المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خارج النص/ المثقف والحزب


فاطمة الكربلائية
12-05-2010, 06:05 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:55555":
خارج النص/ المثقف والحزب
بقلم السيد :65:قاسم العجرش:65:



يبدو أن معاناة المثقف المنضوي تحت لواء حزب ما، هي معاناة مزدوجة، ففضلا عن أكتواءه بنار استبداد عام، فانه يكتوي بنار وجوب الولاء القسري من قبل المثقفين لسلطة الحزب السياسية، إنه يريد منهم ثقافة امتثالية، أكثر منها اجتهادا وفكرا، وكثيرا ما كان الحزب يجّمل واقعه السياسي في حين أن المثقف يرى خلاف ذلك، فيقوم بتعرية هذا الواقع... حتى الحزب السياسي الذي خارج السلطة، لا يسمح ــ كما عهدناه ــ بالتنوع في الرؤى، ولا بالحوار الجدي لاستمزاج الآراء، مع غياب الديمقراطية في المؤسسات الحزبية، وانتشار ظاهرة عبادة الفرد؛ لهذا فمثل هذا الخوف ينسحب على المثقفين في الأحزاب حتى لو لم تكن بيدها مقاليد الحكم، فالسلطة هي السلطة وإن اختلفت درجات تعسفها...ومع ان ما نسمعه من الانتقادات الفاترة اليوم، من جانب المثقفين المرتبطين بقوى سياسية، إلا أن الحقيقة أن مثل هذا النقد هو موجه بالأساس إلى حقبة ماضية، أما الحاضر فدائما بألف خير، وهو فوق النقد؛ ومتى أصبح الحاضر ماضيا، يمكن حينها نقده، وفي مثل هذا النقد الفاتر شيء من إعفاء الذات من الخطايا والمسؤولية ماضيا وراهنا أولا، وإرضاء لقيادة الحزب ثانيا، لأن هكذا نقد، كثيرا ما يكون استئناسا ليس الا، ومتى غاب أو انتفى النقد الذاتي، فمعنى هذا إن الحزب بنشاطه راضيا عن نفسه، وبالتالي فالواقع أيضا بألف خير، وهو خداع للذات ليس إلا... إن نقد الماضي وحده لا يكفي، عندما يكون الحاضر أيضا مأزوما بمرآة المثقفين، وفيه من الأخطاء ما لا يمكن نفيها وبالتالي تجميل الواقع الحاضر... إن المثقف بما يمتلك من المعرفة، فأنه في نشاطاته ومعالجاته شاء أم أبى يمارس السياسة...لأنه في كل ذلك لا بد له أن يناصر اتجاها، ويعادي اتجاها آخر مناقضا للاتجاه الأول، فضلا من أنه يتناول المسائل بموضوعية، وهو عادة يتوسل العلم والمعرفة المتاحة... أن الأحزاب تحاول إفراغ المثقفين من مضامينهم المعرفية وتهميشها، وإبقاءهم في هياكل تنظيمية خاوية دون محتوى فاعل ومؤثر، وهي أيضا تسعى لضبط المثقفين، وحصر نشاطهم في اتجاه معين، لكن المثقف العضوي الملتحم مع الواقع ومع الألم سيقاوم ولن يهادن، ولأنه يناصر الحقيقة بقلمه، والحقيقة لا بد لها أن تظهر وتنتصر في النهاية.... سلام