المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سقيفة الغيبة(ج2)-ح2


يوسف بيامبر
19-05-2010, 06:07 PM
سقيفة الغيبة الجزء الثاني

استعمال القياس الحلقة الثانية
القياس عند الاصوليين

اجمع جمهور الأصوليين على حجية قياس الأولوية و قياس منصوص العلة ،
وسوف ناتي الان على بيان معنى كل منهما وما قالو فيه الاصوليين :
قياس الاولوية :ان حجية هذا القياس وضعت بدلالة تحريم التأفيف في الآية الكريمة قال تعالى (( لاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيما ً)) الإسراء23
فستدلوا بالقياس على تحريم أنواع الأذى الزائدة على الـ (اف) اي من قبيل الضرب والشتم وغيرها فوضعوا قاعدة أصولية سموها بــ (قياس الاولوية) واخذوا يعتمدونها في المسائل الفقهية عامة .
وانكره جمله من الفقهاء وقال به اخرون والذي انكرة قال فيه إنه منقول عن موضوعه اللغوي إلى المنع من أنواع الأذى ، لاستفادة ذلك المعنى من اللفظ من غير توقف على استحضار القياس حيث جاء عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : (( أدنى العقوق أف ، ولو علم الله عز وجل شيئا أهون منه لنهى عنه )) . الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 - ص 348
ويدل على عدم حجيته من الأخبار ما رواه الصدوق في كتاب الديات عن أبان قال : " قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) ما تقول في رجل قطع إصبعا من أصابع المرأة كم فيها ؟ قال عشرة من الإبل . قلت : قطع اثنين : قال عشرون قلت : قطع ثلاثا ؟ قال : ثلاثون . قلت : قطع أربعا ؟ قال : عشرون . قلت : سبحان الله يقطع ثلاثا فيكون عليه ثلاثون ، ويقطع أربعا فيكون عليه عشرون ؟ إن هذا كان يبلغنا ونحن بالعراق فنتبرأ ممن قاله ، ونقول : الذي قاله شيطان . فقال . مهلا يا أبان إن هذا حكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إن المرأة تعاقل الرجل إلى ثلث الدية ، فإذا بلغت الثلث رجعت المرأة إلى النصف ، يا أبان إنك أخذتني بالقياس ، والسنة إذا قيست محق الدين " ورواه في كتاب المحاسن ، وزاد - بعد قوله : " إنك أخذتني بالقياس " - " إن السنة لا تقاس ، ألا ترى أنها تؤمر بقضاء صومها ولا تؤمر بقضاء صلاتها " ولا يخفى عليك ما في الخبر المذكور من الصراحة في حرمة هذا النوع من القياس .
و منها ما ورد من قول الصادق ( عليه السلام ) لأبي حنيفة : " اتق الله ولا تقس الدين برأيك ، فإن أول من قاس إبليس ، إلى أن قال : ويحك أيهما أعظم ، قتل النفس أو الزنا ؟ قال : قتل النفس . قال : فإن الله عز وجل قد قبل في قتل النفس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة . ثم قال : أيهما أعظم ، الصلاة أو الصوم ؟ قال : الصلاة . قال : فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ، فكيف يقوم لك قياس ؟ فاتق الله ولا تقس " .
و منها ما رواه في تفسير العسكري ( عليه السلام ) عن أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) : قال : " قال : يا معشر شيعتنا والمنتحلين مودتنا إياكم وأصحاب الرأي ، إلى أن قال : أما لو كان الدين بالقياس لكان باطن الرجلين أولى بالمسح من ظاهرهما "

إلى غير ذلك من الأخبار التي يقف عليها المتتبع وقد دلت على كون ذلك قياسا ولا سيما الخبر الأول منها ، مع أنه قد استفاضت الأخبار عنهم ( عليهم السلام ) بالمنع عن العمل بالمقاييس بقول مطلق من غير تخصيص بفرد بل صار ذلك من ضروريات مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) فقد جاء عن أبي شيبة الخراساني قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إن أصحاب المقاييس طلبوا العلم بالمقاييس فلم تزدهم المقاييس من الحق إلا بعدا ، وإن دين الله لا يصاب بالمقاييس . وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 43
وجاء عن الامام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) انه قال : إن أمر الله تعالى ذكره لا يحمل على المقاييس ، ومن حمل أمر الله على المقاييس هلك وأهلك ، إن أول معصية ظهرت من إبليس اللعين حين أمر الله ملائكته بالسجود لآدم فسجدوا وأبى إبليس أن يسجد فقال : أنا خير منه فكان أو كفره قوله : أنا خير منه ثم قياسه بقوله : خلقتني من نار وخلقته من طين ، فطرده الله عن جواره ولعنه وسماه رجيما وأقسم بعزته لا يقيس أحد في دينه إلا قرنه مع عدوه إبليس في أسفل درك من النار . وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 45 – 46

ان هاتين الروايتين وفي امثالهما المتكاثرة دلاله على بطلان كل انواع المقاييس . فما يظهر - من بعض فقهاء الشيعة من كون قياس الاولوية ليس من باب القياس ، مستندا إلى أن ما جعل فرعا على الأصل في الحكم أولى بالحكم من الأصل فكيف يجعل فرعا عليه ؟
اي اجتهاد في مقابلة النصوص أو غفلة عن ملاحظة ما هو في تلك الأخبار مسطور ومنصوص . على أنه يمكن الجواب عما ذكروه من الاخذ بهذا القياس بأن الحكم إنما ثبت أولا وبالذات بمنطوق الكلام للتأفيف ، لمنافاته لوجوب الاكرام للوالدين حيث جاء عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ( أدنى العقوق أف ، ولو علم الله عز وجل شيئا أهون منه لنهى عنه ) .
الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 - ص 348
اذا علمنا بان الله قد نهى عن ماهو اكثر من الاف فلماذا القياس اذاً ؟ ولماذا هذه القاعدة الشيطانية الحنفية تكرم ويدافع عنها وتدخل في جملة ادوات المجتهد وقد يتسائل البعض بان هذه القاعدة ليس بها شيء على حسب المثال ؟ نقول ان هذا المثال اخذه الفقهاء لاثبات حجية هذا النوع من القياس وقد ادخلوه في عملية استنباط الاحكام الشرعية فاثبتوا العديد من المسائل الفقهيه مستعينين به فلا يغرك المثال ولا يستدرجك الشيطان بحباله فمنها مايُرى ومنها لايراه الا من انعم الله عليه وجعل له نوراً يستضيء به.
ومن جملة من انكر هذا القياس هو الحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة حيث ذكر قول الامام الصادق (عليه السلام) حين قال : إن السنة لا تقاس ، ألا ترى أن المرأة تقضي صومها ، ولا تقضي صلاتها ، يا أبان ان السنة إذا قيست محق الدين .
فعقب على هذه الروايه قائلاً :
أقول : فيه وفي أمثاله - وهي كثيرة جدا - دلالة على بطلان قياس الأولوية
وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 41
وانكر الحر العاملي قياس الاولويه في كتابه الفصول المهمة في أصول الأئمة وعقد له باب سماه (عدم جواز العمل بشئ من أنواع القياس في نفس الأحكام الشرعية حتى قياس الأولوية ) فذكر فيه عدة روايات استدل بها على بطلان جميع انواع القياس منها ما جاء عن سماعة بن مهران ، عن أبي الحسن موسى ع في حديث أنه قال له : يرد علينا الشئ الصغير ليس عندنا فيه شئ ، فينظر بعضنا إلى بعض وعندنا ما يشبهه فنقيس على أحسنه ؟ فقال : ما لكم وللقياس ، إنما هلك من هلك من قبلكم بالقياس ، ثم قال : إذا جاءكم ما تعلمون فقولوا ، وإذا جاءكم ما لا تعلمون فها وأومى بيده إلى فيه
الفصول المهمة في أصول الأئمة - الحر العاملي - ج 1 - ص 454
واستدل السيد نعمة الله الجزائري على بطلان قياس الاولويه وشبه بقياس ابليس (عليه اللعنة) قائلا :
مباحثة جرت بيني وبين بعض علماء العامة ، فكان من جملتها : أنه سألني عن مذهب الشيطان في الأصول والفروع ، لأنه من أهل العلم . فقلت له : مذهبه في الأصول مذهب الأشعري وفي الفروع مذهب الحنفية ، فأخذه الغضب . فقلت له : لا تعجل لان كتاب الله الصادق أخبر به ، أما في الأصول : فقوله تعالى : ( فبما أغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم ) فقد نسب الاغواء إلى الله تعالى . وأما في الفروع : فإباؤه عن السجود لقوله : ( خلقتني من نار وخلقته من طين ) حيث إنه عمل بالقياس ، نعم الفرق بين القياسين أن قياس الشيطان كان من باب قياس الأولوية وقياس أبي حنيفة من باب قياس المساواة ، وكم بينهما من التفاوت ، وإن اشتركا في عدم الحجية
زهر الربيع : ص 30
نعم ان قياس ابليس عليه اللعنه هو قياس الاولوية بعينه فكان ابليس يرى ان السجود لادم (عليه السلام) منقصة له لانه اولى بالسجود فقاس قياس اولوية بين ناريته وطينية ادم (عليه السلام) فقال ابليس (عليه اللعنه) (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) الإسراء61
فقاس ناريته بطينية أدم (عليه السلام) فقاده التكبر الى العمى فلم يستطع النظر الى الفرق الشاسع بين نورية النار ونورية نبي الله أدم (عليه السلام) ونجد هذا في قول الامام الصادق (عليه السلام) فقد جاء عن عبد الله القرشي قال : دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله عليه السلام فقال له : يا أبا حنيفة ! بلغني أنك تقيس ؟ قال : نعم قال : لا تقس فإن أول من قاس إبليس حين قال : خلقتني من نار وخلقته من طين ، فقاس ما بين النار والطين ، ولو قاس نورية آدم بنورية النار عرف فضل ما بين النورين ، وصفاء أحدهما على الآخر . الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 58
ومن هنا نفهم ان العلة في احكام الله غير معلومة فلها ابعاد تفوق العقول البشرية التي اعتادت على فهم المسائل فهماً ظاهريا فتبني عليها احكاماً كما بنى ابليس (عليه اللعنة) حكما ظاهريا في مسألة سجوده لادم (عليه السلام) كما سيأتي الكلام في قياس منصوص العلة فتأمل .

لقد حاول العديد من الفقهاء المعاصرين ايهام الناس بان قياس الاولوية ليس فيه خلاف ولا نزاع بل انه امر متفق عليه ومن جمله من قال بهذا الكلام هو ناصر مكارم الشيرازي حيث قال : إن من يقول ببطلان القياس يستثني قياس الأولوية ، فمثلا يقول تعالى : ولا تقل لهما اف ولا تنهرهما ونفهم بطريق أولى ألا نؤذيهما من الناحية البدنية . والآية مورد البحث من قبيل قياس الأولوية وليس لها ربط بالقياس الظني مورد الخلاف والنزاع .
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - ج 17 - ص 480
والى هنا نكتفي ببيان بطلان هذا النوع من القياس اللعين .

يوسف بيامبر
19-05-2010, 06:08 PM
قياس منصوص العلة


واما النوع الثاني من القياس فهو( قياس منصوص العلة ) الذي اقره جمله من فقهاء الشيعة وانكرة اخرون احتج القائلون به على ان العلة في تحريم الخمر هي الاسكار فأذا عرفنا تحديد العلة يكون الحال هو تحريم كل مسكر واول من قال به هو السيد المرتضى الذي تبنى القياس واطلق عليه تسمية القياس الشرعي وقبل ان يتبناه تبراء منه شرعاً وقبله عقلاً قائلاً : (( أن القياس محظور في الشريعة استعماله ، لان العبادة لم ترد به ، وإن كان العقل مجوزا ورود العبادة باستعماله . )) الذريعة - السيد المرتضى - ج 2 صفحة 675
ثم بعد ذلك تبناه وجعله طريقا الى معرفة الاحكام الشرعية قائلاً : (( اعلم أنا إذا بينا أن القياس الشرعي يمكن أن يكون طريقا إلى معرفة الأحكام الشرعية ، فقد جرى القياس مجرى الأدلة الشرعية كلها من نص و غيره ، فمن منع - مع ثبوت ذلك - من أن يدل الله تعالى به ، كما يدل بالنص على الاحكام ، فهو مقترح لا يلتفت إلى خلافه ))
الذريعة - السيد المرتضى - ج 2 صفحة 677
وضرب المرتضى مثالاً على حجية القياس ( الذي يسمى اليوم قياس منصوص العلة ) قائلاً : ((والذي يدل على صحة معرفة الاحكام به أنه لا فرق في صحة معرفتنا بتحريم النبيذ المسكر بين أن ينص الله تعالى على تحريم كل مسكر ، وبين أن ينص على تحريم الخمر بعينها ، ثم ينص على أن العلة في تحريمها شدتها ، ولا فرق بين أن ينص على العلة ، وبين أن يدلنا بدليل غير النص على أنه حرم الخمر لشدتها ، أو ينصب لنا أمارة يغلب عندها في ظنوننا أن تحريم الخمر لهذه العلة ، مع إيجابه القياس علينا في هذه الوجوه كلها)) الذريعة - السيد المرتضى - ج 2 صفحة 677
لماذا نحتاج العمل بهذا القياس المذكور بالمثال والروايات صريحة بتحريم كل مسكر فقد جاء عن رسول الله (ص) مايفيد المقام قائلا ً : (( الخمر حرام بعينه ، والمسكر من كل شراب ، فما أسكر كثيره فقليله حرام )) فقه الرضا - علي بن بابويه - ص 280
فلماذا نحتاج لمثل مثال السيد المرتضى وغيره من الفقهاء لاعطاء شرعية للقياس والروايات صريحة بما يجب علينا العمل به كما تقدم في كلام رسول الله (ص) ان المصيبة ليست في قبول المثال او ردة بل انه قد اعطاه الضوء الاخضر لدخولة في جملة ادوات الاجتهاد والذي سماه بالقياس الشرعي ولم يقف الى هذا الحد وانما زاد عن ذلك فرد على من انكر القياس لتعلقة بالظن قائلاً : (( فأما من أحال القياس لتعلقه بالظن الذي يخطئ ويصيب ، فالذي يبطل قوله أن كثيرا من الاحكام العقلية والشرعية تابعة للظنون ، ومثاله في العقل علمنا بحسن التجارة عند ظن الربح ، وقبحها عند ظن الخسران )) الذريعة - السيد المرتضى - ج 2 صفحة 677
ثم قال ان الظن يكون طريقا الى العلم !
((الاحكام لا تكون إلا معلومة ، ولا تثبت إلا من طريق العلم ، إلا أن الطريق إليها قد يكون العلم تارة ، والظن أخرى)) الذريعة - السيد المرتضى - ج 2 صفحة 679
وبهذا فقد أسس السيد المرتضى ثاني قاعدة اجتهادية تلت أختها الاولى والتي تأسست على يد الشيخ ابن جنيد و العماني والتي جوبهت من قبل الشيخ المفيد بكل أساليب التسقيط .
ثم أضاف السيد المرتضى مصرحا بانه من اهل الاجتهاد وهو من اقوى تصاريحة ان لم يكن الاول من نوعه قائلاً :
(( وليس يمتنع أن يكون قولنا أهل الاجتهاد - إذا أطلق - محمولا بالعرف على من عول على الظنون والامارات في إثبات الأحكام الشرعية ، دون من لم يرجع إلا إلى الأدلة والعلوم ))
الذريعة (أصول فقه) - السيد المرتضى - ج 2صفحة 672
وهنا لابد من بيان بعض النقاط على هذا الكلام وهي ان الاجتهاد الذي هو من اهله كيف لا يعول على الامارات والظنون وهو من المدافعين على استخدام الظن بالاحكام الشرعية هذا من جهة ومن جهه اخرى فقد بين السيد المرتضى بان للقياس شرعية وضرب مثال بتحرم كل مسكر قياسا على علة الاسكار في الخمر وبهذا يكون الاجتهاد عند السيد حاوى على ماحرم استعماله في التشريع بالروايات المتواترة عن العترة الطاهرة .
واستمر الحال هذا الى وقتنا الحاضر فكل من جاء من الفقهاء جاءت معه ادوات جديدة استخدمها في اجتهاده وكانت من ادوات السيد المرتضى هو قياس منصوص العلة الذي جعله في مقام الحجة بالاحكام وهنا يتبادر الى الاذهان سؤال يقول لماذا لم ينص الائمة على هذا القياس واستثنائه من المقاييس التي حرمها اهل البيت (عليهم السلام ) بالجملة ان كان لهذا القياس حجية في الدين ؟
يكون الجواب كالاتي ان المعصومين عليهم السلام وبدأً من الرسول الخاتم (صلى الله عليه وآله) مرورا بالانور الاثني عشر (عليهم السلام) اخبروا شيعتهم بتحريم كل النواع القياس فقد جاء عن أبي شيبة الخراساني قال : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إن أصحاب المقاييس طلبوا العلم بالمقاييس فلم تزدهم المقاييس من الحق إلا بعدا ، وإن دين الله لا يصاب بالمقاييس .
وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 43
فمن هذه الرواية نفهم ان ان كل انواع القياس باطله وكذلك المستخدم لاي نوع منها تزيده بعداً عن الحق وتقربه من امام القياس ابليس عليه اللعنه والعذاب كما أشارة الروايات الشريفة بذلك فقد جاء عن الامام جعفر بن محمد الصادق ( عليه السلام ) انه قال : إن أمر الله تعالى ذكره لا يحمل على المقاييس ، ... , وأقسم بعزته لا يقيس أحد في دينه إلا قرنه مع عدوه إبليس في أسفل درك من النار . وسائل الشيعة - الحر العاملي - ج 27 - ص 45 – 46

ان هذا النوع من القياس استخدمه الفقهاء زعماً منهم بأنهم يقيسون على علة حكم بحكم اخر لواقعة اخرى وان معرفة العله من التحريم او التحليل يقودنا لقياس وقائع مشابهه لنفس العلة طبعاً على حد قولهم بذلك وهذا بحد ذاته تجاوز على حدود الله فكيف لنا ان نعلم العله بعقولنا القاصرة وكيف لنا ان نصل اليها بهذه العقول المتدنية فأن ما من واقعة الا ولها حكم معين بحد ذاته ونص كلام المعصوم بان لاتبلغة عقول الرجال كما اشارة الروايات الشريفة على عدم السؤال عن علة الاحكام من الحلال والحرام وان الله لايسئل كيف احل وكيف حرم ولا يمكننا بعد ذلك القياس على علة الاحكام فقد جاء عن عثمان بن عيسى قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن القياس فقال : ( مالكم والقياس إن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم )
الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 57
ان هذه الرواية تجيبنا بصراحة على بطلان القياس الذي يستخدم العلة في إثبات مثل حكم المقيس عليه للمقيس فكيف لنا ان نعلم وبعقولنا القاصرة علة الاحكام وكيف لنا ان نسأل عنها والامام (عليه السلام) يخبرنا بإن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم .

حتى الائمة عليهم السلام لايصلون بعقولهم للاحكام وانما بطرق اخرى انعم الله عليهم بها فقد جاء عن الحرث النصري قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : الذي يسأل عنه الإمام وليس عنده فيه شئ من أين يعلمه ؟ قال : ينكت في القلب نكتا ، أو ينقر في الأذن نقرا ، وقيل لأبي عبد الله عليه السلام : إذا سئل كيف يجيب ؟ قال : إلهام وسماع وربما كانا جمعا )) . الغدير - الشيخ الأميني - ج 5 - ص 48
ومنها ما جاء عن يونس أو المفضل ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : ( ما من ليلة جمعة إلا ولأولياء الله فيها سرور قلت : كيف ذلك ؟ جعلت فداك قال : إذا كان ليلة الجمعة وافى رسول الله صلى الله عليه وآله العرش ووافى الأئمة عليهم السلام ووافيت معهم فما أرجع إلا بعلم مستفاد ولولا ذلك لنفد ما عندي ) . الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 254
ومنها ما جاء عن أبي يحيى الصنعاني ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : ( قال لي : يا أبا يحيى إن لنا في ليالي الجمعة لشأنا من الشأن ، قال قلت جعلت فداك وما ذاك الشأن قال : يؤذن لأرواح الأنبياء الموتى عليهم السلام وأرواح الأوصياء الموتى وروح الوصي الذي بين ظهرانيكم ، يعرج بها إلى السماء حتى توافي عرش ربها ، فتطوف به أسبوعا وتصلي عند كل قائمة من قوائم العرش ركعتين ، ثم ترد إلى الأبدان التي كانت فيها فتصبح الأنبياء والأوصياء قد ملؤا سرورا ويصبح الوصي الذي بين ظهرانيكم وقد زيد في علمه مثل جم الغفير ) . الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 253 - 254

وهنا نجد سؤال يطرق الاذهان لماذا لم يستخدم الائمة عقولهم لمعرفة الاحكام وهل من شيء ليس عندهم علمه ؟ طبعا وبنص الرواية فقد اثبت الامام الصادق (عليه السلام) بأن الائمة (عليهم السلام) على اتصال دائم بالعليم الجبار ليخبرهم بما يحتاجونه فلا يوجد من هو كاملٌ غيره جل جلاله وهم اعلى درجة من بني البشر قاطبه فهم ابواب الله والادلاء على الله سبحانه وتعالى عما يشركون واما كمال الائمة فناشئ عن اتصالهم بالكمال المطلق فلذلك نفهم بان اللازم لهم لاحق والعامل بقياس اعدائم مارق قد خرج من دين الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ودخل في دين الشيطان اصولا وفروعا اعاذنا الله واياكم من الشيطان وقياسه اللعين والحمد لله رب العالمين .