاب، وذلك لما حوته من التّناقضات والمفارقات التي تكشف عن التوجّه الفكريّ أيّامها، وسيطرة الحكم على الثّقافة والتّفكير بقبضة من حديد. هذه القصّة تبيّن بوضوح كيف كان الخليفة يحاسب النّاس على السّؤال والجواب ويتدخّل في كل صغيرة وكبيرة تدخّلا لا يمتّ إلى الإسلام بصلة. والعجيب أنّ الفقهاء والأصوليّين في ما بعد أخذوا بسلوك الخليفة وجعلوه تشريعا في مقابل شريعة السّماء رغم كونه سلوكا مزاجيّا صادرا من شخص غير معصوم، معروف بكثرة التعثر والتراجع!
زعم أولئك الفقهاء والأصوليون والمفسرون أنّ في سلوك عمر مع صبيغ التّميمي حفاظا على عقائد الناس من التّزلزل والاضطراب، لكنّهم تجاهلوا فعل الخليفة عمر حين صدر منه نفس ما صدر من صبيغ مرّات ومرّات، وبذلك تمّت عليهم الحجّة وفقدوا مصداقيّتهم عند أولي الألباب، فإنّ حكم الأمثال واحد لا يتغيّر ولا يتبدّل .
أوّل ما يلفت نظر الباحث هو إصرارهم على تسمية التّميمي صَبيغاً على وزن عظيم بفتحة في أوّله، وهو ما جعل الرجل ينفرد بهذه التّسمية بين أبناء عصره ومن جاء بعدهم! ويبدو أنّ تصرّفهم هذا متعمّد لأنّ المشتقّ إذا كان على وزن "فَعيل" يقصد به عادة " مفعول " كقولهم " سجين " يقصد به " مسجون "و "طحين " يقصد به " مطحون " و "عليل" يقصد به "معلول" و "عجين " يقصد به معجون " و"دقيق "يقصد به " مدقوق " وهكذا. فقولهم "صبيغ " يقصد به "مصبوغ ". لكن ذلك لم يسلم لهم من المعارضة، فإنّ ابن حجر العسقلاني نفسه يقول في ترجمته في الإصابة (تحت رقم 4127): صبيغ بوزن عظيم وآخره معجمة بن عسل بمهملتين الأولى مكسورة والثانية ساكنة ويقال بالتّصغير ويقال بن سهل الحنظلي له إدراك وقصّته مع عمر مشهورة(184) .ويقول أيضا في ترجمة سويد بن صبيع:
سويد بن صبيع وقع ذكره في رسالة الغفران لأبي العلاء المعري بما يوهم أنّ له صحبة وليس كذلك، فقال أبو العلاء ما نصّه: ولو أدرك سويد بن صبيع لشاغبه أيام الربيع وسويد هو الذي يقول:
إذا طلبوا مني اليمين منحتهم يمينا كبرد الأتحمي الممزق*
وإن أحلفوني بالطلاق أتيتها على خير ما كنا ولم نتفرق (185)
وابن منظور يقول في لسان العرب: صبيغ وأصبغ و صبيغ أسماء و صبغ اسم رجل كان يتعنّت النّاس بسؤالات في مشكل القرآن فأمر عمر بن الخطّاب (رض) بضربه ونفاه إلى البصرة ونهى عن مجالسته(186). ويذكر
ابن حجر في مقدمة فتح الباري " الرباب " بنت صبيع بضم الصاد المهملة مصغّرا(187) . في قول: " تابعية لها حديث في العقيقة..".و هذا يعني أنّ العرب تسمّي بالمهملة. ويترجم البخاريّ في تاريخه الكبير لربيع بن صبيع بالمهملة أيضا فيقول: أبو حفص البصري، سمع الحسن وعطاء، روى عنه الثّوري و وكيع وابن مهديّ، وكان يحيى القطّان لا يحدّث عنه(188). ويستشهد ياقوت الحموي في معرض حديثه عن الأقيصر(189). ببيت شعر لربيع بن ضبيع الفزاري وهو قوله:
فإنني والذي نعم الأنام له حول الأقيصر تسبيح وتهليل(190)
وتردّد الزّرقاني بين صبغ وصبيغ فقال«..الأمر الذي نهانا القرآن عنه والذي جعل عمر يفعل ما يفعل بصبغ أو بابن صبيغ وجعل مالكا يقول ما يقول ويفعل ما يفعل بالذي سأله عن الاستواء(191).
هذا في ما يخصّ التّسمية.
وأما مضمون القصّة فإنّ صبيغا هذا كان يسأل عن تفسير القرآن الكريم، ومعلوم أنّ فهم القرآن يتوقّف على فهم عباراته، وقد أمر المسلمون بتدبّر القرآن، والتدبّر فرع فهم العبارات، لا يختلف في ذاك عاقلان . لكن الدّولة كانت قد منعت رواية الحديث النبّويّ الشّريف وتفسير القرآن الكريم وذكر أسباب النّزول، وسمحت بتلاوة وإقراء القرآن لا غير، ومن سوّلت له نفسه تجاوز ما خطّته الدّولة عرّض نفسه للنّكال . وفعلا تعرّض صبيغ المذكور لتنكيل ليس بعده تنكيل حين سأل عن معنى قوله تعالى
و الذّاريات ذروا .
تجرّأ صبيغ وسأل عن قوله تعالى والذّاريات ذروا، وبلغ خبره الخليفة عمر بن الخطّاب، فتهيأ لمواجهة الخطر الذي يهدّد أمن الدّولة؛
ولأنّ الدّولة سخطت على صبيغ فقد تفنّن المؤرخون وكتّاب السّير والتّراجم في وصفه بالحماقة وتبنّي معتقدات الخوارج والمشاركة في الفتن، مبرّرين ما تعرّض له من الأذى. قال السيوطي: وأخرج ابن عساكر عن محمّد بن سيرين قال كتب عمر بن الخطّاب إلى أبي موسى الأشعري أن لا يجالس صبيغا وأن يحرم عطاءه ورزقه(192). وأشار النّووي إلى مثل ذلك فقال في شرح مسلم: وقد اتّفق أصحابنا وغيرهم من المحقّقين على أنّه يستحيل أن يتكلّم الله تعالى بما لا يفيد، والله اعلم. وفي هذا الحديث التّحذير من مخالطة أهل الزّيغ وأهل البدع ومن يتّبع المشكلات للفتنة، فأمّا من سأل عمّا أشكل عليه منها للاسترشاد وتلطّف في ذلك فلا بأس عليه، وجوابه واجب. وأمّا الأوّل فلا يجاب بل يزجر ويعزّر كما عزّر عمر بن الخطّاب صبيع بن عسل حين كان يتّبع المتشابه، والله أعلم(193).
قال ابن حجر: صبيغ بوزن عظيم وآخره معجمة بن عسل بمهملتين الأولى مكسورة والثّانية ساكنة ويقال بالتّصغير، ويقال ابن سهل الحنظلي. له إدراك، وقصّته مع عمر مشهورة؛ روى الدّارمي من طريق سليمان بن يسار قال: قدم المدينة رجل يقال له صبيغ بوزن عظيم وآخره مهملة كذا بن عسل فجعل يسأل عن متشابه القرآن فأرسل إليه عمر فأعدّ له عراجين النّخل، فقال: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ. قال: وأنا عبد الله عمر. فضربه حتى أدمى رأسه فقال: حسبك يا أمير المؤمنين، قد ذهب الذي كنت أجده في رأسي. و أخرجه من طريق نافع أتمّ منه قال: ثمّ نفاه إلى البصرة. وأخرجه الخطيب وابن عساكر من طريق أنس و السّائب بن زيد وأبي عثمان النّهدي مطوّلا ومختصرا؛ وفي رواية أبي عثمان وكتب إلينا عمر: لا تجالسوه. قال: فلو جاء ونحن مائة لتفرّقنا. وروى إسماعيل القاضي في الأحكام من طريق هشام عن محمّد بن سيرين قال: كتب عمر بن الخطّاب إلى أبي موسى لا تجالس صبيغا واحرمه عطاءه. وروى الدارمي في حديث نافع أنّ أبا موسى كتب إلى عمر أنه صلح حاله فعفا عنه. وذكر ابن دريد في كتاب الاشتقاق أنّه كان يحمّق (!) وأنّه وفد على معاوية. وروى الخطيب من طريق عسل بن عبد الله بن عسيل التميمي عن عطاء بن أبي رباح عن عمه صبيغ بن عسل قال جئت عمر فذكر قصّة. ومن طريق يحيى بن معين قال: صبيغ بن شريك. قلت: ظاهر السّياق أنّه عمّ عطاء وليس كذلك بل الضمير في قوله عن عمّه يعود على عسل، وذكره ابن ماكولا في عسل بكسر أوّله وسكون ثانيه والمهملتين وقال مرة عسيل مصغرا؛ وقال الدارقطني في الأفراد بعد رواية سعيد بالإجماع (..) عن أبي بكر بن أبي سبرة عن يحيى عن سعيد بن المسيب قال جاء صبيغ التميمي إلى عمر فسأله عن الذاريات الحديث، وفيه فأمر به عمر فضرب مائة سوط فلما برئ دعاه فضربه مائة أخرى ثمّ حمله على قتب وكتب إلى أبي موسى حرّم على النّاس مجالسته، فلم يزل كذلك حتّى أتى أبا موسى فحلف له أنّه لا يجد في نفسه شيئا، فكتب إلى عمر فكتب إليه خلّ بينه وبين النّاس. غريب تفرّد به ابن أبي سبرة. قلت: وهو ضعيف والرّاوي عنه أضعف منه، ولكن أخرجه ابن السكن من وجه آخر عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد عن عمر بسند صحيح وفيه" فلم يزل صبيغ وضيعا في قومه بعد أن كان سيدا فيهم" . قلت وهذا يدلّ على أنّه كان في زمن عمر رجلا كبيرا. وأخرجه الإسماعيلي في حديث يحيى بن سعيد من هذا الوجه وأخرجه أبو زرعة الدمشقي من وجه آخر من رواية سليمان التميمي عن أبي عثمان ألنهدي به وأخرجه الدارقطني في الأفراد مطوّلا قال أبو أحمد العسكري: أتّهمه عمر برأي الخوارج(194).
هذا ما ذكره ابن حجر، وقد تناول القصّة كثيرون غيره بين مفصّل ومختصر(195)، وقد اعتمد عليها الفقهاء والمفسّرون وغيرهم في استنباط أحكام يتوقعون أن تكون مقبولة عند الله تعالى لأنها تستند إلى شخص حاكم، حجّته الوحيدة فيما يقوم به أنّه حاكم. قال السمعاني في معرض ذكر عبد الرحمن بن ملجم المرادي: ويقال هو أي عبد الرحمن بن ملجم الذي كان أرسل صبيغ بن عسل التّميمي إلى عمر بن الخطاب فسأله عما سأله من معجم القرآن، وقيل إن عمر بن الخطّاب (رض) كتب إلى عمرو بن العاص أن قرّب دار عبد الرحمن بن ملجم من المسجد ليعلم الناس القرآن والفقه فوسع له مكان داره التي في الرّاية في الزّيارتين إلى جانب دار ابن عديس البلوي قاتل عثمان(196).
واستفاد المفسّرون من الواقعة على طريقة من يقدّس الحاكم، فأثنوا على عمر بن الخطّاب مبلغ ما استطاعوا، وتهجموا على صبيغ جهد ما استطاعوا. قال الزرقاني بعد أن أورد قصّة صبيغ: و الدّبرة بفتحات ثلاث هي قرحة الدّابّة في أصل الوضع اللّغويّ والمراد هنا أنه صيّر في ظهره من الضرب جرحا داميا كأنّه قرحة في دابّة، ورضي الله عن عمر فإنّ هذا الأثر يدلّ على أنّ ابن صبيغ فتح أو حاول أن يفتح باب فتنة بتتبّعه متشابهات القرآن يكثر الكلام فيها ويسأل الناس عنها(197) . وقال في مناهل العرفان أيضا: ثمّ إنّ كلامهم بهذه الصورة(الكلام في متشابه الصفات) فيه تلبيس على العامّة وفتنة لهم فكيف يواجهونهم به ويحملونهم عليه وفي ذلك ما فيه من الإضلال وتمزيق وحدة الأمّة الأمر الذي نهانا القرآن عنه والذي جعل عمر يفعل ما يفعل بصبغ أو بابن صبيغ، وجعل مالكا يقول ما يقول ويفعل ما يفعل بالذي سأله عن الاستواء(198) . وقال السيوطي في الإتقان(199): وأخرج الدارمي عن عمر بن الخطّاب قال إنه سيأتيكم ناس يجادلونكم بمشتبهات القرآن فخذوهم بالسّنن فإنّ أصحاب السّنن أعلم بكتاب الله . فهذه الأحاديث والآثار تدل على أن المتشابه مما لا يعلمه إلا الله وأن الخوض فيه مذموم وسيأتي قريبا زيادة على ذلك.
وقال الآلوسيّ بعد أن أورد قصة صبيغ مع عمر: ويدلّ هذا أنّ الرجل لم يكن سليم القلب وأنّ سؤاله لم يكن طلبا للعلم وإلاّ لم يصنع به عمر (رض) ما صنع(200) .
وأقول: بناء على قول الآلوسيّ يحقّ للمسلمين أن يحمدوا الله تعالى على أن أشرك معه عمر بن الخطّاب في علم النّيات والاطّلاع على القلوب!.
وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى أما الذين في قلوبهم زيغ
و هذه الآية تعم كل طائفة من كافر وزنديق وجاهل وصاحب بدعة وإن كانت الإشارة بها في ذلك الوقت إلى نصارى نجران. وقال قتادة في تفسير قوله تعالى فأما الذين في قلوبهم زيغ إن لم يكونوا الحرورية وأنواع الخوارج فلا أدرى من هم. قلت: قد مرّ هذا التفسير عن أبي أمامة مرفوعا وحسبك. السادسة قوله تعالىفيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنه وابتغاء تأويله قال شيخنا أبو العبّاس رحمة الله عليه متبعو المتشابه لا يخلو أن يتبعوه ويجمعوه طلبا للتشكيك في القرآن وإضلال العوام كما فعلته الزنادقة والقرامطة الطاعنون في القرآن أو طلبا لاعتقاد ظواهر المتشابه كما فعلته المجسمة الذين جمعوا ما في الكتاب والسنة مما ظاهره الجسمية حتى اعتقدوا أن البارئ تعالى جسم مجسّم وصورة مصوّرة ذات وجه وعين ويد وجنب ورجل وأصبع تعالى الله عن ذلك أو يتّبعوه على جهة إبداء تأويلاتها وإيضاح معانيها أو كما فعل صبيغ حين أكثر على عمر فيه السؤال؛ فهذه أربعة أقسام .. ( إلى أن قال )..أن صبيغ بن عسل قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن وعن أشياء فبلغ ذلك عمر (رض) فبعث إليه عمر فأحضره وقد أعدّ له عراجين من عراجين النّخل فلما حضر قال له عمر من أنت قال أنا عبد الله صبيغ فقال عمر (رض) وأنا عبد الله عمر، ثمّ قام إليه فضرب رأسه بعرجون فشجّه ثمّ تابع ضربه حتى سال دمه على وجهه فقال: حسبك يا أمير المؤمنين فقد والله ذهب ما كنت أجد في رأسي قد اختلفت الروايات في أدبه وسيأتي ذكرها في الذّاريات. ثمّ إن الله تعالى ألهمه التّوبة وقذفها في قلبه فتاب وحسنت توبته(201).
هذا مع أنهم قد رووا أنّ النّبي(ص) كان يسأل عن تفسير الآية فيفسّرها، ومن السّائلين عمر بن الخطّاب نفسه! قال السيوطي: وأخرج مالك في الموطأ وأحمد وعبد بن حميد والبخاريّ في تاريخه وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والآجري في (الشريعة) وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه واللالكائي والبيهقي في (الأسماء والصفات) عن مسلم بن يسار الجهني أنّ عمر بن الخطّاب سئل عن هذه الآية وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم.. الآية، فقال: سمعت رسول الله(ص) سئل عنها فقال: إن الله خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرّية فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرّية فقال: خلقت هؤلاء للنّار وبعمل أهل النّار يعملون فقال الرجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ فقال: إنّ الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنّة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنّة فيدخله الله الجنة وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النّار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النّار فيدخله الله النّار(202).
إذاً، سئل عنها رسول الله(ص) بمحضر عمر ولم يعنّف السائل ولا جلده بجريد النّخل!
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في الإيمان عن عمر بن الخطّاب قال: ” الجبت السّاحر والطّاغوت الشّيطان "(203) .
وهذه بعض أخبار عمر وهو يجيب السائلين بغير ما أجاب به صبيغ بن عسل التميمي:
نقل السيوطي عن الطبري عن أبي محمد رجل من أهل المدينة قال سألت عمر بن الخطّاب عن قوله وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم قال سألت رسول الله(ص) كما سألتني فقال خلق الله آدم بيده ونفخ فيه من روحه ثم أجلسه فمسح ظهره بيده اليمنى فأخرج ذرا فقال ذرء ذرأتهم للجنة ثم مسح ظهره بيده الأخرى - وكلتا يديه يمين - فقال ذرء ذرأتهم للنار يعملون فيما شئت من عمل ثم أختم بأسوأ أعمالهم فأدخلهم النار(204). وهذا يعني أن عمر نفسه سأل رسول الله(ص) عنها ولم يضربه بجريد النخل؟!).
وفي تفسير الطبري: قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس و عمرو بن الحارث عن ابن شهاب أن أنس بن مالك حدّثه أنه سمع عمر بن الخطّاب (رض) يقول: قال الله وقضبا * وزيتونا ونخلا * وحدائق غلبا * وفاكهة وأبا كلّ هذا قد علمناه فما الأبّ؟ ثمّ ضرب بيده ثمّ قال: لعمرك إنّ هذا لهو التّكلّف واتبعوا ما يتبين لكم في هذا الكتاب. قال عمر: وما يتبين فعليكم به وما لا فدعوه وقال آخرون: الأبّ: الثّمار الرّطبة(205)..
قال الشّوكانيّ:وقد أخرج مالك في الموطأ وأحمد في المسند وعبد بن حميد والبخاريّ في تاريخه وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه و البيهقي في (الأسماء والصفات) والضياء في (المختارة): أنّ عمر بن الخطّاب سئل عن هذه الآية ?وإذ أخذ ربك ? الآية فقال: سمعت رسول الله(ص) يسأل عنها فقال: إن الله خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل: يا رسول الله ففيم العمل ؟ فقال: إن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله النار (206).
قال الشّوكانيّ في تفسير قوله تعالىوالذين اتبعوهم بإحسان: قرأ عمر بن الخطّاب (رض): الذين اتبعوهم محذوف الواو وصفا للأنصار على قراءته برفع الأنصار فراجعه في ذلك زيد بن ثابت فسأل أبي بن كعب فصدق زيدا فرجع عمر عن القراءة المذكورة(207).
أقول: أليس هو القائل كما في تفسير القرطبي (ج18 ص20 ):" من أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت " ؟!
قال الشّوكانيّ:وأخرج وكيع وأبو سعيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن الخطّاب أنّه كان يقرأ ـ صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالّين(208).
قال السيوطي في الدّرّ المنثور: وأخرج ابن جرير وأبو الشّيخ عن محمّد بن كعب القرظيّ قال مرّ عمر>برجل يقرأ: السابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار، فأخذ عمر بيده فقال: من أقرأك هذا ؟ قال أبيّ بن كعب . قال: لا تفارقني حتّى أذهب بك إليه، فلما جاءه قال عمر: أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا ؟ قال نعم . قال وسمعتها من رسول الله(ص) ؟ قال نعم . قال: لقد كنت أرى أنّا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا ! ! فقال أبيّ: تصديق ذلك في أوّل سورة الجمعة وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم. وفي سورة الحشر والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان وفي الأنفال والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم . وأخرج أبو الشّيخ عن أبي أسامة ومحمّد بن إبراهيم التيميّ قالا: مرّ عمر بن الخطّاب برجل وهو يقرأ والسابقون الأوّلون . . . وأورد رواية الحاكم(209) !
آيات منسوخة التلاوة!!
قال الشنقيطي :لم يبين هنا هل جعل لهن سبيلا أو لا ولكنه بين في مواضع أخر أنه جعل لهن السبيل بالحد كقوله في البكر الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما وقوله في الثّيب الشيخ و والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم، لأن هذه الآية باقية الحكم كما صح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب (رض) وأرضاه وإن كانت منسوخة التلاوة(210).
أقول:
ومنسوخ التلاوة من أعجب ما يلاقيه الباحثون؛ وههنا كلام آخر في هذا المعنى، أوردوه تصحيحا منهم لما يذهب إليه عمر من نسخ التلاوة. قال القرطبي في تفسيره: فقد كان الكلام مباحا في الصلاة وقد روي في هذه القصة أنه كان مما يقرأ أفرأيتم اللاّت والعزى ومناة الثالثة الأخرى
و الغرانقة العلا وإنّ شفاعتهن لترتجى. روى معناه عن مجاهد. وقال الحسن أراد بالغرانيق العلا الملائكة، وبهذا فسر الكلبي الغرانقة أنّها الملائكة، وذلك أنّ الكفّار كانوا يعتقدون أنّ الأوثان والملائكة بنات الله كما حكى الله تعالى عنهم وردّ عليهم في هذه السورة بقوله ألكم الذكر وله الأنثى. فأنكر الله كلّ هذا من قولهم؛ ورجاء الشّفاعة من الملائكة صحيح فلما تأوّله المشركون على أن المراد بهذا الذّكر آلهتهم ولبّس عليهم الشيطان بذلك نسخ الله ما ألقى الشيطان وأحكم الله آياته ورفع تلاوة تلك اللفظتين اللتين وجد الشيطان بهما سبيلا للتلبيس كما نسخ كثير من القرآن ورفعت تلاوته(211).
قال الشّوكانيّ: وأخرج البيهقي في سننه عن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر قال: قرأ عمر بن الخطّاب هذه الآية وما جعل عليكم في الدين من حرج ثم قال لي: ادع لي رجلا من بني مدلج قال عمر: ما الحرج فيكم؟ قال: الضيق(212).
وقال: أخرج مالك والشافعي والبخاريّ ومسلم وابن حبّان و البيهقيّ في سننه عن عمر بن الخطّاب قال: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله(ص) فاستمتعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله(ص) فكدت أساوره في الصلاة! فتصبّرت حتّى سلّم فلبّبته بردائه(213) فقلت: من أقرأك هذه السّورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله(ص) فقلت: كذبت فإن رسول الله(ص) قد أقرأنيها على غير ما قرأت. فانطلقت به أقوده إلى رسول الله(ص) فقلت: إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها. فقال رسول الله(ص): أرسله. أقرئنا هشام؛ فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ فقال رسول الله(ص): كذلك أنزلت ثم قال: أقرئنا عمر؛ فقرأت القراءة التي أقرأني فقال رسول الله(ص): كذلك أنزلت إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه(214) .
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن المغيرة قال: سئل عمر بن الخطّاب عن نسبا وصهرا فقال: ما أراكم إلا وقد عرفتم النّسب وأما الصّهر: فالأختان والصّحابة(215).
و عن ابن عبّاس أنّ عمر بن الخطّاب قام فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال: أمّا بعد أيّها الناس إنّ الله بعث محمّدا بالحقّ وأنزل عليه الكتاب فكان في ما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها الشيخ و والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة ورجم رسول الله(ص) ورجمنا بعده فأخشى أن يطول بالناس زمان أن يقول قائل: لا نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله(216).
وعن مالك عن يحيى بن سعيد أنه سمع سعيد بن المسيب يقول: قال عمر إياكم أن تهلكوا عن آية الرّجم أن يقول قائل لا أجد حدّين في كتاب الله فقد رجم رسول الله ورجمنا والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة فإنا قد قرأناها(217).
عن حذيفة قال: قال لي عمر بن الخطّاب: كم تعدون سورة الأحزاب ؟ قلت: اثنتين أو ثلاثا وسبعين قال: إن كانت لتقارب سورة البقرة وإن كان فيها لآية الرجم(218). وأخرج البخاريّ في تاريخه عن حذيفة قال: قرأت سورة الأحزاب على رسول الله(ص) فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها(219). وأخرج أبو عبيد في الفضائل وابن الأنباري وابن مردويه عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي(ص) مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقرّر منها إلا على ما هو الآن(220).
قال الرازي: أما قوله تعالى فجاءته إحداهما تمشى على استحياء فقوله على استحياء في موضع الحال أي مستحيية قال عمر بن الخطّاب قد استترت بكم قميصها(221) .
قال الشّوكانيّ:وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وإسحاق بن راهويه وابن المنذر والبيهقي في دلائله عن بجالة: قال مر عمر بن الخطّاب بغلام وهو يقرأ في المصحف النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمّهاتهم وهو أب لهم فقال يا غلام حكّها فقال: هذا مصحف أبي؛ فذهب إليه فسأله فقال: إنّه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق في الأسواق(222).
أقول: ومع ذلك فإنّ قوله " وهو أب لهم " لا توجد في مصحف القرآن الكريم الذي بين أيدي النّاس اليوم!
قال البغويّ: روى هارون بن عنترة عن أبيه قال: لما نزلت هذه الآية بكى عمر (رض) فقال له النبي(ص): ما يبكيك يا عمر ؟ فقال: أبكاني أنّا كنّا في زيادة من ديننا فأمّا إذا كمل فإنه لم يكمل شيء قطّ إلا نقص قال: صدقت(223).
أقول: عجبا لهؤلاء المفسرين أعماهم اسم عمر بن الخطّاب حتى غدوا يمجّدون الضّلال، وإلاّ فكيف يمكن أن ينقص شيء أكمله الله تعالى؟ وما هي هذه القّوة التي تتجاوز قوّة الله تعالى وقدرته وتنقص ما أكمله؟ وكيف يحتجّ الله تعالى على الخلائق يوم القيامة بدين ناقص؟!
قال الآلوسيّ:وأخرج مالك في الموطّأ وأحمد وعبد بن حميد والبخاريّ في التاريخ وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وخلق كثير عن مسلم بن يسار الجهني أن عمر بن الخطّاب (رض) سئل عن هذه الآية وإذ أخذ ربك.. الخ فقال: سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سئل عنها فقال: إن الله تعالى خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرّيّة فقال: خلقت هؤلاء للجنّة وبعمل أهل الجنّة يعملون ثمّ مسح ظهره فاستخرج منه ذريّة فقال: خلقت هؤلاء للنّار وبعمل أهل النّار يعملون فقال الرّجل: يا رسول الله ففيم العمل؟ فقال: إذا خلق العبد للجنّة استعمله بعمل أهل الجنّة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنّة فيدخله الله الجنّة؛ وإذا خلق العبد للنّار استعمله بعمل أهل النّار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النّار فيدخله الله تعالى النّار(224) ..
أقول:
هذا هو الأدب النبوي الشريف في إجابة السائلين، وكان على عمر أن يجيب صبيغا كما أجاب رسول الله(ص) هذا السائل؛ بل كما أجاب عمر في هذه المرّة .
قال الآلوسيّ:ولا يأبى هذه الإشارة عند التأمّل ما أخرجه الترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن مردويه وغيرهم عن عمر بن الخطّاب (رض) قال لما نزلت فمنهم شقيّ وسعيد قلت: يا رسول الله فعلام نعمل؟ على شيء قد فرغ منه أو على شيء لم يفرغ منه؟ قال: بل على شيء قد فرغ منه وجرت به الأقلام يا عمر، ولكن كلّ ميسّر لما خلق له(225).
قال الرازي: المسألة الثالثة روي أن عمر بن الخطّاب (رض) كان يقرأ والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار الّذين اتّبعوهم بإحسان فكان يعطف قوله "الأنصار" على قوله "رحيم والسّابقون" وكان يحذف الواو من قوله "والّذين اتّبعوهم بإحسان" ويجعله وصفا للأنصار. وروي أن عمر كان يقرأ هذه الآية على هذا الوجه قال أبي والله لقد أقرأنيها رسول الله(ص) على هذا الوجه وإنك لتبيع القرظ يومئذ ببقيع المدينة فقال عمر (رض): صدقت؛ شهدتم وغبنا وفرغتم وشغلنا ولئن شئت لتقولن نحن أوينا ونصرنا وروي أنه جرت هذه المناظرة بين عمر وبين زيد بن ثابت واستشهد زيد بأبي بن كعب والتفاوت أن على قراءة عمر يكون التعظيم الحاصل من قوله والسّابقون الأولون مختصا بالمهاجرين ولا يشاركهم الأنصار فيها فوجب مزيد التعظيم للمهاجرين والله أعلم وروي أن أبيا احتج على صحة القراءة المشهورة بآخر الأنفال وهو قوله والّذين آمنوا من بعد وهاجروا (الأنفال) بعد تقدّم ذكر المهاجرين والأنصار في الآية الأولى وبأواسط سورة الحشر وهو قوله والّذين جاءوا مّن بعدهم (الحشر) وبأوّل سورة الجمعة وهو قوله وآخرين منهم لمّا يلحقوا بهم الجمعة(226) .
وقال الغرناطيّ في التّسهيل:وقرأ عمر بن الخطّاب فامضوا إلى ذكر الله وهذا تفسير للسعي فهو بخلاف السعي في قول رسول الله(ص) إذا نودي للصلاة فلا تأتونها وأنتم تسعون(227). وقال: سأل عمر بن الخطّاب جماعة من الصّحابة (رض) عن معنى هذه السّورة فقالوا إن الله أمر رسول الله(ص) بالتسبيح والاستغفار عند النّصر والفتح وذلك على ظاهر لفظها فقال لابن عبّاس بمحضرهم: يا عبد الله ما تقول أنت؟ قال: هو أجل رسول الله(ص) أعلمه الله بقربه إذا رأى النصر والفتح. فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما علمت(228).
أقول: هذا حجّة على عمر بخصوص ما جرى بينه وبين صبيغ، فإنّه لا يمكن أن يجوز لعمر ما لا يجوز لصبيغ وهما تابعان لدين واحد؛ فكما جاز لعمر أن يسأل عن معنى الآية يجوز لغير عمر ذلك أيضا، والمسلمون سواسية كأسنان المشط. وفي هذا وأمثاله لا تنفع عمر بن الخطاب تأويلات المتأوّلين وتعديلات المعدّلين.
قال الفخر الرازي: المسألة الثالثة روي أن عمر بن الخطّاب (رض) كان يقرأ والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار الّذين اتّبعوهم بإحسان فكان يعطف قوله الأنصار على قوله والسّابقون وكان يحذف الواو من قوله والّذين اتّبعوهم بإحسان ويجعله وصفا للأنصار وروي أن عمر (رض) كان يقرأ هذه الآية على هذا الوجه قال أبي والله لقد أقرأنيها رسول الله(ص) على هذا الوجه وإنك لتبيع القرظ يومئذ ببقيع المدينة فقال عمر (رض) صدقت شهدتم وغبنا وفرغتم وشغلنا ولئن شئت لتقولن نحن أوينا ونصرنا . وروي أنه جرت هذه المناظرة بين عمر وبين زيد بن ثابت واستشهد زيد بأبي بن كعب والتفاوت أن على قراءة عمر يكون التّعظيم الحاصل من قوله والسّابقون الأولون مختصّا بالمهاجرين ولا يشاركهم الأنصار فيها فوجب مزيد التّعظيم للمهاجرين والله أعلم(229).
وينفرد عمر بن الخطاب في قراءة الفاتحة أيضا، علما أنّ رسول الله(ص) كان يقرؤها مرّات كل يوم، فمهما اختلف المسلمون لا يصحّ أن يختلفوا في شيء يسمعونه من رسول الله(ص) ست مرّات كل يوم. أخرج وكيع وأبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي داود وابن الأنباري كلاهما في المصاحف من طرق عمر بن الخطّاب أنّه كان يقرأ: (صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين ?(230).
قال السّيوطيّ: وأخرج عبد الرزاق وأحمد وابن حبان عن عمر بن الخطّاب قال إن الله بعث محمّدا بالحقّ وأنزل معه الكتاب فكان في ما أنزل عليه آية الرّجم فرجم ورجمنا بعده؛ ثمّ قال: قد كنا نقرأ ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم وأخرج الطيالسي وأبو عبيد والطبراني عن عمر بن الخطّاب قال كنا نقرأ في ما نقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم ثم قال لزيد بن ثابت أ كذلك يا زيد؟ قال نعم . وأخرج ابن عبد البر في التمهيد من طريق عدي بن عدي بن عمير بن قزوة عن أبيه عن جده عمير بن قزوة أن عمر بن الخطّاب قال لأبي: أوليس كنا نقرأ في ما نقرأ من كتاب الله إن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم؟ فقال: بلى؛ ثم قال: أوليس كنا نقرأ الولد للفراش وللعاهر الحجر في ما فقدنا من كتاب الله؟ فقال أبي: بلى ! وأخرج أبو عبيد وابن الضريس وابن الأنباري عن المسور بن مخرمة قال: قال عمر لعبد الرّحمن بن عوف: ألم تجد في ما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لا نجدها! قال: أسقطت من القرآن . وأخرج أبو عبيد وابن الضريس وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عمر قال: لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله ما يدريه ما كلّه؟ قد ذهب منه قرآن كثير! ولكن ليقل قد أخذت ما ظهر منه(231).
أقول: اختلط على عمر ما كان يقرأه من التّوراة وما كان يسمعه من التّنزيل فانفرد بآيات لا هي قرآن محض ولا هي توراة صرفة، ولو صحّ شيء مما يقوله لما غاب ذلك عن باب مدينة العلم.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عمر بن الخطّاب أنّه خطب فقال إنّ من آخر القرآن نزولا آية الربا وإنّه قد مات رسول الله(ص) ولم يبيّنه لنا! فدعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم(232).
أقول: قال الله تعالى: وأنزلنا إليك الذّكر لتبين للناس ما نزّل إليهم وقال عمر بن الخطّاب: مات رسول الله(ص) ولم يبيّنه لنا.
قال الآلوسي: قال عمر بن الخطّاب: قلت: يا رسول الله أي جمع يهزم؟ فلمّا كان يوم بدر وانهزمت قريش نظرت إلى رسول الله في آثارهم مصلتا بالسّيف وهو يقول: سيهزم الجمع ويولّون الدّبر، فكانت ليوم بدر(233).
أقول: إن صحّ كلام عمر فهو يعني أنّ النبي(ص) لم يكن في العريش يوم بدر!
قالوا: واختلف في معنى الطاغوت فقال عمر بن الخطّاب وغيره هو الشيطان وقيل هو الساحر وقيل الكاهن وقيل الأصنام(234).
أقول: يحتاج قول عمر إلى مزيد من الدقّة في البيان، فإن الله تعالى يقول: شياطين الجن والإنس يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا.
وكان ( أي عمر ) لا يفهم معنى قوله تعالى أو يأخذهم على تخوف فوقف به فتى فقال إنّ أبي يتخوّفني حقّي؛ فقال عمر: الله أكبر(235).
لماذا ينتظر عمر حتى يأتي هذا الفتى ويفهمه معنى التّخوّف؟لماذا لم يسأل رسول الله(ص)؟ نعم، لعلّه كان مشغولا عن ذلك بالصّفق في الأسواق كما شهد به هو على نفسه. وقد ذكر الثعالبي القصّة مرّة أخرى في موطن آخر من تفسيره فقال: "روي أنّ عمر بن الخطّاب (رض) خفي عليه معنى التخوف في هذه الآية وأراد الكتب إلى الأمصار يسأل عن ذلك فيروى أنه جاءه فتى من العرب فقال يا أمير المؤمنين إنّ أبي يتخوفنى مالي فقال عمر الله اكبر " .
وأنت ترى أنّه يريد أن يكتب إلى الأمصار في معنى التخوّف ويحاسب صبيغا البصري على سؤاله الصّحابة المقيمين بالبصرة عن قوله تعالى
و الذّاريات ذروا .
قال الداودي: بينما عمر بن الخطّاب بطريق مكّة ليلا إذا ركب مقبلين من جهة فقال لبعض من معه: سلهم من أين اقبلوا؛ فقال له أحدهم: من الفجّ العميق يريد البلد العتيق. فأخبر عمر بذلك فقال: أوقعوا في هذا قل لهم: فما أعظم آية في كتاب الله وأحكم آية في كتاب الله وأعدل آية في كتاب الله وأرجى آية في كتاب الله وأخوف آية في كتاب الله؟ فقال له قائلهم: أعظم آية في كتاب الله آية الكرسي، وأحكم آية في كتاب الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان، وأعدل آية في كتاب الله فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره، وأرجى آية في كتاب الله إنّ الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما وأخوف آية في كتاب الله من يعمل سواء يجز به فأخبر عمر بذلك فقال لهم عمر: أفيكم ابن أمّ عبد؟ فقالوا: نعم، وهو الذي كلّمك. قال عمر كنيف(236) ملئ علما آثرنا به أهل القادسية على أنفسنا(237)!
يقول عمر بن الخطاب عن عبد الله بن مسعود " كنيف " والكنيف في لغة العربية معلوم(238)!! .
قال الثعالبي: قرأ عمر بن الخطّاب وغيره قل هو الله الواحد الصمد(239) .
وقال ابن كثير: وروى أنس عن عمر بن الخطّاب أنه قرأ على المنبر
وفاكهة وأبا فقال: هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأبّ ؟ ثمّ رجع إلى نفسه فقال: إنّ هذا لهو التّكلّف يا عمر(240) .
هكذا تساءل صبيغ بن عسل فقال: " ما هي الذاريات "؟ تماما كما تساءل عمر بن الخطّاب فقال " ما هو الأب "؟ وما على عمر من بأس أن يتساءل ثمّ يتراجع عن تساؤله ويصفه بالتكلّف، أمّا صبيغ فيكلّفه تساؤله مائتي سوط بجريد النّخل على القدر المتيقّن وفق ما ذكرته الرّوايات.
قال البخاري: قال عمر بن الخطّاب يوما لأصحاب النّبي(ص) في من ترون هذه الآية نزلتأيود أحدكم أن تكون له جنّة من نخيل وأعناب؟ قالوا: الله أعلم؛ فغضب عمر فقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم! فقال ابن عبّاس: في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين. فقال عمر: يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك. فقال ابن عبّاس (رض): ضربت مثلا بعمل قال عمر: أي عمل؟
قال ابن عبّاس: لرجل غني يعمل.. (241).
وعن أبي سعيد الخدري قال: خطبنا عمر بن الخطّاب فقال: ( إني لعلّي أنهاكم عن أشياء تصلح لكم، وآمركم بأشياء لا تصلح لكم.. (242).
أقول: نعم الآمر النّاهي من كان كذلك!
ويكفي ألاّ يعجب السؤال عمر كيما يضرب السائل بالدّرّة . فعن ابن سيرين قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطّاب فسأله عن آية فكرهه فضربه بالدّرّة فسأله آخر عن هذه الآية: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فقال: مثل هذا فاسألوا ثم قال: هذه المرأة تكون عند الرّجل قد خلا من سنّها فيتزوج المرأة الشابّة يلتمس ولدها فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز(243) .
و عن مسلم بن يسار الجهني أنّ عمر بن الخطّاب سئل عن هذه الآية:
وإذ أخذ ربك من بين آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى الآية فقال عمر بن الخطّاب: سمعت رسول الله(ص) سئل عنها فقال: " إن الله خلق آدم عليه السلام ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية(244)..
لماذا لم يضرب عمر الرّجل السائل كما ضرب صبيغا؟ أليسا على دين واحد لهما نفس الحقوق وعليهما نفس الواجبات؟!
وقال سفيان الثوري عن عمر بن الخطّاب في قوله: ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمة الله كفرا قال: هم الأفجران من قريش: بنو المغيرة وبنو أميّة فأما بنو المغيرة فكفيتموهم يوم بدر وأما بنو أميّة فمتّعوا إلى حين . وكذا رواه حمزة الزيات عن عمرو بن مرّة قال: قال ابن عبّاس لعمر بن الخطّاب: يا أمير المؤمنين هذه الآية:ألم تر إلى الذين بدّلوا نعمة الله كفرا وأحلّوا قومهم دار البوار قال: هم الأفجران من قريش أخوالي وأعمامك. فأما أخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر وأما أعمامك فأملى الله لهم(245).
قال ابن عاشور في تفسيره: وقد سأل عمر بن الخطّاب أهل العلم عن معاني آيات كثيرة، ولم يشترط عليهم أن يرووا له ما بلغهم في تفسيرها عن النبي(ص) (246).
وفي صحيح البخاريّ وغيره أنّ عمر بن الخطّاب قال: سمعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ في الصّلاة سورة الفرقان في حياة رسول الله فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله فكدت أساوره في الصّلاة فتصبّرت حتّى سلّم فلبّبته بردائه فقلت: من أقرأك هذه السّورة التي سمعتك تقرأ ؟ قال: أقرأنيها رسول الله. فقلت: كذبت فإنّ رسول الله أقرأنيها على غير ما قرأت(247)!
أقول: كاد عمر يساوره في الصّلاة، وقال له كذبت، وتبيّن فيما بعد أن الرّجل كان صادقا ولم يثبت أنّ عمر اعتذر إليه! وتراه يلبّب كلّّ من يخالفه حتّى لو كان رسول الله (ص)، و يتصوّر أنّ كلّ ما غاب عنه باطل لا أصل له، ويتّهم الصّحابة في القرآن الكريم وكأنّه قيّم عليه، ومع ذلك فهو أحد الذين تنتهي إليهم القراءات.
وفي صحيح البخاري وموطّإ مالك وغيرهما عن عمر " أن رسول الله(ص) كان يسير في بعض أسفاره " " أي منصرفه من الحديبية " ليلا وعمر بن الخطّاب يسير معه فسأله عمر بن الخطّاب عن شيء فلم يجبه ثمّ سأله فلم يجبه ثمّ سأله فلم يجبه فقال: عمر ثكلت أمّ عمر نزرت رسول الله(ص) ثلاث مرّات كلّ ذلك لا يجيبك . قال عمر: فحرّكت بعيري وتقدّمت أمام النّاس وخشيت أن ينزل فيّ القرآن، فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل فيّ قرآن فجئت رسول الله فسلّمت عليه فقال: " لقد أنزلت عليّ الليلة سورة لهي أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشّمس ثمّ قرأ إنّا فتحنا لك فتحا مبينا (248).
هذا مبلغ ظنّ عمر بنفسه، يخشى أن ينزل فيه قرآن، وفيه إفحام لمن يحبّون أن يظهروا عمريّين أكثر من عمر نفسه.
في الصّحيح عن ابن عبّاس قال: مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطّاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له حتى خرج حاجّا فخرجت معه فلمّا رجع ببعض الطّريق قلت: يا أمير المؤمنين من اللّتان تظاهرتا على رسول الله من أزواجه ؟ فقال: تلك حفصة وعائشة وساق القصة بطولها(249).
وروى عبد الرزاق عن ابن سيرين قال: كان عمر بن الخطّاب إذا قرأ يبيّن الله لكم أن تضلّوا قال " من بيّنت له في الكلالة فلم تبين لي "(250).
قال النحّاس:وقرأ عمر بن الخطّاب (رض) القيّام(251).
وقال الزّركشي: وقوى هذا الوجه بما أخرجه عن الشّعبي عن قرظة بن كعب قال لمّا خرجنا إلى العراق خرج معنا عمر بن الخطّاب يشيّعنا فقال إنّكم تأتون أهل قرية لهم دويّ بالقرآن كدويّ النحل فلا تشغلوهم بالأحاديث فتصدّوهم؛ جرّدوا القرآن. قال فهذا معناه أي لا تخلطوا معه غيره(252).
أقول:
أين الضّرر في أن يتعلّم المسلمون حديث نبيّهم ويسجّلوه قبل أن يقدم العهد ويموت من المحدّثين من يموت وينسى من ينسى. وكيف يكون فقيها من يعرف القرآن الكريم ولا يعرف من الحديث شيئا؟! وكيف يكون الحديث النبوي الشريف شاغلا عن القرآن الكريم وهما من مشكاة واحدة؟! ولو أنّ الصّحابة رووا وحدّثوا كلّ ما سمعوا من رسول الله(ص) لانسدّت الأبواب في وجوه الوضّاعين؛ لكنّ عمر بن الخطاب له نظرته الخاصّة في كلّ شيء وهو دائما على حقّ.
قال الزركشي: قيل وكان سبب نزولها أنّه أسلم عيّاش بن أبى ربيعة والوليد بن الوليد ونفر معهما ثمّ فتنوا وعذّبوا فافتتنوا؛ قال: وكنّا نقول: قوم لا يقبل الله منهم صرفا ولا عدلا أبدا، قوم أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عذّبوا به فنزلت؛ وكان عمر كاتبا فكتب بها عمر بن الخطّاب إليهم حين فهم قصد التّرغيب فآمنوا وأسلموا وهاجروا(253).
نعم، لا يؤثّر القرآن في القلوب إلاّ حين يكتبه عمر .
قال المقري:وأما ما نسخ خطّه وبقي حكمه فمثل ما روي عن عمر بن الخطاب (رض) أنه قال لولا أن أخشى أن يقول الناس قد زاد عمر في القرآن ما ليس فيه لكتبت آية الرجم وأثبتها في المصحف و والله لقد
قرأناها على عهد رسول الله(ص) لا ترغبوا عن آبائكم فان ذلك كفر بكم الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم. فهذا منسوخ الخط ثابت الحكم(254).
أقول:
العجيب في هذه القصّة هو إجماع الصّحابة على ترك آية قرأوها على عهد رسول الله (ص)، وهذا بناء على قول عمر" لقد قرأناها على عهد رسول الله "؛ فإن يكونوا تركوها بأمر من رسول الله(ص) فلا معنى لكلام عمر، وإن يكونوا تركوها بدون أمر من رسول الله(ص) ينفتح عليهم باب واسع للنّقد بخصوص نقل القرآن الكريم.
وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه سمع عبد الله بن عبّاس يقول: قال عمر بن الخطاب وهو جالس على منبر رسول الله(ص): إن الله قد بعث محمدا (ص) بالحقّ وأنزل عليه الكتاب فكان ممّا أنزل عليه آية الرّجم قرأناها ووعيناها وعقلناها، فرجم رسول الله(ص) ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالنّاس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرّجم في كتاب الله فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله، وإنّ الرّجم في كتاب الله حقّ على من زنى إذا أحصن من الرّجال والنّساء إذا قامت البيّنة أو كان الحبل أو الاعتراف(255) .
قال السّيوطي: وأخرج أبو عبيد وابن الضّريس وابن الأنباريّ عن المسور بن مخرمة قال: قال عمر لعبد الرّحمن بن عوف: ألم تجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة فإنّّا لا نجدها؟ قال: أسقطت من القرآن(256) . وهذا يعني أن قرآن قريش أسقط منه شيء كثير! والخبر نفسه يرويه ابن عساكر بزيادة؛ قال: أخبرناه أعلى من هذا بأربع درجات أبو بكر بن المزرفي .. عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال: قال عمر بن الخطّاب لعبد الرّحمن بن عوف: ألم تجد في ما أنزل الله جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة؟ قال: بلى. قال: فإنّا لا نجدها. قال: أسقطت في ما أسقط من القرآن. قال: أتخشى أن يرجع الناس كفّارا؟ قال: ما شاء الله! قال: لئن رجع الناس كفّارا ليكوننّ أمراؤهم بني فلان ووزراؤهم بني فلان!
قالوا( في رواية عن عائشة): ثمّ جاء أبو بكر يستأذن فقال ما لرسول الله(ص) يا عائشة؟ فقلت: أغمي عليه منذ ساعة. فكشف عن وجهه فوضع فمه بين عينيه ووضع يديه على صدغيه وقال: وانبيّاه! واخليلاه! صدق الله ورسوله قال الله تعالى إنك ميّت وإنّهم ميّتونوقالوما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن متّ فهم الخالدون كلّ نفس ذائقة الموت ثمّ غطّاه وخرج فقال: ألا من كان يعبد محمّدا فإن محمّدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت، قال الله عز وجل وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت فقال عمر: يا أبا بكر أفي كتاب الله هذا؟! قال: نعم(257).
يسأل عمر بن الخطاب أبا بكر بن أبي قحافة: "يا أبا بكر أفي كتاب الله هذا " ؟! هذا مبلغ علمه بكتاب الله! ألاّ يعلم ما فيه مما ليس فيه! هذه من المصائب التي يُسترجع لها ـ أيها الخليفة ـ لا شسع النّعل وما جرى مجراه.
قال عمر بن الخطاب فيما يرويه ابن حبان: " إنّما أتخوّف أحد رجلين: إمّا رجل يرى أنّه أحقّ بالملك من صاحبه فيقاتله، أو رجل يتأوّل القرآن. في كتاب الله ا

وفاء للحسين
15-04-2010, 02:23 AM
قالوا( في رواية عن عائشة): ثمّ جاء أبو بكر يستأذن فقال ما لرسول الله(ص) يا عائشة؟ فقلت: أغمي عليه منذ ساعة. فكشف عن وجهه فوضع فمه بين عينيه ووضع يديه على صدغيه وقال: وانبيّاه! واخليلاه! صدق الله ورسوله قال الله تعالى إنك ميّت وإنّهم ميّتونوقالوما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن متّ فهم الخالدون كلّ نفس ذائقة الموت ثمّ غطّاه وخرج فقال: ألا من كان يعبد محمّدا فإن محمّدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت، قال الله عز وجل وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون كل نفس ذائقة الموت فقال عمر: يا أبا بكر أفي كتاب الله هذا؟! قال: نعم(257).
يسأل عمر بن الخطاب أبا بكر بن أبي قحافة: "يا أبا بكر أفي كتاب الله هذا " ؟! هذا مبلغ علمه بكتاب الله! ألاّ يعلم ما فيه مما ليس فيه! هذه من المصائب التي يُسترجع لها ـ أيها الخليفة ـ لا شسع النّعل وما جرى مجراه.
قال عمر بن الخطاب فيما يرويه ابن حبان: " إنّما أتخوّف أحد رجلين: إمّا رجل يرى أنّه أحقّ بالملك من صاحبه فيقاتله، أو رجل يتأوّل القرآن. في كتاب الله ا
:55555":
اللهم صلي على محمد وال محمد
كل الموضوع ذو اهمية ويجب ان لايفّوت الانسان منه شيئاً....ولكن اضحَكني ألماً... وشر البلّية ما يضحك... هذا القبس الذي اقتبستهُ من موضوعكم الشيق في اعلاه...حيث يسأل عمر ابو بكر ويقول:يا ابا بكر افي كتاب الله هذا؟! متعجباً....اذن اين كنت ياعمر ؟؟وهل كنت نائماً مثلاً؟؟...واقول لاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ...ساعد الله قلبك يارسول الله:sw: كيف تحملت منهم ما تحملت وانت حي؟؟؟ وكيف تحملت منهم ماكان منهم وانت في جوار ربكَ وقد خانوا امانتك في اهل بيتك؟؟؟!!..
بحثكم مفيد لمن اراد الحق... الا وِاِن اكثرهم للحقِ كارهون...

نور المستوحشين
15-04-2010, 02:32 AM
http://img519.imageshack.us/img519/838/df960bc9d81wm2.gif

http://sam33.jeeran.com/016.gif

محـب الحسين
15-04-2010, 01:10 PM
حياكم الله أحبتي
شاكرا مروركم وتعقيبكم الكريم