المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الرد على مبحث التقليد للصرخي(ح1)


يوسف بيامبر
22-05-2010, 07:54 AM
مناقشة الأدلة العقلية لبحث(التقليد والسير في طريق التكامل) للسيد محمود الحسني


نأتي الان الى مناقشة الادلة العقلية التي قدمها السيد على الادلة الروائية حين ناقش أدلة التقليد وهذه بحد ذاتها نقطة يؤاخذ عليها وعلى العموم نأتي الان لمناقشة الادلة العقلية :
قال تحت عنوان (الوجوب المقدمي العقلي) : (العقل يحكم بلزوم حق الطاعة) .
نقول اذا كانت الطاعة لغير المعصوم لازمة فيلزم احتمال طاعته في معصية الله أيضا ً من حيث لايشعر المكلف بذلك لعظيم مقام من يطيعة في نظره طبعا ً فعندما يصدر اي فقيه فتوى لايتردد اتباعه في طاعتها ولا يعلم الاعم الاغلب من الاتباع سبب الفتوى وهذا مانشاهدة بام أعيننا فهل استعلم المقلدون سبب حرمة أو حلية مسألة ما قد أختلف الفقهاء في حرمتها وحليتها والمسائل الخلافية بين الفقهاء بلا حسد قد ملئت الكتب الفقهية .
أضافة الى ان الله امرنا بطاعة من أمرنا بطاعتهم قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ }النساء59
وقد جاء في تفسير هذه الاية عن ائمة العصمة (ع) ما يؤكد ان الائمة من آل الرسول (ص) هم أولي الامر الواجب طاعتهم لاغيرهم فقد جاء عن بريد العجلي قال : سألت أبا جعفر (ع) عن قول الله عزوجل : ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) قال : إيانا عنى ، أن يؤدي الأول إلى الإمام الذي بعده الكتب والعلم والسلاح ، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل الذي في أيديكم ، ثم قال للناس : ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) إيانا عنى خاصة ، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا ، فإن خفتم تنازعا في أمر فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منكم هكذا نزلت ، وكيف يأمرهم الله عز وجل بطاعة ولاة الأمر ويرخص في منازعتهم ؟ ! إنما قيل ذلك للمأمورين الذين قيل لهم : ( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) الكافي ج 1 - ص 276
وجاء عن ابي عبد الله الصادق (ع) انه قال في قول الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا ، أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، قال : هم الأئمة منا وطاعتهم مفروضة ).
دعائم الإسلام ج 1 ص 25
ونلاحظ في قول الامام (ع) : (إيانا عنى خاصة ، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا) وفي قوله (هم الأئمة منا وطاعتهم مفروضة) صراحة اللهجة في الامر بطاعة الائمة (ع) خاصة الى يوم القيامة فهم أولي الامر الذين فرض الله تعالى طاعتهم على المؤمنين الى يوم القيامة بدون منازع فكيف تكون الطاعة لغيرهم واجبة علينا الا اذا قلنا بان الفقهاء في دائرة اولي الامر وهذا قول شاذ بل مناقض لقوله (ع) حين قال ( إيانا عنى خاصة)

مناقشة الدليل الرابع
الذي احتج به السيد الصرخي والذي سماه بالوجوب المقدمي الشرعي قال فيه: (الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع أي إن ما حكم به العقل حكم به الشرع فينتج ، وجوب التقليد بالوجوب المقدمي الشرعي)
وهذا قول شنيع مخالف لما أمرنا به أولي الامر (ع) فكيف تحكم بحكم العقل وهل العقل يصل الى حكم الله تعالى فقد جاء عن الائمة (ع) بان دين الله لايصاب بالعقول الناقصة و انه لا يصاب الا بالتسليم لآل الرسول (ص) فقد جاء عن الثمالي قال : قال علي بن الحسين (ع) : ( إن دين الله لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقائيس الفاسدة ، ولا يصاب إلا بالتسليم ، فمن سلم لنا سلم ومن اهتدى بنا هدي ، ومن دان بالقياس والرأي هلك ، ومن وجد في نفسه شيئا مما نقوله أو نقضي به حرجا كفر بالذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم .
بحار الأنوار ج 2 - ص 303
ان حقيقة ما يدركة العقل لاتصل به الى حكم الله تعالى مهما بلغ في الرقي، فيضل ناقص عن أدراك حكم الجبار والوصول الى عله احكامه من الاساس ولا يسع العقل الا التعبد بما يصدر من أحكام الله تعالى فقد جاء عن عثمان بن عيسى قال : سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن القياس فقال : ( مالكم والقياس إن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم )الكافي ج 1 - ص 57
فكيف لنا ان نعلم وبعقولنا القاصرة علة الاحكام وكيف لنا ان نسأل عنها والامام (ع) يخبرنا بإن الله لا يسأل كيف أحل وكيف حرم فكيف بالعقل وهو لايدرك علل الاحكام ان يكون مشرعا ً للاحكام بذاته ؟
ومن جهة وصول العقل الى أدراك الاصول القرانية للاحكام الشرعية فقد أخبرنا الائمة (ع) بأن الكتاب حاوي على أصول المسائل كلها فما من أمر يختلف فيه أثنان الا وله أصل بكتاب الله ومع ذلك فأن العقل لايمكنه الوصول الى هذه الاصول فقد جاء عن المعلى بن خنيس قال قال أبو عبد الله ( ع) : (ما من أمر يختلف فيه اثنان إلا وله أصل في كتاب الله عز وجل ولكن لا تبلغه عقول الرجال ) . الكافي ج 1 ص 48
وجاء عن جابر بن يزيد قال : ( سألت أبا جعفر ( ع) عن شئ من التفسير فأجابني ثم سألته عنه ثانية فأجابني بجواب آخر فقلت : كنت أجبتني في هذه المسألة بجواب غير هذا فقال : يا جابر إن للقرآن بطنا وللبطن بطنا وله ظهر وللظهر ظهر يا جابر وليس شئ أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن وإن الآية يكون أولها في شئ وآخرها في شئ وهو كلام متصل متصرف على وجوه ) وسائل الشيعة ج 27 - ص 192
ومن هتين الروايتين يتبن لنا بعد العقل من الادراك والوصول الى أحكام الله تعالى وذلك بقول الامام (ع) : (لا تبلغه عقول الرجال) وقوله (ع) : (وليس شئ أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن) وبهذا نفهم بُعد العقل عن ادراك علة التشريع في الاحكام فأذا كان العقل لايدرك علل التشريع ولايحق له السؤال عن العلة فكيف يكون مشرعا بذاته , وان قلت ان هذا للعقول الناقصة فنقول ماقاله الشيخ الصدوق في قصة موسى والخضر (ع) حيث قال : ( ان موسى عليه السلام مع كمال عقله وفضله ومحله من الله تعالى ذكره ، لم يستدرك باستنباطه واستدلاله معنى أفعال الخضر حتى اشتبه عليه وجه الامر فيه وسخط جميع ما كان يشاهده حتى أخبر بتأويله فرضى ، ولو لم يخبر بتأويله لما أدركه ولو فنى في الكفر عمره فإذا لم يجز لأنبياء الله ورسله صلوات الله عليهم ، القياس والاستنباط والاستخراج ، كان من دونهم من الأمم أولى بان لا يجوز لهم ذلك . علل الشرائع - الشيخ الصدوق - ج 1 - ص 62
فكيف ان نبي الله موسى (ع) مع تمام عقله لم يستطع استنباط احكام الخضر (ع) وهو نبي ورسول ومن أولي العزم وصاحب كتاب سماوي , وقد بين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) ان رسل الله وأنبيائه أكمل الناس عقولاً في قوله ( ص) : (... وما بعث الله نبيا ولا رسولا حتى يستكمل العقل ، وكان عقله أفضل من عقل جميع أمته ...) مشكاة الأنوار ص 440
ومع ذلك فان مسألة الاحكام والتشريع لم يوكل بها حتى الرسل والملائكة المقربين فقد جاء عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل قال : وإن الله لم يجعل العلم جهلا ولم يكل امره إلى أحد من خلقه لا إلى ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ولكنه أرسل رسولا من ملائكته فقال له : قل كذا وكذا ! فأمرهم بما يحب ونهاهم عما يكره ، فقص عليهم أمر خلقه بعلم فعلم ذلك العلم وعلم أنبيائه وأصفياءه من الأنبياء والأصفياء - إلى أن قال : ولولاة الأمر استنباط العلم وللهداة ، ثم قال : فمن أعتصم بالفضل انتهى بعلمهم ، ونجا بنصرتهم ، ومن وضع ولاة أمر الله وأهل استنباط علمه في غير الصفوة من بيوتات الأنبياء فقد خالف أمر الله وجعل الجهال ولاة أمر الله والمتكلفين بغير هدى من الله وزعموا أنهم أهل استنباط علم الله فقد كذبوا على الله ورسوله ورغبوا عن وصيه وطاعته ولم يضعوا فضل الله حيث وضعه الله فضلوا وأضلوا أتباعهم ولم يكن لهم حجة يوم القيامة - إلى أن قال : في قوله تعالى : ( فان يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين ) فإنه وكل بالفضل من أهل بيته والاخوان والذرية وهو قوله تعالى : إن يكفر به أمتك فقد وكلت أهل بيتك بالايمان الذي أرسلتك به لا يكفرون به أبدا ولا أضيع الايمان الذي أرسلتك به من أهل بيتك من بعدك علماء أمتك وولاة أمري بعدك وأهل استنباط العلم الذي ليس فيه كذب ولا اثم ولا زور ولا بطر ولا رئاء - إلى أن قال : فاعتبروا أيها الناس فيما قلت ، حيث وضع الله ولايته وطاعته ومودته واستنباط علمه وحججه ، فإياه فتقبلوا ، وبه فاستمسكوا تنجوا ، وتكون لكم الحجة يوم القيامة وطريق ربكم عز وجل ، لا تصل ولاية الله إلا بهم فمن فعل ذلك كان حقا على الله أن يكرمه ولا يعذبه ، ومن يأتي الله بغير ما أمره كان حقا على الله أن يذله وأن يعذبه .
وسائل الشيعة ج 18 - ص 21
ومن هذه الرواية نفهم ان الله تعالى لم يوكل امر الاستنباط الا لولاة الامر وللهداة وقد بينا ان أولي الامر هي خاصة بالائمة المعصومين بدليل قول الامام (ع) : ( إيانا عنى خاصة ، أمر جميع المؤمنين إلى يوم القيامة بطاعتنا) .
اما الهداة فقد تواترة الروايات بمصداقها الذي ينطبق على المعصومين (ع) فقد جاء في دعاء العشرات : ( وأشهد أن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين حقا حقا وأن الأئمة من ولده هم الأئمة الهداة المهديون غير الضالين ولا المضلين) مصباح المتهجد ص 85
وجاء عن بريد العجلي ، عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله عز وجل : ( إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ) فقال : رسول الله صلى الله عليه وآله المنذر ولكل زمان منا هاد يهديهم إلى ما جاء به نبي الله صلى الله عليه وآله ، ثم الهداة من بعده علي ثم الأوصياء واحد بعد واحد ) الكافي ج 1 - ص 191
ومن هذه الروايات نرى التأكيد من المعصوم (عليه السلام) بأن الاستنباط لايكون الا لولاة الامر المعصومين الصفوة من بيوتات الانبياء فهم ورثة العلم وأهل استنباطة ومن وضع الولاية لغيرهم وزعم بأنهم من أهل الاستنباط فقد خالف امر الله وجعل الجهال ولاة امر الله ومن يأتي الله وقد جعل له أولياء غير الائمة (ع) كان حقا على الله ان يذله ويعذبه يوم يلقاه يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم .
وبعد هذا الكلام هل يستطيع عقلنا القاصر ان يدرك احكام الله تعالى ويفسرها فضلا عن ان يكون مشرعا لها وكل ما يقول به العقل يقوله الشرع ؟ فان كان هذا القول في دائرة الامكان لكان ممكنا ً لرسل الله وملائكته المقربين أيضا فهل يعقل أن يمتنع الاستنباط والتشريع لرسل الله وأنبيائة وللملائكة المقربين ويكون ممكنا ً لفقهاء أخر الزمان ؟
ومع كل الذي مر علينا من كلام الائمة (ع) نرى الفقهاء يجوزون مسألة الاستنباط والتشريع لغير العترة الطاهرة ويجعلون جواز ذلك راجعا للبداهة ولنأخذ كلام السيد الصدر الاول حين تسائل عن شرعية ممارسة الاستنباط فقال : ( حين نتسأل : هل يجوز لنا ممارسة عملية الاستنباط أو لا ؟ يجئ الجواب على البداهة بالايجاب) المعالم الجديدة للأصول ص 22 - 28
يتبع

يوسف بيامبر
22-05-2010, 07:55 AM
مناقشة حجية العقل في التشريع
بقي علينا أن نستعلم حجية العقل عند الائمة (عليهم السلام) وهل جعلوه مصدرا من مصادر التشريع وهل حثوا أتباعهم على السير وراء ما يقوله العقل في حال غياب النص في كتاب الله وسنة نبيه وأن كان هذا الامر محالا اي ان ترد حادثة لا وجود لحكمها بكتاب الله ولا سنة نبيه ولكن الذي ليس بمحال ان ترد علينا حوادث لايستطيع عقلنا أيجاد حكمها في الكتاب الله ولا سنة نبيه وهذه دلالة على قصور عقولنا وليس لقصور في الكتاب ولا السنة وهذا الذي لم يدركه العلامة الحلي وغيره كالسيد الخوئي حين قالوا بأن الكتاب والسنة لايفيان بالغرض , قال العلامة الحلي : (الوقايع غير محصورة ، والحوادث غير مضبوطة ، والكتاب والسنة لا يفيان بها) كتاب الألفين ص 28
وقال السيد الخوئي : (وأما الكتاب العزيز فهو غير متكفل ببيان جميع الأحكام) .معجم رجال الحديث - السيد الخوئي - ج 1 - ص 20 أن الذي يقراء ماجاء في في كتاب الله وروايات العترة يجد وبدون أدنى صعوبة ما يعارض هذا الكلام وما يؤكد تمامية الكتاب والسنة فقد جاء عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال : ( إن الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شئ حتى والله ما ترك الله شيئا يحتاج إليه العباد ، حتى لا يستطيع عبد يقول : لو كان هذا انزل في القرآن ؟ إلا وقد أنزله الله فيه ) الكافي ج 1 - ص 59 وجاء عن سماعة ، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال : قلت له : ( أكل شئ في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ؟ أو تقولون فيه ؟ قال : بل كل شئ في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله ) . الكافي ج 1 - ص 62
وغيرها كثير ما يؤكد هذا المعنى اي تمامية الكتاب والسنة ومع ذلك لم يدرك العقل القاصر الكثير من الاحكام ولم يستطع العقل ايجاد بعض الاحكام من الكتاب ولا السنة عن طريق الاستنباط لان هذه المسألة أي مسألة الاستنباط لم يوكل أمرها لنا كما تقدم في الحديث بل لها أهلها وهم سادت البشر صفوة الله وال الله , ولكن مع شديد الاسف لم ينسب الفقهاء القصور الى عقولهم بل نسبوه الى الكتاب والسنة وقالوا بعدم تمامية كل منهما .
وعلى العموم قد حدث الاستفهام من أصحاب الائمة (عليهم السلام) فتوجه بعض الاصحاب بالسؤال عن النظر في الاحكام والنظر بلا شك يتم بواسطة العقل فهل أعطى الائمة (عليهم السلام ) الشرعية في أستخدام العقل بمعرفة الاحكام الجواب كلا فقد قال الائمة (عليهم السلام) بان النظر ان أصاب لم يؤجر صاحبه وأن أخطأ فقد كذب على الله وهذا ما جاء عن أبي بصير قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : ( ترد علينا أشياء ليس نعرفها في كتاب الله ولا سنة فننظر فيها ؟ فقال : لا ، أما إنك إن أصبت لم تؤجر ، وإن أخطأت كذبت على الله عز وجل ).
الكافي ج 1 - ص 56 - بحار الأنوار ج 2 - ص 306
وجاء عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) في حديث قال : ليس لك أن تتكلم بما شئت لان الله عز وجل يقول : ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) . وسائل الشيعة ج 18 - ص 17
وما يؤكد بُعد العقل عن أدراك الاحكام وعللها فكثير منها على سبيل المثال فأن العقل يحكم بمسح باطن القديمن ولكن الشرع امر بمسح ظاهر القدمين فقد جاء ما يؤكد هذا المعنى عن عبد خير عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه توضأ فمسح على ظهر القدم وقال : ( لولا أني رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعله لكان باطن القدم أحق من ظاهره ) المسح في وضوء الرسول (ص) - ص 84
فأين قاعدة الملازمة من هذا الحكم ؟ومنها ان الله قد رضا في القتل بشاهدين ولم يرض في الزنا إلا بأربعة والعقل يقول بوجوب العكس لان القتل عقلا اعظم من الزنا والحائض قد أمرت بقضاء صومها ولم تؤمر بقضاء صلاتها والعقل لايدرك العلة في ذلك وهذه ومثلها كثير قد أحتج بها الائمة (عليهم السلام) على المخالفين ولعل سائل يقول ان هذه الموارد جائت للنهي عن القياس في الدين فنقول ان القياس جزء لا يتجزأ من موارد العقل فالعقل يستخدم القياس دون الشعور باستخدامه ولذلك اقر جمع من الفقهاء بان العقل لا طريق له لاثبات الاحكام الشرعية وذلك لعدم إحاطته بعلل تشريع هذه الاحكام ومع ذلك فأنهم أقروا قاعدة الملازمة وهذا هو العجب العجاب ومنهم السيد الخوئي في معجم رجال الحديث حيث قال : ( لا ريب في أن العقل لا طريق له إلى إثبات الأحكام الشرعية لعدم إحاطته بالجهات الواقعية الداعية إلى جعل الأحكام الشرعية) معجم رجال الحديث ج 1 - ص 19
ثم بعد ذلك جاء فأقر قاعدة الملازمة ان مثل هذه التناقضات وغيرها كثير قد صدم بها الفقهاء حين اتبعوا سبيل العقل فأرادوا ان يجعلوه دليلاً في أثبات الاحكام وحاولوا اقراره فلم يستطيعوا ان يأتوا بدليل شرعي على ذلك ليس من الائمة (عليهم السلام) فحسب بل حتى من المتقدمين من الفقهاء الامامية لم يكن لهم القول بهذا الدليل وذلك واضح من كلام الشيخ محمد رضا المظفر في كتابه اصول الفقه مبحث الدليل العقلي حيث قال : ( لم يظهر لي بالضبط ما كان يقصد المتقدمون من علمائنا بالدليل العقلي ، حتى أن الكثير منهم لم يذكره من الأدلة ، أو لم يفسره ، أو فسره بما لا يصلح أن يكون دليلا في قبال الكتاب والسنة ) أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج 3 - ص 129
بقي علينا ان نبين ما هي حجية العقل وهل خلقه الله عبثا حاشاه من ذلك .
قد يقع البعض بالايهام حيث يتصور من كلامنا اننا ننفي دور العقل بالجملة وهذا غير صحيح اطلاقا بل ان للعقل موارد يكون بها دليل المؤمن كما جاء في الروايات التي سيأتي تبيانها كما ان للعقل موارد قد حرم عليه دخولها وأولها هو التشريع وجعله دليلاً على معرفة او اكتشاف الاحكام .
ومن موارد العقل التي تكون دليلاً للمؤمن هي ان العقل حجة الله على الانسان في أصول دينه وفي معرفة الصادق على الله من الكاذب على الله حيث جاء عن الإمام الهادي ( عليه السلام ) حين سؤل : ( ... فما الحجة على الخلق اليوم ؟ قال: العقل ، يعرف به الصادق على الله فيصدقه ، والكاذب على الله فيكذبه) الكافي : 1 - 28 وقيل للنبي ( صلى الله عليه وآله ) : ( ما العقل ؟ قال : العمل بطاعة الله ، وإن العمال بطاعة الله هم العقلاء ) . مشكاة الأنوار - علي الطبرسي - ص 438 وقد تقدم الحديث عن مفهوم الطاعة ولمن تكون وقد بينا ذلك سابقاً في قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ... }النساء59 .
وجاء في معنى العقل انه ماعبد به الرحمن حيث جاء عن الصادق (عليه السلام) حين سؤل مالعقل ؟ فقال : ( .. ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان .. ) الكافي ج 1 - ص 11
وقرن الائمة (عليهم السلام) العقل بالدين حيث جاء عن إسحاق بن عمار قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : (من كان عاقلاً كان له دين ، ومن كان له دين دخل الجنة ). الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 11 ان الذي نريد ان نصل أليه هو ان العقل يكون حجة على العباد في أصول دينهم كمعرفة وجوب العبادة لله الواحد لاشريك له وكمعرفة النبوة والتصديق بصاحب الدعوة الحقة من الدعوة الباطله وكذلك في معرفة الامامة ووجوب حق الطاعة لله ورسوله وأولي الامر (عليهم السلام) وكل ما يتعلق بأصول الدين ماخلا التشريع في فروعة فأنها موكوله لله تعالى فلم يوكل امر التشريع الى أحداً من خلقة ولكنه ارسل رسولا من ملائكته فأمر انبيائه بما يحب من حلاله ونهاهم عما يكره من حرامه وقد جاء في قول المعصوم (عليه السلام) مايؤكد هذا المعنى : ( وإن الله لم يجعل العلم جهلا ولم يكل امره إلى أحد من خلقه لا إلى ملك مقرب ولا نبي مرسل ، ولكنه أرسل رسولا من ملائكته فقال له : قل كذا وكذا !) . فأمرهم بما يحب من حلاله ونهاهم عما يكره من حرامه وحدوده فكان العقل هو طاعة الله وطاعة من امرنا الله بطاعتهم ولذلك عبر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) عن الجنون بانه من آثر الحياة الدنيا على الاخرة وهو نقيض العقل حيث روي إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مر بمجنون فقال ما له ؟ فقيل إنه مجنون ، فقال بل هو مصاب إنما المجنون من آثر الدنيا على الآخرة ) . روضة الواعظين - الفتال النيسابوري - ص 4
وجاء عن أمير المؤمنين (عليهم السلام) قال : (مر رسول الله صلى الله عليه وآله على جماعة فقال : على ما اجتمعتم ؟ قالوا : يا رسول الله هذا مجنون يصرع ، فاجتمعنا عليه ، فقال : ليس هذا بمجنون ولكنه المبتلى ، ثم قال : ألا أخبركم بالمجنون حق المجنون ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : ان المجنون حق المجنون المتبختر في مشيته ، الناظر في عطفيه ، المحرك جنبيه بمنكبيه ، يتمنى على الله جنته وهو يعصيه ، الذي لا يؤمن شره ، ولا يرجى خيره ، فذلك المجنون ، وهذا المبتلى ) . الخصال - الشيخ الصدوق - ص 332 - 333
وقد جاء عن هشام مايؤكد معنى العقل وموارده القرانية التي أحتج بها الله على خلقة فقد جاء عن هشام بن الحكم قال : قال لي أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام : يا هشام إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال : فبشر عباد ( الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب ) . يا هشام إن الله تبارك وتعالى أكمل للناس الحجج بالعقول ، ونصر النبيين بالبيان ، ودلهم على ربوبيته بالأدلة ، فقال : ( وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم * إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس ، وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيى به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون ) يا هشام قد جعل الله ذلك دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا ، فقال : ( وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) .
يتبع يتبع.

يوسف بيامبر
22-05-2010, 07:56 AM
وقال : ( هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا " ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون ) .
وقال : ( إن في اختلاف الليل والنهار وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيى به الأرض بعد موتها وتصريف الرياح [ والسحاب المسخر بين السماء والأرض ] لآيات لقوم يعقلون )
وقال : ( يحيي الأرض بعد موتها ، قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون ) . وقال : (وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الاكل ، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) .وقال : ( ومن آياته يريكم البرق خوفا " وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها . إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ) . وقال : ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا " وبالوالدين إحسانا " ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ، نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ذلكم وصيكم به لعلكم تعقلون ) .
وقال : ( هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم ، كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون ) .
يا هشام ثم وعظ أهل العقل ورغبهم في الآخرة فقال : ( وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ) . يا هشام ثم خوف الذين لا يعقلون عقابه فقال تعالى : ( ثم دمرنا الآخرين وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون ) . وقال : ( إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا " من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون ) . يا هشام إن العقل مع العلم فقال : " وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ) . يا هشام ثم ذم الذين لا يعقلون فقال : " وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا " ولا يهتدون ) وقال : ( ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) . وقال : " ومنهم من يستمع إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا لا يعقلون ) وقال : ( أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ) . وقال : (لا يقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ) . وقال : (وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) ....) الكافي - الشيخ الكليني - ج 1 - ص 13 - 15
الى هنا كتفي ببيان الموارد التي امر الله تعالى الناس ان يعقلوها فمدح الذين يعقلون وذم الذين لايعقلون ونفهم من هذه الموارد ان الله قد دعى عبادة بالتفكر والتعقل في خلق السماوات والارض والسحاب المسخر بينهما وأحياء الارض بعد موتها وأختلاف الليل والنهار وتقلبكم في الصور وجعل ذلك دليلا على معرفته ووجوب طاعة المدبر لهذا الكون
فنهانا عما يكره وأمرنا بما يحب ونسب طاعته في ذلك للعقل فقال : (ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
خلاصة القول : ان الله جعل العقل للتمييز والفهم حق الفهم فبالعقل يُطاع الله ويُعبد وبالعقل يُتبع النبي ويُصدق وبالعقل يُتبع الوصي والاوصياء من ولده (عليهم السلام) فيحكم العقل بطاعتهم أمتثالاً وتعبداً لقول المعبود {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ... }النساء59 ولايسع العقل الا التعبد بقول المُشرع وليس له التشريع فما يقوله المُشرع ليس بالضرورة ان يوافق العقل وما يقوله العقل ليس بالضرورة ان يوافق الشرع ولذلك أمرنا المُشرع بالطاعة من أمرنا بطاعتهم تجنبا لمعصيته ودخولا تحت ظله يوم لاظل الاظله .
الى هنا نكون قد أنتهينا من مناقشة مايسميه بدليل الوجوب المقدمي الشرعي


يتبع يتبع

يوسف بيامبر
22-05-2010, 07:56 AM
مناقشة العقل والفطرة ووجوب دفع الضرر

نأتي الان الى مناقشة ما أستدل به السيد الصرخي تحت عنوان (العقل ووجوب دفع الضرر) وكذلك في (الفطرة ووجوب دفع الضرر)
حيث قال : (إن العقل يحكم بلزوم دفع الضرر المحتمل الناتج من إهمال امتثال الأحكام الشرعية المنجزة بالعلم الإجمالي ، والمكلف العامي حسب الفرض ليس أمامه إلا التقليد للوصول إلى ما يؤمنه من العقاب)

أقول : القاعدة التي تقول (إن العقل يحكم بلزوم دفع الضرر المحتمل الناتج من إهمال امتثال الأحكام الشرعية المنجزة بالعلم الإجمالي) صحيحة ولكن النتيجة التي أخذتها من هذه القاعدة غير تامة والنتيجة هي (والمكلف العامي حسب الفرض ليس أمامه إلا التقليد للوصول إلى ما يؤمنه من العقاب) من أين أتيت بهذه الضابطة وهي غير مقرر في القاعدة ، فلو فرضنا ولو كان فرضا ممتنعا عندكم _ وفرض الممتنع ليس بممتنع كما يقال _ إن أحدا من الناس استطاع أن يدفع الضرر الناتج من إهمال الامتثال للأحكام الشرعية بدون اللجوء إلى حكم التقليد بل له طريق آخر هل تضطرب القاعدة ؟؟ وإذا وجد هذا الفرض فيصبح التقليد راجحا وليس واجبا كما هو واضح .
ثم أقول لكم إن جميع الفقهاء ومراجع التقليد يذهبون الى انه لا وجوب في التقليد في ضروريات الدين أو المذهب في بعض الواجبات والمحرمات وكثير من المستحبات والمباحات ، وأيضا لا يوجب التقليد إذا حصل المكلف علم من إن فعله أو تركه لا تستلزم مخالفة لحكم إلزامي وهنا ننقل هذا المقطع حول التقليد للسيد الخوئي في كتابه الاجتهاد والتقليد حيث قال ( إن لزوم كون المكلف في جميع أفعاله وتروكه مقلدا أو محتاطا أو مجتهدا إنما هو بحكم العقل نظرا إلى استقلاله بوجوب دفع الضرر المحتمل بمعنى العقاب لتنجز الأحكام الواقعية في حقه بالعلم الإجمالي أو بالاحتمال لأن الشبهة حكمية وقبل الفحص ، فالمكلف إذا خالف الحكم المنجز في حقه استحق عليه العقاب ، وبما إن ما يأتي به مما يحتمل حرمته كما إن ما يتركه محتمل الوجوب في الواقع فهو يحتمل العقاب في أفعاله وتروكه ، وبهذا يستقل عقله بلزوم دفع هذا الاحتمال وتحصيل المؤمن من العقاب على تقدير مخالفة عمله الواقع ، ومن هنا يتضح إن مورد التقليد وأخويه إنما هو ما يحتمل المكلف فيه العقاب ، وأما ما علم بإباحته أو بوجوبه أو حرمته فلا {أي ليس فيه لزوم التقليد} لعدم كونها موردا لاحتمال العقاب كي يجب دفعه لدى العقل بالتقليد أو بغيره لجزمه بعدم العقاب أو بوجوده فعلى ذلك لا حاجة إلي التقليد) كتاب الاجتهاد والتقليد - السيد الخوئي - شرح ص 76

ثم بعد ذلك أستدل السيد الصرخي بدليل الاجماع فقال : (حيث يقال بانعقاد إجماع الفقهاء على الحكم بوجوب التقليد ) .
وهذا كلام ناشئ عن الظن ويمكن لاي قارئ معرفة ذلك من كلامه حين قال : (حيث يقال بانعقاد إجماع الفقهاء) وهذا ضرب من الظن والظن لايغني من الحق شيء أضافة الى ذلك لو تنزلنا جدلاً وقبلنا مبدأ الاجماع من الاساس فهذا الاجماع لايستكشف به قول المعصوم (عليه السلام) وبذلك حسب مبدأ الاصوليين لايمكن ان يكون هذا الاجماع حجة علينا .
حيث في شروط الاجماع عند الاصوليين قال السيد الخوئي : (وأما الاجماع الكاشف عن قول المعصوم عليه السلام : فهو نادر الوجود .
وأما غير الكاشف عن قوله عليه السلام ، فهو لا يكون حجة لأنه غير خارج عن حدود الظن غير المعتبر ) . معجم رجال الحديث - السيد الخوئي - ج 1 - ص 19
وبهذا يكون أستدلال السيد الصرخي على مسألة التقليد بدعوى الاجماع غير تام عند الاصوليين أنفسهم وذلك لتعذر الاجماع الكاشف عن قول المعصوم (عليه السلام) .

ثم أستدل بسيرة المتشرعة فكتب تحت عنوان (سيرة المتشـــرعة) قال : (من الواضح إن سيرة المتشرعة من المؤمنين والمسلمين منذ عصر الأئمة(عليهم السلام) إلى يومنا هذا على اتباع مبدأي الاجتهاد والتقليد ، وسيأتي ذكر الكثير من الأخبار الدالة أو المؤيدة لثبوت هذه السيرة المتشرعية ) .
ان سيرة المتشرعة وكما مربنا سابقاً مبنية على طاعة الائمة (عليهم السلام) والامتثال لأوامرهم ونواهيهم فلا أجتهاد في الدين ولانظر فلا تدركه عقولنا القاصرة أستنباط الاحكام الشرعية في كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم تسليما) في حوادث المسائل .
فليس لنا الاستنباط والنظر كما ليس لنا أختيار أهلاً للاستنباط والنظر كما مر بنا في قول المعصوم (عليه السلام) : (... ومن وضع ولاة أمر الله وأهل استنباط علمه في غير الصفوة من بيوتات الأنبياء فقد خالف أمر الله وجعل الجهال ولاة أمر الله والمتكلفين بغير هدى من الله وزعموا أنهم أهل استنباط علم الله فقد كذبوا على الله ورسوله...)

ثم أستدل السيد الصرخي بما يسميه (روايات وجوب التقليد) فقال : (الأخبار التي تشير إلى وجوب التقليد على المكلف ، منها ما ورد عن الإمام العسكري (ع) : { فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه}. ) .
ان الاستدلال بهذه الرواية لايفيد علماً ولاعملاً عند الاصوليين لانها رواية ضعيفة مرسلة لم يستدل بها المحققون على شرعية التقليد ومنهم السيد الخوئي حين قال : ( إن التكلم في مفهوم التقليد لا يكاد أن يترتب عليه ثمرة فقهية اللهم إلا في النذر . وذلك لعدم وروده في شئ من الروايات . نعم ورد في رواية الاحتجاج فأما من كان من الفقهاء صائنا لنفسه ، حافظا لدينه مخالفا على هواه . مطيعا لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه إلا أنها رواية مرسلة غير قابلة للاعتماد ) كتاب الاجتهاد والتقليد - السيد الخوئي - شرح ص 81
وكذلك نرى تعليق الحر العاملي في الوسائل على هذه الرواية موافق لما ذكره السيد الخوئي ولعل الحر العاملي قد زاد في حدة الكلام فقال بأن التقليد انما هو مرخص في هذه الرواية على قبول الروايات وليس في الاجتهاد والظن فأين الوجوب الذي تقول به وعلى العموم قال العاملي في تعليقه على رواية الاحتجاج : ( التقليد المرخص فيه هنا إنما هو قبول الرواية لا قبول الرأي والاجتهاد والظن وهذا واضح وذلك لا خلاف فيه . . . على أن هذا الحديث لا يجوز عند الأصوليين الاعتماد عليه في الأصول ولا في الفروع ، لأنه خبر واحد مرسل ، ظني السند والمتن ضعيفا عندهم ومعارضه متواتر ، قطعي السند والدلالة ، ومع ذلك يحتمل الحمل على التقية ) وسائل الشيعة (آل البيت) - الحر العاملي - ج 27 - ص 131 -

ولعل تعليق الحر العاملي يغنينا عن البحث وقد ختم كلامه باحتمال ان يكون الامام(عليه السلام) قد استخدم التقية في كلامه ولكن الذي يجلب الانتباه ان الفقهاء الشيعة لاينقلون كلام الامام الصادق(عليه السلام) حين سؤل في نفس الرواية : (وقال رجل للصادق ( عليه السلام ) : إذا كان هؤلاء العوام من اليهود لا يعرفون الكتاب إلا بما يسمعونه من علمائهم فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم ؟ وهل عوام اليهود إلا كعوامنا يقلدون علماءهم - إلى أن قال : - فقال ( عليه السلام ) : بين عوامنا وعوام اليهود فرق من جهة وتسوية من جهة ، أما من حيث الاستواء فان الله ذم عوامنا بتقليدهم علماءهم كما ذم عوامهم( أي عوام اليهود)) كما ان الملفت للنظر بهذه الرواية هو قول الامام (فللعوام) وهذه الكلمة لوتنزلنا جدلا فهي لاتعني وجوب التقليد كما هو حال التقليد عند فقهاء الشيعة فكيف اصبح التقليد واجبا على كل مكلف ؟

وفاء للحسين
24-05-2010, 01:26 PM
ما ورد عن الإمام العسكري (ع) : { فأما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه}. ) .
تكفينا هذه عن امامنا العسكري (عليه السلام) ......
فأن اعتدّوا بها او لم يعتدّوا ....... انها قولة حق ٍ وعاقبتها على خير .......وتصب بالنهاية في مصب طاعة الله...وهذا ما نريده ونسعى اليه....

حسين العوادي
24-05-2010, 03:38 PM
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وعجل فرجنا بهم ياكريم


بدايتاً أسأل الكاتب للموضوع ( يوسف بيامبر ) : هل تعلم ماهي صفة الشخص
الذي يتعامل مع النصوص للأستدلال بها . و هل تعلم إن إعطاء رأي مدعوم بنص قرآني أو
نص من المعصوم هو فتوى ؟ و هل تعلم إن من أفتى بغير علمٍ أكبه الله على منخريه في نار جهنم ؟
ثم إن للسيد الحسني حفظه الله رأيه الخاص كونه عالماً أصولياً لا يُنكر ذلك لهُ رغم الخلافات .
ثم يا أخي لماذا تناقش آراء علماء هل أنت عالماً ؟ أو على الأقل هل أكملت دورة فقهية واحدة ؟
وعند من درست ؟ فرجاءاً راجع ما تكتب و أعرف ما تقول فأنتَ تأتي بكلام ما أنزل الله به من سلطان .
ثم انكَ إذا أستبعدتَ عنه الأستنباط فأعلم أنه ملكة ويمكن أن يمارسها ذوي الأختصاص لا كل من قرأ حديث
إستنبط منه حكم .
و أما جواب السيد أبو جعفر قدس سره حول تسائله ( فهو مبني على أساس الطرح الموضوعي لعلم الأصول ) .
و أما عن حجية العقل : فأقول لكَ راجع الحلقة الثانية للسيد أبو جعفر قدس سره و بالتحديد ( مسلك حق الطاعة )
و ( ومسلك قبح العقاب بلا بيان ) ..
و أتمنى منكَ مراجعت ما تقول .. و تكون صاحب فضل لو تكرمت وبينت أي الآراء أنتَ تعتمد ؟ فأنا ألتمس من خلال
طرحك الطعن الواضح بالنظريات الأربعة !!!

يوسف بيامبر
24-05-2010, 08:50 PM
اخي الكريم العوادي..اصدقك القول اني لم اكمل دورة اصولية واحدة..اذ لم اجد ما يوجب علي دراسة علم الاصول ما دام علما" مبتدعا" اجنبيا" عن علوم اهل البيت(ع) ، ولكن الزام الشارع المقدس للمكلف بطلب العلم اوجب علينا قراءة بعض بحوث المدرسة الاصولية للرد على تناقضاتها الجلية للعيان ، واكبر دليل على بطلان نهج الاصوليين هو استخدامهم لمصطلحات اصولية معقدة غير مفهومة بحيث يصعب على المكلف المثقف فضلا" عن البسيط فهم مطالب فقهاء الاجتهاد وليس ذلك الا لأبعاد الناس من الاقتراب من ساحل الحقيقة وايهام العوام بثقل علوم ابناء المدرسة الاصولية بينما نجد كلام اهل البيت(ع) وهم افصح الخلق سهلا" مبسطا" يصل الى ادنى المستويات من المجتمع...فهل فقهاءنا ابلغ من رسول الله(ص) والائمة(ع)؟؟..حقا" اخي الكريم، انه التدليس بعينه والخداع الكبير.