خيبر

محافظة خيبر جزء نفيس من بلدنا الغالي اكتحتلت جبالها برؤيةالنبي صلى الله عليهوآله وسلم و تزوج من صفية بنت حيي أم المؤمنينرضي الله عنها فيها.
امتزجت تربتها بدم الشهداء من الصحابة رضوان الله عليهم فيغزوة خيبر التي ساهمت نتائجها في انتشار الرسالة التي جاء بها نبينا الكريم صلىالله عليه وآله وسلم.
تشعر وأنت تتجول بين آثارها ومآثرها بأنك تعيش التاريخوتمشي على (بصماته) فيخيل إليك بأن الجبال والحصون والسدود والنقوش تتحدث إليك.
الموقع
تبعدمحافظة خيبر مسافة (170)كلم شمالي المدينة المنورة، يعرفها ياقوت الحموي بقوله: (خيبر: الموقع المذكور في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وهي ناحية على ثمانية بردمن المدينة لمن يريد الشام.
وتعد حرة خيبر من أكبر حرار الجزيرة العربيةبعد حرة بني سُليم.
سبب التسمية
اشتهرت خيبر بحصونها وقلاعها، ذلك أن خيبر وجمعها خيابرتعني الحصن بلغة الأقوام السامية التي سكنت خيبر قديماً، ويوجد تقارب لفظي ومعنويللغات السامية وخاصة القديمة منها نتيجة وحدة المصدر لتلك اللغات، ويكاد يجمعالمؤرخون القدماء والمحدثون على أن أول من سكن خيبر هم العماليق من العرب البائدة،وقيل إن معنى خيبر الأرض الخبرة أي طيبة الطين.
خيبر قبل التاريخ
تشير بعضالآثار المكتشفة في خيبر أنها سكنت قبل (6000) سنة قبل الميلاد، فعلى ضفاف أوديةالغرس وغمرة والحفيرة والقاع آثار ترجع إلى العصر الحجري القديم، وهي عبارة عن فؤوسحجرية وأدوات مشحوذة وقواطع ومعاول كما عثر على أدوات تعود إلى العصر الحجري الوسيطوهي مجموعة من الأنصال والشفرات المشحوذة من إحدى حافتيها ومكاشط جانبية وأزاميل.
وعثر على الكثير من الدوائر والمذيلات الحجرية وهي ألواح حجرية ضخمة وضعتعلى هيئة دائرة أو مثلث يمتد من إحدى زواياه صفان من الحجارة على شكل ذيل طويلاختلف الآثاريون في الغرض منها، فمنهم من رأى أنها تستخدم للصيد ومنهم من قال إنهاأماكن للعبادة والدفن فيما رأى آخرون أنها أعلام للطريق.
وقد عثر في حدب - حمر شمالي خيبر على أقدم رسوم لأبقار وحشية وخيول منفذة بأسلوب الحفر العميق وزخرفتبعض أبدانها بدوائر ونقاط تمثل حقبة زمنية تعود للألف الخامس قبل الميلاد وفي واديالوطيح يوجد مناظر تمثل معارك تدور على ظهور الخيول باستخدام رماح طويلة.

خيبر بعد التاريخ قديماً
ورد اسم خيبر كأحد المناطق التي استولى عليها الملك البابلينابونيد وكانت تابعة لملكه الذي ضم تيماد وديدان وخيبر، وذلك خلال الفترة من ( 555- 539) ق.م، حيث ورد اسمها في كتابات الآشوريين خبرا
كما أن خيبركانت ضمن الممالك العربية كمملكة ديدان والأنباط والغساسنة.
أما عن علاقةاليهود بخيبر، فقد انتشرت الديانتان اليهودية ثم المسيحية في بلاد العرب ودخلفيهما بعض من القبائل العربية وبذلك يتضح لنا أن الديانة اليهودية كانت من الدياناتالتي انتشرت في الجزيرة العربية واعتنقها بعض من العرب، ويجب أن نبين أن خيبر مدينةعربية سكنتها بطون من قبائل عربية اعتنقت اليهودية لا صلة لهم بأي يهود من خارجالجزيرة العربية، وقد عبَّر عن ذلك العلامة حمد الجاسر بقوله: (إناليهودية جنس وإنما تعني من اتصف بصفة أي إن اليهودية قد تطلق على غير جنس اليهودويعنى بها من يدين بالدين اليهودي أياً كان جنسه.. ولعل مما يوضح ذلك معرفة أنقبائل يمنية هاجرت إلى شمال الجزيرة وسكنت في يثرب، وفدك، وخيبر وهي عربية الأصلوالمنشأ، أما الديانة فهي بالنسبة لهذه القبائل تعتبر أمراً ثانوياً). كما يذكرالمؤرخون أن يهود خيبر ليسوا من بني إسرائيل، بل هم عرب دانوا باليهودية وروى ابنهشام في السيرة النبوية عن ابن اسحاق أن عائلة (مرحب) فارس خيبر المشهور ترجع إلىقبيلة من قبائل حمير، وروى اليعقوبي أن بني النضير وبني قريظة ينتميان إلى قبيلةخدام اليمنية.

فتح خيبر
في المحرم من السنة السابعة للهجرة النبوية قاد النبي صلىالله عليه وآله وسلم جيشاً من المسلمين قوامه (1600) فرد منهم (200) فارس باتجاه (خيبر) بعد أن استبان له تورط يهودها في غزوة الأحزاب وللقضاء على وكر الفتنة والتآمر ضدالإسلام، وكان جيش (يهود) بقيادة سلام بن مشكم قد تجمعوا داخل الحصون - علماً بأنهذه الحصون لا تقدر عليها الرجال لارتفاعها ووجودها على جبال تشبه الصخور العظيمة. كما أن الخيل لا تستطيع الصعود إليها - فكان القتال العنيف المرير حول الحصون وسقطتحصناً حصناً واستسلم (يهود) بشرط حقن دمائهم فأبقاهم صلى الله عليه و وآله سلم على أرضهمعلى أن يكون لهم ثمرها مقابل عملهم فيها، وبدأ نور الإسلام ينتشر بعد هذه الغزوةالتي انتصر فيها المسلمون رغم استشهاد أكثر من خمسة عشر صحابياً وقيل واحد وعشرون. وقد برز في هذه الغزوة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي قتل مرحب بطل قلعةخيبر.
وشهداء فتح خيبر هم: ثقيف بن عمر، ورفاعة بن مسروح، وعبدالله بن أبيأمية بن وهب، ومحمود بن مسلمة، وأبو الضياح بن النعمان، والحارث بن حاطب، وعدي بنمرة، وأوس بن حبيب، وأنيف بن وائلة، ومسعود بن سعد، وبشر بن البراء، وفضيل بنالنعمان، وعامر بن الأكوع، وعمارة بن عقبة، ويسار وهو من أهل خيبر، وربيعة بن أكتم،ومسعود بن ربيعة، وثابت بن أثلة، وطلحة من بني عمرو بن عوف.
خيبر من الخلافة الإسلامية إلى ما قبل العهد السعودي
استمر العمل بمعاهدة النبي صلى اللله عليه وآله سلم و(يهود) خيبرطوال عهد أبي بكر وفي عهد عمر فقتل (يهود) أحد المسلمينواسمه مظهر بن رافع الحارثي فأجلاهم عمر بن الخطاب من خيبر لنقضهمالعهود والمواثيق. وفي العصر الأموي استفادت خيبر من عناية الخلفاء الأمويينبالمشاريع الزراعية والمنشآت المائية، وكذلك في العصر العباسي حيث لم تشهد أيةأحداث مهمة، وفي العصر العثماني أعلن أمير مكة الشريف بركات ولاءه للخلافةالعثمانية ودخلت الحجاز تحت الحكم العثماني وظل الحال كذلك حتى قيام الدولةالسعودية الأولى سنة 1157ه.
خيبر في ظلالحكم السعودي
في عهد الإمام عبدالعزيز ابن الإماممحمد بن سعود ضمت الدولة السعودية (خيبر) بقيادة محمد بن معيقلولكنها عادت بعد ذلك إلى حظيرة الخلافة العثمانية حتى قيام الدولة السعودية الثالثةعلى يد الملك عبدالعزيز آل سعود حيث وحد أقاليم البلادومنها اقليم حائل سنة 1340ه لتدخل (خيبر) تحت حكمه وألحقت بإمارة منطقة المدينةالمنورة سنة 1391ه وبعد صدور نظام المناطق في عهد الملك فهدبن عبدالعزيز سنة 1402ه أصبحت خيبر محافظة تابعة لإمارة المدينةويتبعها أربعة مراكز هي: العشاش والصلصلة والعيينة وعشرة. وقد حققت محافظة خيبرتطوراً في كافة مجالات التنمية سواء في التربية والتعليم أو الصحة كما أن هناكنمواً عمرانياً مع وجود نمو في العدد البشري، حيث إن السكان في خيبر يتمتعون بحياة اجتماعية واقتصادية حسنة وقد ربطت أهم قرى محافظة خيبر بخطوط معبدة،وتشمل المحافظة اضافة إلى مدينة خيبر التي اتسعت في السنوات الأخيرة بعد أن تركتموقعها القديم وانتقلت إلى المخططات الجديدة حول جبال (عطوة) تشمل مدناً صغيرة تتسعباستمرار وكذلك قرى ما بين كبيرة وصغيرة.
المواقع الأثرية في خيبر
خيبر غنية بكنوزها الأثريةمن حصون وسدود ونقوش وكتابات أثرية، والحصون هي قلاع منيعة تاريخية يرجع تاريخهاإلى ما قبل الإسلام ومنها:
- حصن القموص (مرحب)، وهو من أشهر الحصون يشرفمباشرة على خيبر القديمة ويوفر الحماية لها وقد أعيد بناؤه مؤخراً ليكون مقراًللإمارة في عهد الملك عبدالعزيز وتعود فترة بنائه إلى العصر الغساني.
- حصنناعم: من حصون النطاة يعرف حالياً بالعاصمية وهي قرية مهجورة بنيت على أنقاض هذاالحصن وحالياً يعد هذا الحصن مجموعة من الصخور المتناثرة.
- حصن الصعب بنمعاذ: هو الآن ركامات لم يتم ترميمه واستخدامه
- حصن أبي وحصن السلالموحصن النزار وهو قرية متكاملة مهجورة وحصن الوطيح وهو يقع على مساحة واسعة من الحرةوهو عبارة عن قرية متكاملة على آثار الحصن المعروف بالوطيح وتسمى حالياً قريةمكيدة.
ومن آثار خيبر السدود ومنها:
- سد البنت الأثري: ويقع جنوب شرق الثمد يبلغ طوله (250) متراً وارتفاعه (30) متراًوقد تهدم جزء منه ويحتاج إلى إصلاح وبوابات.
- سد الحصيد: يقع شرق الثمدعلى أحد روافد وادي الغرس طوله (60) متراً وارتفاعه (6) أمتار، وهناك سدود أخرى مثلسد المشقوق وسد الزايدية.
ومن الآثار قصير النبي: وهو الموقع الذي عسكر فيهجيش المسلمين بعد وصوله خيبر وكان به مسجد أسسه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانالمسجد محاط الآن بمداميك من الأحجار السوداء.
وتزخر (خيبر) بالنقوشوالكتابات القديمة سواء الحصون أو المواقع المندثرة ولا سيما في القرى مثل قريةالعين ومكيدة والنطاة، كما أن تنوع جبال خيبر لافت للنظر، فهناك جبل عند مشاهدته منبعيد ترى كأن له رقبة يسمى (ذو الرقيبة) وله قصة رواها الوافدي في المغازي وابن سعدفي الطبقات، ويوجد شرق (خيبر.
جبل القدر والقدير تسميا بذلك لأن قمتهماتشبه القدر وقد كانتا نتيجة ثوارن أحد البراكين في منطقة (خيبر)، حيث سالت الحممالبركانية في كل الاتجاهات وذلك عام 1800م حيث يُعد أحدث بركان في الجزيرة العربية،السائح في محافظة خيبر سيجني تنوعاً ثقافياً وعلمياً مع ذكريات لن ينساها أبداً.
المواقع السياحية الطبيعية
يوجد في (خيبر) الكثير من عناصر الجذب السياحي فبالإضافةللآثار القديمة من حصون وقرى وسدود فخيبر تمتلك طبيعة ساحرة ذات مناظر خلابة مثل: غدير الجول: الذي يقع وسط حرة خيبر وهو مورد مائي لا ينضب وكذلك (خفس أم جرسان) وهوكهف ضخم وهناك الجبل الأبيض شرقي خيبر بستة كيلومترات وارتفاعه (1735) متراً. وهناك (متنزه الروضة) و(متنزه جدعاء) و(وادي المضاويح) وتشتهر خيبر بأنواع النخيل الذيذكره الشعراء في قصائدهم ومنهم حسان بن ثابت رضي الله عنه إذ يقول:
فإناومن يهدي القصائد نحونا
كمستبضع تمراً إلى أهل خيبرا
وكذلك قولالفرزدق:
وهززن من جذع أسنة صلب
كجذوع خيبر أو جذوع أوال
ومن أنواع النخيل التي تزرع في خيبر: الصيحاني والخبيب، وبُردى خيبر)البُردي)، والحلوة، والطيبة، والبرنية، والهجرية، والخضرية، والمكتوم، والجاوي،والصفر، والبيض، والقرن، والشقر.
خيبروالحرف الشعبية
اشتهرت خيبر من القدم ببعض الصناعات الشعبيةالتي تعتمد في المقام الأول على العنصر النسائي مستخدمة منتجات البيئة الطبيعية منحولها كصناعة المراوح والسفر والمسطح والمراقدة والمكانس اليدوية ومنتجات الصوف.
وهذه بعض الآثار المتبقية من خيبر





هذه نخيلات خيبر

وهذهأيضاً صورة أخرى لنخيلات خيبر

هذه صورة للوادي يسقي النخيلات

هذه صورة للعين التينبعت من ضربة الأمام علي عليهالسلام لمرحب

هذه صورة العين وقد أغلقت لمنع الناس منالاقتراب

تعليق