السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:55555":
إن لعلاقة العبد بربه صورا مختلفة، فنحن عندما ننظر إلى النور الأبيض منخلال زجاجة معينة، نلاحظ أن هذا اللون الواحد يتحلل إلى ألوان الطيف المعروفة.. وكذلك علاقة الأنس برب العالمين أيضا لها صور، ومن هذهالصور:
- علاقة المحبة:وهي علاقة الحب العميق، فأفضل مثليضرب للدلالة على العلاقة المتميزة، هي علاقة الأمومة، إذ أن علاقة الأم بولدها هيأرقى علاقة، حتى في الحيوانات الوحشية!.. ولا ننسى أن الأم برمتها: بوجودهاالفسيولوجي، والمادي؛ كل ذلك من خلق الله عز وجل، هو الذي أودع هذه المحبة في قلوبالأمهات الرواحم، فكما جعل المودة والرحمة بين الزوجين، جعل الحب في قلبالأم.
وعليه، فإنه من الطبيعي أن المنبع الذي وهب هذا الحب للأمالذي له ما له من المعاني، بإمكانه أيضا أن يقذف درجة أعلى وأعلى من هذا الحب فيقلوب عباده المؤمنين.. فالذي جعل المودة الزوجية، والذي جعل مودة الأمومة، ماالمانع أن يجعل ما لا يقاس بذلك في قلب المؤمن؟.. ففي حياة النبي وآل النبي (ص) هذهالعلاقة كانت تصل إلى درجة أنهم يستبشرون في التضحية في مجال القرب إلى الله عزوجل.. شاء الله -عز وجل- أن يرى الحسين قتيلا وشهيدا، ومن هنا كلما اشتدد عليهالبلاء أشرق لونه؛ لأنه يرى أن هذا البلاء في مرضاة رب العالمين، وهو الذي ختمحياته المباركة في المناجاة الحسينية: (إلهي!.. رضا بقضائك، وتسليما لأمرك؛لا معبود لي سواك).
- علاقة البهت:أي الوجوم والتحير.. فالمؤمن -بعضالأوقات- وهو أمام الكعبة، أو أمام الطبيعة، أو في المشاهد المشرفة؛ يعيش حالة: التحير، والبهت، وانشغال الفؤاد بالعظمة الإلهية، إلى درجة يُسلب فيها الحديثوالمناجاة مع رب العالمين.
- علاقة الخوف:لا مانع أبدا أن تجتمع المحبة معالخوف؛ لا الخوف من الانتقام، فالمحبوب لا ينتقم من حبيبه.. بل الخوف الذي كان يؤرقمضاجع الأولياء طوال التاريخ، ألا وهو: الخوف من مقام رب العالمين،{مَنْخَافَ مَقَامَ رَبِّهِ}؛والخوف من سلب حالة الإقبال، والخوف من وضع حجاب بينهوبين العبد.
- المراقبة المستمرة:أي أن الإنسان يستشعر وجود ربه معهدائما: (ألغيرك من الظهور ما ليس لك، حتى يكون هو المظهر لك؟!.. متى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك؟!.. أو متى بَعُدتَ حتى تكون الآثار هي التيتوصل إليك)؟!..هو يرى بأن الله أقرب إليه من حبل الوريد ومن نفسه،فيعيش هذه العلاقة المتصلة.. وهذا الإحساس هو نعم الضمانة لعدم الاقتراب منالمعصية، هل رأيتم إنسانا في محضر السلطان يعصي أوامره؟.. نعم، قد يعصيه إن غاب عنعينه؛ ولكن إذا كان السلطان في قصر رئاسته، وهذا الإنسان يرى أن السلطان مهيمن علىكل حركاته وسكناته، هل يفكر في معصيته؟..
تعليق