المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اخلاق السيد الشهيد محمد باقر الصدر {قدس سره}


كوثر المحبة
19-04-2010, 09:35 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

أخلاق السيد الشهيد :

سمة أخرى من سمات هذا العالم الرباني، ضرب بها أروع الأمثلة، و هي دروس عملية في الأخلاق جسّد بها قيم أهل البيت و أخلاقهم السامية .

إن معظم الذين التقوا به، أو حضروا مجلسه العام، من عامة الناس و خاصتهم أحسوا بتلك السمة، كان يقوم إحتراما لكل وافد عليه، و يحترم كل أحد و يستبشر بكل زائر، يحب الناس من قلبه و أعماقه، و يكفي لكي يدخل هذا الرجل الى قلبك أن تلتقيه أو تجالسه مرة واحدة، فسوف تشعر وقد امتلأ كيانك بحبّه.

و ما من شك في أن أهم المقوّمات التي يجب ان تتوفر في القائد هو هذه الروح الأخلاقية العالية، و هذه الشفافية الكبيرة " فبما رحمة من الله لنت لهم و لو كنت فظآ غليظ القلب لانفضوا من حولك " و كان شهيدنا الصدر كذلك رحيمآ بالمؤمنين، لينآ لهم، ينبع حبه من أعماق قلبه .

و هنا نسجل بعض النماذج مما كان من خلقه، و هي تقصر عن التعبير الكامل مما كانت تحمله روحه من سمو و علو.

- طلب أحد الطلبة إجتماعا خاصا بالسيد الشهيد، و في هذا للقاء طلب مساعدة مالية ليتمكن من إجراء عملية جراحية لزوجته، و كان وضعها حرجا من هذه الناحية. كان الوضع المالي للسيد الشهيد في تلك الفترة يعاني ضيقا و شدة، و مع ذلك أخرج مائة دينار و سلمها إياه، و اعتذر من قلته، أخذها الرجل حامدا شاكرا، و كان هذا المبلغ في ذلك الحين لا باس به. تحدث هذا الرجل في مجلس من المجالس النجف عن كرم السيد الشهيد و أريحيته، و ذكر قصته معه، فتحفز أحد الحاضرين - طمعآ في المال لا لحاجته إليه - ليكرر ما يشبه تلك القصة فجاء يطلب المال لحاجة ذكرها، و اعتذر السيد الشهيد بعدم توفر المال لديه، و أوعده أنه متى ما توفر فسوف يحقق له ما يريد.

ظن هذا الرجل أن هذا الإعتذار تبرير لحرمانه و منعه من العطاء، و ليس عذرآ واقعيآ فانهال على السيد الشهيد يكيل التهم و الشتائم، فقال له : " إنكم تصرفون الحقوق الشرعية لشراء الذهب لنسائكم و بناتكم، تبنون القصور، و تشترون السيارات، قبل يومين جاء فلان فأعطيته مائة دينار، و أنا اليوم أطلب منكم فلا تعطيني " .

أما السيد فظّل صامتآ يستمع إليه و حاول تهديته بما يمكن، لكن لم تجد معه تلك المحاولات. كنت قد قررت و أنا أسمع إلى وقاحته أن ألقنه درسآ فقد تملكني الغضب و الإنفعال و كان السيد الشهيد قد لمح ذلك في وجهي

فلما أراد الخروج خرجت معه إلى باب المكتبة، فأمرني السيد الشهيد بالجلوس، و ظل ساكتا حتى سمع صوت غلق باب المنزل حيث تأكد من خروجه، هنا قال لي : " ماذا كنت ستفعل؟ فأخبرته بما كنت عزمت عليه. فقال: لا بأس عليك، إنني أسمع أكثر و أقسى مما سمعت، و يجب عليك أن ترتفع بأخلاقك إلى مستوى المسؤولية، فإني بالرغم مما سمعت من هذا الرجل من تهم و شتائم، فإنني لا أحمل عليه حقدآ و لا كرهآ، لأنه لو اطلع على أوضاعي لما صدر منه ما صدر، و سوف يأتي اليوم الذي يندم فيه، و يصلح خطأه"

و شاء الله عزوجل أن يأتي هذا اليوم، و جاء الرجل يعتذر يقبل يد السيد الشهيد و رجله، و عندها ذكرني بما نصحني به و قال، هكذا يجب أن نتعامل مع الناس .

- بلغه أن أحد أبناء المراجع قال لمدير أمن النجف: " ماذا تنتظرون بالصدر، هل تريدونه خمينيآ ثانيآ في العراق، لماذا لا تعدمونه .. " فقال رضوان الله عليه لما بلغه ذلك : " غفر الله لك يا فلان، إن قتلوني اليوم، قتلوكم غدآ .... "

- كتب سماحة السيد الحائري في مذكراته عن هذا الجانب ما يلي :

" انفصل أحد طلابه عن درسه و خطه الفكري الإسلامي، ثم بدأ يشتمه و ينال منه في غيابه أمام الناس، و كان كثير من كلماته تصل إلى مسامع أستاذنا العظيم، و كنت ذات يوم جالسآ بحضرته الشريفة، فجرى الكلام عن هذا الطالب الذي ذكرناه، فقال رضوان الله عليه " أنا لا زلت أعتقد بعدالة هذا الشخص و أن ما صدر منه ناتج من خطأ في اعتقاده، و ليس ناتجآ من عدم مبالاته بالدين "

هذه نبذة مختصرة عن هذا الجانب في حياته، و هذه النبذة تقصُر عن التعبير، إنما أردنا بها الإشارة فقط .