تويت
خارج النص / قاسم العجرش
نسر وغراب ولقلق
نسر وغراب ولقلق
تشكلُ مسألة تحليل عوامل نشوء مشكلة ما معضلة بحد ذاتها، ففي معظم الاحيان تتناسل عن المشكلة الاساسية مشكلات فرعية يتحول معظمها الىمشكلات اساسية نتيجة لعوامل ثانوية بعضها شكلي واخر موضوعي، وبدوره يتحول تقرير ماهو موضوعي او شكلي الى مشكلة، والموضوعي في نظر المفكرين هو الاهم والشكلي في نظر المتابعين هو الاهم وبهذا يفترق الطرفان افتراقا ابديا، ولا يمكن تصور وجود تطابق بين الشكل والموضوع في اغلب ما يواجه الانسان، ومن بين المشكلات الثانوية التي تحولت الى مشكلة دائمة ولم يتيسر حتى الان ايجاد وتفسير لنشوءها اصلا او اصرار صاحبها على البقاء فيها هي مشكلة الغراب! فالغراب رفع رأسه الى السماء فرأى نسراً يختال مالكا اياها بجناحيه الواسعين العريضين يطير بلا صفيف. فاعجبت هذه الكيفية من الطيران الغراب فحاول ان يطير مثله ولم ينجح لان جناحيه ذاتهما غير مؤهلين لهذه المهمة بهذه الكيفية فكان يصف مرة ويرّف مرات، لكنه ظن انه قد نجح، وحينما كان لما يزل في السماء مجهدا نفسه بان يكون نسرا نظر الى الارض فرأى لقلقا برقبته الطويلة وساقيه النحيفتين الرشيقتين الطويلتين واقفا في بركة ماء، فاعجبه ان يكون مثله، هبط الى الارض اقترب من البركة اياها دخل في حافتها ووقف على قدم واحدة فسقط بالماء ولولا انه سارع بالخروج من الماء لما بقي حيا، المهم بالنهاية ان الغراب بقي غرابا ولم يستطع ان يكون نسراً ولا لقلقا، غير انه مازال مصرا على محاولته الدائمة ان يكون نسراً في السماء ولقلقا على الارض، واصراره قاده في النهاية الى ان يضيع المشيتين. بعض السياسيين اضاعوها كذلك وبذات الاصرار وبدافع الوهم الذي وقعوا فيه نتيجة لمعطيات خاطئة اعتقدوا انهم امتلكوا ناصية تمثيل ما يدعون تمثيله، وظنوا انهم صاروا نسورا فطاروا بلا صفيف فاذا بهم يسقطون الى الارض وحاولوا هنا الوقوف على قدم واحدة فانكسرت تلك القدم، واضاعوا المشيتين. الزمن تجاوزهم بسرعة وهم الى زوال.
تعليق